منتدى العلوم الدينية و الدروس الفقهية هنا توضع الدروس الفقهية والعلوم الدينية كعلوم القرءان والحديث والأحكام الدينية |
!~ آخـر 10 مواضيع ~!
|
|
إضغط على
او
لمشاركة اصدقائك! |
|
LinkBack | أدوات الموضوع |
من 5
عدد المصوتين: 0
|
انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||
|
||||||
الدعوة ومقاهي الانترنت للشيخ محمد المنجد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذا النص تفريغ كامل لمحاضرة الشيخ محمد بن صالح المنجد - الانترنت بين الدعوة والمقاهي . ونعتذر للشيخ محمد وللإخوة القراء فلا يخلو الأمر من خطأ في النقل أو الكتابة ، ونشير إلى أن النص كتب كما ألقي في المحاضرة ما يعني أنه لا ينبغي الحكم عليه كمقال أو رسالة ولكن يبقى نص محاضرة مفرغ . ولأهمية الموضوع نقترح على من يستطيع من الإخوة أو ممن كان قريب من الشيخ ، إعادة ترتيب وكتابة الموضوع وعرضه على الشيخ ليتم طباعته بعد ذلك كرسالة أو كتيب ومن ثم نشره . نسأل الله أن ينفع به وأن يثيب الشيخ الفاضل محمد بن صالح المنجد على ما يقوم به من جهد وأن يجعل ذلك في ميزان حسناته الإنترنت بين الدعوة والمقاهي الشريط الأول إلقاء فضيلة الشيخ / محمد المنجد. الحمد الله رب المعلمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد… فعنوان محاضرة هذه الليلة عن موضوع عصري له خطورته الكبيرة الإنترنت بين الدعوة والمقاهي . في بداية أيلول/سبتمبر عام 1969 م تمكن جهازا حاسب آلي بينهما بضعة أمتار في كاليفورنيا من تبادل المعلومات عن طريق الهاتف ليدشن ذلك ولادة هذه الشبكة - شبكة نسيج العنكبوت - وكانت قد نشأت كفكرة في مختبرات وزارة الدفاع الأمريكية في جزء من برنامج حرب النجوم الذي يرمي إلى بناء شبكه لا يوجد بها مركز تصلح للاستخدامات العسكرية وقد قفز عدد الذين ارتبطوا بهذه الشبكة ، وتطور أمرها تطورا سريعا حتى بلغ عددهم مائة وثمانين مليون مستخدم مرتبطين عن طريق ثلاثين مليون جهاز حاسب آلي في العالم فيما أعتبره بعض الناس أهم اختراع في القرن العشرين .قال الله تعالى ( علم الإنسان ما لم يعلم ) والله سبحانه وتعالى قد جعل الإنسان في هذه الأرض خليفة يعمرها بطاعته وأعطاه من الإمكانات العظيمة في عقله ، وخلق له في الأرض أمورا ليستثمرها فمن أستثمرها في طاعة الله فطوبا له ومن استثمرها في معصيته فويل له ، إن العجب لينقضي إذا قارنا واقع هذه الشبكة ، في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو هريرة قال عليه الصلاة والسلام (لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب وتتقارب الأسواق ويتقارب الزمن ) وفي رواية ( ويقترب الزمن ويكثر الهرج) وقيل ما الهرج : قال " القتل " . رواه الإمام أحمد رحمه الله وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سمحان وهو ثقة . وقد فسر الأئمه الماضون رحمهم الله تقارب الزمن الوارد في الحديث بقلة البركة في الوقت وسرعة انقضائه كما جاء ذلك في كلام الخطاب وبن الخطابي والثوري بن حجر وغيرهم . وفي عصرنا هذا قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في تعليقه على فتح الباري في التقارب المذكور: يفسر بما وقع في هذا العصر من تقارب ما بين المدن والأقاليم وقصر المسافة بينها بسب اختراع الطائرات والسيارات والإذاعة وما إلى ذلك والله أعلم . ولو طبقت هذا الكلام على الشبكة لوجدته ينطبق تمام الانطباق فإن هذه الشبكة قد قربت البعيد ووصلت من قطع وجعلت آفاق العالم بين يديك وكأن هذا العالم قرية واحدة ، وأما تقارب الأسواق الوارد في الحديث فقال الشيخ العالم مسعود بن عبد الله الدخيلي رحمه الله تعالى في كتاب إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم و أشراط الساعة : وأما تقارب الأسواق الوارد فالظاهر والله أعلم أن ذلك إشارة إلى ما وقع في زماننا من تقارب أهل الأرض بسبب المراكب الجوية والأرضية والآلات الكهربائية التي تنقل الأصوات كالإذاعات والتلفونات الهوائية التي صارت أسواق الأرض متقاربة بسببها فلا يكون تغير في الأسعار في قطر من الأقطار إلا و يعلم به التجار الغالبية في جميع أرجاء الأرض فيزيدون في السعر إن زادوا وينقصون في نقص . وهكذا فتقارب الأسواق إذا من ثلاثة أوجهه. أولا : سرعة العلم بما فيها وسرعة السير ومقاربة بعضها بعضا في الأسعار. ومن عرف هذه الشبكة وما فيها من تقارب الأسواق في هذا الزمن لا يجد مثال أكبر على انطباق الحديث في الواقع في مسالة تقارب الأسواق أكبر مما حدث في شبكة الإنترنت . إن موقعا مثل موقع على سبيل المثال يحوي ثلاثة ملايين سلعة ، وفي مزاد عالمي على مختلف هذه السلع ، ويستطيع الإنسان أن يشتري من كثير من هذه المواقع المبثوثة على الشبكة ما شاء من السلع المختلفة بل ويعرض ما لديه وهذا الذي نراه على هذه الشبكة يعطينا دليلا واضحا على أننا في آخر الزمان وعلى أن أشراط الساعة قد تحققت فعلا ، الأشراط الصغرى ولم يبقى منها إلا القليل جدا ربما نحو ثلاثة أن ينحسر الفرات عن جبل من ذهب ، وبعد ذلك تنتهي الأشراط الصغرى كلها ، وتبقى الأشراط الكبرى العشرة التي ستأتي ولا مانع من تداخل بعض الأشراط الصغرى مع بعض الأشراط الكبرى كما ذكر العلماء رحمهم الله تعالى . لكن الشاهد عندما نرى تقارب الأسواق أو تقارب الزمان في شبكة الإنترنت فإننا فعلا نوقن مزيد من إثبات نبوة النبي علية الصلاة وسلام الذي اخبر عن أشياء ورأيناها قد تحققت فعلا بعد أكثر من ألف و أربعمائة سنه مثل هذه الاختراعات المبثوثة في الأرض . ومن الأحاديث المتعلقة بإشراط الساعة التي لها علاقة أيضا بشبكة الإنترنت حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( إن بين يدي الساعة فشو التجارة ) حديث صحيح وهذه التجارة الإلكترونية الآن تكتسح بالبلايين وستقترب عام 2002م من ترليون ونصف ترليون دولار وقد قال عليه الصلاة والسلام أيضا في أشراط الساعة ( ويظهر الزنا) ورواه البخاري وفي رواية الحاكم ( وتشيع الفاحشة ) ويوجد الان في الشبكة ما لا يقل عن 400000 موقع من مواقع الدعارة والفساد تنشر الفحش والعهر والرذيلة على مستوى العالم . ومن علاقة هذه الشبكة بأشراط الساعة ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ( بين يدي الساعة يظهر الربا ) رواة الطبراني وقال المنذري : رواة الصحيح . وتجري على هذه الشبكة معاملات ربويه كثيرة جدا ومعظم البنوك العالمية قد صار لها مواقع على هذه الشبكة ، وتزداد وتنتشر. لأن إحصائياتهم ودراساتهم وحساباتهم قد أفادت بأن كلفة إجراء عملية واحدة من العمليات البنكية للعمل وجها لوجه يكلف البنك 1.07 دولار بينما يكلف إجراء هذه العمليه عن طريق الشبكة 0.1دولار الفارق كبير جدا ومعنى ذلك أنه بمرور الزمن فإنه من المتوقع أن تختفي البنوك بمعناها المفهوم المعهود من جهة تعامل الناس وربما تصبح مباني ضخمة فيها أجهزة ضخمة وأناس يشغلون هذه الأجهزة ، أما عمليات السحب والإيداع الشراء والبيع والتحويل وغير ذلك من العمليات المصرفية فسيتم عن طريق الشبكات من خلال أجهزة الناس في بيوتهم ومكاتبهم وشركاتهم ولا يحتاج أن يذهبوا إلى البنوك ، وإذا كان الربا هو الذي أسست علية هذه المصارف فان إشاعتها عن طريق الشبكة واضح جدا كما يتضح ذلك في عمليات الدفع المتزايدة بواسطة البطاقات الائتمانية الربويه كالفيزا و الماستركارد وأميركان إكسبرس وغير ذلك من البطاقات التي يسحب فيها الشخص على المكشوف بالفائدة وهي الربا ، ولا يجوز تسميتها بالفائدة إذ أي فائدة فيها وهي تستجلب لعنة الله وغضبة سبحانه وتعالى . ومما يرتبط أيضا بهذه الشبكة من أشراط الساعة حديث النبي صلى الله علية ( ويكثر الكذب ) وهذا الحديث الصحيح الذي رواه ابن حبان . وأخبر عليه الصلاة والسلام أيضا عن أناس يعذبون في قبورهم ويشرشر شدق أحدهم إلى قفاه ومنخاره إلى قفاه يمنا وشمالا وهو الرجل الذي يكذب فتبلغ الأفاق . والان ممكن أن يكذب الشخص إلى هذه الشبكة فتبلغ المشرق والمغرب . لقد انتشرت هذه الشبكة انتشارا عظيما وآخر الإحصائيات تقول أن عدد المشتركين على الشبكة قد بلغ 211 مليون شخص ، وهذا اكثر من الإحصائية التي ذكرناها قبل قليل والتي قد نقلت في وقت سابق ، ومعنى ذلك ، وأردت أن أبين أن الانضمام إلى هذه الشبكة يتقدم تقدما سريعا جدا وأن إقبال الناس ينمو نموا مطردا للغاية . 77% من الناس في أمريكا يقولون للمستخدمين هذه الشبكة أنهم قد استفادوا منها . 44% انهم لا يستطيعون العيش بدونها . 87% يستخدمونها للاتصال بأقربائهم وأصدقائهم . وهذه الشبكة آخذة في الانتشار وقد دخلت في البلاد الإسلامية والعربية. هناك معوقان أساسيان يعوقان استخدام هذه الشبكة بالنسبة للبلاد العربية . 1. ضعف المعلومات الفنية لدى أفراد الناس . 2. ضعف الإلمام باللغة الإنجليزية . هذه الشبكة أيها الاخوة في الحقيقية لها منافع كثيرة جدا ولا أريد أن أشوق أليها ولا أدعو أليها بل أنني أبين الأخطار بالإضافة إلى الفوائد. وبداية الفوائد لسبب ، هذه الفوائد كثير كما قلنا منها: الشراء السهل.استعراض السلع طلب السلع بسهولة كالكتب وغيرها بالنسبة للباحثين والجامعين وأصحاب الرسائل وغيرهم . التجارة عن طريق هذه الشبكة. انخفاض أسعار المكالمات . بينما تبلغ مثلا تسعيرة المكالمة إلى أمريكا 9 ريالات في الدقيقة فعن طريق الشبكة تتصل في أميريكا في الساعة ب 9ريالات . وكذلك سهولة الاتصال بمراكز الأبحاث العالمية. وكذلك إرسال البريد بسرعة هائلة .بدلا من أن يأخذ خطاب بريدي أسبوع أو أسبوعين يأخذ الآن ثواني . مراقبة المحلات والبيوت من بعد كبير، وحتى المدارس . سماع راديو والإذاعات عن طريق هذه الشبكة . ومشاهدة البرامج الاستشارات الطبية النقاشات إلى تتم في قنوات الحوار. وكذلك فان هذه الشبكة بالإضافة استخداماتهم الدنيوية يوجد لها استخدامات دينية كثيرة جدا . فما هي الاستخدامات النافعة لهذه الشبكة في مجال الدعوة إلى الله سبحانه تعالى ونشر هذا الدين ، وكيف نستفيد من هذه الشبكة في هذا المجال؟ لقد تبين لي من خلال البحث أيها الأخوة أن حضورنا الإسلامي على هذه الشبكة ضئيل جدا ، وهذا أمر مخز بالنسبة لخير أمة أخرجت للناس ، وتخلفنا العام على هذا المستوى على الصعيد العالمي ، ولا اقصد الأفراد الذين همهم الفرجة وإنما أوجه الكلام إلى الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى ومن يستطيع منهم أن يقدم شيئا لهذا الدين من أهل العلم وطلبته ، والناس الذين هم بعزل عن الفتن ، الكلام موجه إلى هؤلاء في هذا المجال ، إن الأحداث المتوالية عن الغربيين والشرقيين تثبت بما لا يجعل مجالا للشك أن هناك فراغا في قيادة العالم وان هناك افتقارا لمنهج يحققه العدل في الأرض ، إن العالم مليء بالظلم والاعتداءات والقرصنة ومليء كذلك بأمور كثيرة من الفساد والشحناء والبغضاء وشريعة الغاب التي يأكل فيها القوي الضعيف ، أنة عالم يعيش بلا ضوابط انهم أناس يسقطون تحت الانهيارات العصبية والجنون والانتحار وغير ذلك من الأشياء التي تثبت أن هناك فراغا كبير يعيشه الناس في العالم وانه لا عدل إلى بشريعة الإسلام ولا يملا هذا الفراغ إلا هذا الدين الذي نزلة الله سبحانه وتعالى ولن يستقيم أمر العالم إلا إذا سطعت عليه شمس النبوة . وإذا كان هذا الدين رحمه للعالمين وكان الإسلام دينا عالميا نازلا من الله سبحانه وتعالى دينا ربانيا لا يقبل الله غيرة من أهل الأرض جميعنا من عربهم وعجمهم كما قال عز وجل ( ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه) ، إذا فلابد إذا اقررنا بعالمية هذا الدين وانه يجب تبليغه للعالم كافة ، لابد أن نستعمل جميع الوسائل التي تؤدي إلى تحقيق عالمية الدين ونشره في الأرض ، ولذلك قال بعض أهل العلم عن هذه الشبكة أنها وسيله عظيمة القيمة ، حجة الله على خلقه ، لا يمكن أبدا أن نكون نحن الأعلى في المنهج إذا لم تكن أيضا نستخدم الوسائل التي تؤدي إلى علوه في الواقع ، والا صارت تلك هزيمة وقعود عن نصرت هذا الدين ، ونحن مطالبون بإقامة حجة الله على خلقة والله عز وجل قال ( لتكونوا شهداء على الناس ) ، ولابد أن نشعر بأن علينا واجبا في إيصال دين الله تعالى لأنها أرض الله كافة ما استطعنا أيها الأخوة . إن مسألة نشر الدعوة عن طريق هذه الشبكة لا مفر منه ولا يمكن العقود عنه بعد ما وجدت وقامت في العالم . إننا ببعض التخطيط والإمكانات ممكن أن نصل إلى مشاريع دعوية مفيدة جدا نقدمها لهؤلاء الناس الذين يعيشون الانطواء الروحي في الأرض الذين قد عموا ، الذين قد ملأ إبليس قلوبهم بدلا من يعمرها الأيمان . فلابد أن نشعر بالدافع لغزو هذه القلوب ومحاولة إيصال نور الإسلام أليها. أما بالنسبة للعلوم الشرعية فإننا بحاجة إلى إمكانات ضخمة وخطط وجهات تتبنى مشاريع كبيرة لعمل قواعد بيانات واسعة في سائر لوازم الشريعة مثل التفسير والحديث والفقه والعقيدة وغيرها هذا أولا . ثانيا نحتاج ألي محركات بحث عربية متقدمة ومتطورة لان الشبكة تفتقر إلى هذا والقليل الموجود ليس شائعا ولا يفي بالغرض . ثالثا يمكن أن تخدم العلوم الشرعية بإيجاد قواعد البيانات التي يبحث فيها المتخصص عما يشاء من أحاديث النصوص وكلام العلماء بشكل متيسر ثم يربط الناس بدروس أهل العلم على هذه الشبكة. لأن هذه الشبكة يمكن أن يبث من خلالها دروس العلماء سواء من القصيم أو الرياض والحجاز أو الشمال أو الجنوب أو مصر و الشام و اليمن وغير ذلك ، وان توجد هنالك قنوات خاصة بالدروس العلمية على هذه الشبكة وعند ما يلقي الشيخ درسا في المسجد يبث عن طريق الشبكة آنيا وفي الوقت نفسه إلى أنحاء العالم وإذا كان هناك أناس منا قد بلغوا أجرا عظيما في ثني الركب في حلقة العلم وعند المشايخ وأهل العلم وهناك أناس محرومون من هذه النعم بسبب عدم وجود علماء لديهم ، عدم وجود من يقيم الدروس العلمية لديهم ، فإنهم يمكن أن يسلكوا سبلا يلتمسون منها علما عن طريق قنوات الدروس العلمية الموجودة على هذه الشبكة إذا وجدت فان من سلك سبيلا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريق إلى الجنة ، خامسا يجعل فتاوى أهل العلم تصل إلى الناس عن طريق الاستفتاءات التي تحدث بترتيب معين في ساعات معينه مع أهل العلم عبر قنوات الإفتاء التي يمكن أن تكون مبثوثة عن طريق هذه الشبكة سواء كان في الفترة كما يقولون على الهواء أي فورية أو كانت تدرس ويرسل الجواب للسائل . سادسا يمكن للجامعات الإسلامية المختصة بعلوم الشرعية أن ترتبط بهذه الشبكة وان تدرس العلوم الشرعية للطلاب في أنحاء العالم عبر شبكة الإنترنت نسيج العنكبوت وان تفتح المجال للدراسة للراغبين في الخارج ، يسجلون المواد ولو كان بالأجرة وتغطي تكاليف هذه المشاريع وتشغل من يوجد لديها من المعاضدين والمعيدين والأستاذ بل أن دروس العلم المبثوثة في قاعات الجامعات يمكن أن تكون أيضا متصلة بهذه الشبكة إلى الناس الخارج ولو قيل أن هناك تزيفات تحدث في الاختبارات فانه يمكن عمل أماكن الطلاب في السفارات الموجودة في الخارج بمواعيد معينة وإثباتات تثبت أن هذا هو الطالب الذي كان يدرس عن طريق الشبكة وهذه الطريقة قد درست وبحثت بالنسبة للجامعات الدنيوية الموجودة في أوربا وأمريكا وغيرها فنحن ينبغي أن نلحق بالركب أيضا لأنها تنشر شيئا مما ينشرونه وبكثير وإذا كانوا ينشرون علما دنيويا فأننا نريد أن ننشر علما أخرويا يصلح الناس في معاشهم ومعادهم ، قال عليه الصلاة السلام ( اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا واصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا واصلح لنا أخرتنا التي أليها معاذنا ) فينبغي أن ينشر في هذه الشبكة ما يصلح الناس في أمور دينهم وفي أمور دنياهم وفي معاشهم وفي أمور أخراهم ، وهذا هدف كبير جدا . وسابعا كذلك من الاقتراحات نشر لرسالات الجامعية والأبحاث الإسلامية بفهرسة دقيقة وموضوعة لتكون في متناول أيدي القارئين والباحثين والمطلعين في أنحاء العالم بل حتى من الكفار الذين لا يدينون بدين الإسلام قد يطلعون على بعض الأبحاث الشرعية فيستفيدون منها جدا وينبغي أن نستفيد من النهم الموجود للمعرفة عند كثير من الغربيين والشرقيين عندما يريدون معرفة أي شئ ، هم يريدون معرفة معلومات عن أي شيء ونحن الآن في عصر انفجار معلومات أو ثورة معلومات لان هذا عصر قد اتضح فيه جلاء أمرين الأمر الأول ثورة المعلومات الثاني ثورة الاتصالات ، وكلاهما مرتبط بالآخر ولذلك يجب أن نستغل أو نغتنم هذه الفرصة لنشر معلومات عن هذا الدين تفيد الباحثين . هناك أناس من الكفرة يبحثون في الإسلام ويبحثون في الأديان عموما ويقارنون الأديان بعضها ببعض ، هناك أناس يريدوا أن يقرءوا القران أو ترجمة القران أو أحاديث النبي عليه السلام أو يعرفون طبيعة هذا الدين ، نظام الدين الاجتماعي ، ونظامه الاقتصادي ونظامه الدين السياسي وغير ذلك من الأنظمة التي أنزلها الله سبحانه وتعالى في هذا الدين. يتعرفون على العلاقات الدولية في ضوء الاسلام وغير ذلك من شتى فنون العلم والمعرفة . إن من المؤسف أن يذهب الباحث مثلاً إلى مكتبة من المكتبات العالمية كمكتبة الكونجرس مثلاً يجد فيها من ألوان المراجع والمقالات وغير ذلك من الأمور المعرفية عبر وسائل النشر المختلفة في هذه الشبكة بطرق بحث متناهية في الدقة موضوعياً وكمياً وغيرها , بينما لا تجد هذا متيسراً لدينا ولا يوجد مكتبة موسوعية إسلامية على شبكة الإنترنت إلى الآن يطوف فيها الباحث مثلاً ويطلع ويبحث ويطبع إلى الذاكرة الصلبة في جهازه المعلومات التي يريدها , بينما هذا متوفر بشكل كبير جداً عند الكفار . ألسنا الأعلى منهجاً ؟ ألسنا الذين ذكرهم الله تعالى بقوله : ( وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) ؟ إذا كنا نحن الأعلى منهجاً ونحن الأعلى ديناً ونحن الأعلى في الحق على الخلق فلا بد أن نحقق هذا العلو واقعاً وليس أن يكون شيئاً نظرياً فقط موجوداً في الكتب , بينما لا نسعى نحن في تحقيقه في الواقع ! وإذا كنا عاجزين عن غزو الكفار بالسلاح فلا أقل أن نغزوهم بهذا الدين عبر إستعمال مثل هذه الشبكة التي تؤدي إلى انتشار هذا الدين في العالم . إننا عندما نتأمل في واقع بعض الإذاعات الأجنبية ك مونتكارلو التي لا تنقصها النواحي الفنية في هذه الموجات التنصيرية التي تبث إلى العالم بالذات بلاد المسلمين بسائر اللغات وهم أهل باطل وكفر يقولون بأن الله هو المسيح ابن مريم ويقولون أن الله ثالث ثلاثة ويقولون أن المسيح ابن الله , هؤلاء الذين ينشرون دعوتهم صباح مساء بهذه الإمكانات الضخمة ثم نحن لا نسعى في نشر دعوتنا حتى بين الخدم والسائقين الموجودين في قعر بيوتنا وبين العمال الموجودين في شركاتنا ومؤسساتنا , وإن ذلك تقصير سنحاسب عليه ولا شك , كل ما بإمكاننا أن نعمله لهذا الدين يجب أن نعمله ( وكنتم خير أمة أخرجت للناس ) لماذا كنا كذلك ؟ الله سبحانه وتعالى قال : ( تدعون إلى الخير ) فأين الدعوة ؟ . إذا كانت البداية بدعوة الأقربين والنهاية بدعوة العالمين فعندنا قصور في دعوة الأقربين ودعوة الأبعدين , ولذلك فإنه ينبغي علينا أيها الأخوة أن نفكر ونقوم لله سبحانه وتعالى , نفكر في أنفسنا وفي تقصيرنا اين طلاب العلم الشرعي ؟ أين الدعاة الى الله ؟بلغوا عني ولو آيه حتى أن أحدا من عامة المسلمين يمكن أن يبلغ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو أمرا واحدا بما يعلمه من هذا الدين ليس في أن يدخل فيما لايحسن ولا في مالايعلم ولاأن يفتي بغير علم ولا أن يخبط خبط عشواء في دين الله ويكون كحاطب ليل كلا نعوذ بالله أن نقول على الله بغير علم ولكن قد تعلم أشياء يسيرة يمكن أن تبلغها , هذه المعلومات فأين البلاغ ؟ أين البلاغ إذا كان أهل الباطل ينشرون باطلهم صباحا ومساءا ؟ البدع الكفرية الباطنية ينشرون كفرهم وانحلالهم أصحاب وحدة الوجود الذين يقولون ليس في العالم إلا الله كل ماترى بعينك فهو الله , الله حل في المخاليق حتى في الخنزير تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً , وهذه الفرق التي تقول بوحدة الوجود الفرق الصوفية المنتشرة التي لها هذه المواقع الكثيرة جدا على الشبكة , ومترجمة بلغات مختلفة , موقع للصوفية الضلال الذين تصل بعض أقوالهم إلى الكفر البواح , الصفحة الأولى عندهم سبع لغات / عربي – انجليزي – اسباني – فرنسي – صيني – ياباني ...... الخ . وأهل التوحيد قد يكونون في تخلف عظيم وتقاعس وهذا لا يمكن أن يكون أبداً قواعد الطرق بل الرد على أهل العلم من أصحاب الدعوة السلفية كشيخ الإسلام / ابن تيمية . مواقع لإثبات جواز الإستغاثة بالأموات . الإسماعيلية الكفار والقاديانية الضلال الذين يقولون الغلام أحمد القادياني نبي بعد النبي صلى الله عليه وسلم , وهؤلاء البهائية الذين ينشرون كفرهم وإلحادهم . حتى عبدة الشياطين لهم مواقع . عندما تكتب كلمة إسلام في محرك من محركات البحث الضخمة مثل / ياهو أو غيرها من أوائل المواقع التي تطالعك مواقع هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بفرخانية نسبة إلى لويس فرخان الذي فرخ الكفر البواح . موجودة أوائل ما تطالعك المواقع الإسلامية , شوهوا حتى صورة الإسلام النقي في عيون الكفار بل إن بعض المسلمين يدخل إلى هذه المواقع يظنها مواقع طيبة بينما هي مواقع خبيثة وكافرة وهناك مواقع تدعوا إلى الإنتحار وهناك مواقع تدعوا إلى الفاحشة كما قلنا , وإذا كان الدين يسير ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر ) وأن هذا القرآن فيه أشياء كثيرة جداً تشوق الناس وتجذبهم إلى الدين فلماذا لايعرض الإسلام النقي أهل السنة والجماعة يعرضون ماعندهم من الدين على طريقة السلف فهم السلف للكتاب والسنة ؟ يعرض الدين على الناس في العالم بدلا من أن يأتي هؤلاء العقلانيين الضلال الذين يسمون أنفسهم بأصحاب الفكر المستنير ويلون أعناق النصوص لتطاوع مرادهم الانهزامي أمام الكفار أو أنهم ينفون بعض النصوص الثابته في صحيح البخاري ، وغير هؤلاء الذين يقولون إن هناك أخوة بيننا وبين النصارى هؤلاء الذين يقولون بجواز اهداء الكفار في أعيادهم وجواز تهنئتهم فيها , هؤلاء الذين يقولون بالفتاوى الشاذة مجاراة للكفرة واراضاءا للكفرة وتحت ضغوط الكفرة وأن المرأة يمكن أن تلي الولايات العامة كالخلافة والوزارة والقضاء ويردون أحاديث في صحيح البخاري ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم أمرأة ) وينعقون بهذه العقلانيات والقاذورات والترهات في مواقع يفتي فيها مفتوهم الضلال كما يفتي المفتون الضلال في القنوات الفضائية , انحرافات وظلمات بعضها فوق بعض أين جهاد الكلمة ؟ أين الجهاد بالكلمة ؟ ننشر ديناً صحيحاً وننشر عقيدة سليمة ومنهجاً نقياً وعلماً سلفياً ننشره بدلا من أن ينشر هؤلاء الضلال ضلالاتهم بإسم الإسلام ويشوهوا هذا الدين ونقاء هذا الدين وصفاء هذا المنهج ثم يجمعون الملايين لنشر هذا القاذورات . أيها الأخوة : إن الجهاد له أنواع كثيرة ينبغي على المسلمين أن يقوموا بها , إن انشاء مواقع دعوية تدعوا الكفار تفتح لهم مجالا للسؤال والنقاش واجابتهم بناءا على المنهج الاسلامي , إنه امر واجب ولا بد . بل وحتى دعوة المسلمين الذين ضاعوا في الخارج وأخذوا جنسيات تلك الدول ثم انحلوا وأولادهم انحلوا في مجتمعات الكفر وانسلخوا من الدين ولم يعد عندهم من الدين الا الإسم فقط! إسمه إسم مسلم يقولون أنا ( فركس مسلم ) يكتبون هكذا في الشبكة يعني مسلم بالإسم لا أطبق الإسلام !!! . هؤلاء يحتاجون إلى استعادة استرجاع ، واستعادة رأس المال أولى من تحقيق الأرباح ونحن يجب أن نسير على خطين استعادة رأس المال وتحقيق الأرباح . ثم تعليم المسلمين الموجودين في العالم وأن التجارب تثبت أن هذه الأشياء ناجحة . انتهى الشريط الأول وقريبا إلى الشريط الثاني بإذن الله . ابو عبد الوهاب ....................................... المحاضرة الثانية هكذا صلى الأنبياء للشيخ سليمان العودة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ..من يهده الله فلا مضل له ..ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ..وبعد أيها الأحبة :_ إن حديث اليوم هو عن أعظم عمل بعد التوحيد كلف به الأنبياء وهو الصلاة ، فإنها من خير أعمالكم ، وهي خير موضوع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فلهذا لا غرابه أن يخصص له حديث : ويدندن حوله المتكلمون لأنها سراج للقلب والروح الى بارئها جلى وعلى . أولاً.. تمهيد :- إن من عظيم نعمته تعالى وهو الواحد الأحد الصمد أن يجود بعليائه على ذلك العبد الفقير فيبسط يده إليه ويأذن له بذكره وشكره وحسن عبادته وسؤاله ، مجرد الإذن كما قال تعالى (( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه )) فإن مجرد إذنه لنا بأن نذكره وندعوه هو نعمة عظمى .. فكيف وقد أمرنا بذلك وأوجبه علينا ، وجعل لنا عليه الأجر العظيم . إنه سبحانه يفتح أبوابه لعباده دون أن يجعل بينه وبينهم وسيطاً (( وقالالأول :_ دعاء عبادة : كالصلاة والقرآن والذكر والتسبيح ، فهذا دعاء عبادة له تعالى . الثاني :- دعاء مسألة ، أي أن تسأل الله تعالى وترجوه فيما تريد وتحب من خيري الدنيا والآخرة ، وذكره تعالى هو في حقيقته دعاء لإنك إن أثنيت عليه تعالى بأسمائه وصفاته فأنت تتعرض له بالسؤال ، فإذا قلت اللهم لامانع لما أعطيت ولامعطي لما منعت ولاينفع ذا الجد منك الجد فكأنك تقول اللهم لامانع لما أعطيت فأعطني ولا معطي لما منعت فلا تمنع عني فضلك ولاتحرمني بذنوبي ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد فأغنني بفضلك عن سواك . أأذكر حاجتي أم قد كفاني حباؤك إن شيمتك الحباء إذا أثنى عليك العبد يومًا كفاه من تعرضه الثناء إنه تبارك وتعالى ينزل في ثلث الليل الآخر فيقول لعباده : هل من سائل ؟ هل من داعي ؟ هل من مستغفر؟ هل من تائب ؟ لا تسألن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تحجب الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب (( ياابن آدم إنك مادعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ماكان منك ولا أبالي ، ياابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ياابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة )) حديث قدسي – ثانياً :_صفات وأسماء وفضائل .. هذه الصلاة شأنها عظيم .. ولماذا أتكلم أنا ويتكلم غيري وقد تكلم الرب جلا وعلا ؟! ولماذا يتحدث الإنسان وقد تحدث سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم،فبيّن ما في هذه الصلاة من الأسرار والمعاني الكبار . فالصلاة عهد .. قال الله تعالى :- (( ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً .لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً )) .و قال صلى الله عليه وسلم كما في السنن : - (( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) فمن حُرم الصلاة فقد حُرم الشفاعة يوم الحساب . والصلاة عبادة تصل العبد بربه تعالى ، فتجعل هذا الضعيف الحقير الفاني المخلوق من تراب الأرض! تجعله عظيماً لأنه موصول بالله تبارك وتعالى (( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون )) . وهي إيمان ، وكل الأعمال بلا إيمان لا قيمة لها ولا ثمرة قال الله تعالى : (( وما كان الله ليضيع إيمانكم)) يعني صلاتكم إلى بيت المقدس قبل أن تحول القبلة إلى الكعبة المشرفة في البيت الحرام – ولهذا أيضاً بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن ترك الصلاة كفر ، فقال كما في صحيح مسلم : -(( بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)) وتركها أيضاً نفاق كما في قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه ((أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيها لا توهما ولو حبواً )). والصلاة توبة . قال الله تعالى:- (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فإخوانكم في الدين )) وقال في الآية الأخرى : (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم )). والصلاة ذكرُُ لله تعالى ، قال الله عز وجل (( إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري )) يعني لتذكرني بها . والصلاة طمأنينةٌ للقلب وسكينةٌ للنفس وهناء للروح ، قال الله تعالى:- (( وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم)) .وفي حديث متفق عليه أن أ سيد بن حُضير قام يصلي من الليل فقرأ من سورة البقرة أو من سورة الكهف- اختلفت الرواية – فرأى بين السماء والأرض أمثال القناديل فجالت الفرس حتى خشي على ولده فهدأ وسكن في قراءته فعاد فعادت ، فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( اقرأ يا ابن حُضير تلك السكينة تنزلت لقراءة القرآن ، تلك الملائكة ، ولو قرأت لأصبحت يتراءاها الناس بين السماء والأرض )) . والصلاة شكرُُ (( ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً )) .. بماذا كان عبداً شكوراً ؟! .. بكثرة الصلاة .. ولهذا لما قالت عائشة كما في الصحيحين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد أطال القيام حتى تفطرت قدماه : تفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال يا عائشة أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً )) والصلاة عونُُ للعبد على ما يعانيه ويواجهه من المشكلات في الدنيا والآخرة ، ولهذا قال الله تعالى :- (( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا الخاشعين)) فالذين يواجهون مشاكل الدنيا وصعوباتها ويتصدون لجلائل الأعمال ، خاصة من أهل العلم ، وأهل الدعوة ، وأهل الجهاد الذين يلقون التعب في هذه الدار ، ويواجهون من المشاكل الصغيرة والكبيرة ، ويحط الناس بهم كل قضاياهم وكل مشكلاتهم ، لابد أن يستعينوا على ذلك بالصلاة وإلا عجزوا وانقطعوا . وكان شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله يصلي الفجر ثم يجلس في مصلاه يذكر الله حتى يتعالى النهار ويرتفع ثم يصلي ركعتين ثم يقول : - (( هذه غدوتي ، لو لم أتغدها لم تحملني قدماي )). والصلاة مناجاة لله سبحانه وتعلى ووقوفُُ بين يديه ولهذا قال النبي صلىالله عليه وسلم كما في الصحيح (( إذا قام العبد في الصلاة فإنه يناجي ربه )) . ثم نهى أن يبصق العبد بين يديه أو عن يمينه ولكن من تحت قدميه أو عن شماله ،والذي يناجي ربه تعالى أنّى أن يقبل على غيره أو ينصرف عنه أو يجعل بصره يلتفت يمنة ويسرة والله تعالى قُبالة وجهه . والصلاة قربى وزلفى إلى الرب تعالى فإن العبد بعيد عن الله إن غفل عن ذكره ، فكلما ذكر الله تعالى وصلى اقترب من الله سبحانه ، ولهذا قال تعالى (( أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى )) ثم قال في آخر السورة (( كلا لاتطعه واسجد واقترب )) اقترب إلى الله تعالى بالسجود له. وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : -(( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ) والصلاة كفارة ، قال الله تعالى : (( وأقم الصلاة طرفي النهار وزُلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين )) فالعبد يحترق بالذنوب والمعاصي ، هذه نظرة حرام ، وهذه كلمة ما حسب لها حساب ، وهذه خطوة إلى معصية ، وهذه يدٌ تمتد إلى مالا يرضي الله ، وهذه .. ، وهذه .. فإذا جاءت الصلاة كفَر العبد بها عن ذنوبه وخطاياه وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد يغفر له ما بين الصلاتين ما لم يؤتي كبيرة ، وذلك الدهر كله . ولما جاءه الرجل يشتكي ذنباً. قال له النبي صلى الله عليه وسلم (( أشهدت معنا الصلاة قال: نعم . قال : اذهب فقد غُفر لك )) . وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح – الصلاة ب(( نهرغمر جارٍ بباب أحدكم يغتسل منه العبد كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شىء . قالوا :لا يارسول الله .قال : فذلك مثل الصلوات الخمس يمحوا الله بهن الخطايا والذنوب )). والصلاة عصمة من الشيطان . ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (( إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب )) وهي نور كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه مسلم :- (( والصلاة نور )) . وهي شغلٌ أي شغل ولهذا في حديث ابن مسعود :- (( إن في الصلاة لشغلاً )) يعني من أمور الدنيا بل حتى عن أمور الدين من غير الصلاة مما لا يتعلق بها .فإذا أقبل العبد على صلاته ينبغي أن يفرغ قلبه من جميع الشئون والهموم ، ويقبل عليها بقلب حاضر ولسان ذاكر . وهي أيضاً حقن لدم الإنسان . ولهذا لما وقف الرجل أمام الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الغنائم ، فقال: اعدل يا محمد - وفي رواية : - (( أنه قال : هذه قسمة ما أريد بها وجه الله )) – فاستأذن رجل من الصحابة في قتله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : لعله أن يكون يصلي )) فاعتبر أن صلاته تعصم دمه من أن يقتل . ولما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم حكّام الجور وحكّام السوء قال بعض الصحابة : يا رسول الله أفلا ننابذهم ونقاتلهم ؟ قال : -(( لا.. ما صلوا ..)) وهي ناهية عن الفحشاء والمنكر (( وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر )) .. بل هي أفضل الأعمال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد سئل كما في الصحيح :- (( أي الأعمال أفضل ؟ فقال : (( الصلاة لوقتها )) .. وهي شعار الإخاء والحب و المودة بين المصلين والمترددين على المساجد وقد جاء في مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن المملوك (( مملوكك كافيك ، فإذا صلى فهو أخوك ، فإذا صلى فهو أخوك )) يعني العبد الذي تستخدمه إذا أدى الصلاة فهو أخوك ، فعليك أن تحسن معاملته وتبتعد عن إيذائه بالقول أو بالفعل . بل هي وصية الله سبحانه وتعالى لأفضل خلقه للرسل عليهم الصلاة والسلام : -(( قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حيا )) . * بالتالي فإن الرسل نقلوا هذه الوصية إلى من وراءهم من أهليهم وأقوامهم وأتباعهم . قال الله تعالى ..(( وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة )) وقال للنبي صلى الله عليه وسلم : ((وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى )) وفي الصحيحين أن النبي صلا الله عليه وسلم قام فزار البقيع ، فسلم على أهل البقيع ثم صلى وقال : - (( إني أرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر )) ثم قال عليه الصلاة والسلام : -(( من يوقظ صواحب الحُجُرات – يعني أزواجه رضي الله عنهن – يا رُبّ كاسية بالدنيا عارية يوم القيامة )) وكان يقول في مرض موته الذي قبض فيه صلى الله عليه وسلم : (( الصلاة وما ملكت أيمانكم)). **كل هذا شأن الصلاة فهل يا ترى هذه المعاني العظيمة وهذه الدلالات الربانية وهذه الأوصاف النبوية هل هي تصدق على كل صلاة ؟ .. أم تصدق على تلك الصلاة التي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم . لاشك أنه كم من مصلّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه حتى المنافقون كانوا يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وربما تأخروا عن بعض الصلوات كصلاة العشاء ، وصلاة الفجر ، ولكنهم ربما شهدوها وبالتأكيد فهم يشهدون غيرها . وكثير من ضعفاء والإيمان يصلون لكن لا تتحقق تلك المعاني العظام في صلاتهم لإنها صورة مجردة عن الحقيقة ، ولهذا يجب أن نعلم : كيف صلى الأنبياء . ثالثاً : - نعم هكذا صلى الأنبياء . كل الأنبياء بعثوا بالصلاة ولهذا لو تأملت هديهم لوجدت الصلاة مذكورة في سيرة كل نبي . قال الله تعالى (( أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً )) ثم قال (( فخلف من بعدهم خلفُُ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً )) . إذن فالأنبياء بعثوا بالصلاة وإذا قرأوا القرآن خروا ساجدين خاشعين باكين لله تعالى . أما الذين من بعدهم ممن غيروا وبدلوا وخالفوا هديهم فقد اتبعوا الشهوات وأضاعوا الصلوات . قال الله تعالى : - (( وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون )) وكأن صلاة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانت متقاربة في هيئتها وشكلها ومظهرها ومخبرها وسرها وجوهرها . ففي حديث ابن عباس وابن عمر وهما حديثان صحيحان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إنّا معاشر الأنبياء أمرنا أن نعجل إفطارنا ونؤخر سحورنا ونضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة )) فهؤلاء الأنبياء كلهم أمروا أن يقفوا بالصلاة خاشعين لله تعالى مخبتين بين يديه منكسرين إليه واضعاً أحدهم يده اليمنى على يده اليسرى على جزءٍ من بدنه في صلاته على صدره أو غيره . هكذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء جميعاً . ووضع اليد على اليد في الصلاة هو من هدي النبي صلى الله عليه وسلم . وقد وردت فيه أحاديث كثيرة أوصلها بعض العلماء إلى درجة المتواتر الذي ثبت ثبوتاً قطعياً ، أنه كان صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على يده اليسرى في الصلاة ، وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد : -(( كان الناس يأمرون الرجل أن يضع يده اليمنى على يده اليسرى في الصلاة )) . وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : - (( مررت على موسى وهو يصلي على قبره ))[1] وقال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين : -(( أفضل الصلاة صلاة داود ..)) وذكر عليه الصلاة والسلام أنه لما أُسري به إلى بيت المقدس جُمع له الأنبياء هناك فصلى بهم إماماً وهم يصلون بصلاته )) ولاشك والله تعلى أعلم – أن هؤلاء المأمومين من أنبياء الله ورسله كانوا يقتدون بإمام الأئمة محمد عليه الصلاة والسلام ، فإذا كبّر كبّروا ، وإذا قرأ أنصتوا ، وإذا قام قاموا ، وإذا ركع ركعوا ، وإذا سجد سجدوا ، وإذا قعد قعدوا ، وإذا سلّم سلّموا من ورائه صلى الله عليه وعليهم جميعاً وسلّم فهذا ما يقتضيه الشرع في إقتداء المأموم بالإمام ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه )) فكيف تظن هؤلاء الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام صلوا خلف إمامهم- نبينا محمد صلى الله عليه وسلم – إلا أن يكونوا يصلون بصلاته حذو القذة بالقذة ويتبعونه في كل أفعاله عليه الصلاة والسلام . وفي آخر الزمان ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن عيسى عليه الصلاة والسلام ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق ، فيصلي الفجر مع المسلمين يقتدي بإمامهم ويقول : (( أئمتكم أنتم أئمة بعضكم لبعض تكرمة الله تعالى لهذه الأمة )) ولاشك أن عيسى حين يصلي سوف يقتدي بسنة سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام ، إذ أن شريعة محمّد صلى الله عليه وسلم باقية إلى قيام الساعة ، وهي حق واجب على كل الناس الذين يأتون من بعده ، فبذلك تعلم أن جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بُعثوا بالصلاة وأُمروا بها وأمروا بها غيرهم ، وأن صفة الصلاة عند الأنبياء جميعاً – والله تعالى أعلم – متقاربة ، بل حتى الملائكة هم يصلون ، ولهم صلوات كصلوات المسلمين ، قيام وركوع وسجود ، ففي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( نزل جبريل فأمسّني فصليت معه )) وفي الحديث الذي رواه أهل السنن أن جبريل أتى في اليوم الأول فصلى بالنبي صلى الله عليه وسلم الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء ثم الفجر في أول الوقت . وفي اليوم الثاني نزل عليه السلام فصلى بالنبي صلى الله عليه وسلم الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم العشاء ثم الفجر في آخر الوقت وقال له : - (( الصلاة بين هذين الوقتين )) وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه .. ألا تصفون كما تصُّف الملائكة عند ربها ، قالوا وكيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال : يُتمون الصف الأول فالأول ويتراصّون في الصف )) وفي الحديث الذي رواه أصحاب السنن وغيرهم وهو حديث صحيح عن أبي ذر وغيره أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : -(( أطت السماء وحُقّ لها أن تئط ، ما فيها موضع شبر إلا وفيها ملك واضع جبهته ساجد لله تعالى يسبح الله ويحمده ، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ، ولبكيتم كثيراً ، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ، وخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى )) .. قال الله تعالى : - (( فإن استكبروا فالذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون )) . وصلاة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيها كيفيتان :- الكيفية الأولى : - الكيفية الباطنة : - وهي كمال الذل والخشوع لله تعالى وصدق التعبد والإقبال عليه والإنقطاع إليه عما سواه ولهذا قال الله تعالى : (( قد أفلح المؤمنون ، الذين هم في صلاتهم خاشعون )) وقال : - (( إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ، ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً )) وقد قام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ليلة تامة حتى أصبح . يقرأ آية واحدة من كتاب الله تعالى ، وكان يرددها ويبكي كما في حديث أبي ذر عن النسائي وغيره وهي قوله تعالى (( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم )) فالخشوع سر الصلاة ولبُّها وجوهرها وثمرتها ولاشك أن من الخشوع قدراً واجباً يأثم المرء بتركه والتفريط فيه كما في حديث أبي قتادة الذي رواه أحمد والدارمي والحاكم وصححه وسنده جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :- (( أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته )) قالوا يارسول الله وكيف يسرق من صلاته ؟ قال لايتم ركوعها ولا سجودها ولا خشوعها )) ولا شك أن السرقة حرام ، بل هي من كبائر الذنوب فكون النبي صلى الله عليه وسلم وصف ذلك الذي لا يتم خشوع الصلاة ولا ركوعها ولا سجودها بأنه قد سرق بل عد سرقته أسوأ سرقة وعدّه هو أسوأ الناس سرقة هذا دليل على أن من إتمام الركوع والسجود والخشوع في الصلاة قدراً واجباً يأثم الإنسان بتركه ولا تتم الصلاة إلا به ، ولا شك أن الخشوع من أعمال القلب . وأعمال القلب هي الأصل لأعمال الجوارح ، وفي الصحيحين من حديث النعمان : - (( إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب فالأصل في أعمال الجوارح أعمال القلوب ، فإن صلح القلب وأعماله صلحت أعمال الجوارح ، وإذا فسد القلب وأعماله فسدت أعمال الجوارح ، والناس يتنافسون في أعمال الجوارح ، فربما تنافسوا في التبكير إلى الصلاة وربما تنافسوا في تطبيق السنن الواردة في الصلاة ، وربما تنافسوا في تطويل الصلاة وهذا كله حسن وجيد ومشروع وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، وهو خير من التنافس في الدنيا أو في الأموال أو في الأولاد أو في غير ذلك ، ولكن أعظم من هذا التنافس على الأمور الظاهرة ، أن يتنافس الناس على الأمور الباطنة – أعمال القلوب – ولكنهم لا يتنافسون فيها لأنها ليست مما تراه العين أو تسمعه الأذن أو تلمسه اليد فهي سر لا يعلمه إلا العالم بالأسرار والخفيات وهو الله سبحانه وتعالى . وفي صحيح مسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : - (( ما من مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤتى كبيرة ، وذلك الدهر كله )) يا سبحان الله !! .. أيُّ خير زيد بعد ذلك ؟ ! كفارة لما قبلها من الذنوب !! .. وهي لا تستغرق منك أكثر من عشر دقائق ! .. والمقصود : الذنوب الصغيرة شريطة أن يحسن وضوءها وخشوعها وركوعها . وفي الترمذي ومسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الصلاة (( تشهُّدُُ في كل ركعتين وتخشّع وتضرّع وترفع يديك وتقول :يا للهم .. يا للهم ، فمن لم يفعل فهي خداج .. فهي خداج )) وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : - (( والله ما يخفى عليّ خشوعكم ولا ركوعكم ولا سجودكم )) . والخشوع أيها الأحبة علمُُ ، ولا غرابة أن يتسابق الطلاب إلى حضور المجالس التي فيها علمُُ لبعض الأحكام .. لكن كم رأينا ممن يتسابقون إلى المجالس التي فيها علم القلوب كعلم الخشوع أو علم اليقين أو علم الإقبال على الله ومعرفته ومحبته وغير ذلك . فالخشوع علمُُ لأنه علمُُ بالله وأسمائه وصفاته ومعرفة لعظيم قدره ، حتى لا يكون في شيء أكبر وأعظم من الله تعالى ، ولهذا تستفتح الصلاة لتقول : - (( الله أكبر )) وغير الخاشع يعد من الجاهلين ، وقد قال شداد بن أوس – وهو صحابي – لجبير بن نفيل : (( هل تدري ما ذهاب العلم ؟ قال : لا ، قال : ذهاب العلم ذهاب أوعيته وهم العلماء . قال له : أتدري أي العلم يرفع أول ؟ قال لا أدري : قال : أول علم يرفع من الناس علم الخشوع ، يوشك أن تدخل المسجد الجامع فلا ترى فيه رجلاً خاشعاً )) وهذا الأثر رواه الإمام أحمد في مسنده والدارمي وأهل السنن وهو حديث صحيح .. وللخشوع أسباب لابد من تحصيلها : - 1- تفريغ القلب ، .. فصاحب القلب المشغول بهموم الدنيا المملوء بمشاكلها ، والمستغرق بملذاتها وقضاياها ؟ أنّى له أن يجد في قلبه خانة فارغة يملؤها بشأن الصلاة ، فالصلاة تحتاج إلى القلب ، فإذا احتاج العبد قلبه في الصلاة وجسده الآن مشغول بهموم الدنيا فلا يفرغ لصلاته فلابد أن يكون في قلب الإنسان خانات فارغة دائماً وأبداً لأمر الآخرة ، ولأمر الدين ، لا يسمح أن تملأ بشيء دنيوي قط . 2- التبكير إلى المساجد ، وإحسان الطهور ، والتنفل قبل الصلوات ، وقراءة ما تيسر من القرآن فإن هذا يفرغ القلب ويجرده من الشواغل ويهيئه للإقبال على الله تبارك و تعالى ، ولهذا شرعت السنن الرواتب : [ ركعتان قبل الفجر ، وأربع قبل الظهر أو ركعتان ، وركعتان بعد العشاء ] وبين كل أذانين صلاة : [ ركعتين قبل العصر – بين الأذان والإقامة - ، وركعتين قبل المغرب – بين الأذان والإقامة - ، وركعتين قبل العشاء – بين الأذان والإقامة ] . حتى يتفرغ القلب="mso-spacerun: yes" ويتجرد للإقبال على الفريضة . 3- الإقبال على الصلاة ، بقراءتها وذكرها ودعاءها ، فيتأمل العبد ماذا يقرأ في صلاته وبماذا يدعوا أما أن يكون في واد وقلبه في واد آخر فهذا بعيد من الإجابة ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة وابن عمر وهو حديث حسن (( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاهٍ )) . فلا بد أن يقبل العبد على ربه ويدعوه وإذا قرأ القرآن يعرف ماذا يقرأ ، وإذا ذكر الله يعرف ماذا يقول . 4- ألا يؤدي الصلاة وقلبه مشغول ، بل ينتظر قضاء الصلاة ، ليذهب إلى حاجته ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (( لا صلاة بحضرة طعام ، ولا هو يدافعه الأخبثان )) وذلك أن النفس إذا استشرفت إلى شيء من أمر الدنيا طعام أو شراب أو عملاً أو خبراً أو غير ذلك .فإن العبد يصلي وهو ينتظر قضاء الصلاة لينظر في هذا العمل ، ينبغي للعبد أن يخلص عمل الدنيا ويقبل على صلاته بقلبٍ حاضرٍ متفرغ ، ولهذا وصف الله سبحانه وتعالى الصالحين بالمحافظة على الصلوات وهذا يشمل المحافظة على الوقت ، والطهور وأعمال الصلاة والخشوع وغير ذلك ، وبضدهم ذكر المنافقين فقال : (( وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً )) وذكر المشركين فقال : - (( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصديه)) وذكر المرائين فقال:- (( فويلُُ للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ، الذين هم يراءون ويمنعون الماعون )) .. إن الصلاة عبادة محضة ، ليس لها مرتبات .. وليس فيها فوائد دنيوية ولا داعي أن نقول للناس أن العبد إذا صلى كسب رياضة وصحة واستقام حاله ، وتخلص من بعض الأمراض إلى غير ذلك ، .. كلا .. فالعبد لا يأتي إلى المساجد ليكسب مالاً ولا ليكسب صحة ، ولا ليكسب ثروة ، ولا ليكسب جاهاً ، ولا ليكسب مكانة اجتماعية ، إنما يمشي هذه الخطوات إلى مسجد الله تعالى يضع جبهته في التراب لربه تبارك وتعالى ويقول : - (( سبحانك وبحمدك أنا عبدك وبين يديك ، اعترف بذنبيفليس في الصلاة كبير وصغير وليس فيها أمير ومأمور ولا غني ولافقير بل الجميع فيها سواسية ، أقدامهم سواء ، وأكتافهم سواء ، وجباهم كلهم في التراب معفرة لرب الأرباب . إذن : هذه هي الكيفية الأولى والعظمى ، والكيفية الباطنة لصلاة الأنبياء علهم الصلاة والسلام . فإن الواحد منهم إذا قام إلى صلاته أقبل على ربه أشد الإقبال . قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (( ياأيها المزمل . قم الليل إلا قليلاً . نصفه أو انقص منه قليلاً أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً . إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً )) عبء الدعوة وتكاليفها ومسئولياتها وهمومها وتبعاتها لا يقوم لها إلا من استعان بالله تعالى وعبد الله وصلى وذكر الله ولذلك قال : - (( إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً)). الكيفية الثانية : - الكيفية الظاهرة والمقصود بها أعمال الصلاة وأقوالها ، وهذه أمرها كبير وطويل ، ولكني اختصر شيئاً منها ، وسوف أتجاوز كثيراً من الأشياء المعروفة المتداولة التي لا إشكال فيها : -1- يرفع العبد يديه في مبدأ الصلاة ويقول(( الله أكبر )) وهذه تكبيرة الإحرام ، وبها يدخل الإنسان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( تحريمها التكبير وتحليلها التسليم )) فإذا كبر دخل في الصلاة وأحرم بها ، فأصبح محرماً عليه أن يأكل أو يشرب أو يتكلم أو ينصرف عن القبلة أو يعاني أي عمل من أعمال الدنيا التي تتنافى مع الصلاة ، وهذه التكبيرة ركن من أركان الصلاة ، وينبغي أن يرفع يديه مع التكبير ، يرفعهما إلى منكبيه كما جاء في بعض الأحاديث – أو إلى أطراف أذنيه – كما جاء في أحاديث أخرى ، ورفعهما إلى المنكبين هو مذهب الجمهور وأكثر الأحاديث عليه ولو رفعهما إلى أطراف الأذنين فلا حرج ، فجاء ذلك في أحاديث أخرى . وتوسط بعض أهل العلم فقال : يكون أسفل اليد إلى المنكب وأطراف الأصابع إلى فروع الأذنين ، وهذا الرفع مسنون عند : - أ- تكبيرة الإحرام ب- تكبيرة الركوع -ج- الرفع من الركوع -د- القيام من التشهد الأول فهذه الأربعة مواضع ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر وغيره أنه يشرع للإنسان أن يرفع يديه فيهما مع التكبير أو مع التسميع(( يعني قول سمع الله لمن حمده )) وهو سنة على كل حال كما هو مذهب الجماهير من العلماء بما في ذلك الأئمة الأربعة . -2- بعد التكبير يستفتح العبد وهو سنة ليس بواجب عند جميع أهل العلم ، وأي دعاء ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم جاز أن يستفتح به العبد مثلاً (( سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك أسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك)) هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما في صحيح مسلم وغيره ، وجهر به عمر وعلمه الناس ورجحه الإمام ابن القيم من نحو عشرة أوجه ، واختاره الإمام أحمد ، وفي كتاب التوحيد لابن منده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : - (( أحب الكلام إلى الله : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك أسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك )) وسند الحديث جيد . وغيره ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه عليه السلام كان يستفتح فيقول : - (( اللهم باعد بين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم إغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد )) . وإن دعا بغير ذلك من الاستفتاحات الواردة وهي نحو أربعة عشر استفتاحاً فلا بأس بذلك ، ولو جمع بين استفتاحين لم يكن عليه في ذلك إن شاء الله حرج ، كما رجحه الإمام ابن تيميه رحمه الله ثم يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم لقوله تعالى (( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم )) . -3- يضع يده اليمنى على يده اليسرى – كما سبق – وهذا يكاد أن يكون اتفاقا بين العلماء ، وخالف في ذلك القليل- ثم يضع يديه على صدره لحديث وائل بن حِجر قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوضع يده اليمني على اليسرى على صدره )) والحديث رواه ابن خزيمه وفي سنده ضعف ولكن له شاهد آخر مرسل صحيح عن طاووس قال في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (( أنه كان يضع يده اليمنى على اليسرى ثم يشد بينهما على صدره )) والحديث هذا رواه أبو داود وهو صحيح مرسل وبه يتقوّى حديث وائل بن حجر رضي الله عنه . وهناك أقوال : بعضهم يقول : يرسل يديه ، وبعضهم يقول يضعهم فوق السرة ، وبعضهم يقول : يضعهم تحت السرة . وأود أن أقول : إن الأمر في ذلك كله واسع ، أما السنة فلا شك أن السنة هي وضع اليد اليمنى على اليسرى هذا ظاهر وليس إرسال اليدين ، ثم إن وضعها على صدره أو تحت الصدر بقليل أو فوق السرة أو تحت السرة فذلك كله واسع ، والأولى أن يضعهما فوق الصدر .. .. إنما لا ينبغي أن تكون هذه مسألة من المعضلات ، وألا تكون مثاراً للجدل والإشكال والقيل والقال ، وينبغي أن يكون فيها تعاذر وتغا فر وتناصح ، فلو خالفتني في هذه المسألة فلا حرج عليك إن شاء الله ، وأرجو ألاّ تؤاخذني إذ خالفتك أيضاً ، فإن الصلاة كما أسلفنا عبادة المقصود فيها التقرب إلى الله تعالى ، وليس المقصود فيها الجدل والقيل والقال وارتفاع الأصوات ، واختلاف القلوب ، ولأن نضع أيدينا مختلفين فهذا وضعهما تحت سرته ، وهذا وضعها على صدره ، وهذا وضعها فوق سرته مع اتفاق القلوب ، وسلامتها ، والنصح للمسلمين لهو خيرُُ عند الله تعالى من أن نفعل غير ذلك وتكون القلوب مختلفة متنافرة مليئة بالبغضاء لإخوانك المسلمين . -4- قراءة الفاتحة وهي ركن للإمام والمنفرد لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة :- (( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )) أما المأموم فإن كان الإمام يسكت قرأ الفاتحة وإلا سكت المأموم وتكفيه قراءة إمامه إن شاء الله تعالى وفي ذلك أقوال كثيرة هذا أصحها وأرجحها – في ما ظهر لي إن شاء الله – ولذلك أدلة منها قول ربنا تبارك وتعالى (( وإذا قُرِأ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون )) قال بعض المفسرين أجمع العلماء على أن ذلك في الصلاة ، فإذا كان الإجماع على أن هذه الآية نزلت في الصلاة ، فكيف نستثني منها لحالة الوحيدة التي يمكن أن يقرأ فيها الإمام والمأموم ، وهي ألا يسكت الإمام يعد قراءة الفاتحة ، فإذا لم يسكت الإمام فعليك أن تسمع وتطيع لما قال الله ، فتسكت رجاء أن تدخل في رحمة الله . وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن الأئمة : - (( يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم ، وإن أخطأوا فعليهم ولكم )) صحيح . فقول النبي صلا الله عليه وسلم – يصلون لكم – دليل على أن قراءة الإمام قراءة لمن وراءه . وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم :"إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كّبر فكّبروا وإذا قرأ فأنصتوا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد ، وإذا سجد فاسجدوا .. ..)) إلى غير ذلك ، فقوله : - (( وإذا قرأ فأنصتوا )) بعد ما بّين ماذا يقول الإمام بيّن ماذا يقول المأموم . فإذا قال الإمام سمع الله لمن حمده )) قال المأموم (( ربنا ولك الحمد )) . وإذا ركع الإمام ركع المأموم فبيّن ماذا يجب عليهم جميعاً وهو (( الركوع ، والوقوف ، والسجود ، وغير ذلك ، وبيّن ما يجب على الإمام دون المأموم وهو مثل قوله (( سمع الله لمن حمده )) . وبيّن ما يجب على المأموم مع الإمام وهو قوله ((ربنا ولك الحمد )) ثم قال (( فإذا قرأ فأنصتوا )) فدل ذلك على أن المأموم مطالب بالإنصات متى شرع إمامه بالقراءة حتى لو لم يتمكن من قراءة الفاتحة . وقد جاء في ذلك حديث (( من كان له إمام فقراءته له قراءة )) وهذا الحديث جاء عن أنس بن مالك وابن عباس وأبي هريرة وابن سعيد وابن عمر وجابر وغيرهم ، وصححه جماعة من أهل العلم كالإمام البوصيري والإمام شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله ومن المعاصرين الشيخ الألباني وغيره ، وضعفه آخرون . وعلى كل حال فإنه لم يثبت قطعياً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسكت وهو إمام حتى يتمكن من وراءه من القراءة . ولو كانت قراءة الفاتحة واجبة على المأموم لسكت النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتمكن المأموم من قراءتها . وقد قال عليه الصلاة والسلام يوماً بعد ما انصرف من صلاة الفجر (( مالي أنازع القرآن ، لعلكم تقرئون خلف إمامكم )) قالوا نعم ، فنهاهم – قال الزهري : فانتهى الناس عن القراءة فيما يجهر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة . -5- يقرأ بعد الفاتحة سورة استحباباً لا وجوباً – في الركعتين الأولين من الصلاة الرباعية وفي الركعة الثالثة من الصلاة الثلاثية . ففي الفجر يقرأ بطوال المفصل ، وقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر سورة السجدة و (( هل أتى على الإنسان )) وقرأ سورة ق وقرأ إذا الشمس كورت ، وغالب ما يقرأ ما بين .6 إلى ..1 يقسمهما ما بين الركعتين . أما في الظهر فإنها أقل من الفجر ولكنها أطول من العصر ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ أحياناً في الظهر بطوال المفصل فقرأ بالذاريات بل قرأ في الظهر بلقمان ثبت هذا عنه عليه الصلاة والسلام . والغالب أنه يقرأ قراءة أقل من صلاة الفجر وأطول من صلاة العصر ، أما في العصر فيقرأ بأواسط المفصل كسورة عمّ والمطففين والتكوير والبروج ونحوها . أما المغرب فيقرأ أحياناً بالقصار كما في حديث سليمان بن يسار أنه كان يقرأ بقصار المفصل ، وقال أبو هريرة ((اذكرني هذا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم )) ومثله حديث الصنابحي وقد صلى خلف أبي بكر بالمدينة رضي الله عنه وقد ذكر أنه كان يقرأ في المغرب بقصار المفصل . وقد قرأ صلى الله عليه وسلم بالمغرب بغير ذلك فقرأ بالطور مرة ، وقرأ بسورة المرسلات بل قرأ بسورة الأعراف – طولى الطوليْين – في مرة أو أكثر. أما في العشاء فهو يقرأ فيها كالعصر بأواسط المفصل وقد قرأ عليه الصلاة والسلام بالعشاء ((إذا السماء انشقت )) ذات مرة وسجد فيها . وكذلك قرأ في الصحيحين من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل : (( أفتّان أنت يا معاذ ؟ لما أطال القراءة – اقرأ بالشمس وضحاها ، والليل إذا يغشى ، وسبح بسم ربك الأعلى . وهذا يتعلق بما يقرأه الإنسان . -6- يركع الإنسان ويحني ظهره ويجعل ظهره مساوياً لظهره كما قالت عائشة – عن الرسول صلى الله عليه وسلم – أنه : - (( إذا ركع لم يرفع رأسه ولم يصوّ به ولكن كان بين ذلك )) وكان لو صُبّ على ظهره الماء لستقر من تساويه واعتداله ، ورأسه كذلك كان مساوياً لظهره عليه الصلاة والسلام وكان يقول في ركوعه (( سبحان ربي العظيم ، سبحان ربي العظيم )) أما الوجوب فمرة لإنه صلى الله عليه وسلم لما نزل قوله تعالى (( فسبح باسم ربك العظيم قال : - (( اجعلوها في ركوعكم )) وهذا يتحقق بمرة واحدة . وأما أدنى الكمال فكما قال الفقهاء (( ثلاث )) ويدعوا في الركوع أيضاً بما ورد وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم في ركوعه كما في حديث عائشة المتفق عليه (( سبحانك اللهم وبحمدك ، اللهم اغفر لي )) إلى غير ذلك من الأدعية. -7- يرفع رأسه ويقول (( سمع الله لمن حمده )) إن كان إماماً أو منفرداً ، أما المأموم فلا يقولها بل يكتفي بقوله (( ربنا ولك الحمد )) وهذا الدعاء يشترك فيه الإمام والمأموم والمنفرد فيقولون جميعاً (( ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماء ، وملء الأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد )) ما معنى هذا الدعاء .. .. ؟! قد نردده ولا نفهم معناه : - (( ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد )) يعني هذا الحمد الذي أحمدك يا رب هو حمدٌ كثيرٌ طيبٌ لا ينتهي أ بداً يملأ السماوات ويملأ الأراضي ويملأ غيرهما مما تشاء يا رب. ثم قال (( أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد )) كلنا عبيد لك ، وأفضل وأعظم كلمة قالها عبد هي : - (( اللهم لا مانع لما أعطيت )) هذه أعظم كلمة قالها العبد وأحق كلمة قالها العبد :- (( اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد )) فذوا الحظ والغنى .. . ذو الملك والسلطان .. ذو المال والثراء .. ذو الصحة والقوة ..لا ينفعه منك ذلك ، إنما ينفعه عمله الصالح أما جدٌّه وحظه الدنيوي فلا ينفعه .. فليس لإمرٍ قدر الله جمعه مشتٌّ ، ولا مفرق الله جامع فالعبد الذي يقول هذا أنّى له أن ٌيطأطأ رأسه لغير الله ، أو يذل لسواه ، أو يطلب الدنيا ويفتلها بالدين ، أو يضعف ويخاف من الطواغيت وأعداء الله وأعداء رسوله عليه الصلاة والسلام .. إن المؤمن الذي يقول هذا الدعاء بقلبٍ حاضر سيمتلئ قلبه ثقة بالله وتوكل وشجاعة وجرأة وقوة وإعراض عن الدنيا وهكذا كانت مثل هذه العبادات والأذكار والصلوات تخرج الناس خلقاً آخر غير ما عهد الناس ، فكان الواحد منهم يهجم على الموت ، يبحث عنه ويطلبه في فطانه رجاء أن يكتب الله تعا لى له أجر الشهداء في سبيله . أما المسلم اليوم فإنه يقول هذا الدعاء ثم يمد يده طلباً للدنيا ، ويقول هذا الدعاء ثم يخاف من القوى العظمى – كما تسمى.. أو يخاف من رجال الأمن ، أو يخاف من الدول ، أو يخاف من أعدائه وخصومه ، أو يخاف من الجن – كما نجد عند الكثيرين- أو يخاف من الشياطين ، أين الإنسان الذي يقول بلسانه وقلبه يواطء لسانه (( لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد )) أن يطلب الدنيا من غير الله تعالى ، أو يقف بباب غير باب الله تعالى ، وهذا الموضع – موضع القيام من الركوع – هو موضع قنوت ودعاء فهو أحد المواضع التي يشرع فيها الدعاء ، ففي الركعة الأخيرة من الوتر ، وكذلك في غير الوتر في الصلوات في النوازل والمصائب العامة التي تنزل بالمسلمين ، ويمكن للإنسان أن يقنت ولو سراً منفرداً ، أو غير منفرد ، فيطيل الوقوف كما كان النبي صلى الله عليه وسلم – يطيله ، ويدعوا الله تعالى بما أحب من خيري الدنيا والآخرة . -8- يهوي الإنسان بعد ذلك ساجداً لله تعالى .. وهل يقدم للسجود يديه أم ركبتيه ؟ في ذلك خلاف كثير طويل بين أهل العلم .. وقد نقل الإمام ابن تيميه رحمه الله الإجماع على أن صلاة من قدم يديه أو ركبتيه صحيحة ، وإنما الخلاف في الأوْلى والأفضل من ذلك إذن ينبغي أيضاً أن نعطي هذه المسألة قدرها فلا نعظمها ونجعلها مجالاً للخصومات والعدوات والقيل والقال ، واختلاف القلوب ، بل نبحثها بحثاً علمياً هادئاً رزيناً بعيداً عن التشنٌّج والانفعال والإثارة ، فنقول من أهل العلم من قال السنة أن يقدم الإنسان ركبتيه ثم يديه ثم جبهته .. بهذا الترتيب ، وهذا الذي رجحه الإمام ابن القيم ورجحه جماعة من علماؤنا المعاصرين كسماحة الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين وغيرهم من أهل العلم . ومن أهل العلم من قال السنة أن يقدم الإنسان يديه ثم ركبتيه – إذا هوى إلى السجود – وكأن هذا أشبه وأقرب إلى السنة أن يقدم الإنسان يديه ثم ركبتيه . وفي حديث أبي هريرة (( إذا سجد أحدكم فلا يبرُك كما يبرُك البعير ، وليضع يديه قبل ركبتيه )) ومثله حديث عمر بمعناه ، وهو أصح من حديث وائل بن حجر الذي ذكر تقديم الركبتين قبل اليدين . وعلى كل حال فسواءً قدم الإنسان يديه أو قدم ركبتيه فإنه ينبغي ألا يشتبه بالحيوانات في هذا الهويّ ، فإن الإنسان إذا انحط بجملته وكُلّيته مرة واحدة كان متشبهاً ببروك البعير ، والتشبه بالحيوانات مذموم خاصة في الصلاة ، فعلى الإنسان إن هوى بركبتيه أن ينزل تدريجياً ، وإن هوى بيديه أيضاً أن ينزل تدريجياً أيضاً ، وعليه في سجوده أن يباعد جسمه بعضه عن بعض ، فيباعد بطنه عن فخذيه وفخذيه عن ساقيه ، ويرفع ذراعيه ، ليعطي كل عضو حقه من السجود ويقول في ذلك السجود :- (( سبحان ربي الأعلى ، سبحان ربي الأعلى )) والواجب مرة واحدة ، وما زاد فهو من الكمال والفضل ، ولما نزلت (( سبح اسم ربك الأعلى )) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : - (( اجعلوها في سجودكم )) . ويستحب له أن يكثر من الدعاء لقوله عليه الصلاة والسلام : - (( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم )) وكان من الدعاء المشروع أن يقول :- (( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي )) وكذلك (( سبّوح قدوس رب الملائكة والروح )) وكذلك (( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، ويا مصرف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك )) -9- يرفع من سجوده ويجلس بين السجدتين ، ويضع يديه على ركبتيه أو على فخذيه ، ويدعوا بما ورد ، وقد ورد في هذه المواضع عشرة ألفاظ يدعوا بها (( رب اغفر لي ، وارحمني ، واهدني ، وعافني ، وارزقني ، وانصرني ، واجبرني ، وارفعني ، واعفوا عني )) وقد جاء أيضاً ولا حرج أن يقول ذلك كله (( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير)) ** يسجد السجدة الثانية كطبيعة السجدة الأولى . 0- 1- يقوم بعد السجدة الثانية إلى الركعة الثانية وإن جلس قبل أن يقوم للركعة الثانية جلسة خفيفة فهذا حسن وهذه الجلسة تعرف عند الفقهاء ب(( جلسة الاستراحة )) وقد جاء فيها أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حديث مالك بن الحويرث في صحيح البخاري أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا كان في وترٍ من صلاته – يعني إذا انتهى من الركعة الأولى أو الثالثة – لم ينهض حتى يستوي قاعداً )) وهذا الحديث – حديث مالك بن الحويرث – هو أشهر الأحاديث في الباب كما قال الحافظ ابن حجر ، ومن ميزاته أنه لم يرد إلا على هذه الصورة ، فكل أحاديث مالك بن الحويرث فيها ذكر هذه الجلسة الخفيفة بعد الركعة الأولى وبعد الركعة الثالثة ، وقد جاء أيضاً حديث أبي حميد الساعدي في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (( أنه يرفع من السجود ثم يقول (( الله أكبر )) ثم يثني رجله فيقعد عليها معتدلاً )) وهذا اللفظ رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ، وحديث أبي حميد جاء فيه رواية أخرى سكت عن جلسة الإستراحه ، وجاء في رواية ثالثة نفى أن يكون جلس قال (( ثم يقوم ولا يتورك )) ومثله أيضاً حديث أبي هريرة في قصة المسىء صلاته وأن النبي صلى الله عليه وسلم جلس تلك الجلسة ، وقد رواها البخاري في الأوجه الثلاثة ، فمرة ذكر هذه الجلسة الخفيفة ، ومرة سكت عنها ، ومرة ذكر ما يدل على أنه تركها . ومثله أيضاً حديث رفاعة بن رافع في قصة المسىء صلاته ، وقد اختلف أهل العلم كثيراً – فقال بعضهم سنة أن تجلس هذه الجلسة الخفيفة ، وقال بعضهم مكروه ، وقال بعضهم يفعلها للحاجة ، والأوْلى والأقرب – والله أعلم – أن يفعلها تارة ويتركها تارة جمعاً بين النصوص ، وهذا ما كان يفعله الإمام أحمد كما في كتاب (( مسائل الإمام أحمد لابن هانىء) فإنه قال كان يفعلهما مرة ويتركها ، وفي ذلك جمعٌ بين الأقوال . ولو حافظ الإنسان على هذه الجلسة لم يكن عليه في ذلك من حرج أو بأس إذا اعتقد سُنيتها ، لأن أمامه أدله قوية وأمامه علماء جهابذه عظام قالوا بمشروعية هذه الجلسة في كل حال وعلى الإطلاق . -11- التشهد الأول والجلوس له وهو واجب وقال أكثر أهل العلم هو سنة ويقرأ في هذا التشهد بالتحيات . وإن صلّى على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا التشهد أحياناً فحسن لثبوته عن بعض الصحابة ، هذا بالنسبة للتشهد الأول . · أما التشهد الأخير فهو ركن ولا بد فيه من الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويدعوا في التشهد الأخير بما أحب من خيري الدنيا والآخرة ، ومن الأدعية الواردة – كما في الصحيحين – (( أعوذ بالله من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح والدجال )) بل قال بعض أهل العلم هذا الدعاء واجب ، وأمر طاووس ابنه لما ترك هذا الدعاء أن يعيد صلاته ، ومن الدعاء الوارد ((اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرةً من عندك ، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم )) ومنه أيضاً (( اللهم أعني على ذكرك وشكرك ، ، وحسن عبادتك )) ومنه (( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أسرفت ، أنت المقدم وأنت المؤخر ، لا إله إلا أنت ..)) إلى غير ذلك من الأدعية . -12- أما الجلسات في الصلاة فهي نوعان :- النوع الأول - : الإفتراش:- وهو أن يقعد على رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى وهذا يكون في القعدة بين السجدتين ، ويكون في التشهد الأول أيضاً ، ويكون أيضاً في التشهد الأخير في الصلاة النوع الثاني :- التورُّك :- ويُقصد به أن يُفضي الإنسان بمقعدته إلى الأرض ويجعل قدميه عن يمينه ، فينصب اليمنى ويجعل اليسرى مفروشة تحتها ، أو يجعل اليسرى بين فخذه وساقه أو غير ذلك . وهذه القعدة (( التورك )) إنما تفعل في التشهد الأخير في الصلاة التي يكون فيها تشهدان كصلاة المغرب أو العشاء أو الظهر أو العصر . وقيل بل يفترش في كل تشهد . وقيل بل يتورك في كل تشهد . والاعتدال أنه يتورك في التشهد الأخير من الصلاة الثلاثية والرباعية ويفترش في التشهد الأول في الصلاة الثلاثية والرباعية وكذلك في الصلاة التي ليس فيها إلا تشهد واحد . -13- هناك صفات متنوعة في بعض الأعمال في الصلاة :- مثل الاستفتاح : فينبغي أن ينوع العبد ، فمرة يستفتح بدعاء ومرة بدعاء آخر ، حتى لا يكون ذلك على سبيل العادة ، ويقرأه دون أن يتدبره أو يتأمله أو ينتبه إليه . ومثله أيضاً أدعية الركوع والسجود ، ومثله أنواع التشهدات الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم كتشهد ابن مسعود : - (( التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لاإله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله )) أو تشهد ابن عباس : - (( التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله )) أو تشهد عائشة أو تشهد عمر أو تشهد أبي موسى أو عيرهما . ومثله أيضاً الجهر بالبسملة أو الإسرار بها ، فقد جاء في بعض الأحاديث وهي صحيحة ومذهب كثير من أهل العلم أنه يجهر بالبسملة – يعني الإمام – في الصلاة الجهرية من سورة الفاتحة ، وقال آخرون بل يُسرُّ بها ، والأقرب كما رجحه الإمام ابن القيم وغيره – أن الغالب أنه يُسرُّ بها ولكنه يجهر بها أحياناً كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم . ومثله أيضاً التسليم فقد سلّم النبي صلى الله عليه وسلم مرة فقال :- } السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته { ومرة أخرى قال } السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، السلام عليكم ورحمة الله { . والغالب أنه كان يقول } السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله { . وربما قال }السلام عليكم ، السلام عليكم { وكل ذلك جائز ويتم به الانصراف من الصلاة وأكثر ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم } السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله { . ومما ينبغي أن يُعلم أن الواجب هو التسليمة الأولى فقط ، أما التسليمة الثانية فهي سنة نقل ابن المنذر إجماع العلماء على عدم وجوبها . -14- هل يشرع للإنسان أن يسبّح الله تعالى ويسأله ويستعيذ إذا سمع من الإمام آيات فيها سؤال أو استعاذة أو تسبيح ؟ يعني : - هل يشرع له أن يقول (( سبحانك )) إذا جاء ذكر الله تعالى أو يسأل الله الجنة إذا جاء ذكر الجنة ، أو يستعيذ من النار إذا جاء ذكر النار ؟ ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في صلاة الليل كما في حديث حذيفة أنه صلى الله عليه وسلم قرأ البقرة والنساء وآل عمران ، لا يمر بآية فيها تسبيح إلا سبّح ، ولا تعوذ إلا إستعاذ ، ولا سؤال إلا سأل )) . ومثله حديث عوف بن الأشجعي ، كما روى موسى بن أبي عائشة قال (( كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فوق سطح بيته فكان إذا قرأ قول الله تعالى :- (( أليس ذلك بقادرٍ على أن يحيي الموتى )) قال سبحانك فبلى ، سبحانك فبلى فسأله : فقال سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم )) والحديث رواه أبو داود وسنده جيد وفي المسألة أقوال ، قيل يكره ذلك مطلقاً في الفريضة والنافلة ، وقيل هو مشروع مطلقاً ، والاعتدال أن ذلك مشروع في النافلة لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو جائز في الفريضة أيضاً فلا دليل على منعه ، والأصل أن ما جاز في النفل جاز في الفرض إلا أن يدل الدليل على غير ذلك ، وقد ثبت عن بعض الصحابة أنهم كانوا يسبحون الله تعالى ، ويسألونه ويستعيذون به في الفريضة . -15- الأدعية والأذكار في أدبار الصلوات المكتوبات : كان صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته قال قبل أن يلتفت إلى الناس (( استغفر الله ، استغفر الله ، استغفر الله اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام )) ثم التفت إلى الناس ، وقال : (( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير )) ثلاث مرات ، وفي المغرب والفجر كان يقولها عشراً ، وكان يجهر بها صلى الله عليه وسلم ، إلى أدعية وأذكار أخرى كثيرة كان يقولها ، منها (( اللهم أعني على ذكرك ، وشكرك ، وحسن عبادتك )) (( اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد )) (( اللهم إني أعوذ بك من الجبن و .. )) إلى غير ذلك من الأدعية والأذكار ، وكذلك كان يقرأ آية الكرسي دبر كل صلاة وسورة الإخلاص (( قل هو الله أحد )) و (( قل أعوذ برب الفلق )) و (( قل أعوذ برب الناس )) دبر كل مكتوبة . وينبغي أن يُراعى في مسألة الجهر والإسرار أمور منها : ألا يكون الجهر شديداً بحيث يؤذي من حوله ومن وراء ة بل يجهر جهراً معتدلاً حتى تختلط الأصوات ، ويضيع بعضها في بعض ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في ما رواه أهل السنن – وسنده صحيح – كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض )) ففي المسجد ذاكرون وفيه من يقضي الصلاة ، وفيه أناس .. فينبغي أن يجهر الإنسان بقدر ما يسمعه من حوله ، ويكون للجهر دوي لا يتميز ، فلا يؤذي بذلك أحد ويكون فيه تعليم للجاهل , ورفع للذكر ، وطرد للشيطان ، واتباع لسنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . رابعاً : - آداب ومناقب : - -1- المصلي يجب أن يكون قدوة في عمله وقوله وسلوكه ، أولئك المترددون على المساجد رمز للهداية، ورمز للتقوى ، ورمز للدين والطاعة ، فينبغي أن يكون من تعظيمهم لقدر الصلاة أن يحرصوا على أن يكونوا قدوة في أعمالهم وأقوالهم لئلا يؤخذ عليهم شيء . -2- ينبغي احترام المساجد بتنظيفها وتطييبها وتطهيرها وحفظها وصيانتها ، قال الله عز وجل (( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه )) وحماية المساجد من كل ما يتنافى مع العبادة مثل البيع والشراء فقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، بل أمر أن يقال لمن يبيع ويشتري (( لا أربح الله تجارتك )) ومثله الشعر ، تناشد الأشعار ، يعني أن يتحول المسجد كأنه منتدى أدبي ، أو أمسية شعرية للقيل والقال والأشعار والرد ، أما قراءة الأبيات المناسبة فهذا لا بأس به ، ومثله أيضاً رفع الأصوات في المساجد والجدل العقيم ومثله وضع الصور والرسومات الملفتة في المساجد ، خاصة في جهة القبلة فإنها تشغل المصلي ، وربما أخذت شيئاً من وقته ولهذا إذا كان في قبلة المصلي ما يشغل بصره ، أو في جهة نظره في موضع سجوده ، فإنه لا بأس حينئذٍ لهذا العارض الطارئ - أن يغمض عينيه إذا كان يحتاج إلى ذلك ، وإلا فالأصل أن لا يغمض عينيه في الصلاة ولم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يغمض عينيه في الصلاة . -3- ينبغي على المتردد على المسجد أن يحترم إخوانه من المصلين ،و يحسن معاملتهم ، والهشاشة والبشاشة في وجوههم والبسمة لهم ، والسؤال عن أحوالهم ، وتجنب ما يحرجهم أو يعنتهم أو يشق عليهم ، فقد كان هذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم (( عزيز عليه ما عنتم ، حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم )) ومن ذلك أيضاً تجنب أن يطيل الإنسان الصلاة أو القراءة طولاً يشق على من وراءه ، وقد عاتب النبي صلى الله عليه وسلم معاذا وقال له : - (( أفتّان أنت يا معاذ ؟ )) وخاصة في صلاة الفريضة لأنها واجبة على الجميع ، أما النافلة – كما هي الحال في التراويح والقيام في رمضان – فالأمر أوسع لأن النافلة بإمكان الذي يشق عليه ذلك كالكبير ، والمريض ، وغيرهم أن يقعد ، وبإمكانه أن يصلي ما كتب الله له ثم يدع ما لا يطيق . ومثله أيضاً مراعاة المصلين في أسلوب الوعظ والحديث بحيث يتلطف معهم ، ويحرص على التسلل إلى قلوبهم بالكلمة الهادئة الهادفة. خامسا: - تحذيرات نبوية : - التحذير الأول :- ترك الصلاة :- ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر )) و (( وبين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة )) . وقد اختلف أهل العلم في ذلك فذهب بعضهم إلى أن من ترك الصلاة كفر كفراً أكبر مخرج من الملة ، وقال بعضهم هو كفر أصغر . والأقرب ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيميه وغيره ونسبه إلى جماعة من العلماء ، أن تارك الصلاة إن تركها بالكلية لا يصلي ليلاً ولا نهاراً ، لا مع الجماعة ولا في بيته ، لا في رمضان ولا في غيره ، لا جمعة ولا جماعة ، فهو كافر . أما إن كان يصلي ويترك ويصلي أحياناً وينشغل عنها فهذا على خطرٍ عظيم ، وقد أتى باباً من أبواب الكبائر ، ويخشى أن يختم له بسوء وقد يجره ذلك إلى ما هو اعظم منه ، لكن لا يحكم عليه بالردة والخروج من الإسلام . التحذير الثاني :- ترك الجماعة -:فإن الجماعة واجبة ، أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم وقال :- (( أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيها لأتوهما ولو حبواً )) وقال صلى الله عليه وسلم :- (( صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفرد بسبعٍ – وفي رواية – بخمسٍ وعشرين درجة )) إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أنه يلزم الإنسان أن يصلي مع الجماعة إذا كان صحيحاً مقيماً معافى . التحذير الثالث : - التساهل في الطهور :- فإنه على خطرٍ عظيم ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحسن الإنسان وضوءه لصلاته . التحذير الرابع :- عدم متابعة الإمام :- بحيث يسابقه الإنسان ، يركع قبله أو يسجد قبله أو يوافقه أحياناً فيركع معه أو يسجد معه مع العلم أنه لن يسلم إلا بعد سلام الإمام ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المسابقة وحذر منها أشد التحذير وفي حديث البراء بن عازب في الصحيح قال :- (( كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فإذا كنا وراءه لم يحني أحد منا ظهره حتى تقع جبهته صلى الله عليه وسلم على الأرض ، ثم يخر أحدنا بعد ذلك ساجداً )) فلا تنتقل إلى الركن إلا بعد أن يتم انتقال الإمام إليه . وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسل قال كا في حديث أنس :- ((أيها الناس إنما أنا إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف فإني أراكم أمامي ومن خلفي )). وفي حديث أبي هريرة أيضاً وهو في الصحيح :- ((أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار " وهذا من التشديد والوعيد على من فعل ذلك التحذير الخامس :- رفع البصر إلى السماء : - خاصة حال الدعاء ، وفي جميع الصلوات فإنه محرم ، وفي حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :- (( .. لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم إلى السماء أولا ترجع إليهم أبصارهم )) . التحذير السادس :- مسح الحصى والأرض والتراب باليد :- وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : - (( إن كنت ولا بد فاعلاً فواحدة )) وقال :- (( واحدة أو دعه )) ** اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، وصلنا ولا تقطعنا ، وجْد علينا بكريم نوالك ، وتتابع إفضالك . اللهم خذ بأيدينا إلى ما تحب وترضى . اللهم زكِّ أقوالنا وأعمالنا وعقولنا وقلوبنا واهدنا ويسّر الهدى لنا ، اللهم لو عذبتنا لفعلت وأنت غير ظالمٍ لنا ، ولو رحمتنا كانت رحمتك خير من أعمالنا . فيا من لا يعاجل بالعقوبة ألهمنا حسن التوبة إليك ، وعظيم الزلفى لديك ، وجميل التوكل عليك ، نحن بك وإليك ، تباركت وتعاليت ، اللهم إننا نناجيك بقلوب أرهقتها الذنوب ، وندعوك وقد علمت ما فرط منا مما وسعه حلمك ، وستره عفوك ، وغمره برك ، فيا أهل المغفرة اغفر لنا .. ويا أهل التقوى استعملنا في طاعتك ، ويا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك وسبحانك وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك… من شريط هكذا صلى الأنبياء لفضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة ............................... المحاضرة الثالثة طريقنا الى القلوب للشيخ ابراهيم الدويش اذا اردت المحاضرة اضغط هنا او حفظ باسم او من المرفقات حفظ المحاضرة باسم اضغط هنا على الرابط:https://vb.arabseyes.com/t55252.html |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|