روايات وقصص - روايات طويلة وقصيرة روايات وجديد الـ رويات الطويلة و روايات قصيرة قصص رائعة, روايات كتابية, قصص مؤثرة, قصص محزنة, روايات |
!~ آخـر 10 مواضيع ~!
|
|
إضغط على
او
لمشاركة اصدقائك! |
|
أدوات الموضوع |
5.00 من 5
عدد المصوتين: 1
|
انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||
|
||||||
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيفكم ؟؟ انا قراءت رواية رائعة باحدى بمنتدى داتا لايف انيمي يعني حقوق الملكية مو لي وانا ما كتبتها صراحة حاولت اكتب اسم الكاتبة لكن بسبب الزخرفة ما عرفت انقل اسم الكاتبة حبيت اعمل حركة هوون واشاركم بما اعجبني اوك اول شي بوستر الرواية علعموم لنذهب للقصة لانها خرافية ملاحظة اللون الفضي >>يعني ذكريات الماضي اللون الازرق >>>كلام الشخصيات .[ . . استمتعوا[/B] التعديل الأخير تم بواسطة Amazing Misa ; 09-04-2013 الساعة 12:00 AM |
4 أعضاء قالوا شكراً لـ Amazing Misa على المشاركة المفيدة: |
09-03-2013, 11:18 PM | رقم المشاركة : 2 |
شكراً: 421
تم شكره 628 مرة في 385 مشاركة
|
رد: رواية خادمي كان صديقي
[S]
السماء ملبدة بالغيوم الرمادية والمطر يهطل بغزاره شديدة وطفل صغير ملقى على الأرض قد بلغ التعب محله , حاولَ تحريكَ ساقيه ولكنه لم يستطع وكأنما تَرفضُ أن تنصاع لرغبة الشديدة فها هو أخيراً قد استطاع الهرب , بللت الدموع خديه وتمنى أن يعودَ إلى قصره الدافئ فلا شك أنهم الآن يتبعونه تصاعدت أنفاسه ولم يستطع السيطرة على نفسه , بدأ بالبكاء بصوتِ مخنوق فهو لا يريدُ العودة لذلك المكان مرة أخرى . ,’ فتحَ عينيه عندما شعر بدفء يحيطُ به وشخصٌ ما يحتضنه بخوف وهو يركض , نظرَ للمكان حوله فوجدَ قصره أمامه حاولَ التحرر بقواه الضعيفة ممن يمسكه لكن الآخر لم يستمع له بل احتضنه بشدّه فهو يعلم خوفه خاصة وأنه يرتجف من شدّة ما لاقاه, رأى خدمَ القصر يقفونَ صفاً وأيديهم على قلوبهم علّ سيدهم الصغير يعود إليهم بخير , تقدّم بسرعة شديدة وأعطى الطفل الملفوف بسترته لأمرأه يبدوا عليها أنها من سادة القصر , احتضنته تلكَ المرأة ببكاء وأخذت تخفف عنه بينما هو من شدّه الصدمة لم يستطع التكلم بل انفجر باكياً في حضنها حتى أنّ خدم القصر تأثروا لذلك المشهد فقد كانَ وجههُ وجسده ممتلئٌ بالكدمات الزرقاء , أخذَ الخوفُ حيزاً من قلوبهم فمن خانَ ذلك الصغير وغدرَ به هو أحدُ الخدم الذي لديهم . ومضت تلكَ الليلة بصوتِ بكاء الصغير الذي أخذَ يتردد صداه في المكان كله حتى بدأ يتقطعُ صوته . ـــــــ صباحٌ آخر يشرقُ على قصر ماليان وبدأت الحياة تَدبُ من حوله فها هي أصوات العصافير بأجنحتها الملونة قد اتخذت من شجيرات الحديقة مسكنا لها ,وأخذت الورود تتفتح بأشكالها وأنوعها وألوانها المتعددة التي تُسر النفوس برؤيتها وتستنشقُ من عبير ها الآخذ , ونافورة متعددة الأشكال في منتصف القصر تعطي منظراً جميلاً لكريستالات الماء الملونة المتناثرة . وفي إحدى غرف القصر الفخمة شابٌ نائم على سرير من حرير ناعم قد انسدلت خصلات شعره التي اتخذت لونه لونَ الكراميل اللذيذة على عينيه , بدأت تظهر تقاسيم الانزعاج على وجهه الوسيم ففتحَ عينيه على إثر تلكَ الذكرى التي دائماً ما تتردد على ذهنه , قامَ بوضعِ يده على جبينه علها تذهب وبعدها بثواني نهضَ بتثاقل على إثر سماعه لطرقِ خفيف على الباب قطب حاجبيه بانزعاج فهذا بالتأكيد أحد الخدم الذين يحتقرهم , مدّ يده للطاولة ليمسك جرساً صغيراً ملفوفاً بشرائط حمراء صغيرة هزه بخفة ليُفتح الباب بعد ثلاث ثواني فقط , دخلَ أحدُ الخدم بملابسه الرسمية والذي يبدوا كبيراً بالسن فآثار الكبر قد ظهرت على شعيرات رأسه لكنّه كان يحتفظُ بحيويته في جسده ألقى التحية على سيده وتقدمَ باتجاهه جلسَ على ركبتيه أمام الشاب الذيَ لتوه استيقظَ من نومه وبدأ يفتحُ أزرار قميصه ليبدل سيده الشاب ملابسه , كانت نظرات الاستحقار تملأ كيان الشاب الناعس وما لبث أن مدّ يده بقسوة ليبعده عنه ويمسكَ بذلته ويشدّها نحو صدره ويصرخ : ـ ابتعد عنّي , لا أريدُ رؤية وجهك في الصباح بعد اليوم , فرؤيتك تعكرُ لي مزاجي . تنهد الخادم العجوز بضيق فهو لم يسلم من احتقار سيده الشاب حتى أنّه لم يراعي كبرَ سنّه وقفَ على قدميه وحافظ على هدوئه وضعَ ملابسَ مرتبة على السرير بقربه وقالَ بطريقة رسمية . ـ أمامك أربعُ دقائقَ فقط لتستحم ثمّ تذهبُ لتناول الفطور فاليوم سيتمُ تسليم أملاك الراحل ليبريت إليك وعليك أن تحضر . خرجَ بعدما قاله ولم ينتظر حتى رده فعلِ من أمامه وانطلقَ ليكمل عمله ويبحث عن الشخص المناسب ليحل محله في الصباح ويرتب أمور السيد بدلاً عنه فهو الشخص العاشر المطرود من الذين كلفوا بهذه المهمة . حملَ الشاب ملابسه بغيض واتجه سريعاً ليأخذَ حماماً دافئاً فنظرته تجاه الخدم لن تتغير أبداً فجميعهم مخلوقات حقيرة لا تحتاج للشفقة أو الرحمة . ـــــــ وفي مكان آخر الحزن يخيم على قصر السيد الراحل فها قد مضى أسبوعٌ منذُ رحيله وهناكَ بعضُ من الأشخاص من خارج القصر يوضبون جميع أغراضه استعداداً لنقلها فقد كانَ دينه ضخماً جداً ولن يستطيع أحدٌ تسديده . وعند إحدى شجيرات القصر المنسقة بشكل مميز يُسمعُ صوتُ بكاء طفلانِ صغيران يرتديان ثوباً أبيضً فضاضاً فهما لم يتخيلا أن يأتي اليوم الذي سيرحلان فيه من هذ المكان الدافئ . وقفَ شابٌ أمامهما وأخذَ ينظرُ لمنظرهما المحزن وإلى قطراتِ دموعها التي تبلل خديهما جلس بقربهما وفردَ ذراعيه ليحتضنَهما بحنان , تفاجأ الطفلان فنظرا إليه بعينهما المبللة بالدموع وصرخا بصوتِ واحد وكلاهما بدأ يتشبثُ بملابسه. ـ أخي رولند . أسندَ ظهره على الشجرة التي خلفه وأخذَ يربتُ عليهما ليخفف من حزنهما وبصوته الهادئ الحنون قال لهما . ـ لا بأس .. سأكونُ معكما .. أينما سنذهب سأبقى بقربكما . رفعت الطفلة رأسها باتجاهه ونظرتْ إليه ببراءة ورفعَ الآخر رأسه لينظرُ إليه هو الآخر ,, كانا متشابهين بشدّة كونهما توأمان إلا أن الطفلة تمتلكُ شعراً أشقر طويلا منسدلاً على كتفيها بينما الآخر يصلُ إلى أسفلِ رقبته. ابتسمَ لهما بطيبة وقال بذات النبرة . ـ أليسَ كذلك لير , لين ؟! . أومأ الاثنان برأسيهما بابتسامة سعيدة فرولند في قرارة نفسيهما لن يتركهما أبداً فهو من أول من قامَ برعايتهم وأخذهم معه عندما كانا سيهلكان من قسوة حياة الشوارع . تحدثت لين وهي تمسحُ دموعها بكف يدها الصغيرة . ـ لو رحلت سوفَ أبقى غاضبة عليك . قاطعها لير بحماسه وفي عينيه إصرار وكأنما يحذر الشاب أمامه من إخلاف وعده . ـ لقد وعدتني بأن تعلمني الدفاع عن نفسي إذا كبرت . أطلق الشاب ضحكات صغيرة على حديثهما معه وضعَ يده على شعرهما ليربتَ عليهما بحنان . ـ لا تقلقا سوف أوفي بعهدي . اطمأنا لقوله وعلت وجهيهما السعادة من جديد اندفعت الصغيرة بكلامها نحو أخيها وكأنما تذكرت شيئاً مهماً لتقولَ بحماسة . ـ لقد نسيت لعبتي سوفَ أحملها معي قبلَ أن نذهب . وافقها توأمهما الصغير لير وأمسك بيدها الصغيرة وأردفَ قائلاً . ـ سوفَ أساعدك في ذلك فلم يتبقى سوى ثلاث ساعات ونذهب لمكان جديد . غادرا معاً بعد أن تناسيا الأمر , بينما بقي رولند وحده جالساً أسند رأسه فانسدلت خصلات شعره السوداء على جبينه لتغطي على عينيه التي تحمل لوناً فريداً لم يُرى من قبل , رسمَ ابتسامة تحملُ بعضَ الألم وهمس لنفسه . ـ سوفَ أوفي بعهدي ما دمتُ حياً . نهضَ وهو يشعرُ ببعضِ الثقل في جسده الضعيف أمسك ذراعه وهب نسيمٌ حركَ طرفَ بذلته فتغيرت ملامح وجهه للحزن فهو لا يعلم ما سيخبأ له هذا اليومَ من أحداث . ـــــــ انتصفت الشمس كبد السماء , واصطفَ جميع خدم قصر ماليان منتظرين أوامر سيدهم الشاب ـ ميلان ـ وصلَ في سيارته الفارهة السوداء ونزلَ منها بغرور مفرط , رفعَ نظارته السوداء إلى شعره وأخذَ ينظرٌ لهم بنظراته المعتادة ليرى إن كانوا جميعاً موجودين . جلسَ على كرسي كان قد عدّ له من قبل , ارتشف من كوب العصير المثلج الذي عدّ خصيصاً له حتى ارتوت نفسه قليلاً من برودته , نظرَ لهم مرة أخرى ثمَ وقفَ وهو يضع كلتا يديه خلفَ ظهره : ـ لا أريد أن تجلبوا أيّ شيء من ذلك القصر العفن وإن قاموا بتوضيبِ بعض الأغراض حتى وإن كانت ثمينة فأخبروهم بأني لا أريدها فسأبيع جميع القصر وما فيه . اعترض الخادم العجوز ورفعَ يديه ليتريث الشاب قليلاً عن قراره . ـ لــكن .. هناك أيضاً بعض الخدم فيه ؟! ما ذا ستفعل بهم !؟ . تغيرت ملامح ميلان للغضب وما لبثَ أن ابتسم بخبثِ ليقول بحدة . ـ لا أحتاجهم ! فماذا أريدُ بمخلوقاتِ حقيرة يمكنها أن تخونَ سيدها ببساطه ؟! . طأطأ جميع الخدم رأسهم إثر آخر كلمة قالها فالجميع يعلم الذنب الذي حصلَ منذُ سنواتِ عديدة ولابد من أنّه لا يزال يذكر اليوم الذي حصلت فيه تلك الأحداث . همسَ لنفسه بغيض وهو يشعرُ بالألم كلما تذكر ذلك اليوم الذي لا يريد عودته : ـ لن أثقَ بكم أبداً .. ولن تتغير نظرتي لكم أبداً أيها الحثالة . حزنَ العجوز شيمون على كلام سيده فهو يعلم بمقدار الألم الذي يحمله ولكن لا يحقُ له أن يقومُ بهذه التصرفات , أراد الاعتراض ولكن كفّ نفسه عن ذلك فلن يجني من ذلك سوى الطرد , نظرَ للخدم من حوله فهم قليلون جداً لا يتجاوزُ عددهم العشرة فقد غادر أكثرهم من قسوة لسان ميلان وإهاناته المتكررة , والباقون هم من أجبروا أنفسهم على البقاء احتراماً لسيدهم وليعلنوا له أنهم مخلصين لهم وليسوا من مجموعة الخونة التي يعتقدُ بهم سيدهم الشاب . بدأوا بالمغادرة واحداً تلو الآخر حتى بقي شيمون , رفعَ بصره فرأى أنه من بقي فحركَ قدميه مغادراً . ـ توقف أيها العجوز . التفت إثر سماعه صوته ونظرَ إليه , ليقف ميلان بقامته الطويلة ويقولَ له بنبرة فيها بعضُ الغرابة . ـ احضرهم جميعاً إلى هنا قبل أن تغرب الشمس , سأنظر في أمرهم فربما أجلبُ بعضهم ليعمل هنا لخدمتي . أومأ شيمون رأسه ببعض السعادة فها هو أخيراً سيتريثُ سيده عن قراره فقد أعجبه نصفَ كلامه فسيكون من الجيد لو بقي بعضهم هنا . غادرَ مسرعاً بينما جلسَ ميلان على الكرسي وحيداً وضعَ يديه على جبينه واتكأ على الطاولة الصغيرة بينما مظلةٌ تحميه من وصول أشعة الشمس إليه . ظهرت على تقاسيم وجهه الألم والخوف ,, فهو لا يزالَ خائفاً من أن يتكرر ذلك اليوم وضعَ يده على قلبه ليسمع نبضاتِه المتسارعة بعنف , عضَ على شفتيه وهو يشعرُ بعدم الأمان .. أرخى ربطه عنقه قليلاً ليتنفسَ بعض الهواء علّه يشعرُ ببعض الانشراح في صدره , ونهضَ ليأخذَ قيلولة صغيرة . فقد تحولت شخصيته تماماً من ذلك الطفل البريء المحبوب إلى شخصِ آخر مختلف تماماً عنه . انتهى الفصل الأول .
آخر تعديل Amazing Misa يوم 09-03-2013 في 11:58 PM.
|
|
4 أعضاء قالوا شكراً لـ Amazing Misa على المشاركة المفيدة: |
09-04-2013, 01:18 AM | رقم المشاركة : 4 |
شكراً: 0
تم شكره 29 مرة في 21 مشاركة
|
رد: رواية خادمي كان صديقي
تسلم ع الموضوع روعه عاشت ايديك عيوني
طرح في قمة الروعه ورائع مانقلت هنا كلمات مؤثره تسلم الأيادي على النقل الرائع وننتظر جديدك القادم وتكملت الروايه تحياتي لك
|
|
09-04-2013, 09:00 PM | رقم المشاركة : 5 |
شكراً: 421
تم شكره 628 مرة في 385 مشاركة
|
رد: رواية خادمي كان صديقي
انتهى رولند من حزمِ حقيبته الصغيرة المهترئة , قامَ بحملها إلى الخارج فلا بد من أن يأتي أحدٌ ليقومَ بأخذِهم هنا . أخذَ يجولُ بعينه باحثاً عن الطفلان فعليهما أن يستعدا للرحيل شاهدهما من بعيد يمرحان معاً في حديقة القصر فجلسَ على الأرض ليرتاح قليلاً , وضعِ يديه على العشبِ الرطب النديّ وأخَذ يتأملُ ملامح القصر التي تحيطُ به , كانت أياماً هادئة بالنسبة له عندما كان يعملُ لخدمة العجوز ليبريت .. شعرَ بالملل وهو يتذكرُ ذلك فأدخل يده داخل سترته التي تحمل اللون السكري وأخرجَ سلسلة مزخرفة بألوان داكنة متعددة كانتْ دائماً ما تكونُ حولَ عنقه نظرَ إليها فمرت على مخيلته صورتها وهي تبتسمُ له أغمضَ عينيه وابتسم ثمّ تساءل في قرارة نفسه عمّا تفعله الآن ! , وهل أمورها على ما يرام فهو لم يزورها منذُ مدة , أدخلها لتبقى محفوظة فهي أثمنُ شيء عندها فهي من أمرته أن يحتفظَ بها وستحطمه لو أضاعها . تذكر شخصاً آخر فطأطأ رأسه بابتسامة حزينة وخاطبه وكأنما يريدُ أن يسمعه . ـ .... ايفان أينَ أنتَ الآن ؟! .... هل أنتَ بخير ! ... لم أشاهدك منذُ آخر مرة افترقنا . رفعَ رأسه للسماء وابتسمَ بطيبة ليجعل التفاؤل يدخل إلى نفسه . ـ لا بد من أنّك كبرتَ الآن وأصبحت شخصاً رائعاً .. . مرت بعض الرياح الخفيفة وكأنها تقولُ له أنها ستحملُ هذه الحروف إلى من يقصده وربما هبت لأنّها لم تتحمل رؤية شخصِ كسير يتذكر رفاقه و يتساءل عنهم . شعرَ بأحدهم فالتفت ليرى من يقفُ بجانبه فوجدَ شخصاً ينظرُ له ببلاهة رفعَ نفسه ووقف بتهذيب ووجه الخطاب له. ـ أعتذر .. يبدوا أنني لم أسمعك ؟! هل كنتَ تناديني ! . ابتسمَ من أمامه فقد أُعجب بشخصية من أمامه وطريقته المهذبة , ارتبك قليلاً وقال له وهو يطأطأ رأسه باحترام . ـ أدعى شيمون كبيرُ خدم قصر مالينا , وقد كلفت بأن أُحضر من يعمل عند السيد الراحل ليبريت . ابتسمَ رولند ووضعَ يده على كتفه فهو لا يريدُ لأحد أن ينزل من شأنه أو أن يخاطبه بهذه الرسمية خاصة من شخصِ أكبر منه . رفعَ العجوز رأسه ليرى ابتسامه الشاب الصافية التي تدخل الراحة على قلبِ كل من يراها . ـ لا داعي لهذه الرسمية فأنا أيضاَ خادمٌ مثلك , لا بأس سأقوم بإحضارهم . أومأ شيمون موافقاً وأخذَ ينظرُ إليه وهو يبتعد فمن خاطبه الآن شخصية مبهمة فرغمَ لطفه وابتسامته الصافية إلا أنّه كمن يحمل شيئاً ثقيلاً فوق عاتقه كما أنه لا يزال شابا صغيرا مثلَ سيده لكنه يبدوا ضعيفا بجسده ذاك كما أنّ لون عينيه أسرت ناظره . أسرعَ رولند ليصل إلى الطفلان اللذان لا يزالان يمرحان معاً وقفَ أمام الحديقة ونادهما بصوتِ عال . ـ ليــر , ليــن .. لقد حانَ موعد الرحيل . ما إن سمعا صوته حتى تسابقا إليه بحماسه وكلُ منهما يتحدّىَ الآخر في من يصلُ أولاً وسطَ ضحكتاهما . أسرعا باتجاهه وكلٌ منهما ينظرُ للآخر وكأنما التحدي لا زالَ قائماً . شعرَ رولند بالقلق وهو يراهما يتجهان بسرعة شديدة نحوه مما يجعله يقول بابتسامة وكأنما يتوقع النهاية التي ستحصل له . ـ لا تركضا سوفَ تقعان إذا استمريتما على ذلك . لم يستمعا له بل فردا ذراعيهما باتجاه ودفعاه بحماسة طفولية ليسقطَ رولند على الارض بطريقةِ قوية ويحلّ الصمت لبعض الوقت . .. نهضَ بثقل منهما وأخذَ يتحسس ظهره وهو يشعرُ بالألم فيه بينما الصغيران لم يكفا من الضحك مما جرى مما جعله يضربُ جبهتهما بأصبعه في وقت واحد . ـ استمعا لكلامي في المرة القادمة . نفضَ ملابسه وتحدثَ لهما . ـ لقد جاء الشخص الذي سيأخذنا من هنا , هل قمتم بتوديع المكان ؟! . أومأ برأسيهما بحزن ونهضا من حجر الشاب الذي لم يشعرا بألمِ سقطته تلك . نظرت لين إلى السماء فوجدتها قد بدأت تتدرج نحو اللون البرتقالي فركت عيناها بتعب وأمسكت ببنطال رولند الأسود وبصوتِ متعب قالت له . ـ أخي ,, احملني .. لا أستطيع المشي أكثر فقدمايّ متعبة . ابتسمَ لجملتها فهو كانَ يعلم أنّ هذا ما سيحصل حملها بخفه ووضعها على إحدى ذراعيه لتَسعد بذلك وتشعر بفرحة غامرة مما جعلها تتشبث برقبته , نظرَ الشاب نحو توأمها ورأى ملامح التعب من كثرة اللعب قد ظهرت عليه هو الآخر فيكفي أنهما توأمان ليعلم بحالة كليهما . ضحكَ بخفة وهو يراه يحاول تجنب النظرِ إليه فلا بد أنّه يريد هو الآخر ولكنه خجل من ذلك . نزلّ للأرض ببطء وحمله هو الآخر بذراعه الأخرى دون أن يعلم مما جعله يخاف ويتشبث بملابسه . همسَ الشاب بلطف في أذنه وقال له . ـ إذا أردتَ ذلك فلا تتردد في أن تخبرني فقد تعاهدنا ألا نخفي شيئاً أليسَ كذلك ؟! . ظهرت علامات الخجل على لير ولكنه في نفس الوقت سعيد فها هوَ يحمله مع أخته . هدأ الطفلان ما إن بدأ من يحملهما بالمشي .... لاحَ لـ رولند شيمون الذي ينتظره من بعيد فنظرَ إلى الطفلان فوجدهما قد أغمضهما أعينهما ليأخذا غفوة على كتفه , ظهرت تقاسيم الألم على وجهه وتوقفَ قليلاً ليأخذَ بعضَ أنفاسه ففي بعضِ اللحظات يشعرُ بألم ينتشر في جسده بطريقةِ مفاجئة . فتحتْ لين عيناها لتتفاجأ من نظره الألم على وجه من تعتبره أخاها , وضعت يدها الصغيرة على خدّه وهمست بصوتها الطفولي : ـ هل أنتَ بخير أخي !؟ أبعد تقاسيم الألم من وجهه بسرعة ونظرَ لها بلطف مع ابتسامة رسمها على شفتيه . ـ أجل أنا بخير , أعتذر إن كنتُ أيقظتك . اقتربت لين منه وطبعت قبلة صغيرة على خدّه توردت وجنتيها عندما ابتعدت عنه وقالت بصوتِ أشبه بالباكي . ـ لا تنسى وعدك أنت لن تتركنا . أومأ رولند لها مما أدخل الطمأنينة لقلبها وعادت لتغمض عينيها , علم أنها خائفة من المصير الذي ينتظرهم في المكان الذي سينتقلون له فهو لن يخفي ذلك ولكنّه قد أقسم على حمايتهما ولن يكسر هذا الوعد أبداً فلا قلقَ عليه هوَ فما يهمه هو حياة هذان الطفلان , فهو من قرر بإرادته أخذهما معه . اعتذر الشاب من العجوز الذي جعله ينتظر , بينما أخذَ شيمون ينظرُ بتعجب للطفلين النائمين على ذراعيه فدفعه ذلك ليقول. ـ هل ستحضرهما معك !؟ . ـ أجل , فنحن فقط هم من يعملٌ هنا . [FONT="]لم يصدق شيمون ذلك فكيف بقصرِ بهذا الحجم لا يوجد فيه إلا شابٌ وطفلان فقط ؟! . [/FONT] علم رولند بما يفكر فيه فأخبره بالحقيقة . ـ لقد علم سيدي الراحل أنه سيغادر هذه الحياة فطلب من الجميع التخلي عن خدمته في الفترة الأخيرة فهو لن يستطيع أن يدفع لهم بسبب الديون الضخمة التي تحيط به خاصة من آل ماليان لذا جعل القرار لهم فاختاروا الرحيل . استمعَ له بإمعان ثمّ اتجه نحو باب العربة وأدخل حقيبة الشاب المهترئة وهو يفكر في نفسه عن السبب الذي جعلهم يبقونَ معم ولم يختاروا الرحيل بل فضلوا البقاء , لم يرد الخوضَ أكثر فليس من الأدب إكثار الأسئلة على شخصِ لا يعلم عنه الكثير . صعد رولند العربة المتصلة بخيولِ أصيلةِ بنية اللون وجلسَ على الأريكة التي فيها ثمّ وضع الطفلان في حجره ليدعهما ينامان تأمل تصاميم الحجرة الفخمة نقوشٌ ذهبية على السقف وستائر من الحرير الاحمر على نوافذها فقد كانت بحق مثلَ تلكَ التي توجد في الأساطير القديمة كما أنّ هذا الأمر غير مستغرب فصاحب قصر أل مليان يمتلكُ اسطبلاً من الخيول الاصيلة بالإضافة إلى مجموعات فارهة من السيارات الفخمة . ثواني هي حتى انطلقت العربة مسرعة وحل صمتٌ مطبق على الجميع . بدأت الشمس تدنو من الأرض وكأنما أرادت أن تودعَ من فيها بألوانها الخلابة التي رسمتها في السماء مرور بعض من الوقت جعلَ العجوز يختلسَ النظر للشاب التي بدأت تقاسيم الإرهاق بدايةً على وجهه وهو مغمضٌ عينيه وكأنما لم ينعم ببعض الراحة أبعدَ نظره عنه ليتأملَ الطفلان النائمان بطمأنينة واللذان يتنفسان ببطء وعلى وجهيها الراحة فعلى ما يبدوا أن يديّ الشاب التي تربت على رأسيهما دافئة وكأنما دفعَ إليهما راحته بدلَ نفسه كما أنّهما يتمتعانِ بجمالِ آخذ فتلك الخصلات الذهبية والبشرة البيضاء الناصعة يشبهانِ بحدِ كبير جمال النبلاء . ابتسمَ عندما تذكر أنّه لا يعرف اسمَ الشاب و نسي أن يسأله فأمسكَ زمام الخيل ليبطئ من سيرها فلا زالً هناكَ وقتٌ على غروب الشمس كما أنّه قلق فهو بالتأكيد لن يسلم من سيده فكيفَ لشابِ صغير بعمر الثامنةَ عشر ان يعملَ خادماً عند شخصِ يُقارِب عمره . ـــــــ وفي قصر ماليان , تملل ميلان من حديثِ الرجل الثرثار الذي أمامه كما أنّ شكله يجلبُ التقزز لنفسه وكأنّ شيئاً يخنقُ الهواء عنده , نهضَ الثرثار كما أطلق عليه في نفسه ووضعَ كأس الشراب على الطاولة أمامَ الشاب وقال بنبرة خشنة فيها بعضُ من الخبث . ـ سأغادر الآن ولا تنسى أن ترسل لي بعضاً من كلابِ ليبريت وسأكونُ محظوظاً لو كانت فتاة جميلة أو فتاتين . أطلقَ ضحكاتِ شيطانية تناثرت فيها بعضُ من لعابه المقزز بينما نظراتِ الاشمئزاز تصدر من ميلان فهذا الرجل البدين الذي أمامه سيصيبه بالغثيان في أيّ لحظة تمالكَ نفسه وبنبلِ الأغنياء نهض وتحدثَ بطريقة لبقة فيها نوعٌ من السخرية . ـ لا تقلق سأجلبُ لك ما تريد مقابل صفقةِ محترمة . صمت الرجل على إثر كلامه ونظرَ بعدمِ رضا إلى الشاب الذي أمامه فلا بد من أنّه يريد أن يسخر منه فهو يعلم أنّ تجارته بدأت بالهبوط والتدني . تقدمَ ميلان بابتسامه باتجاه نافذة القصر الزجاجية التي تعكس ضوء الشمس البرتقالي وكأنما ختمَ الحديث بجملته تلك وانتصر. ظهرَ الانزعاج على الآخر فحركَ قدميه مغادراً المكان وقبل أن يخرج من الباب لوح بيده وبابتسامه ساخرة ليؤكد طلبه . ـ سأقتلك لو كانت غير جميلة . تنفسَ ميلان الصعداء عندما سمعَ صوتَ خطواته المغادرة أرخى ربطة عنقه وبنبرة ساخرة . ـ رجل فاسد , لو أنه لم يترك اهتمامه بتجارته لما خسر فيها . تهادى لسمعه صوت صهيل خيل فعلم أنّ شيمون قد عاد من مهمته التي أوكله بها وضعَ يديه على وجه بضيق فلا بدّ أنّ ذلك التاجر الفاسد لم يغادر قصره بعد . ـــ استيقظ الطفلان عندما شعرا بدفعِ بسيط بسببِ توقف العربة فتحا أعينها الخضراء اللامعة فوجدا رولند ينزلُ من العربة رفعت الطفلة نفسها وجلست كما فعلَ لير تماماً وبدأت تفركُ عيناها فلا بد من أنّهما وصلا شعرت بهزِ خفيف لتلتف نحو أخيها الذي بدا مدهوشاً بطريقة ما وهو يشير بإصبعه لشيء ما ويقول لها . ـ أختي أنظري إليه ... إنّه ضخم .! . نظرتْ إلى حيثُ يشير لتدهشَ كثيراً مما تراه ظهرت تعابير الفرحة على وجهها وأمسكت بيد أخيها وبنبرة حماسية أخذت تقول له . ـ إنه أضخم من القصر الذي كنّا فيه لننزل ....... . أخذت بيدِ لير وهي بأشدّ فرحتها فهذه أول مرة ترى قصراً بهذه الضخامة والجمال نزلا من العربة ومن شدّة حماستها اصطدمت بأحدهم لتسقط هيّ مع لير الذي كانَ معها . ـ ما ذا تفعلان ! . رفعت لين رأسها بسعادة عندما سمعت صوت رولند فصرخت بفرحة وهي ترفعُ رأسها لتخبره . ـ لم أرى مثله أبداً .... إنه جميل. ضحكَ الشاب من فرحتها المفرطة فهكذا هم الاطفال نزلَ بمستواها ووضعَ يده على شعرها وقالَ بنبرة لطيفة . ـ اسمعي .. نحنُ لا نزال جدد هنا ولا نعلم ماذا يحدث .. . نظرً لكليهما وخاطبها بنبرةِ جادة . ـ لا تقوما بعملِ ضجة هنا فنحنُ لم نقابل سيد القصر بعد . هدأت فرحه الصغيرة وشعرت ببعض الحزن فهو صادق في قوله , ابتسمَ عندما أوصلَ ما يريد قوله لهما , نظرَ إلى لير وأمسك يده ووضعها على يد أخته وقال له . ـ كونا حذرين وانتبه لأختك .. تجولا قريباً من هنا على مدّ بصري .. اتفقنا !. [FONT="]أومأ لير بابتسامه وشعر بفرحة غامرة فها هو رولند يعتمد عليه في حمايته أخته التوأم . [/FONT] نهضا من الأرض وأمسكا بأيدهما ثمّ تقدما لينظرا للقصر من بعيد وللأشياء من حوله . تنهد الشاب عندما ابتعدا عنه قليلاً فلا بدّ من أي يكونَ الأمر صعباً عنده ,شعرَ بأحدهم يربت على كتفه فالتفت بذعر . ـ يبدوا أنّكَ متعب ما رأيك لو تجلس هنا إلا أن يأتي سيد القصر . ابتسمَ رولند ومسحَ العرقَ الخفيف عن جبينه فهذا لم يكن سوى شيمون . ـ لا داعي لذلك .. لستُ متعباً . تنهد شيمون فهذا الشاب الذي أمامه لن يعترف أبداً بأنه منهك بينما وجهه يفضحُ ذلك . ـ انتظر هنا .. سأرجع العربة لمكانها وبعدها سأعود .. وسيأتي صاحب القصر بعد قليل . طأطأ الشاب رأسه باحترام لمن أمامه وقالَ له بطريقة مهذبة . ـ شكراً لكَ على الاعتناء بنا طولَ هذه المدة .. كما أنني أتطلع للعمل معك . شعرَ العجوز ببعضِ الإحراج فكيف بشابِ مثله أن يبدي له هذا الاحترام والتهذيب المفرط , ضاعت الكلمات من فمه فقال له وهو يجر الخيول ليذهب لها . ـ أخبرتك ..لا داعي لذلك ... ـــــــ مرت نسمة هواء باردة ابتعد فيها العجوز شيمون وبقي رولند وحده في ساحه القصر , التفت لعله يرى أين ذهب الطفلان فوجدهما يركضان بفزعِ نحوه وهما يصرخان باسمه . فزعَ واقترب بسرعه منهما وعندما وصلا عنده اختبآ خلفَ ظهره وتشبثا بملابسه لم يعلم ما حصل لها فقال بنبرة خائفة بعضِ الشيء . ـ ما لذي حصلَ لكما ؟! هل حدثَ شيء ؟! . كانت لين تدفن وجهها في ملابسه ويدها ترتجف تحدثت بصوتِ مخنوق وخائف . ـ إنه رجل شرير ... إنه يطاردنا . تعجب لكلامه المبهم فسأل من جديد لعله يلقى جواباً واضحاً . ـ لير أخبرني ما الذي حصل !؟ . رفعَ الأخير رأسه وهو لا يزال يلتقط أنفاسه . ـ إنه .. إنه ... لقد أخذَ بسؤالنا هل أنتم خدم السيد ليبريت ؟! وبعدما أجبناه .... .... . لم يكمل لير كلامه بل توقفَ وهو ينظرُ لشيء ما خلفَ رولند بخوفِ وصدمه . تعجب رولند لذلك فكل ما عرفه هو شخص قامَ بسؤالهم ثمّ أخذَ يطاردهم . تكلمَ ذلك الشخص بصوته الخشن وبسرعة البرق أمسك بيد لين وسحبها مما دعاها لتصرخ باسم رولند . التفت الشاب بصدمه ليرى رجلاً أمامه بدين بعضُ الشيء وتظهر على وجهه ملامح الخبث كما أنّه يمسكُ بيد لين بل ومن أمامِ عينيه أخذها ! . تغيرت ملامح وجهه للجدّية وتقدمَ نحو الرجل الذي لا زالَ يمسك بـ لين بقسوة , أخذها من عنده عنوةً واحتضنها بإحدى ذراعيه فقد كانت لين خائفة وجسدها يرتجف و قالَ لمن أمامه . ـ من أنت ؟! وما لذي تريده من إفزاع طفلةِ صغيرة ؟! . لم يزل الرجل مصدوماً بل لا زالَ ينظرُ ليديه التي كانَ يمسك بها يد الطفلة والتي اختفت في غمضه عينِ وأصبحت محميّة من شابِ لم يرى وجهه إلى الآن . أطلقَ ضحكاتِ خبيثة ورفعَ رأسه لينظرُ لمن يتحدث معه بطريقة غير مهذبة . ـ أدعى جايد .. تاجر الأواني الفضية المزخرفة في هذه البلد . قطب رولند حاجبيه فهو يشعرُ بأن هذا الجايد شخصُ سيء الطباع , فتحَ فمّه وقالَ له بنبرةِ فيها بعضُ الصرامة . ـ إذاً أنتَ لستَ صاحب القصر .. . ابتسمَ جايد لجرأة هذا الشاب تقدمَ نحوه ثمّ أمسكَ بمقدمة ملابسه وجذّبه نحوه بقوة , بينما ظهرَ الخوفُ جلياً على لير الذي سارع باحتضان اخته ليحميها من الخطر . تألمَ رولند وشعرَ بالاختناق فـ يدُ ذلك الشخص قوية بعضَ الشيء حاولَ التحرر منه ولكنّ جايد وضعَ أصابعه على ذقنه ورفعها بشدّة ليرتفعَ وجهه رولند ويصيرُ مقابلاً لوجهه... نظرَ جايد إلى ملامحه وأخذَ يتأملّها, سُحر بعينيه التي تحملُ لوناً أزرقاُ مائلاً للونِ الرصاص معَ لمعةِ جميلة تظهرُ فيها فقال له بخبث . ـ أنتَ وسيم ! هل أنتَ حقاً فتى !؟ . لم يعد باستطاعة الشاب رولند أن يقفَ وهو يرى الخوفَ في عيني التوأمان خلصَ نفسه من قبضته وتراجع للخلف حتى سقط على الأرض , أخذَ يلتقطُ أنفاسه بينما جلسَ التوأمان خلفَه يحتميان به رفعَ رأسه و نظرَ إلى جايد الذي أخذَ يوجه الكلام له بخبث . ـ ربما أغيرُ رأيّ وأطلبُ من ميلان أن أخذكَ أنت . صفقَ بيديه ثلاثَ مرات لينتبه الجميعُ لذلك الصوت ويلتفتونَ نحو مصدره . ابتسمَ جايد عندما رأى القادم وقالَ له بحماسه . ـ ميلان .. لقد غيرتُ رأي . توقفَ الشاب ميلان عن المشي عندما وصلَ إلى جايد و أخذَ يبعثرُ نظراته وينظرُ لثلاثة الذينَ يجلسونُ على الأرض , ابتسمَ عندما رأى شاباً بنفسِ عمره بملامح قلقةِ وهو ينظرُ بريبة , أخذَ نفساً عميقاً ثمّ التفت نحوَ جايد ليقولَ له بصرامة . ـ ألا زلتَ هنا ! . ابتسمَ جايد بارتباك واضح وأخذُ يُفركُ يديه مع ابتسامة بشعة ظهرت على شفتيه . ـ لقد أردت المغادرة ولكنّي شاهدتُ بالصدفة خدمَ السيد ليبريت . نظرَ إليه ميلان بعينِ حادة جعلته يتجمدُ في مكانه ويخفي ملامحه البشعة التي يظهرها كتفَ بذراعيه وقالَ له بنبرةِ غرور . ـ لقد رأيتَ بعينك لا توجدُ فتاة بينهم لذا غادر قصري حالاً . قالَ ذلك ثمَ نظرَ لـ لرولند بابتسامة واسعة تحملُ بعضَ السخرية وأتبعَ قائلاً . ـ يبدو أنّ السيد ليبريت ذكيّ بعضَ الشيء فقد أخلى سبيلهم ولكن لا زال لدينا ثلاثةُ ضائعين هنا . ظهرَ على وجهه جايد الامتعاض ولم يعجبه طريقة ميلان في الحديث معه مما يجعله يلتفُ بجسده مغادراً بغيرِ رضا منه وعينه على ذلك الشاب الذي رآه . أخذّ ميلان يتابعُ جايد بعينيه حتى خرجَ من قصره , أخذّ نفساً عميقاً ثمّ رفعَ خصلاتِ شعره إلى الخلفِ بغرور وبقيّ يحدقُ بالطفلين الذي ينظرانِ له وهما يتشبثانِ بملابسِ الشاب الوسيم الذي أخذَ ينظرُ للأرض ولم يُكلف نفسه عناء النظرِ إليه . جاءَ شيمون وهو يحملُ كرسي جلبه من حديقة القصر وضعه بجانبِ ميلان الذي جلسَ عليه سريعاً ووضعَاً ساقاً على ساق وأخذَ ينظرُ لهم بينما غادر شيمون ليؤديّ عمله ويترك سيد القصر يتحدثُ مع الثلاثة الجدد . ابتسمَ ميلان بسخريه وهو لا زالَ يحدقُ بالطفلة لين , وجه كلامه للشاب الذي لم يرى ملامحه بعد وقال له . ـ يبدوا أنّهما متعلقيّن فيكَ كثيراً أيها الشاب . رفعَ رولند رأسه وظهرت على ملامحه الجديّة فقد تلمسّ في جملة ميلان بعض الشرّ . تفاجأ ميلان بملامح الشاب الذي أخذُ ينظرُ له بنظراتِ حادة , أطلقَ صفيراً وقال بسخرية . ـ يبدوا أنّك تمتلكُ بعضَ النظراتِ السيئة ! ... أخبرني ما اسمك ؟! . لم يطمئن رولند له فوقفَ ونفضَ بنطاله الأسود من التراب الذي علقَ به... وضعَ يديه على شعرِ الطفلان الذي لازالا يتشبثانِ به وقال . ـ أدعى رولند .. وهذا الطفل لير وهذه لين . أُعجب ميلان بطريقته الهادئة التي يُعرفُ بها نفسه .. ابتسمَ بخبثِ وقالَ وهو يضعٌ يده على ذقنه مفكراً . ـ أظنني لا أحتاجُ لثلاثتكم ... سأكتفي بكَ أنت . قالَ جملته الأخيرة وهو يشيرُ إلى رولند باحتقار . اتسعت عينُ الشاب بقلق وقالَ له بارتباك وهو يشعرُ بيديّ الطفلان اللتانِ تشّدان على ملابسه . ـ ماذا تقصد ؟! . وضعَ راحة يده على خده وبابتسامة كبيرة وهوُ يحدقُ بهم . ـ كما قلت ... سوفَ أرسلُ هذه الطفلة مع ذلك الشخص جايد ... والآخر ... . توقفَ قليلاً ليُفكر أو ربما لأنّه يريدُ رؤية المزيد من القلق الذي يزدادُ في وجهه رولند والذي بدأ يتضحُ تدرجياً . ـ ربما سأرسله لأحدَ أصدقائيّ ليعملَ تحت خدمته . شدّ رولند قبضةَ يده وشعرَ بغصةِ في حلقه فهذا الشاب الذي أمامه .. يبدوا أنّه شخصٌ بلا ضمير فكيفَ يريدُ تفريقهم وهو يرى بعينيه أنّ هذان الطفلان توأمان عضَ على شفتيه فلا بدّ من أن يجدَ حلاً سريعاً لذلك , فيبدوا أنّ ميلان جادٌ فيما قاله ترددت في ذهنه محادثته مع الصغيران وكيفَ وعدهما بأنّه لن يتركهما أبداً أغمَضَ عينيه بشدّة وأخذَ يُفكر في طريقة ما لُيخرجَهما من هذه العقدة بينما أخذَ ميلان يستمتعُ برؤية ملامحِِ رولند المضطربة بابتسامة كبيرة . [/CENTER] انتهى الفصل الثاني ..
آخر تعديل Amazing Misa يوم 09-04-2013 في 09:16 PM.
|
|
4 أعضاء قالوا شكراً لـ Amazing Misa على المشاركة المفيدة: |
09-05-2013, 11:16 PM | رقم المشاركة : 7 |
شكراً: 190
تم شكره 71 مرة في 34 مشاركة
|
رد: رواية خادمي كان صديقي
السَــلام عَلَيــكم وَ رَحمَــةُ الله تعَــالى و بَــركــاتُــه
بالبِـدايــة سَــلِمَــت يــداكِ .. بِــدايَــة القصّــة أعجبَـتني صَــراحة تَــكلّمَــت عن كُـل التَـــفاصيل بِــدقــة أعجبَتنــي شخصيّــة الشّـــاب رولند جـــداً .. ووصــف أشــكال الشخصيّــات كــان رائعـــاً .. التنســيق الذي اخترتيــه ســهّل قــراءة القصّة لــكن >< وجَــدتُ صُــعوبة بحفظ أســماء الشّــخصيات بـــــــانتِظار الفَصــل الثالـــث ...
|
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ DeMoIzeLle AmU على المشاركة المفيدة: |
09-06-2013, 04:54 PM | رقم المشاركة : 8 |
شكراً: 1,387
تم شكره 2,359 مرة في 1,132 مشاركة
|
رد: رواية خادمي كان صديقي
قصتكي مشوقة جدا
شكرا اختي ارجوكي تابعي
|
|
09-06-2013, 08:18 PM | رقم المشاركة : 9 | |
شكراً: 421
تم شكره 628 مرة في 385 مشاركة
|
رد: رواية خادمي كان صديقي
مشكووورين كتيير ان شاء الله بنزل الفصل الثالث بكره امم كمان بدي اذكركم القصة منقوولة و فصولها لم تكتمل بعد
|
|
|
3 أعضاء قالوا شكراً لـ Amazing Misa على المشاركة المفيدة: |
09-11-2013, 04:43 AM | رقم المشاركة : 10 |
شكراً: 421
تم شكره 628 مرة في 385 مشاركة
|
رد: رواية خادمي كان صديقي
بدأت الشمسُ تصارع على البقاء فبدت تظهرُ حمرتها في السماء البرتقالية .. كانَ الثلاثة لا يزالون في حديقة القصر رولند لا يزالُ متسمراُ في مكانه وقد طغت على ملامح وجهه ملامح قلقِ كبيرة , بينما بدى الحزنُ على الطفلين فها هي لين قد بدأت الدموعُ تتجمع في عينيها بينما لير يحاولُ أن يبقى شجاعاً أمامَ أخته التوأم بينما بداخله عكسً ذلك , ملّ ميلان من رؤيتهم فقد تحقق مراده في أن يرى ردة فعلهم ويستمتع بها , وقفَ والتفتَ ليغادر بعدَ أن أصدر حكمه .
لاحظه رولند فأسرعَ نحوه دونَ تفكير وأمسكَ بأحد ذراعيه وبرجاء قال له . ـ أرجوك تريث قليلاً . ما إن أحسّ ميلان بيده التي يضعها على ذراعه حتى اشتغلَ غضباً ضربَ يده التي تمسكه بحركة سريعة وقالَ بصراخ . ـ لا تلمسني بيدك القذرة ! . تعثرت قدمه وسقط أرضاً وقد بدت على ملامحه الصدمة فقد كانت ضربته حقاً مؤلمة , التفت ميلان إليه باحتقار وغضب , بينما لم يستسلم رولند حتى وهو يرى ملامح وجهه الغاضبة.. وقفَ و تقدّم باتجاهه ثمّ طأطأ رأسه باحترام وقالَ له برجاء أكبر . ـ أرجوك أخرجهما من ذلك . كتف ميلان بذراعيه وهو يراه يُصر على ذلك مما جعله يقولُ بعدمِ رضا ممزوجةِ بالسخرية . ـ هل أنتَ من تقرر ذلك ؟! . اتسعت عينا رولند لسخريته التي وجهها له ولكنْ لم يجعل ذلك يؤثر على عزيمته هو الآخر مما جعله يقولُ له بتوسل . ـ أرجوك.. اطلب مني أيّ شيء أو افعل بي ما تشاء على أن تدعهما . ارتسمت ابتسامة ساخرة على وجهه ميلان عندما رأى إصراره وكلماته تلك .. تقدم نحوه ووقفَ أمامه بينما لم يرفع رولند رأسه بل بقيّ على حالته وهو يتمنى أن يتراجع عن قراره . في تلكَ اللحظة جاء شيمون واتخذَ له مكان بالقربِ من إحدى الشجيرات المنتشرة في ساحة القصر حيثُ لا يراه فيه سيده فهوَ قلق ويريدُ أن يعرفَ ما حصل , شعرَ بالخوف عندما رأى ذلك الموقف ... لير ولين اللذان ينظران لـ رولند بأعينهما البريئة وميلان الذيّ يقفُ أمام ذلك الشاب بغرور مع ابتسامته التي لا تبشرُ بالخير مطلقا .. و رولند الذيّ يحني رأسه في صمت وهو يشدُ قبضة يديه بينما عينيه كانت تظهرُ عليها لمعة الإصرار . وضعَ ميلان يده على شعرِ رولند الكثيف وأدنى رأسه ليهمسُ في أذنه ويصلَ إلى مستواه . ـ هل تقولُ لي أن أطلبَ أيّ شيء منك أو أفعلُ ما أشاء بك ؟!؟! ... . قالها بسخرية شديدة ولم يكتفيّ بذلك بل قالَ له وقد تغيرت ملامحه للجدّية . ـ أنتَ بالفعلِ كذلك منذُ أن وضعت قدميك على قصري هذا . أغمضَ عينيه وهو يتلقى تلكَ الإهانة التي عكسها عليه .. تساقطت بعضُ قطرات عرقه عن جبينه لتسقط على وريقاتِ العشبِ الصغيرة وكأنما فقدَ معها رولند الأمل . ـ حسناً ولكن بشرط ... !! . اتسعت أساريره وملئت نفسه فرحة كبيرة عندما سمعَ جملة ميلان التي نطقَ بها , رفعَ رأسه واعتدل بوقفته وقالَ له برسمية مشبعةّ بالحماسة . ـ وما هوَ ؟! . نظرَ ميلان إلى عينيه وبخبثِ قالَ له . ـ تعملُ عنديّ بدونِ أجر ! . اتسعت عينا شيمون عندما سمعَ كلامَ سيده فكيفَ يطلبُ من ذلك الشاب أن يعملَ عنده بدونِ أجر وهو يُقارب سنه .. شعرَ بضيق في صدره وجملة سيده التي قالها لـ رولند تترد عليه .. فلو كانَ هوَ في ذلكَ المكان لتردد كثيراً فالعملُ دونَ أجر يعتبر إهانةً كبيرة للشخصِ الخادم وكأنما اشتراه وأصبحَ عبداً ملكاً له . صكّ رولند على أسنانه عندما سمعَ ما قاله فإن رضيّ بذلك فسوفَ يعرضُ نفسه للاستصغار . عضَ لير على شفتيه فقد فهم المحادثة التي دارات بينهم كما أنّه قد كره ذلك الشخص من كلِ قلبه نظرَ إلى ميلان بنظرات حادة فوجده يبتسمُ بنصر وكأنما ينتظرُ الإجابة أبعدَ نظره عنه وأسرعَ بخطواته نحو رولند أمسكَ يديه وقالَ له بإصرار ظهرَ في عينيه . ـ أخي سوفَ نتهمُ بأمرنا , أرفض ما قاله لك إنه شخصِ شرير . هدأ رولند قليلاً وانقطعت افكاره عندما سمعَ صوتَ لير ثمّ مالبث أن ابتسمَ ابتسامة ظهرت فيها أسنانه المصطفة كالالئ وضعَ يده على شعرِ لير وقالَ له بنبرة محبة . ـ لقد كبرت حقاً لير . توردت وجنتيه عندما سمعَ ما قاله فأبعد نظره عنه فقد شعرَ بالخجل من كلامه . وقفَ رولند وتغيرت ملامحه اللطيفة في ثواني قليلة إلى ملامح جدّية وقالَ لـ ميلان الذي ينتظرُ جوابه . ـ حسناً أوافقُ على ذلك . ضحكَ ميلان بخفة وتكلم وهو يشعرُ بالإثارة فلم يتوقع أبداَ أن يقبل ذلك . ـ أنا أعلمُ السبب الذي جعلك تعملُ عند ليبريت , لذلك لا تحمل في نفسك شيء لأنّي طلبتُ ذلك . ضاقت عينا رولند عندما سمعَ ما قاله ولكنّه تمالك نفسه ليكملَ ميلان كلامه بثقة ساخرة . ـ لذلك سوفَ يكون ذلك تعويضاً لما سببته من خسارة له بسببِ خطأك , فقد كانَ ما ضاعَ هو ماليّ أنا الذي يجبُ عليه تسديده . ابتسمَ رولند ليجاريه في كلامه ويقولُ بحنكةِ وذكاء مع ذات النبرة التي يُخاطبُه فيها ميلان . ـ لكن , لا أظنُّ أن تلك الخسارة البسيطة قد تؤثرُ على أموالك , أليسَ كذلك ؟! . أطلقَ ميلان ضحكاتِ عالية عندما تلمسَ ما يريده في جملته مما جعله يزداد فرحاً لأنّه اختار هذا الضعيف لخدمته فسيكونُ ممتعاً كما أنّه يتطلعُ لرؤيته يقومُ بخدمته . جلسَ على الكرسي مرةَ أخرى ثمّ أخرجَ من جيبِ سترته الفاخرة بطاقةً صغيرة بيضاء اللون تحملُ بعضَ الكتابات والخطوط السوداء العريضة , مدّها إلى رولند وقال له وهو ينظرُ للصغيرين . ـ لأكونَ عادلاً , فقد كانَ ما قلته صحيحاً ... لكن . أتبعَ بنبرة خبيثة وهو يراقبُ ملامح وجه رولند ليرى المزيد من تعابيره التي تطرأ عليه . ـ سوفَ تنتهي تلكَ الخسارة البسيطة في أيامِ قليلة وبما أنّك قبلت بالشرط فسأقومُ بإعطاء الصغيران المال الذي هوَ بمثابة عملكَ هنا .. . أخذَ رولند تلكَ البطاقة من يديه وأخذَ ينظرُ إليها فقد كانَ ما قاله جيدٌ بعضَ الشيء . نهضَ ميلان من مكانه والتفتَ مغادراً وهو يقول بتحذير . ـ إن اكتشفت أنك تقومُ بأخذِ شيء منه ولو القليل , فلن أرحمك أبداً . قالَ تلكَ الكملة بصوتِ غاضبِ شديد وكأنّه سيكونُ جاداً فيما قاله ولن يرحمه . ابتعدَ وهو يُضعَ يديه على رأسه وكأنما قد أنهى المحادثة معه وأصدر حكمه , ولكنه توقفَ في نصفَ طريقه ليقولَ لـ رولند بغيض . ـ فـ ليغربا من هنا الآن . قالها ثمّ انطلقَ نحو قصره . بينما أمسكَ رولند بأيدهما الصغيرة وانطلقَ يمشي نحو بوابة القصر لير بجانبه الأيسر بينما لين يسمكُ بها بيده اليمنى . ـــــــ ـ انتظر . التفت رولند عندما سمعَ ذلك الصوت ليرى شيمون يقفُ وراءه وهو يلتقطُ أنفاسه و بادر يقولَ للشابِ بنبرةِ حزينة . ـ أنا أعتذرُ من تصرفاتِ سيدي .. . ابتسمَ رولند ووضعَ يده على كتفيه . ـ أنتَ لم تفعل شيء , لا بأس عليك . تلمس شيمون لطف هذا الشاب وحَزن على القرار الذي اتخذه فهو من الغد سيبدأ العمل في القصر , نظرَ للصغيرين الذي بدت على ملامحها الحزن وعدم الرضى ليقولَ لـ رولند . ـ أينَ ستذهب الشمسُ بدأت بالغروب وسيحلُ الليل !. أمسكَ رولند بأيدهما بقوة وقالَ له بابتسامة جميلة . ـ سوفَ أذهبُ بهما إلى مكان ما وأعودُ سريعاً . أومأ شيمون برأسه موافقاً ولوحَ بيده مودعاً الشاب الذي أخذَ يبتعدُ عن القصر ممسكاً بأيديّ الطفليين الصغيرين بعدَ أن آثرهما على نفسه عادَ شيمون أدراجه وهو يُفكر بالحياة التي سوفَ يعيشها من الغد فصاعداً فلن تكونَ سهلة وسيده هو ميلان . ـــــــ بدأ الليل يهبطُ تدريجاً ونسيمه البارد يلفحُ على المكان و رولند لا زالَ يمشي في شوارع المدينة في صمتِ طويل لم ينطق فيها بشيء بينما لين في كلِّ مرة تنظرُ إليه ولير لم يجرأ على أن ينظر بل بقي يحدقُ بالأرض وهو يشعرُ بالذنب فيبدوا أنّه الوحيد الذي علمَ بما حصل بينما بدا أنّ أخته لم تعلم ما جرى . أغمَضَ عينيه بشدّة وتوقفَ في مكانه ولم يتابع السير تعجب رولند فالتفت نحوه وقالَ له بتعجب . ـ لير , هل حصلَ شيء ؟! . ـ أنا آسف . ابتسمَ رولند وتقدمَ نحوه وقالَ له محاولاُ تصنع عدم فهم ما يقول . ـ لم تفعل شيئاً حتى تعتذر ! . شعرَ لير بغضبِ طفيف من طريقة رولند التي لا يريد أن يسبب فيها القلقَ لهما مما جعله يرفعُ يده ويضعها على صدره , أخذَ نفساً عميقاً وصرخَ بأعلى صوته وقد بدأت الدموعُ تنسكبُ من عينيه . ـ كانَ عليك ان تتركنا في ذلك المكان ولا تأخذنا معك . ضاقت عينا رولند عندما سمعَ ما قاله وظهرت عليه ملامح غضبِ طفيفة , أمسكَ بكلتا يدي لير ورفعها باتجاه ثمّ قالَ له. ـ أتعني بذلك أنكَ لا تريدنيّ أن أبقى بجانبك ؟! . هدأ لير من بكائه قليلاً عندما سمعَ ما قاله فهو لم يقصد ذلك , أخذَ يكفكفُ دموعه وهو يقولُ بصوتِ باكِ . ـ لكن ...لكن ... أنتَ الآن ستعملُ عندَ ذلك الشخص إنه ليسَ لطيف كالسيد ليبريت . أخذَ نفساً عميقاً ورفعَ خنصر يده اليمنى وأشار بها أمام عينيه ثمّ قالَ بلطف . ـ ألم نتعاهد أن نبقى سويةً ! لا يعني أن أكونَ مع ذلك الشخص أنّي قد تركتكما . اتسعت ابتسامة لين عندما سمعت ما قالت فقد خشيت أن يتركَ رولند البقاء معهما , بينما الأمر ذاته عندَ لير الذي لم يدفعه قولَ ما قاله إلا لأنه خشي ذلك. اطمأن قلبيهما فعادت الابتسامة إلى وجهيهما وأكملا سيرهما مع رولند . ـــــــ ـ ها قد وصلنا . هذا ما قاله رولند وهو يقفُ أمامَ مبنى متوسط مكوّن من خمسةِ أدوار مطليّ باللون البني الباهت الذي تغير مع الزمن , تقدمَ نحوه ودخله ثمّ قامَ بالصعودِ على دراجته ليصلَ إلى الدور الثالث برفقة الطفلين . وقفَ أمامِ بابِ غرفة على شرفةِ تطلُ على شجرةِ خضراء جميلة ذات أوراقِ صغيرة من على الجانب وإذا نظرَ أحدهم إلى الأسفل فسيرى شارعِ المدينة بمحلاته المشهورة , ابتسمَ وهو يتذكرُ هذا المكان فقد مرّ وقتٌ من أن جاء إلى هنا . تكلمت لين وهي تنظرُ للمكان حولها بتعجب . ـ أخي أينَ نحنُ الآن ؟! . أجابَ رولند بابتسامةِ واسعة وهو ينظرُ إليها . ـ إننا الآن أمامَ منزل أختكما الكبيرة . لم يصدق لير ما قاله فاملأت وجهه الدهشة ولمعت عينيه وأخذَ يقولُ لـ رولند بحماسة كبيرة . ـ أتعني أنّ لكَ أختاً ؟! . ضحكَ بخفة وهو يرى تعجبه الطفولي واندفاعه عندما سأله لـ يومأ برأسه وهو يقولُ له . ـ شيء كهذا . ضمت لين يديها نحوها وقد برقت عينها بسعادة , أخذت تتساءل في قرارة نفسها هل هي تشبه رولند ! وهل تمتلكُ عيناً مثلَ التي يحملها ! . طرقَ رولند البابَ بخفة ليجيء صوتٌ أنثوي من خلفَ الباب تخبرهم بأنها قادمة , أدارت مقبضَ الباب وفتحته لتعرفَ من الطارق فظهرَ أمامَ الطفلان فتاةٌ جميلة بجسدِ متناسق وشعرِ بنيِ قصير يصلُ إلى أسفلِ رقبتها تلبسُ ثوباً عادياً زهريّ اللون. تسمرت في مكانها عندما رأت حدقةُ عينيها السوداء ذلك الشاب الذيّ يقفُ أمام بابَ شقتها فظهرت السعادة جلياً على ملامحها تجمعت الدموع في عينيها فلم تعكس عينها سوى ذلك الوجه الوسيم الذيّ دائماً ما تتشوقُ للقائه , اندفعت نحوه وضمّته بذراعيها بسعادة كبيرة ِ . ـ رولند لماذا لم تعد تأتي لزيارتي ! . هذا ما قالته بصوتِ باكِ ممزوجِ بالفرحة الغامرة بينما لم تنتبه للطفلين اللذين أخذا يُحدقان بها بدهشة . توردت وجنتيّ لين وهي تتأملُ ملامح تلك الفتاة الجميلة بينما طغت على وجه رولند ملامح خجلِ طفيفة مما دعاه ليهمسَ لها بخفوت . ـ ميدوري لقد جلبتُ طفلان هنا ! . ابتعدت ميدوري ثمّ التفت نحو المكان الذي ينظرُ له رولند , رأت عيناها تلكَ الأعين الخضرُ التي تحدقُ بها , اقتربت منهما وجلست على ركبتيها لتصلَ إلى مستواهم وأخذت تدققُ في وجهيهما لتتذكرَ أين آخر مرةِ رأتهما , ثواني هي حتى أطلقت صرخةً مفاجئة . ـ أنتما ..! لقد تذكرتْ . التفتَ سريعاً نحو رولند وأخذت تنظرُ له غيرَ مصدقة وقفتَ على قدميها وأسرعت باتجاه ثمّ همست في أذنيه بطفولية . ـ هل قمتَ حقاً بأخذهما !؟ أبعدها الشاب بيده بلطف ثمّ قالَ لها بهمسِ صغير خالطه نبرةُ غريبة . ـ جئتُ أطلبُ منكِ معروفاً . تلمست ميدوري نبرته تلك فعلمت انّ في الأمر شيئاً , تراجعت للخلفِ قليلاً ثمّ فتحت بابَ شقتها لتقولَ للطفلين بحماسة . ـ ادخلا وانظرا إلى شقتي ولا تعبثا بشيء موافقان ! . سعدَ الطفلان لذلك فأسرعت لين تخلعُ حذائها وتسارعُ في الدخول كما الحال عند لير . ـــــــ هدأ المكانٌ قليلاً في الخارج وبدأت الأضواء الملونة للمحلاتِ القريبة من ذلك المبنى تفتحُ لتنير الطريق وتخلقُ جواً من الهدوء مع نزولِ وقت الليل , هبت نسمةُ هواء باردة حركت خصلاتِ شعرها البنية لم تعرف بماذا تجيبه عن سؤاله وشعرت بقليلِ من الاحراج فهي حقاً لا تريدُ أن ترفضُ له طلباً فقالت بصوتِ مرتبك . ـ لكن .... كيفَ تقولُ لي أن أعتني بهما .. وأنا لا أملكُ المال ! . لم ترد حقاً أن تقولَ له ذلك فحركت قدمها اليسرى على الارض بارتباك وأتبعت كلامها . ـ لستُ أرفض ..بل أنا أريدُ أن أفعلَ ذلك لأنكَ طلبته .. . احمّرت وجنتيها وقالت له بصوتِ منخفض وهي تغمضُ عينيها . ـ لكن كما ترى بالكاد أستطيع أن أدفعَ إيجار الشقة .. كما أنّني لا زلتُ أجمع المال لأدخل إلى الجامعة . ابتسمَ رولند عندما رأى ملامحها التي تبدو وأنها منزعجةُ من نفسها وضعَ يده على يديها الناعمتين وقالَ له بلطف . ـ لا تقلقيّ ... لقد أحضرتُ المالَ بالفعل . تعجبت من ذلك فرفعت نظرها لتنظرُ إليه ففوجئت به يمدُ يده وفيها بطاقةُ بيضاء ويقولَ لها . ـ هذا المالُ تحت تصرفك , قومي بصرفه على الطفلين وادفعي به إيجار السكن كما أنّني لا أمانع في أن تستخدميه في دخولك للجامعة وشراء ما تحتاجينه . أمسكت بها وأخذت تُقلبها بينَ أصابعها أصابتها الدهشة الكبيرة وهي تنظرُ لها بعدمِ تصديق فقالت بفرحة . ـ يبدوا انها تحتوي على مبلغِ ضخم .. هل وجدتَ عملاُ ممتعاً تقومُ به . قالت جملتها الأخيرة وهي تنظرُ له بعينها التي تلمعان من فرطِ السعادة , طأطأ رولند رأسه فأخفى ملامح عينيه وقالَ لها معَ ابتسامة صغيرة ظهرت شفتيه . ـ هل أنتِ موافقة ؟! ... سأجلبُ مثلها من الآن فصاعداً , لا أظنَ أنهما من النوعِ الذيّ سيزعجانك , سأتكفلُ بمهمة تسجيلهم في أحدِ رياضِ الأطفال لكيلا يضيعانِ من وقتك . أومأت برأسها موافقة فسعدُ قلبُ رولند لذلك مما دعاه ليقولَ . ـ لن أنسى صنعيك هذا .. وسأرده لكِ يوماً ما . طرأَ في بالها ذلك السؤال فسارعت بقوله لـ رولند الذي كان متوقعاً أنّها سوفَ تقوله . ـ وأنتَ ... إلى أينَ ستذهب !؟ أليسَ غريباً أن تتركهما وأنتَ من أخذهما ! هل ستسافر ! . أخفت خصلاتِ شعره عينيه وزالت ابتسامته من وجهه فلا يملكُ الآن سوى أن يخبرها ويقولَ لها بنبرةِ جامدة . ـ سوفَ أعملُ خادماً منذُ الغد عند آل ماليان . اضطربَ قلبها واتسعت عيناها عندما سمعت ما قاله , ضمت يدها إلى صدرها وقالت له بعدمِ تصديق . ـ مستحيل ... لا يعقلُ ذلك ... !! هل حقاً ستعملُ في ذلك القصر !؟ . طغت على ملامح رولند الحزن الشديد فأسند ظهره على الشرفة ونزلَ حتى وصلَ إلى الأرض ليجلسَ عليها ثمّ قال لها بصوتِ متعب مع ابتسامةِ أظهرها على شفتيه . ـ أجل .. . لم ترضى ميدوري لذلك فاجتمعت الدموع في عينيها وجلست بقربِ الشاب الذي لم يستطع إخفاء ملامح الإرهاق من وجهه أمامها وسألته بعدمِ تصديق وهي تهزّ جسده بيديها . ـ ألستَ تكرهُ الأغنياء !؟ أخبرني ! ......... ألستَ تكرههم ؟!! . تنهدَ رولند بعمقِ كبير وهو يسمعُ سؤالها وضعَ يده على جبينه ليرفعَ خصلاتِ شعره وقالَ لها بنبرةِ غريبة . ـ بلى .. . ـ إذا لماذا ؟! هكذا صرخت ميدوري وقد تحدرت دمعةُ على وجنتيها فهي لا تريدُ أن ترى الشاب الذيّ تحبّه من أعماقِ قلبها يعاني كما كانَ في الماضي . سمعَ الاثنان صوتَ الباب فالتفت رولند ليجد الطفلين يقفانِ أمامه بينما سارعت ميدوري لتمسحَ دمعتها . ـ نحنُ آسفان كلّ شيء حصلَ بسببنا . هذا ما قاله لير وهو يشدُ قبضه يديه ليخبرَ تلكَ الفتاة القصة بأكملها . ـــــــ وبعدَ أن علمت ميدوري بما جرى تألمَ قلبها عندما علمت السبب الرئيسي لتلفتَ لـ رولند بابتسامة مشفقة وتقولُ له وهي تحاولُ كبت بكائها . ـ سوفَ أعتني بهما لأجلك . وقفَ الشاب على قدميه وارتسمت ابتسامة مريحة على شفتيه , تقدمَ نحو الصغيران وقالَ لهما وهو يضعُ يده على شعرهما . ـ هذهِ أختيّ ميدوري أتمنى أن تحسنا التصرفَ معها ! سوفَ آتي لزيارتكم من حينِ لآخر . أومأ برأسيهما بفرحة غامرة وسارعت لين تمسكُ بيد ميدوري وتقولُ لها بصوتِ طفولي مع ابتسامة جميلة . ـ لن نزعجك فأنتِ أختِ رولند . حزنت الفتاة عندما سمعت كلمة أخت مقترنةِ مع رولند فهي في الحقيقة ليست أخته ولا حتى تربطها صلة قرابة به .. بل هي صديقته منذُ أن كانا صغيرين أعادت نظرها له فوجدته يحادثُ لير بابتسامة , طأطأ رأسها وهمست لنفسها وهي ترفعُ اصبعها اليسرى وتتذكرُ ذلك اليوم التي أمسكها رولند وقامَ بوعدِ معها استحضرت ذلك الموقف ثمّ همست بحزنِ . ـ لا زلتُ أحبك رولند . صفقت بيدها بعدَ أن أبعدت ملامح الحزن من وجهها التفت للطفلين وقالت لهما بسعادة . ـ ادخلا الآن وأنا سأذهبُ لشراء بعضِ الطعام للترحيبِ بكما . سعدا لذلك وسارعا للدخولِ من جديد ... حركَ رولند قدميه مغادراً وتبعته ميدوري لترافقه .. سارا معاً حتى مفترقِ إحدى الطرق الذي يجبُ على الشاب أن يُفارقها فيها فقالَ لها بنبرةِ شاكرة . ـ شكراً لك . ابتسمت بخجل طفيف ثم تحولت ملامحها لأشبه بالطفولية وهي تغمضُ إحدى عينيها . ـ هل هو معك ؟! . تعجبَ رولند لسؤالها فسارعت لترفعَ كم ملابسها فتظهر سلسلة بألوان داكنة كالتي يحتفظُ بها ولكنها جعلتها كـ سواره. . أدخل رولند يديه في سترته الداخلية ليخرجَ السلسلة التي يعلقها على رقبته والتي هي مطابقة تماماً لما معها . فرحت أشد الفرح عندما رأتْ أنه لا زالَ يحتفظُ به لتمسكَ بالسوارة بيدها وتقولُ بنبرةِ لطيفة وهي تتذكرُ أحدهم . ـ أتمنى أن نلتقيّ بإيفان قريباً . ابتسمَ رولند بطمأنينة وقالَ له بثقةِ كبيرة . ـ أنا متأكدٌ أن سنتقابلُ مجدداً . أومأت برأسها بأمل ورفعت يدها مودعة رولند الذي أخذَ يبتعدُ عنها فقالت وقد طغت على ملامح وجهها حمرةٌ خفيفة. ـ أتطلعُ لذلك اليوم الذي سنجتمع فيه نحنُ الثلاثة سوياً .... ابتسمت وهي تتذكرُ ذلك الشخص لتهمس بشوقِ له . ـ عد باكراً إيفان , فلابد أن رولند قلقٌ عليك . ـــــــ وأخيراً ابتعدَ رولند وأصبحَ وحيداً منفرداً بنفسه في إحدى منعطفات الشوارع المظلمة والتي تنيرها إنارةٌ مكسورة وضعَ يديه على الجدار ثمَ وضعَ رأسه عليه ظهرت عليه ملامحِ الألم فأغمضَ عينيه بشدّة .... قالَ بصوتِ متقطع من شدةِ الألم الذي يشعرُ به في جسده وهو يتذكر كلامها . ـ ألستَ تكرهُ الأغنياء !؟ أخبرني ! ......... ألستَ تكرههم ؟!! . ـ أجل أنا أكره كلّ الأغنياء ميدوري ...... . جثى على ركبتيه ومشاهدُ من الماضي الأليم الذي كان يعيشه تردد على ذاكرته أسندَ ظهره على الجدار المتهالك , وأخذَ ينظرُ للسماء السوداء بعينيه ارتسمت ابتسامة على شفتيه. ـ ربما لن يكونَ ذلك قاسياً .. لنجرب ذلك . قالَ ذلك ثمّ وقفَ على قدميه متجهاً إلى قصر ماليان مبتدأً صحفةَ جديدة في حياته بالعملِ عندَ ميلان وهو لا يعلم ما هو الغد الذي ينتظره وأيّ الأحداث التي ستظهر وستغيرُ مجرى حياته والتي ستنقلبُ في لحظات قليلة رأساً على عقبَ ليعودَ تدريجياً للجحيم الذي كان يعيشه في صغره .. . فكيفَ سيحدثُ ذلك ؟! و ما هوَ الجحيم الذي عاشه في صغره ! وهل سيجتمعُ الثلاثة قريباً ! وما هي حكايةُ كلِّ شخصِ منهم ! بل حكايةُ لقائهم جميعاُ ! . انتهى الفصل الثالث .. بانتظارك ردودكم وتعليقاتكم
آخر تعديل Amazing Misa يوم 09-11-2013 في 04:51 AM.
|
|
3 أعضاء قالوا شكراً لـ Amazing Misa على المشاركة المفيدة: |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|