سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وصحبه الكرام سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وصحبه الكرام |
!~ آخـر 10 مواضيع ~!
|
|
إضغط على
او
لمشاركة اصدقائك! |
|
أدوات الموضوع |
5.00 من 5
عدد المصوتين: 1
|
انواع عرض الموضوع |
01-24-2010, 11:20 AM | رقم المشاركة : 11 |
شكراً: 109
تم شكره 212 مرة في 103 مشاركة
|
أمره ونهيه في الطهارة والاستنجاء <من سلسلة الرسول يأمر وينهى>
أمره ونهيه في الطهارة والاستنجاء <من سلسلة الرسول يأمر وينهى> يظن البعض أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما بعث لتعليم الناس شؤون الدين دون التعرض للدنيا وهذا محض خطا تنبئ الشريعة عنه ، فقد تدخلت الشريعة في كل صغيرة وكبيرة والكتاب والسنة برنامج حياة كاملة للناس ، وكتاب سياسة وحكم واجتماع وتاريخ وأدب ، بل تدخل الشارع الحكيم حتى في خصوصية الإنسان توجيها وتأديبا كما في حديث قضاء الحاجة … فعن سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ قال : قال لي المشركون : إنا نرى صاحبكم يعلمكم كل شيء حتى يعلمكم الخراءة ، فقال : جل إنه نهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه أو يستقبل القبلة ، ونهى عن الروث [1] والعظام ، وقال : (( لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار ))[2] أخرجه مسلم . فالرسول عليه الصلاة والسلام دعوته شاملة لكل حياة البشر . [1] - الروث : جميع ذوات الحوافر والروثة أخص منه ، وقد راثت تروث رواثا . اهـ . من النهاية لغريب الحديث لابن الأثير (2/271 ) . [2] - أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الطهارة ( 1/224/ح262 ) وسنن أبي داود في الطهارة ( 1/17-18/ح7 ) وسنن الترمذي ( 1/24/ح16 ) ، وسنن النسائي ( 1/38-39 ) وسنن ابن ماجه ( 1/115/ح316 ) جميعهم في الطهارة ، وأحمد ( 5/437 ) ، والطبراني في الكبير ( 6/286/ح6079 ) ابن خزيمة في الاستئجار ( 1/44/ح81
|
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ o.b.r على المشاركة المفيدة: |
01-24-2010, 11:30 AM | رقم المشاركة : 12 |
شكراً: 109
تم شكره 212 مرة في 103 مشاركة
|
أمره ونهيه صلى الله عليه وسلم في اللباس والزينة <من سلسلة الرسول يأمر وينهى>
أمره ونهيه صلى الله عليه وسلم في اللباس والزينة <من سلسلة الرسول يأمر وينهى> 1-ستر العورة : فعن المسور بن مخرمة ـ رضي الله عنه ـ قال : أقبلت بحجر أحمله ثقيلا ، وعلى إزار خفيف قال : فانحل إزاري ومعي الحجر ولم أستطع أن أضعه حتى بلغت به إلى موضعه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ارجع إلى ثوبك فخذه ، ولا تمشوا عراة ))[1] . وعن جرهد [2] رضي الله عنه ـ أنه قال : جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا وفخذي منكشفة فقال : (( أما علمت أن الفخذ عورة )) [3]. وعن يعلى ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يغتسل من البراز بلا إزار ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال صلى الله عليه وسلم : (( إن الله عز وجل ستّير يحب الحياء والستر ، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر ))[4]. وهذا دليل للمحتسب إذا سار في الأسواق أو مرّ بالحمامات أو دخل مسجدا من المساجد فوجد رجلا قد كشف عن عورته أو امرأة كشفت عن حجابها أن ينهاهم عن ذلك ويأمرهم بستر عوراتهم ، وأما كشف الفخذ في زماننا فلا أعتقد أنه أصبح عورة فقد صار الرجال يلعبون كرة القدم وغيرها كل منهم قد لبس السروال القصير لا يستر إلا قبله ودبره ، وقد أظهر أفخاذه وهذا مما ينبغي التنبيه عليه . أما حكم الفخذ فقد ذهب جمهور العلماء من الحنفية [5] والمالكية [6] والشافعية [7] والحنابلة[8] إلى أنها عورة دون خلاف في ذلك إلا رواية عن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في أن العورة القبل والدبر ، ورواية كقول الجمهور وهي التي رجحها ابن قدامة في المغني . 2 ـ اللباس والزينة : هناك بعض الألبسة منع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة من لبسها حتى لا يقعوا في التكبر أو التشبه بالنساء ، أو يكون ثوبه متسخا فيؤذي منظره ، ورائحته للمسلمين فيبين عليه الصلاة والسلام له بلطف إذا كان الأمر لا يحتاج إلى غلظة ، وقد يغلظ عليه إذا دعى الأمر ذلك . روي عن مسلم عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إزاري استرخاء فقال : يا عبد الله ارفع إزارك فرفعته، ثم قال : زد فزدت فما زلت أتحراها بعد فقال بعض القوم إلى أين ؟ فقال : أنصاف الساقين [9]. وفي البخاري : (( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة )) [10]متفق عليه . وروى أحمد عن الشريد ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم تبع رجلا من ثقيف حتى هرول في أثره حتى أخذ ثوبه فقال : (( ارفع إزارك )) قال : فكف الرجل عن ركبته ، فقال : يا رسول الله إني أحنف ، وتصطك [11] ركبتاي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كل خلق الله عز وجل حسن )) قال : ولم ير ذلك الرجل إلا وإزاره إلى أنصاف ساقيه حتى مات [12] . فانظر كيف كلمه النبي صلى الله عليه وسلم إذ وعظه ثم أمره برفع إزاره إلى أنصاف ساقيه ، وبلغ من اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم أنه هرول خلفه ليشعره بعظم فعله وحرصه على تنبيهه لخطئه . وعن أبي ثعلبة الخشني ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في يده خاتما من ذهب فجل يقرع يده بعود معه فغفل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فأخذ الخاتم فرمى به فنظر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يره في أصبعه فقال : (( ما أرانا إلا قد أوجعناك[13] وأغرمناك )) أخرجه أحمد . وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال : (( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده ))؟ فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ خاتمك انتفع به ، قال : لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم )) [14] أخرجه مسلم . قال النووي ـ رحمه الله ـ في حكم الذهب : (( وأما خاتم الذهب فهو حرام على الرجال بالإجماع ، وكذا لو كان بعضه 1ذهبا وبعضه فضة حتى قال أصحابنا لو كانت من الخاتم ذهبا أو كان مموها بذهب يسير فهو حرام لعموم الحديث الآخر في الحرير والذهب .. [15] . وقال في تعليقه على حديث ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في قوله : (( فنزعه فطرحه )) : فيه إزالة المنكر باليد لمن قدر عليه [16] . وقال أيضا : ففيه تصريح بأن النهي عن خاتم الذهب للتحريم كما سبق ، وأما قول صاحب هذا الخاتم حين قالوا له خذه لا آخذه وقد طرحه صلى الله عليه وسلم فيه المبالغة في امتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتناب نهيه وعدم التراخي فيه بالتأويلات الضعيفة [17]. اهـ . وعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : (( أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرا في منزلنا فرأى رجلا شعثا فقال : أما كان يجد هذا ما يسكن به رأسه ؟ )) ورأى رجلا عليه ثياب وسخة فقال : أما كان يجد هذا ما يغسل به ثيابه ))[18] . أخرجه أحمد والحاكم وأبو داود . وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيا قد حلق بعض شعره وترك بعضه فنهاهم عن ذلك وقال : (( احلقوه كله أو اتركوه كله )) أخرجه أبو داود [19]. [1] - أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الحيض ( 1/268/ح341 ) ، وسنن أبي داود في الحمام ( 4/304/ح4016 ) ، والسنن الكبرى للبيهقي في الصلوات ( 2/225 ) . [2] - جرهد بن رزاح بكسر الراء بعدها زاي ، وآخره مهملة ، الأسلمي ، مدني له صحبة وكان من أهل الصفة ، ما سنة 61 هـ . تقريب التهذيب لابن حجر ( 126-127/50 ) . [3] - أخرجه أبو داود في سننه كتاب الحمام ( 4/303/ح4014 ) وسنن الترمذي في الأدب ( 5/110-111/ح3795،2797 ) ، وأحمد ( 3/478-479 ) ، (5/290 ) عن ممر قال البخاري ـ رحمه الله ( 1/478 ) ، باب ما يذكر في الفخذ يروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( الفخذ عورة )) ، والطحاوي في شرح معاني الآثار في الصلاة ( 1/475 ) ، ومشكل الآثار ( 2/285 ) ، والطبراني في الشرك الكبير ( 2/303/ح2138 ) ، ومجمع الزوائد ( 2/52 ) . [4] - أخرجه أبو داود في سننه كتاب الحمام ( 4/302/ح4012 ) ، وسنن النسائي في الغسل ( 1/200 ) ، وأحمد ( 4/224 ) ، وقال الشوكاني في نيل الأوطار ( 1/296 ) ، رجال إسناده رجال الصحيح ، قد أخرج البزار نحوه من حديث ابن عباس . [5] - فتح القدير لابن الهمام ( 1/256-257 ) . [6]- الشرح الصغير ( 1/393 ) . [7] - المجموع للنووي ( 3/157-161 ) . [8]- المغني لابن قدامة ( 1/413 ) . [9]- أخرجه مسلم في صحيحه كتاب اللباس ( 3/1653/ح2086 ) . [10]- أخرجه البخاري في صحيحه فتح الباري كتاب اللباس ( 10/254/ح5784 ) وسنن أبي داود ( 4/345-346/ح4085 ) ، وسنن الترمذي ( 4/223/ح1730،1731 ) ، وقال : حسن صحيح وسنن ابن ماجه ( 2/1181/ح3569 ) ، وأحمد ( 2/10 ) ، وأبو عوانة ( 5/482 ) ، وابن شيبة ( 8/199/ح4859 ) . [11]- تصطك : ورجل أصك ومصك : مضطرب الركبتين والعقوبين . اهـ ترتيب القاموس المحيط للظاهر الزاوي ( 2/838 ). [12]- أخرجه أحمد ( 4/390 ) ، والطبراني في الكبير ( 7/377-378/ح7740 ) ، والطحاوي في مشكل الآثار ( 2/287 ) ، والحميدي ( 2/354/ح810 ) ، ومجمع الزوائد ( 5/124 ) ، وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح . اهـ . وفي التاريخ الكبير للبخاري ( 3/461/1532 ) عن سعيد الثقفي . [13] - أخرجه أحمد ( 4/195 ) ، وابن سعد في الطبقات ( 7/416 ) وسنن النسائي في الزينة ( 8/171 ) ، والطبراني في الكبير ( 22/216-217/ح578،579 ) ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان ( 1/200 ) . [14]- أخرجه مسلم في صحيحه كتاب اللباس (3/1655/ح2090 ) ، وأبو عوانة في اللباس ( 5/484-485 ) ، وابن حبان في صحيحه ( 1/176/ح15 ) بتحقيق الأرنؤوط . [15] - شرح صحيح مسلم للنووي ( 14/32 ) . [16]- المصدر السابق ( 14/65 ) . [17]- المصدر السابق ( 14/65 ) . [18]- أخرجه أبو داود في سننه كتاب اللباس ( 4/332-333/ح4062 ) وسنن النسائي في الزينة ( 8/183-184 ) ، وأحمد (3/357) والحاكم في اللباس ( 4/185-186 ) ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي . [19] - أخرجه أبو داود في سننه كتاب الترجل ( 4/411/ح4195 ) ، وسنن النسائي في الزينة ( 8/130 ) ، وأحمد ( 2/88 ) بمثله وابن أبي شيبة ( 8/313/5325 ) بنحوه وصحح إسناده أحمد شاكر في المسند ( 8/18/ح5615 ) بتحقيقه .
|
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ o.b.r على المشاركة المفيدة: |
01-24-2010, 11:34 AM | رقم المشاركة : 13 |
شكراً: 109
تم شكره 212 مرة في 103 مشاركة
|
أمره ونهيه صلى الله عليه وسلم على المتشبهين<من سلسلة الرسول يأمر وينهى>
أمره ونهيه صلى الله عليه وسلم على المتشبهين<من سلسلة الرسول يأمر وينهى>
تشبه الرجال بالنساء أو العكس إما ناتج عن غلبة للهرمونات الذكرية على الهرمونات الأنثوية في الأنثى فتميل إلى الذكورية في تصرفاتها ، أو غلبة للهرمونات الأنثوية على الذكرية في الذكور فيميل للأنوثة في تصرفاته ، وهذا لا مؤاخذة عليه إذا كانت الطبيعة السجية الخلقية ولكن المؤاخذة عليه هو تعمد التشبه من أحد الجنسين باللآخر في اللباس أو المحاكاة أو المشي أو غيره مما كثر في هذا الزمان حتى يكاد ـ والعياذ بالله ـ أن يكون أمرا مألوفا ، وقد وجدت هذه الظاهرة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه عليه الصلاة والسلام كان ينكر على من يفعلها ويعرض عنه حتى يزول عنه أثرها . فعن عمار بن ياسر ـ رضي الله عنه ـ قال : قدمت على أهلي ليلا وقد تشققت يداي فخلقوني[1]بزعفران ، فغدوت على النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه ، فلم يرد علي ولم يرحب بي وقال : (( اذهب فغسل هذا عنك )) فذهب فغسلته ثم جئت وقد بقي علي منه ردع [2] ، فسلمت فلم يرد علي ، ولم يرحب بي ، وقال : (( اذهب فاغسل هذا عنك ، فذهبت فغسلته ، ثم جئت فسلمت عليه ، فرد ورحب بي وقال : (( إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر بخير ولا المتضمخ[3] بالزعفران ولا الجنب )) . أخرجه أبو داود . وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين [4] من الرجال ، والمترجلات من النساء ، وقال ك (( أخرجوهم من بيوتكم )) قال : فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلانا ، وأخرج عمر رضي الله عنه فلانة[5] . قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في تعليقه على حديث ابن عباس : ( وفي هذه الأحاديث مشروعية إخراج كل من يحصل به التأذي للناس عن مكانه إلى أن يرجع عن ذلك أو يتوب ) [6] . وبوب البخاري رحمه الله على هذا الحديث فقال : ( باب نفي أهل المعاصي والمخنثين )[7] . اهـ . [1] - الخلوق : الخلوق هو طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره . النهاية ( 2/71 ) . [2] - الردع : لطخ من بقية لون الزعفران . معالم السنن للخطابي ( 6/91 ) . [3] - المتضمخ : قال الخطابي المتلطخ به ( 67/91 ) من معالم السنن أخرجه أبو داود في سننه كتاب الترجل ( 4/402-403/ح4176 ) والبيهقي ( 5/36 ) . وللحديث شاهد عن عدد من الصحابة ، فعن ابن عباس قال المنذري في الترغيب والترهيب (1/91) : عن البزار بإسناد صحيح وعن عبد الرحمن بن سمرة قال الهيثمي في مجمع الزوائد ( 5/156 ) . [4] - المخنثين : قال ابن منظور وخنث الرجل خنثا فهو خنث ، وتخنث وانخنث : تثنى وتكسر ، والأنثى خنثة ، وخنثت الشيء فتخنث أي عطفته فتعطف والمخنث من ذلك للينه وتكسره . اهـ اللسان ( 2/1272 ) . [5] - أخرجه البخاري في صحيحه فتح الباري كتاب اللباس ( 10/333/ح5886 ) والحدود ( 12/159/ح6834 ) ، وسنن الترمذي في الاستئذان والأدب ( 5/105،106/2784-2785 ) وقال حسن صحيح ، وأحمد ( 3/305/1982 ) بتحقيق أحمد شاكر ، والدارمي في الاستئذان ( 2/192/2652 ) والطبراني في الكبير ( 11/252/ح11647 ) . [6] - فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر ( 10/334 ) .
|
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ o.b.r على المشاركة المفيدة: |
01-24-2010, 11:38 AM | رقم المشاركة : 14 |
شكراً: 109
تم شكره 212 مرة في 103 مشاركة
|
أمره ونهيه صلى الله عليه وسلم في أدب الاستئذان <من سلسلة الرسول يأمر وينهى>
أمره ونهيه صلى الله عليه وسلم في أدب الاستئذان <من سلسلة الرسول يأمر وينهى> كان عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه كيف يستأذنون ، فإذا زار أحدهم أخاه يلقي التحية ويذكر اسمه ولا يقف أمام الباب فيطلع على عورات أهل البيت بل يبتعد يمينا أو شمالا ، وكان إذا رأى أحدا خالف شيئا من ذلك ربما زجره زجرا عنيفا حتى يكاد يؤذي عضوا من أعضائه إذا كان يستحق هذه العقوبة . وإذا كانت المخالفة لا تستحق مثل ذلك كان يبين له خطأه ويوضح له الصواب كما في التحية . فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ـ قال : (( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في دين كان على أبي ، فدققت الباب ، فقال : من ذا ؟ فقلت : أنا ، فقال : أنا أنا ، كأنه كرهها ))[1] متفق عليه واللفظ للبخاري وعند مسلم : (( فخرج وهو يقول أنا ، أنا )) . وعلق الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ على هذا الحديث فقال : ( وذكر ابن الجوزي : أن السبب في كراهية قول ، أنا ، أن فيها نوعا من الكبر ، كأن قائلها يقول : أنا الذي لا أحتاج أن أذكر اسمي ولا نسبي [2] . وقال النووي ـ رحمه الله ـ : ( ولأنه لم يحصل بقوله أنا فائدة ولا زيادة بل الإبهام بل ينبغي أن يقول فلان باسمه ، وإن قال : ( أنا فلان ) فلا بأس كما قالت أم هانئ )[3] اهـ .
وعن أبي جري جابر بن سليم ـ رضي الله عنه ـ قال : رأيت رجلا يصدر الناس عن رأيه لا يقول شيئا إلا صدروا عنه ، قلت : من هذا ؟ قالوا : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : عليك السلام يا رسول الله مرتين قال : (( لا تقل عليك فإن عليك السلام تحية الميت قل السلام عليك )) [4] أخرجه أبو داود وصححه الألباني (4084)
|
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ o.b.r على المشاركة المفيدة: |
01-24-2010, 12:15 PM | رقم المشاركة : 15 |
شكراً: 109
تم شكره 212 مرة في 103 مشاركة
|
أمره ونهيه صلى الله عليه وسلم في المجالس <من سلسلة االرسول يأمر وينهى>
أمره ونهيه صلى الله عليه وسلم في المجالس <من سلسلة االرسول يأمر وينهى>
المجالس مجمع الناس ومختلطهم فيقع منهم أشياء ربما توافق الشرع وربما تخالفه ، فكان عليه السلام إذا رأى شيئا من ذلك نبّه عليه ، حتى تكون مجالسهم بعيدة عن المنكرات والآداب السيئة ، وحتى تغمرهم الفضيلة والمحبة وهذا واجب المسلم إذا حضر مجالس العامة أن ينكر عليهم بعض ما يقعون فيه نم منكرات ومخالفات وينصحهم ويرشدهم إلى الخير . فعن الثريد بن سويد رضي الله عنه قال : (( مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالس هكذا ، وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على آلية [1] يدي فقال : (( أتقعد قعدة المغضوب عليهم ))[2]. وعن جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (( مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس ؟ اسكنوا في الصلاة )) . قال ثم خرج فرآنا حلقا . فقال : (( مالي أراكم عزين ))[3] . أخرجه مسلم [4]. قال النووي ـ رحمه الله ـ : (( معناه النهي عن التفرق والأمر بالاجتماع ))[5] . وعن أبي ثعلبة الخشني ت رضي الله عنه ـ قال ك (( كان الناس إذا نزلوا منزلا تفرقوا في الشعاب والأودية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان )) فلم ينزل بعد ذلك منزلة إلا انضم بعضهم إلى بعض حتى يقال : لو بسط عليهم ثوب لعمهم [6] . أخرجه أبو داود . وعن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال : تجشأ[7] رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( كف جشأك عنا فإن أطولكم جوعا يوم القيامة أكثركم شبعا في دار الدنيا ))[8] أخرجه ابن ماجه واللفظ له . وقد يشوب بعض هذه المجالس الكذب من أحاديث أو قصص أو طلب كاذب ليمزحوا به ، وقد اعتبره النبي صلى الله عليه وسلم كذباً . فعن أسماء بنت يزيد بن السكن في حديث زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة ـ رضي الله عنها ـ بعد أن شرب من اللبن : ثم قال لنسوة عندي ناوليهن ، فقلن : لا نشتهيه ، فقال الني صلى الله عليه وسلم : (( لا تجمعن جوعاً وكذباً فهل أنت منتهية أن تقولي لا أشتهيه )) فقلت : أي أمة لا أعود أبداً )) . أخرجه أحمد [9] . وعن عبد الله بن زمعة ـ رضي الله عنه ـ قال : (( ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة ، وقال : لم يضحك أحدكم مما يفعل ))[10] متفق عليه واللفظ للبخاري . وللأكل آداب وأخلاق يجب قبل الأكل فعلها كالبسملة والأكل باليمين وعدم التخبط في الأكل والخوض في الطعام . وكل هذه الآداب كان ـ عليه السلام ـ يرشد أمته إليها ويؤدبهم بها ، لأن الجاهلية لم تعلمهم مثلها . فعن أبي جحيفة ـ رضي الله عنه ـ قال ك (( كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال لرجل عنده : (( لا آكل وأنا متكيء )) [11] . أخرجه البخاري . وعن سلمة بن الأكوع : أن رجلا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال : (( كل بيمينك )) قال : لا أستطيع . قال : (( لا استطعت ما منعه إلا الكبر . قال : فما رفعها إلى فيه ))[12] . وعن عمر بن أبي سلمة قال : (( كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك )) ، فما زالت تلك طعمتي بعد [13] . متفق عليه واللفظ للبخاري . وعلق الخطابي ـ رحمه الله ـ على حديث أبي جحيفة فقال : يحسب أكثر العامة أن : المتكئ هو المائل المعتمد على أحد شقيه لا يعرفون غيره وكأن بعضهم يتأول هذا الكلام على مذهب الطب ، ودفع الضرر عن البدن ، إذ كان معلوما أن الآكل مائلا على أحد شقيه لا يكاد يسلم من ضغط يناله في حجاريي طعامه ، فلا يسيغه ولا يسهل نزوله معدته . ليس معنى الحديث ما ذهبوا غليه وإنما المتكئ هنا : هو المعتمد على الوطأ الذي تحته ، وكل من استوى قاعدا على وطأ : فهو متكئ . والاتكاء مأخوذ من الوكاء ، ووزنه الافتعال منه . فالمتكئ هو الذي أوكى مقعدته وشدها بالقعد على الوطأ الذي تحته ، والمعنى أني إذا أكلت لم أقعد متمكنا على الأوطية والوسائد فعل من يريد أن يستكثر من الأطعمة ويتوسع في الألوان ولكني آكل علقة ، وآخذ من الطعام بلغة فيكون قعودي مستوفزا له ))[14] اهـ [15] . قال النووي ـ رحمه الله ـ في استخلاصه للفائدة من حديث سلمة وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل حال حتى في حال الطعام [16] .اهـ . قال الحافظ في الفتح : وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى في حال الأكل وفيه استحباب تعليم أدب الأكل والشرب ، وفيه منقبة لعمر بن أبي سلمة لامتثاله الأمر ومواظبته على مقتضاه ))[17] . اهـ . [1] - الية : اللحمة في ضرة الإبهام . وحماة الساق . والمجاعة .والمشحمة . ترتيب القاموس لظاهر الزاوي ( 1/174 ) . [2] - أخرجه أبو داود في سننه كتاب الأدب ( 5/176-177/ح4848 ) والحاكم في الأدب ( مورد 1956 ) والبيهقي في الجمعة ( 3/236 ) . [3]- عزين : أي متفرقين جماعة جماعة وهو بتخفيف الزاي الواحدة عزة . اهـ . شرح صحيح مسلم للنووي (4/153 ) . [4] - أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الصلاة ( 1/322/ح430 ) وسنن أبي داود في الأدب ( 5/163/ح4823 ) وأحمد (5/93) والطبراني في الكبير ( 2/222/ح1823 ) . [5] - شرح صحيح مسلم للنووي ( 4/153 ) . >[6] - أخرجه أبو داود في سننه كتاب الجهاد ( 3/94-95/ح2618 ) ، وأحمد (4/193 ) وابن حبان في الجهاد ( موارد1664 ) والحاكم في الجهاد ( 2/115 ) وقال صحيح الإسناد ، ووافقه الذهبي . [7]- تجشأ : التجشؤ هو تنفس المعدة عند الامتلاء .اهـ . اللسان لابن منظور ( 1/525 ) . [8] - أخره ابن ماجه في سننه كتاب الأطعمة ( 2/1111/ح3350 ) وله شاهد من حديث ابن عمرو قال الهيثمي في مجمع الزوائد (5/31) رواه الطبراني ، وعن ابن عباس قال المنذري في الترغيب والترهيب ( 3/123 ) رواه الطبراني بإسناد حسن اهـ . وعن سلمان أخرجه ابن ماجه ( 2/1112/ح3351 ) . [9] - أخرجه أحمد ( 6/458 ) والحميدي ( 1/180-181 ) . [10]- أخرجه البخاري في صحيحه فتح الباري كتاب التفسير ( 8/705/ح4942 ) وصحيح مسلم في الجنة ( 4/2191/ح2855 ) ، وسنن الترمذي في التفسير ( 5/440-441/ح3343 ) . وقال : حسن صحيح . [11] - أخرجه البخاري في صحيحه فتح الباري كتاب الأطعمة ( 9/540/ح5399 ) وسنن أبي داود في الأطعمة ( 4/140-141/ح3769 ) ، وسنن الترمذي في الأطعمة ( 4/273/ح1830 ) وقال حسن صحيح وسنن ابن ماجه في الأطعمة (2/1086/ح3262 ) والشمائل للترمذي ( ح 14 ) . [12] - أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الأشربة ( 3/1599/ح2021 ) ، أحمد ( 4/45-46 ) وابن أبي شيبة في العقيقة (8/105/ح4497 ) والطبراني في الكبير ( 7/15/ح6235 ) . [13] - أخرجه البخاري في صحيحه فتح الباري كتاب الأطعمة ( 9/521/ح5376 ) وصحيح مسلم في الأشربة ( 3/1599-1600/ح2022 ) ، وسنن ابن ماجه في الأطعمة ( 2/1087/ح3265،3267 ) ، والبغوي في شرح السنة في الأطعمة (11/274-275/ح2823 ) ، والحميدي ( 1/259/ح570 ) ، والدارمي ( 2/21/ح2025 ) ، وأبو عوانة في الأطعمة ( 5/361-362 ) . [14] - مستوفزا واستوفز في قعدته انتصب فيها غير مطمئن أو وضع ركبتيه ورفع إليتيه ، أو استقل على رجليه ولما يستو قائما وقد تهيأ للوثوب . ترتيب القاموس . لطاهر الزاوي ( 4/637 ) . [15]- معالم السنن للخطابي ( 5/301-302 ) . [16]- شرح صحيح مسلم للنووي ( 13/192 ) . [17] - فتح الباري شرح صحيح البخاري ( 9/523 )
|
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ o.b.r على المشاركة المفيدة: |
01-24-2010, 12:25 PM | رقم المشاركة : 16 |
شكراً: 109
تم شكره 212 مرة في 103 مشاركة
|
أمره ونهيه صلى الله عليه وسلم على الناس في لهوهم <من سلسلة الرسول يأمر وينهى>
أمره ونهيه صلى الله عليه وسلم على الناس في لهوهم <من سلسلة الرسول يأمر وينهى>
لكل قوم أنواع من الملاهي ما يلهون بها ويفرحون بها من عناء اليوم وتعبه وكانت هناك بعض الملاهي التي كانت موجودة في أيام الصحابة من الجاهلية أقرها النبي صلى الله عليه وسلم لهم لما في ذلك من الفائدة الجسدية والبدنية لهم وغير ذلك من الفوائد . أما الملاهي التي رأى عليه الصلاة والسلام أن لا فائدة ولا طائل من وجودها بل ربما تعود على المسلم بالضرر المادي أو تضره من حيث مضيعة الوقت وترك بعض الفضائل فينهاهم عنها . عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يتبع حمامة فقال : (( شيطان يتبع شيطان )) [1] . قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ واللاعب بالحمام يطيرها لا شهادة له ، وهذا قول أصحاب الرأي [2] . وكان شريح لا يجيز شهادة صاحب حمام ولا حمام وذلك لأنه سفه ودناءة وقلة مروءة . ويتضمن أذى الجيران بطيره وإشرافه على دورهم ورميه إياهم بالحجارة [3] اهـ . [1]- أخرجه أبو داود في سننه كتاب الأدب ( 5/231/ح4940 ) وسنن ابن ماجه في الأدب ( 2/1238/ح3765 ) وذكر له شاهدا عن عدد من الصحابة كعائشة وعثمان وأنس ، قال محمد عبد الباقي وفي الزوائد عن حديث عائشة : إسناده صحيح . رجاله ثقات . [2] - فتح القدير لابن الهمام ( 7/409 ) . [3] - ابن قدامة في المغني ( 108/152 ) .
|
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ o.b.r على المشاركة المفيدة: |
01-24-2010, 12:30 PM | رقم المشاركة : 17 |
شكراً: 109
تم شكره 212 مرة في 103 مشاركة
|
أمره ونهيه صلى الله عليه وسلم على زائري القبور<من سلسلة الرسول يأمر وينهى>
أمره ونهيه صلى الله عليه وسلم على زائري القبور<من سلسلة الرسول يأمر وينهى> وكان عليه السلام يزور المقابر فربما وجد امرأة أو أمرا يخالف الشرع أو آداب زيارة القبر فينكر عليه ، وكذلك عندما يرى أحدا يصدر منه شيء يتنافى مع الشرع حين دفن قريب له فإنه ينبه إلى تجنب ذلك . فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : (( مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر فقال : اتقي الله واصبري . قال : إليك عني ، فإنك لم تصب بمصيبتي ، ولم تعرفه . فقيل لها : إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين . فقالت : لم أعرفك ، فقال : إنما الصبر عند الصدمة الأولى )) [1] متفق عليه . وفي هذا الحديث جواز إنكار المحتسب على المرأة إذا رأى منها ما يخالف الشرع ، ويعطها في ذلك ، ولهذا بوب البخاري على هذا الحديث فقال : ( باب قول الرجل للمرأة عند القبر اصبري ) [2] . اهـ . ونقل الحافظ في الفتح عن الزبن بن المنير قوله : وعبر بقوله الرجل ليوضح أن ذلك لا يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم وعبر بالقول دور الموعظة ونحوها لكون ذلك الأمر يقع على القدر المشترك من الوعظ وغيره ، واقتصر على ذكر الصبر دون التقوى لأنه المتيسر حينئذ المناسب لما هي فيه ، قال : وموضع الترجمة من الفقه جواز مخاطبة الرجال النساء في مثل ذلك بما هو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو موعظة أو تعزية أو ذلك لا يختص بعجوز دون شابة لما يترتب عليه من المصالح الدينية والله أعلم . [3]. اهـ . وقال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ : ومناسبة هذه الترجمة لمـا قبلها لجامع ما بينهما من مخاطبة الرجل المرأة بالموعظة لان في الأول جواز مخاطبتها بمـا يرغبها في الأجر إذا احتسبت مصيبتها ، وفي هذا مخاطبتها بمـا يرهبها من الإثم لمـا تضمنه الحديث من الإشارة إلى أن عدم الصبر ينافي التقوى<!--[4] . اهـ . وقال في موضع آخر : وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم ما كان في عليه الصلاة والسلام من التواضع والرفق بالجاهل ، ومسامحة المصاب وقبول اعتذاره ، وملازمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وفيه أن القاضي لا ينبغي له أن يتخذ من يحجبه عن حوائج الناس . وأن من أُمِرَ بمعروف ينبغي له أن يقبل ولو لم يعرف الآمر [5] . [1] - أخرجه البخاري في صحيحه فتح الباري كتاب الجنائز ( 3/148/ح1283 ، 1302 ) وصحيح مسلم في كذلك ( 2/637-638/926 ) وسنن أي داود فيه أيضا ( 3/491-492/ح3124 ) وسنن الترمذي فيه ( 3/304-305/ح987،988 ) وقال : حسن صحيح ، وسنن النسائي فيه أيضا ( 4/22 ) وسنن ابن ماجه فيه ( 1/509/ح1596 ) وأحمد ( 3/143 ) والبيهقي ( 4/65 ) في السنن الكبرى .
[2] - فتح الباري شرح صحيح البخاري ( 3/125 ) . [3] - المصدر السابق ( 3/125 ) . [4] - المصدر السابق ( 3/125 ) . [5] - فتح الباري شرح صحيح البخاري ( 3/150 ) .
|
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ o.b.r على المشاركة المفيدة: |
01-24-2010, 06:17 PM | رقم المشاركة : 18 |
شكراً: 109
تم شكره 212 مرة في 103 مشاركة
|
صفات الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر {من سلسلة الرسول يأمر وينهى}
صفات الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر {من سلسلة الرسول يأمر وينهى}
صفات الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم ـ كان يلقى معارضة وضجرا من البعض إلا أن الغالب هم الذين يقبلون منه نصحه ويتحولون من المنكر إلى المعروف ومن الخطأ إلى الصواب ولو تأملت الألفاظ المستخدمة والطريقة المتبعة والسلوك المطروق في أمره ونهيه صلى الله عليه وسلم للحظة سر القبول والتغير في حياة الناس والتخلي عن موروث وعادات وتقاليد تأصلت في نفوس الناس تخلوا عنها وقبلوا بالحق عن طيب نفس ولعل السر في ذلك هي الصفات العظيمة التي كان يتحلى بها النبي صلى الله عليه وسلم في سلوكه مع الناس وهي التي يجب أن يلحظها ويتحلى بها الدعاة والعلماء في أمرهم ونهيهم ودعوتهم ومن أهم هذه الصفات كما هو مستفاد من السيرة النبوية بإجمال العلم بما يأمر وينهى وحسن الرأي والدراية والتلطف مع الناس والابتعاد عن التجريح أو التشهير أو الإحراج أو الخشونة إلى غيرها مما سيأتي تفصيله بإذن الله تعالى . تفصيل هذه الصفات [1]: أولاً : العلــــــــــم : فلا بد في الآمر والناهي أو من يقول بعمل أو وظيفة الحسبة من أن يكون عالما بما يأمر وينهى حتى لا ينهى الناس عما أحل الله أو يحرف على الناس أمرا مباحا أو يسكت عن أمر محرم لذلك كانت أول شروط المحتسب العلم . وليست لفظ العلم مقتصرة على العلم بما يأمر وينهى وإنما يشمل مفهوم العلم ، العلم بطرق الدعوة وأساليب مخاطبة الجمهور فليس أفهام الناس ومزجتهم على حد سواء لذا وضع الله لنا القاعدة الأساسية والتي يكون منها المنطلق فقال سبحانه وتعالى : (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين )) [2] . فمن الناس من تكون الحكمة والمنطق السوي كاف في إقناعه وردعه عما هو فيه ، ومن الناس من ينكسر قلبه ويؤنبه ضميره ويعترف بخطئه بالموعظة الحسنة ، ومن الناس من لا يصلحه ولا يقوم مزاجه إلا الجدال غير أن المؤمن يجادل بالتي هي أحسن لأنه غير مطالب بإقناعهم بقدر ما هو مطالب ببذل السبب وتبليغ الخير لهم ، ولما كان للعلم منزلة عظيمة ومكانة بالغة في حياة المحتسب والداعية رغب الله فيه لهم وحثهم عليه بل ألزمهم بطلبه وذلك مأخوذ من قوله تعالى : (( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون )) [3] . يقول ابن عباس رضي الله عنه في تفسير هذه الآية : (( كان ينطلق من كل حي من العرب عصابة فيأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسألونه عما يريدون من أمر ديهم ويتفقهون فيب دينهم ويقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : ما تأمرنا أن نفعله وأخبرنا بما نأمر به عشائرنا إذا أقدمنا عليهم . قال : فيأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بطاعة الله وطاعة رسوله ويبعثهم إلى قوهم بالصلاة والزكاة وكانوا إذا أتوا قومهم .. يدعونهم إلى الإسلام وينذرونهم النار ويبشرونهم بالجنة ))[4] . ثانياً : العمل بما يعلم : والشرط الثاني لمن يقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو من يقوم بوظيفة الحسبة أن يكون عاملا بما يعلم مطبقا لما يقول ، تصدق أفعاله أقواله . وقد عاب الله على من اتصف بالضد أو النقيض فقال تعالى : (( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون )) [5] . كما ذم سبحانه وتعالى مَن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر وخالف فعله قوله فقال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )) [6] ، والسنة مليئة في ذم من يتصف بهذه الصفة . فعن أسامة بن زيد قال سمعت رسول اله صلى الله عليه وسلم يقول : (( يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحى فيجتمع إليه أهل النار فيقولون : يا فلان مالك : ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه )) رواه أحمد في المسند . ويا له من وصف عجيب لحال صاحب هذه الصفة الذميمة فدورانه في النار يدل على استمراره على فعل المعصية وإصراره عليها في الدنيا كالحمار الذي يدور وخروج أمعائه واندلاقها في النار دليل على أن الله سيظهر منه ما كان خافيا في الدنيا وما كان مستترا من قبائح الذنوب والأفعال ، واجتماع أهل النار عليه فيه الفضيحة له كما غش الناس في الدنيا ففضحه الله في الآخرة فلا يكتمل حسن أداء المحتسب إلا بتطبيق ما يقول وفعل ما يأمر به وقد قال أبو الدرداء : (( ويل لمن لا يعلم ـ قالها مرة ـ وويل لمن يعلم ولا يعمل ـ قلها سبع مرات ))[7] . وقال مالك بن دينار : (( إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلب كما يزل القطر عن الصفا ))[8] . يقول الإمام الغزالي رحمه الله : (( إن هداية الغير فرع للاهتداء ، وكذلك تقويم الغير فرع للاستقامة والإصلاح زكاة عن نصب الصلاح ، فمن ليس بصالح في نفسه فكيف يصلح غيره ومتى يستقيم الظل والعود أعوج )) [9]. وما أجمل ما قال أبو الأسود الدؤلي رحمه الله المتوفى سنة 65 هـ في العيب والتوبيخ على من يأمر وينهى وينسى نفيه كالطبيب المعالج من الأسقام وهو سقيم : يا أيهـــــــــا الرجل المعلــــم غيـــــره هلا لنفسك كان ذا التعليــــم تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا كيما يصح به وأنت سقيــــم وتراك تصـلـــــــــح بالرشـاد عقولنـــا أبدا وأنت من الرشاد عديــــم أبدأ بنفســـك فانهـهــــا عـن غيــهـا فإذا انتهت عنه فأنت حكيــــم فهناك يُسمـــع ما تقول ويــــهتـــدى بالقول منك فينفع التعليـــــم لا تنـــه عن خــلق وتـأتــي مثلـــــه عار عليك إذا فعلت عظيــــم ثالثا : الإخـــــــــلاص : فلا بد للآمر والناهي والموجه والمربي وكل من يرجو قبول عمله الإخلاص مع الله فيما يقول ويفعل لأن الله لا يتقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم قال تعالى : (( إنما يتقبل الله من المتقين ))[10] . أي إنما يقبل الله من المخلصين في أعمالهم . وفي كتاب هداية المرشدين لشيخ علي محفوظ رحمه الله : فينبغي للداعي أن يتحلى بالآداب الشرعية ، والإخلاص في الدعوة إلى الله تعالى حتى يكون وارثا نبويا ، وعالما ربانيا ، وأن يعلم أنه لا يجتمع الإخلاص في القلب ، ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلا كما يجتمع الماء والنار ، والضب والحوت فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فأقبل على الطمع أولا فاذبحه بسكين اليأس وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة ، فإذا تم لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص [11] . فعلى المحتسب أن يربي نفسه على الإخلاص في أفعاله وأقواله قاصدا منها وجه الله وليس مدحا ولا ثناء ولا جاها ولا منصبا لعل قراءتك لهذا الحديث تكون رادعا لك من أن يساورك شيء مما يخدش إخلاصك من العجب والرياء . فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمة الله فعرفها . قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت قال : كذبت ، ولكنك قاتلت لأن يقال فلان جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال : فما عملت فيها قال : تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال : كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ . فقد قيل . ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال ، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها . قال فما عملت فيها قال : ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك . قال : كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل . ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار )) [12] . فلأن عقاب وعذاب العالم والموجه والمحتسب والمعلم أكبر من غيره إذا فقد الإخلاص صار الإخلاص شرطا لا بد منه لمن تصدى لهذه الأعمال الجليلة ولا تنفع كثرة الأعمال إن لم تكن خالصة لوجه الله عز وجل من أمر ونهي وتوجيه وإرشاد . فما لم يكن المقصود منه وجه الله ثم إصلاح البشر فإن ربي عز وجل يجعلها يوم القيامة هباء منثورا والله يقول : (( .. فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ))[13] . يقول سليمان الداراني : طوبى لمن صحت له خطوة واحدة لا يريد بها إلا الله تعالى . وكتب عمر بالخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : من خلصت نيته كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس . وقال أيوب السختياني : تخليص النيات على العباد أشد عليهم من جميع الأعمال . غير أن هناك قضية مهمة لا بد من إيضاحها إلا وهي ليس شرطا من إخلاصك أن تجد القبول من الناس ، أي بمعنى عدم قبول الناس لقولك ليس طعنا في إخلاصك . فليس أحد أشد إخلاصا من أنبيء الله دعواتهم مع أقوامهم ومع ذلك فيقدم النبي يوم القيامة ومعه الواحد والنبي ومعه الثلاثة والنبي ومعه الجماعة والنبي وليس معه أحد ولزيادة الإيضاح نذكر ما ذكره الله عن أصحاب القرية في سورة يس إذ أرسل الله لهم اثنين فكذبوهما فعزز الله دعوتهم برسول ثالث فكذبوهم وثلاثة رسل مخلصين وما آمن إلا رجل واحد قال تعالى : (( واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون ، إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون ))[14] .. ثم بين تعالى أنه ما من إلا واحد (( إني آمنت بربكم فاسمعون قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ))[15] . فليعلم الآمر بالمعروف أن إخلاصه شرطا في قبول الله لعمله وعدم قبول الناس لإرشاده وتوجيهه ليس طعنا في إخلاصه فالناس يقبلون ممن يقتنعون في كلامه مخلصا كان أم مشركا خيّرا كان أم فاسقا . لذا على المحتسب أن يجعل هذه القضية نصب عينه ولا يغرنه كثرة الهالكين وقلة السالكين ولا يجعل للشيطان سبيلا عليه في أن يشككه في نيته وإخلاصه لعدم استجابة الناس له فما عليك إلا بذل السبب بالطريقة المشروعة مصحوبا بالإخلاص وعلى الله الهداية . رابعاً : الأمانـــــــــــــــــــــة : أي أن يكون الآمر بالمعروف صاحب أمانة وذمة وضمير حي في تبليغ وأداء ما أمر الله به قال تعالى : (( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا )) [16] . فالله قد حمّل بني آدم الأمانة وبالأخص الدعاة إلى الله حمّلهم أمانة تبليغ هذا الدين فهم أمناء الله في هذه الأرض يبلغون ما أمر الله ما نهى الله عنه على أكمل وجه دون نقص ولا زيادة ، ومن الأمانة المنوطة بالمحتسب والداعية أن يبلغ ما كلف به من الله من أمر ونهي في كل الأحوال لا أن يأمر إذا اشتهى ويسكت إذا لم يشته ، فمن واجب المحتسب أن يكون أمينا على ما اتمن عليه لا أن يأمر بالمعروف إذا دفعه هواه ولا ينهى عن المنكر إذا عارضه هواه ومزاجه . ولا شك أن تضييع الأمانة من علامات الساعة إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أول ما يرفع من الناس الأمانة حتى يقال أن في البلد الفلاني رجل أمين )) أو كما قال صلى الله عليه وسلم . ويقول ابن مسعود رضي الله عنه : (( كيف بكم إذا لبستكم فتنه يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير وتتخذ سنة ، فإن غيرت يوما قيل هذا منكر ، قالوا : ومتى ذلك ؟ قال : إذا قلّت أمناؤكم وكثرت أمراؤكم وقلت فقهاؤكم وكثرت قراؤكم وتفقه لغير الدين والتمستم الدنيا بعمل الآخرة )) [17] . فليس أجمل بالمحتسب من أن يؤدي الأمانة التي وكلّت له على أكمل وجه حتى تبرأ ذمته ولا يلحقه سخط الله وغضبه في قوله تعالى فيمن زاد ونقص وضيع الأمانة : (( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ))[18] . وكيف لا تكون هذه الصفة واجبة في حق المحتسب وهو الذي يأمر الناس بالعدل والقسط والمعروف وأداء الأمانات . وينهاهم عن الغش والكذب والخداع ونقص الموازين وتضييع الحقوق ، فكل منكر قد نهى الله عنه فالمحتسب أولى الناس باجتنابه وكل معروف وخير أمر الله به فالمحتسب أولى الناس بالتحلي به والأخذ به . خامساً : الصبــــــــــــــــــر : فلابد للآمر بالمعروف والداعي من الصبر إذ به يتحمل أذى الناس فلا ولن يكون كلامك وأمرك ونهيك مقبولا لدى الجميع ولن يكون ماءً عذبا على قلوب الجميع بل سيرضى به البعض والبعض الآخر لربما خالفك ولكن كتم في نفسه والبعض لربما آذاك بكلامه أو أفعاله لذا اقتضى الحال أن يتحلى المحتسب بالصبر على ما يلقى من الأذى والبلى من الناس . والله يقص لنا عن وصية لقمان لابنه يوصيه بذلك : (( يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ))[19] . وقال تعالى : (( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) [20] . والله سبحانه وتعالى يواسي رسوله صلى الله عليه وسلم بذكر حال من سبقه من الرسل وما أصابهم ولكنهم صبروا على تكذيب الناس لهم وإيذائهم وتعذيبهم قال تعالى : (( ولقد كذِّبت رسل من قبلك صبوا على ما كذِّبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين ))[21] . فليس للمحتسب أن يسخط ولا أن يتضجر من سباب أو شتم أو غير ذلك وليكن مثله الأعلى في ذلك رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أصابه ما أصابه في سبيل الله ولم يجزع ولم يضجر ولعل حادثة واحدة مما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم كافية في أن تكون عبرة للمحتسب يتذكرها كلما فقد أعصابه وتوازنه . روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم ها أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ قال : (( لقد لقيت من قومك ـ أي كفار قريش ـ وكان أشد ما لقيته منهم يوم العقبة ـ عند الطائف ، إذ عرضت نفسي على عبد ياليل من عبد كلال ـ سيد ثقيف ـ فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي وإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السلام فقال : إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك ، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال ، وقد بعثني ربي إليك لتأمرني فما شئت ؟ إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين فقال صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا )) . يا له خلق عال كريم عظيم سمى عن أن يقبل الإساءة بالإساءة وهذا الذي ينبغي بل يجب أن يتحلى به كل محتسب وكل داع يرجو أن يكون لدعوته صدا وتأثيرا بين الناس ولقوله سامع ولأمره مطيع ولنهيه مجتنب . سادساً : الرفق واللين والرحمة بالناس : فمن الواجب على الآمر بالمعروف أن يكون قلبه مليئا بالرحمة والعطف على الناس لأنه يقصد من أمره ونهية لهم توجيههم وتعديل المعوج من شكلهم وسلوكهم لذا وجب عليه أن يكون رحيما بهم عطوفا عليهم يداً حانية على المخطئ منهم حتى يكون لهم كالأب لأبنائه وكالأخ لإخوانه وكالصاحب الصادق لأصحابه ، والتأسي كل التأسي هو بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي قال الله في حقه : (( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غيظ القلب لانفظوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله ))[22]. ويصف الله لنا نبيه بوصف آخر فيقول : (( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ))[23]. ويقول تعالى : (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ))[24] . ويقول تعالى : (( قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ))[25] . ولا أوضح صورة للأمر باللين في القرآن من أمر الله لموسى بأن يخاطب فرعون باللين عسى أن يكون اللين سببا ومدعاة لهدايته قال تعالى : (( إذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ))[26]. كل هذا اللين لفرعون مع ما عرف عنه من تجبر وقتل وسفك الدماء وادعاء الألوهية بقوله : (( أنا ربكم الأعلى ))[27] ، وقوله : (( ما علمت لكم من إله غيري )). فيا له من توجيه رباني عظيم يحتاج له كل من تصدى للدعوة والتوجيه والإرشاد . وقد ورد مثل هذا المعنى في معرض رد المأمون على رجل وعظه معنفا وأغلظ في الوعظ والنصيحة فقال له المأمون يا رجل أرفق فقد بعث الله من هو خير منك إلى من هو شر مني وأمره بالرفق قال تعالى : (( فقولا له قولا لينا )) [28] ، فليلاحظ المحتسب ذلك . هذا وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأمر أمته بالرفق واللين والرحمة وسعة الصدر فقال صلى الله عليه وسلم : (( الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه ))[29] . وفي رواية : (( ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا العنف في شيء إلا شانه )) ولا شك أن الرفق واللين خلقان كريمان يحبهما الله ويعطي عليهما ما لا يعطي على غيرهما إذ قال صلى الله عليه وسلم لعائشة : (( يا عائشة إن الله يحي الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه )) [30] . سابعاً : التيسير والتبشير وفتح باب الأمر للمذنبين والمقصرين : ومن صفات الآمر بالمعروف الحكمة في تعامله مع الناس ودعوته لهم في استعماله الترغيب تارة والترهيب أخرى . فليس من الحكمة في شيء أن يغلق المحتسب أبواب الرحمة والتوبة في وجوه المقصرين لما اقترفوه من ذنوب عظيمة كما أنه ليس من الحكمة أن يجعلهم يتكلوا على عظيم عفو الله ورحمته فعلى المحتسب أن يراعي ذلك جيدا وأن يدعو المذنبين إلى الإقبال على الله والتوبة مما اقترفته أيديهم والله يتوب عليهم ، كيف لا والله يقول في كتابه : (( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما ، يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا ))[31] . ويقول تعالى : (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ))[32] . وقال تعالى : (( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين )) [33] . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة ))[34] . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة ))[35] . فعلى الدعاة اللين والرفق وفتح أبواب الخير والتوبة والمغفرة وترغيب الناس بها والله غز وجل غفور رحيم . ثامناً : النظر إلى المصالح والمفاسد والعلم بها : فلا بد أن يكون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عالما عارفا بالمصالح الحاصلة من أمره ونهيه والمفاسد الناتجة عن ذلك . ـ فإن كانت المصلحة أعظم من المفسدة وجب الأمر والنهي عليه . ـ وإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة لم يجب عليه بل قد يحرم . ـ وإذا حصل التساوي والتكافؤ بين المعروف والمنكر لم يؤمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر لأن درء المفاسد أولى من جلب المنافع . ـ وإن اختلط المعروف بالمنكر عند ذلك يدعي إلى المعروف دعوة مطلقة وينهى عن المنكر نهي مطلق )) [36] . كل ذلك حتى لا يخطئ المحتسب في التقدير وتكون الأضرار أعظم من المنافع فيفسد بفعله أكثر مما يصلح ، وفي الحقيقة هذا الشرط داخل في الشرط الأول الذي ذكرناه وهو العلم بما يأمر به وينهى عن ولكن أفردناه ليعلم أن معرفة المصالح والمفاسد ومراعاتها عند الأمر والنهي مهمة جدا لما يترتب عليها من منافع أو أضرار . تاسعاً : الاستطاعـــــــــــــــة : ولا بد في الآمر بالمعروف حين الأمر والنهي أن يأمر وينهى قدر ما يستطيع ولا يحمل الناس ما لا يستطيعون إذ أن الله قد كلف العباد على حسب طاقتهم وتحملهم ولا يكون التكليف فوق ذلك : (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت )) [37] ، وقال تعالى : (( فاتقوا الله ما استطعتم ))[38] . فليس من الواجب إيصال الأمر والنهي إلى كل فرد أو إلى كل مكان بل هو على قدر المستطاع ، كما أنه ليس من الواجب تغيير جميع المنكرات بأسلوب واحد ، بل كل محتسب وكل امرئ يغير بقدر ما يستطيع وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم لذلك بقوله : (( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ))[39] . [1] - نهاية الرتبة في آداب الحسبة للسقطي ( 68 ) ، الأحكام السلطانية للماوردي ( 242 ) ، الحسبة في الإسلام لابن تيمية ( 32 ) ، إحياء علوم الدين للغزالي ( 2/118 ) . [2] - النحل [ 25 ] . [3] - التوبة [ 122 ] . [4] - ابن كثير ج 2 ص ( 401 ) . [5] - البقرة [ 122 ] . [6] - الصف [ 2 ، 3 ] . [7] - إحياء علوم الدين ج 1 ، ص ( 63 ) . [8] - إحياء علوم الدين ج1 ، ص ( 63 ) . [9]- إحياء علوم الدين ج2 ، ص ( 301 ) . [10] -المائدة [ 27 ] . [11] - هداية المرشدين ص ( 109 ) . [12] - رواه مسلم . [13] الكهف [ 110 ] . [14] - يس [ 13 ، 14 ] . [15] - يس [ 25 ، 26 ، 27 ] . [16] - الأحزاب [ 72 ] . [17] - رواه عبد الرزاق في المصنف . [18] - النحل [ 116 ] . [19] - لقمان [ 17 ] . [20] - سورة العصر . [21] الأنعام [ 34 ] . [22] - آل عمران [ 159 ] . [23] - التوبة [ 128 ] . [24]- النحل [ 125 ] . [25] - الإسراء [ 53 ] . [26] - طه [ 43 ، 44 ] . [27] - النازعات [ 24 ] . [28]- إحياء علوم الدين ( 2/293 ) . [29] - رواه مسلم ، الرفق ( 4/2004 ) . [30] - رواه مسلم ، الرفق ( 4/2004 ) . [31] - النساء [ 27 ، 28 ] . [32] - الزمر [ 53 ] . [33]- الأنفال [ 38 ] . [34] - متفق عليه . [35] - رواه البخاري . [36] - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابن تيمية ( 19 ـ 23 ) . [37] - البقرة [ 286 ] . [38] - التغابن [ 16 ] . [39] - مسلم شرح النووي ( 2/27 ) .
|
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ o.b.r على المشاركة المفيدة: |
02-21-2010, 02:16 PM | رقم المشاركة : 19 |
شكراً: 109
تم شكره 212 مرة في 103 مشاركة
|
هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في قضاءِ الحاجةِ والوضوء<من سلسلة كيف تتبع رسول الله>
هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في قضاءِ الحاجةِ والوضوء<من سلسلة كيف تتبع رسول الله> * هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ: 1ـ كان إذا دخل الخلاء قال: ((اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)) ، وإذا خرج يقول: ((غفرانك)) [صحيح الترمذي]. 2ـ وكان أكثر ما يبول وهو قاعد. 3ـ وكان يستنجي بالماء تارةً، ويستجمر بالأحجار تارةً، ويجمع بينهما تارةً. 4ـ وكان يستنجي ويستجمر بشماله. 5ـ وكان إذا استنجى بالماء ضرب يده بعد ذلك على الأرض. 6ـ وكان إذا ذهب في سفره للحاجة انطلق حتى يتوارى عن أصحابه. 7ـ وكان يستتر بالهدف تارةً وبحائش النخل تارة، وبشجر الوادي تارةً. 8ـ وكان يرتاد لبوله الموضعَ الدَّمِث اللين الرخو ـ من الأرض ـ. 9ـ وكان إذا جلس لحاجته لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض. 10ـ وكان إذا سلم عليه أحد وهو يبول لم يرد عليه. * هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ الْوُضُوءِ: 1ـ كان يتوضأ لكل صلاة في غالب أحيانه، وربما صلى الصلوات بوضوء واحد. 2ـ وكان يتوضأ بالْمُدِّ تارةً، وبثلثيه تارةً، وبأزيد منه تارةً. 3ـ وكان من أيسر الناس صَبًّا لماء الوضوء ويحذر أمته من الإسراف فيه. 4ـ وكان يتوضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا، وفي بعض الأعضاء مرتين وبعضها ثلاثًا، ولم يتجاوز الثلاث قطُّ. 5ـ وكان يتمضمض ويستنشق تارةً بغَرفة، وتارةً بغَرفتين، وتارةً بثلاث، وكان يصل بين المضمضة والاستنشاق. 6ـ وكان يستنشق باليمين ويستنثر باليسرى. 7ـ ولم يتوضأ إلا تمضمض واستنشق. 8ـ وكان يمسح رأسهُ كلَّه، وتارةً يقبل بيديه ويدبر. 9ـ وكان إذا مسح على ناصيته كَمَّلَ على العمامة. 10ـ وكان يمسح أذنيه ـ ظاهرهما وباطنهما ـ مع رأسه. 11ـ وكان يغسل رجليه إذا لم يكونا في خفين ولا جوربين. 12ـ وكان وضوؤه مرتبًا متواليًا ولم يُخِل به مرة واحدة. 13ـ وكان يبدأ وضوءه بالتسمية، ويقول في آخره: ((أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوَّابين واجعلني من المتطهرين)) [صحيح الترمذي]، ويقول: ((سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك)) [صحيح النسائي]. 14ـ ولم يقل في أوله: نويت رفع الحدث ولا استباحة الصلاة لا هو ولا أحد من أصحابه البتة. 15ـ ولم يكن يتجاوز المرفقين والكعبين. 16ـ ولم يكن يعتاد تنشيف أعضائه. 17ـ وكان يخلل لحيته أحيانًا، ولم يواظب على ذلك. 18ـ وكان يخلل بين الأصابع ولم يكن يحافظ على ذلك. 19ـ ولم يكن من هديه أن يُصبَّ عليه الماء كلما توضأ، ولكن تارة يصب على نفسه، وربما عاونه من يصب عليه أحيانًا لحاجة. * هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيِنْ: 1ـ صح عنه أنه مسح في الحضر والسفر، وَوَقَّتَ للمقيم يومًا وليلة، وللمسافر ثلاثةَ أيام ولياليهن. 2ـ وكان يمسح ظاهر الخفين، ومسح على الجوربين، ومسح على العمامة مقتصرًا عليها، ومع الناصية. 3ـ ولم يكن يتكلف ضد الحالة التي عليها قدماه، بل إن كانتا في الخفين مسح، وإن كانتا مكشوفتين غسل. * هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ التَّيَمُّمِ: 1ـ كان يتيمم بالأرض التي يصلي عليها ترابًا كانت أو سبخة أو رملاً، ويقول: ((حيثما أدركت رجلاً من أمتي الصلاةُ فعنده مسجدُهُ وطهورُهُ)) [صحيح ـ الإرواء]. 2ـ ولم يكن يحمل التراب في السفر الطويل، ولا أمر به. 3ـ ولم يصح عنه التيمم لكل صلاة، ولا أمر به، بل أطلق التيمم وجعله قائمًا مقام الوضوء. 4ـ وكان يتيمم بضربة واحدة للوجه والكفين.
آخر تعديل o.b.r يوم 02-21-2010 في 02:24 PM.
|
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ o.b.r على المشاركة المفيدة: |
02-21-2010, 02:22 PM | رقم المشاركة : 20 |
شكراً: 109
تم شكره 212 مرة في 103 مشاركة
|
هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في الاِسْتِفْتَاحِ وَالْقِرَاءَةِ<من سلسلة كيف تتبع رسول الله>
هَدْيُهُ صَلى الله عَليه وسَلمْ في الاِسْتِفْتَاحِ وَالْقِرَاءَةِ<من سلسلة كيف تتبع رسول الله> * هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ الاِسْتِفْتَاحِ وَالْقِرَاءَةِ: 1ـ كان إذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، ولم يقل شيئًا قبلها، ولا تلفظ بالنية البتة. 2ـ وكان يرفع يديه معها ممدودتين الأصابع مستقبلاً بهما القبلة إلى فروغ أذنيه ـ و إلى منكبيه ـ؛ ثم يضع اليمنى على ظهر اليسرى. 3ـ وكان يستفتح تارة بـ: ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والْبَرَدِ، اللهم نقني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنس)) وتارة يقول: ((وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين)) 4ـ وكان يقول بعد الاستفتاح: ((أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)) ثم يقرأ الفاتحة.(1) 5ـ وكان له سكتتان: سكتة بين التكبيرة والقراءة، واختلف في الثانية، فروي بعد الفاتحة وروي قبل الركوع. 6ـ فإذا فرغ من قراءة الفاتحة أخذ في سورة غيرها، وكان يطيلها تارةً، ويخففها لعارض من سفر أو غيره، ويتوسط فيها غالبًا. 7ـ وكان يقرأ في الفجر بنحو ستين آية إلى مائة، وصلاَّها بسورة ((ق))، وصلاَّها بسورة ((الروم))، وصلاَّها بسورة {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، وصلاَّها بسورة: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ} في الركعتين كلتيهما، وصلاها بـ((المعوذتين))، وكان في السفر، وصلاهَّا فاستفتح سورة ((المؤمنون)) حتى إذا بلغ ذكر موسى وهارون في الركعة الأولى أخذته سعلة فركع. 8ـ وكان يصليها يوم الجمعة بـ {أَلَمْ} السجدة، و{هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ}. 9ـ وأما الظهر فكان يطيل قراءتها أحيانًا، وأما العصر فعلى النصف من قراءة الظهر إذا طالت، وبقدرها إذا قصرت. 10ـ وأما المغرب فصلاها مرة بـ((الطور))، ومرة بـ((المرسلات)). 11ـ وأما العشاء فقرأ فيها بـ{وَالتِّينِ}، ووقَّت لمعاذ فيها بـ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}، و{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}، و{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}، ونحوها، وأنكر عليه قراءته فيها بـ((البقرة)). 12ـ وكان من هديه قراءة السورة كاملة وربما قرأها في الركعتين، وربما قرأ أول السورة، وأما قراءة أواخر السورة وأوساطها فلم يحفظ عنه. وأما قراءة السورتين في ركعة فكان يفعله في النافلة، وأما قراءة سورة واحدة في الركعتين معًا فقلما كان يفعله وكان لا يعين سورة في الصلاة بعينها لا يقرأ إلا بها إلا في الجمعة والعيدين. 13ـ وقنت في الفجر بعد الركوع شهرًا ثم ترك، وكان قنوته لعارض، فلما زال تركه، فكان هديه القنوت في النوازل خاصة، ولم يكن يخصه بالفجر. * هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ كَيْفِيَّةِ الصَّلاَةِ: 1ـ كان يطيل الركعة الأولى على الثانية من كل صلاة. 2ـ وكان إذا فرغ من القراءة سكت بقدر ما يترادُّ إليه نفسه ثم رفع يديه وكبر راكعًا، ووضع كفيه على ركبتيه كالقابض عليهما، ووتَّر يديه فنحاهما على جنبيه، وبسط ظهره ومده واعتدل فلم ينصب رأسه ولم يخفضه، بل حيال ظهره. 3ـ وكان يقول: ((سبحان ربي العظيم)) وتارة يقول في ذلك: ((سبحان اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)) ، وكان يقول أيضًا: ((سبوح قدوس رب الملائكة والروح)) . 4ـ وكان ركوعه المعتاد مقدار عشرة تسبيحات، وسجوده كذلك، وتارةً يجعل الركوع والسجود بقدر القيام، ولكن كان يفعله أحيانًا في صلاة الليل وحده، فهديه الغالب في الصلاة تعديل الصلاة وتناسبها. 5ـ وكان يرفع رأسه قائلاً: ((سمع الله لمن حمده)) [ق]، ويرفع يديه ويقيم صلبه، وكذلك إذا رفع رأسه من السجود، وقال: ((لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود)) [صحيح أبي داود]. فإذا استوى قال: ((ربنا ولك الحمد))، وربما قال: ((ربنا لك الحمد))، وربما قال: ((اللهم ربنا لك الحمد)). 6ـ وكان يطيل هذا الركن بقدر الركوع، ويقول فيه: ((اللهم ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)) 7ـ ثم كان يكبر ويخر ساجدًا، ولا يرفع يديه، وكان يضع ركبتيه ثم يديه بعدهما، ثم جبهته وأنفه،وكان يسجد على جبهته وأنفه دون كور العمامة، وكان يسجد على الأرض كثيرًا، وعلى الماء والطين، وعلى الخمرة المتخذة من خوص النخل، وعلى الحصير المتخذ منه، وعلى الفروة المدبوغة. 8ـ وكان إذا سجد مكَّن جبهته وأنفه من الأرض، ونحَّى يديه عن جنبيه، وجافاهما حتى يُرى بياض إبطه. 9ـ وكان يضع يده حذو منكبيه وأذنيه ويعتدل في سجوده، ويستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة،ويبسط كفيه وأصابعه، ولا يفرج بينهما ولا يقبضهما. 10ـ وكان يقول: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمد، اللهم اغفر لي)) ، ويقول: ((سبوح قدوس رب الملائكة والروح)) 11ـ ثم يرفع رأسه مكبرًا غير رافع يديه، ثم يجلس مفترشًا يفرش اليسرى ويجلس عليها، وينصب اليمنى ويضع يديه على فخذيه، ويجعل مرفقيه على فخذيه، وطرف يده على ركبته، ويقبض اثنتين من أصابعه ويحلق حلقة، ثم يرفع إصبعه يدعو بها ويحركها، ثم يقول: ((اللهم اغفر لي، وارحمني، واجبرني، واهدني، وارزقني)) [صحيح الترمذي]. 12ـ وكان هديه صلى الله عليه وسلم إطالة هذا الركن بقدر السجود. 13ـ ثم ينهض على صدور قدميه، معتمدًا على فخذيه، فإذا نهض افتتح القراءة، ولم يسكت كما يسكت عند الاستفتاح، ثم يصلي الثانية كالأولى إلا في أربعة أشياء: السكوت، والاستفتاح، وتكبيرة الإحرام، وتطويلها فكان يطيل الركعة الأولى على الثانية وربما كان يطيلها حتى لا يسمع وقع قدم. 14ـ فإذا جلس للتشهد وضع يده اليسرى على فخذه الأيسر، ويده اليمنى على فخذه الأيمن، وأشار بالسبابة، وكان لا ينصبها نصبًا، ولا ينيمها بل يحنيها شيئًا يسيرًا ويحركها، ويقبض الخنصر والبنصر، ويحلق الوسطى مع الإبهام ويرفع السبابة يدعو بها ويرمي ببصره إليها. 15ـ وكان يتشهد دائمًا في هذه الجلسة ويعلم أصحابه أن يقولوا: ((التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله)) وكان يخففه جدًا كأنه يصلي على الرُّضف ـ وهي الحجارة المحماة ـ ثم كان ينهض مكبرًا على صدور قدميه وعلى ركبتيه معتمدًا على فخذيه، وكان يرفع يده في هذا الموضع، ثم يقرأ الفاتحة وحدها وربما قرأ في الركعتين الأخريين بشيء فوق الفاتحة. 16ـ وكان صلى الله عليه وسلم إذا جلس في التشهد الأخير، جلس متوركًا، وكان يفضي بوركه إلى الأرض، ويخرج قدمه من ناحية واحدة. [صحيح أبي داود]. ويجعل اليسرى تحت فخذه وساقه [م] وينصب اليمنى، وربما فرشها أحيانًا. ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وضم أصابعه الثلاث ونصب السبابة. وكان يدعو في صلاته فيقول: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم)) ثم كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك. 17ـ وأمر المصلي أن يستتر ولو بسهم أو عصا، وكان يركز الحربة في السفر والبرية فيصلي إليها فتكون سترته. وكان يعرض راحلته فيصلي إليها، وكان يأخذ الرَّحل فيعدله ويصلي إلى آخرته. 18ـ وكان إذا صلى إلى جدار جعل بينه وبينه قدر ممر الشاة، ولم يكن يتباعد منه، بل أمر بالقرب من السترة. * هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ أفعاله في الصَّلاةِ .. 1ـ لم يكن من هديه الالتفات في الصلاة، وكان يفعله أحيانًا لعارض. 2ـ ولم يكن من هديه تغميض عينيه في الصلاة. 3ـ وكان إذا قام في الصلاة طأطأ رأسه، وكان يدخل في الصلاة وهو يريد إطالتها فيسمع بكاء الصبي فيخففها مخافة أن يَشُقَّ على أمه. 4ـ وكان يصلي الفرض وهو حامل أُمامة بنت ابنته على عاتقه، إذا قام حملها وإذا ركع وسجد وضعها. 5ـ وكان يصلي فيجيء الحسن أو الحسين فيركب ظهرَه، فيطيل السجدة كراهية أن يلقيه عن ظهره. 6ـ وكان يصلي فتجيء عائشة فيمشي فيفتح لها الباب، ثم يرجع إلى مصلاه. 7ـ وكان يرد السلام في الصلاة بالإشارة. 8ـ وكان ينفخ في صلاته، وكان يبكي فيها، وينحنح لحاجة. 9ـ وكان يصلي حافيًا تارة، ومنتعلاً أخرى، وأمر بالصلاة في النَّعل مخالفة لليهود. 10ـ وكان يصلي في الثوب الواحد تارةً وفي الثوبين تارةً وهو أكثر. * هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيِ أَفْعَالِهِ بَعْدَ الصَّلاَةِ: 1ـ كان إذا سَلَّمَ استغفر ثلاثًا، ثم قال: ((اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام))، ولم يمكث مستقبل القبلة إلا مقدار ما يقول ذلك، بل يسرع الانتقال إلى المأمومين، وكان ينفتل عن يمينه وعن يساره. 2ـ وكان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس. 3ـ وكان يقول دبر كل صلاة مكتوبة: ((لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد)) ((ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون)). 4ـ وندب أمته أن يقولوا دبر كل صلاة مكتوبة: سبحان الله ثلاثًا وثلاثين، والحمد لله ثلاثًا وثلاثين، والله أكبر ثلاثًا وثلاثين، والله أكبر ثلاثًا وثلاثين، وتمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. * * *
(1)ذكر المصنف في الزاد أنه: ((كان يجهر بـ(بسم الله الرحمن الرحيم) تارة، ويخفيها أكثر مما يجهر بها)). والثابت عنه صلى الله عليه وسلم عدم الجهر بها كما عند البخاري ومسلم من حديث أنس.
|
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ o.b.r على المشاركة المفيدة: |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|