روايات وقصص - روايات طويلة وقصيرة روايات وجديد الـ رويات الطويلة و روايات قصيرة قصص رائعة, روايات كتابية, قصص مؤثرة, قصص محزنة, روايات |
!~ آخـر 10 مواضيع ~!
|
|
إضغط على
او
لمشاركة اصدقائك! |
|
أدوات الموضوع |
من 5
عدد المصوتين: 0
|
انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||
|
||||||
بسم الله الرحمن الرحيم بعد السلام .............. هاذي قصص للي يحب يقرأ .........او طفشان .......أو زعلان ........... او الي عنده اختبار تعبير (كتابة قصة قصيرة ) زي ......... اولا القصة . . . . القصة القصيرة تختلف بصفة أساسية عن القصة بوحدة الانطباع، وهي تمثل حدثا واحدا في وقت واحد في مكان واحد. وتتناول القصة القصيرة شخصية مفردة أو حادثة مفردة أو عاطفة أو مجموعة من العواطف التي أثارها موقف مفرد. القصة : سرد واقعي أو خيالي لأفعال قد يكون نثرًا أو شعرًا يقصد به إثارة الاهتمام والإمتاع أو تثقيف السامعين أو القراء. ويقول ( روبرت لويس ستيفنسون) - وهو من رواد القصص المرموقين: ليس هناك إلا ثلاثة طرق لكتابة القصة؛ فقد يأخذ الكاتب حبكة ثم يجعل الشخصيات ملائمة لها، أو يأخذ شخصية ويختار الأحداث والمواقف التي تنمي تلك الشخصية، أو قد يأخذ جوًا معينًا ويجعل الفعل والأشخاص تعبر عنه أو تجسده. تعريفات حول القصة والحكاية عناصر القصة : 1- الفكرة والمغزى: 2- الحــدث: 3- العقدة أو الحبكة : 4- القصة والشخوص: والآن نبدأ القصص ............. التعديل الأخير تم بواسطة mid night light ; 12-15-2011 الساعة 02:55 PM |
8 أعضاء قالوا شكراً لـ نومـا على المشاركة المفيدة: |
12-15-2011, 05:34 AM | رقم المشاركة : 2 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
بسم الله
استعين وشمر أو استعيني وشمري
|
|
2 أعضاء قالوا شكراً لـ نومـا على المشاركة المفيدة: |
12-15-2011, 05:36 AM | رقم المشاركة : 3 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
قصة المال الضائع يروى أن رجلاً جاء إلى الإمام أبى حنيفة ذات ليلة، وقال له: يا إمام! منذ مدة طويلة دفنت مالاً في مكان ما، ولكني نسيت هذا المكان، فهل تساعدني في حل هذه المشكلة؟فقال له الإمام: ليس هذا من عمل الفقيه؛ حتى أجد لك حلاً. ثم فكرلحظة وقال له: اذهب، فصل حتى يطلع الصبح، فإنك ستذكر مكان المال إن شاء الله تعالى.فذهب الرجل، وأخذ يصلي. وفجأة، وبعد وقت قصير، وأثناء الصلاة، تذكر المكان الذي دفن المال فيه، فأسرع وذهب إليه وأحضره.وفي الصباح جاء الرجل إلى الإمام أبى حنيفة ، وأخبره أنه عثر على المال، وشكره ، ثم سأله: كيف عرفت أني سأتذكر مكان المال ؟! فقال الإمام: لأني علمت أن الشيطان لن يتركك تصلي ، وسيشغلك بتذكر المال عن صلاتك.
آخر تعديل mid night light يوم 12-15-2011 في 02:56 PM.
|
|
6 أعضاء قالوا شكراً لـ نومـا على المشاركة المفيدة: |
12-15-2011, 05:38 AM | رقم المشاركة : 4 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
قصة الخليفة الحكيم كان عمر بن عبد العزيز- رضي الله عنه- معروفا بالحكمة والرفق، وفي يوم من الأيام، دخل عليه أحد أبنائه، وقال له:يا أبت! لماذا تتساهل في بعض الأمور؟! فوالله لو أني مكانك ما خشيت في الحق أحدا.فقال الخليفة لابنه: لا تعجل يا بني؛ فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين، وحرمها في المرة الثالثة، وأنا أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيدفعوه (أي أخاف أن أجبرهم عليه مرة واحدة فيرفضوه) فتكون فتنة.فانصرف الابن راضيا بعد أن اطمأن لحسن سياسة أبيه، وعلم أن وفق أبيه ليس عن ضعف، ولكنه نتيجة حسن فهمه لدينه. .
. . . . . . .
آخر تعديل mid night light يوم 12-23-2011 في 02:37 AM.
|
|
6 أعضاء قالوا شكراً لـ نومـا على المشاركة المفيدة: |
12-15-2011, 05:39 AM | رقم المشاركة : 5 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
قصة العاطس الساهي
كان عبد الله بن المبارك عابدا مجتهدا، وعالما بالقرآن والسنة، يحضر مجلسه كثير من الناس؛ ليتعلموا من علمه الغزير.وفي يوم من الأيام، كان يسير مع رجل في الطريق، فعطس الرجل، ولكنه لم يحمد الله. فنظر إليه ابن المباوك، ليلفت نظره إلى أن حمد الله بعد العطس سنة على كل مسلم أن يحافظ عليها، ولكن الرجل لم ينتبه.فأراد ابن المبارك أن يجعله يعمل بهذه السنة دون أن يحرجه، فسأله:أي شىء يقول العاطس إذا عطس؟فقال الرجل: الحمد لله!عندئذ قال له ابن المبارك: يرحمك الله قصة الرجل المجادل في يوم من الأيام ، ذهب أحد المجادلين إلى الإمام الشافعي، وقال له:كيف يكون إبليس مخلوقا من النار، ويعذبه الله بالنار؟!ففكر الإمام الشافعى قليلاً، ثم أحضر قطعة من الطين الجاف، وقذف بها الرجل، فظهرت على وجهه علامات الألم والغضب. فقال له: هل أوجعتك؟قال: نعم، أوجعتنيفقال الشافعي: كيف تكون مخلوقا من الطين ويوجعك الطين؟!فلم يرد الرجل وفهم ما قصده الإمام الشافعي، وأدرك أن الشيطان كذلك: خلقه الله- تعالى- من نار، وسوف يعذبه بالنار قصة الشكاك جاء أحد الموسوسين المتشككين إلى مجلس الفقيه ابن عقيل، فلما جلس، قال للفقيه: إني أنغمس في الماء مرات كثيرة، ومع ذلك أشك: هل تطهرت أم لا، فما رأيك في ذلك؟فقال ابن عقيل: اذهب، فقد سقطت عنك الصلاة.فتعجب الرجل وقال له: وكيف ذلك؟فقال ابن عقيل:لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رفع القلم عن ثلاثة: المجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ، والصبي حتى يبلغ ". ومن ينغمس في الماء مرارا - مثلك- ويشك هل اغتسل أم لا، فهو بلا شك مجنون
|
|
7 أعضاء قالوا شكراً لـ نومـا على المشاركة المفيدة: |
12-15-2011, 05:40 AM | رقم المشاركة : 6 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
قصة الطاعون
خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ذاهبا إلى بلاد الشام، وكان معه بعض الصحابة.وفي الطريق علم أن مرض الطاعون قد انتشر في الشام، وقتل كثيرا من الناس، فقرر الرجوع، ومنع من معه من دخول الشام.فقال له الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح: أفرارا من قدر الله يا أمير المؤمنين؟فرد عليه أمير المؤمنين: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة!ثم أضاف قائلاً: نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله؛ أرأيت لو أن لك إبلا هبطت واديا له جهتان: إحداهما خصيبة (أي بها زرع وحشائش تصلح لأن ترعى فيها الإبل)، والأخرى جديبة (أي لا زرع فيهما، ولا تصلح لأن ترعى فيها الإبل)، أليس لو رعيت في الخصيبة رعيتها بقدر الله، ولو رعيت في الجديبة رعيتها بقدر الله؟ قصة الخليفة والقاضي طلب أحد الخلفاء من رجاله أن يحضروا له الفقيه إياس بن معاوية، فلما حضر الفقيه قال له الخليفة: إني أريد منك أن تتولى منصب القضاء. فرفض الفقيه هذا المنصب، وقال: إني لا أصلح للقضاء. وكان هذا الجواب مفاجأة للخليفة، فقال له غاضبا: أنت غير صادق. فرد الفقيه على الفور: إذن فقد حكمت علي بأني لا أصلح. فسأله الخليفة: كيف ذلك؟فأجاب الفقيه: لأني لوكنت كاذبا- كما تقول- فأنا لا أصلح للقضاء، وإن كنت صادقا فقد أخبرتك أني لا أصلح للقضاء قصة حكم البراءة تزوجت امرأة، وبعد ستة أشهر ولدت طفلا، والمعروف أن المرأة غالبا ما تلد بعد تسعة أشهر أو سبعة أشهر من الحمل، فظن الناس أنها لم تكن مخلصة لزوجها، وأنها حملت من غيره قبل زواجها منه.فأخذوها إلى الخليفة ليعاقبها، وكان الخليفة حينئذ هو عثمان بن عفان- رضي الله عنه- فلما ذهبوا إليه، وجدوا الإمام عليا موجودا عنده، فقال لهم: ليس لكم أن تعاقبوها لهذا السبب. فتعجبوا وسألوه: وكيف ذلك؟ فقال لهم: لقد قال الله تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) (أي أن الحمل وفترة الرضاعة ثلاثون شهرا). وقال تعالى: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) (أي أن مدة الرضاعة سنتين. إذن فالرضاعة أربعة وعشرون شهرا، والحمل يمكن أن يكون ستة أشهر فقط).
|
|
6 أعضاء قالوا شكراً لـ نومـا على المشاركة المفيدة: |
12-15-2011, 06:07 AM | رقم المشاركة : 7 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
القصة الأولى
حفنةُ حِيَلٍ خرج ليلاً بعد أن سئم من انتظار الفجر ، لم يسعفه تصبره الذي تعلمه في الخدمة العسكرية ، خرج مرتدياً ظلام تلك الليلة ، بعد أن طاردته خيالات متوجفٍ مرتقبٍ لأمرٍ واقعٍ لا محالة . لم تنشأ هذه الخيالات من فراغ ؛ إذ هي نتاج معاناتٍ مريرةٍ طالت مع هذه المرأة التي كانت تلتقيه كل يومين أو ثلاثة أيام ، لم يكن أمر لقائه إياها مشكلةً بقدر هوية تلك المرأة ، إنها امرأة كانت تسكن بالقرب من بيته القديم ،في تلك القرية التي لم يعد يسكنها إلا شعوب من أشباح ، تتعاقب على أبوابها وممراتها الضيقة حراسةً ووحشة، توفيت هذه المرأة منذ ثلاث عشرة سنة ، وها هي تتمثل أمامه بين وقتٍ وآخر ، اعتادها واعتاد ما تسقيه من جرعات رعب ، رغم انفطار قلبه فزعاً للقائها ، وفي تلك الليلة كان موعد مجيئها ، ومع كونه متعب أشد التعب إلا أنه لم يستطع النوم فقرر لقاءها ؛ ليتسنى له بعد ذلك التمتع بسويعات نوم يصفو بها ذهنه ويبزغ هو والشمس على نهارٍ آخر . كانت إذا لقيته في كل مرةٍ توشوش له في نهاية حديثها بكلمات ، لا يكاد يبينها أو يتذكرها بعد ذهابها ، فيُعْمِلُ عقله ويستنفر ذاكرته طوال اليوم ليتذكر كلماته التي ربما تحمل له بشرى ، وربما تحمل له مالا يسر ، وهذا ما جعله يستأنس بها رغم فزعه الذي ينفطر له قلبه ، لا يمكن لي أن أستمر على هذا الحال . يجب أن تأتي ، فإني اشتقت للرعب الذي يعقبه لذة نومٍ وأمنٍ . لم تكد نفسه تمسك لسان حالها حتى ظهر من بعيد كالطيف ، يتهادى يجرجر وراءه مئات السفن تحمل جيوش الرعب والفزع . سوف أتمالك نفسي ، فالجندي بالمعركة إن لم يكن رابط الجأش فإنه سيجتاحه الفزع ويهرع إلى مهلكه ، اثبت ، لا يمكنني فإني لا زلت أتذكر جنازتها ، وأتذكرهم وهم يدرجونها القبر عندما كنت أسترق النظر إليهم من وراء النخيل المتشابك ، وصلت المرأة لكنها على غير هيأتها المعهودة ؛ إذ كانت ملابسها سوداء ، وتضع على رأسها ما يشبه الهودج " الباصور" ، وهذه المرة جاءت في ثوبٍ أبيض ، يشع من نور اليقين وتحمل في يدها سلةً مغطاة ، لا يُعرف هل بها شيء أم فارغة وهل تغدو خماصاً أم تروح بطاناً . هل فعلت يا بني ما أمرتك به المرة الماضية ؟ أم أنك لم تستطع تذكر كلامي .. إنها من عالم الأرواح ولا شك في أنها تعرف كل شيء عني ، ولكني لن أقطع لها بإجابة واضحة ، سأجيب بإجابة تحملها على أكثر من وجه . آه .. تذكرت .. أنت تعلمين أني لا أضيع ما تقولين .. ولا أعصي لغيرك أمراً فكيف أنت ؟ .. لم يتذكر ما أوصته به ، ولكنه خشي ردة فعلها . قالت : إذن سأمضي الآن واللقاء القادم أحضر ما قمتَ بإعداده لي ، كانت المفاجأة بردها ، كيف العمل ؟ لم أتوقع كهذا الرد . وما الذي طلبته مني . ليتني لم أستعمل الحيلة ، فالحيلة في ترك الحيلة ، عاد لينام ، لكنه فارق الراحة والأمل في النوم هذه الليلة ، ما الذي طلبته مني ؟ لقد عملت كل الأشياء التي طلبتها مني في الماضي ، فمرةً طلبت بعض الثمار من بستانها ، وأحضرتها لها ، وأخرى طلبت ملابس كانت قد ارتدتها في رحلة حجها ، وأحضرتها لها ، وطلبت مني مرةً أخرى أن أقف ساعتين على سطح منزلها الذي كانت تسكنه ، ووقفت رغم البرد الذي ينخر العظام . سأغادر هذه البلدة إلى حيث يحلو لي المقام دونما قلق وجزع وفزع ، ودونما خيالات ليلية ، ولقاءاتٍ يشوبها الكثير .لا ، ليس هذا الحل ، فكما يقال:" القبر الذي تخافه نم عليه " ، وعليك المواجهة ، فهي السبيل لخلاصك . أعْمَلَ عقلَه في التذكر والتصور والتخيل ، اجتر كل الكلمات التي قيلت له ، اعتصر جذاذات كبده ، ولم يحظ بسؤله ، آآآآآآآآآآآه ، " حفنة " هذه إحدى الكلمات التي قالتها لي . وصلت لرأس الخيط ، قالت حفنة ، ولكن حفنة ماذا ؟ ، لا شك أن الحفنة تستخدم لشيء غير مترابط ، دقيق تراب ملح ، لا شك أنها لم تطلب حفنة من قوس قزح . . ظهرت الشمس وأرسلت أولى حزمها إلى عينيه وغرق بعد ذلك في نومٍ منشود . مر ما يقارب العشرة أيام لم تبرز له ، وفي ليلةٍ أقبلت جيوش الفزع في سفنٍ تجرها تلك المرأة وقالت له : هل أتيت بما طلبته منك ؟ فعاد إلى الحيلة ، وقال : أعددت حفنةً وأظنها ستعجبك ، ولكن لم أحضرها معي الآن ، يقول هذا وهو يفكر في أية حفنة سيحضرها ، أطرقت بعينيها وقالت بصوت متهدج ، تتقطع الكلمة إلى قصاصات صوتية لا تكاد تجمعها لتكون منها كلمة مترابطة ، قالت : سوف أذهب ولا أعرف هل يكون بوسعي أن ألقاك بعدها أم لا .. وداعاً .. ولتعلم أني اخترتك عن غيرهم لما بك من شفافية . كانت تلك الكلمات آخر ما سمعه منها ، مرت على تلك الليلة سنوات عديدة وهو في كل ليلة يمر بالأماكن التي كانت تلقاه بها ، وكأنه يتلمس الديار ويقف على أطلال المحبوب . تملكه اليأس بلقائها مرة أخرى ، ولا يتحسر على شيء كتحسره على الحفنة التي لم يعرف نوعها ، وذات بدرٍ خالجه الشعور بلقائها ، وتنادت خلجاته وعلت صرخات بنات أفكاره ما بين مرحبة ومتوجسة ومتشوقة ، جاءت المرأة ولكن دون سفنٍ تجرها ولا جيش رعب ، جاءت وعليها مسحة من حزنٍ تقادمت سنينه ، عاد للحيلة مجددا .. تعالي معي للبيت لتأخذي الحفنة ، عاجلته باستعطافٍ : إني على عجلة فلم يبق لي الكثير من الوقت سأعود لأني قد نقلت لغير هذا الفضاء ، وجئت فقط لأراك ، وأطلب منك أن ترسل لي الحفنة لأنك قد تأخرت علي بها كثيراً ولم تأتني بما طلبت منك ، بل أتيتني بما ليس لي حاجةً به . أستودعـ .... ، اختفت المرأة وكانت ستقول : أستودعك الله ، عاد لبيته وهو ويجر أذيال الحيلة وراءه . ذهب بعد تردد إلى الحاج مسعود وحكى له قصته والمرأة ، فقال له ، يا لك من رجل ، أضعت الكثير عليك وعلى غيرك ، هي في كل طلباتها لم تطلب غير دعاءٍ منك بعد أن قصرأبناؤها وأقاربها معها ، وقالت : " حفنة " وتعني بها شكل اليد عند أخذ شيءٍ ما وهذا شكل اليد عند الدعاء ، فاحتفظ بالثمار والملابس واستعد للوقوف ساعتين على سطح دارك ، ولكن بعد ترك الحيلة . علي الطاهر عبد السلام 5/8/2007 القصة الثانية ( مشروع روائي ) ... والمثابرة واللباقة في الكلام ، والنجابة ، هذه جملة من صفات حمزة ، وهو عن هذا أشبه بمشروع روائي مقدمٍ ذائع الصيت . أحضره الأستاذ باسم أستاذ اللغة العربية إلى إدارة المدرسة التي يجتاحها الظلام ، ولا تكاد تسمع فيها صراخ من يقع تحت طائلة العقاب ، ذلك لطبقات الستائر التي ربما لا تستبدل كل سنة بل يضاف عليها ، قليل من الطلاب من يدخل الإدارة ، لأنها تمثل المرحلة الأخير من علاج الشغب أو الكي الذي تعالج به المشاكل ، دخل حمزة الأدارة وإلى جنبه الاستاذ باسم ، بدت ملامح التعجب والتساؤل في عيني المدير ،تحدثه نفسه وعيناه تضيقان من أطرافهما : الطالب من أفضل طلاب المدرسة ، وأبوه على درجة من التقى ، ويعرف أصول التربية الاسلامية الحقة ، وقد ربى أبناءه عليها ، وأنا أعرفه جيداً فهو من القلة الذين أحتك بهم خارج نطاق العمل ، ربما هي مشكلة عارضة ، تكلم يا أستاذ باسم ما المشكلة ، عفواً استاذنا الفاضل .. ما من مشكلة ولكني عجزت في التعامل مع هذا الطالب ، وما يشفع له عندي إلا تفوقه في كل المواد ، قاطعه مدير المدرسة : إذن ما المشكلة ؟ . المشكلة أنني أطلب من الطلاب الكتابة في أحد المواضيع وأحددها بنفسي ، وأترك لهم أحياناً تحديد الموضوع ، والطالب هذا أفضل الطلاب في الكتابة والإنشاء ، إلا أنه يقحم الجمل في مواضيع الإنشاء ، وهذا نموذج لموضوعٍ عن " الربيع : ، يحمل حمزة الورقة التي كتب بها الموضوع وقد رسم على ظهرها صورة الجمل ، أمره المدير بقراءة نصه فبدأ حمزة بالقراءة : " إن ما يبهج الإنسان ويمده بالسعادة ويضفي عليه مسحة الفرح ويأتلق بعينيه ، هو فصل الربيع ، ولم يغفل عنه هذا الفصل أي كائن ، فنرى الزهر فتشرق دنيا الفرحة بعينينا ، والفراشاة والأطيار تحوم من حولنا ، ويقول البحتري عن الربيع : أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً ** من الحسن حتى كاد أن يتكلما فليس ثمة أبهى من فصل الربيع الذي تكتسي الأرض بحلوله رداءها الأخضر ، فتقتات به الحيوانات كالجمل سفينة الصحراء ، الذي رافق الانسان في مسيرته ، والجمال نوعان من حيث السنام ، أحدها ذو سنامٍ واحدٍ والآخر ذو سنامين ، وهو يتحمل العطش لأيام عديدة ، ويخزن الطعام على هيئة دهون في سنامه " يقاطعه المدير قائلاً : حسناً يا حمزة ، عد إلى فصلك ، عاد حمزة ، والطلاب ينظرون إليه وبعضهم يقول ما أشد جلده وتحمله العقوبة ، والبعض الآخر يقول : إنه متخدر بسبب الضرب وسينفجر بكاءا بعد حين ، لم يخرج الاستاذ باسم من الادارة ، قال له المدير ، ليست بالمشكلة عليك أن تقيد المواضيع وأن لا تأت بموضوع يستطيع من خلاله أن يتكلم عن الجمل . حاضر يا أستاذنا الفاضل .. الأسبوع المقبل سوف لن يتمكن مني ، المسألة أصبحت شخصية بيني وبين هذا الطالب . في حصة الإنشاء : موضوعنا اليوم هو " الطاقة النووية " عليكم أن تكتبوا في هذا الموضوع كل ما تجود به خلجاتكم ، بدأ الطلاب في الكتابة ، وبعد دقائق استرق الاستاذ النظر إلى ورقة حمزة ، كتب حمزة :" . . . وكما أن للطاقة النووية ميزات وفوائد جمة فإن له ضرراً كبيراً على البيئة ، إذ تؤثر الغازات والاشعاعات المتسربة على الانسان والحيوان والنبات ، فالانسان يتغذي على الحيوان والحيوان يتغذى على النبات كالجمل ، ويتغذى الجمل على النباتات الجافة والخضراء ، ويستطيع تناول النباتات الشوكية كالعقول ، وللجمال ... " هرع الاستاذ باسم إلى المدير واتفقا على تحويله إلى مكتب الشؤون الاجتماعية ، وتم ذلك في غضون ثلاثة أيام ، وأقيمت له الجلسات من قبل الأخصائيين الاجتماعيين ، وحاورته الاخصائية التي يحال لها يومياً الاحداث من قسم الإصلاح ، وغيرهم من مدمني المخدرات الذين تنقطع علاقتهم بالمخدر بعد جلسات معها ، حاورت الاخصائية هدى الطالب حمزة ،قال لها: ... و يا سيدتي الفاضلة ليس لدي مشكلة إلا أنني أحب الجمل فقد ذكره الله في القرآن الكريم ، ويا سيدتي تتصف الإبل بميزات كثيرة عن باقي الحيوانات ، فمن صفاتها الشكلية تتميز بوجود السنام والعنق الطويل وارتفاع قوائمها وخفها المستدير وهي تتوجه بشكل مجموعات أو فرادى نحو الشمس مباشرة وتبدل مسارها مع اتجاه الشمس كي تعرض أقل مساحة ممكنة من جسمها إلى أشعة الشمس المباشرة .... " استغربت هدى من الطالب وبدأت رحلتها الصحراوية معه والتي تجرعت فيها من الإبل ما تجرعت حتى استطاعت بحذاقتها أن تقتلع منه أذن الناقة وذيلها ، فرح الاستاذ باسم بهذا الانتصار العظيم فقد نسي حمزة الإبل في كتاباته ، بعد مرور أسابيع عاد حمزة إلى ما هو سابق إبله ، وراح يشتم ويتلمس ما خلفته الأبل مما يدل على مسيرها ، وصار حديث الساعة بالمدرسة ، فاستنفر الاستاذ باسم وغاض المدير وقررا إعادته إلى هدى الأخصائية التي أحالته إلى مركز متقدم في العلاج النفسي ، وضع حمزة بالمركز أياما ، حاول الطبيب النفسي "حازم " بشتى الوسائل ، من ترغيب وترهيب وأدوية وعقاقير حتى وصل إلى تنويمه مغناطيسياً والايحاء له بدنيا أخرى غير ما اعتاد ،لم يترك الطبيب حازم جهداً ولا حيلة إلا استعملها مع حمزة ، وصل الأمر إلى التهديد بحقنة تمسح الذاكرة نهائياً وتقتل خلاياها ، فكان آخر الدواء الكي ، وشفي حمزة نهائياً وانصرف للكتابة كما يريد الاستاذ باسم ، وأعيد إلى المدرسة ، وفرح به الاستاذ كثيراً ، فهذا ما سعى له ، وأثنى عليه المدير ثناءا لم يحظ به غيره ، أيها الطلاب عليكم أن تحذوا حذو هذا الطالب المتفوق ، بورك فيك يا حمزة ، أنت الآن رمز في هذه المدرسة ، بعد أن عدلت عن كتابتك السابقة .. لا تكترث .. التائب من الذنب كمن لا ذنب له .. فرح الطلاب وأقاموا له احتفالية بسيطة ، كان حمزة قد أكمل روايته الأولى وأهدى للأستاذ باسم وللمدير نسختين ، وأرسل للأخصائية هدى وللطبيب حازم نسختين من روايته التي عنونها بعنوان : " الجمل عابر الصحارى " كبر حمزة وامتلك قطيعاً من الإبل ، وأنشأ دار نشر ، أسماها " دار الجمل للنشر " ولا زال يقحمه في كتاباته بقوله : و بالاضافة لضخامة هيكلها منحها الله الصبر وقوة التحمل والقدرة على التكيف مع جميع الظروف البيئية القاسية . القصة الثالثة كمرات ذكية سرق النظر يميناً وشمالاً وأردف خطواته المترددة بخطوات قلقة متسارعةٍ وكأنها تقوده إلى مناص أو تنأى به عن خطر ما . غير أن تلك الخطوات كانت لاقتناص فرصةٍ لم يكن ليهدرها . فقد تمرس وتدرب على اقتناص الفرص الصغيرة ليصنع بها ما لا يستطع أن يصنعه بتفكيره وتخطيطه ، سأله ضابط التحقيق بعد أن لمح في عينيه شيئاً من الارتياح له : هل كان لك سابق عهدٍ بالسرقة ؟ ، أجابه : يا حضرة الضابط إني كثيراً ما أسرق ، ولكن أنجو في كل مرةٍ لأني أدعو الله قبل أن أذهب للسرقة ، غير أني في كل مرة أقصد أحد الأغنياء الذين أعرفهم جيداً ، أما في هذه المرة فإني قصدت غير ذلك ، لقد كان فقيراً ، لهذا تم القبض عليَّ ، ولماذا تسرق ؟ أليس لديك عمل ؟ أجابه : إني محتاج فقير . ثم إني لا أستفيد من المال بنفسي ، إن ثمة أرواح تحتاج لهذا المال ، حسناً حسناً ليس هذا من الأهمية بمكان ، الاجراءات سوف تأخذ طريقها وغداً صباحاً سوف تحال أوراقك إلى النيابة ، فكن مستعداً ولا تحاول تغيير أقوالك . مرت مدة سجنه وكأنها قرن من الزمن ، خرج سعيد وهو يحمل على عاتقه أربعين عاماً تتابعت ولم يحقق فيها أدنى حلم ، رجع إلى مأواه وما هي إلا ليلة واحدة حتى عاد إلى سابق عهده ، متجولاً بين الأزقة تارةً وتارةً بين الأماكن التي يرتادها من يقع تحت طائلة يده ، غير أنه بعد خروجه من عالم القضبان لم يعد يفرق بين غني وغني ، وفي تلك الليلة كان هدفه جالساً وتبدو عليه مسحة من عدم التركيز فتحمس أكثر وبثت فيه هذه المسحة جنود الأمل , مد يده إلى المحفظة التي تطل بعينيها من أحد جنبات الجاكيت ، وأنفاسه ساكنة سكون قلبه ، وما إن أحكمت أصابعه الرقيقة طرف المحفظة حتى أحكمت يده الأغلال ، فقد كان الشرطي هو الهدف الذي حدده سعيد إذ كان يراقبه من ساعة خروجه من السجن وهيأ له المناخ المناسب والوضع المغري ، تم القبض على سعيد واقتاده لا إلى مركز الشرطة ، بل إلى بيته ، أعد له العشاء وطلب من الصراحة التامة ، في جلسة أشبه بالأخوية . حملق سعيد ملياً في وجه الشرطي ، وكأنه يحاول حل لغز استعصى على الحاذق ، تحدثا ملياً وافترقا بعد ساعات ، افترقا والشرطي لم يقنعه كلام سعيد عن عائلته وظروفه ، وسعيد لم يقنعه تودد الشرطي له ، وظل يحيطه بأطواق الحذر والتوخي وما إلى ذلك من خبرات عملية عقلية يعرفها من هم على شاكلة سعيد ، فكر ملياً .. عليَّ أن أضع خطةً للمرحلة التالية ، لا لا إنه يترصدني في كل مكان ، ولا يمكنني الاستمرار في هذه المنطقة ، لأنه توعدني إن شك في سلوكي أو ضبطني أنه سيحولني إلى النيابة العامة ، وهذا أمر مخيف مرعب ، لا أستطيع حتى تصور حدوثه ، سوف أنتقل لمكانٍ آخر بعيداً عن هذه المنطقة . أوقف سعيد نشاطه أياماً ليعود لمزاولته في مكان آخر بعيداًً عن عين مترصده الذي أصبح كابوساً يزوره كلما زار عينيه النوم . اختفى عن الساحة زمناً ولم يعد الشرطي يراه ، آه .... الأمر مريب ، إما أن يكون قد تاب وعدل عن سلوكه أو أنه يخطط لأمر ما ،، وكيف لي أن أعرف وهو غائب عن الأنظار ؟ . امممم !! سوف أبعث رجالي ليتحسسوه في كل مكان . رجعت عيونه بالخبر اليقين . يا حضرة الضابط ، لقد وجدناه في حي الدولار ، يتناوب هو وشاب يصغره بما يقارب العشرين سنة على عدة أماكن . آه .. إنها شبكة ، اخطبوط ، ... الصيد وفير .. اصطياد الشبكات أسهل عملاً وأكثر مردودا ورتبةً من اصطياد الأفراد ، سوف أضع خطة محكمة لإيقاع بهذه الشبكة . في الصباح ... آآآآآه .. الخطة جاهزة ومحكمة ، يا جنود ، هلموا .. أنت يا خالد جهز الكمرا الرقمية ، وأنت عجيلي جهز كمرا الفيديو ، وأنتما عليكما بمراقبتهما من خروجها إلى ساعة الصفر . لم يخرج سعيد ذلك اليوم لوعكة صحية فتأجل تنفيذ المهمة عدة أيام ، وفي ليلة غير ذات قمر توجه سعيد إلى حي الدولار الذي يبعد عن مقر سكنه ثلث ساعة على الأرجل ،.... أششششش .. تقدم يا عجيلي أكثر وشغل الكمرا أما أنت ياخالد فعليك أن تأتي من الناحية المقابلة لتأخذ لقطات لعملية الضبط . وليذهب كلٌ من فتحي وأبو غرارة لملاحقة الطرف الثاني والقبض عليه ولكن بعد الأشارة . لم يكن سعيد في غفلة فقد لاحظ تحركاتٍ غير اعتيادية ، استناداً إلى حدسه وحذره اللا محدود . وقع نظره على شيء والفرصة سانحة ، توجه إليه رأساً ، لم يستطع مقاومة ما يرى .... انتبه يا سعيد ، عليك الحذر .. لا تثر أي حركة مريبة .... آآآآآآآآه إنه طعم . فخ . كدت أقع فيه .... أرجع يده التي لامست تلك المحفظة والتقطتها العدسة ، وهذا يكفي لأدانته في التحقيق ، سرق النظر يميناً وشمالاً وأردف خطواته المترددة بخطوات قلقة متسارعةٍ قادته إلى خارج المبنى ... الشرطي : أمسكه يا عجيلي.... هيا تقدم تقدم يا خالد ، اركض وراءه .. لا تدعه يفلت ، فر سعيد بأسرع ما يستطيع ، وكان القدر أسرع إليه فقد صدمته سيارة مسرعة . سقط على الأرض ، لم تمر دقائق حتى فارق الحياة ، وتابع رجال الشرطة اللحاق بصديقه الآخر ، أمسكوا به على عتبة البيت الذي يقطن فيه هو وسعيد ، دخل الضابط ورجال الشرطة فوجدوا أمراً لم يكونوا متوقعيه .. وجدوا أربعة شبان يبدو عليهم الإدمان ، سألهم الضابط ، ما تصنعون هنا .. نحن يا حضرة الضابط من مدمني المخدرات ،ونأتي كل يوم إلى هنا ، ولكنا انقطعنا عن المخدر لمدة الأربعة أشهر ، وذلك بمساعدة سعيد ، بعد أن نبذنا أهلنا ومجتمعنا ، ولم نرد أن نضيع في متاهات أكثر مما ضعنا ، ولم يكن معنا المال ، فسعيد هو الممول لعملية علاجنا ، فله الفضل علينا في توقفنا عن المخدر .... الضابط ولكنه يسرق . يا حضرة الضابط .. نعم إنه يسرق ، ونحن لا نبرر عمله ولا نشجعه ، لكنه يسرق من تجار المخدرات ليعالج أخطاءهم ، يا حضرة الضابط . السرقة حرام لا غبار على ذلك والخطأ لا يعالج بالخطأ , ولكنه يسرق المال القليل ليرد لنا أعمارنا ، وغيره يسرق المال الكثير ويسرق أعمارنا ، فأين أنت يا حضرة الضابط وأين كمراتك الذكية .
|
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ نومـا على المشاركة المفيدة: |
12-15-2011, 06:12 AM | رقم المشاركة : 8 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
هارب من القدر
( 1 ) دخل الليل بسكونه العميق ، ونام الناس وسبتـوا .. ... فى ذلك الليل البهيمى ، كانت المرأة فى أشد حالات الطلق .. ولم يكن بجوارها أحدُ من النساء وتحت ضغط الحاجة ... آلام الطلق ، ندرة من حولها ، وهذا الظلام الدامس ، لم تجد المرأة أمامها إلا أن تنادى على أجيرها " سمعان ". صرخت بأعلى صوتها مستغيثة به يا سمعااااااااااااااان . قال سمعان : لبيك سيدتى . قالت : أريد قبسًا من نار ، وخرج سمعان مسرعًا لتلبية طلبها . فلم يكن الأمر يحتاج إلى أدنى تأخير . وفوجئ سمعان برجل لم يره قبل ذلك . وقال له : إلى أين أنت ذاهب ؟ قال سمعان : أُحضرُ نارًا لسيدتى لأنها تعانى من آلام الطلق . قال الرجل الغريب : هون عليك يا سمعان ! قال سمعان : أو تعرف إسمى ؟ قال الغريب : لقد ولدت المرأة بنتا صغيرة . قال سمعان : كيف عرفت ؟! أكمل الغريب كلماته وكأنه لا يسمع لما يقوله سمعان قائلا : أما إن هذه البنت الوليدة تكون امرأة من أجمل النساء ، و ستزني بمائة رجل ، ثم يتزوجها أجير أمها ، ويكون موتها بسبب عنكبوت ، قال سمعان : تتزوجنى أنا ؟! قال الغريب : أجل ، بعد أن تزنى بمائة رجل . قال سمعان : إن مثل هذه لا تستحق الحياة .. ولأدخلن فإن وجدتها بنتًا كما تقول لترين ما أصنع . ورجع سمعان الأجير إلى سيدته فوجدها قد وضعت ، فنظر فلما علم أنها جارية صغيرة . أسرع وأخذ سكينًا فبعج بها بطن الجارية الوليدة فشقه ، وسال الدم غزيرًا ، فخرج مسرعًا من البيت ، ونظر باحثًا عن الرجل الغريب فلم يجده .. لقد اختفى .. اختفى من أمامه إلى الأبد . ثم ذهب سمعان هاربا . تاركًا خلفه بنتًا صغيرة .. بعد أن ظن أن الجارية الوليدة قد ماتت. (2) لم تدرِ الأمُ لماذا فعل سمعان الأجير ما فعل بابنتها .. وهى التى عهدته رجلا طيب القلب رقيق النفس مطيعًا لسيدته .. وما ذنب هذه الجارية التى لم يتجاوز عمرها سوى لحظات قليلة ؟ ورغم آلام الوضع والميلاد فقد نشطت الأم لمعالجة ابنتها .. وخاطت بطنها بنفسها . وأراد سمعان أمرًا وأراد الله العلى القدير أمرًا آخر . فقد برئت البنتُ .. وشُفيت بإذن الله . وشبت .. وترعرعت .. ونشأت كأحسن النساء بل إنها عُرفت بعد ذلك بالفاتنة . وكان مضرب المثال فى الجمال والفتنة وفتح ذلك لها بابًا شديدًا من الفتنة ، لم تستطع أن تغلقه ورويدًا رويدًا .. تركت نفسها للطامعين .. (3) أما " سمعان " فقد ذهب بعيدًا .. وبعيدًا جدًا ، فى أماكن لا يعرفه فيها أحد . وركب البحار والسفن أجيرًا ، وخادمًا عند كبار التجار ، فتعلم منهم الكثير وفطن إلى ما يعملون ! إن الأمر صار معروفا لديه تمامًا. فما يقوم التاجر من هؤلاء إلا أن يشترى بضاعة من بلد تكثر بها هذه السلعة ، فيشتريها بأسعار زهيدة . ثم يأخذها التاجر ويذهب إلى بلد أخرى يندر فيها وجود هذه السلعة ، فيبيعها بأعلى الأسعار . وبين فرق الأسعار هنا وهناك ، يُكَوِنُ التاجرُ ثروته . فألهمه الله أن يدخر مبلغًا ، من الأموال التى تخرج له من عمله كأجير . ومع الأيام .. وبمرور الوقت .. صار لدى "سمعان" مبلغًا لا بأس به ، لأن يبدأ به ، فاشترى تجارة بسيطة ثم أخذها ونقلها من بلد إلى أخرى .. وكان سمعان يرى ذلك بعينيه كثيرًا ، لكنه حين فعل ذلك وجربه بنفسه فوجئ بالأموال الطائلة التى يجنيها من هذا العمل ، فاغتنى وكثر ماله . وأراد الله به أمرًا ، فنجحت تجارته ، وتوالت الأيام وهو يزداد نجاحًا إلى نجاحه ، وصار معروفًا فى معظم البلاد الذى يتردد عليها كتاجر من أعظم التجار. يتمنى التجار أن يتعاملون معه ، يبيعونه أنواعًا من البضاعة ، ويشترون منه أنواعًا أخرى. وعُرف بأمانته وصدقه . وفى أثناء ذلك كان سمعان يرى من عجائب خلق الله ما يرى . لكنه أبدا لم يرى أعجب من حديث الرجل الغريب له ، وكان يحن إلى بلده ومسقط رأسه .. ويمنعه الماضى أن يرجع .. وجذبه الحنين إلى بلده .. وهذا أمر غرسه الله تعالى فى كل إنسان ، أن يحن إلى البلد الذى نشأ فيه .. ودار هذا الحوار فى نفسه : إلى متى أيها الرجل تعيش هاربا بعيدًا عن أوطانك لقد مر ما يزيد عن عشرين عاما على الرحيل ؟ وهنا هداه تفكيره إلى أن يرجع متخفيًا فى صورة تاجر كبير .. (4) رجع سمعان إلى بلده التى هرب منها ، فبدا كتاجر كبير ، فبنى بيتًا مهيبًا ، و هابه الناس فلم يفكر أحدٌ أن هذا الثرى هو نفسه سمعان الفقير البائس . ولم يرد هو أن يكشف عن هويته .. إنه هروب من نوع آخر هروب إلى القمة . وبعد هذه الرحلة الطويلة ومع هذه الأموال الطائلة أراد سمعان أن يتزوج . فقال لعجوز أريد أن أتزوج بأجمل امرأة بهذه البلدة . فقالت ليس ههنا أحسن من " حسناء " . فقال سمعان : أخطبيها على . فذهبت العجوز إليها فكلمتها ، ورغبتها فيه حتى رضيت "حسناء" . وفى حفل بهيج تجمع الناس فيه للطعام والشراب . وفى ليلة لا تُنسى عند أهل البلدة ، تم زفاف هذه الفاتنة الحسناء "حسناء" ، إلى ذلك التاجر الكبير والثرى المحسود " سمعان " فدخل بها ، فأعجبته إعجابًا شديدًا ، وأحبها كما لم يحب رجل امرأة . وتعلقت حسناء هى الأخرى به تعلقًا شديدًا . وشعر كل منهما أن الحياة قد وهبته مطلبه . (5) وبينما كانت " حسناء " تتسامر مع زوجها يومًا قالت له : يا سمعان ! من أين أتيت وأين كنت تعيش قبل ذلك ؟ وفى حديث صادق قال لها سمعان : يا حسناء . لو أنى تزوجت بامرأة أخرى ما أخبرتها أبدا بالحقيقة . لأن ذلك يعرضنى للمتاعب . فقالت له بعد أن انجذبت لحديثه : ولم ؟ فأخبرها خبره ، وما كان من أمره في الجارية ، وأنه أصلا من أبناء هذه البلدة ، ولكنى ما قلت لهم ذلك حتى لا يعرفنى أحد ، وأريد منك أن تكتمى سرى . فقالت حسناء : يا لها من حكاية عجيبة حقًا . أتدرى أين ذهبت البنت الصغيرة التى طعنتها ؟ قال : أين ؟! قالت : إنها أمامك يا سمعان بشحمها ولحمها وكيانها ! إنها أنا حسناء .. زوجتك . وأرته مكان السكين فتحقق من ذلك ... دارت رأس الرجل وشعر أن الحياة واسعة لأبعد حد ، لكنها فى نفس الوقت ضيقة كسم الخياط . قال سمعان : لكن قالت حسناء : لكن ماذا ؟ قال سمعان : وتصدقينى القول . قالت : أصدقك . قال سمعان : لئن كنت إياها فلا بد من أمرين : الأمر الأول : أنك قد زنيت بمائة رجل قبل زواجنا . فقالت بعد صمت وإطراق : لقد كان شيء من ذلك ، ولكن لا أدري ما عددهم . فقال سمعان : هم مائة و الأمر الثاني : أنك تموتين بسبب عنكبوت فضحكت .. حتى ملأت البيت بضحكها على كلامه ثم قالت : أنا أموت بسبب عنكبوت !! قال : نعم ! لقد تحقق كل شئ ، ولسوف يتحقق ذلك . (6) كان الفرق واضحا بين الزوجين .. أما الزوجة فكانت لا تبالى ، وأما سمعان فقد خاف على زوجته ، بعد أن أحبها وتعلق بها ، بل لم يتصور الحياة بدونها ، فاتخذ لها قصرا منيعًا شاهقًا ، بناه فى منطقة استشار فيها أهل العلم والمعرفة ، وأكدوا له جميعًا أن هذه المنطقة لا يسكنها العناكب . وصمموا البيت بحيث لا يدخل إليه حشرات ولا هوام .. وصار الناس يتحدثون عن هذا البيت الفريد ، وهذا البرج المشيد ، فيتعجبون .. ويتمنى كل منهم أن يكون هذا البرج المشيد له. ودارت الأيام والسنون ، والرجل خائف على زوجته .. ولسان حاله يقول .. ودع هُريرةَ إن الركبَ مرتحلُ وهل تُطيقُ وداعًا أيها الرجلُ بل لو أن الأعشى ميمون بن قيس - ذلك الشاعر العربى - رآى سمعان لظن أنه ما قال هذا البيت من الشعر إلا له . أما حسناء .. فكانت بطبيعتها لا تبالى ، ولا تُعير هذا الأمر انتباهًا . وفى أحد الأيام .. وبينما هم يجلسون فى البيت الحصين ، فإذا بعنكبوت تراه في سقف فأراها إياها ، فقالت : أهذه التي تخاف منها علىَّ ؟! والله لا يقتلها إلا أنا ، فأنزلوها من السقف ، فعمدت حسناء إليها ، فوطئتها بإبهام رجلها ، فقتلتها . وهى تقول : أهذه التى أموت بسببها . وملأت الدنيا ضحكًا وبهجة . وما علمت حسناء أن من العناكب أنواعًا سامة وأخرى غير سامة. وما علمت حسناء أن هذا العنكبوت كان نوعًا سامًا مميتًا . حيث قد طار شئٌ من سمها فوقع بين ظفرها ولحمها ، واسودت رجلها ، وكان في ذلك أجلها فماتت بإذن الله .. وقد علمت العرب هذه الحادثة وتحاكوها بينهم وصارت مثلا يُضرب بينهم . وأراد الله أن يخاطبهم بما يعرفون فقال تعالى : " أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا " [ النساء 78 ]
|
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ نومـا على المشاركة المفيدة: |
12-15-2011, 06:14 AM | رقم المشاركة : 9 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
الغزال في المصيدة
نزلت " سنية " من الترام تحمل صغيرها على صدرها .. وكانت شمس يوليو حامية والحر يلفح الوجوه .. وصعدت في الشارع الطويل المؤدى إلى المستشفى وهى تحس بالتعب الشديد وبوخز الإبر في عظامها ولحمها .. فقد أرهقها مرض ابنها ومزق أعصابها .. عالجته بكل الوصفات المعروفة دون نتيجة .. وأخيرا ذهبت به إلى " المستوصف " القريب من بيتها فأخبرها الطبيب بأنه مريض بالحمى ويجب نقله إلى المستشفى فورا ، وإلا ضاع بين يديها .. سمعـت هذا وطار قلبها شعاعا .. وحملته إلى المستشفى وهى تحبس عبراتها .. ولأنه وحيـد وقطعة من كبدها وجاءت به بعد موت اثنين من ابنائها .. فقد تجمعت كالقوقعة واحتضنته وحرصت على أن يبقى لها .. ولا يموت كما مات من قبله .. وأن تزود عنه عاديات الأيام .. وكل الأعاصير التى تهب فجأة فى وجه الفقير .. وأن تكافح لتمرضه بكل ذات نفسها وكل ذرة فى جسمها .. وكانت الشمس تتوسط كبد السماء ، ولم تجد " سنية " مكانا للظل فى الشارع ، وكان هناك صف من العربات التى تجرها الخيل واقفة فى بداية الشارع ، تنتظر النازلين من الترام ، لتهون عليهم مشقة الطريق إلى المستشفى ، أو إلى أى مكان آخــر فى هـذا الجـــو الشـديد الحـرارة ، ولكن " سنية " لم تكن ممن يركبن العربات ، فسارت وحدها فى الطريق الصاعد ، ولمحت عن بعد نسوة يتقدمنها فى ملاءات سوداء .. نساء يلبسن نفس زيها .. وفى مثل فقرها وبأيديهن الصرر ، ووراءهن أطفال يتدحرجون فى الشارع الساكن .. وعندما مالت فى الطريق الرملى إلى اليسار ، سألت عن المستشفى بعد أن اختفى أثر النسوة .. فقد خشيت أن تتوه بعد أن تكشفت أمامها رمال الصحراء .. وتعددت البنايات الكبيرة .. وعرفت المستشفى من عربات الطعام والفاكهة الواقفة بجانب السور والتى يحط عليها الذباب بكثرة .. ورأت سيارة من سيارات نقل الموتى قريبة من الباب الواسع .. ونساء فى سواد يولولون .. فانقبض قلبها لمنظر السيارة وحال النسوة .. وكان الباب مفتوحا على مصراعيه لأنه يوم زيارة عامة .. فدخلت " سنية " مع الداخلين .. ودلوها على غرفة الاستقبال .. وكشف الطبيب على الصبى .. وحملوه عنها إلى عنبر فيه غيره من الأطفال المرضى .. وكانوا فى حالة تعيسة .. وجوه شاحبة وعيون تبدو واسعة بعد أن هزل اللحم وبرزت العظام .. وقذارة فى الفراش وفى الأرض .. وأصاب " سنية " الذعر ولكن ماذا تفعل .. أرقدوا ابنها على حشية عليها مــلاءة قذرة تغير لونها من فرط ما سكب عليها وكان الذباب يتكاثر فى العنبر والجو خانقــا .. وبقيت " سنية " جالسة على الأسفلت بجانب ابنها ملتصقة بالسرير ودافنة رأسها فى الملاءة القذرة التى تغطى الحشية .. كان الصبى جامد النظرات ، ساكن الجوارح .. ولكن على وجهه الرضا لأنه يحس بوجود أمه عن قرب .. ووقفت ممرضة على رأس " سنية " وقالت لها : ـ تعال يا ست .. ـ إلى أين ..؟ ـ ستأخذين حقنة .. ومشت وراء الممرضة فى الطرقات الطويلة .. وفى بناية فى حديقة المستشفى حقنها طبيب بحقنة ضد التيفود .. وخرجت من البناية لتعود إلى ابنها .. ورأت بابا مفتوحا فى غرفة قليلة الضوء .. غرفة ساكنة باردة فى هذا الحر .. فدخلت من الباب تنظر .. رأت جسم صبى ملقى فى حوض كأحواض السمك وعليه قطع الثلج .. وتقدمت لتنظر وقد أقشعر بدنها .. وأدركت أن الصبى ميت وهذه هى الثلاجة .. وحاولت أن تصرخ ولكن خانها صوتها .. وخرجت مهرولة إلى عنبر ابنها .. وهناك احتضنته .. ودفنت رأسها فى صدره .. واستغرقت " سنية " فى وضعها ونسيت نفسها ثم استفاقت على صوت التمرجى يقول لها بغلظة : ـ ميعاد الزيارة انتهى .. اتفضلى .. روحى .. وسألته : ـ أروح .. واترك الولد ..؟ ـ نعم .. هذا مستشفى .. وليس بيتا .. وأحست بحرقة ، أحست بمن يخنقها ، تتركه لهم ليضعوه فى حوض وعليه الثلج كالذبيحة .. أبدا .. أبدا ولو قطعوها إلى قطعتين .. تتركه هكذا وهو بين الموت والحياة .. أبدا .. أخرجوها من العنبر بالقوة .. ومن باب المستشفى .. ولكنها ظلت لاصقة بالسور .. *** وعندما خيم الظلام على الصحراء وشمل السكون المنطقة .. اقتربت من الباب ودفعت خمسة قروش للبواب ودخلت متسللة كاللصة .. كانت تعرف مكانه رغم تعدد العنابر وكثرة الطرقات .. ودخلت العنبر وهرولت إلى سرير ابنها وهى تدير عينيها فى الضوء الباهت بذعر ورجفة .. لم يكن هناك ممرض ولا ممرضة .. وكانت تسمع بكاء الأطفال فى العنبر فيرتجف قلبها .. واحتضنت ابنها وأحست بالحرارة الشديدة فى جسمه .. وكان الصبى يهذى وجسمه الصغير يرتعش وألصقت قلبها بقلبه .. وخيل اليها أنها لاتسمع ضربات القلب الصغير .. وألصقت خذها بخده وأخذت تبكى .. ابنها يموت .. وخرجت من العنبر مهرولة تبحث عن طبيب لينقذ ابنها .. وظهر رجل فى رداء مصفر فى نهاية الطرقة .. فلما رآها أسرع نحوها وأمسك بها وقال بخشونة : ـ كيف دخلت المستشفى فى مثل هذه الساعة ..؟ ـ ابنى يموت .. ـ وما الذى جاء بك فى الليل .. وكيف دخلت ..؟ ـ من الباب .. ابنى يموت .. ـ من الباب .. مستحيل .. تعالى .. نسأل البواب .. وليلته سوداء إن كان قد أدخلك .. وأمسك بها من يدها بعنف وجرها إلى البواب .. وأنكر هذا أنه رأى حتى ظلها .. وقال التمرجى وهو يحد النظر إلى وجهها : ـ إذن فقد تسلقت السور لتسرقى .. ولا بد من تسليمك للبوليس .. ـ سرقت ..!؟ ـ أجـل .. والعنبر ملآن بأشياء الحـكومة .. والمخزن مفتوح .. وكل ليلة تسرق أغطية وبطاطين وآلات طهى .. ولا نعرف السارق .. وأخيرا وقعت .. وأخذت تتوسل .. ورأى لأول مرة جمالها الباهر وصباها .. وعينيها والثوب الأسـود والمنديل الأزرق يغطى الرأس ويزيد وجهها نضارة وتألقا .. وبكت .. ـ اعمل معروف .. أنا مسكينة والولد بيموت .. أليس عندك أولاد .. ـ عندى ولكنى لا أتسلق السور فى الليل .. ـ البواب .. كذاب .. حلفه .. لقد دخلت من الباب .. ـ طيب .. تعـالى .. وفى الصباح سنسلمك للمعاون وهو يتصرف .. وسحبها إلى غرفة فى حديقة المستشفى .. ـ نامى هنا إلى الصباح .. وأغلق عليها الباب .. ظلـت متيقظة فى الظلام تنظر إلى السقف .. وهى ترتعش من الخـوف .. كانت قـد فوجئت بهـذا الاتهام الذى شل حركتها وإرادتها تماما .. ورقدت خائفة .. وبعد ساعة أحست به يدخل عليها ويرقد بجوارها .. وقاومت بكل شبابها وأنشبت أظافرها فى لحمه .. ولكنه لم يتراجع واغتصبها وهو يسيل عرقا من فرط مقاومتها العنيفة .. وفى الصباح لم يسلمها للمعاون وتركها تذهب إلى العنبر الذى فيه ولدها .. ومضت أيام وهى فى داخل المستشفى بجانب ابنها .. وجعلوها تغسـل بلاط العنـبر وطـرقات المستشـفى وتحـمل التراب والنفايات .. جعلوها تفعل كل هذه الأشياء لكى تبقى بجانب ابنها .. ومادام ليس معها نقود .. فقد كانت تدفع عرقها .. كان كل همها أن يعيش الصبى .. ومادامت بجانبه ترعاه سيعيش .. *** وظلت عشرين يوما فى المستشفى .. وكانت تذهب إلى البيت خطفا ثم تعود جريا إلى المستشفى .. ونسيت زوجها الفران .. كان عمله كله فى الليل ، فإذا جاء فى الصباح عرف أنها فى المستشفى ونام .. كان يحب الولد وكان مطمئنا عليه مادامت أمه بجانبه .. ظلت تكنس وتمسح البلاط وترضخ لكل ما تطلبه منها الممرضات وهى فى كل يوم خائفة أن يقدمها ذلك الرجل للبوليس كسارقة .. ومن السهل على مثله أن يلفق لها تهمة كبيرة .. كانت تخاف منه وكان هو يخاف منها أن تحدث الناس بفعلته .. تحكى القصة لطبيبة أو لممرضة وهذه تأخذها إلى مدير المستشفى ثم يصل الأمر إلى النيابة فى الحال ، كان يخاف منها أكثر مما تخاف منه .. وفى كل يوم كان يحب أن تبقى فى المستشفى وأن يراها بعينيه لأنها لو خرجت ستتحدث .. ولو تحدثت بما جرى لها سيحرضها الناس على إبلاغ البوليس .. كان وجودها تحت سمعه وبصره يطمئنه .. كما أنها كانت تطمئن عنــدمـا تراه فى طـرقات المستشـفى ســاكنا جامــدا .. فتــدرك أنه نسى أمرها .. وفى ظل هذا الخوف الرهيب المتبادل قضيا معا عشرين يوما يطوقهما سور المستشفى الكبير وهما فى عداء باطنى خفى قاتل .. كان يكرهها وكانت تكرهه .. كانت تكرهه لأنه سبب لها كل هذا الرعب .. وكان يكرهها لأنها قد تكون السبب فى فصله من عمله وتشريده فى الطرقات .. *** فى الظهر .. مـر الطبيب وكشف على الطفل .. وسمح له بالخروج .. وخرجت به " سنية " من باب المستشفى فى مثل الساعة التى دخلت فيها منذ ثلاثة أسابيع .. وكانت الشمس حامية والحرارة أشد ضراوة .. ومشت فى نفس الطريق الذى جاءت منه من قبل .. كانت فى هـذه المـرة تنزل ولم تكن تصعد ، وكان المشى أكثر سهولة .. ولكنها كانت تشعر بالانقباض .. كان الصبى قد شفى تماما واسترد كامل صحته .. ولكن عافيته لم تشعرها قط بالفرحة .. كان هذا الصبى هو السبب فيما حل بها من بلاء ، لو كان معها نقود لمرضته فى البيت ونجت من هذا الوغد .. مرضته فى البيت بعيدا عن العيون .. ودون أن تخبر أحدا بنوع مرضه .. ولكنه مرض بحمى معدية .. ولا بد أن يشيع الخبر ويتسرب من أى شخص .. وكتمانه من المستحيل .. وسينقلونه إلى المستشفى رغم أنفها .. إن ما حدث كان مقدرا لها والمحنة التى مرت بها لن تغفر لها خطيئتها قط .. كان يجب أن تستقتل ولو مزقها إربا وقطع أنفاسها .. وقبل أن تخرج من الشارع الرئيسى مرت بجانبها سيارة صغيرة وأطل رأس رجل فى قميص مفتوح وأوقف السيارة وقال برقة : ـ تعالى أوصلك .. يا سنية .. وجفلت .. كيف عرف اسمها .. ثم تذكرت هذا الوجه .. أنها رأته فى المستشفى .. وكان دائما بشوشا طلق المحيا كما هو الآن .. فى أى عنبر رأته وفى أى مكان ..؟ لم تكن تدرى .. وردت " سنية " بضعف : ـ كتر خيرك .. قربنا من الترام .. ـ اركبى من أجل الصغير .. الشمس حامية .. ونظر إليها مرة أخرى نظرة كلها حنان .. فقالت لنفسها : ـ وماذا يضير .. وما الذى بقى لى بعد الذى جرى ..؟ وركبت فى المقعد الخلفى صامتة والغلام فى حجرها .. وقال الطبيب وهو يسير بالسيارة متمهلا : ـ ابنك .. استرد عافيته .. فهمست : ـ ليته .. مات .. ولم يسمعها .. وقال وهو ينظر إلى الطريق دون أن يدير رأسه إلى الخلف : ـ لقد حقنتك حقنة التيفود .. بعد أن وضعنا الصبى فى العنبر .. وكنت لا تريدين أن تشمرى عن ذراعك .. أتذكرين ما حدث ..؟ وضحك .. وابتسمت .. ـ أنا جاهلة .. يا بيه .. وهذه أول حقنة فى حياتى وكيف أشمر عن ذراعى أمام رجل ..؟ وتذكرت كل شىء لقد حقنها حقا .. وكان رقيقا مهذبا وإنسانا ولكنها كانت فى دوامة ، ومر هذا سريعا .. مرت هذه اللمحة الإنسانية سريعا وبقى الأثر المدمر .. الذى محا كل عاطفة أخرى تأتى من إنسان .. لقد جرجروها ومزقوها بغلظتهم لأنها فقيرة .. واستغل الرجل النذل جمالها ليلطخه بالوحل .. النذل أرهبها ليوقعها فى الشرك .. نصب لها المصيدة الجبان .. النذل .. وسمعت الطبيب الشاب يسألها : ـ ساكنة فى أى جهة ..؟ وخجلت أن تقول فى الدراسة قريبا من المقابر .. وقالت : ـ قريبا من الحسين .. ونظر إلى عينيها وكان يود أن يقول لها : ـ أنت جميلة يا " سنية " ولم أر مثل جمالك قط فى أنثى .. وأنا سعيد بركوبك معى .. سعيد سعادة ليس لها من حدود .. وقالت بعد أن اقتربت العربة من شريط الترام : ـ سأنزل .. ـ لا .. سأوصلك إلى بيتك .. وصمتت وكانت الدموع فى عينيها وهى تحدق فيه .. وهمست : ـ أخيرا .. يجىء إنسان .. وسألته وهى نازلة .. تضع طرف طرحتها على جسم الصبى .. ـ ألا تريد شيئا .. يا دكتور ..؟ ـ أبدا .. شكرا .. ـ أنظف لك البيت .. وأغسل ملابسك .. ـ شكرا .. تسلم يدك .. وظلت واقفة في مكانها شاردة حتى بعد أن تحركت العربة واختفت عن نظرها ..
|
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ نومـا على المشاركة المفيدة: |
12-15-2011, 06:16 AM | رقم المشاركة : 10 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
الرجل الصامت أحمد إبراهيم ولم يكن هذا اسمه المدون فى شهادة الميلاد .. ولكنه كان اسمه الذى اشتهر به وأصبح لايسمع سواه ولا ينادى بغيره .. حتى نسى على توالى الأيام اسمه الحقيقى .. وعندما التقيت به لأول مرة استرعى انتباهى بهندامه الغريب وملامح وجهه الفريدة ، كان رأسه كبيرا .. وجبهته عريضة .. وأهدابه غزيرة كثة وعيناه ضيقتين تلتمعان بحدة .. وأنفه قصيرا .. وشعر رأسه أسود خشنا كفروة الخروف .. وكان يعمل طاهيا فى بيت ضابط النقطة وفى بيتى ، وفى بيوت كثيرة فى الحى .. وما كنا جميعا ندرى كيف تتاح له كل هذه المقدرة .. ولكنه فى الواقع لم يكن طاهيا بالمعنى الدقيق لصاحب هذه الصفة .. بل كان لايعرف إلا صنفا واحدا من الطعام يطهوه فى كل البيوت .. وكنت أجد الكفاية فى أن يجىء إلى شقتى يومين فى الأسبوع يطهو فيهما وينظف البيت .. وأحسب ضابط النقطة كان يفعل مثلى .. ويترك ما بقى من الخدمات للعساكر .. ولا أدرى كيف وقع عليه الضابط .. أما أنا فقد وقعت عليه فى عصر يوم وأنا راجع من الجامعة ونازل من الترام فى دوران فم الخليج .. وكان معى كراسة المحاضرات فى يد .. وفى يدى الثانية بطيخة اشتريتها بقرشين من الميدان .. فأشفق على منظرى وحمل عنى البطيخة إلى البيت ، ومن وقتها لازمنى .. وكان يرتدى بدلة عسكرى كاملة .. السترة سترة ضابط والبنطلون بنطلون رجل من رجال السوارى .. ضيق محبوك .. والسترة واسعة مهلهلة .. مفككة الأزرار منفوخة الجيوب .. فكان منظره مضحكا لكل من يشاهده ، ولكن ما من شخص كان يجرؤ على الضحك عليه ، لأنه كان مرهوبا من الحى كله لمجرد التصاقه بالنقطة ولأنه يخدم الضابط .. ولم يكن الضابط الشاب مكروها ، بل كان محبوبا طيب المعشر .. ولم يكن من طباعه أن يحتجز أحدا من الناس فى النقطة إلا فى حالات الضرورة التى يتطلبـها الموقف .. بل كان يتصرف بالحسنى والمرونة والكياسة فى غالبية الحالات العارضة .. وظل هذا الطبـع الخـير يلازمه فى أثنـاء المظاهرات التى كانت كثيرة فى هذه الحقبة من حياتنا .. والتى كانـت تأتى حشوده من الجيزة ، مركز تجمع الطلبة ، وتعبر كوبرى عباس .. إلى كوبرى الملك الصالح .. وعنـد دوران فم الخليج ، كان الضابط يفرقها بالكلمة الطيبة والجلد على مغالبة الموقف .. قبل أن تصـل إلى مدرسة الطب فى شارع القصر العينى .. وكان دائما يبعد الكونستبلات الإنجليز عن الاحتكاك بالطلبة وإثارتهم .. ويتصرف بلباقة .. وبجانبه يقف إبراهيم فى بدلته العسكرية ، طويلا صامتا ، كأنه الجنرال الذى يكتفى بإصدار الأوامر مرة واحدة .. ثم يطبق بعدها فمه إلى نهاية الجولة .. وما أظن إلا أن حدة الطلبة كانت تتكسر على طلعته وزيه الغريب .. وتخبو مرة واحدة .. وفى غمضة عين تصبح النار المشتعلة رمادا وهشيما .. وكان إبراهيم يستريح من عناء كل الأعمال بعد الغروب ، ويتبختر مزهوا فى المنطقة بين كوبرى الملك الصالح ودوران فم الخليج .. ويفرض أتاوته على المعدية .. وعلى الباعة الجائلين .. وإذا أرخى الظلام رواقه ، أصبح شاطىء الترعة الذى يخيم عليه الشجر الضخم الملتف رهيب الوحشة فى الليل .. شديد الظلام مرعبا .. حتى لاترى موضع قدميك بعد ثلاثة أقدام .. لأن هذه المنطقة لاتضاء بالمصابيح اطلاقا ، كما لاتوجد حوانيت فى الواجهة المقابلة تخفف من وطأة الظلام .. بل كانت هذه الرقعة الكثيفة الأشجار خالية تماما من الدكاكين .. وحتى المنازل المتناثرة هنا وهناك كانت صامتة رمادية شهباء خرساء .. تضفى ظلا كئيبا موحشا على الشارع كله .. ويحدث أن يصدم الترام ، أو تدهس سيارة عابر سبيل وتلقيه تحت الشجر ، أو يطعن شخص غريمه فى هذه الظلمة الرهيبة .. وعندما يبلغ الحادث للنقطة يكون ابراهيم فى خطف البرق قد نفض جيوب المصاب .. قبل أن يأتى المحقق أو تصل عربة الاسعاف .. وكان يلتذ من هذه العملية حتى وإن لم يجد فى الجيوب غير بضعة قروش قليلة .. ويعد هذا العمل مغامراته الكبرى .. ويترقب الحوادث ويشتمها من بعيد بلذة عارمة .. وكان يحكى لى كل ما يجرى ويعترف بعملية السطو الليلية هذه وهو هادىء الملامح تماما .. كأنه يقوم بعمل مشروع .. ولما أبديت له سخطى ونفورى من فعله .. قال فى سخرية : ـ إذا لم أسرقهم أنا سيسرقهم غيرى .. قبل أن يصلوا إلى المستشفى .. أو إلى المشرحة فى زينهم .. هل تتصور أنه يمكن أن توجد أمانة فى هذا الجو ..؟ ـ لماذا لا ..؟ ـ ان هذا مستحيل تماما .. الحياة غير الذى تقرؤه فى الكتب يا عبد الحميد أفندى .. عندما تنام عين الإنسان يتحرك الشيطان .. ويتحرك بكل ضراوة .. وسم هذه خسة .. ولكنى أفعلها .. وسأظل أفعلها .. وقد عجبت لهذه الأفكار السوداء فى رأس إبراهيم .. وقدرت أن طفولته كانت قاسية ومرة .. حتى جعلته هكذا .. ورغم هذه النزوة التى كان يندفع إليها فى الليل ، وهو مسلوب الإرادة تماما .. فإنه كان فى منتهى الأمانة فى كل ما يتسوقه لى من أشياء .. ولا يزيد مليما واحدا ، بل كان يتحمل المشقة ويذهب إلى حي السيدة .. ليشترى لى الأجود والأرخص ويوفر بضعة قروش فى كل مرة .. ومن البيوت التى كان يخدمها .. شقة فى الدور الرابع فى نفس العمارة التى كنت أقيم فيها .. وكانت تسكنها سيدة ومعها بناتها الثلاث وكن جميعا يلبسن السواد فى الليل والنهار .. ووجوههن شاحبة حزينة .. وكانت هذه الأسرة ضحية لرجل اشتعلت فى رأسه الوطنية ـ منذ الصبا ــ وأخذ يكافح الاستعمار الإنجليزى بكل الوسائل .. وحدث أن وقعت حادثة اغتيال لبعض كبار الإنجليز فى مدينة القاهرة فاتهم فيها .. وأعدم .. ونسى الناس الأرملة وبناتها نسوهن تماما .. وعشن بعد عائلهم فى فقر وحزن .. وعرفت من إبراهيم أنهن يعشن من دخل ضئيل ولولا هذا لمتن من الجوع .. وكنت كلما شاهدتهن أشعر بشىء ثقيل يحط على قلبى ويكاد يسحقه .. ويضاعف من ألمى أننى كطالب فقير لا أستطيع أن أفعل لهن شيئا.. وكنت أتساءل كيف نسيهم الناس ونسيتهم الأحزاب .. ثم أدركت السبب .. كان الخوف من بطش الإنجليز وإرهابهم يبعد الناس عنهم .. لقد أمات الإرهاب كل مروءة وشهامة فى طباع البشر .. وقتل الخوف كل خير فى الإنسان .. وإلى جانب هذه الأسرة التاعسة التى نسيها الناس .. يعيش فى القاهرة نفسها المهرجون والخونة والمتجرون فى الوطنية .. يعيشون فى القصور ويكنزون الأموال .. وكان إبراهيم الذى لا يعبأ بالطعام ، ولا بالشراب ، ينام كيفما اتفق فى مدخل العمارة .. أو على البسطة التى أمام شقة الأرملة وبناتها .. يفرش حصيرا ويتمدد .. وكثيرا ما كانت تنتابه حالة اكتئاب حادة تجعلنى فى حيرة من أمره .. وفى أثناء هذه الحالة يكون طعامه رديئا .. وطباعه متغيرة .. وكان يتقاضى منى جنيها واحدا فى الشهر نظير خدمته .. ولا يطلبه إلا إذا أعطيته له .. فلم يكن فى حاجة لنقود لطعامه ، أو ملابسه لأنه يأكل فى البيوت التى يشتغل فيها ويرتدى الملابس القديمة .. ويوما طلب منى هذا الجنيه وهو يبدى أسفه ، وعلى وجهه الخجل ، فأعطيته له ولم أسأله عن السبب .. فتناوله وخرج فى الحال .. وقد جعلنى هذا أراقبه من النافذة .. ورأيته بعد ساعة يدور فى الميدان ، وبجواره طبيب الحى ممسكا بحقيبته .. ثم وجدته يصعد به إلى شقة الأرملة .. وحدث ما جعله يدخل قفص النقطة .. وهو الذى كان يتفرج على المحجوزين فيه ويسخر منهم .. ذلك أنه شاهد شابا خليعا يلاحق كبرى بنات الأرملة .. تحت الشجر .. ويمسكها من معصمها فى غبش الظلمة .. فصرخت الفتاة وكان إبراهيم يعس كعادته فى هذه الجهة .. فجرى على صوتها وأمسك بتلابيب الشاب .. وكان مع هذا نصل حاد أراد أن يطعن به إبراهيم .. فانتزعه منه إبراهيم ، وهو فى ثورة غضبه على الفتاة ، وطعنه بقوة وسقط الشاب .. وتجمع الناس فى الظلمة .. وقد روعهم المشهد الدامى .. ولكن إبراهيم تقدم وحده دون أن يمسك به إنسان .. ودخل النقطة .. وروت الأرملة كل شىء عنه بعد ذلك .. وكيف أنه كان يعطيهم كل ما كان معه من نقود ، ويحرم نفسه من كل الأشياء .. وأدركت أنا ، بعد اعترافها هذا ، أنه كان يعطيهم حتى النقود التى كان يجمعها من جيوب المصابين فى الحوادث ..
|
|
الأعضاء الذين قالوا شكراً لـ نومـا على المشاركة المفيدة: |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|