ملتقى مونمس ®

ملتقى مونمس ® (https://monms.com/)
-   المنتدى العام (https://monms.com/m26/)
-   -   شخصيات تاريخيه (https://monms.com/t31397.html)

المتدور الاسباني 02-16-2012 09:21 PM

شخصيات تاريخيه
 
















هذي شخصيات شهدتها التاريخ على مر الزمانن


بالتفصيل الممل

المتدور الاسباني 02-16-2012 09:23 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وإن المسلم ليشتاق لرؤيته صلى الله عليه وسلم وكذلك لمعرفة خلقه وليستمع لتوجيهه وأقواله ليقتدي به ويقتفي أثره , ولن أطيل عليكم وسأنقل لكم هذه الأحاديث التي جمعتها من صحيح الجامع فلعلها تذكرنا بخلقه صلى الله عليه وسلم وكذلك كيف كانت هيئته وصورته التي صوره الله عليه فنشتاق إليه أكثر ونحبه أكثر بأبي هو وأمي ... فتعالوا معي واقرأوا هذه الأحاديث *كان ابغض الخلق إليه الكذب *كان ابيض ، كأنما صيغ من فضه ، رجل الشعر *كان ابيض ، مشربا بحمره ، ضخم الهامة ، أهدب الأشفار *كان ابيض ، مشربا بيض بحمره ، و كان اسود الحدقة ، أهدب الأشفار *كان ابيض مليحا مقصدا *كان احب الألوان إليه الخضرة *كان احب الثياب إليه الحبرة *كان احب الثياب إليه القميص *كان احب الدين ما داوم عليه صاحبه *كان احب الشراب إليه الحلو البارد *كان احب الشهور إليه إن يصومه شعبان [ ثم يصله برمضان ] *كان احب العرق ( اللحم )إليه ذراع الشاه *كان احب العمل إليه ما دووم عليه و إن قل *كان احسن الناس خلقا *كان احسن الناس ربعه ، إلى الطول ما هو ، بعيد ما بين المنكبين ، أسيل الخدين ، شديد سواد الشعر ، اكحل العينين ، أهدب الأشفار ، إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها ، ليس له أخمص ، إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه سبيكة فضه *كان احسن الناس ، و أجود الناس ، و أشجع الناس *كان احسن الناس وجها ، و أحسنهم خلقا ، ليس بالطول البائن ، و لا بالقصير *كان أخف الناس صلاه على الناس ، و أطول الناس صلاه لنفسه *كان أخف الناس صلاه في تمام *كان إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ، و لكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ، و يقول : السلام عليكم ، السلام عليكم *كان إذا أتى مريضا ، أو أتي به قال : اذهب البأس رب الناس ، اشف و أنت الشافي ، لا شفاء ألا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما *كان إذا أتاه الأمر يسره قال : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، و إذا أتاه الأمر يكرهه قال : الحمد لله على كل حال كان إذا أتاه الرجل و له اسم لا يحبه حوله *كان إذا أتاه الفيء قسمه في يومه ، فأعطى الأهل حظين ، و أعطى العزب حظا *كان إذا أتاه قوم بصدقتهم قال : اللهم صل على آل فلان *كان إذا أتى بباكورة الثمرة وضعها على عينيه ثم على شفتيه ، ثم يعطيه من يكون عنده من الصبيان *كان إذا أتى بطعام سال عنه اهديه أم صدقه ؟ فان قيل : صدقه ، قال لأصحابه : كلوا و لم يأكل و إن قيل : هديه ، ضرب بيده ، فأكل معهم *كان إذا اخذ أهله الوعك أمر بالحساء فصنع ، ثم أمرهم فحسوا ، و كان يقول : انه ليرتو فؤاد الحزين ، و يسرو عن فؤاد السقيم ، كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها *كان إذا اخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن *كان إذا اخذ مضجعه قرا { قل يا أيها الكافرون } حتى يختمها *كان إذا اخذ مضجعه من الليل قال ( بسم الله وضعت جنبي ، اللهم اغفر لي ذنبي و اخسأ شيطاني ، و فك رهاني ، و ثقل ميزاني ، و اجعلني في الندى الأعلى)) *كان إذا اخذ مضجعه من الليل ، وضع يده تحت خده ثم يقول ( باسمك اللهم أحيا ، و باسمك أموت ،)) وإذا استيقظ قال ( الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا و إليه النشور )) *كان إذا أراد أن يحرم تطيب بأطيب ما يجد *كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع *كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول : اللهم قني عذابك ، يوم تبعث عبادك ( ثلاث مرات ) *كان إذا أراد إن يستودع الجيش قال : استودع الله دينكم ، و أمانتكم ، وخواتيم أعمالكم *كان إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفة *كان إذا أراد أن ينام و هو جنب توضأ وضوءه للصلاة، و إذا أراد أن يأكل أويشرب و هو جنب غسل يديه ، ثم يأكل و يشرب كان إذا أراد سفرا اقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه *كان إذا أراد غزوه ورى بغيرها *كان إذا استجد ثوبا سماه باسمه قميصا أو عمامة أو رداء ثم يقول : اللهم لك الحمد ، و أنت كسوتنيه ، أسألك من خيره ، و خير ما صنع له ، و أعوذ بك من شره ، و شر ما صنع له *كان إذا استراث الخبر تمثل ببيت طرفه : و يأتيك بالأخبار من لم تزود *كان إذا استسقى قال : اللهم اسق عبادك و بهائمك ، و انشر رحمتك ، و أحيي بلدك الميت *كان إذا استفتح الصلاة قال : سبحانك اللهم و بحمدك ، و تبارك اسمك ، و تعالى جدك ، و لا اله غيرك *كان إذا استن أعطى السواك الأكبر ، وإذا شرب أعطى الذي عن يمينه *كان إذا اشتد البرد بكر بالصلاة ، وإذا اشتد الحر ابرد بالصلاة *كان إذا اشتدت الريح قال : اللهم لقحا لا عقيما *كان إذا اشتكى أحد رأسه قال : اذهب فاحتجم ، و إذا اشتكى رجله قال : اذهب فاخضبها بالحناء *كان إذا اشتكى رقاه جبريل قال : بسم الله يبريك ، من داء يشفيك ، و من شر حاسد إذا حسد ، و من شر كل ذي عين كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات و مسح عنه بيده *كان إذا اصبح و إذا أمسى قال : أصبحنا على فطره الإسلام ، و كلمه الإخلاص ، ودين نبينا محمد ، و مله أبينا إبراهيم ، حنيفا مسلما و ما كان من المشركين *كان إذا اطلع على أحد من أهل بيته كذب كذبه ، لم يزل معرضا عنه حتى يحدث توبة *كان إذا اعتم سدل عمامته بين كفتيه *كان إذا افطر عند قوم قال : افطر عندكم الصائمون ، و أكل طعامكم الأبرار ، و تنزلت عليكم الملائكة *كان إذا افطر قال : ذهب الظمأ ، و ابتلت العروق و ثبت الأجر أن شاء الله *كان إذا افطر عند قوم ، قال : افطر عندكم الصائمون ، و صلت عليكم الملائكة *كان إذا اكتحل اكتحل وترا ، و إذا استجمر استجمر *كان إذا أكل أو شرب قال : الحمد لله الذى أطعم و سقى ، و سوغه و جعل له مخرجا *كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث *كان إذا أكل لم تعد أصابعه بين يديه *كان إذا انزل عليه الوحي كرب لذلك و تربد وجهه *كان إذا انزل عليه الوحي نكس رأسه و نكس أصحابه رؤوسهم ، فإذا اقلع عنه رفع رأسه *كان إذا انصرف انحرف *كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا ، ثم قال : اللهم أنت السلام ، و منك السلام ، تباركت ياذا الجلال و الإكرام *كان إذا أوى إلى فراشه قال : الحمد لله الذى أطعمنا ، وسقانا ، و كفانا ، و آوانا فكم ممن لا كافي له ، و لا مؤوي له *كان إذا بايعه الناس يلقنهم : فيما استطعت *كان إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال : بشروا و لا تنفروا ، و يسروا و لا تعسروا *كان إذا بلغه عن الرجل شيء لم يقل : ما بال فلان يقول ؟ ولكن يقول : ما بال أقوام يقولون كذا و كذا *كان إذا تضور من الليل قال : لا اله إلا الله الواحد القهار ، رب السموات و الأرض و ما بينهما العزيز الغفار *كان إذا تكلم بكلمه أعادها ثلاثا ، حتى تفهم عنه ، و إذا أتى على قوم فسلم عليهم ، سلم عليهم ثلاثا *كان إذا تهجد يسلم بين كل ركعتين وصلو على حبيب الله جزاكم الله خيرا"

المتدور الاسباني 02-16-2012 09:25 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
حياة المتنبي
المتنبي خلاصة الثقافة العربية الإسلامية في النصف الأول من القرن الرابع للهجرة. هذه الفترة كانت فترة نضج حضاري في العصر العباسي ، وهي في الوقت نفسه كانت فترة تصدع سياسي وتوتر وصراع عاشها العالم العربي . فالخلافة في بغداد انحسرت هيبتها والسلطان الفعلي في أيدي الوزراء، وقادة الجيش ومعظمهم من الأعاجم، ثم ظهور الدويلات والإمارات المتصارعة في بلاد الشام ، ثم تعرض الحدود لغزوات الروم والصراع المستمر على الثغور الإسلامية ثم الحركات الدموية في داخل العراق كحركة القرامطة وهجماتهم على الكوفة.



لقد كان لكل وزير ولكل أمير في الكيانات السياسية المتنافسة مجلس يجمع فيه الشعراء والعلماء يتخذ منهم وسيلة دعاية وتفاخر ثم هم وسائل صلة بين الحكام والمجتمع بما تثبته وتشيعه من مميزات هذا الأمير وذلك الحاكم ، فمن انتظم في هذا المجلس أو ذاك من الشعراء أو العلماء يعني اتفق وإياهم على إكبار هذا الأمير الذي يدير هذا المجلس وذاك الوزير الذي يشرف على ذاك. والشاعر الذي يختلف مع الوزير في بغداد مثلا يرتحل إلى غيره فإذا كان شاعرا معروفا استقبله المقصود الجديد، وأكبره لينافس به خصمه أو ليفخر بصوته.



في هذا العالم المضطرب المتناقض الغارق في صراعه الاجتماعي والمذهبي كانت نشأة المتنبي وقد وعي بذكائه ألوان هذا الصراع وقد شارك فيه وهو صغير، وانغرست في نفسه مطامح البيئة فبدأ يأخذ عدته في أخذه بأسباب الثقافة والشغف في القراءة والحفظ. وقد رويت عن أشياء لها دلالاتها في هذه الطاقة المتفتحة التي سيكون لها شأن في مستقبل الأيام والتي ستكون عبقرية الشعر العربي. روي أنه تعلم في كتاب كان يتعلم فيه أولاد أشراف الكوفة دروس العلوية شعرا ولغة وإعرابا. وروي أنه اتصل في صغره بأبي الفضل بالكوفة، وكان من المتفلسفة، فهوسه وأضله. وروي أنه كان سريع الحفظ، وأنه حفظ كتابا نحو ثلاثين ورقة من نظرته الأولى إليه، وغير ذلك مما يروى عن حياة العظماء من مبالغات . . .



ولم يستقر في موطنه الأول الكوفة وإنما خرج برحلته إلى الحياة خارج الكوفة وكأنه أراد أن يواجه الحياة بنفسه ليعمق تجربته فيها بل ليشارك في صراعاتها الاجتماعية التي قد تصل إلى أن يصطبغ لونها بما يسيل من الدماء كما اصطبغ شعره وهو صبي . . هذا الصوت الناشئ الذي كان مؤهلا بما يتملك من طاقات وقابليات ذهنية أدرك أن مواجهة الحياة في آفاق أوسع من آفاق الكوفة تزيد من تجاربه ومعارفه فخرج إلى بغداد يحاول أن يبدأ بصراع الزمن والحياة قبل أن يتصلب عوده، ثم خرج إلى بادية الشام يلقي القبائل والأمراء هناك، يتصل بهم ويمدحهم فتقاذفته دمشق وطرابلس واللاذقية وحمص. كان في هذه الفترة يبحث عن فردوسه المفقود، ويهيئ لقضية جادة في ذهنه تلح عليه، ولثورة حاول أن يجمع لها الأنصار، وأعلن عنها في شعره تلميحا وتصريحا حتى أشفق عليه بعض أصدقائه وحذره من مغبة أمره، حذره أبو عبد الله معاذ بن إسماعيل في اللاذقية، فلم يستمع له وإنما أجابه مصرا :



أبـا عبـد الإلـه معاذ أني





خفي عنك في الهيجا مقامي



ذكرت جسيـم ما طلبي وأنا





تخاطر فيـه بالمهج الجسام



أمثلـي تـأخذ النكبات منـه





ويجزع من ملاقاة الحمام ؟



ولو برز الزمان إلى شخصا





لخضب شعر مفرقه حسامي




إلا أنه لم يستطع أن ينفذ ما طمح إليه. وانتهى به الأمر إلى السجن. سجنه لؤلؤ والي الأخشيديين على حمص بعد أن أحس منه بالخطر على ولايته، وكان ذلك ما بين سنتي 323 هـ ، 324 هـ .






البحث عن النموذج :



خرج أبو الطيب من السجن منهك القوى . . كان السجن علامة واضحة في حياته، وكان جدارا سميكا اصطدمت به آماله وطموحاته، وأحس كل الإحساس بأنه لم يستطع وحده أن يحقق ما يطمح إليه من تحطيم ما يحيط به من نظم، وما يراه من فساد المجتمع. فأخذ في هذه المرحلة يبحث عن نموذج الفارس القوى الذي يتخذ منه مساعدا على تحقيق طموحاته، وعلى بناء فردوسه. وعاد مرة أخرى يعيش حياة التشرد والقلق، وقد ذكر كل ذلك بشعره. فتنقل من حلب إلى إنطاكية إلى طبرية حيث التقى ببدر بن عما سنة 328 هـ، فنعم عند بدر حقبة، وكان راضيا مستبشرا بما لقيه عنده، إن الراحة بعد التعب، والاستقرار بعد التشرد، إلا أنه أحس بالملل في مقامه، وشعر بأنه لم يلتق بالفارس الذي كان يبحث عنه والذي يشاركه في ملاحمه، وتحقيق آماله. فعادت إليه ضجراته التي كانت تعتاده، وقلقه الذي لم يبتعد عنه، وأنف حياة الهدوء إذ وجد فيها ما يستذل كبرياءه. فهذا الأمير يحاول أن يتخذ منه شاعرا متكسبا كسائر الشعراء، وهو لا يريد لنفسه أن يكون شاعر أمير، وإنما يريد أن يكون شاعرا فارسا لا يقل عن الأمير منزلة. فأبو الطيب لم يفقده السجن كل شيء لأنه بعد خروجه من استعاد إرادته وكبرياءه إلا أن السجن كان سببا لتعميق تجربته في الحياة، وتنبيهه إلى أنه ينبغي أن يقف على أرض صلبة لتحقيق ما يريده من طموح. لذا فهو أخذ أفقا جديدا في كفاحه. أخذ يبحث عن نموذج الفارس القوي الذي يشترك معه لتنفيذ ما يرسمه في ذهنه.



أما بدر فلم يكن هو ذاك، ثم ما كان يدور بين حاشية بدر من الكيد لأبي الطيب، ومحاولة الإبعاد بينهما مما جعل أبا الطيب يتعرض لمحن من الأمير أو من الحاشية تريد تقييده بإرادة الأمير، كان يرى ذلك استهانة وإذلالا عبر عنه بنفس جريحة ثائرة بعد فراقه لبدر متصلا بصديق له هو أبو الحسن علي ابن أحمد الخراساني في قوله :



لا افتخار إلا لمن لا يضام





مدرك أو محارب لا ينام




وعاد المتنبي بعد فراقه لبدر إلى حياة التشرد والقلق ثانية، وعبر عن ذلك أصدق تعبير في رائيته التي هجا بها ابن كروس الأعور أحد الكائدين له عند بدر.



وظل باحثا عن أرضه وفارسه غير مستقر عند أمير ولا في مدينة حتى حط رحاله في إنطاكية حيث أبو العشائر ابن عم سيف الدولة سنة 336 هـ وعن طريقه اتصل بسيف الدولة سنة 337 هـ وانتقل معه إلى حلب.



في مجلس هذا الأمير وجد أفقه وسمع صوته، وأحس أبو الطيب بأنه عثر على نموذج الفروسية الذي كان يبحث عنه، وسيكون مساعده على تحقيق ما كان يطمح إليه. فاندفع الشاعر مع سيف الدولة يشاركه في انتصاراته. ففي هذه الانتصارات أروع بملاحمه الشعرية. استطاع أن يرسم هذه الحقبة من الزمن وما كان يدور فيها من حرب أو سلم. فيها تاريخ واجتماع وفن. فانشغل انشغالا عن كل ما يدور حوله من حسد وكيد، ولم ينظر إلا إلى صديقه وشريكه سيف الدولة. فلا حجاب ولا واسطة بينهما، وكان سيف الدولة يشعر بهذا الاندفاع المخلص من الشاعر ويحتمل منه ما لا يحتمل من غيره من الشعراء. وكان هذا كبيرا على حاشية الأمير .



وكان أبو الطيب يزداد اندفاعا وكبرياء واحتقارا لكل ما لا يوافق هذا الاندفاع وهذه الكبرياء . . في حضرة سيف الدولة استطاع أن يلتقط أنفاسه، وظن أنه وصل إلى شاطئه الأخضر، وعاش مكرما مميزا عن غيره من الشعراء. وهو لا يرى إلى أنه نال بعض حقه، ومن حوله يظن أنه حصل على أكثر من حقه. وظل يحس بالظمأ إلى الحياة إلى المجد الذي لا يستطيع هو نفسه أن يتصور حدوده إلى أنه مطمئن إلى إمارة عربية يعيش في ظلها وإلى أمير عربي يشاركه طموحه وإحساسه. وسيف الدولة يحس بطموحه العظيم، وقد ألف هذا الطموح وهذا الكبرياء منذ أن طلب منه أن يلقي شعره قاعدا وكان الشعراء يلقون أشعارهم واقفين بين يدي الأمير، واحتمل أيضا هذا التمجيد لنفسه ووضعها أحيانا بصف الممدوح إن لم يرفعها عليه . . . ولربما احتمل على مضض تصرفاته العفوية إذ لم يكن يحس مداراة مجالس الملوك والأمراء، فكانت طبيعته على سجيتها في كثير من الأحيان. وهذا ملكان يغري حساده به فيستغلونه ليوغروا صدر سيف الدولة عليه حتى أصابوا بعض النجاح، وأحس الشاعر بأن صديقه بدأ يتغير عليه، وكانت الهمسات تنقل إليه عن سيف الدولة بأنه غير راض، وعنه إلى سيف الدولة بأشياء لا ترضي الأمير وبدأت المسافة تتسع بين الشاعر وصديقه الأمير. ولربما كان هذاالاتساع مصطنعا إلا أنه اتخذ صورة في ذهن كل منهما، وأحس أبو الطيب بأن السقف الذي أظله أخذ يتصدع، اعتاده قلقه واعتادته ضجراته وظهرت منه مواقف حادة مع حاشية الأمير، وأخذت الشكوى تصل إلى سيف الدولة منه حتى بدأ يشعر بأن فردوسه الذي لاح له بريقه عند سيف الدولة لم يحقق السعادة التي نشدها. وكان موقفه مع ابن خالوية بحضور سيف الدولة واعتداء ابن خالوية عليه ولم يثأر له الأمير أصابته خيبة الأمل، وأحس بجرح لكرامته لم يستطع أن يحتمل فعزم على مغادرته ولم يستطع أن يجرح كبرياءه بتراجعه، وإنما أراد أن يمضي بعزمه. فكانت مواقف العتاب والعتاب الصريح، ووصل العتاب إلى الفراق. وكان آخر ما أنشده إياه ميميته في سنة 345 هـ ومنها:



لا تطلبن كريمــا بعد رؤيته





إن الكرام بأسخــاهم يدا ختموا



ولا تبــال بشعر بعد شاعره





قد أفسد القول حتى أحمد الصمم




البحث عن الأمل :



فارق أبو الطيب سيف الدولة وهو غير كاره له، وإنما كره الجو الذي ملأه حساده ومنافسوه من حاشية سيف الدولة. فأوغروا قلب الأمير، فجعل الشاعر يحس بأن هوة بينه وبين صديقة يملؤها الحسد والكيد، وجعله يشعر بأنه لو أقام هنا فلربما تعرض للموت أو تعرضت كبرياؤه للضيم. فغادر حلبا، وهو يكن لأميرها الحب، لذا كان قد عاتبه وبقي يذكره بالعتاب، ولم يقف منه موقف الساخط المعادي، ولذا بقيت الصلة بينهما بالرسائل التي تبادلاها حين عاد أبو الطيب إلى الكوفة من كافور حتى كادت الصلة تعود بينهما، فارق أبو الطيب حلبا إلى مصر . . وفي قلبه غضب كثير، وكأني به أطال التفكير في محاولة الرجوع إلى حلب وكأني به يضع خطة لفراقها ثم الرجوع إليها ولكن لا يرجع إليها شاعرا فقط إنما يزورها ويزور أميرها عاملا حاكما لولاية يضاهي بها سيف الدولة، ويعقد مجلسا يقابل سيف الدولة . . من هنا كانت فكرة الولاية أملا في رأسه ظل يقوي وأظنه هو أقوى الدوافع . . دفع به للتوجه إلى مصر حيث كافور الذي يمتد بعض نفوذه إلى ولايات بلاد الشام . .



وفي مصر واجه بيئة جديدة، ومجتمعا آخر، وظروفا اضطرته إلى أن يتنازل في أول الأمر عما لم يتنازل عنه، وهو عند سيف الدولة . . ثم هو عند ملك لا يحبه، ولم يجد فيه البديل الأفضل من سيف الدولة إلا أنه قصده آملا، ووطن نفسه على مدحه راضيا لما كان يربطه في مدحه من أمل الولاية، وظل صابرا محتملا كل ذلك. وأخذ يخطط إلى أمله الذي دفعه للمجيء إلى هنا، ويهدأ كلما لاح بريق السعادة في الحصول على أمله، وهو حين يراوده نقيض لما يراه من دهاء هذا الممدوح الجديد ومكره تنعصر نفسه، ويحس بالحسرة على فراقه صديقه القديم. وفي هذه البيئة الجديدة أخذ الشعور بالغربة يقوى في نفسه بل أخذ يشعر بغربتين غربته عن الأهل والأحبة وعما كان يساوره من الحنين إلى الأمير العربي سيف الدولة، ويزداد ألمه حين يرى نفسه بين يدي أسود غير عربي إلا أنه حين يتذكر جرح كبريائه يعقد لسانه ويسكت . . وغربته الروحية عمن حوله والتي كان يحس بها في داخله إحساسا يشعره بالتمزق في كثير من الأحيان . . وظل على هذا الحال لا تسكته الجائزة، ولا يرضيه العطاء، وظل يدأب لتحقيق ما في ذهنه ويتصور أنه لو حصل عليها لحقق طموحه في مجلس كمجلس سيف الدولة تجتمع فيه الشعراء لمدحه فيستمع لمديحه وإكباره على لسان الشعراء بدلا من أن يؤكد كبرياءه هو على لسانه، ولربما كان يريد إطفاء غروره بهذا إلا أن سلوكه غير المداري وعفويته التي رأيناها بابا سهلا لدخول الحساد والكائدين بينه وبين الحاكم الممدوح، ثم حدته وسرعة غضبه وعدم السيطرة على لسانه. كان كل ذلك يوقعه في مواقف تؤول عليه بصور مختلفة وفق تصورات حساده ومنافسيه . . وأكاد أعتقد أنه كان مستعدا للتنازل عن كل جوائزه وهباته لمن كان يتصور أنه كان يريد أن يتربع على عرش الشعر من أجل جائزة كافور وعطائه، ثم يصوره بصورة تشوه إحساسه وتزور مشاعره . . وذلك هو الذي يغيظه ويغضبه ويدفعه إلى التهور أحيانا وإلى المواقف الحادة . . كل ذلك يأخذ طابعا في ذهن الحاكم مغايرا لما في ذهن الشاعر . .



هكذا بدأت المسافة تتسع بينه وبين كافور . . وكلما اتسعت المسافة كثر في مجالها الحاسدون والواشون، وكلما أحس الشاعر، ولو وهما، بأزورار كافور عنه تيقظت لديه آفاق جديدة لغربته، وثارت نفسه وأحس بالمرارة إحساسا حادا . . لقد كان هو يحس بالحق، وبأنه لم يطلب فوق حقه، ولم يتصرف بما هو خطأ لأنه لم يصدر منه تجاوز على حق أحد إلا أنه هذا التصور البريء في ذهن الشاعر بعيد عن واقع الصورة التي في ذهن حاشية كافور، وما يصل إلى كافور من أقوال عن الشاعر وعادة المتملقين من الوجهاء يتوصلون إلى الحاكم بواسطة حاشيته وإغراء بعض أفرادها بأن يكونوا جسورا بينهم وبين سيدهم . . هذه الجسور قد تقطع عند الحاجة بين الحاكم وبين خصومهم . . . أما أبو الطيب فلم يكن يحسن هذا اللون من التظاهر ولم يكن يفكر بهذا اللون من التصور، وإنما كان صريحا بكل شيء في رضاه وسخطه صريحا بما يرغب دون احتيال ولا محاورة، فما دام يشعر بالحق طالب به دون تأجيل.



هذه الصراحة كثيرا ما أوقعته في مواقف حرجة، عند سيف الدولة، وهنا أيضا عند كافور، لذا صارت للمتنبي صورة الغول في نفس كافور، وبأنه المخيف الذي سينزو على ملكه إذا أعطاه ما يمكنه من ذلك، وهكذا ظل الشاعر يرغب، ويلح في رغبته، وظل كافور يداوره ويحاوره، وهو لون من الصراع الدرامي بين حاكم يحسن الاحتيال والمداورة وشاعر صريح لا يحسن من ذلك شيئا حتى وصل الشاعر إلى حالة لم يستطع بعدها أن يبقى صامتا، وشعر كافور برغبته في مغادرته فظن أن تشديد الرقابة عليه وإغلاق الحدود دونه سيخيفه ويمنعه من عزمه، ويخضعه كما يفعل مع غيره من الشعراء بالترهيب حينا والذهب حينا آخر . . إلا أن أبا الطيب لم يعقه ذلك كله عن تنفيذ ما عزم عليه بعد أن أحس باليأس من كافور، ولذعه الندم على ما فعل بنفسه في قصده إياه . .



وعاودته ضجراته التي أحس بها وهو عند أكثر أصدقائه إخلاصا وحبا وظل يخطط إلى الهرب، ويصر على تحدي كافور ولو بركوب المخاطر حتى وجد فرصته في عيد الأضحى، وخرج من مصر، وهجا كافورا بأهاجيه المرة الساخرة .



الاضطراب واليأس :



إن تحدي أبي الطيب لسلطة كافور في هروبه وركوبه كل المخاطر، ثم هذه الطاقة المتفجرة من السخط والغضب في هجائه، كل ذلك يدل على مبلغ اليأس والندم في نفسه، ويبدو لي أنه كان حائرا حين فارق سيف الدولة، وحاول أن يمنع نفسه من التوجه إلى كافور إلا أنه رجح أمر توجهه إلى مصر بعد إطالة فكر . . . ويبدو أنه كان قد فكر بهذه النتيجة اليائسة من ملك مصر لذا نراه وكأنه أراد أن يتقدم من نفسه على ارتكابه خطيئة التوجه إليه واحتمالها مدحه، والتقيد بأوامره حينا. فهو حاول بأي وجه أن يشعر بالانتصار على هذه السلطة، نجده تحداه في هروبه، ثم نقرأ هذا الفخر بالشجاعة والفروسية في اقتحام المخاطر في طريقه إلى الكوفة في مقصورته :



ضربت بها التيه ضرب القمار





إمــا لهـذا وإمــا لـذا



إذا فزعت قدمتـها الجيــاد





وبيض السيوف وسمر القنا



فلمـا انحنـا ركزنـا الرماح





فـوق مكــارمننا والعمل



وبتنــا نقبـــل أسيافنــا





ونمسحها من دماء العــدى

لورا 02-16-2012 09:29 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 

لقد كان لكل وزير ولكل أمير في الكيانات السياسية المتنافسة مجلس يجمع فيه الشعراء والعلماء يتخذ منهم وسيلة دعاية وتفاخر ثم هم وسائل صلة بين الحكام والمجتمع بما تثبته وتشيعه من مميزات هذا الأمير وذلك الحاكم ، فمن انتظم في هذا المجلس أو ذاك من الشعراء أو العلماء يعني اتفق وإياهم على إكبار هذا الأمير الذي يدير هذا المجلس وذاك الوزير الذي يشرف على ذاك. والشاعر الذي يختلف مع الوزير في بغداد مثلا يرتحل إلى غيره فإذا كان شاعرا معروفا استقبله المقصود الجديد، وأكبره لينافس به خصمه أو ليفخر بصوته.



في هذا العالم المضطرب المتناقض الغارق في صراعه الاجتماعي والمذهبي كانت نشأة المتنبي وقد وعي بذكائه ألوان هذا الصراع وقد شارك فيه وهو صغير، وانغرست في نفسه مطامح البيئة فبدأ يأخذ عدته في أخذه بأسباب الثقافة والشغف في القراءة والحفظ. وقد رويت عن أشياء لها دلالاتها في هذه الطاقة المتفتحة التي سيكون لها شأن في مستقبل الأيام والتي ستكون عبقرية الشعر العربي. روي أنه تعلم في كتاب كان يتعلم فيه أولاد أشراف الكوفة دروس العلوية شعرا ولغة وإعرابا. وروي أنه اتصل في صغره بأبي الفضل بالكوفة، وكان من المتفلسفة، فهوسه وأضله. وروي أنه كان سريع الحفظ، وأنه حفظ كتابا نحو ثلاثين ورقة من نظرته الأولى إليه، وغير ذلك مما يروى عن حياة العظماء من مبالغات . . .



ولم يستقر في موطنه الأول الكوفة وإنما خرج برحلته إلى الحياة خارج الكوفة وكأنه أراد أن يواجه الحياة بنفسه ليعمق تجربته فيها بل ليشارك في صراعاتها الاجتماعية التي قد تصل إلى أن يصطبغ لونها بما يسيل من الدماء كما اصطبغ شعره وهو صبي . . هذا الصوت الناشئ الذي كان مؤهلا بما يتملك من طاقات وقابليات ذهنية أدرك أن مواجهة الحياة في آفاق أوسع من آفاق الكوفة تزيد من تجاربه ومعارفه فخرج إلى بغداد يحاول أن يبدأ بصراع الزمن والحياة قبل أن يتصلب عوده، ثم خرج إلى بادية الشام يلقي القبائل والأمراء هناك، يتصل بهم ويمدحهم فتقاذفته دمشق وطرابلس واللاذقية وحمص. كان في هذه الفترة يبحث عن فردوسه المفقود، ويهيئ لقضية جادة في ذهنه تلح عليه، ولثورة حاول أن يجمع لها الأنصار، وأعلن عنها في شعره تلميحا وتصريحا حتى أشفق عليه بعض أصدقائه وحذره من مغبة أمره، حذره أبو عبد الله معاذ بن إسماعيل في اللاذقية، فلم يستمع له وإنما أجابه مصرا :



أبـا عبـد الإلـه معاذ أني





خفي عنك في الهيجا مقامي



ذكرت جسيـم ما طلبي وأنا





تخاطر فيـه بالمهج الجسام



أمثلـي تـأخذ النكبات منـه





ويجزع من ملاقاة الحمام ؟



ولو برز الزمان إلى شخصا





لخضب شعر مفرقه حسامي




إلا أنه لم يستطع أن ينفذ ما طمح إليه. وانتهى به الأمر إلى السجن. سجنه لؤلؤ والي الأخشيديين على حمص بعد أن أحس منه بالخطر على ولايته، وكان ذلك ما بين سنتي 323 هـ ، 324 هـ .






البحث عن النموذج :



خرج أبو الطيب من السجن منهك القوى . . كان السجن علامة واضحة في حياته، وكان جدارا سميكا اصطدمت به آماله وطموحاته، وأحس كل الإحساس بأنه لم يستطع وحده أن يحقق ما يطمح إليه من تحطيم ما يحيط به من نظم، وما يراه من فساد المجتمع. فأخذ في هذه المرحلة يبحث عن نموذج الفارس القوى الذي يتخذ منه مساعدا على تحقيق طموحاته، وعلى بناء فردوسه. وعاد مرة أخرى يعيش حياة التشرد والقلق، وقد ذكر كل ذلك بشعره. فتنقل من حلب إلى إنطاكية إلى طبرية حيث التقى ببدر بن عما سنة 328 هـ، فنعم عند بدر حقبة، وكان راضيا مستبشرا بما لقيه عنده، إن الراحة بعد التعب، والاستقرار بعد التشرد، إلا أنه أحس بالملل في مقامه، وشعر بأنه لم يلتق بالفارس الذي كان يبحث عنه والذي يشاركه في ملاحمه، وتحقيق آماله. فعادت إليه ضجراته التي كانت تعتاده، وقلقه الذي لم يبتعد عنه، وأنف حياة الهدوء إذ وجد فيها ما يستذل كبرياءه. فهذا الأمير يحاول أن يتخذ منه شاعرا متكسبا كسائر الشعراء، وهو لا يريد لنفسه أن يكون شاعر أمير، وإنما يريد أن يكون شاعرا فارسا لا يقل عن الأمير منزلة. فأبو الطيب لم يفقده السجن كل شيء لأنه بعد خروجه من استعاد إرادته وكبرياءه إلا أن السجن كان سببا لتعميق تجربته في الحياة، وتنبيهه إلى أنه ينبغي أن يقف على أرض صلبة لتحقيق ما يريده من طموح. لذا فهو أخذ أفقا جديدا في كفاحه. أخذ يبحث عن نموذج الفارس القوي الذي يشترك معه لتنفيذ ما يرسمه في ذهنه.



أما بدر فلم يكن هو ذاك، ثم ما كان يدور بين حاشية بدر من الكيد لأبي الطيب، ومحاولة الإبعاد بينهما مما جعل أبا الطيب يتعرض لمحن من الأمير أو من الحاشية تريد تقييده بإرادة الأمير، كان يرى ذلك استهانة وإذلالا عبر عنه بنفس جريحة ثائرة بعد فراقه لبدر متصلا بصديق له هو أبو الحسن علي ابن أحمد الخراساني في قوله :



لا افتخار إلا لمن لا يضام





مدرك أو محارب لا ينام




وعاد المتنبي بعد فراقه لبدر إلى حياة التشرد والقلق ثانية، وعبر عن ذلك أصدق تعبير في رائيته التي هجا بها ابن كروس الأعور أحد الكائدين له عند بدر.



وظل باحثا عن أرضه وفارسه غير مستقر عند أمير ولا في مدينة حتى حط رحاله في إنطاكية حيث أبو العشائر ابن عم سيف الدولة سنة 336 هـ وعن طريقه اتصل بسيف الدولة سنة 337 هـ وانتقل معه إلى حلب.



في مجلس هذا الأمير وجد أفقه وسمع صوته، وأحس أبو الطيب بأنه عثر على نموذج الفروسية الذي كان يبحث عنه، وسيكون مساعده على تحقيق ما كان يطمح إليه. فاندفع الشاعر مع سيف الدولة يشاركه في انتصاراته. ففي هذه الانتصارات أروع بملاحمه الشعرية. استطاع أن يرسم هذه الحقبة من الزمن وما كان يدور فيها من حرب أو سلم. فيها تاريخ واجتماع وفن. فانشغل انشغالا عن كل ما يدور حوله من حسد وكيد، ولم ينظر إلا إلى صديقه وشريكه سيف الدولة. فلا حجاب ولا واسطة بينهما، وكان سيف الدولة يشعر بهذا الاندفاع المخلص من الشاعر ويحتمل منه ما لا يحتمل من غيره من الشعراء. وكان هذا كبيرا على حاشية الأمير .



وكان أبو الطيب يزداد اندفاعا وكبرياء واحتقارا لكل ما لا يوافق هذا الاندفاع وهذه الكبرياء . . في حضرة سيف الدولة استطاع أن يلتقط أنفاسه، وظن أنه وصل إلى شاطئه الأخضر، وعاش مكرما مميزا عن غيره من الشعراء. وهو لا يرى إلى أنه نال بعض حقه، ومن حوله يظن أنه حصل على أكثر من حقه. وظل يحس بالظمأ إلى الحياة إلى المجد الذي لا يستطيع هو نفسه أن يتصور حدوده إلى أنه مطمئن إلى إمارة عربية يعيش في ظلها وإلى أمير عربي يشاركه طموحه وإحساسه. وسيف الدولة يحس بطموحه العظيم، وقد ألف هذا الطموح وهذا الكبرياء منذ أن طلب منه أن يلقي شعره قاعدا وكان الشعراء يلقون أشعارهم واقفين بين يدي الأمير، واحتمل أيضا هذا التمجيد لنفسه ووضعها أحيانا بصف الممدوح إن لم يرفعها عليه . . . ولربما احتمل على مضض تصرفاته العفوية إذ لم يكن يحس مداراة مجالس الملوك والأمراء، فكانت طبيعته على سجيتها في كثير من الأحيان. وهذا ملكان يغري حساده به فيستغلونه ليوغروا صدر سيف الدولة عليه حتى أصابوا بعض النجاح، وأحس الشاعر بأن صديقه بدأ يتغير عليه، وكانت الهمسات تنقل إليه عن سيف الدولة بأنه غير راض، وعنه إلى سيف الدولة بأشياء لا ترضي الأمير وبدأت المسافة تتسع بين الشاعر وصديقه الأمير. ولربما كان هذاالاتساع مصطنعا إلا أنه اتخذ صورة في ذهن كل منهما، وأحس أبو الطيب بأن السقف الذي أظله أخذ يتصدع، اعتاده قلقه واعتادته ضجراته وظهرت منه مواقف حادة مع حاشية الأمير، وأخذت الشكوى تصل إلى سيف الدولة منه حتى بدأ يشعر بأن فردوسه الذي لاح له بريقه عند سيف الدولة لم يحقق السعادة التي نشدها. وكان موقفه مع ابن خالوية بحضور سيف الدولة واعتداء ابن خالوية عليه ولم يثأر له الأمير أصابته خيبة الأمل، وأحس بجرح لكرامته لم يستطع أن يحتمل فعزم على مغادرته ولم يستطع أن يجرح كبرياءه بتراجعه، وإنما أراد أن يمضي بعزمه. فكانت مواقف العتاب والعتاب الصريح، ووصل العتاب إلى الفراق. وكان آخر ما أنشده إياه ميميته في سنة 345 هـ ومنها:



لا تطلبن كريمــا بعد رؤيته





إن الكرام بأسخــاهم يدا ختموا



ولا تبــال بشعر بعد شاعره





قد أفسد القول حتى أحمد الصمم




البحث عن الأمل :



فارق أبو الطيب سيف الدولة وهو غير كاره له، وإنما كره الجو الذي ملأه حساده ومنافسوه من حاشية سيف الدولة. فأوغروا قلب الأمير، فجعل الشاعر يحس بأن هوة بينه وبين صديقة يملؤها الحسد والكيد، وجعله يشعر بأنه لو أقام هنا فلربما تعرض للموت أو تعرضت كبرياؤه للضيم. فغادر حلبا، وهو يكن لأميرها الحب، لذا كان قد عاتبه وبقي يذكره بالعتاب، ولم يقف منه موقف الساخط المعادي، ولذا بقيت الصلة بينهما بالرسائل التي تبادلاها حين عاد أبو الطيب إلى الكوفة من كافور حتى كادت الصلة تعود بينهما، فارق أبو الطيب حلبا إلى مصر . . وفي قلبه غضب كثير، وكأني به أطال التفكير في محاولة الرجوع إلى حلب وكأني به يضع خطة لفراقها ثم الرجوع إليها ولكن لا يرجع إليها شاعرا فقط إنما يزورها ويزور أميرها عاملا حاكما لولاية يضاهي بها سيف الدولة، ويعقد مجلسا يقابل سيف الدولة . . من هنا كانت فكرة الولاية أملا في رأسه ظل يقوي وأظنه هو أقوى الدوافع . . دفع به للتوجه إلى مصر حيث كافور الذي يمتد بعض نفوذه إلى ولايات بلاد الشام . .



وفي مصر واجه بيئة جديدة، ومجتمعا آخر، وظروفا اضطرته إلى أن يتنازل في أول الأمر عما لم يتنازل عنه، وهو عند سيف الدولة . . ثم هو عند ملك لا يحبه، ولم يجد فيه البديل الأفضل من سيف الدولة إلا أنه قصده آملا، ووطن نفسه على مدحه راضيا لما كان يربطه في مدحه من أمل الولاية، وظل صابرا محتملا كل ذلك. وأخذ يخطط إلى أمله الذي دفعه للمجيء إلى هنا، ويهدأ كلما لاح بريق السعادة في الحصول على أمله، وهو حين يراوده نقيض لما يراه من دهاء هذا الممدوح الجديد ومكره تنعصر نفسه، ويحس بالحسرة على فراقه صديقه القديم. وفي هذه البيئة الجديدة أخذ الشعور بالغربة يقوى في نفسه بل أخذ يشعر بغربتين غربته عن الأهل والأحبة وعما كان يساوره من الحنين إلى الأمير العربي سيف الدولة، ويزداد ألمه حين يرى نفسه بين يدي أسود غير عربي إلا أنه حين يتذكر جرح كبريائه يعقد لسانه ويسكت . . وغربته الروحية عمن حوله والتي كان يحس بها في داخله إحساسا يشعره بالتمزق في كثير من الأحيان . . وظل على هذا الحال لا تسكته الجائزة، ولا يرضيه العطاء، وظل يدأب لتحقيق ما في ذهنه ويتصور أنه لو حصل عليها لحقق طموحه في مجلس كمجلس سيف الدولة تجتمع فيه الشعراء لمدحه فيستمع لمديحه وإكباره على لسان الشعراء بدلا من أن يؤكد كبرياءه هو على لسانه، ولربما كان يريد إطفاء غروره بهذا إلا أن سلوكه غير المداري وعفويته التي رأيناها بابا سهلا لدخول الحساد والكائدين بينه وبين الحاكم الممدوح، ثم حدته وسرعة غضبه وعدم السيطرة على لسانه. كان كل ذلك يوقعه في مواقف تؤول عليه بصور مختلفة وفق تصورات حساده ومنافسيه . . وأكاد أعتقد أنه كان مستعدا للتنازل عن كل جوائزه وهباته لمن كان يتصور أنه كان يريد أن يتربع على عرش الشعر من أجل جائزة كافور وعطائه، ثم يصوره بصورة تشوه إحساسه وتزور مشاعره . . وذلك هو الذي يغيظه ويغضبه ويدفعه إلى التهور أحيانا وإلى المواقف الحادة . . كل ذلك يأخذ طابعا في ذهن الحاكم مغايرا لما في ذهن الشاعر . .



هكذا بدأت المسافة تتسع بينه وبين كافور . . وكلما اتسعت المسافة كثر في مجالها الحاسدون والواشون، وكلما أحس الشاعر، ولو وهما، بأزورار كافور عنه تيقظت لديه آفاق جديدة لغربته، وثارت نفسه وأحس بالمرارة إحساسا حادا . . لقد كان هو يحس بالحق، وبأنه لم يطلب فوق حقه، ولم يتصرف بما هو خطأ لأنه لم يصدر منه تجاوز على حق أحد إلا أنه هذا التصور البريء في ذهن الشاعر بعيد عن واقع الصورة التي في ذهن حاشية كافور، وما يصل إلى كافور من أقوال عن الشاعر وعادة المتملقين من الوجهاء يتوصلون إلى الحاكم بواسطة حاشيته وإغراء بعض أفرادها بأن يكونوا جسورا بينهم وبين سيدهم . . هذه الجسور قد تقطع عند الحاجة بين الحاكم وبين خصومهم . . . أما أبو الطيب فلم يكن يحسن هذا اللون من التظاهر ولم يكن يفكر بهذا اللون من التصور، وإنما كان صريحا بكل شيء في رضاه وسخطه صريحا بما يرغب دون احتيال ولا محاورة، فما دام يشعر بالحق طالب به دون تأجيل.



هذه الصراحة كثيرا ما أوقعته في مواقف حرجة، عند سيف الدولة، وهنا أيضا عند كافور، لذا صارت للمتنبي صورة الغول في نفس كافور، وبأنه المخيف الذي سينزو على ملكه إذا أعطاه ما يمكنه من ذلك، وهكذا ظل الشاعر يرغب، ويلح في رغبته، وظل كافور يداوره ويحاوره، وهو لون من الصراع الدرامي بين حاكم يحسن الاحتيال والمداورة وشاعر صريح لا يحسن من ذلك شيئا حتى وصل الشاعر إلى حالة لم يستطع بعدها أن يبقى صامتا، وشعر كافور برغبته في مغادرته فظن أن تشديد الرقابة عليه وإغلاق الحدود دونه سيخيفه ويمنعه من عزمه، ويخضعه كما يفعل مع غيره من الشعراء بالترهيب حينا والذهب حينا آخر . . إلا أن أبا الطيب لم يعقه ذلك كله عن تنفيذ ما عزم عليه بعد أن أحس باليأس من كافور، ولذعه الندم على ما فعل بنفسه في قصده إياه . .



وعاودته ضجراته التي أحس بها وهو عند أكثر أصدقائه إخلاصا وحبا وظل يخطط إلى الهرب، ويصر على تحدي كافور ولو بركوب المخاطر حتى وجد فرصته في عيد الأضحى، وخرج من مصر، وهجا كافورا بأهاجيه المرة الساخرة .



الاضطراب واليأس :



إن تحدي أبي الطيب لسلطة كافور في هروبه وركوبه كل المخاطر، ثم هذه الطاقة المتفجرة من السخط والغضب في هجائه، كل ذلك يدل على مبلغ اليأس والندم في نفسه، ويبدو لي أنه كان حائرا حين فارق سيف الدولة، وحاول أن يمنع نفسه من التوجه إلى كافور إلا أنه رجح أمر توجهه إلى مصر بعد إطالة فكر . . . ويبدو أنه كان قد فكر بهذه النتيجة اليائسة من ملك مصر لذا نراه وكأنه أراد أن يتقدم من نفسه على ارتكابه خطيئة التوجه إليه واحتمالها مدحه، والتقيد بأوامره حينا. فهو حاول بأي وجه أن يشعر بالانتصار على هذه السلطة، نجده تحداه في هروبه، ثم نقرأ هذا الفخر بالشجاعة والفروسية في اقتحام المخاطر في طريقه إلى الكوفة في مقصورته :



ضربت بها التيه ضرب القمار





إمــا لهـذا وإمــا لـذا



إذا فزعت قدمتـها الجيــاد





وبيض السيوف وسمر القنا



فلمـا انحنـا ركزنـا الرماح





فـوق مكــارمننا والعمل



وبتنــا نقبـــل أسيافنــا





ونمسحها من دماء العــدى

https://www.monms.com/vb/monms-style/...tons/quote.gif

المتدور الاسباني 02-16-2012 09:35 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
شكرا

المتدور الاسباني 02-16-2012 09:36 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
هارون الرشيد الخليفة المفترى عليه




الخليفة المفترى عليه


هو أكثر من تعرض تاريخه للتشويه والتزوير من خلفاء الإسلام، مع أنه من أكثر خلفاء الدولة العباسية جهادا وغزوا واهتماما بالعلم والعلماء، و بالرغم من هذا أشاعوا عنه الأكاذيب وأنه لاهم له سوى الجواري والخمر والسكر، ونسجوا في ذلك القصص الخرافية ومن هنا كان إنصاف هذا الخليفة واجب على كل مؤرخ مسلم.


ومن المؤرخين الذين أنصفوا الرشيد أحمد بن خلكان الذي قال عنه في كتابه وفيات الأعيان: "كان من أنبل الخلفاء وأحشم الملوك ذا حج وجهاد وغزو وشجاعة ورأي"


وكتب التاريخ مليئة بمواقف رائعة للرشيد في نصرة الحق وحب النصيحة وتقريب العلماء لا ينكرها إلا جاحد أو مزور، ويكفيه أنه عرف بالخليفة الذي يحج عاما ويغزو عاما.






نسبه ومولده


هو أبو جعفر هارون بن المهدي محمد بن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي، كان مولده بالري حين كان أبوه أميرا عليها وعلى خرا سان في سنة ثمان وأربعين ومائة وأمه أم ولد تسمى الخيزران وهى أم الهادي وفيها يقول مروان ابن أبى حفصة:


يا خيزران هناك ثم هناك *** أمسى يسوس العالمين ابناك


أغزاه أبوه بلاد الروم وهو حدث في خلافته.






توليه الخلافة


ولي الخلافة بعهد معقود له بعد الهادي من أبيهما المهدي في ليلة السبت السادس عشر من ربيع الأول سنة سبعين ومائة بعد الهادي، قال الصولي: هذه الليلة ولد له فيها عبد الله المأمون ولم يكن في سائر الزمان ليلة مات فيها خليفة وقام خليفة وولد خليفة إلا هذه الليلة وكان يكنى أبا موسى فتكنى بأبي جعفر.


وكان ذا فصاحة وعلم وبصر بأعباء الخلافة وله نظر جيد في الأدب والفقه، قيل إنه كان يصلي في خلافته في كل يوم مائة ركعة إلى أن مات لا يتركها إلا لعلة ويتصدق من صلب ماله كل يوم بألف درهم.. قال الثعالبي في اللطائف قال الصولي خلَّف الرشيد مائة ألف ألف دينار.


وكان يحب المديح ويجيز الشعراء ويقول الشعر، أسند عن معاوية بن صالح عن أبيه قال أول شعر قاله الرشيد أنه حج سنة ولى الخلافة فدخل دارا فإذا في صدر بيت منها بيت شعر قد كتب على حائط:


ألا أمير المؤمنين أما ترى *** فديتك هجران الحبيب كبيرا


فدعا بدواة وكتب تحته بخطه:


بلى والهدايا المشعرات وما *** مشى بمكة مرفوع الأظل حسيرا.


ولداود بن رزين الواسطى فيه:


بهارون لاح النور في كل بلدة *** وقام به في عدل سيـرته النهـج


إمـام بـذات الله أصبح شغله *** فأكثر ما يعنى بـه الغزو والحـج


تضيق عيون الخلق عن نور وجهه *** إذا ما بدا للناس منظره البلج


تفسحت الآمال في جود كفه *** فأعطى الذي يرجوه فوق الذي يرجو


وكان يقتفي آثار جده إلا في الحرص.


وقال محمد بن على الخرساني الرشيد أول خليفة لعب بالصوالجة والكرة ورمى النشاب في البرجاس و أول خليفة لعب بالشطرنج من بنى العباس.


قال الجاحظ اجتمع للرشيد ما لم يجتمع لغيره وزراؤه البرامكة وقاضيه القاضي أبو يوسف وشاعره مروان بن أبي حفصة ونديمه العباس بن محمد عم والده وحاجبه الفضل بن الربيع أتيه الناس ومغنيه إبراهيم الموصلي وزوجته زبيدة.






حبه للعلماء


وكان الرشيد يحب العلماء ويعظم حرمات الدين ويبغض الجدال والكلام، وقال القاضي الفاضل في بعض رسائله ما أعلم أن لملك رحلة قط في طلب العلم إلا للرشيد فإنه رحل بولديه الأمين والمأمون لسماع الموطأ على مالك رحمه الله.


ولما بلغه موت عبد الله ابن المبارك حزن عليه وجلس للعزاء فعزاه الأكابر.


قال أبو معاوية الضرير ما ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي الرشيد إلا قال صلى الله على سيدي ورويت له حديثه "وددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيى ثم أقتل فبكى حتى انتحب"


وعن خرزاذ العابد قال حدث أبو معاوية الرشيد بحديث احتج آدم وموسى فقال رجل شريف فأين لقيه فغضب الرشيد وقال النطع والسيف زنديق يطعن في الحديث فما زال أبو معاوية يسكنه ويقول بادرة منه يا أمير المؤمنين حتى سكن.


وعن أبي معاوية الضرير قال صب على يدي بعد الأكل شخص لا أعرفه فقال الرشيد تدري من يصب عليك قلت: لا. قال: أنا إجلالا للعلم.


وكان العلماء يبادلونه التقدير، روي عن الفضيل بن عياض أنه قال: ما من نفس تموت أشد علي موتا من أمير المؤمنين هارون ولوددت أن الله زاد من عمري في عمره، قال فكبر ذلك علينا فلما مات هارون وظهرت الفتن وكان من المأمون ما حمل الناس على القول بخلق القرآن قلنا الشيخ كان أعلم بما تكلم.




بكاؤه عند سماع الموعظة


قال منصور بن عمار: ما رأيت أغزر دمعا عند الذكر من ثلاثة الفضيل بن عياض والرشيد وآخر.


وقال عبيد الله القواريرى لما لقي الرشيد الفضيل قال له يا حسن الوجه أنت المسئول عن هذه الأمة. وتقطعت بهم الأسباب قال: الوصلة التي كانت بينهم في الدنيا فجعل هارون يبكى ويشهق.


روى أن ابن السماك دخل على الرشيد يوما فاستسقى فأتى بكوز فلما أخذه قال على رسلك يا أمير المؤمنين لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها قال بنصف ملكي قال اشرب هنأك الله تعالى فلما شربها قال أسألك لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشترى خروجها قال بجميع ملكي قال إن ملكا قيمته شربة ماء وبوله لجدير أن لا ينافس فيه فبكى هارون الرشيد بكاء شديدا.


وقال ابن الجوزي قال الرشيد لشيبان عظني قال لأن تصحب من يخوفك حتى يدركك الأمن خير لك من أن تصحب من يؤمنك حتى يدركك الخوف فقال الرشيد فسر لي هذا قال من يقول لك أنت مسئول عن الرعية فاتق الله أنصح لك ممن يقول أنتم أهل بيت مغفور لكم وأنتم قرابة نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم فبكى الرشيد حتى رحمه من حوله.




مواقف لا تنسى


في سنة سبع وثمانين ومائة جاء للرشيد كتاب من ملك الروم نقفور بنقض الهدنة التي كانت عقدت بين المسلمين وبين الملكة ريني ملكة الروم وصورة الكتاب [من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ وأقامت نفسها مقام البيذق فحملت إليك من أموالها أحمالا وذلك لضعف النساء وحمقهن فإذا قرأت كتابي فأردد ما حصل قبلك من أموالها وإلا فالسيف بيننا وبينك]


فلما قرأ الرشيد الكتاب استشاط غضبا حتى ما تمكن أحد أن ينظر إلى وجهه فضلاً أن يخاطبه وتفرق جلساؤه من الخوف واستعجم الرأي على الوزير فدعا الرشيد بدواة وكتب على ظهر كتابه بسم الله الرحمن الرحيم من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما تراه لا ما تسمعه ثم سار ليومه فلم يزل حتى نزل مدينة هرقل وكانت غزوة مشهورة وفتحا مبينا فطلب نقفور الموادعة والتزم بخراج يحمله كل سنة.


وأسند الصولى عن يعقوب بن جعفر قال خرج الرشيد في السنة التي ولى الخلافة فيها حتى غزا أطراف الروم وانصرف في شعبان فحج بالناس آخر السنة وفرق بالحرمين مالا كثيرا وكان رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم فقال له إن هذا الأمر صائر إليك في هذا الشهر فاغز وحج ووسع على أهل الحرمين ففعل هذا كله.


وأخرج ابن عساكر عن ابن علية قال أخذ هارون الرشيد زنديقا فأمر بضرب عنقه فقال له الزنديق: لم تضرب عنقي قال له أريح العباد منك. قال فأين أنت من ألف حديث وضعتها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلها ما فيها حرف نطق به قال فأين أنت يا عدو الله من أبى إسحاق الفزارى وعبد الله بن المبارك ينخلانها فيخرجانها حرفا حرفا.






من أعماله في الخلافة


حج غير مرة وله فتوحات ومواقف مشهودة ومنها فتح مدينة هرقلة،قال المسعودي في "مروج الذهب": رام الرشيد أن يوصل ما بين بحر الروم وبحر القلزم مما يلي الفرما فقال له يحيى البرمكي كان يختطف الروم الناس من الحرم وتدخل مراكبهم إلى الحجاز.


وزر له يحيى بن خالد مدة وأحسن إلى العلوية وحج سنة 173 وعزل عن خراسان جعفر بن أشعث بولده العباس بن جعفر وحج أيضا في العام الآتي وعقد بولاية العهد لولده الأمين صغيرا فكان أقبح وهن تم في الإسلام وأرضى الأمراء بأموال عظيمة وتحرك عليه بأرض الديلم يحيى بن عبد الله بن حسن الحسيني وعظم أمره وبادر إليه الرافضة فتنكد عيش الرشيد واغتم وجهز له الفضل بن وزيره في خمسين ألفا فخارت قوى يحيى وطلب الأمان فأجابه ولاطفه ثم ظفر به وحبسه ثم تعلل ومات ويقال ناله من الرشيد أربعمائة ألف دينار.


وفي سنة 175هـ ولى خراسان الغطريف بن عطاء وولى مصر جعفرا البرمكي واشتدت الحرب بين القيسية واليمانية بالشام ونشأت بينهم أحقاد وإحن.


وغزا الفضل بن يحي البرمكي بجيش عظيم ما وراء النهر ومهد الممالك وكان بطلا شجاعا جوادا ربما وصل الواحد بألف ألف وولي بعده خراسان منصور الحميري وعظم الخطب بابن طريف ثم سار لحربه يزيد بن مزيد الشيباني وتحيل عليه حتى بيته وقتله ومزق جموعه.


وفي سنة 179هـ اعتمر الرشيد في رمضان واستمر على إحرامه إلى أن حج ماشيا من بطن مكة.وغزا الرشيد وتوغل في أرض الروم فافتتح الصفصاف وبلغ جيشه أنقرة. ثم حج سنة ست وثمانين الرشيد بولديه الأمين والمأمون وأغنى أهل الحرمين.


ثم حدثت نكبة البرامكة إذ قتل الرشيد جعفر بن يحيى البرمكي وسجن أباه وأقاربه بعد أن كانوا قد بلغوا رتبة لا مزيد عليها.


وفي العام نفسه انتقض الصلح مع الروم وملكوا عليهم نقفور فيقال إنه من ذرية جفنة الغساني وبعث يتهدد الرشيد فاستشاط غضبا وسار في جيوشه حتى نازله هرقلة وذلت الروم وكانت غزوة مشهودة، ثم كانت الملحمة العظمى وقتل من الروم عدد كثير وجرح النقفور ثلاث جراحات وتم الفداء حتى لم يبق في أيدي الروم أسير.وبعث إليه نقفور بالجزية ثلاثمائة ألف دينار.


وفي سنة ست وسبعين ومائة فتحت مدينة دبسة على يد الأمير عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح العباسى


وفي سنة تسع وسبعين ومائة اعتمر الرشيد في رمضان ودام على إحرامه إلى أن حج ومشى من مكة إلى عرفات وفي سنة ثمانين كانت الزلزلة العظمى وسقط منها رأس منارة الإسكندرية وفي سنة إحدى وثمانين فتح حصن الصفصاف عنوة وهو الفاتح له وفي سنة ثلاث وثمانين خرج الخزر على أرمينية فأوقعوا بأهل الإسلام وسفكوا وسبوا أزيد من مائة ألف نسمة وجرى على الإسلام أمر عظيم لم يسمع قبله مثله.






وفاة الرشيد


مات الرشيد في الغزو بطوس من خراسان ودفن بها في ثالث من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة وله خمس وأربعون سنة وصلى عليه ابنه الصالح قال الصولى خلف الرشيد مائة ألف ألف دينار ومن الأثاث والجواهر والورق والدواب ما قيمته ألف ألف دينار وخمسة وعشرون ألف دينار.




وقيل إن الرشيد رأى مناما أنه يموت بطوس فبكى وقال احفروا لي قبرا فحفر له ثم حمل في قبة على جمل وسيق به حتى نظر إلى القبر فقال يا ابن آدم تصير إلى هذا وأمر قوما فنزلوا فختموا فيه ختما وهو في محفة على شفير القبر ولما مات بويع لوالده الأمين في العسكر وهو حينئذ ببغداد فأتاه الخبر فصلى الناس الجمعة وخطب ونعى الرشيد إلى الناس وبايعوه.



ولأبى الشيص يرثى الرشيد:


غربت في الشرق شمس فلها عيني تدمع


مـا رأينا قط شمسا غربت من حيث تطلع


وقال أبو النواس:


جـامـع بيـن العـزاء والهناء جترت جـوار بالسعـد والنحـس


فنحن في مأتم وفي عرس القلب ضاحكة فنحن في وحشة وفي أنس


يضـحكنـا القـائـم الأميـن ويبــكينـا وفـاة الإمـام بالأمـس


بدران بدر أضحى ببغداد في الخــلد وبدر بطـوس فـي الرمـس


ــــــــــــــ

المتدور الاسباني 02-16-2012 09:37 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
سيرة الإمام العالم حبر اليهود وسيّدهم



عندما يُريد الله هداية شخص فإن الله يشرح صدره ، ويُهيئ له أسباب ذلك .

وقد اشتهرت يهود بشدّة العداوة لأمة الإسلام ولنبي الإسلام عليه الصلاة والسلام
( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ )
ولذا فإنه لم يُسلم منهم إلا أُناس يُعدّون على الأصابع
ومن هنا قال عليه الصلاة والسلام : لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود . رواه البخاري ومسلم .

فاليهود أهل عناد ومُكابرة ، وهم المغضوب عليهم

وأريد أن أتناول سيرة رجل من يهود بني قينقاع
بل هو عالم من علمائهم
وسيّـد من ساداتهم

ذلكم هو عبد الله بن سلاَم

اسمه :
عبد الله بن سلام بن الحارث

كنيته :
أبو يوسف من ذرية يوسف عليه السلام
صحابي جليل ، وهو من بني إسرائيل ، بل هو من ذُريّـة يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام .
كان عبد الله يهودياً من يهود بني قينقاع ، فأراد الله به خيراً فأسلم .

قال عنه الذهبي في السير : الإمام الحبر ، المشهود له بالجنة حليف الأنصار ، من خواص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
أسلم مقدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة .

إســلامــه
لِنَدَعـه يُحدّثنا بقصته
قال رضي الله عنه
لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه ، وقيل : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجئت في الناس لأنظر إليه ، فلما استثبتُّ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب ، وكان أولُ شيء تكلم به أن قال : أيها الناس أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصَلُّـوا والناسُ نيام تدخلوا الجنة بسلام . رواه احمد والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح .

ولا يعرف الفضل لأهله إلا أهل الفضل

أسئلته للنبي صلى الله عليه وسلم

لما عرف تيقّن أنه ليس بكذّاب أراد أن يسأله عن أشياء لا يعرفها إلا نبي

روى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال : سَمِعَ عبدُ الله بن سلام بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أرض يخترف ، فأتى النبيَ صلى الله عليه وسلم فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي :
فما أول أشراط الساعة
وما أول طعام أهل الجنة
وما ينـزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه ؟
قال : أخبرني بهن جبريل آنفا .
قال : جبريل ؟!
قال : نعم .
قال : ذاك عدو اليهود من الملائكة !
فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ( مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ )
ثم قال :
أما أولُ أشراط الساعة فنار تحشرُ الناس من المشرق إلى المغرب
وأما أولُ طعامِ أهل الجنة فزيادة كبدِ حوت
وإذا سبق ماءُ الرجل ماء المرأة نـزع الولد ، وإذا سبق ماءُ المرأة نزعت .
قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله ، يا رسول الله إن اليهود قومٌ بُهْت ، وإنـهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم يبهتوني .
فجاءت اليهود فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أيُّ رجلٍ عبدُ الله فيكم ؟
قالوا : خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا .
قال : أرأيتم إن أسلم عبدُ الله بن سلام ؟
فقالوا : أعاذه الله من ذلك !
فخرج عبد الله فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .
فقالوا : شرُّنا وابن شرِّنا وانتقصوه !
قال : فهذا الذي كنت أخاف يا رسول الله .

وفي رواية للبخاري :
جاء عبد الله بن سلام فقال : أشهد أنك رسول الله وأنك جئت بحق وقد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم وأعلمهم وابن أعلمهم ، فادعهم فاسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت ، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا فيّ ما ليس فيّ ، فأرسل نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبلوا فدخلوا عليه فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر اليهود ويلكم اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقا وأني جئتكم بحق فأسلموا . قالوا : ما نعلمه .
قال : فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟
قالوا : ذاك سيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا !
قال : أفرأيتم إن أسلم ؟
قالوا : حاشى لله ما كان ليسلم !
قال : أفرأيتم إن أسلم ؟
قالوا : حاشى لله ما كان ليسلم !
قال : أفرأيتم إن أسلم ؟
قالوا : حاشى لله ما كان ليسلم !
قال : يا ابن سلام اخرج عليهم ، فخرج ، فقال : يا معشر اليهود اتقوا الله ، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، وأنه جاء بحق .
فقالوا : كذبت فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفيه نزل قوله تعالى : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ )
ولهذه الآية قصة فعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال : انطلق النبي صلى الله عليه وسلم يوما وأنا معه حتى دخلنا كنيسة اليهود بالمدينة يومَ عيدٍ لهم ، فكرهوا دخولنا عليهم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر اليهود أروني اثني عشر رجلا يشهدون أنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يُحبط الله عن كلِّ يهوديٍ تحت أديم السماء الغضب الذي غضب عليه .
قال : فأسكتوا ما جاء به منهم أحد .
ثم رد عليهم فلم يجبه أحد .
ثم ثلّث فلم يجبه أحد .
فقال : أبيتم ! فوالله إني لأنا الحاشر وأنا العاقب وأنا النبي المصطفى آمنتم أو كذبتم .
ثم انصرف وأنا معه حتى إذا كدنا أن نخرج فنادى رجل من خلفنا : كما أنت يامحمد .
قال : فأقبل ، فقال ذلك الرجل : أي رجل تعلمون فيكم يا معشر اليهود ؟
قالوا : والله ما نعلم أنه كان فينا رجل أعلم بكتاب الله منك ولا أفقه منك ولا من أبيك قبلك ولا من جدك قبل أبيك . قال : فإني أشهد له بالله إنه نبي الله الذي تجدونه في التوراة . قالوا : كذبت . ثم ردوا عليه قوله وقالوا فيه شرا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كَذَبْتم لن يقبل الله قولكم . أمّا آنفا فتُثنون عليه من الخير ما أثنيتم ، ولما آمن كذّبتموه وقلتم فيه ما قلتم ، فلن يقبل الله قولكم . قال : فخرجنا ونحن ثلاثة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وعبد الله بن سلام وأنزل الله عز وجل فيه الآية . أخرجه الإمام أحمد في المسند والحاكم في المستدرك وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي في التلخيص وأخرجه ابن حبان والطبراني في الكبير وفي مسند الشاميين . وهو حديث صحيح .
فيُحتمل أن تكون القصة وقعت لفريقين من اليهود دون علم كلِّ فريق بما حصل للآخر ، وذلك أن رواية البخاري جاء فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إليهم فجاءوا ، والرواية الأخرى أنه دخل عليهم كنيسة لهم في يوم عيد لهم .

ومن فضائله :
من فضائله رضي الله عنه أنه من المبشرين بالجنة
فعن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتِىَ بقصعةٍ فأكل منها ففضلت فضلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يجئ رجل من هذا الفج من أهل الجنة يأكل هذه الفضلة .
قال سعْدٌ : وكنت تركت أخي عميراً يتوضأ . قال فقلت : هو عمير .
قال : فجاء عبد الله بن سلام . رواه أحمد وغيره .

وفي الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الأرض : إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام . قال : وفيه نزلت هذه الآية ( وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ ) الآية .

وأنه ممن يؤتون أجورهم مرتين
فعبدالله بن سلام من الذين يؤتون أجرهم مرتين . لقوله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة لهم أجران : رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه ، ورجل كانت عنده أمةٌ يطؤها فأدبـها فأحسن تأديبها وعلّمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران . أخرجه البخاري ومسلم .
وفيه _ أي في عبدالله بن سلام _ نـزل قوله تعالى : ( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ )
فعلى رأي بعض المفسرين أن الذي عنده علم من الكتاب هو عبد الله بن سلام .

وأخرج البخاري ومسلم عن قيس بن عُبَاد قال : كنت جالسا في مسجد المدينة فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع فقالوا : هذا رجل من أهل الجنة ، فصلى ركعتين تجوّز فيهما ثم خرج وتبعته فقلت : إنك حين دخلت المسجد قالوا : هذا رجل من أهل الجنة . قال : والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم ، وسأحدثك لم ذاك رأيت رؤيا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه ورأيت كأني في روضة _ ذَكَرَ من سَعتها وخضرتـها _ وسَطَها عمودٌ من حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء في أعلاه عُروة ، فقيل لي : ارقـه . قلت : لا أستطيع . فأتاني منصف _ والمنصف الخادم _ فرفع ثيابي من خلفي فرَقَيْتُ حتى كنت في أعلاها ، فأخذت بالعروة فقيل لي استمسك فاستيقظت وإنـها لفي يدي فقصصتها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : تلك الروضة الإسلام ، وذلك العمود عمود الإسلام ، وتلك العروة العروة الوثقى ، فأنت على الإسلام حتى تموت . قال الراوي : وذاك الرجل عبد الله بن سلام .

ومن مناقبه رضي الله عنه أنه نصر عثمان يوم الدار .

وفاته :
توفي رضي الله عنه بالمدينة سنة ثلاث وأربعين .

فرضي الله عنه وأرضاه

------------ --------- --------- ----

هذا شيء من خبره رضي الله عنه ، وهو من علماء أهل الكتاب
ولكنه عرف الحق واتّـبـعه
ثم قارن هذا الموقف منه رضي الله عنه بموقف آخر لعالم من علماء اليهود وقد عرف الحق أيضا

ذلكم هو شيطان بني النضير حُيي بن أخطب ، فقد حدّثت عنه ابته صفية – رضي الله عنها – فقالت : كنت أحب ولد أبي إليه وإلى عمي أبي ياسر ، لم ألقهما قط مع ولدٍ لهما إلا أخذاني دونه . قالت : فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل قباء في بني عمرو بن عوف غدا عليه أبي حُيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين ، فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس ، فأتيا كالَّيْن كسلانين ساقطين يمشيان الهوينا قالت : فهششت إليهما كما كنت أصنع ، فوالله ما التفت إلي واحد منهما مع ما بهما من الغمّ . قالت : وسمعت عمي أبا ياسر وهو يقول لأبي حُيي بن أخطب : أهو هو ؟ قال : نعم والله قال :أتعرفه وتثبته ؟ قال : نعم . قال : فما في نفسك منه ؟ قال : عداوته والله ! رواه ابن إسحاق في السيرة فيما ذكره ابن هشام .

فكلهم صدّقوا وعرفوا أنه النبي الذي يجدونه عندهم في التوراة
ولكن من عرف وأقر وتابع نجا
ومن عرف ولم يُتابع ولم يُقرّ فما له من نجاة .

كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم



المتدور الاسباني 02-16-2012 09:46 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 


قال صلى الله عليه و آله وسلم : ( سيد الشهداء عند الله يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب )
* هو سيدنا حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه و أرضاه ( أبو عمارة ) ، عم سيدنا النبي صلى الله عليه و آله وسلم وأخوه من الرضاعة فهما من جيل واحد نشأ معا ، ولعبا معا ، وتآخيا معا كان يتمتع بقوة الجسم ، وبرجاحة العقل ، وقوة الارادة ، فأخذ يفسح لنفسه بين زعماء مكة وسادات قريش ، وعندما بدأت الدعوة لدين الله كان يبهره ثبات ابن أخيه صلى الله عليه و آله و سلم ، وتفانيه في سبيل إيمانه ودعوته ، فطوى صدره على أمر ظهر في اليوم الموعود...يوم إسلامه.

* اسلام سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه :
- كان سيدنا حمزة رضي الله عنه عائدا من القنص متوشحا قوسه ، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج إليه وكان إذا عاد لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معه ، فلما مر بالمولاة قالت له:( يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد صلى الله عليه و آله و سلم آنفا من أبي الحكم بن هشام ، وجده ههنا جالسا فآذاه وسبه ، وبلغ منه مايكره ، ثم انصرف عنه ولم يكلمه سيدنا محمد صلى الله عليه و آله وسلم)..
- فاحتمل سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه الغضب لما أراد الله به من كرامته ، فخرج يسعى ولم يقف على أحد ، معدا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به ، فلما وصل إلى الكعبة وجده جالسا بين القوم ، فأقبل نحوه وضربه بالقوس فشج رأسه ثم قال له: ( أتشتم محمدا وأنا على دينه أقول ما يقول ؟.. فرد ذلك علي إن استطعت )..
- وتم سيدنا حمزة رضي الله عنه على إسلامه وعلى ما تابع عليه سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ، فلما أسلم سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه عرفت قريش أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم قد عز وامتنع ، وان سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه سيمنعه ، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه ، وذلك في السنة السادسة من النبوة.

* سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه و سيدنا جبريل عليه السلام :
- سأل سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه سيدنا النبي صلى الله عليه و آله وسلم أن يريه سيدنا جبريلَ عليه السلام في صورته ، فقال: ( إنك لا تستطيع أن تراه ) قال: ( بلى ) قال: ( فاقعد مكانك ) فنزل سيدنا جبريل عليه السلام على خشبة في الكعبة كان المشركون يضعون ثيابهم عليها إذا طافوا بالبيت ، فقال: ( أرْفعْ طَرْفَكَ فانظُرْ ) فنظر فإذا قدماه مثل الزبرجد الأخضر ، فخرّ مغشياً عليه رضي الله عنه و أرضاه.

* سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه و الاسلام:
- ومنذ أسلم سيدنا حمزة رضي الله عنه نذر كل عافيته وبأسه وحياته لله ولدينه حتى خلع سيدنا النبي صلى الله عليه و آله وسلم عليه هذا اللقب العظيم: ( أسد الله وأسد رسوله )..
- وآخى سيدنا الرسول صلى الله عليه و آله وسلم بين سيدنا حمزة وبين سيدنا زيد بن حارثة رضي الله عنهما و أرضاهما ، وأول سرية خرج فيها المسلمون للقاء العدو كان أميرها سيدنا حمزة رضي اللـه عنه..
- وأول راية عقدها سيدنا الرسـول صلى اللـه عليه و آله وسلم لأحد من المسلمين كانت لسيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه..
- ويوم بدر كان أسد اللـه رضي الله عنه و أرضاه هناك يصنع البطولات ، فقد كان يقاتل بسيفين ، حتى أصبح هدفا للمشركين في غزوة أحد يلي سيدنا الرسول صلى الله عليه و آله وسلم في الأهمية.

* استشهاد سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه :
- ( اخرج مع الناس ، وان أنت قتلت حمزة فأنت عتيق ) هكذا وعدت قريش عبدها الحبشي ( وحشي غلام جبير بن مطعم ) ، لتظفر برأس سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه مهما كان الثمن ، الحرية والمال والذهب الوفير ، فسال لعاب الوحشي ، وأصبحت المعركة كلها سيدنا حمزة رضي الله عنه..
- وجاءت غزوة أحد ، والتقى الجيشان ، وراح سيدنا حمزة رضي الله عنه لا يريد رأسا إلا قطعه بسيفه ، وأخذ يضرب اليمين والشمال و ( الوحشي ) يراقبه ، يقول الوحشي : ( ... وهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه ، فوقعت في ثنته ( ما بين أسفل البطن إلى العانة ) حتى خرجت من بين رجليه ، فأقبل نحوي فغلب فوقع ، فأمهلته حتى إذا مات جئت فأخذت حربتي ، ثم تنحيت إلى العسكر ، ولم تكن لي بشيء حاجة غيره ، وإنما قتلته لأعتق )..
- وقد أسلم ( الوحشي ) لاحقا فهو يقول: ( خرجت حتى قدمت على سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم المدينة ، فلم يرعه إلا بي قائما على رأسه أتشهد بشهـادة الحـق ، فلما رآني قال صلى الله عليه و آله و سلم : ( وحشي ) قلت: ( نعم يا رسـول اللـه صلى الله عليه و آله و سلم) قال صلى الله عليه و آله و سلم: ( اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة ؟ ) فلما فرغت من حديثي قال صلى الله عليه و آله و سلم : ( ويحك غيب عني وجهك فلا أرينك ! ) فكنت أتنكب عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم حيث كان ، لئلا يراني حتى قبضه الله صلى الله عليه و آله وسلم).

- واستشهاد سيد الشهداء رضي الله عنه لم يرض الكافرين وإنما وقعت هند بنت عتبة والنسوة اللاتي معها ، يمثلن بالقتلى من أصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يجد عن الآذان والأنف ، حتى اتخذت هند من آذان الرجال وأنفهم خدما ( خلخال ) وقلائد ، وأعطت خدمها وقلائدها وقرطتها وحشيا .. وبقرت عن كبد سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه ، فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها ، فلفظتها.

* حزن سيدنا الرسول صلى الله عليه و آله و سلم على سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه :
- وخرج سيدنا الرسول صلى الله عليه و آله وسلم يلتمس سيدنا حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه و أرضاه ، فوجده ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده ومثل به ، فجدع أنفه وأذناه ، فقال سيدنا الرسول صلى الله عليه و آله وسلم حين رأى ما رأى: ( لولا أن تحزن صفية ويكون سنة من بعدي لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير ، ولئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم ! )..
- فلما رأى المسلمون حزن سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم وغيظه على من فعل بعمه رضي الله عنه و أرضاه ما فعل قالوا: ( والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب )..
- فنزل قوله تعالى: ( وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ، واصبر وما صبرك إلا بالله ، ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون )..
- فعفا سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ونهى عن المثلة ، وأمر بسيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه فسجي ببردة ، ثم صلى عليه فكبر سبع تكبيرات ، ثم أتى بالقتلى فيوضعون إلى سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه ، فصلى عليهم وعليه معهم ، حتى صلى عليه اثنتين وسبعين صلاة.. وكان ذلك يوم السبت ، للنصف من شوال ، سنة (3) للهجرة.

* البكاء على سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه :
- مرّ سيدنا الرسول صلى الله عليه و آله وسلم بدار من دور الأنصار من بني عبد الأشهل وظَفَر ، فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم ، فذرفت عينا سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم فبكى ، ثم قال: ( ولكن حمزة لا بواكي له )..
- فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير إلى دار بني عبد الأشهل ، أمرا نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ، ولمّا سمع سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم بكاءهن على سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه خرج عليهن وهن على باب مسجده يبكين عليه ، فقال صلى الله عليه و آله و سلم: ( ارجعن يرحمكن الله ، فقد آسيتنّ بأنفسكم ).

* فضل سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه :

- قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سيد الشهداء عند الله يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب )..
- كما قال ل سيدنا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه و رضي عنه و أرضاه: (... يا عليّ أمَا علمتَ أنّ حمزة أخي من الرضاعة ، وأنّ الله حرّم من الرضاع ما حرّم من النّسب ).

*عَيْن معاوية:
- لمّا أراد معاوية أن يُجري عَيْنَهُ التي بأحد كتبوا إليه: ( إنّا لا نستطيع أن نجريها إلا على قبور الشهداء )...فكتب إليهم: ( انْبُشُوهم ).. يقول جابر بن عبدالله: ( فرأيتهم يُحْمَلون على أعناق الرجال كأنّهم قوم نيام )...وأصابت المسحاةُ طرفَ رِجْلِ سيدنا حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه و أرضاه فانبعث دَمَاً.



المتدور الاسباني 02-17-2012 12:42 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
التكملة بس الصراحة ما كان عشمي في الاعضاء كذا مايرد غير واحد اثنين
امنى الرد

نومـا 02-17-2012 01:27 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
الظاهر بيبرس

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

اذهب إلى: تصفح, البحث
الظاهر بيبرسالملك الظاهر ركن الدين بيبرسhttps://upload.wikimedia.org/wikipedi...rsBridge12.JPGصورة لأسدين شعار بيبرس وبينهما آيات قرآنية بجسر بمدينة اللدالفترة676-658هـ / 1260-1277متتويج659هـ /1260, الصالحية، مصرالاسم الكاملالملك الظاهر ركن الدين بيبرس العلائي البندقداري الصالحي النجميألقابسلطان مصر والشامولادة1223توفيالخميس 27 محرم 676 هـ / 2 مايو 1277 م (عمر 54 سنة)مكان الوفاةدمشق, سوريادفنالمكتبة الظاهرية في دمشقالسلفقطزالخلفالسعيد بركةنسلالسعيد بركة، وسلامش، والخضر، وسبع بنات[1].سلالةالمماليك البحريةاعتقاد دينيسنيالملك الظاهر ركن الدين بيبرس العلائي البندقداري الصالحي النجمي لقب بـأبو الفتوح. سلطان مصر والشام ورابع سلاطين الدولة المملوكية ومؤسسها الحقيقي، بدأ مملوكا يباع في أسواق بغداد والشام وانتهى به الأمر كأحد أعظم السلاطين في العصر الإسلامي الوسيط. لقّبه الملك الصالح أيوب في دمشق بـ"ركن الدين"، وبعد وصوله للحكم لقب نفسه بالملك الظاهر. ولد بيبرس نحو عام 620 هـ / 1221م، حقق خلال حياته العديد من الانتصارات ضد الصليبيين وخانات المغول ابتداءً من معركة المنصورة سنة 1250 ومعركة عين جالوت انتهاءاً بمعركة الأبلستين ضد المغول سنة 1277. وقد قضى أثناء حكمه على الحشاشين واستولى أيضا على إمارة أنطاكية الصليبية.
حكم بيبرس مصر بعد رجوعه من معركة عين جالوت واغتيال السلطان سيف الدين قطز من سنة 1260 حيث خطب له بالمساجد يوم الجمعة 6 ذي الحجة 658 هـ / 11 نوفمبر 1260م[2] وتوفي يوم الخميس 27 محرم 676 هـ / 2 مايو 1277 م (عمر 54 سنة) بعد رجوعه من معركة الأبلستين ضد خانات المغول سنة 1277. أحيا خلال حكمه الخلافة العباسية في القاهرة بعد ما قضى عليها المغول في بغداد، وأنشأ نظُماً إداريةً جديدة في الدولة. اشتهر بيبرس بذكائه العسكري والدبلوماسي، وكان له دور كبير في تغيير الخريطة السياسية والعسكرية في منطقة البحر المتوسط.



[عدل] أصله ونشأته

https://upload.wikimedia.org/wikipedi...-Zaherlogo.gif https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
الأسد شعار الظاهر بيبرس ويظهر أيضا على ظهر عملة من العملات


مختلف في أصله، فبينما تذكر جميع المصادر العربية والمملوكية الأصلية[3][4][5][6][7][8][9] أنه تركي من القبجاق (كازاخستان حالياً) واسمه بيبرس اسم تركي مؤلف من "بي" أي أمير و"برس" أي فهد، فإن بعض الباحثين المسلمين في العصر الحديث يشيرون إلى أن مؤرخي العصر المملوكي من عرب ومماليك كانوا يعتبرون الشركس من الترك، وأنهم كانوا ينسبون أي رقيق مجلوب من مناطق القوقاز والقرم للقبجاق، وذكر المقريزي بأنه وصل حماة مع تاجر وبيع على الملك المنصور محمد حاكم حماة لكن مالم يعجبه وأرجعه، فذهب التاجر به إلى سوق الرقيق بدمشق وهو في الرابعة عشر من عمره، وباعه هناك بثمانمئة درهم لكن الذي اشتراه أرجعه للتاجر لأنه كان فيه عيب خلقي في إحدى عينيه (مياه بيضاء)، فاشتراه الأمير "علاء الدين أيدكين البندقدار". ثم انتقل بعد ذلك إلى خدمة السلطان الأيوبي الملك الصالح نجم الدين أيوب بالقاهرة. وأعتقه الملك الصالح ومنحه الإمارة فصار أميراً. كان بيبرس ضخماً طويلاً ذا شخصية قوية، وصوته جمهوري وعيناه زرقاوان، ويوجد بإحدى عينيه نقطة بيضاء، وقد يكون سبب زرقة عينيه أن أصله كان مختلطاً[10]. كان شعار دولته "الأسد" وقد نقش صورته على الدراهم.
[عدل] بزوغه

[عدل] معركة المنصورة

https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._app_kdict.png مقال تفصيلي :معركة المنصورة
برز بيبرس عندما قاد جيش المماليك في معركة المنصورة ضد الصليبيين في رمضان من عام 647 هـ / 1249 م. فقد شن الفرنجة هجوماً مباغتاً على الجيش المصري مما تسبب بمقتل قائد الجيش "فخر الدين بن الشيخ" وارتبك الجيش وكادت أن تكون كسرة إلا أن خطة معركة أو "مصيدة المنصورة" التي رتبها بيبرس، القائد الجديد للمماليك الصالحية أو البحرية وبموافقة شجرة الدر التي كانت الحاكمة الفعلية لمصر في تلك الفترة بعد موت زوجها سلطان مصر الصالح أيوب. فقاد الهجوم المعاكس في تلك المعركة ضد الفرنج، وتسبب بنكبتهم الكبرى في المنصورة. التي تم فيها أسر الملك الفرنسي لويس التاسع وحبسه في دار ابن لقمان.
[عدل] توران شاه

بعد وفاة السلطان الصالح أيوب استدعت شجرة الدر ابنه توران شاه من حصن كيفا، ونصبته سلطاناً على مصر ليقود الجيش المصري ضد القوات الصليبية الغازية. لكن ماإن انتهت الحرب، حتى بدأ توران شاه بمضايقة شجرة الدر وظل يطالبها برد أموال ومجوهرات والده، وفي نفس الوقت توعد وهدد مماليك أبيه واستبعدهم من المناصب ووضع مكانهم أصحابه الذين أتوا معه من حصن كيفا. مما حذا بالمماليك الإسراع في قتله قبل خروج الفرنج من دمياط، فقُتل بمشاركة بيبرس وفارس الدين أقطاي في فارسكور.
وبعد مقتل توران شاه نصب المماليك شجرة الدر سلطانة باعتبارها أرملة السلطان الصالح أيوب وأما ابنه خليل فقد مات صغيراً، وطلبوا من الأمراء الأيوبيين في الشام الاعتراف بسلطنتها. فرفض أيّوبيّو الشام هذا التنصيب، لأن ذلك معناه نهاية دولتهم في مصر، وأيضا لم يوافق الخليفة العباسي المستعصم بالله في بغداد الذي اعترض على ولاية امرأة. فتسلم السلطنة عز الدين أيبك الذي تزوجها لكي يتمكن من الحكم. ولكن الأيوبيين لم يوافقوا على ذلك وتم إرسال جيش إلى مصر بقيادة صاحب حلب ودمشق الناصر يوسف لاحتلالها وتحريرها من المماليك، ولكنهم هُزموا أمام المماليك، وفرّوا هاربين إلى الشام مما مكن المماليك من تثبيت حكمهم في مصر.
[عدل] صراع المماليك

بعد استتاب الأمر للمماليك في حكم مصر بقيادة السلطان أيبك، بدأ أمر أقطاي يستفحل، وأحس السلطان عز الدين أيبك بزيادة نفوذه، خاصة بعدما طلب من أيبك أن يفرد له مكاناً في قلعة الجبل، ليسكن به مع عروسه[3]، فقرر قتله بالتعاون مع مملوكه سيف الدين قطز والمماليك المعزية، فاستدرجه إلى قلعة الجبل واغتاله وألقى برأسه إلى المماليك البحرية الذين تجمعوا تحت القلعة مطالبين بالإفراج عنه وكان ذلك سنة 652 هـ / 1254م. ففر المماليك البحرية من مصر إلى سوريا والكرك وسلطنة الروم السلاجقة وأماكن أخرى، وكان في مقدمتهم بيبرس وقلاوون الألفي وبلبان الرشيدي وسنقر الأشقر الذين فروا إلى دمشق.
فرح الناصر يوسف بما حصل ورحب بهم، وحاول أن يستخدمهم ضد أيبك. فأرسل الناصر يوسف جيشه للهجوم على مصر وبمساعدة المماليك البحرية الذين معه في هذه المرة، ولكن ما إن وصل حدود مصر حتى اضطر إلى أن ينسحب ويوافق على شروط أيبك التي كان من ضمنها إبعاد البحرية عن سوريا فرحلوا إلى الكرك[3]. فاستقبلهم صاحب الكرك المغيث عمر أحسن استقبال، وفرق فيهم الأموال[11]، وحاول الهجوم على مصر بدعم المماليك البحرية ولكنه مني بهزيمة أمام أيبك وكر راجعا وكان ذلك سنة 656 هـ / 1258 م[3][12]. وإثناء عودة المماليك منهزمين من مصر هاجموا غزة التي تعد تابعة للناصر يوسف، فهزموا الحامية التي بها وأسروا آمرها، فقوي أمرهم[13].
وفي أثناء تحرك البحرية في جنوب الشام، صادفوا في غور الأردن فرقة الشهرزورية[14]، التي فرت من العراق تحت ضغط التتار، فاتفقوا معهم وتزوج بيبرس امرأة منهم لتوثيق الاتفاق بالمصاهرة[12]. مما حرك المخاوف عند الناصر منهم، فحرك عساكره إليهم، فهزم البحرية عسكر الشام، فركب الناصر بنفسه وبكل جيشه، ففرت البحرية إلى الكرك والشهرزورية إلى مصر[9][12]. فتابع تحركه نحو الكرك وحاصرها، فأراد المغيث حل القضية سلمياً مع الناصر، فوافق الناصر على شرط تسليمه المماليك، وفي أثناء الحصار شعر بخطورة الموقف أحد مقدمي البحرية، وربما أذكاهم وأكثرهم أهلية للقيادة -وكان هو الظاهر بيبرس- الذي يعرف بدقة أين يجب أن يكون في كل ظرف، فتسلل من قلعة الكرك ولجأ إلى الناصر يوسف الذي استقبله وعفا عنه. أما باقي المماليك فقد استلمهم الناصر من المغيث وأودعهم سجن قلعة حلب، وبقوا فيها حتى احتل التتار حلب وأخذوهم منها[12][15].
بعد توجه المغول إلى حلب واستيلائهم عليها وتدميرهم لها، مما أثار موجة من الرعب في قلوب المسلمين وحكامهم، فمنهم من هرب إلى مصر كما فعل صاحب حماة، ومنهم من فضل الاستسلام حقنا للدماء كما فعل حاكم حمص. ولم يبق من المدن المهمة سوى دمشق التي جمع حاكمها الناصر من الجيوش لمواجهة المغول، ثم مالبث أن انفضت تلك الجيوش من حوله، وذلك بأنه كان محتاراً في ما يفعل اتجاه المغول. فما كان من المماليك الرافضين لتصرفاته المترددة إلا أن حاولوا قتله وتولية أخيه الملك الظاهر علي مكانه[12]. فاكتشف الناصر تلك المؤامرة وفر ليلاً من المعسكر إلى قلعة دمشق وتحصن بها، فلما علم مماليكه بهربه وافتضاح أمرهم ساروا نحو غزة برفقة بيبرس البندقداري، ومن غزة اتصل بسلطان المماليك الجديد قطز، فدعاه للعودة وأقطعه قليوب وأنزله بدار الوزارة وعظم شأنه لديه[16].

نومـا 02-17-2012 01:28 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
التكملة

عين جالوت
https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._app_kdict.png مقال تفصيلي :معركة عين جالوت
عاد لمصر بعد أن ولاه سيف الدين قطز منصب الوزارة عام 1260 ميلادية ليشتركا معا في محاربة المغول الذين كانوا في طريقهم إلى مصر بعد اجتياحهم المشرق الإسلامي ثم العراق وإسقاطهم الدولة العباسية في بغداد. وقد أرسل هولاكو رسلا لقطز يحملون كتابا فيه تهديد ووعيد إن لم يخضعوا له. فعقد سيف الدين قطز اجتماعا مع وجهاء الدولة وعلمائها وتم الاتفاق على التوجه لقتال المغول إذ لا مجال لمداهنتهم. وقد اختلى قطز ببيرس البندقداري الذي كان أمير الأمراء واستشاره في الموضوع. فأشار عليه بأن: أقتل الرسل، وأن نذهب إلى كتبغا متضامنين. فإن انتصرنا أو هزمنا، فسوف نكون في كلتا الحالتين معذورين. فاستصوب قطز هذا الكلام، وقام بقتل رسل المغول[17]. وقد زاد من عزيمة المسلمين وصول رسالة من صارم الدين الأشرفي -وقد وقع أسيرا في يد المغول إثناء غزوهم الشام ثم قبل الخدمة في صفوفهم- أوضح لهم فيها قلة عددهم وشجعهم على قتالهم وأن لايخافوا منهم[18]. وقد استفاد قطز من رحيل هولاكو إلى فارس على رأس معظم جيشه بعد سماعه بوفاة أخيه الخان الأعظم، فمن تبقى بالشام من عساكر المغول تحت قيادة كتبغا يتراوح ما بين 10 آلاف إلى 20 ألف رجل[19]. قام سيف الدين قطز بتقسيم جيشه لمقدمة بقيادة بيبرس وبقية الجيش يختبئ بين التلال وفي الوديان المجاورة كقوات دعم أو لتنفيذ هجوم مضاد أو معاكس. فقامت مقدمة الجيش بقيادة بيبرس بهجوم سريع ثم إنسحبت متظاهرة بانهزام لسحب خيالة المغول إلى الكمين، وانطلت الحيلة على كتبغا فحمل بكل قواه على مقدمة جيش المسلمين واخترقه وبدأت المقدمة في التراجع إلى داخل الكمين، وفي تلك الأثناء خرج قطز وبقية مشاة وفرسان الجيش وعملوا على تطويق ومحاصرة قوات كتبغا، فعندئذ استحر القتل ولم يمض كثيرا من الوقت حتى هزم الجيش المغولي وقتل معظمهم بمن فيهم قائدهم كتبغا.
[عدل] مقتل قطز

بعد انتصار قطز على المغول في عين جالوت، ساق ورائهم لتحرير باقي مدن الشام، فتحررت دمشق وحماة وحمص وأرسل بيبرس ليطرد التتار من حلب ويتسلمها ووعده بنيابتها، فلما طردهم منها وتسلمها المسلمون، استناب عليها غيره وهو علاء الدين ابن صاحب الموصل، وكان ذلك سبب الوحشة التي وقعت بينهما فاقتضى قتل السلطان قطز سريعا[20]. فبعد عودة السلطان قطز من معركة عين جالوت منتصرا قاصدا مصر، وصل ما بين الغزالي والصالحية فضرب دهليزه، وساق خلف أرنب وساق معه بيبرس ومعه الأمراء الذين اتفقوا على قتله، فشفع بيبرس في شيء[21] فشفعه، فأخذ يده ليقبلها فأمسكها وحمل عليه الأمراء بالسيوف فضربوه بها، وألقوه عن فرسه ورشقوه بالنشاب حتى قتلوه. ثم كروا راجعين إلى المخيم وبأيديهم السيوف مصلتة، فأخبروا خبرهم، فقال بعضهم من قتله؟ فقالوا: ركن الدين بيبرس، فقالوا له: أنت قتلته؟ فقال: نعم، فقالوا أنت الملك إذا[22].
وقيل لما قتل قطز حار الأمراء بينهم فيمن يولون الملك، وصار كل واحد منهم يخشى غائلة ذلك، فاتفقوا على مبايعة بيبرس البندقداري، ولم يكن هو من أكابر المقدمين، ولكن أرادوا أن يجربوا فيه، فلقبوه الملك الظاهر وأجلسوه على كرسي الملك[22].
[عدل] بيبرس السلطان

بعد مبايعة بيبرس على ملك مصر أواخر ذي القعدة سنة 658 هـ، دقت الطبول فرحا بذلك، ودخل قلعة الجبل وجلس على كرسيها. وقد لقب نفسه أول مرة بالقاهر، فقال له الوزير: إن هذا اللقب لا يفلح من تلقب به. تلقب به القاهر بن المعتضد فلم تطل أيامه حتى خلع وسملت عيناه، ولقب به القاهر صاحب الموصل فسم ومات، فعدل عنه حينئذ إلى الملك الظاهر، ثم شرع في مسك كل من يرى في نفسه الرئاسة من أكابر الأمراء حتى مهد الملك[22].
[عدل] السياسة الداخلية

[عدل] ثورة علم الدين سنجر

وقد عمد أولا إلى القضاء على الاضطرابات الداخلية، وتصفية معارضيه الذين احتجوا على مقتل السلطان قطز ومنهم الأمير علم الدين سنجر الحلبي. وقد استنابه قطز بدمشق، والذي نادى بنفسه سلطانا على دمشق وركب بشعار السلطنة وأمر بالخطبة له على المنابر وضرب السكة باسمه، ثم أرسل إلى الأمراء بحلب وحماة بوجوب طاعته. وقد جرد بيبرس بحملة عسكرية ضده، وقد تمكنت تلك الحملة من القضاء عليه وإعادة دمشق تابعة إلى مصر وذلك بتاريخ 16 صفر 659 هـ / يناير 1261م[3][18][23].
[عدل] ثورة الكوراني

تمكن الظاهر بيبرس أيضا من القضاء على التمردات الفاطمية في القاهرة والتي أثارها رجل يدعى الكوراني وهو فارسي الأصل من نيسابور، وكان يهدف إلى قلب نظام الحكم وارجاع الفاطميين، وقد نتجت تلك الحركة إلى إعلان العصيان على بيبرس والمسير في شوارع القاهرة ليلا ثم الهجوم على مخازن السلاح والإصطبلات وأخذ مابها من السيوف الخيل، إلا أن الظاهر بيبرس تمكن بقواته الخاصة من الإحاطة بالمتمردين والقبض على جميع زعمائهم ومنهم الكوراني، حيث أقر السلطان بصلبه على باب زويلة بالقاهرة. وبها انتهت جميع محاولات الفاطميين بالتمرد والعودة إلى سدة الحكم[18].
[عدل] إحياء الخلافة العباسية

أراد بيبرس أن يضفي لحكمه نوعا من الزعامة والنفوذ على البلاد الإسلامية ولكي يمنح دولته الفتية نوعا من الشرعية، فعمد إلى احياء الخلافة العباسية في القاهرة ليقيلها من الانتكاسة التي اصابتها في بغداد على يد المغول. وعليه فقد ارسل في طلب أحد أبناء البيت العباسي فوصل إلى القاهرة القاسم أحمد في رجب 659هـ/يونيو 1261م، حيث قوبل بالتكريم والاحترام، وبعدها بأيام عقد السلطان بيبرس مجلسا عاما بالديوان الكبير بالقلعة واستدعى كل أعيان البلد، ثم قام السلطان أمام الجميع فبايع الخليفة على العمل بكتاب الله وسنة رسوله وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى الجهاد في سبيل الله، فتبعه الجميع بالمبايعة ولقب الخليفة المستنصر بالله[18].
بعد نهاية الخليفة الأول المؤلمة[24] واستقدم السلطان بيبرس أخاه (أبي العباس أحمد) وعقد مجلسا لمبايعته للخلافة في القلعة في 9 محرم 661 الموافق 22 نوفمبر 1262 وبايعه بيبرس كما بايع سلفه، ولقب بالخليفة الحاكم بأمر الله الأول وقد عدل عن التفكير بجعل مقر الخليفة في بغداد، حيث أبقاه في القاهرة بعيدا عن خطر المغول، وبذلك احيت الخلافة العباسية للمرة الثانية بالقاهرة، غير أن الخلافة لم تتدخل في الشؤون المملوكية، حيث أن السلطة الفعلية في يد الظاهر بيبرس والمماليك من بعده[18].
[عدل] ترميم القلاع وطرق الإمداد

عمد السلطان بيبرس إلى تأمين وصول قواته إلى بلاد الشام بالسيطرة على كل المدن والقلاع الممتدة على الطريق بين مصر والشام وجعلها تابعة له، وبالأخص حصن الكرك الذي كان تحت سيطرة الملك عمر بن العادل بن الكامل الأيوبي، الذي لم يقدم فروض الطاعة له، فاستولى على الحصن وقتل الملك عمر [3][18][25]. والتفت أيضا إلى تحصين الأطراف والثغور وعمارة القلاع التي خربها المغول في الشام. وأخذ يزودها بالرجال والسلاح من ممصر وبعض مدن الشام القوية[3][7]. كما عمل على تقوية الأسطول والجيش وأشرف بنفسه على بناء السفن الحربية في دور صناعتها الموجودة في الفسطاط والإسكندرية ودمياط[18][26]. ولم يكتفي بهذا العمل لتأمين وصول قواته إلى الشام ومنع أي التفاف حولهم من الخلف، بل عمد أيضا إلى التحالف مع بعض القوى الخارجية ليتفرغ للصليبيون.
[عدل] النهضة المعمارية والتعليمية

شهد عهده نهضة معمارية وتعليمية كبيرة حيث عمل على إنشاء العديد من المدارس بمصر ودمشق وتعرف المدرسة المصرية باسم المكتبة الظاهرية بدمشق عام 676 هجرية وتضم المدارس مكتبات ضخمة، كما أنشأ عام 665 هجرية جامعا عرف باسمه إلى اليوم في مدينة القاهرة وهو جامع الظاهر بيبرس والذي ما زال قائماً إلي اليوم، وتعرف المنطقة حوله باسم حي الظاهر. كما عمل بيبرس على إنشاء الجسور والقناطر والأسوار، وحفر الترع والخلجان، وأنشأ مقياس للنيل وغيرها العديد من الأعمال. ونظم البريد وخصص له الخيل، وبنى كثيرا من العمائر[1].
[عدل] إصلاح الأماكن المقدسة

اهتم بيبرس بتجديد الجامع الأزهر فأعاد للأزهر رونقه فشن عليه حملات من الترميم والتجميل حتى عاد له جماله ومكانته مرة أخرى، وأعاد خطبة الجمعة والدراسة إلى الجامع الأزهر بعد أن هجر طويلا، ونصب أربعة قضاة شرعيين، واحدا من كل مذهب من مذاهب السنة الأربعة بعد أن كان القضاء مقتصرا على قاضي قضاة شافعي. وفي خارج مصر قام بعدد من الإصلاحات في الحرم النبوي بالمدينة المنورة، وقام بتجديد مسجد إبراهيم عليه السلام في الخليل، وزار بيت المقدس يوم الجمعة 17 جمادى الآخرة 661هـ / 1262م، فقام بتجديد ماقد تهدم من قبة الصخرة[4]، وجدد قبة السلسلة وزخرفها ورتب برسم مصالح المسجد في كل سنة خمسة آلاف درهم. وأنشأ بها خانا للسبيل نقل بابه من دهليز كان للخلفاء المصريين بالقاهرة[27]. وقد زار بيت المقدس في شعبان سنة 664هـ / 1265م وأجرى عليها تعميرات إضافية[27]. وعمل على إقامة دار للعدل للفصل في القضايا والنظر في المظالم.
[عدل] السياسة الخارجية

[عدل] التحالفات

ماأن استلم بيبرس الحكم حتى أقبلت الوفود على مصر من كل البقاع، فقدم إليه وفد من العصفوريين حكام البحرين برئاسة مقدهم محمد بن أحمد العامري سنة 658 هـ/ 1260م لمباركته على الحكم وطلبوا منه مساعدته للتصدي لهجمات المغول في فارس[28].
وتحالف بيبرس مع بركة خان زعيم القبيلة الذهبية في حربه ضد هولاكو خان الخانات فارس وأقام معاهدات وعلاقات ودية مع مانفرد بن فريدريك الثاني الإمبراطور الروماني، كما حالف ملك نابولي وصقلية وملك قشتالة ألفونسو العاشر. وحالف أيضا الإمبراطور ميخائيل الثامن امبراطور بيزنطة, وحالف أيضا سلطان سلاجقة الروم عز الدين كيكاوس، وقد كان يبعث بالرسائل والهدايا للآخرين (بركة خان وعز الدين) ويحثهم على محاربة المغول الإلخانات لكف أذاهم عن دولته، كي يتفرغ

نومـا 02-17-2012 01:28 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
التكملة
الجهاد ضد المغول
إن العداء بين المماليك والمغول لم ينقطع منذ وقعة عين جالوت، فبعد وفاة بدر الدين لؤلؤ والي الموصل وحليف المغول في شعبان 656 / اغسطس 1258م خلفه ابنه الملك الصالح اسماعيل الذي هادن المغول أول الأمر ثم انقلب عليهم وطردهم من الموصل، وارسل أخاه إلى مصر لطلب المساعدة من بيبرس، ثم ذهب بنفسه ونسق معه، فارسل هولاكو إليه جيشا تعداده عشرة آلاف فارس بقيادة صندغون، فحاصره فيها، وما أن علم بيبرس بذلك حتى أرسل اليه نجدة تعدادها سبعمائة فارس وأمر بخروج العساكر من دمشق وحلب، فخرج صاحب حلب وهو شمس الدين البرلي في سبعمائة فارس من الغز وأربعمائة من التركمان ومئة من العرب.
إلا أن صندغون المغولي قد علم بخروج تلك القوة فكمن لها عند سنجار وانقض عليها وقتل معظم افرادها. ثم عاد مشددا الحصار على الموصل، ونصب عليها ثلاثين منجنيقا، فضاقت الأحوال بشدة على المدينة. ثم ارسل إلى الملك الصالح إسماعيل يمنيه بالوعود الحسنة إذا استسلم وفتح المدينة، وفعلا فتحت أبواب المدينة واستسلم الوالي وتوقف القتال. فدخل المغول المدينة في 26 شعبان 660 هـ / 16 يوليو 1262 فاستباحوها وعملوا فيها السيف وقتلوا معظم اهاليها وهدموا أكثر من نصفها. وقتل الصالح إسماعيل وكذلك ابنه البالغ من العمر ثلاثة اعوام[30].
وقد ظل مغول فارس يتحينون الفرصة للحرب، وخاصة اباقا ابن هولاكو، الذي واصل سياسة ابيه العدائية تجاه المسلمين، فيما اتسمت سياسته مع الصليبيين بالود. لكن الظاهر بيبرس وقف لهم دائماً بالمرصاد واستطاع أن يكسر شوكتهم، مما دعا ابغا إلى طلب الصلح، ولجأ في طلبه إلى الترغيب والتهديد، لكن بيبرس كان يعلم جيداً أن الصلح مع المغول امر لايرضي المسلمين، وذلك بسبب ما فعلوه في بغداد.[31] ورغم ذلك واصل المغول هجماتهم على الساجور،[32] لكن بيبرس ردهم خائبين، ثم ما لبثوا أن هاجموا عين تاب، لكن بيبرس دحرهم، وهكذا قام بكسر التتار في أخرها عندما تحالف المغول مع سلاجقة الروم في آسيا الصغرى، فأعد حملة كبيرة سنة 675هـ، [33] لغزو سلاجقة الروم. وفي موقعة أبلستين حلت الهزيمة الساحقة بالمغول وحلفائهم من السلاجقة، وقد فر زعيم السلاجقة بعد أن قتل عدد كبير من رجالة ورجال المغول، ثم دخل بيبرس قيسارية، ودعي له على منابرها وقدم له أمراء السلاجقة فروض الولاء والطاعة.[34] وقيل ان أبغا لما سمع بما فعله بيبرس برجاله في موقعة ابلستين أسرع إلى هناك ليشتد غضباً بما وجده من الآف القتلى من المغول في حين لم يرى أحدا من السلاجقة، مما جعلة يأمر بقتل ما يزيد على مائتي ألف من المسلمين السلاجقة[35].
[عدل] الحروب مع الصليبيين

https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._app_kdict.png طالع أيضا :معركة أرسوف 1265
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...sade_masri.JPG https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
حملات الظاهر بيبرس (بالأصفر) والصليبيون (الأخضر) والمغول (الأحمر)


بعد أن انهى السلطان بيبرس مشاريعه الداخلية، تفرغ للجانب الصليبي، وبدأ العدة للحرب، مما حدا للصليبيون التفاوض معه أواخر عام 660هـ/1261م بطلب استرجاع أسراهم وعقد هدنة، فوافق بيبرس بشرط العودة إلى ما كان عليه الأمر أيام الملك الناصر صلاح الدين وإطلاق الأسرى غير أن الصليبيين لم يوافقوا[3][18]. ولكنهم عادوا مرة أخرى عندما قويت شوكته وحرك الجيوش بإتجاه حصونهم، فطلبوا منه الصلح، فما كان رده إلا أن قال:"لم لا كان هذا قبل حضورنا إلى هذا المكان؟ ردوا ما أخذتموه من البلاد وفكوا أسرى المسلمين جميعهم فإني لاأقبل غير ذلك"[36].
فبدأ بيبرس حربه بمهاجمته إقليم الجليل، ثم الهجوم على عكا واقتحام أبوابها عام 662هـ/1263م ولكنه لم يتمكن من اقتحامها لحصانتها وكثرة من بها من الصليبيين، فتركها وهاجم بالشهر التالي قيسارية وعثليث. وفي عام 663هـ/1265م نزل بيبرس بقوات ضخمة إلى غزة ومن هناك إلى قيسارية ففتحها في جمادى الأول (شباط)، ثم تقدم صوب يافا فدخلها بغير قتال، لأن الصليبيين فروا منها هاربين. ثم سار نحو عثليث وحررها، وقد كانت بأيدي الصليبيين منذ سنة614هـ/1218م. ثم اتجه صوب أرسوف وضرب عليها حصارا شديدا استمر 40 يوما، استسلمت بعده المدينة، ومن أرسوف اتجه مرة أخرى صوب عكا، غير أنه لم يستطع أن يحرر المدينة نظرا لمساندة هيو الثالث ملك قبرص وامداده بإسطول كبير شمل كل قوة قبرص البحرية. لذا تركها بيبرس وعاد إلى مصر، ليعاود الكرة على الصليبيين بعد انتهاء الشتاء، وبدأ عمله أوائل صيف 1266م/664هـ. حيث بدأ بمدينة صفد (مقر الداوية) وتمكن من تحريرها 17 شوال 664هـ / يوليو 1266م[19][37] ثم حرر هونين وتبين والرملة[3]، وسقطت يبنة دون قتال واستولى على القليعة وعرقة، وبذلك تمت السيطرة على الطريق المؤدي إلى طرابلس من البقاع[19]. نتيجة لتلك الانتصارات ضعفت معنويات الصليبيين في الشام وسارع البعض إليه يطلبون وده ورضاه مقابل تنازلهم عن نصف غلات المناطق التي تحت سيطرتهم[18][38].
[عدل] حربه مع أرمينية الصغرى

https://upload.wikimedia.org/wikipedi...poli-Masry.JPG https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
خريطة لمملكة أرمينيا الصغرى وإمارة انطاكية ودوقية طرابلس


شجع ضعف الصليبيون الظاهر بيبرس للانتقام من العناصر والدول التي ساعدت المغول في قتل المسلمين وتدمير بلادهم، خاصة بعد موت هولاكو وانشغل خليفته أباقا في حربهم مع مغول القفجاق، والذين اعلنوا إسلامهم. وكان على رأس تلك الدول مملكة أرمينيا الصغرى[18]، وذلك أن ملكهم هيثوم بن قسطنطين بن باساك تحالف مع المغول بشكل مباشر وأمدهم بفرقة من قواته لحرب المسلمين بالشام.
حاول هيتوم اجراء مفاوضات مع بيبرس وترددت السفارات بينهما، حيث طالب السلطان الظاهر من هيتوم بأن يدخل في طاعته ويؤدي إليه الجزية، إضافة إلى رغبته في الوصول إلى أسواق الخيل والبغال والحنطة والشعير والحديد، أي فتح باب التبادل التجاري بين الشام وبلاد الارمن، غير أن ملك الأرمن لم يتيسر له تلبية طلب سلطان مصر لخوفه من المغول،[39][40] وعندما لم تؤدي تلك المفاوضات إلى نتيجة، اتبع هيتوم سياسة جديدة ضد المماليك في مصر، وهي فرض حصار اقتصادي عليهم، وذلك بمنع تصدير الأخشاب والحديد من آسيا الصغرى إليهم، وكان هدفه من وراء ذلك تفويت الفرصة على المماليك في تطوير أسطولهم البحري[41]. لكن عندما أحس هيتوم بإصرار بيبرس على الحرب غادر مسرعا إلى الأناضول حيث كان المغول، ليستعين بهم في دفع جيش المماليك عن مملكته، لكن أمراء المغول امتنعوا عن المساعدة بحجة أنهم لم يتلقوا أمرا من ملكهم أباقا بذلك. فاضطر إلى الذهاب إلى تبريز سنة664هـ / 1266م طالبا العون من أباقا ملك إلخانات المغول[42]. واتخذ الجيش الأرمني بقيادة كل من ليو وثوروس ابني هيتوم مواقعه عند دروب جبال طوروس، ويحمي جناحيه فرسان الداوية بقلعة بغراس[19].
استغل المماليك خروج الملك هيتوم، فزحفوا بجيشهم تحت إمرة المنصور قلاوون والملك المنصور الأيوبي صاحب حماة نحو الشمال ليجتازوا جبل أمانوس بالقرب من سرفندار ليتجنبوا دروب طوروس. بادر الأرمن إلى اعتراض طريق الجيش المصري والشامي إثناء هبوطهم إلى سهل قليقية فدارت معركة رهيبة في 21 ذو القعدة 664هـ / 24 أغسطس آب 1266م، أنزل المماليك بالأرمن هزيمة منكرة عند حصن دربساك، وقتل فيها توروس وأسر ليو. ثم أعقبوا نصرهم هذا بهجوم كاسح على المدن الرئيسية في قيليقية واستولوا على كل ما كان بها، واستولوا على قلعة للداوية، فأحرقوها بما فيها من الحواصل، ثم دخلوا سيس عاصمة المملكة فأخربوها، وأقاموا في البلاد عشرين يوما يحرقون ويقتلون ويأسرون[42]. ثم توجه الأمير قلاوون بعساكره إلى المصيصة وأضنة وأياس وطرسوس، فقتلوا وأسروا وهدموا عدة قلاع. وفي نهاية سبتمبر عاد الجيش المنتصر إلى حلب ومعه كما قيل أربعين ألف أسير ومن الغنائم مالا يحصى[19].
ولم يستطع الملك هيثوم تخليص ابنه إلا بعد أن تنازل عن للسلطان بيبرس عن العديد من الحصون المهمة، ومنها دربساك التي تتحكم بطريق إسكندرونة ويكفل الطريق ما بين مملكة قليقية وإمارة انطاكية، وبهنسا الواقعة بإقليم مرعش والتي تتحكم بطرق المواصلات بين قليقية وفارس، ويضاف إليها مرزبان ورعبان وشبح الحديد، قد أدى انتزاع تلك المناطق إلى تجريد مملكة أرمينيا من أسباب دفاعها، وعزلها عن حلفائها الفرنج والمغول. واشترط بيبرس أيضا لإطلاق سراح هيو، ضرورة إخلاء سبيل الأمير سنقر الأشقر، والذي أسره المغول من حلب بعد أن انتزعوها من يد الناصر يوسف. وقال له في رسالة: "إن غايتنا من الحرب لم تكن الحصول على المال والنوال، قفد أخذ هولاكو من حلب أحد أصدقائنا ومريدينا أسيرا وهو شمس الدين سنقر الأشقر السمرقندي، فإن كان هيتوم يريد أن نطلق إبنه من الأسر، فعليه أن يطلب من المغول إطلاق سنقر لنطلق نحن في مقابل ذلك ابنه. فتم الاتفاق على تلك الشروط، وانعقدت المعاهدة في رمضان 666 هـ / مايو 1268م[19]. وقد أرسل أباقا بعد توسلات هيتوم إليه بسنقر الأشقر سنة 669 هـ / 1271م، وقد كان في نواحي سمرقند، فأرسله هيتوم بدوره إلى بيبرس مصحوبا بالاحترام والهدايا النفيسة. وفي المقابل بعث بيبرس ليو (أو ليون في مصادر أخرى) إلى أبيه على نفس النحو[42]. وقد خسرت مملكة أرمينيا الصغرى دورها في الشرق الأدنى عقب تلك الأحداث، ولم تقم لها قائمة بعد ذلك[3][18][36][43]
[عدل] سقوط إمارة أنطاكية

https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._app_kdict.png طالع أيضا :إمارة أنطاكية
بدأت الحملة لاسترداد أنطاكية من الصليبيين، فوصل بجيوشه إليها يوم الثلاثاء 1 رمضان 666هـ/ 15 مايو 1268م، وهناك قسم جيوشه إلى ثلاث فرق وزعها حول المدينة ليحكم حصارها ويمنع وصول المدد إليها من البر والبحر. ولم يستطع الصليبيون المدافعون من المقاومة، بسبب شدة الحصار وقوة المهاجمون، ففتحت المدينة وتمكنت جيوش بيبرس من دخولها وغنموا غنائم كبيرة لا تعد ولا تحصى من الأموال والأسرى[18]. وقد كان سقوط تلك الإمارة الصليبية حدثا مهما في تاريخ الحروب الصليبية، فقد انقطعت صلة الصليبيين في طرابلس وعكا بأرمينية الصغرى، وبذلك غدت مصالح الصليبيين في الشام مهددة بشكل مباشر ولم يبق امامهم سوى مملكة قبرص الصليبية والتي توحدت مع مملكة طرابلس وعكا لأنهم انضموا إلى تاج الملك هيو الثالث، والذي باشر حكمه بعقد هدنة مع السلطان بيبرس إلى حين وصول المساعدات من أوروبا[18]. وقد وافق بيبرس على الهدنة لكي يعطي قواته قسطا من الراحة، خاصة وأن فصل الشتاء قادم، ويتطلب منه لعودة إلى مصر ليدير بعضا من شؤونها الداخلية[18].
كما حقق انتصارات عديدة على المغول في موقعة البيرة وحران، ورد هجمات المغول المتتابعة على بلاده، إلى أن قضى عليهم عند بلدة أبلستين وذلك في عام 675هـ، وبذلك حقق بيبرس ما كان يبتغيه من تأمين لجبهته الخارجية وحدود دولته. وقد دام حكمه حوالي سبعة عشر عاماً[44].
[عدل] وفاته

توفي الظاهر بيبرس يوم الخميس 27 محرم من عام 676 هجرية - 2 مايو 1277 ميلادية ودفن في المكتبة الظاهرية في دمشق بعد حكم دام 17 سنة، تولى من بعده أكبر أولاده ناصر الدين الحكم، إلا أن أولاد بيبرس لم يدم لهم الحكم طويلاً، ثم تولى الحكم المنصور قلاوون.
[عدل] صفاته

أهم ما كان يتصف به بيبرس: الشجاعة والإقدام والدهاء والقوة، والكرم وحب الخير والإحسان إلى الفقراء. وإكرام العلماء وسماع نصائحهم والسكوت على مخاشنتهم له في النصح – كما كان يفعل معه عز الدين بن عبد السلام، والنووي[1].
وصف بأنه كان يتنقل في ممالكه فلا يكاد يشعر به عسكره إلا وهو بينهم. وقيل عنه أنه ما كان يتوقف عن شيء لبلوغ غايته. ليحمل فيها قوى الحصون على الاستسلام له.وكان نجاحه يعتمد على تنظيمه وسرعته وشجاعته المتناهية[1].
[عدل] مختصر سيرته في كتب التاريخ

قال الزركلي في (الأعلام): الظاهر بيبرس (625 - 676ه‍) بيبرس العلائي البندقداري الصالحي، ركن الدين، الملك الظاهر: صاحب الفتوحات والأخبار والآثار. مولده بأرض القپچاق. وأسر فبيع في سيواس، ثم نقل إلى حلب، ومنها إلى القاهرة. فاشتراه الأمير علاء الدين أيدكين البندقدار، وبقي عنده، فلما قبض عليه الملك الصالح (نجم الدين أيوب) أخذ بيبرس، فجلعه في خاصة خدمه، ثم أعتقه. ولم تزل همته تصعد به في أيام الملك (المظفر) قطز، وقاتل معه التتار في فلسطين. ثم اتفق مع أمراء الجيش على قتل قطز، فقتلوه، وتولى (بيبرس) سلطنة مصر والشام (سنة 658 ه‍) وتلقب بالملك (القاهر، أبي الفتوحات) ثم ترك هذا اللقب وتلقب بالملك (الظاهر). وكان شجاعا جبارا، يباشر الحروب بنفسه. وله الوقائع الهائلة مع التتار والافرنج (الصليبيين) وله الفتوحات العظيمة، منها بلاد (النوبة) و(دنقلة) ولم تفتح قبله مع كثرة غزو الخلفاء والسلاطين لها. وفي أيامه انتقلت الخلافة إلى الديار المصرية سنة 659 هـ. وآثاره وعمائره وأخباره كثيرة جدا. توفي في دمشق ومرقده فيها معروف أقيمت حوله المكتبة الظاهرية.

نومـا 02-17-2012 01:30 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

اذهب إلى: تصفح, البحث
عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعودhttps://upload.wikimedia.org/wikipedi...x-Ibn_Saud.jpg
الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعودملك المملكة العربية السعودية الأولوُلد19 الحجة 1293هـ/ 1873م (مختلف عليه من قبل المؤرخين)وُلد فيالرياضتُوفيالاثنين 2 ربيع الأول 1373هـ (9 نوفمبر 1953) (80سنة)تُوفي فيالطائفدفن فيمقبرة العود، الرياضسبقهلا أحد بالنسبة للمرحلة الثالثة لحكم آل سعود أما بالنسبة لحكم آل سعود بكافة مراحله فمن سبقه هو والده عبد الرحمن بن فيصل آل سعودتبعهسعود بن عبد العزيز آل سعودالزوجاتانظر أبناء عبد العزيز آل سعودالذريةانظر أبناء عبد العزيز آل سعودالعائلة الملكيةآل سعودالأبعبد الرحمن بن فيصل آل سعودالأمسارة بنت أحمد السديريالملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود (1873 - 9 نوفمبر 1953)، مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة (الدولة السعوديه الثالثة). ولد في عام 1873 وقيل 1874 في الرياض لأسرة آل سعود الحاكمة في نجد، ولما بلغ العاشرة من عمره انتقل مع عائلته إلى منفاها في الكويت بعد انتصار آل رشيد أمراء حائل على آل سعود، وقضى طفولته فيها إلى أن استرد الرياض سنة 1901.
محتويات

[أخف] [عدل] حياته قبل توليه الحكم

عندما استرجع الامير محمد بن عبد الله الرشيد المكلف من الدوله العثمانيه آنذاك القصيم بأكملها لم يبق من مدن الدولة السعودية الثانية إلا الرياض وكان عبد العزيز آنذاك عمره 10 أعوام وعندما اقتربوا أمر الأمام عبد الرحمن بن فيصل لعبدالعزيز الذهاب إلى الصحراء وفعلا فعلها وبدأت الحرب بين الأمام عبد الرحمن وآل رشيد لكن فشل عبد الرحمن بهزيمتهم واحتلت الرياض فذهب إلى قطر ثم البحرين ثم وصل الكويت فاستقر هناك وكان أميرها مبارك الصباح قد استقبل عبد العزيز ووالده عبد الرحمن وأخبرهم بما حدث. وعندما كان عبد العزيز في الكويت تعلم السياسة والمجالس وأساليب الحرب وكان انتقاله إلى الكويت عام 1310هـ وبقي فيها 8 سنوات إلى أن بدأت الحرب بينه وبين آل رشيد في عام 1318هـ.
[عدل] بداية حكمه

في عام 1900 الموافق 1318هـ وعندما بلغ عبد العزيز 28 سنة، طلب عبد العزيز من والده, الإمام عبد الرحمن, السماح له باستعادة حكم أسرته, إلا أن والده لم يسمح له بذلك, خوفا عليه من عدوه الذي يفوقه في العدد والعدة, لكن عبد العزيز نجح في إقناع والده، فقام بصحبة 60 رجلاً لاستعادة الرياض عام 1901الموافق 1319هـ بعد أن قضى زمنا في واحة يبرين على أطراف الربع الخالي جنوب الجزيرة العربية وقام بعد ذلك على جمع الأنصار من قبائل البادية لتقديم الدّعم والتأييد له بعد فترة فقد الناس آل سعود الدّعم بعد نفيهم إلى الكويت. ثم توجه إلى المقاطعات الجنوبية من نجد، وهي الخرج وحوطة بني تميم والحريق والأفلاج ووادي الدواسر، فاستردها من آل رشيد سنة 1321هـ/1903م. ثم استرد القصيم عام 1905م/1324هـ.
وفي العامين الذين تليا سقوط الرياض، استمر ابن سعود في السيطرة على باقي نجد مما استدعى ابن الرشيد التماس العون من الدولة العثمانية. فقامت بإرسال قوة لدحره، واستطاعت القوة التركية إلحاق الهزيمة بابن سعود إلاّ أنه تمكّن من إعادة تشكيل قوّاته بعد رحيل القوات التركية بسبب مشاكل في التموين في جزيرة العرب.
وفي عام1334هـ/1915م دخلت بريطانيا في معاهدة القطيف أو دارين مع ابن سعود والتي تقضي على حماية الأراضي التي يسيطر عليها ابن سعود مقابل دحر ابن سعود آل رشيد الموالية للدولة العثمانية.
لم يقم عبد العزيز (الذي حاول الحفاظ على دولته بعيداً عن التورط في الحرب) يحاول عبد العزيز القيام بأي عمل هجومي على ابن الرشيد غريمه القوي.
وفي عام 1338هـ/1919م شنّ الإخوان الموالون للملك عبد العزيز، هجوماً على الشريف حسين شريف مكة في معركة تربة وسهل الأشراف الفعور للجيش الدخول إلى الطائف وقد انسحب الشريف عبد الله بن الحسين إلى الهدا من ضواحي الطائف. وبحلول عام 1341هـ 1922م تمكّن من السيطرة على الأراضي التي كانت تحت سيطرة الشريف الحسين بن علي. وتوّج عبد العزيز انتصاراته بهزيمة الشريف حسين في عام 1344هـ/ 1925 وهو ذات العام الذي شنّ فيه الإخوان هجوماً على شرق الأردن بإيعاز من الملك عبد العزيز وبدعم من الأمير راشد بن خزاعي الفريحات.
[عدل] الحرب الحجازية

https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._on_quincy.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
الملك عبد العزيز آل سعود مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية فرانكلين روزفلت على متن السفينة الحربية الأمريكية يو إس إس كوينسي في فبراير 1945


امتنع الملك عبد العزيز طوال الحرب العالمية الأولى عن القيام بأي عمل عسكري ضد الشريف حسين، وركز جهوده على مقارعة ابن الرشيد المنحاز للدولة العثمانية، إلا أنه وقعت مناوشات بين الطرفين في كل من تربة البقوم والخرمة حول تبعيتهما لأي إقليم، إذ يرى عبد العزيز أنهما من أراضي نجد، بينما يرى الشريف حسين أنهما من الحجاز.
وفي شعبان من عام 1337هـ/1918م زحف عبد الله ابن الشريف حسين إلى " تربة البقوم " واحتلها بعد خلوها تقريبا من أهلها وبعد مقاومة دامت يوماً كاملاً من البقوم الباقين في تربة الذين رفضوا إلا الدفاع عن تربة ضد الشريف وجيشه وهم قلة.
ودامت المقاومة في قصر منيف وعدة أماكن في تربة كان آخرها في قلعة شنقل وانتهت بعد مغيب شمس ذلك اليوم, وقد إتجه معظم البقوم إلى حرة البقوم اعتزالا للحرب ولتحيزهم للإخوان ولموالاتهم للملك عبد العزيز واعتزالهم لتلك الحرب بسبب وجود فرسان من البقوم مع الشريف تحت لواء القائد عبد الله العسيس وأيضاً وجود فرسان من البقوم مع فرقة الإخوان تحت لواء القائد هزاع الصفراء.
وكان الإخلاء والاعتزال بأمر من الأمير محمد بن غنام أمير البقوم. وكان ذلك في الرابع والعشرين من شعبان، وفي اليوم التالي وصلت فرقة الإخوان إلى تربة البقوم فهزموا جيش الشريف عبد الله بن الحسين في قصر منيف وما حوله في مدينة تربة وذلك بتاريخ 25/شعبان/1337 هجرية.
ونستنتج من ذلك انقسام البقوم إلى اربعة اقسام وكل قسم له رأي :
  • القسم الأول : وهم الأغلب وقد اعتزلوا الحرب مع الأمير محمد بن غنام.
  • القسم الثاني : وهم من رفضوا الاعتزال وقاموا بالمقاومة والدفاع عن تربة ضد الشريف وعددهم قليل.
وبعد انتهاء الحرب صارت تربة البقوم تحت حكم الملك عبد العزيز الذي إستقر بها لمدة إسبوعين يرتب شوؤنها ويجهز اهلها للانضمام لجيش الإخوان بقيادة الأمير محمد بن غنام البقمي.
بعد ذلك حرص عبد العزيز على اتّخاذ المملكة العربية السعودية موقف المحايد في الحرب العالمية الثانية.
و بعد ذلك شاركت قوات سعودية في حرب عام 1948 في جدة.
أدركت الحكومة البريطانية قوة عبد العزيز وسيطرته على معظم المملكة العربية السعودية الحالية، فدفع ذلك عبد العزيز بن سعود لعقد معاهدة جدة عام 1927 مع بريطانيا لينهى اتفاقية دارين 1915 السابق ذكرها. وفي هذه الأثناء غيّر عبد العزيز لقبه من سلطان نجد إلى ملك نجد والحجاز.
ومن عام1346هـ 1927 إلى عام1351هـ 1932 استطاع عبد العزيز السيطرة على معظم جزيرة العرب. فقام بتغيير اسم المنطقة من مملكة نجد والحجاز إلى المملكة العربية السعودية، ونصّب نفسه ملكاً على المملكة حديثة النشوء.
في 17 جمادى الأولى 1351هـ/1932م، أصدر الملك عبد العزيز قراراً يعلن فيه عن نظام توحيد المملكة، وتحديد يوم الخميس 21 جمادى الأولى يوماً لإعلان توحيدها تحت اسم "المملكة العربية السعودية"؛ فتوحدت جميع أجزاء المملكة العربية السعودية بشكل رسمي يوم 21–5–1351هـ /22–9–1932م.
ثم اتجه بنظره تجاه عسير وعقد معاهدة الطائف بينه وبين اليمن لتحل المشاكل الحدودية بين اليمن والسعودية عام1353هـ 1934.

نومـا 02-17-2012 01:31 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
التكملة
إنجازات في عهده
  • توحيد معظم أقاليم الجزيرة العربية تحت اسم المملكة العربية السعودية.
  • ظهور أول وزارة تنشأ في المملكة وزارة الخارجية السعودية وذلك بتاريخ 1349هـ/1930م. وكانت تسمى مديرية الشؤون الخارجية وأول وزير للخارجية هو الملك فيصل بن عبد العزيز.
  • ظهور وزارة الدفاع في المملكة التي أنشئت في ربيع الثاني من عام 1365هـ الموافق 6مارس 1946م وكانت تسمى بوكالة الدفاع قبل ذلك.
  • ظهور وزارة الداخلية وتعين الأمير فيصل بن عبد العزيز في عام 1350هـ/1931م وزيرا إذ كانت الشؤون الأمنية والداخلية ضمن مهام نائب الملك في الحجاز وفي عام 1370هـ الموافق 1950م تحولت النيابة العامة إلى وزارة متكاملة للداخلية وتم تعيين الأمير عبد الله الفيصل بن عبد العزيز آل سعود وزيرا للداخلية.
  • تأسيس وزارة المالية وتعيين عبد الله بن سليمان الحمدان وزير لها
  • تأسيس مجلس الشورى السعودي وعقد أول جلسة.
  • ظهور أول مجلس للشورى بالمملكة تم تشكيله من أعضاء متفرغين بناء على الأمر السامي رقم 37 بتاريخ 9/1/1346هـ/17/7/1927م.
  • تأسيس أول عملية انتخابية يأمر بأجرائها الملك عبد العزيز في الدولة كانت سنة 1343هـ/1924م
  • تأسيس وزارة المواصلات في عام 1372هـ.
  • ظهور أول نظام للمحكمة التجارية في عام 1350هـ.
  • ظهور أول نظام للمصارف في عام 1347هـ.
  • ظهور أول نظام لأدارة الحج في المملكة صدر في 1346هـ.
  • ظهور أول نظام للطرق والمباني في المملكة عام 1360هـ.
  • ظهور أول نظام للغرفة الصناعية والتجارية بجدة في عام 1365هـ.
  • ظهور أول نظام للتليفونات في المملكة في عام 1356هـ.
  • تأسيس أول نظام لتوحيد الطوابع في عام 1369هـ.
  • تأسيس أول نظام للبرق في عام 1356هـ.
  • تأسيس أول نظام لجمعية الأسعاف الخيرية في عام 1354هـ.
  • تأسيس أول نظام للمستشفيات في المملكة في عام 1354هـ.
  • تأسيس أول مديرية الشرطة في مكة عام 1343هـ.
  • تأسيس أول مصنع للثلج في المملكة صدر عام 1338هـ.
  • تأسيس أول بعثة سعودية لدراسة الأمن عام 1370هـ.
  • تصدير أول شحنة بترول من المملكة إلى العالم في عام 1358هـ. وذلك بميناء رأس تنورة في حقل بهيج دشنه الملك عبد العزيز.
  • ظهور أول مرسوم ملكي.
  • ظهور أول مرسوم ملكي للأذاعة كان رقمه 7/3/16/3996 بتاريخ 23/9/1368هـ حيث تم فيه تكليف الملك عبد العزيز لابنه ونائبه في الحجاز الأمير فيصل الأشراف على الأذاعة.
  • تأسيس مديرية الزراعة في عام 1361هـ.
  • تأسيس مؤسسة النقد العربي السعودي تأسست بموجب المرسومين الملكيين رقم 30/14/1/1046 و1047 الصادرين في 25رجب عام 1370هـ 20أبريل 1951م وافتتح مركزها الرئيسي في مدينة جدة بتاريخ 14محرم 1372هـ/4أكتوبر 1952م.
  • تأسيس الخطوط السعودية التي سميت هكذا في يوم تسميتها. والتي أصبحت تسمى في أواخر الخمسينات الخطوط الجوية السعودية.
  • نشأ فكرة سكة الحديد في عام 1367هـ وإنتهئه في عام 1371هـ بربط الرياض بالدمام.
  • تأسيس محافظة رفحاء في عام 1370هـ.
  • تأسيس أول إدارة في المملكة لرعاية الشباب.
  • تأسيس مديرية الحج العامة في عام 1365هـ.
  • إعلان نظام الحكم وهو ملكي في عام 1351 هـ.
  • تسليم ولاية العهد ولأول مرة للأمير سعود بن عبد العزيز آل سعود.
  • تحويل لقب الملك في عام 1345هـ من سلطان إلى صاحب الجلالة.
  • إنشاء مجلس الوزراء السعودي في عام 1372هـ.
  • حفر أول حقل بترول في عام 1359هـ قرب الظهران.
  • تعيين الملك عبد العزيز الملك سعود نائبا له في المنطقة الوسطى والشرقية والملك فيصل نائبا له في الحجاز.
  • افتتاح عدة مساجد في الرياض وعدة كليات في أبها.
  • أخر إنجاز للملك عبد العزيز هو أن يترأس الملك جلسة مجلس الشورى وقد سميت تلك الجلسة جلسة الملك عبد العزيز، لأنها أخر جلسة ترأسها في حياته.
[عدل] علاقات الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود بالأمير راشد الخزاعي ودعمه للقضايا القومية

كانت للملك عبد العزيز آل سعود علاقات وطيدة مع الأمير الشيخ راشد الخزاعي من قبيلة الفريحات التي كان لها الحكم في شرق الأردن قبل قدوم عائلة الشريف حسين للأردن في تلك الحقبة وكان يتزعمها في ذلك الوقت الأمير راشد الخزاعي أمير سنجقية (إمارة) عجلون التي كانت تضم كافة أراضي الأردن الحالي بالإضافة لأجزاء من فلسطين وتجدر الإشارة إلى أن السلطان العثماني قد إستحدث إمارة (سنجقية) عجلون عبر مئات السنين ومنذ عام 1517م لإدارة تلك المنطقة من بلاد الشام وعهد بتلك السنجقية لقبيلة الفريحات لما لهذه القبيلة من امتداد وسطوة وبأس في تلك الفترة من الزمن، وقد دعم الملك عبد العزيز آل سعود المناضل الأمير راشد الخزاعي دعما مباشرا وقوياً من خلال احتضانه ومنحه الحماية لأسرته وأتباعه الشيوخ واستضافته لعدة سنوات منذ عام 1937م، وأضحى الأمير راشد الخزاعي وأسرته والمشايخ والزعامات الموالية له في ذلك الوقت لاجئين سياسيين في حمى الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن الفيصل ملك السعودية التي كانت قد توحدت حديثاً وجاء ذلك كأثر مباشر لثورة الشيخ المجاهد عز الدين القسام في فلسطين عام 1935م [1] وهذا يوضح الجانب الوطني في شخصية الملك عبد العزيز، حيث اتصل الشيخ عز الدين القسام في عام 1935م بالملك فيصل في سورية طلباً لمؤازرته في ثورته فوعده ولم يثمر وعده عن شيء، واتصل بالحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين الأكبر وطلب منه أن يهيء الثورة في منطقته، فأجابه بأنه يرى أن تحل قضية فلسطين بالطرق السلمية عن طريق المفاوضات، واتصل مع الأمير راشد بن خزاعي الفريحات من شرق الأردن للمؤازرة وليهيء الثورة ضد الانتداب البريطاني وأعوانه في شرق الأردن وقد قدم الأمير الخزاعي إمدادا مباشرا وقويا للشيخ القسام بالمال والسلاح فضلا عن توفير الحماية للثوار الفلسطينيين في جبال عجلون الحصينة من فترة لأخرى الأمر الذي استدعى من الأمير راشد وقبيلته ومعظم عشائر الشمال الأردني للمواجهة مباشرة مع النظام الأردني وخاصة مع الملك عبد الله الأول والانتداب البريطاني والذي حاول تصفية الأمير الخزاعي بقصف مواقعه وقتل كثير من الثوار الأردنيين الموالين للخزاعي في ذلك الوقت مما إضطره بعدها إلى مغادرة الأراضي الأردنية إلى السعودية ولجوئه مباشرة للملك عبد العزيز عام 1937م وكان موقفا تاريخيا يسجل لعبد العزيز في دعم المناضلين والمجاهدين في الأمة العربية والإسلامية وإندلعت على إثر لجوء الأمير راشد الخزاعي ثورة في جبال عجلون إمتدت بعدها لنطاق واسع في ما كان يسمى بإمارة شرق الأردن [2] [3] [4].
لقد مد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود يد العون لكل مناضل حارب الإستعمار في الأمة العربية والعالم الإسلامي وليس فقط من الأردن بل من فلسطين للجزائر لمصر والعراق ولبنان وكل أقطار العالم الإسلامي ومهما تم التوثيق بحق هذا الملك المؤسس والموحد لجزيرة العرب فمن الصعوبة بمكان إيفاءه قدره ومكانته الحقيقية في الإنجاز فالمغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز آل سعود هو رجل من معجزات العصر الحالي ويكفي ما قام به وأنجزه من جهود التوحيد الإعجازية[3][2].
[عدل] الحروب

موقف الأمير عبد العزيز أثناء الحرب العالمية الأولى هو: من الناحية السياسية إلى جانب الحلفاء، أما من الناحـية العسكرية فهو لم يتخذ أي إجراء أو يشارك في أي معركة إلا إذا كانت تصب –أولاً وقبل كل شيء– في مصلحته.
فقد كانت بريطانيا طوال الفترة السابقة للحرب تتجنب الدخول في أي نوع من العلاقات معه وتقف موقفاً سلبياً تجاه ما أبداه مراراً من إيجاد نوع من العلاقة يحفظ به شيئاً من التوازن مع الضغط العثماني المستمر ضده، فإذا هي بعد قيام الحرب تسارع بالاتصال به وتمخضت المفاوضات عن إبرام المعاهدة المعروفة بمعاهدة دارين بتاريخ 18صفر 1334هـ/26ديسمبر 1915م. واعتبار الأمير عبد العزيز منحازاً إلى جانب بريطانيا وحلفائها ضد الدولة العثمانية وحلفائها.
[عدل] معاركه أثناء توحيد المملكة

المعركةسنة (هجري)سنة (ميلادي)الطرف الآخرمعركة فتح الرياض1319هـ1902قوات ابن عجلانمعركة الدلم1320هـ1902قوات عبد العزيز المتعب الرشيدمعركة البكيرية1322هـ1904قوات عبد العزيز المتعب الرشيدمعركة الشنانة1322هـ1904قوات عبد العزيز المتعب الرشيدمعركة روضة مهنا1324هـ1906قوات عبد العزيز المتعب الرشيدمعركة الطرفية1325هـ1907قوات سلطان الحمود الرشيد ومحمد بن عبد الله ال مهنا وفيصل بن سلطان الدويشمعركة الأحساء1331هـ1912الحامية التركية بقصر الكوتمعركة جراب1333هـ1915قوات سعود العبد العزيز الرشيدمعركة كنزان1333هـ1915قوات قبيلة العجمانمعركة تربة1337هـ1919الشريف عبد الله الأول بن الحسينمعركة حجلا1338هـقوات حسن بن عائضمعركة حرملة1339هـقوات حسن بن عائضمعركة السبلة1347هـ1929قوات الاخوان بقيادة فيصل الدويش وسلطان بن بجادمعركة أم رضمة1348هـ1929قوات الاخوان بقيادة عبد العزيز بن فيصل بن سلطان الدويشمعركة جازان1351هـقوات الحسن الادريسي
[عدل] وفاته

توفي الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود بقصره بمحافظة الطائف التابعة لمنطقة مكة في الساعة :4:36ص.من يوم الاثنين 2\3\1373هـ. اثر نوبه قلبيه بعد معاناته من مرض تصلب الشرايين وصليَّ عليه في الحوية ثم نقل جثمانه من مطار الطائف إلى مطار الرياض القديم حيث دفن في مقابر العود. بعد حكم دام اثنتين وخمسين سنة وبلغ من العمر ثمانين سنة.
[عدل] توارث الحكم

https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._app_kdict.png طالع أيضا :أبناء عبد العزيز آل سعود

الملك عبد العزيز أب لجميع ملوك المملكة العربية السعودية بدءاً من الملك سعود بن عبد العزيز الذي خلف أباه الملك عبد العزيز في عام 1953 ومن ثم الملك فيصل بن عبد العزيز ومن ثم الملك خالد بن عبد العزيز ومن ثم الملك فهد بن عبد العزيز والآن الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي العهد الأمير نايف بن عبد العزيز وينص القانون الملكي السعودي على أن يكون الملك من أبناء الملك عبد العزيز وأبناء الأبناء

نومـا 02-17-2012 01:33 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
صلاح الدين الأيوبي

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

اذهب إلى: تصفح, البحث
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...ig_RTL.svg.pngهذه المقالة عن صلاح الدين الأيوبي؛ إن كنت تبحث عن: «عناوين مشابهة»، فانظر صلاح الدين (توضيح).
صلاح الدين يوسف بن أيوبالملك الناصر أبو المظفر يوسف بن أيوبhttps://upload.wikimedia.org/wikipedi...ashinvaine.jpgرسم لصلاح الدين الأيوبيالفترة589-567هـ / 1174–1193متتويج567هـ /1174م، القاهرة، https://upload.wikimedia.org/wikipedi...ynasty.svg.png السلطنة الأيوبيّةالاسم الكامليوسف بن نجم الدين بن أيوبألقابالملك الناصرولادة532هـ / 1138ممكان الولادةتكريت ، العراقتوفي589هـ / 1193م (55–56 عامًا)مكان الوفاةدمشق، https://upload.wikimedia.org/wikipedi...ynasty.svg.png السلطنة الأيوبيّةدفنالجامع الأموي، دمشق، سورياالسلفنور الدين زنكيالخلفالأفضل بن صلاح الدين (الشام)
العزيز عثمان (مصر)سلالةالسلطنة الأيوبيّةاعتقاد دينيمسلم سنيالملك الناصر أبو المظفر يوسف بن أيوب (532 - 589 هـ / 1138 - 1193 م)، المشهور بلقب صلاح الدين الأيوبي قائد عسكري أسس الدولة الأيوبية التي وحدت مصر والشام والحجاز واليمن في ظل الراية العباسية، بعد أن قضى على الخلافة الفاطمية التي استمرت 262 سنة.[1] قاد صلاح الدين عدّة حملات ومعارك ضد الفرنجة وغيرهم من الصليبيين الأوروبيين في سبيل استعادة الأراضي المقدسة التي كان الصليبيون قد استولوا عليها في أواخر القرن الحادي عشر، وقد تمكن في نهاية المطاف من استعادة معظم أراضي فلسطين ولبنان بما فيها مدينة القدس، بعد أن هزم جيش بيت المقدس هزيمة منكرة في معركة حطين.
كان صلاح الدين مسلمًا متصوفًا [2] اتبع المذهب السني والطريقة القادرية،[3] وبعض العلماء كالمقريزي وبعض المؤرخين المتأخرىن قالوا: إنه كان أشعريًا، وإنه كان يصحب علماء الصوفية الأشاعرة لأخذ الرأي والمشورة، وأظهر العقيدة الأشعرية.[4] يشتهر صلاح الدين بتسامحه ومعاملته الإنسانية لأعدائه، لذا فهو من أكثر الأشخاص تقديرًا واحترامًا في العالمين الشرقي الإسلامي والأوروبي المسيحي، حيث كتب المؤرخون الصليبيون عن بسالته في عدد من المواقف، أبرزها عند حصاره لقلعة الكرك في مؤاب، وكنتيجة لهذا حظي صلاح الدين باحترام خصومه لا سيما ملك إنگلترا ريتشارد الأول "قلب الأسد"، وبدلاً من أن يتحول لشخص مكروه في أوروبا الغربية، استحال رمزًا من رموز الفروسية والشجاعة، وورد ذكره في عدد من القصص والأشعار الإنگليزية والفرنسية العائدة لتلك الحقبة.
محتويات

[أخف] [عدل] نسبه ونشأته

https://upload.wikimedia.org/wikipedi...250px-Dvin.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
رسم لساحة مدينة دوين (بالأرمنية: Դվին)، البلد الأم لبنو أيوب، في أرمينيا خلال القرون الوسطى.


ولد صلاح الدين في تكريت بالعراق عام 532 هـ/1138م في ليلة مغادرة والده نجم الدين أيوب قلعة تكريت حينما كان واليًا عليها، ويرجع نسب الأيوبيين إلى أيوب بن شاذي بن مروان من أهل مدينة دوين في أرمينيا،[5] ويرجع ابن الأثير نسب أيوب بن شاذي بن مروان إلى الأكراد الروادية وهم فخذ من الهذبانية،[5] يقول أحمد بن خلكان: «قال لي رجل فقيه عارف بما يقول، وهو من أهل دوين، إن على باب دوين قرية يُقال لها "أجدانقان" وجميع أهلها أكراد روادية، وكان شاذي قد أخذ ولديه أسد الدين شيركوهونجم الدين أيوب وخرج بهما إلى بغداد ومن هناك نزلوا تكريت، ومات شاذي بها وعلى قبره قبة داخل البلد»،[6] بينما يرفض بعض ملوك الأيوبيين هذا النسب وقالوا: «إنما نحن عرب، نزلنا عند الأكراد وتزوجنا منهم".»[7] الأيوبيون نفسهم اختلفوا في نسبهم فالملك المعز إسماعيل صاحب اليمن أرجع نسب بني أيوب إلى بني أمية وحين بلغ ذلك الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب قال كذب إسماعيل ما نحن من بني أمية أصلاً،[7] أما الأيوبيون ملوك دمشق فقد أثبتوا نسبهم إلى بني مرة بن عوف من بطون غطفان وقد أحضر هذا النسب على المعظم عيسى بن أحمد صاحب دمشق وأسمعه ابنه الملك الناصر صلاح الدين داود.[7]
وقد شرح الحسن بن داود الأيوبي في كتابه "الفوائد الجلية في الفرائد الناصرية"[8] ما قيل عن نسب أجداده وقطع أنهم ليسوا أكرادًا، بل نزلوا عندهم فنسبوا إليهم. وقال: "ولم أرَ أحداً ممن أدركتُه من مشايخ بيتنا يعترف بهذا النسب".
كما أن الحسن بن داود قد رجَّح في كتابه صحة شجرة النسب التي وضعها الحسن بن غريب، والتي فيها نسبة العائلة إلى أيوب بن شاذي بن مروان بن أبي علي (محمد) بن عنترة بن الحسن بن علي بن أحمد بن أبي علي بن عبد العزيز بن هُدْبة بن الحُصَين بن الحارث بن سنان بن عمرو بن مُرَّة بن عُوف بن أسامة بن بَيْهس بن الحارث بن عوف بن أبي حارثة بن مُرّة بن نَشبَة بن غَيظ بن مرة بن عوف بن لؤي بن غالب بن فِهر (وهو جد قريش).
وكان نجم الدين والد صلاح الدين قد انتقل إلى بعلبك حيث أصبح واليًا عليها مدة سبع سنوات وانتقل إلى دمشق، وقضى صلاح الدين طفولته في دمشق حيث أمضى فترة شبابه في بلاط الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي أمير دمشق.[9] إن المصادر حول حياة صلاح الدين خلال هذه الفترة قليلة ومبعثرة، لكن من المعروف أنه عشق دمشق عشقًا شديدًا، وتلقى علومه فيها، وبرع في دراساته، حتى قال عنه بعض معاصريه أنه كان عالمًا بالهندسة الإقليدية والرياضيات المجسطية وعلوم الحساب والشريعة الإسلامية،[10] وتنص بعض المصادر أن صلاح الدين كان أكثر شغفًا بالعلوم الدينية والفقه الإسلامي من العلوم العسكرية خلال أيام دراسته.[11] وبالإضافة إلى ذلك، كان صلاح الدين ملمًا بعلم الأنساب والسير الذاتية وتاريخ العرب والشعر، حيث حفظ ديوان الحماسة لأبي تمام عن ظهر قلب، أيضًا أحب الخيول العربية المطهمة، وعرف أنقى سلالاتها دمًا.[10]
[عدل] بدايته

كانت الدولة العباسية قد تجزأت إلى عدّة دويلات بحلول الوقت الذي ظهر فيه صلاح الدين، في أواسط القرن الثاني عشر، فكان الفاطميون يحكمون مصر ويدعون لخلفائهم على منابر المساجد ولا يعترفون بخلافة بغداد، وكان الصليبيون يحتلون الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط من آسيا الصغرى إلى شبه جزيرة سيناء، والأتابكة يسيطرون على شمال العراق وسوريا الداخلية.[12]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...nvasion_ar.PNG https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
خط سير جيش الشام من دمشق إلى مصر ومعاركه مع الفاطميين والصليبيين.


لمع نجم صلاح الدين في سماء المعارك والقيادة العسكرية عندما أقبل الوزير الفاطمي شاور بن مجير السعدي‎ إلى الشام فارًا من مصر، وهربًا من الوزير ضرغام بن عامر بن سوار الملقب فارس المسلمين اللخمي المنذري لما استولى على الدولة المصرية وقهره وأخذ مكانه في الوزارة وقتل ولده الأكبر طيء بن شاور، مستغيثًا بالملك نور الدين زنكي في دمشق وذلك في شهر رمضان سنة 558هـ ودخل دمشق في 23 من ذي القعدة من السنة نفسها، فوجه نور الدين معه أسد الدين شيركوه بن شاذي في جماعة من عسكره كان صلاح الدين، ابن الستة والعشرين ربيعًا،[13] في جملتهم في خدمة عمه وخدمة جيش الشام وهو كاره للسفر معهم،[6] وكان لنور الدين في إرسال هذا الجيش هدفان؛ قضاء حق شاور لكونه قصده، وأنه أراد استعلام أحوال مصر فإنه كان يبلغه أنها ضعيفة من جهة الجند وأحوالها في غاية الاختلال فقصد الكشف عن حقيقة ذلك.[6] وكان نور الدين كثير الاعتماد على شيركوه لشجاعته ومعرفته وأمانته فانتدبه لذلك، وجعل أسد الدين شيركوه ابن أخيه صلاح الدين مقدم عسكره وشاور معهم فخرجوا من دمشق على رأس الجيش في جمادى الأولى سنة 559هـ ودخلوا مصر وسيطروا عليها واستولوا على الأمر في رجب من السنة نفسها،[6][14] ومن المعروف أن صلاح الدين لم يلعب دورًا كبيرًا خلال هذه الحملة الأولى، بل اقتصر دوره على مهمات ثانوية.[15]
ولمّا وصل أسد الدين وشاور إلى الديار المصرية واستولوا عليها وقتلوا الوزير ضرغام وحصل لشاور مقصوده وعاد إلى منصبه وتمهدت قواعده واستمرت أموره، غدر بأسد الدين شيركوه واستنجد بالفرنجة عليه فحاصروه في بلبيس ثلاثة أشهر،[16] وكان أسد الدين قد شاهد البلاد وعرف أحوالها، ولكن تحت ضغط من هجمات مملكة القدس الصليبية والحملات المتتالية على مصر بالإضافة إلى قلة عدد الجنود الشامية أجبر على الانسحاب من البلاد.[17] وبلغ إلى علم نور الدين في دمشق وكذلك أسد الدين مكاتبة الوزير شاور للفرنجة وما تقرر بينهم فخافا على مصر أن يملكوها ويملكوا بطريقها جميع البلاد هناك فتجهز أسد الدين في قيادة الجيش وخرج من دمشق وأنفذ معه نور الدين العساكر وصلاح الدين في خدمة عمه أسد الدين، وكان وصول أسد الدين إلى البلاد مقارنًا لوصول الفرنجة إليها، فاتفقوا مع الفاطميين عليه، فاشتبكوا في أوّل معركة كبيرة في صحراء الجيزة، وفي تلك المعركة لعب صلاح الدين دورًا كبيرًا، حيث كان جيش المصريين والفرنجة يفوق جيش الشام عددًا، فرأى شيركوه أن يجعل صلاح الدين على القلب لاعتقاده بأن الفرنجة سيحملون على القلب ظنًا منهم أن شيركوه سيكون في القلب، وتولّى شيركوه قيادة الميمنة مع شجعان من جيشه، وسُلّمت قيادة الميسرة إلى جمع من القادة الكرد. عند بداية المعركة، حمل الصليبيون على القلب، الذين تقهقروا بانتظام أمام هذا الهجوم، ليطوّقهم بعد ذلك شيركوه وجنوده في صورة من صور تكتيك الكماشة.[18] يرى بعض المؤرخين الغربيين أن وعورة الأرض وكثافة الرمال وثقل الجياد الأوروبية والجنود الفرنجة المدرعين، أسهمت في جعلت الآية تنقلب عليهم، فهزمهم جيش الشام، واستطاع صلاح الدين أسر أحد قادة الجيش الصليبي عندما هاجم جناحه، وهو صاحب قيسارية.[19]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._folio_340.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
معركة الإسكندرية.


بعد هذا الانتصار، توجه أسد الدين إلى مدينة الإسكندرية المعروفة بكرهها لشاور، وفتحت له أبوابها.[18][20] سرعان ما أعاد عموري الأول ملك بيت المقدس، وشاور ترتيب الجيش، وعلى الرغم من الخسائر الكبيرة التي لحقت بهما فكان لا يزال جيشهما أكثر عددًا من جيش أسد الدين،[20] وضربوا حصارًا قاسيًا على الإسكندرية. بدأت ملامح المجاعة تلوح في الأفق فقرر أسد الدين التسلل مع حامية إلى خارج الإسكندرية واستخلف صلاح الدين عليها،[21] متوجهًا إلى مصر العليا أملاً بأن تلحق به جيوش عموري إلا أن شاور أشار بأهمية الإسكندرية،[22] ليستمر الحصار عليها. ترى المصادر الصليبية أن أسد الدين تسلل من الإسكندرية لما ساءت الأمور فيها، وأنه أرسل في التفاوض على أن يخرج كلا الجيشين من مصر، وعلى ألا يعاقب أهالي الإسكندرية للدعم الذي قدموه.[22][23] كان من أهم أسباب موافقة عموري على هذه الصفقة إغارة نور الدين زنكي على إمارة طرابلس، مما أدى إلى خوف عموري الأول على أراضيه في الشام.[24] في حين ترى المصادر العربية أن أسد الدين افترق عن صلاح الدين مباشرة بعد الدخول إلى الإسكندرية، وراح يغير على صعيد مصر. حين اشتد الحصار على الإسكندرية تحرك نحوها، فلقفه الصليبيون في الصلح ووافق على ذلك على أن يخرج جيشا الفرنجة والشام من مصر.[18][25] ليخرج جيش الشام من مصر في 29 شوال سنة 562 هـ، الموافق فيه 18 أغسطس سنة 1167م.[22]
عاد أسد الدين من دمشق إلى مصر مرة ثالثة، وكان سبب ذلك أن الإفرنج جمعوا فارسهم وراجلهم وخرجوا يريدون مصر نظرًا لتخلف شاور عن دفع الإتاوة إلى الحامية الصليبية الموجودة في مصر، إضافة إلى وجود شائعات تفيد بأن الكامل بن شاور تقدم للزواج من أخت صلاح الدين.[26] فلما بلغ ذلك أسد الدين ونور الدين في الشام لم يسعهما الصبر فسارعا إلى مصر، أما نور الدين فبالمال والجيش ولم يمكنه المسير بنفسه للتصدي لأي محاولة من قبل الإفرنج، وأما أسد الدين فبنفسه وماله وإخوته وأهله ورجاله، وسار الجيش. وكان شاور لما أحس بخروج الإفرنج إلى مصر، سيّر إلى أسد الدين في دمشق يستصرخه ويستنجده فخرج مسرعًا وكان وصوله إلى مصر في شهر ربيع الأول سنة 564هـ، ولما علم الملك عموري الأول بوصول أسد الدين على رأس الجيش من دمشق إلى مصر قرر مباغتته عند السويس، لكن أسد الدين أدرك ذلك فاتجه نحو الجنوب متجاوزًا الصليبيين. فما كان من عموري إلا الجلاء عن أرض مصر في 2 يناير سنة 1169م، ليدخل أسد الدين القاهرة في 7 ربيع الآخر سنة 564 هـ، الموافق فيه 8 يناير سنة 1169م، وأقام أسد الدين بها يتردد إليه شاور في الأحيان وكان وعدهم بمال في مقابل ما خسروه من النفقة فلم يوصل إليهم شيئا، وعلم أسد الدين أن شاور يلعب به تارة وبالإفرنج أخرى، وتحقق أنه لا سبيل إلى الاستيلاء على البلاد مع بقاء شاور فأجمع رأيه على القبض عليه إذا خرج إليه، وفي 17 ربيع الآخر، الموافق فيه 18 يناير، ألقي القبض على شاور وأصدر الخليفة الفاطمي، العاضد لدين الله، أمرًا بقتله وعيّن أسد الدين كوزير.[26][27]

نومـا 02-17-2012 01:34 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
تأسيس الدولة في مصر
https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._app_kdict.png طالع أيضا :أيوبيون
[عدل] تولّي الوزارة وإسقاط الدولة الفاطمية

كانت مصر قبل قدوم صلاح الدين مقر الدولة الفاطمية، ولم يكن للخليفة الفاطمي بحلول ذلك الوقت سوى الدعاء على المنابر، وكانت الأمور كلها بيد الوزراء، وكان وزير الدولة هو صاحب الأمر والنهي،[28] لذا أصبح أسد الدين شيركوه هو الرجل الأول في البلاد، ودام على هذا الحال وصلاح الدين يُباشر الأمور مقررًا لها لمكان كفايته ودرايته وحسن رأيه وسياسته طيلة شهران من الزمان،[29] عندما توفي أسد الدين، فأسند الخليفة الفاطمي الوزارة لصلاح الدين.[27][30] يذكر المؤرخون، وفي مقدمتهم عماد الدين الأصفهاني، أنه بعد وفاة شيركوه وانقضاء مدة الحداد، طالب الزنكيون، أمراء دمشق، طالبوا الخليفة الفاطمي بل ضغطوا عليه حتى يجعل صلاح الدين وزيرًا له، وقد قبل الخليفة ذلك على الرغم من المنافسة الحادة التي كانت الدويلات الإسلامية تشهدها في تلك الفترة من الزمن، للسيطرة على الأراضي العربية، لشدة ضعف الدولة الفاطمية وقوّة الزنكيين وشعبيتهم، وشعبية صلاح الدين نفسه بين الناس وأمراء الشام، بعد ما أظهره من حسن القيادة والتدبير في المعارك.[31] على الرغم من هذا التأييد، لم يمرّ تولّي صلاح الدين وزارة مصر بسلام، فقد تعرّض بعد بضعة أشهر من توليه لمحاولة اغتيال من قبل بعض الجنود والأمراء الفاطميين، وتبيّن أن المحرّض الرئيسي على هذا كان مؤتمن الخليفة وكان خصيًا بقصر العاضد لدين الله، وكان هذا الخصي يتطلع إلى الحكم فيه والتقدم على من يحويه[27] فقُبض عليه وأًعدم، فحاك أرباب المصالح مؤامرة أخرى، حيث حقنوا 50,000 جندي من فوج الزنوج بالحقد والكره، وثاروا حميّةً على الوزير الجديد في القاهرة، لكنه استطاع أن يقمعهم ويكسر شوكتهم، وكانت تلك آخر انتفاضة ضد صلاح الدين تقع في المدينة.[27][32]
بعد سقوط مصر في أيدي الزنكيين، أرسل الملك عموري رسله لإرسال حملة صليبية جديدة شارحًا خطورة الأمر والتغير في ميزان القوى في المنطقة، فاستجاب البابا إسكندر الثالث وبعث رسائل إلى ملوك أوروبا، لكنها لم تجد أذنًا صاغية.[33] في حين نجح الرسول المرسل إلى القسطنطينية بسبب إدراك الإمبراطور مانويل كومنينوس اختلال توازن القوى في المنطقة. فعرض تعاون الأسطول الإمبراطوري مع حملة عموري الأول، الذي وجد الفرصة مناسبة بسبب انشغال الملك نور الدين زنكي في مشاكله الداخلية، إضافة إلى وفاة أسد الدين شيركوه وتعيين صلاح الدين خلفًا له والذي كان الملك عموري يراه شخصًا غير المحنك.[34]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...ng_Damiate.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
حصار دمياط من قبل الأسطول الصليبي والبيزنطي.



استعد صلاح الدين بشكل جيد، فقد استطاع التخلص من حرس قصر الخليفة العاضد لدين الله واستبداله بحرس موالين له.[35] وكان ذلك لتأخر الحملة الصليبية ثلاث أشهر منذ انطلاقها في 13 شوال سنة 564هـ، الموافق فيه 10 يوليو سنة 1169م، بسبب عدم حماسة الأمراء والبارونات الصليبيبن للمعركة بعد المعارك الأخيرة التي هُزموا فيها،[34] استهل الصليبيون حملتهم بحصار مدينة دمياط في 1 صفر سنة 565 هـ، الموافق فيه 25 أكتوبر سنة 1169م، فأرسل صلاح الدين قواته بقيادة شهاب الدين محمود وابن أخيه تقي الدين عمر، وأرسل إلى نور الدين زنكي يشكو ما هم فيه من المخافة ويقول: «إن تأخرت عن دمياط ملكها الإفرنج، وإن سرت إليها خلفني المصريون في أهلها بالشر، وخرجوا من طاعتي، وساروا في أثري، والفرنج أمامي؛ فلا يبقى لنا باقية»،[36] وقال نور الدين في ذلك: «إني لأستحي من الله تعالى أن أبتسم والمسلمون محاصرون بالفرنج».[37] فسار نور الدين إلى الإمارات الصليبية في بلاد الشام وقام بشن الغارات على حصون الصليبيبن ليخفف الضغط عن مصر.[38] وقامت حامية دمياط بدور أساسي في الدفاع عن المدينة وألقت سلسلة ضخمة عبر النهر، منعت وصول سفن الروم إليها، وهطلت أمطار غزيرة حولت المعسكر الصليبي إلى مستنقع فتهيؤا للعودة وغادروا دمياط بعد حصار دام خمسين يومًا، بعد أن أحرقوا جميع أدوات الحصار. وعندما أبحر الأسطول البيزنطي، هبت عاصفة عنيفة، لم يتمكن البحارة - الذين كادوا أن يهلكوا جوعًا - من السيطرة على سفنهم فغرق معظمهم.[39]
لاحق صلاح الدين وجيشه فلول الجيش الصليبي المنسحب شمالاً حتى اشتبك معهم في مدينة دير البلح سنة 1170م،[40] فخرج الملك عموري الأول وحاميته من فرسان الهيكل من مدينة غزة لقتال صلاح الدين، لكن الأخير استطاع تفادي الجيش الصليبي وحوّل مسيرته إلى غزة نفسها حيث دمّر البلدة التي بناها الصليبيون خارج أسوار المدينة.[41] تفيد بعض الوثائق أنه خلال هذه الفترة، قام صلاح الدين بفتح قلعة إيلات التي بناها الصليبيون على جزيرة صغيرة في خليج العقبة في 10 ربيع الآخر 566 هـ،[42] على الرغم من أنها لم تمثل تهديدًا للبحرية الإسلامية، إلا أن فرسانها كانوا يتعرضون في بعض الأحيان للسفن والقوارب التجارية الصغيرة.[40]
بعد هذا الانتصار، ثبّت الزنكيون أقدامهم في مصر، وأصبح من الواضح أن الدولة الفاطمية تلفظ أنفاسها الأخيرة، فأرسل نور الدين إلى صلاح الدين طالبًا إياه بإيقاف الدعاء إلى الخليفة الفاطمي والدعاء إلى الخليفة العباسي في مساجد مصر. لم يرغب صلاح الدين من الامتثال لهذا الأمر خوفًا من النفوذ الشيعي في مصر، وأخذ يراوغ في تأخير الأمر، إلا أن نور الدين هدد صلاح الدين بالحضور شخصيًا إلى القاهرة. فاتخذ صلاح الدين الإجراءات الشرطية اللازمة، لكن لم يتجرأ أحد على القيام بذلك، إلى أن جاء شيخ سني من الموصل زائر وقام في المسجد الأزهر وخطب للخليفة العباسي المستضيء بأمر الله في أول جمعة من سنة 567 هـ، الموافق في شهر سبتمبر من سنة 1171م، لتحذو القاهرة كلها حذوه، في الوقت الذي كان فيه العاضد لدين الله على فراش الموت مريضًا،[43] ولم يلبث العاضد طويلاً حتى فارق الحياة، فأصبح صلاح الدين الدين الحاكم الفعلي في مصر، ليس لأحدٍ فيها كلمة سواه، ونقل أسرته ووالده نجم الدين إليها ليكونوا له أعوانًا مخلصين، وبهذا زالت الدولة الفاطمية تمامًا بعد أن استمرت 262 سنة.[44]
[عدل] سلطان مصر

https://upload.wikimedia.org/wikipedi...ar_%288%29.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
الجامع الأزهر، أسسه الفاطميون كمدرسة لنشر الدعوة الإسماعيلية وحوله صلاح الدين الأيوبي إلى مدرسة للسنّة بعد توليه مصر عام 1171م، وقضاءه على الدولة الفاطمية والنفوذ الشيعي في البلاد.


أخذ صلاح الدين يقوّي مركزه في مصر بعد زوال الدولة الفاطمية، ويسعى من أجل الاستقلال بها، فعمل على كسب محبة المصريين، وأسند مناصب الدولة إلى أنصاره وأقربائه،[44] وعزل قضاة الشيعة واستبدلهم بقضاة شافعيون،[42] وألغى مجالس الدعوة وأزال أصول المذهب الشيعي الإسماعيلي.[45] ثم أبطل الأذان بحي على خير العمل محمد وعلي خير البشر،[45] وأمر في يوم الجمعة العاشر من ذي الحجة سنة 565هـ، الموافقة سنة 1169م، بأن يذكر في خطبة الجمعة الخلفاء الراشدون جميعًا: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب،[46] كما أسس مدرستين كبيرتين في الفسطاط هما المدرسة الناصرية، والمدرسة الكاملية حتى يُثبّت مذهب أهل السنة في البلاد، وكانت هاتان المدرستان تُلقنا علوم الشريعة وفق المذهبين المالكي والشافعي.[47]
وتخوّف نور الدين زنكي من تزايد قوة تابعه صلاح الدين، وكانت العلاقة بينهما على فتور أصلاً منذ أن تولّى صلاح الدين الحكم في مصر. بدأ هذا التوتر في العلاقة يظهر عندما تأخر صلاح الدين في الخطبة للخليفة العباسي في بغداد، حتى هدده نور الدين بالمسير إليه، وظهر أيضًا عندما أرسل صلاح الدين يطلب من نور الدين أن يرسل إليه إخوته فلم يجبه إلى ذلك وقال: "أخاف أن يخالف أحد منهم عليك فتفسد البلاد".[6] وازداد الخلاف بينهما في سنة 567 هـ، الموافقة سنة 1172م، حتى أصبح وحشةً، وذلك عندما اتفقا على حصار قلعتيّ الكرك ومدينة الشوبك في صحراء الأردن، ورجع صلاح الدين إلى مصر، قبل أن يلتقي بنور الدين،[48] خوفًا من أن يعزله الأخير عن مصر، وأن تؤدي السيطرة على القلعتين إلى فتح الطريق أمام نور الدين إلى القاهرة، فانسحب صلاح الدين متذرعًا بالأوضاع الخطيرة في مصر، فعظم الأمر على نور الدين، حتى قرر المسير إلى مصر. لما علم صلاح الدين بذلك جمع مقربيه وشاورهم بالأمر فمنهم من نصح بمقاتلة نور الدين إلا أن والده وخاله منعوه من ذلك وطالبه والده بإرسال رسائل الاعتذار والتبرير لنور الدين،[49][50] لكن نور الدين لم يقتنع بأي من تلك التبريرات، وعزم على تسيير حملة إلى مصر لخلع صلاح الدين في أقرب فرصة متاحة.[51]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...RexAegypti.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
رسم "صلاح الدين ملك مصر"، من مخطوطة كتابية تعود للقرن الخامس عشر.


وفي صيف سنة 1172م، وردت أنباء تفيد بأن جيشًا من النوبيين ترافقه عناصر أرمنيّة قد بلغ حدود مصر ويُحضّر لحصار أسوان، فطلب أميرها المعونة العسكرية من صلاح الدين، فأرسل إليه تعزيزات بقيادة شقيقه الأكبر، توران شاه، أرغمت النوبيين على الانسحاب. عاد الجيش النوبي إلى مصر في سنة 1173م، لكنه رُدّ على أعقابه في هذه المرة أيضًا، بل تعقبه الجيش الأيوبي حتى بلاد النوبة، وفتح بلدة قصر إبريم.[52] وفي ذلك الوقت، كان نور الدين زنكي لم يتخذ أي خطوة عسكرية تجاه صلاح الدين بعد، لكنه طالبه بإعادة مبلغ 200,000 دينار كان نور الدين قد خصصه لتمويل حملة أسد الدين شيركوه التي نجحت في فتح البلاد والقضاء على النفوذ الصليبي والفاطمي فيها، فدفع صلاح الدين 60,000 دينار، وأرفقها بحمل من أفضل البضائع وبعض الجواهر، إضافة لحصان عربي أصيل، وفيل، واعتبر ذلك وفاءً للدين. استغل صلاح الدين فرصة مروره في الأراضي الشامية الصليبية لتوصيل الأموال والهدايا إلى دمشق، وأغار على بعض معاقل البدو في الصحراء ليحرم الصليبيين من فرصة الاستعانة بمتقفي الأثر أو أدلاء محليين يرشدونهم في حال قرروا مهاجمة مصر أو الأراضي الإسلامية المجاورة لهم،[53] وجرى بينه وبين الإفرنج عدّة وقعات. وفي أثناء وجود صلاح الدين في الشام، أصيب والده نجم الدين أيوب بحادث أثناء امتطائه جواده، وتوفي في 27 ذي الحجة 568 هـ،[52] بعد أيام قليلة قبل وصول صلاح الدين إلى مصر.[54] وفي سنة 1174م، الموافقة سنة 569هـ، بلغ صلاح الدين أن رجلاً باليمن استولى عليها، وملك حصونها يسمى عبد النبي بن مهدي، ولمّا تبيّن له قوّة جيشه وكثرة جنوده، سيّر صلاح الدين أخاه شمس الدولة توران شاه إلى اليمن، فقتل ابن مهدي، وأخذ البلاد منه،[55] عندئذ أعلنت الحجاز انضمامها إلى مصر أيضًا.[44]
أخذ نور الدين زنكي يجمع جيشًا ضخمًا في ربيع سنة 1174م، في محاولة لخلع صلاح الدين في مصر على ما يبدو، فأرسل رسلاً إلى الموصل وديار بكر والجزيرة الفراتية يحثون الرجال ويدعونهم للجهاد، غير أن تلك الحملة لم يُكتب لها أن تتم، إذ وقع نور الدين في أوائل شوال من سنة 569 هـ، الموافقة في شهر مايو من سنة 1174م بالذبحة الصدرية وبقي على فراش المرض أحد عشر يوما ليتوفى في 11 شوال سنة 569 هـ، الموافق فيه 15 مايو سنة 1174م، وهو في التاسعة والخمسين من عمره،[56] وبوفاة نور الدين، استحال صلاح الدين سيد مصر الأوحد بشكل فعليّ، حيث استقل عن كل تبعية سياسية، ويُقال أنه أقسم آنذاك أن يُصبح سيفًا مسلولاً على أعدائه وأعداء الإسلام،[57] وأصبح هو رأس أقوى سلالة حاكمة إسلامية في ذلك العهد، هي السلالة الأيوبية، لذا جرت عادة المؤرخين على تسمية المناطق التي خضعت لسلطانه وسلطان تابعيه بالدولة الأيوبية.

نومـا 02-17-2012 01:34 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
ضم الشام
[عدل] فتح دمشق

https://upload.wikimedia.org/wikipedi...-Damaskus4.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
قلعة دمشق، دخلها صلاح الدين بعد 4 أيام من وصوله المدينة، بعد أن استنجد به أهلها وأميرها لإنقاذهم من أمير حلب.


كان نور الدين زنكي قد استخلف ولده الملك الصالح إسماعيل ذي الأحد عشر ربيعًا، أميرًا على دمشق، وبعد أن توفي نور الدين كان أمام صلاح الدين خياران أحلاهما مرّ:[57] إما أن يُهاجم الممالك الصليبية من مصر ويتركها مفتوحة وعرضة لهجمات بحرية أوروبية وبيزنطية، أو أن ينتظر حتى يستنجد به الملك الصالح خصوصًا وأنه ما زال صبيًا لا يستقل بالأمر ولا ينهض بأعباء الملك، كذلك كان أمام صلاح الدين خيار حاسم، وهو أن يدخل دمشق ويسيطر عليها ويتولى شؤون البلاد بنفسه، ويُحضرها لقتال الصليبيين، غير أنه تردد في إتيان الخيار الأخير، بما أنه قد يُنظر إليه حينها أنه قد شق عصا الطاعة ونكر المعروف والاحترام المتبادل والثقة التي منحه إياها نور الدين زنكي عندما ولاّه قيادة الجيوش بعد وفاة أسد الدين شيركوه، وساعده على تمكين منصبه في مصر، وعندها قد لا ينظر إليه الجنود والناس أنه جدير بقيادة جيش المسلمين. لذا فضّل صلاح الدين انتظار دعوة من الملك الصالح، أو أن ينذره بنفسه من احتمال تصاعد الخطر الصليبي على دمشق.[58]
واختلفت الأحوال بالشام، فنُقل الصالح إسماعيل إلى حلب وعُين سعد الدولة كمشتكين، أمير المدينة وكبير قدامى الجنود الزنكيين، وصيًا عليه حتى يبلغ أشدّه، وسرعان ما طمع كمشتكين بتوسيع رقعة نفوذه حتى تشمل باقي مدن الشام الداخلية والجزيرة الفراتية، وقرر فتح دمشق، فراسل أمير المدينة، شمس الدين بن المقدم سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود أمير الموصل وابن عم الملك الصالح إسماعيل، طالبًا منه التدخل للمساعدة، لكنه رفض، فكاتب شمس الدين بن المقدم صلاح الدين،[59][60] فتجهز من مصر في جيش كثيف وترك بها من يحفظها وقصد دمشق مظهرًا أنه يتولى مصالح الملك الصالح. تكوّن جيش صلاح الدين من 700 خيّال، عبر بهم الكرك وصولاً إلى بصرى، وفي أثناء الطريق انضمت إلى الجيش جموع من الكرد والعرب من أمراء وأحرار وبدو "سماهم في وجوههم" كما ورد على لسان صلاح الدين.[61] دخل الجيش دمشق في شهر ربيع الأول من عام 570هـ، الموافق فيه شهر نوفمبر من سنة 1174م، وأول ما دخل صلاح الدين كان دار أبيه وهي الدار المعروفة بالشريف العقيقي، واجتمع الناس إليه وفرحوا به وأنفق في ذلك اليوم مالاً جليلاً وأظهر السرور بالدمشقيين، وصعد القلعة وتسلمها من نائب القلعة الطواشي جمال الدين ريحان بعد 4 أيام من وصوله.[59]
[عدل] فتوحات الشام الداخلية

https://upload.wikimedia.org/wikipedi...de_Saladin.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
رسم إفرنجي من سنة 1337م يُظهر الجيش الأيوبي.


استناب صلاح الدين أخاه سيف الإسلام طغتكين على دمشق قبل انطلاقه لضم باقي مدن الشام الداخلية التي استحالت مستقلة عن أي تبعيّة بحكم الأمر الواقع بعد وفاة نور الدين زنكي، فغنم حماة بسهولة، وعدل عن حصار مدينة حمص لمناعة أسوارها،[62] ثم حوّل أنظاره نحو حلب وهاجمها بعد أن رفض أميرها "كمشتكين" الخضوع،[63] وخرج الصالح إسماعيل إلى الناس وجعل يُخاطبهم ويحثهم ألاّ يسلموا المدينة إلى جيش غاز، وقد قال أحد المؤرخين الأيوبيين أن كلمات الصالح إسماعيل أمام الناس كانت "كأثر سحر ساحر" على السكان.[64]
راسل كمشتكين شيخ الحشاشين المدعو رشيد الدين سنان، الذي كان على خلاف مع صلاح الدين ويمقته مقتًا شديدًا بعد أن أسقط الدولة الفاطمية، واتفق معه على أن يقتل صلاح الدين في قلب معسكره،[65] فأرسل كتيبة مكونة من ثلاثة عشر حشاشًا استطاعت التغلغل في المعسكر والتوجه نحو خيمة صلاح الدين، إلا أن أمرهم انفضح قبل أن يشرعوا بالهجوم، فقُتل أحدهم على يد أحد القادة، وصُرع الباقون أثناء محاولتهم الهرب.[64][66]
وفي أثناء ذلك، تحرّك ريموند الثالث صاحب طرابلس لمهاجمة حمص، وحشد جيشه بالقرب من النهر الكبير الجنوبي، على الحدود اللبنانية السورية الشمالية حاليًا، لكنه سرعان ما تراجع عن تحقيق هدفه، لمّا بلغه أن صلاح الدين قد أرسل فرقة عسكرية كبيرة مجهزة بالعتاد اللازم لتنضم إلى حامية المدينة.[60][67] وفي غضون هذا الوقت كان أعداء صلاح الدين في الشام والجزيرة الفراتية يطلقون حملات مضادة له ويهجونه كلّما سنحت الفرصة، فقالوا أنه نسي أصله، فهو ليس سوى خادم للملك العادل نور الدين زنكي، بل خادم ناكر للمعروف لا يؤتمن على شيء، خان سيده ومولاه ونفى ولده من بلاد أبيه إلى بلاد أخرى، وجعل يُحاصرها بعد ذلك. فردّ صلاح الدين على تلك الحملات الشرسة قائلاً أنه لم يُحاصر حلب ولم يحضر إلى الشام منذ البداية إلا لحماية دار الإسلام والمسلمين من الجيوش الصليبية، وليستعيد ما سُلب من الأراضي المقدسة، وإن هذه مهمة لا يمكن أن يتولاها صبي لم يبلغ أشدّه بعد، ويسهل التلاعب به من قبل أصحاب النفوس الخبيثة. وليُطمئن الناس أكثر، سار صلاح الدين على رأس جيشه إلى حماة ليُقاتل فرقة صليبية أُرسلت لفتح المدينة، إلا أن الصليبيين انسحبوا قبل اللقاء بعد أن بلغهم حجم الجيش الأيوبي،[67] فدخل صلاح الدين المدينة بسهولة، وتسلّم قلعتها في شهر مارس من سنة 1175م، بعد مقاومة عنيفة من حاميتها.[68]
بعد هذه الأحداث، علم سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكي صاحب الموصل أن صلاح الدين قد استفحل أمره وعظم شأنه، وخاف إن غفل عنه استحوذ على البلاد واستقرت قدمه في الملك وتعدى الأمر إليه، فأنفذ عسكرًا وافرًا وجيشًا عظيمًا وقدّم عليه أخاه عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود وساروا يريدون لقاءه ليردوه عن البلاد،[6] فلما بلغ صلاح الدين ذلك فك الحصار عن حلب في مستهل رجب من السنة عائدًا إلى حماة استعدادًا للقائهم. وعندما وصل عز الدين مسعود إلى حلب، إنضم إلى جيشه عسكر ابن عمه الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين، وخرجوا في جمع عظيم، فلما عرف صلاح الدين بمسيرهم سار حتى وافاهم على قرون حماة وراسلهم وراسلوه واجتهد أن يصالحوه فما صالحوه، ورأوا أن ضرب المصاف معه ربما نالوا به غرضهم،[6] والتقى الجمعان عند قرون حماة بقرب نهر العاصي، ووقعت بينهما معركة عظيمة هزم فيها الزنكيون على يد صلاح الدين، وأُسرت جماعة منهم، وذلك في التاسع عشر من شهر رمضان من سنة 570 هـ،[60] الموافقة في 23 أبريل من سنة 1175 م، ثم سار صلاح الدين عقيب انتصاره ونزل على حلب مرة أخرى، فصالحه الزنكيون على أخذ معرة النعمان وكفر طاب وبارين.[69]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...am_Saladin.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
نقش لصلاح الدين على درهم يعود لقرابة سنة 1190م.


أعلن صلاح الدين نفسه ملكًا على البلاد التي افتتحها بعد انتصاره على الزنكيين، وخطب له أئمة المساجد يوم الجمعة باسم "الملك الناصر"، وضُربت الدنانير الذهبية في القاهرة باسمه، وعضّد مُلكه بالزواج من أرملة نور الدين زنكي المدعوة عصمة الدين خاتون. وسرعان ما أصبحت سيادة صلاح الدين على البلاد سيادة مشروعة عندما أسند الخليفة العباسي في بغداد إليه السلطة على مصر والمغرب الأدنى والنوبة وغربي شبه الجزيرة العربية وفلسطين وسوريا الوسطى،[44] وخلع عليه لقب "سلطان مصر والشام".[70]
استمرت الحرب بين الأيوبيين والزنكيين على الرغم من انتصار صلاح الدين في حماة، وحدثت الموقعة الأخيرة بينهما في صيف سنة 1176م. كان صلاح الدين قد أحضر جيوشه من مصر استعدادًا للقاء الحاسم، وقام سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بتجنيد الرجال في المناطق التي ما زال يسيطر عليها، في ديار بكر وقرى وبلدات الجزيرة الفراتية.[71] عبر الأيوبيون نهر العاصي متجهين شمالاً حتى وصلوا تل السلطان على بعد 24 كيلومترًا (15 ميلاً) من حلب، حيث قابلوا الجيش الزنكي، فاشتبك الجيشان في معركة ضارية، واستطاع الزنكيون دحر ميسرة الجيش الأيوبي، فاندفع صلاح الدين بنفسه تجاه حرّاس سيف الدين غازي وأعمل فيهم السيف، فتشجع الأيوبيون واندفعوا يمزقون صفوف الجيش الزنكي، فذُعر الزنكيون وأخذوا يتقهقرون تاركين في ساحة المعركة الكثير من القتلى،[72] كاد سيف الدين أن يكون من ضمنهم. قُتل في المعركة العديد من ضبّاط الجيش الزنكي وأُسر بعضهم الآخر، وغنم الأيوبيون معسكر الزنكيين بما فيه من خيام وأمتعة وخيول وأسلحة، وعامل صلاح الدين الأسرى معاملة كريمة، فمنحهم هدايا وأطلق سراحهم، ثم وزّع غنائم المعركة كلها على جنوده، ولم يحتفظ بشيء لنفسه.[73]
سار صلاح الدين بعد انتصاره ليعاود حصار مدينة حلب، وفي أثناء سيره فتح الجيش الأيوبي حصن بزاعة وحصن منبج،[74] ومن ثم توجّه غربًا لإخضاع حصن أعزاز، وعندما ضرب الجيش الحصار على الحصن، اقتحم بعض الحشاشين المندسين المعسكر واستطاع أحدهم الوصول إلى خيمة صلاح الدين وضربه بسكين على رأسه، فحمته الخوذة غير أن السكين مرت على خده وجرحته جرحًا هينًا، واستطاع إمساك الحشاش، فصارعه الأخير أرضًا وحاول نحره، لكن صلاح الدين تمكن منه، وأعانه عليه وعلى رفاقه الجنود الأيوبيون وأقاربه وقتلوهم جميعًا.[72] كان لمحاولة الاغتيال هذه أثر كبير على صلاح الدين، فقد عزم على القضاء على كمشتكين أمير حلب،[75] الذي سبق وتواطأ مع الحشاشين لقتل صلاح الدين، وأصبح شديد الحذر لا يُقابل إلا من يعرفه. يقول أبو شامة المقدسي في كتابه الروضتين في أخبار الدولتين:

https://upload.wikimedia.org/wikipedi...px-Cquote2.pngلمّا فتح السلطان حصن بزاعة ومنبج أيقن من هم تحت سلطتهم بخروج ما في أيديهم من المعاقل، والقلاع ونصبوا الحبائل للسلطان. فكاتبوا سنانًا صاحب الحشيشية مرة ثانية، ورغبوه بالأموال والمواعيد، وحملوه على البتاع فأرسل، لعنه الله، جماعة من أصحابه فجاءوا بزي الأجناد، ودخلوا بين المقاتلة وباشروا الحرب وأبلوا فيها أحسن البلاء، وامتزجوا بأصحاب السلطان لعلهم يجدون فرصة ينتهزونها. فبينما السلطان يومًا جالس في خيمة، والحرب قائمة والسلطان مشغول بالنظر إلى القتال، إذ وثب عليه أحد الحشيشية وضربه بسكينة على رأسه، وكان محترزًا خائفًا من الحشيشية، لا يترع الزردية عن بدنه ولا صفائح الحديد عن رأسه؛ فلم تصنع ضربة الحشيشي شيئا لمكان صفائح الحديد وأحس الحشيشي بصفائح الحديد على رأس السلطان فسبح يده بالسكينة إلى خد السلطان فجرحه وجرى الدم على وجهه؛ فتتعتع السلطان بذلك. ولما رأى الحشيشي ذلك هجم على السلطان وجذب رأسه، ووضعه على الأرض وركبه لينحره؛ وكان من حول السلطان قد أدركهم دهشة أخذت عقولهم. وحضر في ذلك الوقت سيف الدين يازكوج، وقيل إنه كان حاضرًا، فاخترط سيف وضرب الحشيشي فقتله. وجاء آخر من الحشيشية أيضا يقصد السلطان، فاعترضه الأمير داود بن منكلان الكردي وضربه بالسيف، وسبق الحشيشي إلى ابن منكلان فجرحه في جبهته، وقتله ابن منكلان، ومات ابن منكلان من ضربة الحشيشي بعد أيام. وجاء آخر من الباطنية فحصل في سهم الأمير علي بن أبي الفوارس فهجم على الباطني، ودخل الباطني فيه ليضربه فأخذه علي تحت إبطه، وبقيت يد الباطني من ورائه لا يتمكن من ضربه، فصاح علي: "اقتلوه واقتلوني معه"، فجاء ناصر الدين محمد بن شيركوه فطعن بطن الباطني بسيفه، وما زال يخضخضه فيه حتى سقط ميتًا ونجا ابن أبي الفوارس. وخرج آخر من الحشيشية منهزمًا، فلقيه الأثير شهاب الدين محمود، خال السلطان فتنكب الباطني عن طريق شهاب الدين فقصده أصحابه وقطعوه بالسيوف.
وأما السلطان فإنه ركب من وقته إلى سرادقه ودمه على خده سائل، وأخذ من ذلك الوقت في الاحتراس والاحتراز، وضرب حول سرادقه مثال الخركاه، ونصب له في وسط سرادقه برجًا من الخشب كان يجلس فيه وينام، ولا يدخل عليه إلا من يعرفه، وبطلت الحرب في ذلك اليوم، وخاف الناس على السلطان. واضطرب العسكر وخاف الناس بعضهم من بعض، فألجأت إلى ركوب السلطان ليشاهده الناس، فركب حتى سكن العسكر.[76]

https://upload.wikimedia.org/wikipedi...px-Cquote1.png
بعد أن تمّ النصر وافتتح حصن أعزاز في ذي الحجة من سنة 571 هـ، حوّل صلاح الدين أنظاره ناحية حلب وضرب الحصار عليها كي يقتصّ من الأمير كمشتكين، فقاومته الحامية مقاومة شديدة مرة أخرى، ففشل في اقتحام المدينة، غير أنه تمكن من فرض هدنة على كمشتكين والملك الصالح إسماعيل وأبرم حلفًا معهما،[74] وجاء في نص الهدنة أن يحتفظ الزنكيون بمدينة حلب مقابل اعترافهم بسلطان صلاح الدين على كامل الأراضي التي أخضعها، وسرعان ما اعترف أمراء ماردين وجوارها بسيادة صلاح الدين وبملكه على الشام. وعندما انتهت الهدنة أرسل الملك الصالح شقيقته الصغرى الخاتون بنت نور الدين إلى صلاح الدين مطالبة إياه بإعادة حصن أعزاز إلى الزنكيين، فاستجاب لطلبها ورافقها بنفسه حتى بوابة حلب محملة بهدايا كثيرة.[75]
[عدل] الحملة على الحشاشين

https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._app_kdict.png طالع أيضا :الحشاشون
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...amtansicht.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
قلعة مصياف، إحدى معاقل الحشاشين، حاصرها صلاح الدين خلال شهر أغسطس من عام 1176م وارتد عنها خائبًا.


بعد أن تحالف صلاح الدين مع الزنكيين وأبرم معاهدة سلام مع مملكة بيت المقدس، لم يبق له من خطر يهدد دولته إلا طائفة الحشاشين بقيادة شيخ الجبل رشيد الدين سنان بن سليمان بن محمود، كانت هذه الطائفة تتبع طريقة الاغتيال المنظم للتخلص من أعدائها ومنافسيها. وكان الحشاشون يمتنعون في سلسلة من القلاع والحصون في عدد من المواقع المشرفة الشاهقة في جبال النصيرية‎، ولمّا عزم صلاح الدين على إبادة طائفتهم وكسر شوكتهم، أرسل بعض الفرق العسكرية إلى جبالهم، وأعاد ما تبقى من جنود إلى مصر، وتولّى صلاح الدين قيادة الجيش بنفسه، وضرب الحصار على جميع قلاع الحشاشين خلال شهر أغسطس من عام 1176م، لكنه لم يُفلح بفتح أي منها، ففك الحصار وانسحب بجيشه مدمرًا كل المعاقل غير الحصينة التابعة لتلك الطائفة أثناء سيره.[77] بينما ذكر ابن كثير وابن الأثير أن صلاح الدين حاصر حصنهم مصياف وقتل منهم وسبى ثم شفع فيهم خاله شهاب الدين محمود بن يكش، فقبل شفاعته فصالح الحشاشين، ثم كرّ راجعًا إلى دمشق.[78][79] غير أن بعض المخطوطات العائدة لرشيد الدين سنان نصّت على أن صلاح الدين انسحب خوفًا على حياته، وإنه كان ينثر الرماد وغبار الطبشور حول خيمته ليلاً عندما حاصر قلعة مصياف، ليعرف ما إذا كان الحشاشون يأتون ليلاً بالقرب منه، وجعل كل حارس من حرّاسه يحمل سراجًا مضيئًا.[80]
أما بالنسبة لرواية صلاح الدين نفسه، فقد قال فيها أن حرّاسه لاحظوا لمعان معدن على إحدى تلال مصياف ذات ليلة، ومن ثم اختفى بين خيم الجنود، وأفاد صلاح الدين أنه استيقظ من نومه ليرى شخصًا يخرج من الخيمة، وكانت المصابيح فيها قد بُعثرت وبقرب سريره عثر على كعك مرقق، وهي العلامة المميزة للحشاشين، وفي أعلى الخيمة وجد رسالة معلقة بخنجر مسموم كُتب فيها تهديد له إن لم يغادر الجبال فسوف يُقتل. عندئذ صاح صلاح الدين أن سنانًا كان في خيمته وغادرها، وقد جعلته هذه التجربة يُدرك عجزه قتال الحشاشين وإفنائهم بسرعة، فطلب من جنوده أن يراسلوهم كي يُبرم حلفًا معهم،[80] فيكون بهذا قد حقق انتصارًا آخر، ألا وهو حرمان الصليبيين من حليف مهم.[81]
[عدل] العودة إلى مصر والغزوات في فلسطين

https://upload.wikimedia.org/wikipedi...ll_cyark_2.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
إعادة تصميم لباب البرقيّة، إحدى بوّابات سور القاهرة القديم الذي أعاد صلاح الدين بناءه.


https://upload.wikimedia.org/wikipedi...8%B1%D8%AC.png https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
قلعة الجبل بالقاهرة الشهيرة باسم قلعة صلاح الدين.


انسحب صلاح الدين من جبال النصيرية بعد أن لم يتمكن من فتح قلاعها عائدًا إلى دمشق، ثم سرّح جنوده الشوام وجعلهم يعودون إلى منازلهم للراحة والاستعداد للحروب القادمة، ثم رحل عن المدينة برفقة حرّاسه فقط قاصدًا مصر، فوصل القاهرة بعد حوالي شهر. كان على صلاح الدين تنظيم كثير من الأمور في الديار المصرية بعد أن غاب عنها حوالي سنتين قضاها في معارك متواصلة في الشام، وفي مقدمة هذه الأمور تحصين القاهرة وإعادة بناء أقسامها المهدمة، فأقدم على إصلاح أسوارها وإمداد المزيد منها، كذلك شرع في بناء قلعة القاهرة سنة 573 هـ،[81] التي عُرفت فيما بعد بقلعة صلاح الدين والتي أشرف على بنائها بهاء الدين قراقوش،[82] وبئر يوسف البالغ من العمق 85 مترًا (280 قدمًا). ومن أعمال صلاح الدين الأخرى بناء جسر ضخم في الجيزة ليُشكل إحدى خطوط الدفاع الأوليّة ضد غزو مغربي محتمل.[83]
بقي صلاح الدين في القاهرة يُشرف على الأعمال العمرانية فيها، فبنى إلى جانب المباني العسكرية بضعة مدارس لنشر العلم، وتابع إدارة البلاد الداخلية بنفسه، واهتم بالمؤسسات الاجتماعية التي تساعد الناس وتخفف عنهم عناء الحياة، وتعهد بالإنفاق على الفقراء والغرباء الذين يلجؤون للمساجد للعيش فيها، وجعل من مسجد أحمد بن طولون في القاهرة مأوى للغرباء الذين يأتون إلى مصر من بلاد المغرب.[84] يقول ابن المقفع:

https://upload.wikimedia.org/wikipedi...px-Cquote2.pngإن الملك صلاح الدين عامل رعيته في بلاد مصر بخير يعجز الواصف عن وصفه وأرسى العدل وأحسن إلى المصريين وأزال مظالم كثيرة على الناس وأمر بإبطال الملاهي في بلاد مصر وأبطل كل منكر شرير وأقام حدود شريعة الإسلام. وكان يجلس للحكم بين الناس فينصف المظلوم من الظالم ويكون في مجلسه مجموعه من الفقهاء ومشاهير الدولة للنظر في القضايا بين الناس والعمل بما توجبه أحكام الشريعة والحق والعدل.[85]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...px-Cquote1.png
وفي شهر جمادى الآخر سنة 573 هـ، الموافق فيه نوفمبر من سنة 1177م، أغار الصليبيون على ضواحي دمشق، فاعتبر صلاح الدين أن الهدنة مع مملكة بيت المقدس قد نُقضت وانتهى أمرها، فجمع الرجال وسار إلى فلسطين ليُغير على بعض المواقع الصليبية، فما كان من الصليبيون إلا أن أرسلوا جزءً كبيرًا من جيشهم إلى مدينة حارم شمال حلب ليحولوا انتباه الأيوبيين إلى تلك الأنحاء، لكن صلاح الدين استمر بغزاته على بعض المواقع الثانوية في فلسطين بعد أن فرغت من الرجال الذين أرسلوا مع الجيش الصليبي شمالاً ثم توجّه إلى عسقلان،[83] التي قال أنها "عروس الشام"، بعد أن رأى أن الوضع مؤات لهكذا تحرّك. يقول المؤرخ الصليبي وليم الصوري أن الجيش الأيوبي تكوّن من 26,000 جندي، 8,000 منهم كانوا يشكلون النخبة، و 18,000 كانوا أرقاء زنوج من السودان. واصل صلاح الدين يغزو المواقع الصليبية الثانوية الواحد تلو الآخر، فهاجم الرملة واللد، وبلغ بوّابات القدس.[86]
[عدل] الحرب والهدنة مع بلدوين الرابع

https://upload.wikimedia.org/wikipedi...ntgisard_2.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
معركة تل الجزر، بريشة شارلز فيليپ لاريڤيير.


تحرّك ملك بيت المقدس الشاب بلدوين الرابع بن عموري "الأبرص"، أثناء وجود صلاح الدين على مشارف القدس، وسار بجمع من فرسان الهيكل من مدينة غزة ودخل عسقلان. ووصلت هذه الأنباء إلى صلاح الدين فعاد بقسم من جيشه إلى ضواحي المدينة، لكنه تردد في مهاجمة الصليبيين على الرغم من التفوق العددي للأيوبيين، وذلك لوجود عدد من القادة المهرة المخضرمين في صفوفهم، وكان لهذا التردد في الهجوم أثره الكبير، إذ قام الصليبيون تحت قيادة الملك بلدوين وأرناط آل شاتيون صاحب الكرك بهجوم مفاجئ بتاريخ 25 نوفمبر من سنة 1177م، وأخذوا الأيوبيين على حين غرّة وهزموهم في تل الجزر بالقرب من الرملة، وقد حاول صلاح الدين تنظيم صفوف الجيش وحشد الجنود مجددًا، لكنهم تشتتوا، وصُرع في المعركة جميع حرّاسه، فرأى الانسحاب إلى مصر وإنقاذ ما تبقى من العساكر[87][88]
إستعد صلاح الدين لمنازلة الصليبيين مجددًا بعد عودته إلى مصر، فجمع الجنود والعتاد اللازم، ولم تثبط عزيمته رغم الهزيمة التي لحقت به في فلسطين، بل زادته إصرارًا على القتال. وفي ربيع سنة 1178م، نزل الجيش الأيوبي بقرب حمص، وحصلت بضعة مناوشات بينه وبين الجيش الصليبي، وفي شهر ربيع الأول سنة 574هـ، الموافق فيه شهر أغسطس سنة 1178م، هاجمت فرق صليبية أخرى مدينة حماة والقرى المجاورة وقتلت بعض السكان، لكنها هُزمت على يد حامية المدينة وأُسر كثير من أفرادها، واقتيدوا إلى صلاح الدين الذي أمر بإعدامهم كونهم "عاثوا فسادًا في أرض المؤمنين".[89] أمضى صلاح الدين بقية العام في الشام دون أي يخوض معارك أخرى،[88] لكن الحال لم يدم طويلاً على هذا النحو، فقد وصلت صلاح الدين أنباء مقلقة من جواسيسه تقول بأن الصليبيين يخططون لشن حملة عسكرية على سوريا الوسطى، فأمر ابن أخيه عز الدين فروخ شاه بن شاهنشاه بن نجم الدين أيوب، بأن يقف على الجبهة الدمشقية ومعه ألف من الجنود استعدادًا لضبط أي هجوم، وألا يلتحم مع الصليبيين في قتال، وإن حصل وتقدموا إلى المدينة، فعليه الانسحاب وإضاءة المنارات المنصوبة على التلال المحيطة حتى يعلم صلاح الدين بمجيئهم فيُلاقيهم بنفسه. وفي شهر ذي القعدة سنة 574هـ، الموافق فيه شهر أبريل من عام 1179م، تقدم الصليبيون بقيادة الملك بلدوين نحو دمشق متوقعين مقاومة ضعيفة، وشرعوا في مهاجمة القرى والرعاة في مرتفعات الجولان، فتصدت لهم فرقة عسكرية أيوبية بقيادة فروخ شاه، ثم انسحبت من أمامهم، فتعقبوها حتى جنوب شرق القنيطرة حيث كان الجيش الأيوبي منتظرًا، فوقعت معركة كان النصر فيها لصالح الأيوبيين.[89] قام صلاح الدين بتعزيز قواته بعد هذا النصر، فطلب من أخاه الأصغر الملك العادل سيف الدين أبو بكر، أن يُرسل إليه 1,500 فارس من مصر لينضموا إلى الجيش في الشام.[90][91]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...eret-S-164.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
بقايا حصن مخاضة الأحزان الذي بناه بلدوين الرابع واستولى عليه صلاح الدين.


https://upload.wikimedia.org/wikipedi...attlefield.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
موقع معركة حصن يعقوب بين الأيوبيين والصليبيين.


بحلول صيف عام 1179م، كان بلدوين الرابع قد أقام حصنًا حدوديًا سماه المؤرخون المسلمون "حصن مخاضة الأحزان" على الطريق المؤدية إلى دمشق ليؤمنها، وعزم على بناء جسر فوق نهر الأردن هو "معبر يعقوب" (يُعرف اليوم باسم جسر بنات يعقوب) ليصل الأراضي الصليبية بسهل بانياس الذي يفصل بين الإمارات الصليبية والأراضي الإسلامية. اعترض صلاح الدين على هذا المشروع واعتبره عملاً عدوانيًا تجاه المسلمين، وعرض على بلدوين 100,000 قطعة ذهبية مقابل تخليه عن هذا المشروع، لكن الأخير رفض التسوية، فعزم صلاح الدين على مهاجمة الحصن الحدودي وتدميره، ثم سار بجيشه وجعل مركزه بانياس. هرع الصليبيون للقاء المسلمين بعد تلك الخطوة، لكن جيشهم تشتت، حيث تلكأ المشاة في الخلف، واستمر صلاح الدين يستدرجهم بعيدًا حتى ما إن تبين له أن الفرصة سانحة وإن الجيش الصليبي منهك، انقض عليهم واشتبك الجيشان في معركة طاحنة انتصر فيها المسلمون، وأُسر كثير من كبار الفرسان الصليبيين، ثم تحرّك صلاح الدين صوب الحصن وضرب الحصار عليه، ثم دخله فاتحًا في 26 ربيع الأول سنة 575هـ، الموافق فيه 30 أغسطس من سنة 1179م.[92][93]
وفي ربيع سنة 1180م، وبينما كان صلاح الدين في صفد يُحضّر لغزو بيت المقدس، راسله الملك بلدوين يعرض عليه السلام فوافق، والواقع أن القحط في ذلك العام كان دافعًا أساسيًا لكلا الرجلين ليتوقفا عن القتال، حيث ذبلت المحاصيل ولم ينضج منها إلا القليل، فقلّت مؤن الجيشين الصليبي والأيوبي، وأصبح يتعذر على أي منهما ضرب حصار على قلعة أو مدينة تابعة للآخر، دون المجازفة بحدوث مجاعة في صفوف الجند. رفض ريموند الثالث صاحب طرابلس الالتزام بالهدنة في بادئ الأمر وأصرّ على القتال، لكنه سرعان ما رضخ للمعاهدة بعد أن أغار الجيش الأيوبي على إمارته في شهر مايو، وظهر الأسطول الإسلامي بالقرب من مرفأ طرطوس مهددًا بالهجوم.[94]

نومـا 02-17-2012 01:38 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
القضايا المحلية
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...carslanph9.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
السلطان عز الدين قلج أرسلان بن مسعود‎، سلطان سلاجقة الروم (1156–1192)، أحد أبرز الحكّام المسلمين الذين تحالفوا مع صلاح الدين.


كان صلاح الدين قد حاول التقرّب من أمير حصن كيفا المدعو نور الدين محمد الأرتقيّوني، عندما عرض التوسط بينه وبين عز الدين قلج أرسلان بن مسعود‎، سلطان سلاجقة الروم، لإنهاء خلاف قائم، حيث كان الأخير قد طالب نور الدين بإعادة بعض الأراضي التي حصل عليها كهدية زفاف بعد زواجه من ابنته، ثم تبيّن أنه يُسيء معاملتها وأن هدفه من ذلك الزواج لم يكن سوى السيطرة على مزيد من المناطق فحسب، وقد قبل نور الدين وساطة السلطان الأيوبي بينما رفضها قلج أرسلان. وفي شهر يونيو من سنة 1180م، استقبل صلاح الدين الأمير نور الدين محمد وأخاه أبو بكر في محاولة لكسب الود وتوطيد العلاقات مع الأرتقيون تمهيدًا لأي مجابهة يُحتمل وقوعها بين الأيوبيين وأمراء الموصل والأناضول والملوك الصليبيين، وأرفق كلا الأميرين بهدايا قيل بأن قيمتها تخطت 100,000 دينار.[95] بعد هذا اللقاء، راسل السلطان قلج أرسلان صلاح الدين معلنًا قبوله الوساطة ودخوله في الحلف الأيوبي الأرتقيّوني، فابتهج صلاح الدين لهذا الخبر لما تضمنه من بشائر إعادة توحيد الأراضي الإسلامية، لكن فرحه سرعان ما تحوّل إلى غضب عارم، عندما وصلته رسالة من أرسلان يقول فيها أن نور الدين عاد ليُسيء معاملة زوجته ابنة سلطان آل سلجوق، فهدد صلاح الدين بالمسير إلى ملطية عاصمة نور الدين ليؤدبه بنفسه ولينهي الخلاف القائم بين حاكمين مسلمين في وقت كان المسلمون فيه بأشد الحاجة لأن يتوحدوا،[95] وفي واقع الأمر فإن صلاح الدين لم يرغب بالمسير إلى نور الدين محمد، ذلك أنه تحالف معه ولم يعد يستطيع أن ينقض هذا الحلف، وفي الوقت نفسه كان للسلطان قلج أرسلان كامل الحق في الخوف على ابنته والدفاع عنها ومنع استغلالها لغايات سياسية، فجاء خطاب صلاح الدين حادًا في سبيل إخافة نور الدين وحثه على الخضوع. ولمّا تبيّن لنور الدين محمد أنه لا يقدر على الجيش الأيوبي، خضع لأوامر صلاح الدين وعز الدين قلج أرسلان، ووافق على أن يُرسل امرأته إلى أبيها طيلة سنة من الزمن، خصوصًا بعد أن جاء في رسالة بعثها إليه صلاح الدين، أنه إن خرق هذا الاتفاق فسوف ينقض صلاح الدين الاتفاقية بينهما.[95]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...f_ibn_Ajub.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
رسم لتمثيل يعود لصلاح الدين من القرن الخامس عشر.


عاد صلاح الدين إلى القاهرة بداية عام 1181م وترك فروخ شاه ليتولّى شؤون الشام أثناء غيابه؛ يقول أبو شامة المقدسي أن صلاح الدين كان ينوي تمضية شهر رمضان في مصر ذلك العام، ومن ثم يذهب للحج في مكة، لكن لأسباب غير واضحة عدل عن حج البيت الحرام، وشوهد في شهر يونيو وهو يتفقد ضفاف النيل. وفي تلك الفترة حدثت بينه وبين البدو بعض الإشكالات، إذ اتهم بعضهم بالإتجار مع الصليبيين، فصادر محاصيلهم وأرغمهم على مغادرة شرق مصر والسكن في غربها، واستولى على ثلثيّ الأراضي التابعة للإقطاعيين منهم وأعطاها لإقطاعيي الفيوم ليعوضهم عن أراضيهم الخاصة التي هدف أن يجعلها ملكًا عامًا للدولة، كما حوّل بعض السفن الحربية على قراصنة الأنهار من البدو الذين كانوا يغيرون على المزارع والقرى المجاورة للنيل وفروعه.[96]
في صيف سنة 1181م، قاد أخو صلاح الدين سيف الإسلام ظهير الدين طغتكين بن أيوب،[97] في فرقة عسكرية لاعتقال نائب توران شاه في بلدة زبيد باليمن، حطان بن كامل بن منقذ الكناني، لاختلاس العوائد المالية للبلدة التي يتولّى أمورها، غير أن صلاح الدين قال أنه ليس هناك من دليل يفيد بصحة ما قيل، وأمر بإطلاق سراحه مقابل 80,000 دينار له شخصيًا ومبالغ أخرى لإخوته.[98] كان اعتقال حطان الكناني المثير للجدل نتاج استياء بعض المقربين من صلاح الدين من إدارة بلاد اليمن بعد أن غادرها توران شاه؛ فعلى الرغم من أن نائبوه استمروا يرسلون خراج البلاد، إلا أن السلطة الأيوبية على اليمن أخذت تضعف بعض الشيء، حيث برز صراع على السيادة بين عز الدين عثمان صاحب عدن وصاحب زبيد، مما جعل صلاح الدين يقول أنها تُكلّف الدولة الأيوبية مصاريف كبيرة ولا تعود عليها بالفوائد المرجوّة والمتوقعة.[99]
[عدل] توسّع الدولة

[عدل] فتح أطراف بلاد ما بين النهرين

https://upload.wikimedia.org/wikipedi...5/Saladin2.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
رسم لصلاح الدين الأيوبي.


توفي سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود في 3 صفر سنة 576هـ، الموافق فيه 28 يونيو من سنة 1180م،[100] وخلفه شقيقه عز الدين في إمارة الموصل.[101] في 25 رجب سنة 577هـ، الموافق فيه 4 ديسمبر سنة 1181م، توفي الملك الصالح بن نور الدين زنكي في حلب. قبل وفاته، لما يئس من نفسه استدعى الأمراء فحلفهم لابن عمه عز الدين مسعود بن قطب الدين صاحب الموصل، لقوة سلطانه وتمكنه، ليمنعها من صلاح الدين.[102] رُحّب بعز الدين في حلب، ولكن تملّكه لحلب والموصل كان أمرًا يفوق قدراته، لذا تنازل عن حلب لأخيه عماد الدين زنكي، في مقابل سنجار والخابور والرقة ونصيبين وسروج وغير ذلك من البلاد. لم يحاول صلاح الدين استغلال تلك الظروف احترامًا للمعاهدة التي عقدها في السابق مع الزنكيين.[103]
وفي 5 محرم سنة 578هـ، الموافق فيه 11 مايو سنة 1182م، غادر صلاح الدين الأيوبي القاهرة مع نصف الجيش الأيوبي المصري والعديد من المتطوعين إلى الشام. وعندما علم أن القوات الصليبية احتشدت على الحدود لاعتراضه، غير طريقه عبر سيناء إلى أيلة، وهناك لم يلقى صلاح الدين أي مقاومة من قوات بلدوين.[104] وعندما وصل إلى دمشق في يونيو، أغار عز الدين فروخ شاه على بلاد طبرية، واحتل دبورية وحابس جلدق، وهو أحد الحصون ذات الأهمية الكبيرة للصليبيين.[105] في يوليو، أرسل صلاح الدين فروخ شاه لمهاجمة كوكب الهوا. وفي أغسطس، شنّ الأيوبيون هجومًا بريًا وبحريًا للاستيلاء على بيروت؛ وقاد صلاح الدين جيشه في سهل البقاع، ولما بدا لصلاح الدين أن الهجوم قد يفشل، فضّل إيقاف هجومه والتركيز على مهمته نحو في بلاد ما بين النهرين.[106]
دعا مظفر الدين كوكبري بن زين الدين علي بن بكتكين وهو أحد أمراء حران، صلاح الدين لاحتلال بلاد الجزيرة، الواقعة شمال بلاد ما بين النهرين.[105] ومع انتهاء الهدنة بينه وبين الزنكيين رسميًا في جمادى الأول سنة 578هـ، الموافق فيه شهر سبتمبر من عام 1182م،[107] وقبل سيره إلى بلاد الجزيرة، كان التوتر قد ازداد بين الحكام الزنكيين في المنطقة، نظرًا لعدم رغبتهم في دفع الجزية لصاحب الموصل.[108] وقبل عبوره الفرات، حاصر صلاح الدين حلب لمدة ثلاثة أيام، بمجرد أن انتهت الهدنة.[107] وما أن وصل إلى قلعة البيرة قرب نهر الفرات، حتى إنضم إليه كوكبري ونور الدين صاحب حصن كيفا، واستولت القوات المشتركة على مدن الجزيرة الواحدة تلو الأخرى، فسقطت الرها تلتها سورج ثم الرقة وقرقيسية ونصيبين.[107] كانت الرقة نقطة عبور هامة والتي كانت في يد قطب الدين ينال بن حسان المنبجي، الذي سبق وخسر منبج أمام قوات صلاح الدين الأيوبي عام 1176م. لما رأى قطب الدين كبر حجم جيش صلاح الدين، لم يُقدم على إبداء أي مقاومة واستسلم على أن يحتفظ بممتلكاته. أثار صلاح الدين الأيوبي إعجاب أهالي المدينة بعدما أمر بإلغاء عدد من الضرائب، حيث قال "إن شر الحكام هم من يسمنون وشعوبهم جياع". من الرقة، غزا ماكسين ودورين وعرابان والخابور، والتي خضعت جميعها له.[105][109]
ثم توجّه صلاح الدين لغزو نصيبين التي سلّمت دون مقاومة. كانت نصيبين بلدة متوسطة الحجم، ليست ذات أهمية كبيرة، لكنها كانت تقع في موقع استراتيجي بين ماردين والموصل ويسهل الوصول إليها من ديار بكر.[110] في خضم هذه الانتصارات، وردت صلاح الدين أخبار تقول أن الصليبيين أغاروا على قرى دمشق. فأجاب «دعهم.. ففي الوقت الذي يهدمون فيه القرى، نستولي نحن على المدن؛ وعندما نعود، سيتعين علينا جمع المزيد من القوة لمحاربتهم».[107] وفي الوقت نفسه، في حلب، داهم أميرها الزنكي مدن صلاح الدين في الشمال والشرق، مثل باليس ومنبج وسورج وبوزيع والقرضين، كما دمر قلعته في بلدة أعزاز لكي لا يستخدمها الأيوبيون إن استطاعوا الاستيلاء عليها.[110]
[عدل] ضم حلب

بعد الموصل إهتم صلاح الدين بضم حلب، فأرسل شقيقه تاج الملوك بوري لاحتلال تل خالد، الواقعة على بعد 130 كيلومتر شمال شرق الموصل، وجهّز لحصارها، إلا أن حاكم تل خالد استسلم مع وصول صلاح الدين نفسه في 17 مايو قبل ضرب الحصار. بعد تل خالد، قام جيش صلاح الدين الأيوبي بالتوجه شمالاً إلى عينتاب لاحتلالها، ومن ثم العودة سريعًا لمسافة 60 كم في إتجاه حلب. وفي 21 مايو، عسكر صلاح الدين خارج حلب، وتمركز بنفسه شرق قلعة حلب، كما طوّقت قواته ضاحية بناقسة في الشمال الشرقي وباب جنان في الغرب، وتمركز باقي رجاله بالقرب من المدينة، على أمل فتحها في أقل وقت ممكن.[111]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...e_d%27Alep.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
قلعة حلب، دخلها صلاح الدين في 12 يونيو من عام 1183م.


لم يقاوم عماد الدين زنكي بن قطب الدين مودود لفترة طويلة، حيث لم يكن يحظ بشعبية بين رعاياه، ولرغبته في العودة إلى سنجار المدينة التي كان يحكمها سابقًا. عقدت مفاوضات بغرض تبادل الأراضي، على أن يسلّم زنكي حلب إلى صلاح الدين الأيوبي في مقابل استعادة سيطرته على سنجار ونصيبين والرقة والرقة وسروج، وأن تحارب قوات زنكي إلى جانب جيش صلاح الدين. وبحلول 18 صفر 579 هـ / 12 يونيو 1183م، أصبحت حلب في أيدي الأيوبيين.[112][113] لم يعلم أهل حلب بتلك المفاوضات، لذا فوجئوا حين رأوا راية صلاح الدين الأيوبي مرفوعة فوق قلعة حلب. عندئذ، عرض أميران أحدهما عز الدين جردق الصديق القديم لصلاح الدين خدماتهما على صلاح الدين، الذي رحب بذلك. استبدل صلاح الدين القضاء الحنفي بالقضاء الشافعي، مع وعد بعدم التدخل في القيادة الدينية للمدينة. وعلى الرغم من حاجة صلاح الدين للمال، إلا أنه سمح لزنكي بالمغادرة بكل ما استطاع حمله من خزائن قلعة المدينة، وبيع المتبقي لصلاح الدين نفسه.[114]
على الرغم من تردده فيما مضى في إتمام عملية المبادلة، إلا أنه كان واثقًا من نجاحه لتيقّنه من أن حلب هي "الباب الذي سيفتح له الأراضي" وأن "هذه المدينة هي عين الشام وقلعتها بؤبؤها".[115] بالنسبة لصلاح الدين الأيوبي، كان الاستيلاء على المدينة يمثّل له نهاية أكثر من ثماني سنوات من الانتظار، فقد قال لفروخ شاه "نحن لا نملك إلا الانتظار، وحلب ستكون لنا." فمن وجهة نظره، أنه باستيلائه على حلب سيستطيع الآن تهديد الساحل الصليبي كله.[116]
بعد أن قضى ليلة واحدة في قلعة حلب، سار صلاح الدين إلى حارم بالقرب من أنطاكية الإمارة الصليبية. كانت حارم تحت حكم "سرخك" أحد المماليك صغار الشأن، الذي قدم صلاح الدين الأيوبي له عرضًا بمدينة بصرى وأراضٍ في دمشق في مقابل حارم، ولكن عندما طلب سرخك الحصول على المزيد، أرغمته حامية البلدة على الخروج،[113][116] حيث تم إلقاء القبض عليه من قبل تقي الدين نائب صلاح الدين الأيوبي بعد مزاعم بأنه كان يخطط للتنازل عن حارم إلى بوهمند الثالث أمير أنطاكية. بعد استسلام حارم، شرع صلاح الدين الأيوبي في ترتيب دفاعات المدينة استعدادًا للصليبيين، وأوفد إلى الخليفة وأتباعه في اليمن وبعلبك بأنه سيهاجم الأرمينيين. وقبل أن يهم بالتحرك، كان لا بد من تسوية بعض التفاصيل الإدارية، فقد وافق صلاح الدين الأيوبي على هدنة مع بوهمند في مقابل رد أسرى مسلمين كان يحتجزهم، ثم ولّى علم الدين سليمان بن جندر،[113] وهو الأمير الذي انضم إلى صلاح الدين في حلب، إدارة أعزاز، كما ولّى سيف الدين اليزقوج، مملوك عمه أسد الدين شيركوه السابق الذي أنقذه من محاولة اغتيال في أعزاز، إدارة حلب.[117]
[عدل] حربه من أجل الموصل

مع اقتراب صلاح الدين من الموصل، كان عليه تبرير مسألة الاستيلاء على تلك المدينة الكبيرة.[118] استغاث زنكيو الموصل بالخليفة العباسي الناصر لدين الله في بغداد الذي كان وزيره يفضلهم، فأرسل الناصر بدر البدر، وهو شخصية دينية رفيعة المستوى، للتوسط بين الجانبين. وصل صلاح الدين إلى المدينة في 10 نوفمبر سنة 1182م، ولم يقبل عز الدين شروطه لأنه اعتبرها خدعة كبيرة، وعلى الفور ضرب صلاح الدين حصارًا على المدينة المحصنة جيدًا.[119]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...Victorious.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
"صلاح الدين المُظفّر"، رسم من القرن التاسع عشر.


بعد عدة مناوشات طفيفة والمأزق الذي وقع فيه أمام الخليفة، قرر صلاح الدين الأيوبي أن يجد طريقة للانسحاب من الحصار دون أن يلحق ذلك ضررًا بسمعته، لذا قرر أن يهاجم سنجار التي يحكمها شرف الدين أمير أميران هندوا شقيق عز الدين، مع ترك قوة لمواصلة الحصار، فسقطت سنجار بعد حصار دام 15 يومًا في 3 رمضان سنة 578هـ، الموافق فيه 30 ديسمبر سنة 1182م.[105][120] لم يلتزم قادة وجنود صلاح الدين بانضباطهم ونهبوا المدينة، وتمكن صلاح الدين بنفسه من حماية حاكم المدينة وضباطه بإرسالهم إلى الموصل. وبعد أن ترك حامية في سنجار، انتظر حتى يجمع جنده من حلب وماردين وأرمينيا لمواجهة عز الدين.[121] توجّه صلاح الدين بجيشه للقاء قواته في حران في شهر ذي القعدة من سنة 578هـ، الموافق فيه شهر فبراير من عام 1183م، وعندما علم عز الدين بقدوم جيش صلاح الدين، أرسل رسله في طلب السلام، وفرّق قواته.
وفي 6 ذي القعدة سنة 578هـ، الموافق فيه 2 مارس سنة 1183م، كتب العادل من مصر إلى صلاح الدين الأيوبي بأن الصليبيين قد طعنوا قلب الإسلام، فقد أرسل صاحب الكرك أرناط آل شاتيون، سفنًا من خليج العقبة لمداهمة البلدات والقرى قبالة ساحل البحر الأحمر، وعلى الرغم من أن تلك المحاولة لم تكن هادفة لفرض النفوذ الصليبي على البحر أو للتحكم في طرق التجارة، وكانت مجرد قرصنة،[122] كتب عماد الدين بأن الغارة كانت مقلقة للمسلمين لأنهم لم يكونوا معتادين على الهجمات عبر البحر، وأضاف ابن الأثير بأن السكان لم يعهدوا فرنجيًا قط لا تاجرًا ولا محاربًا.[105]
وقال ابن جبير بأن ستة عشر سفن للمسلمين أحرقها الصليبيون الذين استولوا على سفينة حجاج وقافلة في عيذاب. كما ذكر أيضًا أنهم كانوا ينوون مهاجمة المدينة المنورة ونهب قبر النبي محمد. وأضاف المقريزي إلى أن شائعات انتشرت تزعم بأنهم كانوا سينقلون جثمان النبي محمد إلى الأراضي الصليبية، لجعل المسلمين يحجون إليها. ولحسن حظ صلاح الدين الأيوبي، كان العادل قد نقل السفن الحربية من الفسطاط والإسكندرية إلى البحر الأحمر تحت قيادة حسام الدين لؤلؤ قائد الأسطول المصري، فبدأ بمهاجمة القوات التي هاجمت أيلة وهزمها، ثم سار لقتال من هاجموا عيذاب، فأدركهم في ساحل الجوزاء ودمر معظم سفنهم، فنزلوا إلى البر محاولين الفرار فهزمهم شر هزيمة.[105][123] أمر صلاح الدين بقتل الأسرى الصليبيين البالغ عددهم 170 مقاتل في عدد من مدن المسلمين.[124]
من وجهة نظر صلاح الدين، كانت الحرب ضد الموصل تسير على ما يرام، لكنه لم ينجح بعد في تحقيق أهدافه وبدأ جيشه يتناقص؛ فقد عاد تقي الدين برجاله إلى حماة، وغادر ناصر الدين محمد بن شيركوه بقواته. شجع ذلك عز الدين وحلفائه على الهجوم. فجمع قواته في حرضم الواقعة على بعد 140 كيلومتر من حران. وفي بداية أبريل، ودون أن ينتظر ناصر الدين، بدأ صلاح الدين وتقي الدين تقدمهم ضد قوات عز الدين، متوجهين شرقًا إلى رأس العين دون أن يلقوا مقاومة.[125] وبحلول نهاية أبريل، وبعد ثلاثة أيام من القتال، استولى الأيوبيون على آمد. سلم المدينة نور الدين محمد بن قره أرسلان بخزائنها التي بها 80,000 شمعة، وبرج كامل مملوء بالسهام و1,040,000 كتاب. وفي مقابل إعادته حاكمًا للمدينة، أقسم نور الدين الولاء لصلاح الدين الأيوبي،[126] واعدًا إياه بمساعدته في كل حملاته في الحرب ضد الصليبيين وإصلاح الأضرار التي لحقت بالمدينة. وبسقوط آمد، قرر حاكم ماردين التحالف مع صلاح الدين الأيوبي، وهو ما أضعف تحالف عز الدين.[127]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...Dynasty_ar.png https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
الدولة الأيوبية والدول المجاورة عند نهاية حملة صلاح الدين على إمارات الشام وبلاد ما بين النهرين.


حاول صلاح الدين الحصول على دعم الخليفة الناصر ضد عز الدين من خلال إرسال رسالة للخليفة يطالبه فيها بمرسوم يعطيه الحق في تملّك الموصل والأراضي التابعة لها. حاول صلاح الدين الأيوبي إقناع الخليفة معللاً طلبه بأنه في الوقت الذي فتح مصر واليمن وأعادها تحت راية العباسيين، كان الزنكيون في الموصل يؤيدون صراحة السلاجقة (منافسي الخلافة)، ولم يخضعوا للخليفة إلا وقت حاجتهم إليه. واتهم أيضًا قوات عز الدين بعرقلة الجهاد ضد الصليبيين، مشيرًا إلى أنهم "لا ينوون القتال فقط، بل ويمنعون الذين يستطيعون ذلك". كما قال صلاح الدين الأيوبي بأنه إنما جاء إلى الشام لقتال الصليبيين وإنهاء بدعة الحشاشين ووضع حد لتخاذل المسلمين. كما وعد أنه إذا أعطيت له الموصل، فسيستولي على القدس والقسطنطينية والكرج وأراضي الموحدين في المغرب، حتى تصبح كلمة الله هي العليا وتطهّر الخلافة العباسية العالم وتتحوّل الكنائس إلى مساجد. وأكد صلاح الدين أن كل هذا من الممكن أن يحدث بمشيئة الله، وبدلاً من طلب الدعم المالي أو العسكري من الخليفة، قال أنه سيغزو أراضي تكريت وداقوق وخوزستان وجزيرة كيش وعمان، وسيعطيها للخليفة.[128]
[عدل] الحروب ضد الصليبيين

https://upload.wikimedia.org/wikipedi...n_Damascus.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
أرناط آل شاتيون، أبرز قائد صليبي قاتل صلاح الدين قبل استرجاعه للقدس.


بعد أن نجح صلاح الدين في أن يجمع مصر وسوريا وغربي شبه الجزيرة العربية والعراق في دولة إسلامية موحدة قوية تحيط بمملكة بيت المقدس والإمارات الصليبية من الشمال والشرق والجنوب، واطمأن إلى وحدتها وتماسكها، انتقل إلى تحقيق القسم الثاني من مخططه السياسي، وهو محاربة الصليبيين وطردهم من البلاد،[44] وجاءَته الفرصة حين تعرّض أرناط آل شاتيون صاحب الكرك لقافلة غزيرة الأموال كثيرة الرجال فأخذهم عن آخرهم ونهب أموالهم ودوابهم وسلاحهم، فأرسل إليه صلاح الدين يلومه ويُقبح فعله وغدره ويتوعده إن لم يطلق الأسرى والأموال، فلما رفض أرسل صلاح الدين، الذي كان آنئذ في دمشق، إلى جميع الأطراف باستدعاء العساكر لحرب أرناط، وتوجه بنفسه إلى بصرى، ومنها إلى الأردن ونزل بثغر الأقحوان.[129]
في 9 جمادى الآخرة سنة 579هـ، الموافق فيه 29 سبتمبر سنة 1183م، عبر صلاح الدين نهر الأردن لمهاجمة بيسان التي وجدها خاوية. وفي اليوم التالي، أضرمت قواته النار في البلدة،[113] وساروا غربًا، ليعترضوا تعزيزات الصليبيين من حصني الكرك والشوبك على طول طريق نابلس وأسروا عددًا منهم. وفي تلك الأثناء، كانت قوة الصليبيين الرئيسية بقيادة غي آل لوزنيان، قرين ملكة القدس سيبيلا أخت بلدوين، قد تحركت من صفورية إلى العفولة. أرسل صلاح الدين الأيوبي 500 مقاتل لمناوشة قوات الصليبيين، وسار بنفسه إلى عين جالوت. وعندما تقدمت القوات الصليبية، والتي كانت أكبر قوة جمعتها المملكة من مواردها الخاصة، ولكنها كانت لا تزال أقل من قوات المسلمين، تراجع الأيوبيون بشكل غير متوقع إلى عين جالوت. رغم وجود بضع الغارات الأيوبية، بما في ذلك الهجمات على زرعين والطيبة وجبل طابور، لم يشارك الصليبيون بكامل قواتهم في معركة العفولة، التي قاد فيها صلاح الدين رجاله عبر النهر منسحبًا ببطء.[117]
ومع ذلك، أثارت المزيد من الهجمات الصليبية غضب صلاح الدين الأيوبي. فقد استمر أرناط آل شاتيون يهاجم القوافل التجارية العائدة للمسلمين وطرق الحج بأسطول في البحر الأحمر، وهو الممر المائي الذي كان من اللازم لصلاح الدين بقائه مفتوحًا. وردًا على ذلك، بنى صلاح الدين أسطولاً من 30 سفينة لمهاجمة بيروت في عام 1182م. هدد رينالد بمهاجمة مدن المسلمين المقدسة مكة والمدينة المنورة، وهو ما رد عليه صلاح الدين بمحاصرة الكرك قلعة أرناط الحصينة مرتين، عامي 1183 و1184، فردّ رينالد بنهب قافلة حجيج عام 1185، ووفقًا لمؤرخ القرن الثالث عشر الإفرنجي وليم الصوري، فقد قبض أرناط على أخت صلاح الدين في تلك الغارة على القافلة،[130] وهو ما لم تثبته المصادر المعاصرة، سواءً الإسلامية أو الأوروبية، وذكرت بدلاً من ذلك أن أرناط هاجم القافلة، وأن جند صلاح الدين حموا شقيقته وابنها حتى وصلوا دون أي ضرر.
بعد أن استعصى حصن الكرك المنيع على صلاح الدين أدار وجهه وجهة أخرى وعاود مهاجمة عز الدين مسعود بن مودود الزنكي في نواحي الموصل التي كان قد بدأت جهوده في ضمها سنة 1182م، إلا أن تحالف عز الدين مع حاكم أذربيجان ومملكة جبال، والذي أرسل جنوده عبر جبال زاغروس عام 1185م، جعل صلاح الدين يتردد في هجومه. وحينما علم المدافعون عن الموصل، بأن تعزيزات في طريقها إليهم، ارتفعت معنوياتهم وزادوا من جهودهم، وقد تزامن ذلك مع مرض صلاح الدين، لذا ففي شهر مارس من سنة 1186م، تم التوقيع على معاهدة سلام.[131]
[عدل] معركة حطين

https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._app_kdict.png مقال تفصيلي :معركة حطين
https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._Lusignano.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
غي آل لوزينيان، ملك بيت المقدس (1186–1192)، شهد عهده القصير معركة حطين واسترجاع المسلمين للقدس.


كان المرض قد اشتد على ملك بيت المقدس بلدوين الرابع، في سنة 1185م وما لبث أن توفي في ذلك العام بعد أن سمّى ابن شقيقته بلدوين الخامس خلفًا له، لكن الأخير ما لبث أن توفي خلال سنة، فتولّت العرش والدته سيبيلا، التي ما لبثت أن توّجت زوجها الثاني غي آل لوزينيان ملكًا، وكان الأخير قد خُطط له أن يكون وصي العرش بعد بلدوين الرابع، لكن تحالفه مع أرناط وخرقهما للهدنة مع صلاح الدين ومهاجمتهما لقوافل المسلمين التجارية وقوافل الحجاج، الأمر الذي جعل صلاح الدين يُحاصر الكرك، جعلت بلدوين الرابع يعدل عن تسميته خلفًا له بعد مماته.[44] وعندما تولّى غي عرش بيت المقدس ظهرت الانشقاقات بين الصليبين وتوسعت، فلم يكن عدد من الأمراء راضيًا عن توليه، ومن هؤلاء ريموند الثالث "القمص" صاحب طرابلس، الذي دفعه غيظه إلى مراسلة صلاح الدين[132] ومصادقته واتفق معه ألا يحاربه ولا يرفع عليه سيف، فقال له: «أنني أملك طبريا أنزل عليها وأستولي عليها وأنا أتركها لك فتقوى بها على الفرنجة وتضعف قلوبهم». فذهب صلاح الدين ونزل قريبًا من طبريا فسلمها له صاحب طرابلس، وسمع ملك الفرنجة المتوج حديثًا ما حدث، فحشد العامة في البلاد مع عساكر الساحل وسار للقاء صلاح الدين، وانضم إليه صاحب طرابلس ليتستر على فعله.[133]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...%27Eracles.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
معركة حطين بين الصليبيين والمسلمين.


https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._folio_399.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
صلاح الدين يُعدم أرناط صاحب الكرك بيده.


في يوم السبت 25 ربيع الآخر سنة 583هـ، الموافق فيه 5 يوليو سنة 1187م، نزل الصليبيون قرون حطين،[129] وكان صلاح الدين قد سبقهم إلى هناك وتمركز جيشه في المنطقة العليا منها حيث نبع المياه، وكانت تجهيزات الفرنجة الحربية الثقيلة هي سبب تأخرهم في الوصول، ولمّا حصل ووصلوا إلى الموقع كانوا هالكين من العطش لدرجة أنهم شربوا الخمر بدلاً من الماء فسكر منهم الكثير، وهاجموا جيش صلاح الدين فقُتل من الفريقين عدد من الجنود، وكان الصليبيون متحمسين في البداية للحصول على الماء فهزموا المسلمين في أول النهار ولكن دارت الدوائر في آخر النهار، فإنقض الأيوبيون على الجيش الصليبي ومزقوا صفوفه، واستمرت المعركة ساعات طويلة، وما أن انقشع غبارها حتى تبيّن مدى الكارثة التي لحقت بالصليبيين، فقد خسروا زهرة شباب جنودهم، وقُتل العديد من الفرسان والضبّاط المخضرمين، ووقع الملك غي آل لوزينيان وأخوه وأرناط صاحب الكرك وغيرهم من كبار الصليبيين بالأسر.[6][134] أما ريموند الثالث صاحب طرابلس، فقد تظاهر بالهجوم على المسلمين، فمر بين صفوفهم وذهب ولم يرجع كأنه أنهزم، واتجه إلى مدينة صور ومكث بها.
بعد هذا النصر جلس صلاح الدين في خيمته، وأمر بإحضار الملك غي وأخوه وأرناط، فلمّا مثلوا أمامه قدّم للملك شربة من جلاّب وثلج، فشربها وكان على أشد حال من العطش، ثم ناولها لأرناط، فقال صلاح الدين للترجمان: «إنما ناولتك، ولم آذن لك أن تسقيه، هذا لا عهد له عندي»،[135] وذلك كون العادة السائدة كانت أنه لو شرب الأسير أو أكل من مال من أسره أمن، وكان صلاح الدين قد نذر أنه لو ظفر بأرناط قتله بعد أن قتل من المسلمين خلقًا كثيرًا.[6] بعد ذلك أمر صلاح الدين بإحضار بعض الطعام للملك غي، وما أن انتهى حتى أمر بإحضار أرناط، وأوقفه بين يديه ثم قال له: «نعم أنا أنوب عن رسول اللهhttps://upload.wikimedia.org/wikipedi...on_him.svg.png في الانتصار لأمته»،[135] ودعاه إلى اعتناق الإسلام، فرفض وقال ما يتضمن الاستخفاف بالنبي محمد، فسلّ صلاح الدين سيفه ودق عنق أرناط، وأمسكه الجنود وأخرجوا جثته ورموها على باب الخيمة، ورآه الملك غي يتخبط في دمائه ويلفظ أنفاسه الأخيرة فخاف وشحب لونه معتقدًا أنه لاحق به،[134] فاستحضره صلاح الدين وطيّب قلبه وقال له:

https://upload.wikimedia.org/wikipedi...px-Cquote2.pngأنا أحدثك حديث الأمراء، لا تخاف يا ملك فلن تموت اليوم، بل تحيا ولو بقي في قومك بقية كنت أملكك عليهم وأساعدك بمالي ورجالي طول أيام حياتك. إن سبب ما فعلته به أن الكرك كانت طريق التجار والمسافرين فكان يعتدى على القوافل بظلم وعنف، وكان ملوك المسلمين نور الدين وغيره يطلبون الصلح معه ليخففوا ضرره على المسلمين، فكان يوافقهم مرة ولا يعتدي على التجار وألف مرة يعتدي. فلما تملّكت وحكمت البلاد أرسلت له وهاديته بمال كثير وخلع.. فحلف لرسولي أنه لن يؤذي المسلمين وسيترك التجار بلا ضرر ويمهد لهم الطريق ولن يعتدي أي واحد من أصحابه عليهم، وبعد الصلح بثلاثة أيام عبرت قافلة قاصدة دمشق فساقها بجمالها ورجالها وأموالها وذهب بها إلى الكرك فأسر رجالها وأخذ الأموال فلما عرفت بأمر نقوضه العهد كتمت الغيظ ونذرت لله أنني متى ظفرت به أذبحه واقطع رقبته، فلا تلومني يا ملك.[136]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...px-Cquote1.png
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...in_and_Guy.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
صلاح الدين وغي آل لوزينيان بعد معركة حطين.


ثم استدعى خادمه وسأله أن يحضر شراب فجاء به فأخذه بيده وشرب منه وناوله للملك فشربه وأعطى له ولأصحابه خيمة وجعل عليها حراسًا لحراسته واحتفظ به، وأرسله إلى دمشق أسيرًا، يرافقه القاضي ابن أبي عصرون، حتى تنتهي الحرب وتُفتتح القدس، وأرسل معه أيضًا صليب الصلبوت، وهو الصليب الأعظم عند الصليبيين والذي قيل بأن فيه قطعة من الخشبة التي صُلب عليها المسيح، وكان يُغلّف بالذهب واللآلئ والجواهر النفسية، وكان يتقدم الجيش الصليبي على الدوام، وحملوه معهم يوم حطين، وأودع في قلعة دمشق عند وصوله

نومـا 02-17-2012 01:45 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
تحرير الساحل الشامي
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...a_crusades.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
حصار الأيوبيين لمدينة يافا.


رأى صلاح الدين ألا يتوجه مباشرة لفتح القدس بعد انتصار حطين، وإنما رأى أنه من الأسلم أن يسير لفتح مدن الساحل ومن ثم الهجوم على القدس، فرحل طالبًا عكا وكان نزوله عليها يوم الأربعاء، وقاتل الصليبيين بها بكرة يوم الخميس مستهل جمادى الأولى سنة 583هـ، فأخذها وأنقذ من كان بها من أسرى المسلمين، وكانوا أكثر من 4 آلاف شخص،[6][135] واستولى على ما فيها من الأموال والذخائر والبضائع كونها كانت المرفأ التجاري الرئيسي للصليبيين ونافذتهم على وطنهم الأم في أوروبا. ثم تفرقت الجنود الأيوبية في الساحل يأخذون الحصون والقلاع والأماكن المنيعة، ففتحوا نابلس وحيفا والناصرة وقيسارية وصفورية[138] بعد أن خلا معظمها من الرجال إما لمصرعهم على أرض المعركة أو لوقوعهم في الأسر أو لهربهم من أمام الجيش الأيوبي بعد أن قل عددهم.[6] ولمّا استقرت قواعد عكا، قسّم صلاح الدين أموالها بين أهلها، وأبقى بعض القادة الصليبيين في الأسر وأطلق سراح بعض الجنود، ثم سار يطلب قلعة تبنين، فوصلها يوم الأحد في 11 جمادى الأولى من نفس السنة، فنصب عليها المناجيق وضيّق عليها الحصار، وقاومت حاميتها مقاومة عنيفة قبل أن تستسلم ويدخلها الجيش الأيوبي، ثم ارتحل بعد ذلك قاصدًا صيدا وتسلمها في اليوم التالي لوصوله.[6][138]
وفي أثناء توجه صلاح الدين لفتح بيروت في سنة 1187م، لقيه الأمير جمال الدين حجي التنوخي في بلدة خلدة وسار معه لحصار المدينة، فضرب الإثنان عليها الحصار ودخلوها بعد 7 أيام، وكافأ صلاح الدين الأمير التنوخي على ولائه له وثبته على إقطاعات آبائه وأجداده وزاد عليها حتى شملت منطقة الغرب كلها، الممتدة من جنوبي بيروت حتى أعالي جبل لبنان، وكذلك فعل مع الأمراء الشهابيين في سهل البقاع، فقد كان هؤلاء يقاتلون الصليبيين طيلة فترة من الزمن انتهت باستيلائهم على حاصبيا وما حولها، فسُرّ صلاح الدين بذلك وولّى الأمير منقذ الشهابي على البلاد التي فتحها.[44] وفي أثناء حصار صلاح الدين لبيروت، كانت فرقة عسكرية أيوبية قد استرجعت جبيل من أيدي الصليبيين، ولمّا فرغ من هذا الجانب رأى أن قصده عسقلان أولى لأن حصارها وفتحها أيسر من حصار صور، فأتى عسقلان وتسلّم في طريقه إليها مواقع كثيرة كالرملة والدراوم، وأقام في عسقلان المناجيق وقاتلها قتالاً شديدًا حتى استسلمت حاميتها، وأقام عليها إلى أن تسلّم أصحابه غزة وبيت جبرين والنطرون بغير قتال، وهكذا كان صلاح الدين قد استرجع أغلب ساحل الشام، ولم يصمد في وجهه غير مدينتيّ طرابلس وصور وقسمًا من إمارة أنطاكية.[139]
[عدل] فتح القدس

https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._app_kdict.png مقال تفصيلي :حصار القدس (1187)
https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._folio_404.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
صلاح الدين وقد ضرب الحصار على القدس.


ظل صلاح الدين في عسقلان حتى نظم إدارتها وسلمها إلى أحد مماليكه واسمه علم الدين قيصر، وأعطاه ولاية عسقلان والقطاع الذي حولها ورحل منها وتوجه إلى القدس لفتحها، ووصلها يوم الخميس في 11 رجب سنة 583هـ، الموافق فيه 20 سبتمبر سنة 1187م، من جهة عين سلوان حتى يكون الماء قريب من جيشه وأمر جنده بمحاصرة المدينة في هيئة دائرية، وصلى المسلمين على الجبل الذي حولها يوم الجمعة، وزحفوا للقتال بعد الصلاة، ولم يكن في المدينة المقدسة قوة كبيرة لحمايتها من الهجوم الأيوبي، حيث لم يزيد عدد الجنود عن 1400 جندي، أما الباقون فكانوا من الفقراء والأهالي الذين لا خبرة لديهم في القتال وكان باليان بن بارزان فارس من فرسان الفرنجة الكبار يسكن مدينة القدس ويتولى شؤونها منذ أن غادرها الملك غي، وكان باليان هذا هو صاحب مدينة الرملة،[138][140] وقاد القتال في ذلك اليوم وإنضم إليه الكهنة والشمامسة، وكان ماهرًا في إدارة القتال وتوجيه المقاتلين أمام قوات صلاح الدين، وكان خوفه الأكبر أن يقتل المسلمين كل مسيحيي القدس عند دخولهم كما فعل الصليبيون عندما فتحوا المدينة قبل ما يزيد عن قرن من الزمن، فحث السكان أن يدافعوا عن حياتهم ومقدساتهم حتى الرمق الأخير، وعندما أرسل له صلاح الدين أن يسلم المدينة ويطلب الأمان لم يفعل، وأصر على القتال واستمر في الحرب لمدة 14 يومًا.[139]
ولما رأى صلاح الدين أن الحرب ستكون شديدة ولم يقدر على احتلال مدينة القدس، أحضر يوسف البطيط، وهو رجل مسيحي أرثوذكسي مقدسي، انتقل إلى مدينة دمشق وسكن فيها وكان له معرفة بأمراء مسلمين وفرنجة، وكان ممن يعرفهم صلاح الدين، وكان يعرف كذلك أبوه وعمه أسد الدين شيركوه وهم بدمشق في خدمة نور الدين زنكي قبل أن يحكموا مصر،[139] ولما ملك صلاح الدين مصر وحكمها، جاء إليهم ليعمل معهم فاستخدمه الملك العادل أبو بكر أخو صلاح الدين وأعطاه عطايا، وسكنًا في قصر الخليفة في قاعة باب الذهب في القصر الشرقي بالقاهرة، واستخدمه صلاح الدين لمراسلة الفرنجة، وكان يعرف أحوال البلاد وأهلها كما كان يعرف كبار فرسان تلك البلاد، فطلب منه أن يتفق مع المسيحيين الأرثوذكس من عرب وروم يوعدهم بالخير والعفو عنهم إذا لم يساعدوا الفرنجة في القتال وأن يسلموا المدينة لصلاح الدين من الجهة التي يسكنون بها في القدس فيُهلكوا الفرنجة،[139] الذين رفض صلاح الدين أن يعفي عنهم بحال فتح المدينة، حتى هدد باليان بقتل الرهائن المسلمين، والذين يُقدّر عددهم بأربعة الآف مسلم، وتدمير الأماكن الإسلامية المقدسة، أي قبة الصخرة والمسجد القبلي، الذان يُشكلان المسجد الأقصى، إذا لم يعف صلاح الدين عنهم.[141]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...Ibelin1490.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
باليان بن بارزان صاحب الرملة ونابلس وحامي القدس، يُسلّم المدينة للسلطان صلاح الدين الأيوبي.


https://upload.wikimedia.org/wikipedi...oreSaladin.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
السكّان الفرنجة بين يديّ صلاح الدين بعد استرجاعه للقدس.


استشار صلاح الدين الأيوبي مجلسه وقبل هذه الشروط، على أن يتم دفع فدية على كل من فيها مقدارها عشرة دنانير من كل رجل وخمسه دنانير من كل امرأة ودينارين عن كل صبي وكل صبية لم يبلغ سن الرشد، فمن أدى ما عليه في المهلة التي قدرها أربعين يومًا، صار حرًا.[138] ثم سمح صلاح الدين بعد أن إنقضت المهلة لمن لم يستطع الدفع منهم بالمغادرة دون فدية،[142][143] ولكن تم بيع معظم المقاتلة منهم عبيدًا.[144] دخل صلاح الدين المدينة في ليلة المعراج يوم 27 رجب سنة 583هـ، الموافق فيه 2 أكتوبر سنة 1187م، وسمح لليهود بالعودة للمدينة،[145] وهو ما دفع سكان عسقلان من اليهود لاستيطان القدس.[146] وأغلق صلاح الدين كنيسة القيامة بوجه الفرنجة بعد فتح المدينة، وأمر بترميم المحراب العمري القديم وحمل منبر مليح من حلب كان الملك نور الدين محمود بن زنكي قد أمر بصنعه ليوضع في المسجد الأقصى متى فُتح بيت المقدس، فأمر صلاح الدين بحمله من حلب ونُصب بالمسجد الأقصى،[138] وأزيل ما هناك من آثار مسيحية منها الصليب الذي رفعه الإفرنج على قبة المسجد، وغُسلت الصخرة المقدسة بعدة أحمال ماء ورد وبُخّرت وفُرشت ورُتّب في المسجد من يقوم بوظائفه وجُعلت به مدرسة للفقهاء الشافعية، ثم أعاد صلاح الدين فتح الكنيسة وقرر على من يرد إليها من الفرنج ضريبة يؤديها.[139]
وقد ابتهج المسلمون ابتهاجًا عظيمًا بعودة القدس إلى ربوع الأراضي الإسلامية والخلافة العباسية، وحضر ناس كثيرون ليسلموا على السلطان ومن هؤلاء الرشيد أبو محمد عبد الرحمن بن بدر بن الحسن بن مفرج النابلسي، الشاعر المشهور، فأنشد صلاح الدين قصيدة طويلة من مائة بيت يمدحه ويُهنئه بالفتح،[6] ومما جاء في القصيدة:
هذا الذي كانت الآمال تَنْتَظِرُفَلْيوفِ لله أقوامٌ بما نَذَرهذا الفتوحُ الذي جاء الزمانُ بهإليك من هفوات الدهر يعتذرُتَجُلّ علياه عن دح يُحيط بهوصفٌ وإن نظم المّدَاح أو نثروالقد فتحتَ عَصيّاً من ثُغورهمُلولاك ما هُدَّ من أركانها حَجَرُ[عدل] حصار صور وعكا

https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._app_kdict.png مقال تفصيلي :حصار عكا
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...-Tyre_1187.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
حصار صور من قبل الجيش الأيوبي سنة 1187.


كان معظم أمراء الفرنجة وفرسانها يذهبون إلى المدن الحصينة التي ما زالت في أيديهم مثل أنطاكية وصور، وكانت الأخيرة يحكمها ملك من ملوك أوروبا هو كونراد مركيز مونفيراتو، ويقول البعض أنه رومي ابن اخت إمبراطور القسطنطينية.[139] وكانت صور أكثر أهمية من الناحية الإستراتيجية من القدس، لذا كان من المتوقع أن يقوم صلاح الدين بفتحها أولاً، لكنه فضّل استرجاع المدينة المقدسة أولاً ليرفع من معنويات المسلمين قبل التوجه لحصار المدينة المحصنة. وقبل حصار صور توجّه صلاح الدين بجيشة إلى قلعة صفد وحاصرها سبعة شهور، ولمّا نفذ الطعام وجاعت الحامية إضطروا أن يسلموا القلعة له وطلب الأمان، وعندما غادرها جنود الفرنجة وفرسانهم ذهبوا إلى صور وكانت كل قلعة أو حصن أو مدينة تطلب الأمان ويسلمونها إلى صلاح الدين، كان الفرنجة يغادرونها إلى صور فقويت بوجود فرسان الفرنجة فيها، فصمدت في وجه صلاح الدين سنة كاملة، أضف إلى ذلك أن المركيز ظلّ يقوّي ويحمي ويدبر احتياجات المدينة طيلة أيام الحصار، حتى دبّ اليأس إلى فؤاد السلطان، ففك الحصار عنها مؤجلاً تحقيق الفتح إلى فرصة قادمة. وفي سنة 1188م أطلق صلاح الدين سراح الملك غي آل لوزينيان وأعاده إلى زوجته سيبيلا، فذهبا ليعيشا في طرابلس، ثم توجها إلى أنطاكية، قبل أن يُقررا الذهاب إلى صور، لكن كونراد رفض السماح لهما بالدخول إلى المدينة كونه لم يعترف بشرعيّة ملكيّة غي.[139]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...ge_of_Acre.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
حصار عكا.


وبعد أن انصرف صلاح الدين عن صفد واصل فتح المدن والقلاع ففتح جبلة واللاذقية وحصون صهيون وبكاس والشغر وسرمينية وبرزية ودرب ساك والكرك وكوكب، كما سعى بوهمند الثالث صاحب أنطاكية لمهادنة صلاح الدين لمدة ثمانية أشهر، فقبل صلاح الدين ذلك على أن يطلق بوهمند من عنده من أسرى المسلمين.[147] لما ضجت صور بمن لجأ إليها من الفرنجة، قام بعض رهبانهم وقسسهم بشحن الفرنجة للثأر لفقدان بيت المقدس، فرأوا أن يهاجموا عكا، فجمعوا قواتهم وضربوا عليها حصارًا بريًا بحريًا في 15 رجب 585 هـ الموافق 28 أغسطس 1189م.[148] استنجدت حامية المدينة بصلاح الدين فأرسل إلى عماله وحلفاؤه يطالبهم بالاسراع إلى نجدة المدينة، فوافاه عسكر الموصل وآمد وسنجار وغيرها من بلاد الجزيرة وحران والرُّها، كما وافاه أخاه الملك العادل أبي بكر بن أيوب في جند مصر والأسطول المصري بقيادة حسام الدين لؤلؤ، فدارت بين الفريقين معارك عظيمة لم يكتب فيها الغلبة لأي من الفريقين.[148]
[عدل] الحملة الصليبية الثالثة

https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._app_kdict.png مقال تفصيلي :الحملة الصليبية الثالثة
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...1190-Masry.PNG https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
السلطنة الأيوبية بعد استرجاع بيت المقدس وساحل الشام، وعند وصول الحملة الصليبية الثالثة.


كانت معركة حطين وفتح القدس سببين رئيسيين لخروج الحملة الصليبية الثالثة، حيث حثّ البابا غريغوري الثامن ملوك أوروبا على شن حملة صليبية جديدة لاستعادة بيت المقدس، فكان أول من لبى النداء الإمبراطور الألماني فريدريش بربروسا الإمبراطور الروماني المقدس الذي سار بجيشه برًا عبر المجر ورومانيا حتى بلغ القسطنطينية، والتي كان إمبراطورها إسحق الثاني قد تحالف سرًا مع صلاح الدين، ألاّ يسمح أحدهما لأي قوّات بتهديد أراضي الآخر، إلا أنه لم يقوى على منع قوات فريدريش لكثرة عددهم، لكنه لم يسمح بتزويدهم بالمؤن. راسل فريدريش أبناء سلطان سلاجقة الروم قلج أرسلان الثاني وقد كانوا قد حجروا على أبيهم، للمرور من خلال أراضيهم، فسمحوا له، وأرسل قلج أرسلان الثاني يعتذر لصلاح الدين على عدم قدرته على منع الألمان من المرور من أراضيه، فبلغت الرسل صلاح الدين وهو يحاصر عكا.[149]
رغم ذلك، فقد فشلت حملة فريدريش في الوصول إلى الشرق، لطول المسافة وحلول الشتاء على الجيش المرتحل ومقاومة بعض أمراء المناطق التي مرت بها الحملة للجيش الغازي وقلة المؤن، خاصة بعد امتناع إسحق الثاني إمبراطور الروم عن إمدادهم بالمؤن، إضافة إلى غرق فريدريش بربروسا نفسه في أحد الأنهار بالقرب من أنطاكية، والخلافات التي تبعت وفاته على من يخلفه، وقد أثارت أنباء فشل حملة بربروسا الغبطة في المعسكر المسلم المدافع عن عكا.[149]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...nsBeheaded.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
"إعدام السراسنة"، رسم يُظهر الملك ريتشارد الأول "قلب الأسد" وهو يُعدم السجناء المسلمين بعد استرجاعه مدينة عكا.


لم تتوقف الحملة عند ذلك، بل تصدى لتلك الحملة أيضًا ملكان من أكبر ملوك أوروبا في ذلك الوقت هما ريِتشارد الأول "قلب الأسد" ملك إنگلترا وفيليپ أغسطس ملك فرنسا، اللذان مُوِّلاها بفرض ضريبة خاصة عُرفت بعشور صلاح الدين (بالإنگليزية: Saladin tithe؛ وبالفرنسية: Dîme saladine) في إنگلترا وأجزاء من فرنسا، وانضما إلى حصار عكا، التي سقطت في عام 587هـ، الموافق لعام 1191م، أمام القوات التي يقودها ريتشارد، وأُعدم فيها ثلاثة آلاف سجين مسلم منهم نساء وأطفال.[150][151] ردّ صلاح الدين بقتل كل الفرنجة الذين أسرهم بين 28 أغسطس و 10 سبتمبر، وقد كتب بهاء الدين بن شداد "وبينما كنا هناك أحضروا اثنين من الفرنجة الذين تم أسرهم إلى السلطان صلاح الدين، وعلى الفور أمر بقطع رؤوسهم."[152] وفي 15 شعبان سنة 587هـ، الموافق فيه 7 سبتمبر سنة 1191م، اشتبكت جيوش صلاح الدين مع جيوش الصليبيين بقيادة ريتشارد قلب الأسد في معركة أرسوف التي انهزم فيها صلاح الدين،[153] إلا أن الصليبيين لم يتمكنوا من التوغل في الداخل وبقوا على الساحل، وبقيت الحرب سجال بين الفريقين، وفشلت كل محاولات الفرنجة لغزو القدس.
لجأ الفريقان بعد ذلك إلى الصلح، وعقدت هدنة في 20 شعبان سنة 588هـ، الموافق فيه 1 سبتمبر سنة 1192م، لمدة ثلاث سنوات وثمانية أشهر تبدأ من ذاك التاريخ، بعد أن أجهدت الحرب الفريقين، التي بموجبها تنحصر مملكة بيت المقدس الصليبية في شريط ساحلي ما بين يافا وصور، وتظل القدس في أيدي المسلمين مع السماح للمسيحيين بالحج إليها.[154] ومع ذلك، كانت علاقة صلاح الدين مع ريتشارد يسودها الاحترام المتبادل والشهامة بعيدًا عن التنافس العسكري، فعندما أصيب ريتشارد بالحمى، عرض صلاح الدين الأيوبي عليه خدمات طبيبه الشخصي، وأرسل إليه فاكهة مثلجة. وفي أرسوف، عندما فقد ريتشارد جواده، أرسل إليه صلاح الدين الأيوبي اثنين محله. كما عرض ريتشارد على صلاح الدين فلسطين موحدة للمسيحيين الأوروبيون والمسلمين عن طريق تزويج أخت ريتشارد الأول بأخو صلاح الدين وأن تكون القدس هدية زفافهما، على أن يكون ما فتحه المسلمون تحت حكم العادل وما بيد الفرنجة تحت حكم أخت ريتشارد، إلا أن الأمر لم يتم.[153] إلا أن الرجلين لم يلتقيا أبدًا وجهًا لوجه وكان التواصل بينهما بالكتابة أو بالرسل.
ولما تم الصلح سار صلاح الدين إلى بيت المقدس وحصّن أسوارها، وأدخل كنيسة صهيون داخل أسوارها، وبنى فيها مدرسة ورباطًا للخيل وبيمارستان، وغير ذلك من المصالح، وقضى بالمدينة شهر رمضان من سنة 588هـ، ثم تركها في 5 شوال متوجهًا إلى دمشق حيث قضى آخر أيامه.[154]
[عدل] وفاته

https://upload.wikimedia.org/wikipedi...in_Ayubi_1.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
صورة صلاح الدين معلقة على ضريحه بدمشق.


https://upload.wikimedia.org/wikipedi...aladinTomb.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
قبر صلاح الدين في دمشق.


كانت المواجهة مع الملك ريتشارد ومعاهدة الرملة آخر أعمال صلاح الدين، إذ أنه بعد وقت قصير من رحيل ريتشارد، مرض صلاح الدين بالحمى الصفراوية يوم السبت في 20 فبراير سنة 1193م، الموافق فيه 16 صفر سنة 589هـ، وأصابه أرق فلم ينم الليل إلا قليلاً، وأخذ المرض يشتد ويزيد، حتى قال طبيبه الخاص، أن أجل السلطان أصبح قاب قوسين أو أدنى، واستمر المرض يشتد حتى انتهى إلى غاية الضعف، وبعد تسعة أيام حدثت له غشية وامتنع من تناول المشروب، ولمّا كان اليوم العاشر حُقن دفعتين، وحصل له من الحقن بعض الراحة، لكنه عاد واشتد عليه المرض حتى يأس الأطباء من حاله.[6] توفي صلاح الدين فجر يوم الأربعاء في 3 مارس سنة 1193م، الموافق فيه 27 صفر سنة 589هـ، فأفجع موته المسلمين عمومًا والدمشقيين خصوصًا، وبكاه الكثيرون عند تشييعه وقيل إن العاقل حتى كان ليُخيل له أن الدنيا كلها تصيح صوتًا واحدًا من شدة البكاء، وغشي الناس ما شغلهم عن الصلاة عليه، وتأسف الناس عليه حتى الفرنج لما كان من صدق وفائه،[155] ودُفن بعد صلاة عصر ذلك اليوم في المدرسة العزيزية قرب المسجد الأموي في دمشق، إلى جوار الملك نور الدين زنكي، وعندما فُتحت خزانته الشخصية لم يكن فيها ما يكفي من المال لجنازته، فلم يكن فيها سوى سبعة وأربعين درهمًا ناصريًا ودينارًا واحدًا ذهبًا، ولم يخلف ملكًا ولا دارًا، إذ كان قد أنفق معظم ماله في الصدقات.[156]
في ساعة موته، كتب القاضي الفاضل، قاضي دمشق، إلى ولده الملك الظاهر صاحب حلب رسالة قال فيها: «﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾۞﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ كتبت إلى مولانا الملك الظاهر أحسن الله عزاءه، وجبر مصابه، وجعل فيه الخلف من السلف في الساعة المذكورة وقد زلزل المسلمون زلزالاً شديدًا، وقد حضرت الدموع المحاجر، وبلغت القلوب الحناجر، وقد ودعت أباك ومخدومي وداعًا لا تلاقي بعده وقبلت وجهه عني وعنك، وأسلمته إلى الله وحده مغلوب الحيلة، ضعيف القوة، راضيًا عن الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وبالباب من الجنود المجندة، والأسلحة المعمدة ما لم يدفع البلاء، ولا ما يرد القضاء، تدمع العين، ويخشع القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وأنا بك يا يوسف لمحزونون. وأما الوصايا، فما تحتاج إليها، والأراء، فقد شغلني المصاب عنها، وأما لائح الأمر، فإنه إن وقع اتفاق، فما عدمتم إلا شخصه الكريم، وإن كان غير ذلك، فالمصائب المستقبلة أهونها موته، وهو الهول العظيم والسلام».[155]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...n_Damascus.JPG https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
مقام صلاح الدين.


وكان ڤيلهلم الثاني إمبراطور ألمانيا عندما زار دمشق توجه إلى مدفن صلاح الدين ووضع باقة زهور جنائزية على قبره عليها نقش معناه "ملك بلا خوف ولا ملامة، علّم خصومه الفروسية الحقيقية"،[157] كما أهدى نعشًا رخاميًا للضريح إلا أن جثمان صلاح الدين لم يُنقل إليه، وبقي في النعش الخشبي، وذلك لأن الإسلام يُحّرم نبش القبور وإخراج الأموات لأغراض غير شرعيّة ويُصنّف ذلك انتهاكًا لحرمة القبر، لهذا بقي النعش الهدية في الضريح خاويًا إلى اليوم.
[عدل] الدولة الأيوبيّة بعد صلاح الدين

قسّم صلاح الدين دولته قبل وفاته بين أولاده وأفراد من عائلته، فجعل إمارة دمشق لابنه الأفضل نور الدين علي، وهو أكبر أولاده، وأوصى له بالسلطنة، وجعل الديار المصرية لولده العزيز عثمان، وإمارة حلب لولده الظاهر غازي غياث الدين، وترك الكرك والشوبك وبلاد جعبر وبلدانًا كثيرة قاطع الفرات لأخيه العادل، وحماة لابن أخيه محمد بن تقي الدين عمر، وحمص والرحبة وغيرها لحفيد عمه شيركوه، أسد الدين شيركوه بن ناصر، واليمن بمعاقله ومخاليفه في قبضة السلطان ظهير الدين سيف الإسلام طغتكين بن أيوب أخي صلاح الدين.[129] ولم يلبث الخلاف أن دبّ بين أولاد صلاح الدين، مما جعل عمهم العادل يعزلهم ويقوم بتوحيد البيت الأيوبي تحت رايته. وكما فعل صلاح الدين من قبل، فعل أخوه الملك العادل، فقسّم أراضي دولته بين أبنائه وهو على قيد الحياة، ولكن هؤلاء الإخوة لم يكونوا على وفاق بعد وفاة أبيهم، فكانوا يُحاربون بعضهم بعضًا، بالرغم من أن الصليبيين كانوا يفيدون من هذا الخلاف، وبعدهم جاء أولادهم، فلم يكونوا خيرًا من آبائهم في صلاتهم فيما بينهم وبين أبناء عمهم، ولكن واحدًا منهم استطاع أن يلمع في ظلام هذا الخلاف، ذلك هو "الصالح أيوب"، حفيد الملك العادل، الذي أعاد توحيد دولة صلاح الدين تحت سلطانه. ولمّا مات الصالح أيوب تولّى ابنه توران شاه السلطنة، لكن مماليكه ائتمروا به وقتلوه، ثمّ نصبوا زوجة أبيه "شجرة الدر" سلطانة عليهم، وبهذا زالت الدولة الأيوبيّة في مصر وقامت مكانها دولة المماليك.[158]
[عدل] أسرته

وفقًا لعماد الدين الأصفهاني، فقد أنجب صلاح الدين الأيوبي خمسة أبناء قبل مغادرته مصر في عام 1174م. ابنه الأكبر الأفضل وُلد في عام 1170م وأنجبت له زوجته شمسة التي اصطحبها معه إلى الشام ولده عثمان، وُلد في عام 1172م في مصر، ثم أنجبت طفلاً آخر في عام 1177م. بينما ذكر أبو العباس القلقشندي، أن ولده الثاني عشر وُلد في مايو سنة 1178م، بينما ذكر الأصفهاني، أن هذا الطفل كان ابن صلاح الدين السابع. كما وُلد له مسعود في عام 1175م ويعقوب في عام 1176م، وهذا الأخير من زوجته شمسة. تزوج صلاح الدين من أرملة نور الدين زنكي عصمة الدين خاتون في سبتمبر سنة 1176م، وانجبت له إحدى زوجاته غازي وداود في عامي 1173م و1178م على التوالي، وأنجبت له أخرى إسحق في عام 1174م وولدًا آخر في شهر يوليو من سنة 1182م.[159]
[عدل] صلاح الدين في التراث

[عدل] في الوعي العربي

https://upload.wikimedia.org/wikipedi...ial%29.svg.png https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
شعار مصر الحالي هو العقاب المصري الذي اكتشف في قلعة صلاح الدين بالقاهرة.


بالرغم من أن الدولة التي أسساها صلاح الدين لم تدم طويلاً من بعده، إلا أن صلاح الدين يُعَدُّ في الوعي العربي الإسلامي محرر القدس، ومع تصاعد مشاعر القومية العربية في القرن العشرين، ولا سيما في وجود الصراع العربي الإسرائيلي، اكتسبت بطولة صلاح الدين وقيادته أهمية جديدة، فقد كان في تحريره للقدس من الصليبيين مصدر إلهام لمعارضة العرب في العصر الحديث للصهيونية. كما استلهمت شخصيته في الملاحم والأشعار وحتى مناهج التربية الوطنية في الدول العربية، كما أُلِّفَت عشرات الكتب عن سيرته، وتناولتها المسرحيات والتمثيليات والأعمال الدرامية. لا يزال صلاح الدين يضرب به المثل كقائد مسلم مثالي واجه أعداءه بحسم ليحرر أراضي المسلمين، دون تفريط في الشهامة والأخلاق الرفيعة.
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...n_Damascus.JPG https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
تمثال صلاح الدين في دمشق بالقرب من قلعتها.


علاوة على ذلك، كان ينظر إلى وحدة العالم العربي تحت راية صلاح الدين رمزًا مثاليًا للوحدة الجديدة التي سعى إليها القوميون العرب، بقيادة جمال عبد الناصر. لهذا السبب، أصبح عقاب صلاح الدين رمزًا لثورة مصر،[160] واعتمد لاحقًا كشعار لعدد من الدول العربية الأخرى مثل العراق وفلسطين واليمن وسوريا. بل إن هناك محافظة في العراق سُمّيت على اسمه، إضافة إلى جامعة صلاح الدين في أربيل أكبر مدن كردستان العراق.
هناك عدد قليل من المباني منذ عهد صلاح الدين ما زالت باقية، داخل المدن الحديثة. فقد كان صلاح الدين الأيوبي أول من حصّن قلعة القاهرة (1175-1183). ومن بين الحصون التي بناها "قلعة الجندي" في سيناء، والتي تطل على طرق القوافل التي يربط مصر بالشرق الأوسط، داخل تلك القلعة، عثر فريق آثار فرنسي عام 1909م، على عدد من الغرف المقببة الكبيرة المنحوتة في الصخر، بها بقايا متاجر وصهاريج مياه.[161] كذلك يُطلق بعض المسلمين على أولادهم الذكور اسم "صلاح الدين" تيمنًا بهذا القائد، على الرغم من أن هذا الاسم كان لقبًا للسلطان الأيوبي خُلع عليه بعد إسقاطه الدولة الفاطمية وقتاله الصليبيين.

نومـا 02-17-2012 01:48 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
خالد بن الوليد

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

اذهب إلى: تصفح, البحث
خالد بن الوليدhttps://upload.wikimedia.org/wikipedi...alid-tomb2.jpg
قبر خالد بن الوليد في مدينة حمصبطاقة تعريفآخر رتبةقائد جيشالاسم الكاملخالد بن الوليد بن المغيرة المخزوميلقبسيف الله المسلولالانتماءhttps://upload.wikimedia.org/wikipedi...901%29.svg.png الخلافة الراشديةخدم فيالجيوش الإسلامية زمن الرسول وأبي بكر وعمر.تاريخ الميلاد592 ممكان الميلادمكةتاريخ الوفاة642 م / 21 هـمكان الوفاةحمصمكان الدفنجامع خالد بن الوليدأثناء الخدمةسنوات الخدمة10 هـ / 632 م - 16 هـ / 638 مأهم قياداتحروب الردة - فتح العراق
فتح الشام.خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي (توفي سنة 21هـ/642م) صحابي وقائد عسكري مسلم، لقّبه الرسول بسيف الله المسلول.[1] اشتهر بتكتيكاته وبراعته في قيادة جيوش المسلمين في حروب الردة وفتح العراق والشام، في عهد خليفتي الرسول أبي بكر وعمر في غضون عدة سنوات من عام 632 حتى عام 636.[2] يعد أحد قادة الجيوش القلائل في التاريخ الذين لم يهزموا في معركة طوال حياتهم،[3] فهو لم يهزم في أكثر من مائة معركة أمام قوات متفوقة عدديًا من الإمبراطورية الرومية البيزنطية والإمبراطورية الساسانية الفارسية وحلفائهم،[2] بالإضافة إلى العديد من القبائل العربية الأخرى. اشتهر خالد بانتصاراته الحاسمة في معارك اليمامة وأُلّيس والفراض، وتكتيكاته التي استخدمها في معركتي الولجة واليرموك.[4]
قبل إسلامه، لعب خالد بن الوليد دورًا حيويًا في انتصار قريش على قوات المسلمين في غزوة أحد، كما شارك ضمن صفوف الأحزاب في غزوة الخندق.[5] ومع ذلك، اعتنق خالد الدين الإسلامي بعد صلح الحديبية، شارك في حملات مختلفة في عهد الرسول، أهمها غزوة مؤتة وفتح مكة. وفي عام 638، وهو في أوج انتصاراته العسكرية، عزله الخليفة عمر بن الخطاب من قيادة الجيوش، ثم انتقل إلى حمص حيث عاش لأقل من أربع سنوات حتى وفاته ودفنه بها.
محتويات

[أخف] [عدل] نسبه ونشأته

اسمه كاملآً خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب، المكنّى بأبي سليمان، وقيل: أبو الوليد. يلتقي في النسب مع الرسول في مرة بن كعب الجد السادس للرسول.[6]
أبوه: الوليد بن المغيرة سيد بني مخزوم أحد بطون قريش، رفيع النسب والمكانة حتى أنه كان يرفض أن توقد نار غير ناره لإطعام الناس خاصة في مواسم الحج وسوق عكاظ، وأحد أغنى أغنياء مكة في عصره حتى أنه سمّي "بالوحيد" و"بريحانة قريش"، لأن كانت تكسو الكعبة عامًا ويكسوها الوليد وحده عامًا.[7][8] أمه: لبابة الصغرى بنت الحارث الهلالية من بني هلال بن عامر بن صعصعة من هوازن، وهي تلتقي في النسب مع الرسول في مضر بن نزار الجد السابع عشر للرسول.[9]
جده لأبيه المغيرة بن عبد الله سيد بني مخزوم، الذي كان الرجل من بني مخزوم يؤثر الانتساب إليه تشرفًا،[7] والذي كان له من الأبناء الكثير، أشهرهم الوليد أبي خالد و"الفاكه" الذي كان له من كرمه بيت ضيافة يأوى إليه بغير استئذان، و"أبو حنيفة" أحد الأربعة الذين أخذوا بأطراف رداء الرسول يوم أن اختلفت قريش عند بناء الكعبة، و"أبو أمية" الملقب "بزاد الركب" لأنه كان يكفي أصحابه مئونتهم في السفر، وهو أبو أم المؤمنين أم سلمة والصحابي المهاجر بن أبي أمية، و"هشام" قائد بني مخزوم في حرب الفجار، والذي أرخت قريش بوفاته، ولم تقم سوقًا بمكة ثلاثًا لحزنها عليه، وهو أبو أبو جهل،[7] و"هاشم" جد الصحابي عمر بن الخطاب لأمه.
جدته لأمه هند بنت عوف بن زهير بن الحرث، التي قيل عنها أنها "أكرم عجوز في الأرض أصهاراً"،[10] فهي أم أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث وأم المؤمنين زينب بنت خزيمة وأم الفضل "لبابة الكبرى بنت الحارث" زوج العباس بن عبد المطلب و"أروى بنت عميس" الخثعمية زوج حمزة بن عبد المطلب وأسماء بنت عميس زوج جعفر بن أبي طالب ثم أبي بكر الصديق ثم علي بن أبي طالب.[11]
إخوته ستة أخوة وقيل تسعة بين ذكور وإناث،[12] منهم الصحابيان الوليد بن الوليد وهشام بن الوليد، إضافة إلى عمارة بن الوليد الذي عرضته قريش بدلاً على أبي طالب ليسلمهم محمدًا، وهو ما رفضه أبو طالب.[13]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...id-mosque2.jpg https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
مسجد خالد بن الوليد في مدينة حمص والذي يضم قبره.


قبيلته بنو مخزوم وهو البطن الذي كان له أمر القبة التي كانت تضرب ليجمع فيها ما يجهّز به الجيش، وأعنة الخيل وهي قيادة الفرسان في حروب قريش.[14] كان لمخزوم عظيم الأثر في قريش، فقد كانوا في ثروتهم وعدتهم وبأسهم أقوى بطون قريش وهو ما كان له أثره في اضطلاعهم وحدهم ببناء ربع الكعبة بين الركنين الأسود واليماني، واشتركت قريش كلها في بناء بقية الأركان،[15] وقد اشتهر منهم الكثير في الجاهلية والإسلام ومنهم الشاعر عمر بن أبي ربيعة والتابعي سعيد بن المسيب.
وفقًا لعادة أشراف قريش، أرسل خالد إلى الصحراء، ليربّى على يدي مرضعة ويشب صحيحًا في جو الصحراء. وقد عاد لوالديه وهو في سن الخامسة أو السادسة. مرض خالد خلال طفولته مرضًا خفيفًا بالجدري، لكنه ترك بعض الندبات على خده الأيسر.وتعلم خالد الفروسية كغيره من أبناء الأشراف، ولكنه أبدى نبوغًا ومهارة في الفروسية منذ وقت مبكر، وتميز على جميع أقرانه، كان خالد صاحب قوة مفرطة كما عُرف بالشجاعة والجَلَد والإقدام، والمهارة وخفة الحركة في الكرّ والفرّ. واستطاع "خالد" أن يثبت وجوده في ميادين القتال، وأظهر من فنون الفروسية والبراعة في القتال ما جعله من أفضل فرسان عصره.[16]
أما صفته، فقد كان خالد طويلاً بائن الطول، عظيم الجسم والهامة يميل إلى البياض،[17] كث اللحية.[18] كان خالد شديد الشبه بعمر بن الخطاب، حتى أن ضعاف النظر كانوا يخلطون بينهما.[17]
[عدل] خالد في عهد الرسول محمد

[عدل] قبل إسلامه

https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._app_kdict.png مقال تفصيلي :غزوة أحد
لا يعرف الكثير عن خالد خلال فترة الدعوة المحمدية للإسلام في مكة. وبعد هجرة الرسول من مكة إلى المدينة المنورة، دارت العديد من المعارك بين المسلمين وقريش. لم يخض خالد غزوة بدر أولى المعارك الكبرى بين الفريقين، والتي وقع فيها شقيقه الوليد أسيرًا في أيدي المسلمين. وذهب خالد وشقيقه هشام لفداء الوليد في يثرب،[19] إلا أنه وبعد فترة قصيرة من فدائه، أسلم الوليد وهرب إلى يثرب.[20]
كانت غزوة أحد أول معارك خالد في الصراع بين القوتين، والتي تولى فيها قيادة ميمنة القرشيين.[21][22] لعب خالد دورًا حيويًا لصالح القرشيين، فقد استطاع تحويل دفة المعركة، بعدما استغل خطأ رماة المسلمين، عندما تركوا جبل الرماة لجمع الغنائم بعد تفوق المسلمين في بداية المعركة.[23] انتهز خالد ذلك الخطأ ليلتف حول جبل الرماة ويهاجم بفرسانه مؤخرة جيش المسلمين، مما جعل الدائرة تدور على المسلمين، وتحوّل هزيمة القرشيين إلى نصر.[24][25]
شارك خالد أيضًا في صفوف الأحزاب في غزوة الخندق،[26] وقد تولى هو وعمرو بن العاص تأمين مؤخرة الجيش في مائتي فارس، خوفًا من أن يتعقبهم المسلمون.[27] كما كان على رأس فرسان قريش الذين أرادوا أن يحولوا بين المسلمين ومكة في غزوة الحديبية.[28]
[عدل] إسلامه

بينما كان المسلمون في مكة لأداء عمرة القضاء في عام 7 هـ، وفقًا للاتفاق الذي أبرم في صلح الحديبية،[29] أرسل الرسول إلى الوليد بن الوليد، وسأله عن خالد، قائلاً له: «ما مثل خالد يجهل الإسلام، ولو كان جعل نكايته وحده مع المسلمين على المشركين كان خيرًا له، ولقدمناه على غيره.»[30] أرسل الوليد إلى خالد برسالة يدعوه فيها للإسلام ولإدراك ما فاته. وافق ذلك الأمر هوى خالد، فعرض على صفوان بن أمية ثم على عكرمة بن أبي جهل الانضمام إليه في رحلته إلى يثرب ليعلن إسلامه، إلا أنهما رفضا ذلك. ثم عرض الأمر على عثمان بن طلحة العبدري، فوافقه إلى ذلك. وبينما هم في طريقهم إلى يثرب، إلتقوا عمرو بن العاص مهاجرًا ليعلن إسلامه، فدخل ثلاثتهم يثرب في صفر عام 8 هـ معلنين إسلامهم،[31][32] وحينها قال الرسول: "إن مكة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها".[33]
فلما وصل يثرب، قصّ خالد على أبي بكر رؤية رأها في نومه كأنه في بلاد ضيقة مجدبة، فخرج إلى بلاد خضراء واسعة، فقال له: "مخرجك الذي هداك الله للإسلام، والضيق الذي كنت فيه من الشرك".[31][34]

نومـا 02-17-2012 01:54 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
سيف الله المسلول
https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._app_kdict.png مقال تفصيلي :غزوة مؤتة
في عام 8 هـ، وجّه الرسول جيشًا لقتال الغساسنة، بعد أن اعترض شرحبيل بن عمرو الغساني عامل قيصر الروم على البلقاء الحارث بن عمير الأزدي رسول الرسول محمد إلى صاحب بصرى، وقتله.[35] انضم خالد حديث العهد بالإسلام إلى ذلك الجيش ذي الثلاث آلاف مقاتل. اختار النبي زيد بن حارثة لقيادة الجيش، على أن يخلفه جعفر بن أبي طالب إن قتل، ثم عبد الله بن رواحة إن قتل جعفر، وإن قتل الثلاثة يختار المسلمون قائدًا من بينهم.[35]
عند وصول الجيش إلى مؤتة، وجد المسلمون أنفسهم أمام جيش مائتي ألف مقاتل نصفهم من الروم والنصف الآخر من الغساسنة. فوجئ المسلمون بالموقف، وأقاموا لليلتين في معان يتشاورون أمرهم. أشار البعض بأن يرسلوا للرسول ليشرحوا له الموقف، وينتظروا إما المدد أو الأوامر الجديدة. عارض ابن رواحة ذلك، وأقنع المسلمين بالقتال.[36] بدأت المعركة، وواجه المسلمين موقفًا عصيبًا، حيث قتل القواد الثلاثة على التوالي، عندئذ اختار المسلمون خالدًا ليقودهم في المعركة. صمد الجيش بقية اليوم، وفي الليل نقل خالد ميمنة جيشه إلى الميسرة، والميسرة إلى الميمنة، وجعل مقدمته موضع الساقة، والساقة موضع المقدمة. ثم أمر طائفة بأن تثير الغبار ويكثرون الجلبة خلف الجيش حتى الصباح. وفي الصباح، فوجئ جيش الروم والغساسنة بتغيّر الوجوه والأعلام عن تلك التي واجهوها بالأمس، إضافة إلى الجلبة، فظنوا أن مددًا قد جاء للمسلمين. عندئذ أمر بالانسحاب وخشي الروم أن يلاحقوهم، خوفًا من أن يكون الانسحاب مكيدة.[37] وبذلك، نجح خالد في أن يحفظ الجيش من إبادة شاملة.[38] حارب خالد ببسالة في غزوة مؤتة، وكسرت في يده يومئذ تسعة أسياف. وبعد أن عاد إلى يثرب، أثنى عليه الرسول ولقّبه بسيف الله المسلول.[37]
وبعد شهور، نقضت قريش أحد شروط الصلح، عندما هاجم بكر بن مناة بن كنانة حلفاء قريش بني خزاعة حلفاء الرسول.[39] عندئذ توجه الرسول في جيش من عشرة آلاف مقاتل إلى مكة، وقسم الجيش إلى أربعة أقسام تولى بنفسه قيادة أحدها وأمّر الزبير بن العوام وسعد بن عبادة وخالد بن الوليد على الثلاثة الأخرى، وأمرهم أن يدخلوا مكة كلٌ من باب. فدخلوها كل من الباب الموكل إليه، ولم يلق أحدهم قتالاً إلا كتيبة خالد، حيث قاتله عكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو وصفوان بن أمية في جند جمعوه لقتال المسلمين، واستطاع خالد أن يظفر بهم، وقتل منهم عددًا.[40][41] ثم أرسله الرسول في سرية من ثلاثين فارسًا لهدم العزى صنم جميع بني كنانة، فهدمها ثم رجع إلى الرسول، فأخبره فسأله الرسول إن كان قد رأى شيءًا؟، فرد بالنفي، فطلب منه الرسول أن يعود لأنه لم يهدمها. فرجع خالد وهو متغيظ فجرد سيفه، فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء ناشرة الرأس، فضربها خالد فشقها نصفين ورجع إلى الرسول. فأخبره فقال: "نعم تلك العزى، وقد يئست أن تعبد ببلادكم أبدا!".[42][43]
بعد الفتح، أرسل الرسول السرايا لدعوة القبائل إلى الإسلام، فأرسل خالد بن الوليد قائدًا على 350 من المهاجرين والأنصار وبني سليم في سرية إلى "بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة"، ولم يأمره بقتال.[44] وهنا كانت أول زلاّت خالد حيث قاتلهم، وأصاب منهم، رغم معارضة من كان معه من الصحابة، ومنه سالم مولى أبي حذيفة وعبد الله بن عمر بن الخطاب، فلما وصل الخبر إلى الرسول رفع يديه إلى السماء ثم قال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد".[45] وأرسل الرسول عليًا إلى بني جذيمة، لدفع ديّة قتلاهم.[46]
ورغم هذا الخطأ، أشركه الرسول بعد ذلك في غزوة حنين، حيث جعله الرسول يومئذ قائدًا على بني سليم،[47] وأصيب يومها إصابات بليغة.[48][49] كما شارك خالد أيضًا في غزوة تبوك تحت قيادة الرسول، ومن هناك أرسله الرسول في سرية إلى دومة الجندل، فدخلها وأسر صاحبها أكيدر بن عبد الملك الذي صالحه الرسول على الجزية،[50][51] وهدم صنمهم "وُدّ".[52] في عام 10 هـ، بعث الرسول خالد بن الوليد في شهر ربيع الأول في سرية من أربعمائة مقاتل إلى بني الحارث بن كعب بنجران، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم ثلاثًا، فإن استجابوا له يقبل منهم ويقيم فيهم ويعلمهم دينهم، وإن لم يفعلوا يقاتلهم. لبّى بنو الحارث بن كعب النداء وأسلموا، فأقام خالد فيهم يعلمهم الإسلام. ثم كتب خالد إلى الرسول بذلك، فأمره أن يقيم فيهم يعلمهم، ثم ليقبل معه وفدهم، فوفدوا عليه يعلنون إسلامهم.[53][54]
[عدل] خالد في عهد أبي بكر وعمر

[عدل] حروب الردة

https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._app_kdict.png مقال تفصيلي :حروب الردة
[عدل] بنو أسد وطليحة بن خويلد

بعد وفاة الرسول، انتقضت معظم القبائل العربية عدا أهل مكة والطائف والقبائل المجاورة لمكة والمدينة والطائف على سلطان أبي بكر الخليفة الجديد للمسلمين. اختلفت أسباب الانتقاض، فمنهم من إرتد عن الدين الإسلامي، ومنهم من ظل على دين الإسلام مع رفضهم أداء فريضة الزكاة، ومنهم من إلتف حول مدعي النبوة في القبائل العربية.[55]
استغل مانعي الزكاة من قبائل عبس وذبيان وغطفان خروج بعث أسامة بن زيد الذي كان قد أوصى به الرسول قبل وفاته، وحاولوا مهاجمة المدينة. وبعد أن استطاع الخليفة صد الهجوم، وإرساله من يطارد فلول المنهزمين. عقد أبو بكر أحد عشر لواءً، لمحاربة المرتدين ومانعي الزكاة في جميع أرجاء جزيرة العرب.[56] أمّر أبو بكر خالد بن الوليد أحد تلك الجيوش قوامه 4,000 مقاتل، ووجهه إلى إخضاع طيئ ثم محاربة مدعي النبوة طليحة بن خويلد وقبيلته بني أسد، ثم التوجه لإخضاع بني تميم.[57] إلا أنه وقبل أن يتحرك الجيش، وصل عدي بن حاتم الطائي بأموال زكاة طيئ، لتنضم بذلك طئ لجيش خالد.[58][59]
اجتمعت قبائل أسد وفزارة وسليم وفلول عبس وذبيان وبكر حول طليحة بن خويلد الذي إدعى النبوة، توجه إليهم خالد بجيشه، واشتبك معهم في بُزاخة، وهزمهم وفرّ طليحة إلى الشام.[60][61] أمر خالد بعد ذلك بمطاردة فلول المنهزمين، ثم أمر بإحراق الأسرى بالنيران ونكّل بهم، وأرسل رؤسائهم مكبّلين بالأصفاد إلى الخليفة لينظر ماذا يفعل بهم، لما ألحقوا بمن بقوا على دينهم من أذى، وليكون ذلك ردعًا لمن سيلقاه بعد ذلك.[62][63]
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...8%AF%D8%A9.PNG https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
خط سير خالد بن الوليد في حروب الردة.


إلتفت الفلول حول أم زمل التي كانت لها ثارات عند المسلمين، فقد قتل زيد بن حارثة أمها أم قرفة في سريته إلى بني فزارة، لتحريضها قومها على قتال المسلمين. فقاتلهم خالد في معركة كبيرة في ظفر، وهزمهم وقتل أم زمل.[64]
[عدل] بنو تميم

توجه خالد بعد ذلك بجيشه إلى بني تميم. لم تكن بنو تميم على موقف واحد، فمنهم بطون إيتاء الزكاء وإتباع خليفة رسول الله، ومنهم من رأي عكس ذلك، وبقي فريق ثالث في حيرة من أمرهم.[65] فلما وصل جيش خالد البطاح وهي منزل بنو يربوع، لم يجد بها أحدًا. كان سيدهم مالك بن نويرة ممن كانوا تحيروا في أمرهم، وكان قد أمر قومه بأن يتفرقوا.[66] بثّ خالد السرايا، وأمرهم بأن يأتوه بكل من لم يجب داعية الإسلام، وإن امتنع أن يقتلوه. وكان قد أوصاهم أبو بكر أن يؤذّنوا إذا نزلوا منزلاً، فإن أذن القوم فكفوا عنهم وإن لم يؤذنوا فاقتلوا، وإن أجابوكم إلى داعية الإسلام فسائلوهم عن الزكاة، فإن أقروا فاقبلوا منهم وإن أبوا فقاتلوهم‏.[67] عندئذ، جاءه الجند بمالك بن نويرة في جماعة من قومه، اختلفت السرية فيهم، فشهد أبو قتادة الأنصاري أنهم أقاموا الصلاة، وقال آخرون: إنهم لم يؤذنوا ولا صلوا.[68] أمر خالد بقتل ابن نويرة، واختلف الرواة في سبب قتل خالد مالكًا، فمنهم من قال أن الأسرى قتلوا لأن الليلة كانت باردة، وقد أمر خالد بأن يدفئوا الأسرى، وكانت تعني في لغة كنانة القتل، فقتلهم الحراس.[63][67][68][69] ومنهم من قال أنه دارت بين خالد ومالك حوارًا استنتج منه خالد أن مالكًا ينكر الزكاة، فقتله بذلك.[63][68][69] وفي نفس ليلة مقتل مالك، تزوج من أم تميم ليلى بنت المنهال زوجة مالك، وهو ما أنكره العديد من الصحابة، حتى أن أبو قتادة ترك الجيش وعاد إلى المدينة مقسمًا ألا يجمعه لواء مع خالد بن الوليد.[70] استنكر الصحابة في المدينة فعل خالد، وأرسل أبو بكر في طلب خالد.[71] كان عمر بن الخطاب ممن أغضبه فعل خالد، حتى أنه طلب من الخليفة أن يعزل خالد، إلا أن أبي بكر رفض ذلك، قائلاً: "ما كنت لأشيم سيفًا سلّه الله على الكافرين".[68][72] عنّف أبو بكر خالدًا على فعله، ثم صرفه إلى جيشه، وودي مالكًا وردّ سبي بني يربوع.[73]
[عدل] مسيلمة الكذاب

https://upload.wikimedia.org/wikipedi..._app_kdict.png مقال تفصيلي :معركة اليمامة
https://upload.wikimedia.org/wikipedi...8%A7%D9%87.gif https://bits.wikimedia.org/skins-1.18...y-clip-rtl.png
«يَا مُحمّدَاه» شعار المسلمين الذي جعل ينادي به خالد بن الوليد في معركة اليمامة.[74]


إدعى مسيلمة بن حبيب النبوة، واستطاع أن يجمع حوله أربعين ألفًا من قومه بني حنيفة وغيرهم، ممن أقروا بنبوته. وكان في شهادة "نهار الرحال بن عنفوة" الذي كان الرسول قد بعثه مع وفد بني حنيفة، حين وفدوا عليه ليعلنوا إسلامهم في عام الوفود ليعلمهم الدين، بأن محمدًا قد أشركه في النبوة، أكبر الدعم له في إدعائه، مما زاد من خطورة فتنته على المسلمين.[75] لذا، فقد وجّه له أبو بكر لواءً بقيادة عكرمة بن أبي جهل، ثم أردفه بلواء آخر بقيادة شرحبيل بن حسنة.[76]
تسرّع عكرمة في قراره بمواجهة جيش مسيلمة وحده قبل أن يدركه جيش شرحبيل بن حسنة، مما عرّضه لهزيمة نكراء.[77] حين وصل شرحبيل بجيشه، أدرك صعوبة الموقف، لذا أرسل للخليفة ليُعلمه بما كان. حينئذ، كان خالد قد فرغ من أمر بني تميم، فأمره أبو بكر بالتوجه من البطاح إلى اليمامة، لقتال مسيلمة الكذاب متنبي بني حنيفة. حين وصل خالد بجيشه إلى ثنية اليمامة، أدرك جيشه سرية من بني حنيفة، فأمر بقتلهم واستبقى رئيسهم مجاعة بن مرارة، لعله يخلُص منه بما ينفعه، وقيّده بالحديد في خيمته، وجعل على حراسته زوجته أم تميم.[78]
نزل مسيلمة بجيشه في عقرباء على أطراف اليمامة. ثم إلتقى الجمعان، وكانت الغلبة في البداية لبني حنيفة، فتراجع المسلمون حتى دخلوا فسطاط خالد، وكادوا أن يبطشوا بأم تميم لولا أن أجارها مجاعة بن مرارة، لما وجد منها من حسن معاملة.[79] حينئذ، ثارت الحمية في قلوب المسلمين، فأظهر المهاجرون والأنصار بطولاتٍ قلبت دفة المعركة لصالحهم، فتقهقرت بنو حنيفة يحتمون بحديقة مسوّرة منيعة الجدران تسمى بـ "حديقة الرحمن". أدرك المسلمون أنهم إن لم يسرعوا بالظفر بهم، فقد يطول الحصار، فطلب البراء بن مالك من رفقائه أن يحملوه ليتسوّر الحديقة وتبعه بعض زملائه،[80][81] واستطاعوا فتح باب الحديقة، وأعمل المسلمون القتل في بني حنيفة، وقتل وحشي بن حرب مسيلمة،[82] مما فتّ في عضد بني حنيفة. ومن يومها، أصبحت الحديقة تسمى "بحديقة الموت".
بعد أن انتهت المعركة تحرك خالد بجيشه، ليفتح حصون اليمامة، وكان خالد قد وثق بمجاعة لإجارته لأم تميم. وكان مجاعة قد أرسل للحصون التي لم يكن بها سوى النساء والأطفال والشيوخ ومن لا يستطيعون القتال بأن يلبسوا الدروع. أقنع مجاعة خالدًا بأن الحصون مملوءة بالرجال، ونظر خالد فوجد جيشه قد أنهكته الحروب، وقتل منه الكثير حتى أنه قُدر قتلى المسلمون يوم اليمامة بمائتين وألف منهم 360 من المهاجرين والأنصار، لذا رأى خالد أن يصالحهم على أن يحتفظ المسلمون بنصف السبى والغنائم. عندئذ طلب منه مجاعة أن يذهب ليعرض على قومه الأمر، ثم عاد زاعمًا بأنهم لم يقبلوا العرض، فخفّضه خالد إلى الربع.[83] وحين دخل المسلمون الحصون، لم يجد المسلمون سوى النساء والأطفال والعجزة، غضب خالد لخداعه، إلا أنه وجدها شجاعة من مجاعة، استطاع بها أن يحفظ بها من بقي من قومه، فأجاز الصلح.[84]
بعد أن تم لخالد النصر، طلب من مجاعة أن يزوجه ابنته، فلبّى مجاعة طلبه.[85] تسبب ذلك في إثارة غضب الخليفة وكبار الصحابة، لأنه لم يختار الوقت المناسب لذلك، فقد كانت المدينة في حالة حزن على فقدانهم لألف ومائتي شهيد بينهم 39 من حفظة القرآن الكريم،[86] وهو ما استدعى جمعهم للقرآن.[87] أرسل أبو بكر لخالد فعنّفه أشد مما عنفه يوم زواجه من أم تميم، فتألم خالد لغضب أبي بكر.[88] بعد اليمامة، انتهت مهمة خالد في حروب الردة، فاتخذ له بيتًا في أحد أودية اليمامة، عاش فيه مع زوجتيه.[89]

نومـا 02-17-2012 02:00 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
.
[عدل] أسرته

غير المعروف على وجه الدقة كم كان عدد أبنائه، إلا أنه يقال أنه مات لخالد أربعون من أبنائه في طاعون عمواس.[180][181] عُرف من أبنائه الباقين ثلاثة، وهم بكره سليمان بن خالد الذي قتل أثناء فتح مصر،[182] والمهاجر بن خالد الذي قتل يوم صفين وهو يقاتل في صف علي بن أبي طالب، وعبد الرحمن بن خالد والي حمص من قبل الخليفة عثمان بن عفان، والذي شارك في يوم صفين في صف معاوية بن أبي سفيان، والذي شارك أيضًا في حصار الأمويين للقسطنطينية بين عامي 674 و 678 م.[182]

moon 2115 02-17-2012 04:36 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
العصر العباسي ، وهي في الوقت نفسه كانت فترة تصدع سياسي وتوتر وصراع عاشها العالم العربي . فالخلافة في بغداد انحسرت هيبتها والسلطان الفعلي في أيدي الوزراء، وقادة الجيش ومعظمهم من الأعاجم، ثم ظهور الدويلات والإمارات المتصارعة في بلاد الشام ، ثم تعرض الحدود لغزوات الروم والصراع المستمر على الثغور الإسلامية ثم الحركات الدموية في داخل العراق كحركة القرامطة وهجماتهم على الكوفة.



لقد كان لكل وزير ولكل أمير في الكيانات السياسية المتنافسة مجلس يجمع فيه الشعراء والعلماء يتخذ منهم وسيلة دعاية وتفاخر ثم هم وسائل صلة بين الحكام والمجتمع بما تثبته وتشيعه من مميزات هذا الأمير وذلك الحاكم ، فمن انتظم في هذا المجلس أو ذاك من الشعراء أو العلماء يعني اتفق وإياهم على إكبار هذا الأمير الذي يدير هذا المجلس وذاك الوزير الذي يشرف على ذاك. والشاعر الذي يختلف مع الوزير في بغداد مثلا يرتحل إلى غيره فإذا كان شاعرا معروفا استقبله المقصود الجديد، وأكبره لينافس به خصمه أو ليفخر بصوته.



في هذا العالم المضطرب المتناقض الغارق في صراعه الاجتماعي والمذهبي كانت نشأة المتنبي وقد وعي بذكائه ألوان هذا الصراع وقد شارك فيه وهو صغير، وانغرست في نفسه مطامح البيئة فبدأ يأخذ عدته في أخذه بأسباب الثقافة والشغف في القراءة والحفظ. وقد رويت عن أشياء لها دلالاتها في هذه الطاقة المتفتحة التي سيكون لها شأن في مستقبل الأيام والتي ستكون عبقرية الشعر العربي. روي أنه تعلم في كتاب كان يتعلم فيه أولاد أشراف الكوفة دروس العلوية شعرا ولغة وإعرابا. وروي أنه اتصل في صغره بأبي الفضل بالكوفة، وكان من المتفلسفة، فهوسه وأضله. وروي أنه كان سريع الحفظ، وأنه حفظ كتابا نحو ثلاثين ورقة من نظرته الأولى إليه، وغير ذلك مما يروى عن حياة العظماء من مبالغات . . .



ولم يستقر في موطنه الأول الكوفة وإنما خرج برحلته إلى الحياة خارج الكوفة وكأنه أراد أن يواجه الحياة بنفسه ليعمق تجربته فيها بل ليشارك في صراعاتها الاجتماعية التي قد تصل إلى أن يصطبغ لونها بما يسيل من الدماء كما اصطبغ شعره وهو صبي . . هذا الصوت الناشئ الذي كان مؤهلا بما يتملك من طاقات وقابليات ذهنية أدرك أن مواجهة الحياة في آفاق أوسع من آفاق الكوفة تزيد من تجاربه ومعارفه فخرج إلى بغداد يحاول أن يبدأ بصراع الزمن والحياة قبل أن يتصلب عوده، ثم خرج إلى بادية الشام يلقي القبائل والأمراء هناك، يتصل بهم ويمدحهم فتقاذفته دمشق وطرابلس واللاذقية وحمص. كان في هذه الفترة يبحث عن فردوسه المفقود، ويهيئ لقضية جادة في ذهنه تلح عليه، ولثورة حاول أن يجمع لها الأنصار، وأعلن عنها في شعره تلميحا وتصريحا حتى أشفق عليه بعض أصدقائه وحذره من مغبة أمره، حذره أبو عبد الله معاذ بن إسماعيل في اللاذقية، فلم يستمع له وإنما أجابه مصرا :



أبـا عبـد الإلـه معاذ أني





خفي عنك في الهيجا مقامي



ذكرت جسيـم ما طلبي وأنا





تخاطر فيـه بالمهج الجسام



أمثلـي تـأخذ النكبات منـه





ويجزع من ملاقاة الحمام ؟



ولو برز الزمان إلى شخصا





لخضب شعر مفرقه حسامي




إلا أنه لم يستطع أن ينفذ ما طمح إليه. وانتهى به الأمر إلى السجن. سجنه لؤلؤ والي الأخشيديين على حمص بعد أن أحس منه بالخطر على ولايته، وكان ذلك ما بين سنتي 323 هـ ، 324 هـ .






البحث عن النموذج :



خرج أبو الطيب من السجن منهك القوى . . كان السجن علامة واضحة في حياته، وكان جدارا سميكا اصطدمت به آماله وطموحاته، وأحس كل الإحساس بأنه لم يستطع وحده أن يحقق ما يطمح إليه من تحطيم ما يحيط به من نظم، وما يراه من فساد المجتمع. فأخذ في هذه المرحلة يبحث عن نموذج الفارس القوى الذي يتخذ منه مساعدا على تحقيق طموحاته، وعلى بناء فردوسه. وعاد مرة أخرى يعيش حياة التشرد والقلق، وقد ذكر كل ذلك بشعره. فتنقل من حلب إلى إنطاكية إلى طبرية حيث التقى ببدر بن عما سنة 328 هـ، فنعم عند بدر حقبة، وكان راضيا مستبشرا بما لقيه عنده، إن الراحة بعد التعب، والاستقرار بعد التشرد، إلا أنه أحس بالملل في مقامه، وشعر بأنه لم يلتق بالفارس الذي كان يبحث عنه والذي يشاركه في ملاحمه، وتحقيق آماله. فعادت إليه ضجراته التي كانت تعتاده، وقلقه الذي لم يبتعد عنه، وأنف حياة الهدوء إذ وجد فيها ما يستذل كبرياءه. فهذا الأمير يحاول أن يتخذ منه شاعرا متكسبا كسائر الشعراء، وهو لا يريد لنفسه أن يكون شاعر أمير، وإنما يريد أن يكون شاعرا فارسا لا يقل عن الأمير منزلة. فأبو الطيب لم يفقده السجن كل شيء لأنه بعد خروجه من استعاد إرادته وكبرياءه إلا أن السجن كان سببا لتعميق تجربته في الحياة، وتنبيهه إلى أنه ينبغي أن يقف على أرض صلبة لتحقيق ما يريده من طموح. لذا فهو أخذ أفقا جديدا في كفاحه. أخذ يبحث عن نموذج الفارس القوي الذي يشترك معه لتنفيذ ما يرسمه في ذهنه.



أما بدر فلم يكن هو ذاك، ثم ما كان يدور بين حاشية بدر من الكيد لأبي الطيب، ومحاولة الإبعاد بينهما مما جعل أبا الطيب يتعرض لمحن من الأمير أو من الحاشية تريد تقييده بإرادة الأمير، كان يرى ذلك استهانة وإذلالا عبر عنه بنفس جريحة ثائرة بعد فراقه لبدر متصلا بصديق له هو أبو الحسن علي ابن أحمد الخراساني في قوله :



لا افتخار إلا لمن لا يضام





مدرك أو محارب لا ينام




وعاد المتنبي بعد فراقه لبدر إلى حياة التشرد والقلق ثانية، وعبر عن ذلك أصدق تعبير في رائيته التي هجا بها ابن كروس الأعور أحد الكائدين له عند بدر.



وظل باحثا عن أرضه وفارسه غير مستقر عند أمير ولا في مدينة حتى حط رحاله في إنطاكية حيث أبو العشائر ابن عم سيف الدولة سنة 336 هـ وعن طريقه اتصل بسيف الدولة سنة 337 هـ وانتقل معه إلى حلب.



في مجلس هذا الأمير وجد أفقه وسمع صوته، وأحس أبو الطيب بأنه عثر على نموذج الفروسية الذي كان يبحث عنه، وسيكون مساعده على تحقيق ما كان يطمح إليه. فاندفع الشاعر مع سيف الدولة يشاركه في انتصاراته. ففي هذه الانتصارات أروع بملاحمه الشعرية. استطاع أن يرسم هذه الحقبة من الزمن وما كان يدور فيها من حرب أو سلم. فيها تاريخ واجتماع وفن. فانشغل انشغالا عن كل ما يدور حوله من حسد وكيد، ولم ينظر إلا إلى صديقه وشريكه سيف الدولة. فلا حجاب ولا واسطة بينهما، وكان سيف الدولة يشعر بهذا الاندفاع المخلص من الشاعر ويحتمل منه ما لا يحتمل من غيره من الشعراء. وكان هذا كبيرا على حاشية الأمير .



وكان أبو الطيب يزداد اندفاعا وكبرياء واحتقارا لكل ما لا يوافق هذا الاندفاع وهذه الكبرياء . . في حضرة سيف الدولة استطاع أن يلتقط أنفاسه، وظن أنه وصل إلى شاطئه الأخضر، وعاش مكرما مميزا عن غيره من الشعراء. وهو لا يرى إلى أنه نال بعض حقه، ومن حوله يظن أنه حصل على أكثر من حقه. وظل يحس بالظمأ إلى الحياة إلى المجد الذي لا يستطيع هو نفسه أن يتصور حدوده إلى أنه مطمئن إلى إمارة عربية يعيش في ظلها وإلى أمير عربي يشاركه طموحه وإحساسه. وسيف الدولة يحس بطموحه العظيم، وقد ألف هذا الطموح وهذا الكبرياء منذ أن طلب منه أن يلقي شعره قاعدا وكان الشعراء يلقون أشعارهم واقفين بين يدي الأمير، واحتمل أيضا هذا التمجيد لنفسه ووضعها أحيانا بصف الممدوح إن لم يرفعها عليه . . . ولربما احتمل على مضض تصرفاته العفوية إذ لم يكن يحس مداراة مجالس الملوك والأمراء، فكانت طبيعته على سجيتها في كثير من الأحيان. وهذا ملكان يغري حساده به فيستغلونه ليوغروا صدر سيف الدولة عليه حتى أصابوا بعض النجاح، وأحس الشاعر بأن صديقه بدأ يتغير عليه، وكانت الهمسات تنقل إليه عن سيف الدولة بأنه غير راض، وعنه إلى سيف الدولة بأشياء لا ترضي الأمير وبدأت المسافة تتسع بين الشاعر وصديقه الأمير. ولربما كان هذاالاتساع مصطنعا إلا أنه اتخذ صورة في ذهن كل منهما، وأحس أبو الطيب بأن السقف الذي أظله أخذ يتصدع، اعتاده قلقه واعتادته ضجراته وظهرت منه مواقف حادة مع حاشية الأمير، وأخذت الشكوى تصل إلى سيف الدولة منه حتى بدأ يشعر بأن فردوسه الذي لاح له بريقه عند سيف الدولة لم يحقق السعادة التي نشدها. وكان موقفه مع ابن خالوية بحضور سيف الدولة واعتداء ابن خالوية عليه ولم يثأر له الأمير أصابته خيبة الأمل، وأحس بجرح لكرامته لم يستطع أن يحتمل فعزم على مغادرته ولم يستطع أن يجرح كبرياءه بتراجعه، وإنما أراد أن يمضي بعزمه. فكانت مواقف العتاب والعتاب الصريح، ووصل العتاب إلى الفراق. وكان آخر ما أنشده إياه ميميته في سنة 345 هـ ومنها:



لا تطلبن كريمــا بعد رؤيته





إن الكرام بأسخــاهم يدا ختموا



ولا تبــال بشعر بعد شاعره





قد أفسد القول حتى أحمد الصمم




البحث عن الأمل :



فارق أبو الطيب سيف الدولة وهو غير كاره له، وإنما كره الجو الذي ملأه حساده ومنافسوه من حاشية سيف الدولة. فأوغروا قلب الأمير، فجعل الشاعر يحس بأن هوة بينه وبين صديقة يملؤها الحسد والكيد، وجعله يشعر بأنه لو أقام هنا فلربما تعرض للموت أو تعرضت كبرياؤه للضيم. فغادر حلبا، وهو يكن لأميرها الحب، لذا كان قد عاتبه وبقي يذكره بالعتاب، ولم يقف منه موقف الساخط المعادي، ولذا بقيت الصلة بينهما بالرسائل التي تبادلاها حين عاد أبو الطيب إلى الكوفة من كافور حتى كادت الصلة تعود بينهما، فارق أبو الطيب حلبا إلى مصر . . وفي قلبه غضب كثير، وكأني به أطال التفكير في محاولة الرجوع إلى حلب وكأني به يضع خطة لفراقها ثم الرجوع إليها ولكن لا يرجع إليها شاعرا فقط إنما يزورها ويزور أميرها عاملا حاكما لولاية يضاهي بها سيف الدولة، ويعقد مجلسا يقابل سيف الدولة . . من هنا كانت فكرة الولاية أملا في رأسه ظل يقوي وأظنه هو أقوى الدوافع . . دفع به للتوجه إلى مصر حيث كافور الذي يمتد بعض نفوذه إلى ولايات بلاد الشام . .



وفي مصر واجه بيئة جديدة، ومجتمعا آخر، وظروفا اضطرته إلى أن يتنازل في أول الأمر عما لم يتنازل عنه، وهو عند سيف الدولة . . ثم هو عند ملك لا يحبه، ولم يجد فيه البديل الأفضل من سيف الدولة إلا أنه قصده آملا، ووطن نفسه على مدحه راضيا لما كان يربطه في مدحه من أمل الولاية، وظل صابرا محتملا كل ذلك. وأخذ يخطط إلى أمله الذي دفعه للمجيء إلى هنا، ويهدأ كلما لاح بريق السعادة في الحصول على أمله، وهو حين يراوده نقيض لما يراه من دهاء هذا الممدوح الجديد ومكره تنعصر نفسه، ويحس بالحسرة على فراقه صديقه القديم. وفي هذه البيئة الجديدة أخذ الشعور بالغربة يقوى في نفسه بل أخذ يشعر بغربتين غربته عن الأهل والأحبة وعما كان يساوره من الحنين إلى الأمير العربي سيف الدولة، ويزداد ألمه حين يرى نفسه بين يدي أسود غير عربي إلا أنه حين يتذكر جرح كبريائه يعقد لسانه ويسكت . . وغربته الروحية عمن حوله والتي كان يحس بها في داخله إحساسا يشعره بالتمزق في كثير من الأحيان . . وظل على هذا الحال لا تسكته الجائزة، ولا يرضيه العطاء، وظل يدأب لتحقيق ما في ذهنه ويتصور أنه لو حصل عليها لحقق طموحه في مجلس كمجلس سيف الدولة تجتمع فيه الشعراء لمدحه فيستمع لمديحه وإكباره على لسان الشعراء بدلا من أن يؤكد كبرياءه هو على لسانه، ولربما كان يريد إطفاء غروره بهذا إلا أن سلوكه غير المداري وعفويته التي رأيناها بابا سهلا لدخول الحساد والكائدين بينه وبين الحاكم الممدوح، ثم حدته وسرعة غضبه وعدم السيطرة على لسانه. كان كل ذلك يوقعه في مواقف تؤول عليه بصور مختلفة وفق تصورات حساده ومنافسيه . . وأكاد أعتقد أنه كان مستعدا للتنازل عن كل جوائزه وهباته لمن كان يتصور أنه كان يريد أن يتربع على عرش الشعر من أجل جائزة كافور وعطائه، ثم يصوره بصورة تشوه إحساسه وتزور مشاعره . . وذلك هو الذي يغيظه ويغضبه ويدفعه إلى التهور أحيانا وإلى المواقف الحادة . . كل ذلك يأخذ طابعا في ذهن الحاكم مغايرا لما في ذهن الشاعر . .

المتدور الاسباني 02-19-2012 07:19 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
ابن سينا

هو أبو علي الحسين بن عبدالله بن سينا ولد في أفشنة، قرب بخارى سنة 980م، درس العلوم العقلية والشرعية، وأصبح حجة في الطب والفلك والرياضة والفلسفة، ولم يبلغ العشرين عاماً، ظل ابن سينا يتنقل بين قصور الأمراء يشتغل بالتعليم والسياسة وتدبير شؤون الدولة، حتى توفي سنة 1036م ودفن بهمذان.
تجاوزت مصنفاته المائتين، بين كتب ورسائل تدل على سعة ثقافته وبراعته في العلوم الفلسفية وغيرها، منها (الشفاء) و (النجاة) وهو مختصر للشفاء والإشارات والتنبيهات، ولخصه الفخر الرازي بعنوان (لباب الإشارات).
ظل ابن سينا عمدة الأطباء طيلة العصور الوسطى ، كما ظل أعظم عالم بالطب منذ 1100 - 1500م.
الجسم عند ابن سينا ليس فاعلاً، فالفاعل انما يكون قوة أو صورة أو نفساً، والانسان مؤلف من نفس وبدن، تفيض عليه النفس من واهب الصور وهو العقل الفعال وللنفس قوى أفضلها النظرية، وبها تعتقل المعقولات، أما العالم المحسوس، فتعرفه النفس بواسطة الحواس الظاهرة والباطنة، وأعلى قوة النفس النظرية: العقل الذي يكون أولاً عقلاً بالقوة، ثم يصير عقلاً بالفعل، بمعونة العقل الفعال. وبعد الموت، تبقى النفس متصلة بالعقل (الكلى) وسعادة النفس الخيرة في اتحادها بالفعل الفعال، والشقاء الأبدي من حظ النفوس غير الخيرة. وبقدر حظ النفس من المعرفة والصحة في الدنيا، يكون حظها من الثواب في الآخرة، وقد عرض ابن سينا لدرحات العارفين وحظوظهم من البهجة والسعادة، فانتهى إلى أن أصحاب المعارف واللذات العقلية هم أسعد العارفين، ويوفق الفيلسوف بين الفلسفة والدين، بما حاوله من تأويل عقلي لآيات القرآن الكريم ، وبما أورده من أدلة عقلية لإثبات النبوة وضروراتها الاجتماعية لتدبير أمور الناس في معاشهم، وتبصيرهم بحقائق حياتهم في معادلهم.
وابن سينا في علم النفس كثيراً ما تعرض لمسائل تتعلق بالتربية والتعليم: فهو يشير إلى أهمية الانتباه في تذكر الاحساسات، إذ يقول أن الصبيان يحفظون جيداً لأن نفوسهم غير مشغولة بما تشغل نفوس البالغين.
وقد تكلم ابن سينا على التربية مباشرة في رسالة صغيرة عن السياسة، وخصص الفصل الرابع منها لسياسة الرجل مع ولده.
وحس ابن سينا أن يباشر بالتعليم إلا بعد تجاوز الطفل السادسة حتى تشتد مفاصله، ويعي سمعه، وألا يحمل عى ملازمة الكتاب مرة واحدة.
ويدعو الأطفال بعد المرحلة الأولى من التعليم وتوجيه كل منهم حسب ميوله واستعداداته، كما يراعي الناحية العلمية في التربية واعداد الناشئين لكسب المعاش. ولابن سينا جزء هام في علم الموسيقى، من جملة الرياضيات في كتابه (الشفاء) وله أيضاً مختصر في الموسيقى ضمن كتابه (النجاة).

المتدور الاسباني 02-19-2012 07:22 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
خالد ابن الوليد (( سيف الله الملول ))

هو "أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة"، ينتهي نسبه إلى "مرة بن كعب بن لؤي" الجد السابع للنبي (صلى الله عليه وسلم) و"أبي بكر الصديق" رضي الله عنه.
وأمه هي "لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية"، وقد ذكر "ابن عساكر" – في تاريخه – أنه كان قريبًا من سن "عمر بن الخطاب".
أسرة عريقة ومجد تليد
وينتمي خالد إلى قبيلة "بني مخزوم" أحد بطون "قريش" التي كانت إليها "القبة" و"الأعنة"، وكان لها شرف عظيم ومكانة كبيرة في الجاهلية، وكانت على قدر كبير من الجاه والثراء، وكانت بينهم وبين قريش مصاهرة متبادلة.
وكان منهم الكثير من السابقين للإسلام؛ منهم: "أبو سلمة بن عبد الأسد"، وكان في طليعة المهاجرين إلى الحبشة، و"الأرقم بن أبي الأرقم" الذي كانت داره أول مسجد للإسلام، وأول مدرسة للدعوة الإسلامية.
وكانت أسرة "خالد" ذات منزلة متميزة في بني مخزوم؛ فعمه "أبو أمية بن المغيرة" كان معروفًا بالحكمة والفضل، وكان مشهورًا بالجود والكرم، وهو الذي أشار على قبائل قريش بتحكيم أول من يدخل عليهم حينما اختلفوا على وضع الحجر الأسود وكادوا يقتتلون، وقد مات قبل الإسلام.
وعمه "هشام بن المغيرة" كان من سادات قريش وأشرافها، وهو الذي قاد بني مخزوم في "حرب الفجار".
وكان لخالد إخوة كثيرون بلغ عددهم ستة من الذكور هم: "العاص" و"أبو قيس" و"عبد شمس" و"عمارة" و"هشام" و"الوليد"، اثنتين من الإناث هما: "فاطمة" و"فاضنة".
أما أبوه فهو "عبد شمس الوليد بن المغيرة المخزومي"، وكان ذا جاه عريض وشرف رفيع في "قريش"، وكان معروفًا بالحكمة والعقل؛ فكان أحدَ حكام "قريش" في الجاهلية، وكان ثَريًّا صاحب ضياع وبساتين لا ينقطع ثمرها طوال العام.
فارس عصره
وفي هذا الجو المترف المحفوف بالنعيم نشأ "خالد بن الوليد"، وتعلم الفروسية كغيره من أبناء الأشراف، ولكنه أبدى نبوغًا ومهارة في الفروسية منذ وقت مبكر، وتميز على جميع أقرانه، كما عُرف بالشجاعة والجَلَد والإقدام، والمهارة وخفة الحركة في الكرّ والفرّ.
واستطاع "خالد" أن يثبت وجوده في ميادين القتال، وأظهر من فنون الفروسية والبراعة في القتال ما جعله فارس عصره بلا منازع.
معاداته للإسلام والمسلمين
وكان "خالد" –كغيره من أبناء "قريش"– معاديًا للإسلام ناقمًا على النبي (صلى الله عليه وسلم) والمسلمين الذين آمنوا به وناصروه، بل كان شديد العداوة لهم شديد التحامل عليهم، ومن ثَم فقد كان حريصًا على محاربة الإسلام والمسلمين، وكان في طليعة المحاربين لهم في كل المعارك التي خاضها الكفار والمشركون ضد المسلمين.
وكان له دور بارز في إحراز النصر للمشركين على المسلمين في غزوة "أحد"، حينما وجد غِرَّة من المسلمين بعد أن خالف الرماة أوامر النبي (صلى الله عليه وسلم)، وتركوا مواقعهم في أعلى الجبل، ونزلوا ليشاركوا إخوانهم جمع غنائم وأسلاب المشركين المنهزمين، فدار "خالد" بفلول المشركين وباغَتَ المسلمين من خلفهم، فسادت الفوضى والاضطراب في صفوفهم، واستطاع أن يحقق النصر للمشركين بعد أن كانت هزيمتهم محققة.
كذلك فإن "خالدا" كان أحد صناديد قريش يوم الخندق الذين كانوا يتناوبون الطواف حول الخندق علهم يجدون ثغرة منه؛ فيأخذوا المسلمين على غرة، ولما فشلت الأحزاب في اقتحام الخندق، وولوا منهزمين، كان "خالد بن الوليد" أحد الذين يحمون ظهورهم حتى لا يباغتهم المسلمون.
وفي "الحديبية" خرج "خالد" على رأس مائتي فارس دفعت بهم قريش لملاقاة النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه، ومنعهم من دخول مكة، وقد أسفر الأمر عن عقد معاهدة بين المسلمين والمشركين عرفت باسم "صلح الحديبية".
وقد تجلت كراهية "خالد" للإسلام والمسلمين حينما أراد المسلمون دخول مكة في عمرة القضاء؛ فلم يطِق خالد أن يراهم يدخلون مكة –رغم ما بينهم من صلح ومعاهدة– وقرر الخروج من مكة حتى لا يبصر أحدًا منهم فيها.
إسلامه
أسلم خالد في (صفر 8 هـ= يونيو 629م)؛ أي قبل فتح مكة بستة أشهر فقط، وقبل غزوة مؤتة بنحو شهرين.
ويروى في سبب إسلامه: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال للوليد بن الوليد أخيه، وهو في عمرة القضاء: "لو جاء خالد لقدّمناه، ومن مثله سقط عليه الإسلام في عقله"، فكتب "الوليد" إلى "خالد" يرغبه في الإسلام، ويخبره بما قاله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيه، فكان ذلك سبب إسلامه وهجرته.
وقد سُرَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) بإسلام خالد، وقال له حينما أقبل عليه: "الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلاً رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير".
وفرح المسلمون بانضمام خالد إليهم، فقد أعزه الله بالإسلام كما أعز الإسلام به، وتحول عداء خالد للإسلام والمسلمين إلى حب وتراحم، وانقلبت موالاته للكافرين إلى عداء سافر، وكراهية متأججة، وجولات متلاحقة من الصراع والقتال.
سيف الله في مؤتة
وكانت أولى حلقات الصراع بين خالد والمشركين –بعد التحول العظيم الذي طرأ على حياة خالد وفكره وعقيدته– في (جمادى الأولى 8هـ = سبتمبر 629م) حينما أرسل النبي (صلى الله عليه وسلم) سرية الأمراء إلى "مؤتة" للقصاص من قتلة "الحارث بن عمير" رسوله إلى صاحب بصرى.
وجعل النبي (صلى الله عليه وسلم) على هذا الجيش: "زيد بن حارثة" ومن بعده "جعفر بن أبي طالب"، ثم "عبد الله بن رواحة"، فلما التقى المسلمون بجموع الروم، استشهد القادة الثلاثة الذين عينهم النبي (صلى الله عليه وسلم)، وأصبح المسلمون بلا قائد، وكاد عقدهم ينفرط وهم في أوج المعركة، وأصبح موقفهم حرجًا، فاختاروا "خالدًا" قائدًا عليهم.
واستطاع "خالد" بحنكته ومهارته أن يعيد الثقة إلى نفوس المسلمين بعد أن أعاد تنظيم صفوفهم، وقد أبلى "خالد" – في تلك المعركة – بلاء حسنًا، فقد اندفع إلى صفوف العدو يعمل فيهم سيفه قتلاً وجرحًا حتى تكسرت في يده تسعة أسياف.
وقد أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) أصحابه باستشهاد الأمراء الثلاثة، وأخبرهم أن "خالدًا" أخذ اللواء من بعدهم، وقال عنه: "اللهم إنه سيف من سيوفك، فأنت تنصره". فسمي خالد "سيف الله" منذ ذلك اليوم.
وبرغم قلة عدد جيش المسلمين الذي لا يزيد عن ثلاثة آلاف فارس، فإنه استطاع أن يلقي في روع الروم أن مددًا جاء للمسلمين بعد أن عمد إلى تغيير نظام الجيش بعد كل جولة، فتوقف الروم عن القتال، وتمكن خالد بذلك أن يحفظ جيش المسلمين، ويعود به إلى المدينة استعدادًا لجولات قادمة.
خالد والدفاع عن الإسلام
وحينما خرج النبي (صلى الله عليه وسلم) في نحو عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار؛ لفتح "مكة" في (10 من رمضان 8هـ = 3 من يناير 630م)، جعله النبي (صلى الله عليه وسلم) على أحد جيوش المسلمين الأربعة، وأمره بالدخول من "الليط" في أسفل مكة، فكان خالد هو أول من دخل من أمراء النبي (صلى الله عليه وسلم)، بعد أن اشتبك مع المشركين الذين تصدوا له وحاولوا منعه من دخول البيت الحرام، فقتل منهم ثلاثة عشر مشركًا، واستشهد ثلاثة من المسلمين، ودخل المسلمون مكة – بعد ذلك – دون قتال.
وبعد فتح مكة أرسل النبي (صلى الله عليه وسلم) خالدًا في ثلاثين فارسًا من المسلمين إلى "بطن نخلة" لهدم "العزى" أكبر أصنام "قريش" وأعظمها لديها.
ثم أرسله – بعد ذلك – في نحو ثلاثمائة وخمسين رجلاً إلى "بني جذيمة" يدعوهم إلى الإسلام، ولكن "خالدًا" – بما عُرف عنه من البأس والحماس – قتل منهم عددًا كبيرًا برغم إعلانهم الدخول في الإسلام؛ ظنًا منه أنهم إنما أعلنوا إسلامهم لدرء القتل عن أنفسهم، وقد غضب النبي (صلى الله عليه وسلم) لما فعله خالد وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد"، وأرسل "عليًا بن أبي طالب" لدفع دية قتلى "بني جذيمة".
وقد اعتبر كثير من المؤرخين تلك الحادثة إحدى مثالب "خالد"، وإن كانوا جميعًا يتفقون على أنه أخطأ متأولاً، وليس عن قصد أو تعمد. وليس أدل على ذلك من أنه ظل يحظى بثقة النبي (صلى الله عليه وسلم)، بل إنه ولاه – بعد ذلك – إمارة عدد كبير من السرايا، وجعله على مقدمة جيش المسلمين في العديد من جولاتهم ضد الكفار والمشركين.
ففي "غزوة حنين" كان "خالد" على مقدمة خيل "بني سليم" في نحو مائة فارس، خرجوا لقتال قبيلة "هوازن" في (شوال 8هـ = فبراير 630م)، وقد أبلى فيها "خالد" بلاءً حسنًا، وقاتل بشجاعة، وثبت في المعركة بعد أن فرَّ من كان معه من "بني سليم"، وظل يقاتل ببسالة وبطولة حتى أثخنته الجراح البليغة، فلما علم النبي (صلى الله عليه وسلم) بما أصابه سأل عن رحله ليعوده.
سيف على أعداء الله
ولكن هذه الجراح البليغة لم تمنع خالدًا أن يكون على رأس جيش المسلمين حينما خرج إلى "الطائف" لحرب "ثقيف" و"هوازن".
ثم بعثه النبي (صلى الله عليه وسلم) – بعد ذلك – إلى "بني المصطلق" سنة (9هـ = 630م)، ليقف على حقيقة أمرهم، بعدما بلغه أنهم ارتدوا عن الإسلام، فأتاهم "خالد" ليلاً، وبعث عيونه إليهم، فعلم أنهم على إسلامهم، فعاد إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فأخبره بخبرهم.
وفي (رجب 9هـ = أكتوبر 630م) أرسل النبي (صلى الله عليه وسلم) "خالدًا" في أربعمائة وعشرين فارسًا إلى "أكيدر بن عبد الملك" صاحب "دومة الجندل"، فاستطاع "خالد" أسر "أكيدر"، وغنم المسلمون مغانم كثيرة، وساقه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فصالحه على فتح "دومة الجندل"، وأن يدفع الجزية للمسلمين، وكتب له النبي (صلى الله عليه وسلم) كتابًا بذلك.
وفي (جمادى الأولى 1هـ = أغسطس 631م) بعث النبي (صلى الله عليه وسلم) "خالدًا" إلى "بني الحارث بن كعب" بنجران في نحو أربعمائة من المسلمين، ليخيرهم بين الإسلام أو القتال، فأسلم كثير منهم، وأقام "خالد" فيهم ستة أشهر يعلمهم الإسلام وكتاب الله وسنة نبيه، ثم أرسل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) يخبره بإسلامهم، فكتب إليه النبي يستقدمه مع وفد منهم.
يقاتل المرتدين ومانعي الزكاة
وبعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) شارك "خالد" في قتال المرتدين في عهد "أبي بكر الصديق" – رضي الله عنه – فقد ظن بعض المنافقين وضعاف الإيمان أن الفرصة قد أصبحت سانحة لهم – بعد وفاة النبي – للانقضاض على هذا الدين، فمنهم من ادعى النبوية، ومنهم من تمرد على الإسلام ومنع الزكاة، ومنهم من ارتد عن الإسلام. وقد وقع اضطراب كبير، واشتعلت الفتنة التي أحمى أوارها وزكّى نيرانها كثير من أعداء الإسلام.
وقد واجه الخليفة الأول تلك الفتنة بشجاعة وحزم، وشارك خالد بن الوليد بنصيب وافر في التصدي لهذه الفتنة والقضاء عليها، حينما وجهه أبو بكر لقتال "طليحة بن خويلد الأسدي" وكان قد تنبأ في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) حينما علم بمرضه بعد حجة الوداع، ولكن خطره تفاقم وازدادت فتنته بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) والتفاف كثير من القبائل حوله، واستطاع خالد أن يلحق بطليحة وجيشه هزيمة منكرة فر "طليحة" على إثرها إلى "الشام"، ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، وكان له دور بارز في حروب الفرس، وقد استشهد في عهد عمر بن الخطاب.
وبعد فرار طليحة راح خالد يتتبع فلول المرتدين، فأعمل فيهم سيفه حتى عاد كثير منهم إلى الإسلام.
مقتل مالك بن نويرة وزواج خالد من امرأته
ثم سار خالد ومن معه إلى مالك بن نويرة الذي منع الزكاة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم)، فلما علم مالك بقدومه أمر قومه بالتفرق حتى لا يظفر بهم خالد، ولكن خالدا تمكن من أسره في نفر من قومه، وكانت ليلة شديدة البرودة، فأمر خالد مناديًا أن أدفئوا أسراكم، وظن الحرس -وكانوا من كنانة- أنه أراد قتل الأسرى – على لغتهم- فشرعوا فيهم سيوفهم بالقتل، حتى إذا ما انتبه خالد كانوا قد فرغوا منهم.
وأراد خالد أن يكفّر عن ذلك الخطأ الذي لم يعمده فتزوج من امرأة مالك؛ مواساة لها، وتخفيفًا عن مصيبتها في فقد زوجها الفارس الشاعر.
القضاء على فتنة مسيلمة الكذاب
وخرج خالد – بعد ذلك – لقتال مسيلمة الكذاب الذي كان من أشد أولئك المتنبئين خطرًا، ومن أكثرهم أعوانًا وجندًا، ودارت معركة عنيفة بين الجانبين، انتهت بهزيمة "بني حنيفة" ومقتل "مسيلمة"، وقد استشهد في تلك الحرب عدد كبير من المسلمين بلغ أكثر من ثلاثمائة وستين من المهاجرين والأنصار، وكان أكثرهم من السابقين إلى الإسلام، وحفظه القرآن، وهو الأمر الذي دعا أبا بكر إلى التفكير في جمع القرآن الكريم؛ خوفًا عليه من الضياع بعد موت هذا العدد الكبير من الحفاظ.
فتوحات خالد في العراق
ومع بدايات عام (12هـ = 633م) بعد أن قضى أبو بكر على فتنة الردة التي كادت تمزق الأمة وتقضي على الإسلام، توجه الصديق ببصره إلى العراق يريد تأمين حدود الدولة الإسلامية، وكسر شوكة الفرس المتربصين بالإسلام.
وكان خالد في طليعة القواد الذين أرسلهم أبو بكر لتلك المهمة، واستطاع خالد أن يحقق عددًا من الانتصارات على الفرس في "الأبلة" و"المذار" و"الولجة" و"أليس"، وواصل خالد تقدمه نحو "الحيرة" ففتحها بعد أن صالحه أهلها على الجزية، واستمر خالد في تقدمه وفتوحاته حتى فتح جانبًا كبيرًا من العراق، ثم اتجه إلى "الأنبار" ليفتحها، ولكن أهلها تحصنوا بها، وكان حولها خندق عظيم يصعب اجتيازه، ولكن خالدًا لم تعجزه الحيلة، فأمر جنوده برمي الجنود المتحصنين بالسهام في عيونهم، حتى أصابوا نحو ألف عين منهم، ثم عمد إلى الإبل الضعاف والهزيلة، فنحرها وألقى بها في أضيق جانب من الخندق، حتى صنع جسرًا استطاع العبور عليه هو وفرسان المسلمين تحت وابل من السهام أطلقه رماته لحمايتهم من الأعداء المتربصين بهم من فوق أسوار الحصن العالية المنيعة.. فلما رأى قائد الفرس ما صنع خالد وجنوده، طلب الصلح، وأصبحت الأنبار في قبضة المسلمين.
يواصل فتوحاته في العراق
واستخلف خالد "الزبرقان بن بدر" على الأنبار واتجه إلى "عين التمر" التي اجتمع بها عدد كبير من الفرس، تؤازرهم بعض قبائل العرب، فلما بلغهم مقدم "خالد" هربوا، والتجأ من بقي منهم إلى الحصن، وحاصر خالد الحصن حتى استسلم من فيه، فاستخلف "عويم بن الكاهل الأسلمي" على عين التمر، وخرج في جيشه إلى دومة الجندل ففتحهما.
وبسط خالد نفوذه على الحصيد والخنافس والمصيخ، وامتد سلطانه إلى الفراض وأرض السواد ما بين دجلة والفرات.
الطريق إلى الشام
ثم رأى أبو بكر أن يتجه بفتوحاته إلى الشام، فكان خالد قائده الذي يرمي به الأعداء في أي موضع، حتى قال عنه: "والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد"، ولم يخيب خالد ظن أبي بكر فيه، فقد استطاع أن يصل إلى الشام بسرعة بعد أن سلك طريقًا مختصرًا، مجتازًا المفاوز المهلكة غير المطروقة، متخذًا "رافع بن عمير الطائي" دليلاً له، ليكون في نجدة أمراء أبي بكر في الشام: "أبي عبيدة عامر الجراح"، و"شرحبيل بن حسنة" و"عمرو بن العاص"، فيفاجئ الروم قبل أن يستعدوا له.. وما إن وصل خالد إلى الشام حتى عمد إلى تجميع جيوش المسلمين تحت راية واحدة، ليتمكنوا من مواجهة عدوهم والتصدي له.
وأعاد خالد تنظيم الجيش، فقسمه إلى كراديس، ليكثروا في عين عدوهم فيهابهم، وجعل كل واحد من قادة المسلمين على رأس عدد من الكراديس، فجعل أبا عبيدة في القلب على (18) كردسا، ومعه عكرمة بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو، وجعل عمرو بن العاص في الميمنة على 10 كراديس ومعه شرحبيل بن حسنة، وجعل يزيد بن أبي سفيان في الميسرة على 10 كراديس.
والتقى المسلمون والروم في وادي اليرموك وحمل المسلمون على الروم حملة شديدة، أبلوا فيها بلاء حسنا حتى كتب لهم النصر في النهاية. وقد استشهد من المسلمين في هذه الموقعة نحو ثلاثة آلاف، فيهم كثير من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
وتجلت حكمة خالد وقيادته الواعية حينما جاءه رسول برسالة من عمر بن الخطاب تحمل نبأ وفاة أبي بكر الصديق وتخبره بعزله عن إمارة الجيش وتولية أبي عبيدة بدلا منه، وكانت المعركة لا تزال على أشدها بين المسلمين والروم، فكتم خالد النبأ حتى تم النصر للمسلمين، فسلم الرسالة لأبي عبيدة ونزل له عن قيادة الجيش.
خالد بين القيادة والجندية
ولم ينته دور خالد في الفتوحات الإسلامية بعزل عمر له وتولية أبي عبيدة أميرا للجيش، وإنما ظل خالد يقاتل في صفوف المسلمين، فارسا من فرسان الحرب وبطلا من أبطال المعارك الأفذاذ المعدودين.
وكان له دور بارز في فتح دمشق وحمص وقنسرين، ولم يفت في عضده أن يكون واحدا من جنود المسلمين، ولم يوهن في عزمه أن يصير جنديا بعد أن كان قائدا وأميرا؛ فقد كانت غايته الكبرى الجهاد في سبيل الله، ينشده من أي موقع وفي أي مكان.
وفاة الفاتح العظيم
وتوفي خالد بحمص في (18 من رمضان 21هـ = 20 من أغسطس 642م). وحينما حضرته الوفاة، انسابت الدموع من عينيه حارة حزينة ضارعة، ولم تكن دموعه رهبة من الموت، فلطالما واجه الموت بحد سيفه في المعارك، يحمل روحه على سن رمحه، وإنما كان حزنه وبكاؤه لشوقه إلى الشهادة، فقد عزّ عليه –وهو الذي طالما ارتاد ساحات الوغى فترتجف منه قلوب أعدائه وتتزلزل الأرض من تحت أقدامهم- أن يموت على فراشه، وقد جاءت كلماته الأخيرة تعبر عن ذلك الحزن والأسى في تأثر شديد: "لقد حضرت كذا وكذا زحفا وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء".
وحينا يسمع عمر بوفاته يقول: "دع نساء بني مخزوم يبكين على أبي سليمان، فإنهن لا يكذبن، فعلى مثل أبي سليمان تبكي البواكي".

_____________

المتدور الاسباني 02-19-2012 07:24 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
عمر بن الخطاب أحد العشرة المبشرين بالجنة يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا" فجا قط الا سلك فجا غير فجك "000 حديث شريف الفاروق أبو حفص ، عمر بن الخطاب بن نُفيل بن عبد العزَّى القرشي العدوي ، ولد بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة ( 40 عام قبل الهجرة ) ، عرف في شبابه بالشـدة والقـوة ، وكانت له مكانة رفيعـة في قومه اذ كانت له السفارة في الجاهلية فتبعثـه قريش رسولا اذا ما وقعت الحرب بينهم أو بينهم و بين غيرهم000وأصبح الصحابي العظيم الشجاع الحازم الحكيم العادل صاحب الفتوحات وأول من لقب بأمير المؤمنين0 اسلامه أسلم في السنة السادسة من البعثة النبوية المشرفة ، فقد كان الخباب بن الأرت يعلم القرآن لفاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد عندما فاجأهم عمر بن الخطـاب متقلـدا سيفه الذي خـرج به ليصفـي حسابه مع الإسـلام ورسوله ، لكنه لم يكد يتلو القرآن المسطور في الصحيفة حتى صاح صيحته المباركة دلوني على محمد )000 وسمع خباب كلمات عمر ، فخرج من مخبئه وصاح يا عمـر والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصـك بدعـوة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ، فإني سمعته بالأمس يقول اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك ، أبي الحكم بن هشام ، وعمر بن الخطاب )000فسأله عمر من فوره وأين أجد الرسول الآن يا خباب ؟)000وأجاب خباب عند الصفـا في دار الأرقـم بن أبي الأرقـم )000 ومضى عمر الى مصيره العظيم000ففي دار الأرقم خرج إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال أما أنت منتهيا يا عمر حتى يُنزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة ؟ اللهم هذا عمر بن الخطاب ، اللهم أعزّ الدين بعمر بن الخطاب )000فقال عمر أشهد أنّك رسول الله )000 وباسلامه ظهر الاسلام في مكة اذ قال للرسول - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون في دار الأرقم والذي بعثك بالحق لتخرجن ولنخرجن معك )000وخرج المسلمون ومعهم عمر ودخلوا المسجد الحرام وصلوا حول الكعبة دون أن تجـرؤ قريش على اعتراضهم أو منعهم ، لذلك سماه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ( الفاروق ) لأن الله فرق بين الحق والباطل 000 لسان الحق هو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، ومن علماء الصحابة وزهادهم ، وضع الله الحق على لسانه اذ كان القرآن ينزل موافقا لرأيه ، يقول علي بن أبي طالب إنّا كنا لنرى إن في القرآن كلاما من كلامه ورأياً من رأيه ) 000كما قال عبد الله بن عمر مانزل بالناس أمر فقالوا فيه وقال عمر ، إلا نزل القرآن بوفاق قول عمر )000 ‏عن ‏أبي هريرة ‏-‏رضي الله عنه- ‏‏قال :‏ ‏قال رسـول اللـه ‏-‏صلى اللـه عليه وسلم-‏ ‏ لقد كان فيما قبلكم من الأمم ‏‏محدثون ،‏ ‏فإن يك في أمتي أحد فإنه ‏‏عمر ‏)000 و‏زاد ‏‏زكرياء بن أبي زائدة ‏ ‏عن ‏ ‏سعد ‏ ‏عن ‏ ‏أبي سلمة ‏ ‏عن ‏أبي هريرة ‏‏قال ‏: ‏قال النبي ‏ ‏-صلى الله عليه وسلم- ‏ لقد كان فيمن كان قبلكم من ‏بني إسرائيل‏ ‏رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء ، فإن يكن من أمتي منهم أحد ‏‏فعمر )000‏‏قال ‏‏ابن عباس ‏-‏رضي الله عنهما- ‏‏من نبي ولا محدث ‏)000 قوة الحق كان قويا في الحق لا يخشى فيه لومة لائم ، فقد ‏استأذن ‏‏عمر بن الخطاب ‏‏على رسول الله ‏-‏صلى الله عليه وسلم- ‏‏وعنده ‏‏نسوة ‏من ‏قريش ،‏ ‏يكلمنه ويستكثرنه ، عالية أصواتهن على صوته ، فلما استأذن ‏‏عمر بن الخطاب ‏قمن فبادرن الحجاب ، فأذن له رسول الله - ‏صلى الله عليه وسلم-،‏ ‏فدخل ‏‏عمر ‏‏ورسول الله ‏-‏صلى الله عليه وسلم- ‏‏يضحك ، فقال ‏‏عمر ‏ ‏أضحك الله سنك يا رسول الله )000فقال النبي ‏-صلى الله عليه وسلم-‏ ‏ عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي ، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب )000فقال ‏‏عمر ‏ ‏فأنت أحق أن يهبن يا رسول الله )000ثم قال عمر ‏ ‏يا عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله ‏-‏صلى الله عليه وسلم-)000‏فقلن نعم ، أنت أفظ وأغلظ من رسول الله -‏صلى الله عليه وسلم-)000‏فقال رسول الله ‏-‏صلى الله عليه وسلم- ‏ إيها يا ‏ابن الخطاب ‏، ‏والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا ‏فجا ‏قط إلا سلك ‏‏فجا ‏غير‏فجك )000 ومن شجاعته وهيبته أنه أعلن على مسامع قريش أنه مهاجر بينما كان المسلمون يخرجون سرا ، وقال متحديا لهم من أراد أن تثكله أمه وييتم ولده وترمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي )000فلم يجرؤ أحد على الوقوف في وجهه000 عمر في الأحاديث النبوية رُويَ عن الرسـول -صلى الله عليه وسلم- العديد من الأحاديث التي تبين فضل عمـر بن الخطاب نذكر منها000( إن الله سبحانـه جعل الحق على لسان عمر وقلبه )000( الحق بعدي مع عمـر حيث كان ) 000( لو كان بعدي نبيّ لكان عمـر بن الخطاب )000( إن الشيطان لم يلق عمـر منذ أسلم إلا خرَّ لوجهه )000( ما في السماء ملك إلا وهو يوقّر عمر ، ولا في الأرض شيطان إلا وهو يفرق من عمر )000 قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأةِ أبي طلحة وسمعت خشفاً أمامي ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا بلال ، ورأيت قصرا أبيض بفنائه جارية ، فقلت : لمن هذا القصر ؟ قالوا : لعمر بن الخطاب ، فأردت أن أدخله فأنظر إليه ، فذكرت غيْرتك )000فقال عمر بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار !)000 وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- بيْنا أنا نائم إذ أتيت بقدح لبنٍ ، فشربت منه حتى إنّي لأرى الريّ يجري في أظفاري ، ثم أعطيت فضْلي عمر بن الخطاب )000قالوا فما أوّلته يا رسول الله ؟)000 قال العلم )000 قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون عليّ وعليهم قمصٌ ، منها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ أسفل من ذلك ، وعُرِضَ عليّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يجرّه )000قالوا فما أوَّلته يا رسول الله ؟)000قال الدين )000 خلافة عمر رغب أبو بكر -رضي الله عنه- في شخصية قوية قادرة على تحمل المسئولية من بعده ، واتجه رأيه نحو عمر بن الخطاب فاستشار في ذلك عدد من الصحابة مهاجرين وأنصارا فأثنوا عليه خيرا ومما قاله عثمان بن عفان اللهم علمي به أن سريرته أفضل من علانيته ، وأنه ليس فينا مثله )000 وبناء على تلك المشورة وحرصا على وحدة المسلمين ورعاية مصلحتهم000 أوصى أبو بكر الصديق بخلافة عمر من بعده ، وأوضح سبب اختياره قائلا اللهم اني لم أرد بذلك الا صلاحهم ، وخفت عليهم الفتنة فعملت فيهم بما أنت أعلم ، واجتهدت لهم رأيا فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم )000ثم أخذ البيعة العامة له بالمسجد اذ خاطب المسلمين قائلا أترضون بمن أستخلف عليكم ؟ فوالله ما آليـت من جهـد الرأي ، ولا وليت ذا قربى ، واني قد استخلفـت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا )000فرد المسلمون سمعنا وأطعنا)000وبايعوه سنة ( 13 هـ )000 انجازاته استمرت خلافته عشر سنين تم فيها كثير من الانجازات المهمة000لهذا وصفه ابن مسعود -رضي الله عنه- فقال كان اسلام عمر فتحا ، وكانت هجرته نصرا ، وكانت إمامته رحمه ، ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي الى البيت حتى أسلم عمر ، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا)000 فهو أول من جمع الناس لقيام رمضان في شهر رمضان سنة ( 14 هـ ) ، وأول من كتب التاريخ من الهجرة في شهر ربيع الأول سنة ( 16 هـ ) ، وأول من عسّ في عمله ، يتفقد رعيته في الليل وهو واضع الخراج ، كما أنه مصّـر الأمصار ، واستقضـى القضـاة ، ودون الدواويـن ، وفرض الأعطيـة ، وحج بالناس عشر حِجَـجٍ متواليـة ، وحج بأمهات المؤمنين في آخر حجة حجها000 وهدم مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وزاد فيه ، وأدخل دار العباس بن عبد المطلب فيما زاد ، ووسّعه وبناه لمّا كثر الناس بالمدينة ، وهو أول من ألقى الحصى في المسجد النبوي ، فقد كان الناس إذا رفعوا رؤوسهم من السجود نفضوا أيديهم ، فأمر عمر بالحصى فجيء به من العقيق ، فبُسِط في مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- 000 وعمر -رضي الله عنه- هو أول من أخرج اليهود وأجلاهم من جزيرة العرب الى الشام ، وأخرج أهل نجران وأنزلهم ناحية الكوفة000 الفتوحات الإسلامية لقد فتح الله عليه في خلافته دمشق ثم القادسية حتى انتهى الفتح الى حمص ، وجلولاء والرقة والرّهاء وحرّان ورأس العين والخابور ونصيبين وعسقلان وطرابلس وما يليها من الساحل وبيت المقدس وبَيْسان واليرموك والجابية والأهواز والبربر والبُرلُسّ000 وقد ذلّ لوطأته ملوك الفرس والروم وعُتاة العرب حتى قال بعضهم كانت درَّة عمر أهيب من سيف الحجاج )000 هَيْـبَتِـه و تواضعه وبلغ -رضي الله عنه- من هيبته أن الناس تركوا الجلوس في الأفنية ، وكان الصبيان إذا رأوه وهم يلعبون فرّوا ، مع أنه لم يكن جبّارا ولا متكبّرا ، بل كان حاله بعد الولاية كما كان قبلها بل زاد تواضعه ، وكان يسير منفردا من غير حرس ولا حُجّاب ، ولم يغرّه الأمر ولم تبطره النعمة000 استشهاده كان عمر -رضي الله عنه- يتمنى الشهادة في سبيل الله ويدعو ربه لينال شرفها اللهم أرزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك)000وفي ذات يوم وبينما كان يؤدي صلاة الفجر بالمسجد طعنه أبو لؤلؤة المجوسي ( غلاما للمغيرة بن شعبة ) عدة طعنات في ظهره أدت الى استشهاده ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة000 ولما علم قبل وفاته أن الذي طعنه ذلك المجوسي حمد الله تعالى أن لم يقتله رجل سجد لله تعالى سجدة000ودفن الى جوار الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- في الحجرة النبوية الشريفة الموجودة الآن في المسجد النبوي في المدينة المنورة000

المتدور الاسباني 02-19-2012 07:28 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
أبو بكر الصديق أحد العشرة المبشرين بالجنة (*ثاني اثنين اذ هما في الغار ، اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا *) قرآن كريم هو عبد الله بن أبي قحافة، من قبيلة قريش، ولد بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بثلاث سنيـن ، أمه أم الخير سلمى بنت صخر التيمية بنت عم أبيه ، كان يعمل بالتجارة ومـن أغنياء مكـة المعروفين ، وكان أنسب قريشاً لقريش وأعلم قريـش بها وبما كان فيها من خير وشـر وكان ذا خلق ومعروف يأتونه الرجال ويألفونـه اعتنـق الاسلام دون تردد فهو أول من أسلم من الرجال الأحرار ثم أخذ يدعو لدين اللـه فاستجاب له عدد من قريش من بينهم عثمـان بن عفـان ، والزبيـر بن العـوام ، وعبدالرحمـن بن عـوف ، والأرقـم ابن أبي الأرقـم000 إسلامه لقي أبو بكر -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه و سلم- فقال أحقّ ما تقول قريش يا محمد من تركِكَ آلهتنا ، وتسفيهك عقولنا وتكفيرك آباءَنا ؟!)000فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- إني رسول الله يا أبا بكر ، ونبّيه بعثني لأبلغ رسالته ، وأدعوك الى الله بالحق ، فوالله إنه للحق أدعوك الى الله يا أبا بكر ، وحده لا شريك له ، ولا نعبد غيره ، و الموالاة على طاعته أهل طاعته )000وقرأ عليه القرآن فلم ينكر ، فأسلم وكفر بالأصنام وخلع الأنداد ، و أقرّ بحقّ الإسلام ورجع أبو بكر وهو مؤمن مُصَدّق 000يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت له عنه كَبْوَة وتردد ونظر إلا أبا بكر ما عَتّم عنه حين ذكرته له وما تردد فيه )000 أول خطيب عندما بلغ عدد المسلمين تسعة وثلاثين رجلاً ، ألح أبو بكر على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الظهور فقال الرسول يا أبا بكر إنّا قليل )000فلم يزل يلح حتى ظهر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتفرّق المسلمون في نواحي المسجد ، وكل رجل معه ، وقام أبو بكر خطيباً ورسول الله جالس ، وكان أول خطيب دعا الى الله عزّ وجل والى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-000 وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين ، فضربوهم ضربا شديدا ، ووُطىءَ أبو بكر ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة ، فجعل يضربه بنعلين مخصوفين ، وأثّر على وجه أبي بكر حتى لا يعرف أنفه من وجهه ، وجاء بنو تيم تتعادى ، فأجلوا المشركين عن أبي بكر ، وحملوا أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه ولا يشكون في موته ، ورجعوا بيوتهم و قالوا والله لئن مات أبو بكـر لنقتلـن عُتبة )000ورجعوا الى أبي بكر وأخذوا يكلمونـه حتى أجابهم فتكلم آخر النهار فقال ما فعـل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟)000فنالوه بألسنتهم وقاموا000 أم الخير ولمّا خلت أم الخير ( والـدة أبي بكر ) به جعـل يقول ما فعل رسول الله -صلـى اللـه عليه وسلم-؟)000قالت والله ما لي علم بصاحبك )000قال فاذهبي الى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه )000فخرجت حتى جاءت أم جميل ، فقالت إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله ؟)000قالت ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله وإن تحبي أن أمضي معك الى ابنك فعلت ؟)000قالت نعم )000فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا ، فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت إنّ قوما نالوا منك هذا لأهل فسق ؟! وإنّي لأرجو أن ينتقـم اللـه لك )000 قال فما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟)000 قالت هذه أمك تسمع ؟) 000قال فلا عين عليك منها )000قالت سالم صالح )000قال فأين هو ؟) 000قالت في دار الأرقم )000قال فإن لله عليّ ألِيّة ألا أذوق طعاما أو شرابا أو آتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- )000فأمهَلَتا حتى إذا هدأت الرِّجْل وسكن الناس خرجتا به يتكىء عليهما حتى دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانكب عليه يقبله وانكبّ عليه المسلمون ورقّ رسول الله فقال أبو بكر بأبي أنت وأمي ليس بي إلاّ ما نال الفاسق من وجهي ، وهذه أمي بَرّة بوالديها ، وأنت مبارك فادعها الى الله ، وادع الله لها عسى أن يستنقذها بك من النار )000فدعا لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم دعاها الى الله عزّ وجل ، فأسلمت فأقاموا مع رسول الله في الدار شهراً ، وكان حمزة يوم ضُرِب أبو بكر قد أسلم000 جهاده بماله أنفق أبوبكر معظم ماله في شراء من أسلم من العبيد ليحررهم من العبودية ويخلصهم من العذاب الذي كان يلحقه بهم ساداتهم من مشركي قريش ، فأعتق بلال بن رباح وستة آخرين من بينهم عامر بن فهيرة وأم عبيس فنزل فيه قوله تعالى :"( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى ")000 منزلته من الرسول كان -رضي الله عنه- من أقرب الناس الى قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعظمهم منزلة عنده حتى قال فيه ان من أمَنِّ الناس علي في صحبته وماله أبوبكر ، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن أخوة الاسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سُدّ إلا باب أبي بكر )000 كما أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن أبا بكر أرحم الأمة للأمة ، وأنه أول من يدخل معه الجنة فقد قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي )000وأنه صاحبه على الحوض فقد قال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنت صاحبي على الحوض ، وصاحبي في الغار )000 كما أن أبو بكر الصديق هو والد أم المؤمنين عائشة لذا كان عظيـم الإفتخـار بقرابته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومصاهرته له وفي ذلك يقول والذي نفسي بيـده لقرابة رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- أحبُّ إليّ من أن أصل قرابتي )000 الإسراء والمعراج وحينما أسري برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة الى بيت المقدس ذهب الناس الى أبي بكر فقالوا له هل لك يا أبا بكر في صاحبك ، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع الى مكة !)000فقال لهم أبو بكر إنكم تكذبون عليه )000 فقالوا بلى ، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس ) فقال أبو بكر والله لئن كان قاله لقد صدق ، فما يعجّبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء الى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه ! فهذا أبعد مما تعجبون منه ) 000 ثم أقبل حتى انتهى الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال يا نبي الله ، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟)000قال نعم )000قال يا نبي الله فاصفه لي ، فإني قد جئته )000فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرفع لي حتى نظرت إليه)000فجعل الرسول الكريم يصفه لأبي بكر ويقول أبو بكر صدقت ، أشهد أنك رسول الله )000حتى إذا انتهى قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وأنت يا أبا بكر الصديق )000فيومئذ سماه الصديق000 الصحبة ولقد سجل له القرآن الكريم شرف الصحبة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أثناء الهجرة الى المدينةالمنورة فقال تعالى :"( ثاني اثنين اذ هما في الغار ، اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا )" 000 كان أبو بكر رجلا ذا مال ، فاستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في الهجرة فقال له الرسول لا تعْجل لعل الله يجعل لك صاحباً )000فطمع بأن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنما يعني نفسه حين قال له ذلك ، فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك ، وفي يوم الهجرة ، أتى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بيت أبي بكر بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها ، فلما رآه أبو بكر قال ما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم-هذه الساعة إلا لأمر حدث )000 فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره ، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس عند أبي بكر إلا أسماء وعائشة ، فقال الرسول أخرج عني من عندك )000فقال أبو بكر يا رسول الله ، إنما هما ابنتاي ، وما ذاك ؟ فداك أبي وأمي !)000فقال إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة )000فقال أبو بكر الصُّحبة يا رسول الله ؟)000قال : ( الصُّحبة )000تقول السيدة عائشة فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ )000ثم قال أبو بكر يا نبيّ الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا )000فاستأجرا عبد الله بن أرْقَط ، وكان مشركاً يدلهما على الطريق ، فدفعا إليه راحلتيهما ، فكانت عنده يرعاهما لميعادهما000 أبواب الجنـة ‏عن أبا هريرة ‏قال :‏ ‏سمعت رسول الله ‏-صلى الله عليه وسلم- ‏‏يقول ‏ ‏من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب‏ ‏-يعني الجنة- يا عبد الله هذا خير ، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد ، دعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان )000فقال أبو بكر ‏ ‏ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة )000وقال هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله )000 قال نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا ‏‏أبا بكر )000 مناقبه وكراماته مناقب أبو بكر -رضي الله عنه- كثيرة ومتعددة فمن مناقبه السبق الى أنواع الخيرات والعبادات حتى قال عمر بن الخطاب ما سبقت أبا بكر الى خير إلاّ سبقني )000وكان أبو بكر الصديق يفهم إشارات الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي تخفى على غيره كحديث أن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده ، فاختار ما عنده ) ، ففهم أنه عليه الصلاة والسلام ينعي نفسه ، ومن ذلك أيضا فتواه في حضرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإقراره على ذلك000 وهو أول خليفة في الإسلام ، وأول من جمع المصحـف الشريـف ، وأول من أقام للناس حجّهـم في حياة رسـول اللـه -صلى اللـه عليـه وسلم- وبعده000وكان في الجاهلية قد حرم على نفسه شرب الخمر ، وفي الإسلام امتنع عن قول الشعر000كما أنه -رضي الله عنه- لم يفته أي مشهد مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-000وقد قال له الرسول - صلى اللـه عليه وسلم- أنت عتيق الله من النار ) ، فسمّي عتيقاً000 وقد بلغ بلال بن رباح أن ناساً يفضلونه على أبي بكر فقال كيف تفضِّلوني عليه ، وإنما أنا حسنة من حسناته !!)000 عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال : ‏كنت جالسا عند النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم- ‏‏إذ أقبل ‏‏أبو بكر‏ ‏آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته ، فقال النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم- ‏‏أما صاحبكم فقد ‏‏غامر ‏‏)000فسلم وقال إني كان بيني وبين ‏‏ابن الخطاب ‏ ‏شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت ، فسألته أن يغفر لي ، فأبى علي فأقبلت إليك )000فقال يغفر الله لك يا ‏أبا بكر ‏)000‏ثلاثا ، ثم إن ‏عمر ‏ندم ، فأتى منزل ‏أبي بكر ‏، ‏فسأل أثم ‏أبو بكر ‏)000 فقالوا لا )000فأتى إلى النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم- ‏‏فسلم ، فجعل وجه النبي‏ -‏صلى الله عليه وسلم- ‏‏يتمعر ، حتى أشفق ‏‏أبو بكر ،‏ ‏فجثا ‏‏على ركبتيه فقال يا رسول الله ، والله أنا كنت أظلم مرتين )000فقال النبي ‏-‏صلى الله عليه وسلم- ‏إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ، وقال ‏ أبو بكر‏ ‏صدق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي )000مرتين فما أوذي بعدها000 خلافته وفي أثناء مرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يصلي بالمسلمين ، وبعد وفاة الرسول الكريم بويع أبوبكر بالخلافة في سقيفة بني ساعدة ، وكان زاهدا فيها ولم يسع اليها ، اذ دخل عليه ذات يوم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فوجده يبكي ، فساله عن ذلك فقال له يا عمر لا حاجة لي في امارتكم !!)000 فرد عليه عمر أين المفر ؟ والله لا نقيلك ولا نستقيلك) 0000 جيش أسامة وجَّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد في سبعمائة الى الشام ، فلمّا نزل بـذي خُشُـب -واد على مسيرة ليلة من المدينة- قُبِض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وارتدّت العرب حول المدينة ، فاجتمع إليه أصحاب رسول الله فقالوا يا أبا بكر رُدَّ هؤلاء ، تُوجِّه هؤلاء الى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة ؟!)000فقال والذي لا إله إلا هو لو جرّت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما رَدَدْت جيشاً وجَّهه رسول الله ولا حللت عقدَهُ رسول الله )000فوجّه أسامة فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا لولا أن لهؤلاء قوّة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم ، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم )000فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام000 حروب الردة بعد وفـاة الرسـول -صلى الله عليه وسلم- ارتدت العرب ومنعت الزكاة ، واختلـف رأي الصحابة في قتالهم مع تكلمهم بالتوحيـد ، قال عمر بن الخطاب كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءَهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله )؟!)000 فقال أبو بكر الزكاة حقُّ المال )000وقال والله لأقاتلن من فرّق الصلاة والزكاة ، والله لو منعوني عَنَاقاً كانوا يُؤدّونها الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها )000ونصب أبو بكر الصديق وجهه وقام وحده حاسراً مشمِّراً حتى رجع الكل الى رأيه ، ولم يمت حتى استقام الدين ، وانتهى أمر المرتدين000 جيوش العراق والشام ولمّا فرغ أبو بكر -رضي الله عنه- من قتال المرتدين بعث أبا عبيدة الى الشام وخالد بن الوليد الى العراق ، وكان لا يعتمد في حروب الفتوحات على أحد ممن ارتدَّ من العرب ، فلم يدخل في الفتوح إلا من كان ثابتا على الإسلام000 استخلاف عمر لمّا أراد أبو بكر أن يستخلف عمر بن الخطاب بعث إليه وقال إني أدعوك إلى أمر متعب لمن وليه ،فاتق الله يا عمر بطاعته ، وأطعه بتقواه ، فإن المتقي آمن محفوظ ، ثم إن الأمر معروض لا يستوجبه إلا من عمل به ، فمن أمر بالحق وعمل بالباطل ، وأمر بالمعروف وعمل بالمنكر يوشك أن تنقطع أمنيتُهُ ، وأن يحبط عمله ، فإن أنت وليت عليهم أمرهم فإن استطعت أن تخفّ يدك من دمائهم ، وأن تصم بطنك من أموالهم ، وأن يخف لسانك عن أعراضهم ، فافعل ولا حول ولا قوة إلا بالله )000 وفاته ولد أبو بكر في مكة عام ( 51 قبل الهجرة ) ومات بالمدينة بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بسنتين وثلاثة أشهر وبضع ليال سنة ( 13 هـ )000ولمّا كان اليوم الذي قُبض فيه أبو بكر رجّت المدينة بالبكاء ، ودهش الناس كيوم قُبض الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وجاء علي بن أبي طالب باكيا مسرعا وهو يقول اليوم انقطعت خلافة النبوة) 000حتى وقف على البيت الذي فيه أبو بكر مسجّىً فقال رحمك الله يا أبا بكر ، كنت أول القوم إسلاما ، وأكملهم إيمانا ، وأخوفهم لله ، وأشدهم يقينا ، وأعظمهم عناءً ، وأحوطهم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأحدبهم على الإسلام ، وآمنهم على أصحابه ، وأحسنهم صُحْبة ، وأفضلهم مناقب ، وأكثرهم سوابق ، وأرفعهم درجة ، وأشبههم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- به هدياً وخُلُقاً وسمتاً وفعلاً000

المتدور الاسباني 02-19-2012 07:32 PM

رد: شخصيات تاريخيه
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
كيفكم اعضاء مونموس الكرام
ابغى كل واحد/ة يعطيني رأيه
بصراحة مهما كانت
شكر / نقد


الساعة الآن 08:52 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لموقع مونمس / " يمنع منعاً باتا المواضيع السيئة المخالفة للشريعة الإسلامية" التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما رأي الكاتب نفسه


Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0