ملتقى مونمس ®

ملتقى مونمس ® (https://monms.com/)
-   روايات وقصص - روايات طويلة وقصيرة (https://monms.com/m63/)
-   -   قصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة (https://monms.com/t28547.html)

نومـا 12-15-2011 05:32 AM

قصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد السلام ..............

هاذي قصص للي يحب يقرأ .........او طفشان .......أو زعلان ........... او الي عنده اختبار تعبير (كتابة قصة قصيرة ) زي .........
اولا القصة
.
.
.
.

القصة القصيرة تختلف بصفة أساسية عن القصة بوحدة الانطباع، وهي تمثل حدثا واحدا في وقت واحد في مكان واحد.
وتتناول القصة القصيرة شخصية مفردة أو حادثة مفردة أو عاطفة أو مجموعة من العواطف التي أثارها موقف مفرد.


القصة :
سرد واقعي أو خيالي لأفعال قد يكون نثرًا أو شعرًا يقصد به إثارة الاهتمام والإمتاع أو تثقيف السامعين أو القراء. ويقول ( روبرت لويس ستيفنسون) - وهو من رواد القصص المرموقين: ليس هناك إلا ثلاثة طرق لكتابة القصة؛ فقد يأخذ الكاتب حبكة ثم يجعل الشخصيات ملائمة لها، أو يأخذ شخصية ويختار الأحداث والمواقف التي تنمي تلك الشخصية، أو قد يأخذ جوًا معينًا ويجعل الفعل والأشخاص تعبر عنه أو تجسده.
تعريفات حول القصة والحكاية


عناصر القصة :
1- الفكرة والمغزى:

2- الحــدث:

3- العقدة أو الحبكة :

4- القصة والشخوص:









والآن نبدأ القصص .............

نومـا 12-15-2011 05:34 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
بسم الله
استعين وشمر
أو
استعيني وشمري

نومـا 12-15-2011 05:36 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
قصة المال الضائع

يروى أن رجلاً جاء إلى الإمام أبى حنيفة ذات ليلة، وقال له: يا إمام! منذ مدة طويلة دفنت مالاً في مكان ما، ولكني نسيت هذا المكان، فهل تساعدني في حل هذه المشكلة؟فقال له الإمام: ليس هذا من عمل الفقيه؛ حتى أجد لك حلاً. ثم فكرلحظة وقال له: اذهب، فصل حتى يطلع الصبح، فإنك ستذكر مكان المال إن شاء الله تعالى.فذهب الرجل، وأخذ يصلي. وفجأة، وبعد وقت قصير، وأثناء الصلاة، تذكر المكان الذي دفن المال فيه، فأسرع وذهب إليه وأحضره.وفي الصباح جاء الرجل إلى الإمام أبى حنيفة ، وأخبره أنه عثر على المال، وشكره ، ثم سأله: كيف عرفت أني سأتذكر مكان المال ؟! فقال الإمام: لأني علمت أن الشيطان لن يتركك تصلي ، وسيشغلك بتذكر المال عن صلاتك.

نومـا 12-15-2011 05:38 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
قصة الخليفة الحكيم

كان عمر بن عبد العزيز- رضي الله عنه- معروفا بالحكمة والرفق، وفي يوم من الأيام، دخل عليه أحد أبنائه، وقال له:يا أبت! لماذا تتساهل في بعض الأمور؟! فوالله لو أني مكانك ما خشيت في الحق أحدا.فقال الخليفة لابنه: لا تعجل يا بني؛ فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين، وحرمها في المرة الثالثة، وأنا أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيدفعوه (أي أخاف أن أجبرهم عليه مرة واحدة فيرفضوه) فتكون فتنة.فانصرف الابن راضيا بعد أن اطمأن لحسن سياسة أبيه، وعلم أن وفق أبيه ليس عن ضعف، ولكنه نتيجة حسن فهمه لدينه.



.
.
.
.
.
.
.
.

نومـا 12-15-2011 05:39 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
قصة العاطس الساهي

كان عبد الله بن المبارك عابدا مجتهدا، وعالما بالقرآن والسنة، يحضر مجلسه كثير من الناس؛ ليتعلموا من علمه الغزير.وفي يوم من الأيام، كان يسير مع رجل في الطريق، فعطس الرجل، ولكنه لم يحمد الله. فنظر إليه ابن المباوك، ليلفت نظره إلى أن حمد الله بعد العطس سنة على كل مسلم أن يحافظ عليها، ولكن الرجل لم ينتبه.فأراد ابن المبارك أن يجعله يعمل بهذه السنة دون أن يحرجه، فسأله:أي شىء يقول العاطس إذا عطس؟فقال الرجل: الحمد لله!عندئذ قال له ابن المبارك: يرحمك الله






قصة الرجل المجادل

في يوم من الأيام ، ذهب أحد المجادلين إلى الإمام الشافعي، وقال له:كيف يكون إبليس مخلوقا من النار، ويعذبه الله بالنار؟!ففكر الإمام الشافعى قليلاً، ثم أحضر قطعة من الطين الجاف، وقذف بها الرجل، فظهرت على وجهه علامات الألم والغضب. فقال له: هل أوجعتك؟قال: نعم، أوجعتنيفقال الشافعي: كيف تكون مخلوقا من الطين ويوجعك الطين؟!فلم يرد الرجل وفهم ما قصده الإمام الشافعي، وأدرك أن الشيطان كذلك: خلقه الله- تعالى- من نار، وسوف يعذبه بالنار






قصة الشكاك

جاء أحد الموسوسين المتشككين إلى مجلس الفقيه ابن عقيل، فلما جلس، قال للفقيه: إني أنغمس في الماء مرات كثيرة، ومع ذلك أشك: هل تطهرت أم لا، فما رأيك في ذلك؟فقال ابن عقيل: اذهب، فقد سقطت عنك الصلاة.فتعجب الرجل وقال له: وكيف ذلك؟فقال ابن عقيل:لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رفع القلم عن ثلاثة: المجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ، والصبي حتى يبلغ ". ومن ينغمس في الماء مرارا - مثلك- ويشك هل اغتسل أم لا، فهو بلا شك مجنون

نومـا 12-15-2011 05:40 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
قصة الطاعون

خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ذاهبا إلى بلاد الشام، وكان معه بعض الصحابة.وفي الطريق علم أن مرض الطاعون قد انتشر في الشام، وقتل كثيرا من الناس، فقرر الرجوع، ومنع من معه من دخول الشام.فقال له الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح: أفرارا من قدر الله يا أمير المؤمنين؟فرد عليه أمير المؤمنين: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة!ثم أضاف قائلاً: نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله؛ أرأيت لو أن لك إبلا هبطت واديا له جهتان: إحداهما خصيبة (أي بها زرع وحشائش تصلح لأن ترعى فيها الإبل)، والأخرى جديبة (أي لا زرع فيهما، ولا تصلح لأن ترعى فيها الإبل)، أليس لو رعيت في الخصيبة رعيتها بقدر الله، ولو رعيت في الجديبة رعيتها بقدر الله؟



قصة الخليفة والقاضي

طلب أحد الخلفاء من رجاله أن يحضروا له الفقيه إياس بن معاوية، فلما حضر الفقيه قال له الخليفة: إني أريد منك أن تتولى منصب القضاء. فرفض الفقيه هذا المنصب، وقال: إني لا أصلح للقضاء. وكان هذا الجواب مفاجأة للخليفة، فقال له غاضبا: أنت غير صادق. فرد الفقيه على الفور: إذن فقد حكمت علي بأني لا أصلح. فسأله الخليفة: كيف ذلك؟فأجاب الفقيه: لأني لوكنت كاذبا- كما تقول- فأنا لا أصلح للقضاء، وإن كنت صادقا فقد أخبرتك أني لا أصلح للقضاء



قصة حكم البراءة

تزوجت امرأة، وبعد ستة أشهر ولدت طفلا، والمعروف أن المرأة غالبا ما تلد بعد تسعة أشهر أو سبعة أشهر من الحمل، فظن الناس أنها لم تكن مخلصة لزوجها، وأنها حملت من غيره قبل زواجها منه.فأخذوها إلى الخليفة ليعاقبها، وكان الخليفة حينئذ هو عثمان بن عفان- رضي الله عنه- فلما ذهبوا إليه، وجدوا الإمام عليا موجودا عنده، فقال لهم: ليس لكم أن تعاقبوها لهذا السبب. فتعجبوا وسألوه: وكيف ذلك؟ فقال لهم: لقد قال الله تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) (أي أن الحمل وفترة الرضاعة ثلاثون شهرا). وقال تعالى: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) (أي أن مدة الرضاعة سنتين. إذن فالرضاعة أربعة وعشرون شهرا، والحمل يمكن أن يكون ستة أشهر فقط).

نومـا 12-15-2011 05:42 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
قصة المرأة والفقيه

سمعت امرأة أن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- لعن من تغير خلقتها من النساء، فتفرق بين أسنانها للزينة، وترقق حاجبيها.فذهبت إليه، وسألته عن ذلك، فقال لها: ومالي لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله.فقالت المرأة في دهشة واستغراب: لقد قرأت القرآن الكريم كله لكني لم أجد فيه شيئا يشير إلى لعن من يقمن بعمل مثل هذه الأشياء.وهنا ظهرت حكمة الفقيه الذي يفهم دينه فهما جيدا، فقال للمرأة: أما قرأت قول الله تعالى: { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}؟!أجابت المرأة: بلى، فقال لها: إذن فقد نهى القرآن عنه- أيضا-.







قصة الحق والباطل

سأل أحد الناس عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- فقال له: ما تقول في الغناء؟ أحلال أم حرام؟فقال ابن عباس: لا أقول حراما إلا ما ذكر في كتاب الله أنه حرام.فقال الرجل: أحلال هو؟فقال ابن عباس: ولا أقول حلالاً إلا ما ذكر في كتاب الله أنه حلال.ونظر ابن عباس إلى الرجل، فرأى على وجهه علامات الحيرة.فقال له: أرأيت الحق والباطل إذا جاءا يوم القيامة، فأين يكون الغناء؟فقال الرجل: يكون مع الباطل.وهنا قال ابن عباس: اذهب فقد أفتيت نفسك .












قصة السؤال الصعب

جاء شيخ كبير إلى مجلس الإمام الشافعى، فسأله: ما الدليل والبرهان في دين الله؟ فقال الشافعي: كتاب الله.فقال الشيخ: وماذا- أيضا-؟ قال: سنة رسول الله. قال الشيخ: وماذا- أيضا-؟ قال: اتفاق الأمة. قال الشيخ: من أين قلت اتفاق الأمة؟ فسكت الشافعي، فقال له الشيخ: سأمهلك ثلاثة أيام. فذهب الإمام الشافعى إلى بيته، وظل يقرأ ويبحث في الأمر. وبعد ثلاثة أيام جاء الشيخ إلى مجلس الشافعي، فسلم وجلس. فقال له الشافعي: قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات، حتى هداني الله إلى قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوفه ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا}. فمن خالف ما اتفق عليه علماء المسلمين من غير دليل صحيح أدخله الله النار، وساءت مصيرا. فقال الشيخ: صدقت

نومـا 12-15-2011 05:44 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
ما هو اهتمامك الأول ؟؟

يحكي أن رجلا من سكان الغابات كان في زيارة لصديق له بإحدى المدن المزدحمة، وبينما كان سائرا معه في إحدى الشوارع التفت إليه
وقال له " إنني أسمع صوت إحدى الحشرات "....
أجابه صديقه " كيف ؟ماذا تقول ؟ كيف تسمع صوت الحشرات وسط هذا الجو الصاخب ؟"
قال له رجل الغابات " إنني أسمع صوتها .. وسأريك شيئا "...
أخرج الرجل من جيبه قطع نقود معدنية ثم ألقاها على الأرض..
في الحال التفتت مجموعة كبيرة من السائرين ليروا النقود الساقطة على الأرض..
واصل رجل الغابات حديثه فقال
"وسط الضجيج، لا ينتبه الناس إلا الصوت الذي ينسجم مع اهتماماتهم.. هؤلاء يهتمون بالمال لذا ينتبهون لصوت العملة، أما أنا فأهتم بالأشجار والحشرات التي تضرها..
لذا يثير انتباهي صوتها

وأنت أيها القارئ ..
ما هو اهتمامك الأول ؟

اهتمامك الأول يحدد أي نوعا من الأصوات تنتبه إليه وسط ضجيج أعمالك اليومية..

إن لم يكن الله هو اهتمام قلبك الأول وانشغال ذهنك الأول، فلن تقدر أن تميز صوته..
وليكن هو وأموره الرقم الأول في قائمة اهتماماتك..
انشغل به وسيمكنك بسهولة أن تتمتع بحضوره وأن تشعر بإرشاداته حتى وأنت تسير في قلب الشوارع المكتظة بالناس..
.
.


فلسفة نملة

قيل
سأل سليمان الحكيم نملة : كم تأكلين في السنة ؟؟؟؟
فأجابت النملة : ثلاث حبات
فأخذها ووضعها في علبة .. ووضع معها ثلاث حبات
ومرت السنة ..... ونظر سيدنا سليمان فوجدها قد أكلت حبة ونصف
فقال لها : كيف ذلك
قالت : عندما كنت حرّة طليقة كنت أعلم أن الله تعالى لن ينساني
أما بعد أن وضعتني في العلبة فقد خشيت أن تنساني
فوفرت من أكلي للعام القادم ..!!

.
.

ما أجمل القناعة

في حجرة صغيرة فوق سطح أحد المنازل , عاشت الأرملة الفقيرة مع طفلها الصغير حياة متواضعة في ظروف صعبة . . ... إلا أن هذه الأسرة الصغيرة كانت تتميز بنعمة الرضا و تملك القناعة التي هي كنز لا يفنى . . . لكن أكثر ما كان يزعج الأم هو سقوط الأمطار في فصل الشتاء ,
فالغرفة عبارة عن أربعة جدران , و بها باب خشبي , غير أنه ليس لها سقف ! .
. و كان قد مر على الطفل أربعة سنوات منذ ولادته لم تتعرض المدينة خلالها إلا لزخات قليلة و ضعيفة , إلا أنه ذات يوم تجمعت الغيوم و امتلأت سماء المدينة بالسحب الداكنة . . . . . و مع ساعات الليل الأولى هطل المطر بغزارة على المدينة كلها , فاحتمى الجميع في منازلهم , أما الأرملة و الطفل فكان عليهم مواجهة موقف عصيب ! ! . .

نظر الطفل إلى أمه نظرة حائرة و اندسّ في أحضانها , لكن جسد الأم مع ثيابها
كان غارقًا في البلل . . . أسرعت الأم إلى باب الغرفة فخلعته و وضعته
مائلاً على أحد الجدران , و خبأت طفلها خلف الباب لتحجب عنه سيل المطر المنهمر . . ...
فنظر الطفل إلى أمه في سعادة بريئة و قد علت على وجهه ابتسامة الرضا ,
و قال لأمه : " ماذا يا ترى يفعل الناس الفقراء الذين ليس عندهم باب حين يسقط عليهم المطر ؟ ! ! "
لقد أحس الصغير في هذه اللحظة أنه ينتمي إلى طبقة الأثرياء . .
. ففي بيتهم باب !!!!!! ,

ما أجمل الرضا . . . إنه مصدر السعادة و هدوء البال , و وقاية من المرارة و التمرد و الحقد

نومـا 12-15-2011 05:48 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
مكافأة الكرام


بسم الله الرحمن الرحيم
قال الراوي :

كان أحدهم مسافراً بأسرته في صحراء مترامية الأطراف، وإذا بعطل مفاجئ يحدث في سيارته، وقد حاول تشغيلها لكن دون جدوى، وجلس الرجل حائراً في أمره، ولم يمض وقت طويل حتى أوقف أحدهم سيارته، وترجل منها قائلاً : خير ما الذي حدث ؟ وحاول معه مرة أخرى في تشغيل السيارة ... ثم قال للرجل : هذه سيارتي أكمل سفرك فيها مع أسرتك، وأنا أجلس هنا عند سيارتك حتى ترسل لي (سطحة) من بلدك نحمل عليها سيارتك .

قال صاحبنا : هذا غير معقول، لأنه يعني أنك ستجلس هنا قرابة عشر ساعات .

قال الرجل : لا بأس أنا شخص ، وأنتم عائلة !. وأخذ صاحبنا سيارة الرجل الشهم ورقم هاتف منزله، ومضى، وفي صباح اليوم التالي وضع سيارته في ورشة الإصلاح، وأعاد السيارة الأخرى إلى صاحبها...

ومرت الأيام، وتذكر صاحب السيارة المعطوبة المعروفَ الذي صنعه معه صاحبه، فاتصل على بيته ليسأل عنه، فقالت زوجته : هو في السجن، وذكرت له اسم السجن، وفهم منها أنه سُجن بسبب الديون التي عليه.

وفي اليوم التالي أخذ الرجل معه مئة ألف ريال، وذهب إلى السجن وأعطاها لضابط السجن، وقال: هذه لقضاء ديون فلان وإخراجه من عندكم . قال الضابط : من أنت ؟ قال له : لا داعي لأن أذكر لك اسمي، ومضى ...

بعد عشرين يوماً اتصل ببيت صاحبه ليطمئن عنه، فقالت له زوجته: مازال في السجن .

فما كان منه إلا أن سارع إلى السجن ، وسأل الضابط عن سبب عدم إطلاق سراح صاحبه، فقال : الدين الذي عليه ثلاثة ملايين وليس مئة ألف ، ثم أردف قائلاً : أنا حائر في أمري ممن أتعجب، هل أتعجب منك حين جئت بمئة ألف ريال دون أن تذكر اسمك ؟ أو أتعجب من صاحبك السجين حين قال لي : المئة ألف لن تصنع لي شيئاً ، فأرجو أن تطلق بها سراح بعض زملائي المسجونين ممن عليه خمسة آلاف وعشرة آلاف ... وقد أطلقت بها فعلاً اثني عشر مسجوناً .

قال صاحبنا : خير إن شاء الله وغاب قرابة شهر ثم عاد وقد جمع الملايين الثلاثة من مدخراته ومن بعض المحسنين، وأطلق بها سراح صاحب المروءة ...

هذه القصة واحدة من قصص كثيرة يتحدث عنها الناس، وهي دليل على أن البذل في سبيل الله، وعون الآخرين لا يذهب هباءً ، بل إن جزاءه كثيراً ما يكون سريعاً جداً وبأضعاف مضاعفة، ولاغرابة في هذا، فالمتصدق يتعامل مع من اتصف بالرحمة والكرم والغنى ، وهو ـ جل وعلا ـ تعهد في كتابه وعلى لسان نبيه بأن يخلف على الباذلين من أجله .

وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

نومـا 12-15-2011 05:51 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
بر أباه فماذا وجد؟!


يقول أحد الدعاة: كان هناك رجل عليه دين، وفي يوم من الأيام جاءه صاحب الدين وطرق عليه الباب ففتح له أحد الأبناء فاندفع الرجل بدون سلام ولا احترام وأمسك بتلابيب صاحب الدار وقال له: اتق الله وسدد ما عليك من الديون فقد صبرت عليك أكثر من اللازم ونفذ صبري ماذا تراني فاعل بك يا رجل؟!.

وهنا تدخل الابن ودمعة في عينيه وهو يرى والده في هذا الموقف وقال للرجل كم على والدي لك من الديون، قال أكثر من تسعين ألف ريال.

فقال الابن: اترك والدي واسترح وأبشر بالخير، ودخل الشاب إلى غرفته حيث كان قد جمع مبلغا من المال قدره سبعة وعشرون ألف ريال من راتبه ليوم زواجه الذي ينتظره ولكنه آثر أن يفك به ضائقة والده ودينه على أن يبقيه في دولاب ملابسه.

دخل إلى المجلس وقال للرجل: هذه دفعة من دين الوالد قدرها سبعة وعشرون ألف ريال وسوف يأتي الخير ونسدد لك الباقي في القريب العاجل إن شاء الله.

هنا بكى الأب وطلب من الرجل أن يعيد المبلغ إلى ابنه فهو محتاج له ولا ذنب له في ذلك فأصرّ الشاب على أن يأخذ الرجل المبلغ.

وودعه عند الباب طالبا ًمنه عدم التعرض لوالده و أن يطالبه هو شخصياً ببقية المبلغ.

ثم تقدم الشاب إلى والده وقبل جبينه وقال يا والدي قدرك أكبر من ذلك المبلغ وكل شيء يعوض إذا أمد الله عمرنا ومتعنا بالصحة والعافية فأنا لم أستطع أن أتحمل ذلك الموقف، ولو كنت أملك كل ما عليك من دين لدفعته له ولا أرى دمعة تسقط من عينيك على لحيتك الطاهرة.

وهنا احتضن الشيخ ابنه و أجهش بالبكاء و أخذ يقبله ويقول الله يرضى عليك يا ابني ويوفقك ويحقق لك كل طموحاتك.

وفي اليوم التالي وبينما كان الابن منهمكاً في أداء عمله الوظيفي زاره أحد الأصدقاء الذين لم يرهم منذ مدة وبعد سلام وسؤال عن الحال والأحوال قال له ذلك الصديق: يا أخي أمس كنت مع أحد كبار رجال الأعمال وطلب مني أن أبحث له عن رجل مخلص وأمين وذو أخلاق عالية ولديه طموح وقدرة على إدارة العمل وأنا لم أجد شخصاً أعرفه تنطبق عليه هذه الصفات إلا أنت فما رأيك أن نذهب سوياً لتقابله هذا المساء.

فتهلل وجه الابن بالبشرى وقال: لعلها دعوة والدي وقد أجابها الله فحمد الله كثيراً، وفي المساء كان الموعد فما أن شاهده رجل الأعمال حتى شعر بارتياح شديد تجاهه وقال: هذا الرجل الذي أبحث عنه وسأله كم راتبك؟ فقال: ما يقارب الخمسة ألاف ريال. فقال له: اذهب غداً وقدم استقالتك وراتبك خمسة عشر ألف ريال، وعمولة من الأرباح 10% وراتبين بدل سكن وسيارة، وراتب ستة أشهر تصرف لك لتحسين أوضاعك.

وما أن سمع الشاب ذلك حتى بكى وهو يقول ابشر بالخير يا والدي. فسأله رجل الأعمال عن سبب بكائه فحدثه بما حصل له قبل يومين، فأمر رجل الأعمال فوراً بتسديد ديون والده، وكانت محصلة أرباحه من العام الأول لا تقل عن نصف مليون ريال.

وقفة:
بر الوالدين من أعظم الطاعات وأجل القربات وببرهما تتنزل الرحمات وتنكشف الكربات، فقد قرن الله برهما بالتوحيد فقال تعالى: { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما } الإسراء.

وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: (الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله ).

وعن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد اليمن من مراد ثم من قرن، كان به أثر برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدةٌ هو بارٌ بها، لو أقسم على الله لأبرّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ) صحيح مسلم.

وهذا حيوة بن شريح وهو أحد أئمة المسلمين والعلماء المشهورين يقعد في حلقته يعلم الناس ويأتيه الطلاب من كل مكان ليسمعوا عنه، فتقول له أمه وهو بين طلابه: قم يا حيوة فاعلف الدجاج، فيقوم ويترك التعليم.

واعلم أخي الحبيب أن من أبواب الجنة الثمانية ( باب الوالد ) فلا يفوتك هذا الباب واجتهد في طاعة والديك فو الله برك بهما من أعظم أسباب سعادتك في الدنيا والآخرة.

أسال الله جلا وعلا أن يوفقني وجميع المسلمين لبر الوالدين والإحسان إليهما.
..

نومـا 12-15-2011 05:53 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
كان هناك صديقان يمشيان في الصحراء ، خلال الرحلة تجادل

الصديقان فضرب أحدهما الآخر على وجهه.

الرجل الذي أنضرب على وجهه تألم و لكنه دون أن ينطق بكلمة واحدة

كتب على الرمال : اليوم أعز أصدقائي ضربني على وجهي .

استمر الصديقان في مشيهما إلى إلى أن وجدوا واحة فقرروا أن يستحموا.

الرجل الذي أنضرب على وجهه علقت قدمه في الرمال المتحركة و بدأ في الغرق،

و لكن صديقة أمسكه وأنقذه من الغرق.

و بعد ان نجا الصديق من الموت قام و كتب على قطعة من الصخر : اليوم أعز أصدقائي أنقذ حياتي .


الصديق الذي ضرب صديقه و أنقده من الموت سأله : لماذا في المرة الأولى عندما

ضربتك كتبت على الرمال و الآن عندما أنقذتك كتبت على الصخرة ؟

فأجاب صديقه : عندما يؤذينا أحد علينا ان نكتب ما فعله على الرمال حيث رياح

التسامح يمكن لها أن تمحيها ، و لكن عندما يصنع أحد معنا معروفاً فعلينا ان نكتب

ما فعل معنا على الصخر حيث لا يوجد أي نوع من الرياح يمكن أن تمحيها

نومـا 12-15-2011 05:54 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
عـنترة في عصر الكمبيوتر

جالسني والأمل يحدوه للوصول إلى ما لاكه لساني من عبارات لم تتعود على أكثرها أذنه .
رأيت مسحة الغضب تعلو جبينه ، وعزوت ذلك لما رآى ، وسمع من تغير الأحوال ، وعوج اللسان .
حسبت أن كلماتي أعجزته وقد انصرفت بصيرته عما لاحظه من خرق في أحوالنا ، وتبدد اتصالنا بأصولنا .
خاطبته خطاب المثقف الواعي : أريدك أن تصحبني في رحلة في شوارع القاهرة ، أو بغداد ، أو بيروت ...
أريك ورق البردى، والمباخر ، والفــازات ، والخيام . وأنواع المقاهي ، والاستراحات .
نظر إليّ وعيناه تمتلآن بعلامات التعجب ، والاستفهام ، وقد توقف لسانه عن الحركة .
عندها انتابني شعور بالعُجب . أحسب أنه انبهر بما لدينا من ثقافة ، وعلم .
قلت : أترى يا صديقي ما أصبحنا فيه من التقدم والحضارة ؟
عندنا \"التلفاز \" و \" والدش \" و\" الفضائيات \" . صحيح أنها خلومن الثقافة ، والعلم ، لكنها تفخر بثلة من الممولين بالكلمات والألحان ، وجعلوا من كل عاطل صاحب فن .
قاطعني : أفيهم شعراء ؟ قلت: فيهم أهل الفن .
قال وما الفن لديكم ؟ قلت : الغناء ، والألحان ، ورقص من كل الجهات .
وقد ارتقينا وتقدمنا على كثير من العالمين في \" فن \" الفيديو كليب\" .
قال أليس لديكم غير ذلك من الفن ؟
قلت كــــثـير و.....
قال لم تذكر الشعر . ألا تهتمون به كما اهتمت العرب ؟
عندها أخذتني الغيرة ، وقد شممت في كلامه رائحة التعريض بجهلنا . فأحسست أنه يضعف عروبتنا لمجرد اهتمام كثيرين منا بالهابط من الفن عن الأدب الجاد . ولأن الفن عندنا صار معوجاً كاعوجاج اللسان .
قلت له وقد احمر وجهي ، وعلت نبرة صوتي :
لقد أصبح شعرك قديماً مع ما نسمع من أشعار العامية لدينا . وقد أغرقتنا ألسنتهم بالحوليات والمعلقات .
مع نوع آخر ليس له وزن ، متنكر لما عرفتموه من أصول .
قال : أسمعني : قلت له ليس معي \" الكمبيوتر \" حتى أسمعك . فقد قل لدينا الحفاظ قدر كثرة المرددين ،
قال وما تعني بالكمبيوتر ؟
قلت : جهاز صنعه أناس ليسوا ممن يتحدثون لغتنا ، ونحن نعتمد على لغتهم . لكننا ـ بحمد الله ـ نستطيع تشغيله ، يستطيع أن يحكي لنا شعر أهل العربية من جيلك إلى عصرنا الحاضر.
قال عندكم ما يسهّل الحفظ لديكم ، واستحضار واستظهار شعر كل الشعراء ، ألا تستطيع أن تنشدني شيئاً ؟
بحثت في ذاكرتي عما سمعته أخيراً من الفضائية المفضلة لدي ، فما استقام لدي غير الحب والغزل . فمددت رجلي ، واستقام ظهري ، وملأت رئتاي ، واستجمعت قواي وقلت : اسمع .
وأنشدته ، وجاء كله على غرار : زعزوعة يا زعزوعة ما لك حلوة وملطوعة
وقفت الكلمات عند طرف لساني ، ومنعها الحياء . أدركت أنها نوبة من الخجل اعترت الذوق .
وضع يده على فمي ، ودعا لي ، فقد ظن أن بي مس من مرض .
قلت له هذا ليس شعري ، إنه أنموذج مما تسمعه الملايين منا .
أسمعت شاعرنا البسوم وقد عارض قصيدتك المشهورة بقوله :
ولقد ذكرتك والحمار مشاكس فوق الرصيف وقد أتى الوابور
حاول أن يسكتني ، انتفض انتفاضة العصفور بلله القطر ، غارت عيناه ، ارتعشت أوصاله ، وقع ممددا على الأرض . أسرعت إليه ، سحبت بعض أصابعي نحو صدره ، وعندها أدركت أن الهم أول المصائب .

نومـا 12-15-2011 05:55 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
مُـتَّـكَـأ
رجاء محمد الجاهوش

لم تكن المرة الأولى.. و "سلمى" على يقين أنها لن تكون الأخيرة!

"ماذا عليّ أن أفعل؟"
"كيف لي أن أثنيه عن المضي قدمًا في هذا الدرب الطويل الشَّاق!"
"لا أدري كيف يستعذب الألم! وكيف يرَى شوك الطريق أزهارًا فواحة الأرائج!"

كانت كل تلك الأسئلة تمور داخلها، لكنها لا تقوى على الإفصاح عنها، لأنها تحبّه، وتحبّ فيه صدقه.. عَزمَه.. جرأته في قول كلمة الحق.. عزَّته.. ثباته.. وقلبه الرَّحيم!
نظر إليها بصمت، والعين تفشي سـرَّ القلب، ثمّ مضى نحو غرفة مكتبه بخطوات هادئة مُثقلة.
ما زالت تلك الغرفة عالمه الخاص الذي يأوي إليه كلما شعر أنّه بحاجة إلى مُـتَّـكـأ ، وما زالت مَلاذه الوحيد ساعةَ شُعوره بتهالك قواه!
يَصعُب عليه أن يُظهِر ضَعفه قبالتها.. قبالتها هي بالذَّات!
ولَـجَ غرفته وأغلق بابها، ثم مـدَّ يده إلى مفتاح الضوء لكنه تراجع: ما الذي جَـنَيْـتُهُ مِن رؤية الأشياء على حقيقتها؟ الظلام سُكون وراحة، الظلام سُكون وراحة..!
استقبلَ الأرض بكفيه ثم استوى جالسًا، أسند ظهره إلى مكتبته، ألقى رأسه المُثخن على أحد رفوفها، ضـمّ يديه إلى صدره، وتنفَّس الصعداء زافِرًا الآه تلو الآه!
راح يضرب الأرض بباطن قدميه ضربات خفيفة هامِسًا: منكِ وإليكِ، فالموت مقدَّر، ومن ثم إما الجـنَّـة أبدًا، أو الـنَّـار أبدًا.. فاخْـتَرْ لنفسك يا هُمام!
ألصق ظهره بمكتبته أكثر وأكثر: أي جنون يسكنني يا أنتِ! فها أنا ذا أعود إليكِ في كل مرة ساندًا ظهري على الرغم مِن كونك سبب كل مَتاعبي!
سال دمعه هادئًا كهدوء الكون من حوله، مالِحًا كملوحة أيامه ولياليه في المعتقل، لاذِعًا كلذع الحق الذي يناضل من أجله!
فتحت "سلمى" باب صومعته، وبيدها قنديلها الصغير ـ الذي تستجير به دومًا في مثل هذا الموقف ـ فوقع بصرها على تلك البطاقات الملونة المُلصقة على جدار الغرفة قبالتها..
لطالما تأمَّلتْ ما كُتِب عليها محاولةً سبر أغوار هذا الرجل الذي لا تنكسر شوكته ولا تَلين له قناة، وإن اعترته لحظات ضعف!
عبارات منوَّعة، لكل منها نبض خاص، وقع خاص.. هي زاد مختلف لا يصلح قوتًا إلا له ولأمثاله ممَّن أدركوا أن للحياة معنى آخر!
بطاقات تبدو للـنَّاظر ـ من أول وهلة ـ أنها قد نُـثِرَت عشوائـيًّا، لكنه إن عادَ إلى الوراء قليلا، ثم أطلق لبصره العِنان فسَيَرَى ذلك النَّقش الجميل لكلمة: لا إلـه إلا الله!

سَرَتْ أشعَّة قنديلها مُبدِّدة العتمة، فبدت لها بعض العبارات واضحة مقروءة:

" متى اسْتَعبدتم الناس وقد ولدتهم أمَّهاتهم أحـرارًا! "
"يا جنود الله صبرًا = إن بعد العسر يسرًا

لا تظنوا السجن قهرًا = ربَّ سجن قادَ نصرًا"

"إن لم تكن للحـقِّ = أنتَ فمَن يكـون؟!"

"سأثأر لكن لربٍّ ودين = وأمضي على سنَّتي في يقين"
"عرفتُ قصَّة الطريق كلّها
المـوت أول المطـاف
لكن خضرة الطريق لا يصيبها الجفاف!
قـادم.. وقـادم.. وقـادمُ"

" فلا بديل للإقـدام.. غير سَحقة الأقـدام!"

غضَّت "سلمى" طرفها، ثم اقتربتْ مِنه فجفّف دمعه وابتسم: تأتين فيأتي الـنُّـور والفـرح!
بسطَ كفَّـيْه، فقد اعتاد منها أن تقدم له ورقة وقلمًا رجاءَ أن يحفظ هذه اللحظة وأحاسيسها بين السُّطور، فوضعت في كفه اليُمنى ظَرفًا، ثم سلَّطتْ عليه ضوء قنديلها وترقَّبت!
- ما هذا؟!
- خَبر سعيد!
فتح الظرف على عَجَل، أخرج الورقة المطويَّة، رجفت يداه: لا أرى سوى كتلة بيضاء تسبح في السَّواد!
- بل نُطفة من صلبكَ استقرَّت في رَحِمي، أراه أمامي طفلا جميلا.. أملا مُـنيرًا.. وتحـدٍّ جَـديـد!

انتفضَ، هبَّ واقفًا، ثم خـرَّ لله ـ تعالى ـ شاكرًا.. طال سجوده فانهمر دمعها!
رفع هامَته، امتدَّت يده إلى مفتاح الضَّوء، أشعله، فغشيه النور.. اقترب مِن رفيقة دربه احتضنها بحنان، وقـبَّل جبينها بحـبٍّ، ثم اتجه نحو مكتبه، تناول ملف قضاياه وأضاف إلى القائمة: مستقبل الأجيال القـادمة.. أمـانة في أعناقـنا!

نومـا 12-15-2011 05:57 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
ا
لقصة 1


خرجت إمرأه من منزلها فرأت ثلاثة شيوخ لهم لحى بيض طويلة وكانوا جالسين في فناء منزلها.. لم تعرفهم ..

وقالت: لا أظنني اعرفكم ولكن لابد أنكم جوعى ! أرجوكم تفضلوا بالدخول لتأكلوا..

سألوها: هل رب البيت موجود؟



فأجابت :لا، إنه بالخارج..

فردوا: إذن لا يمكننا الدخول.

وفي المساء وعندما عاد زوجها أخبرته بما حصل

! قال لها :إذهبي اليهم واطلبي منهم أن يدخلوا.

فخرجت المرأة و طلبت منهم أن يدخلوا.

فردوا: نحن لا ندخل المنزل مجتمعين.



سألتهم : ولماذا؟



فأوضح لها أحدهم قائلا: هذا اسمه (الثروة) وهو يومئ نحو أحد أصدقائه، وهذا (النجاح) وهو يومئ نحو الآخر وأنا (المحبة)، وأكمل قائلا: والآن ادخلي وتناقشي مع زوجك من منا تريدان أن
يدخل منزلكم !



دخلت المرأة وأخبرت زوجها ما قيل. فغمرت السعادة زوجها وقال: ياله من شئ حسن، وطالما كان الأمر على هذا النحو فلندعوا !(الثروة) !. دعيه يدخل و يملئ منزلنا بالثراء

فخالفته زوجته قائلة: عزيزي، لم لا ندعو (النجاح)؟

كل ذلك كان على مسمع من زوجة ابنهم وهي في أحد زوايا المنزل .. فأسرعت باقتراحها قائلة: أليس من الأجدر أن ندعوا !(المحبة)؟ فمنزلنا حينها سيمتلئ بالحب

فقال الزوج: دعونا نأخذ بنصيحة زوجة ابننا!
اخرجي وادعي (المحبة) ليحل ضيفا علينا!

خرجت المرأة وسألت الشيوخ الثلاثة: أيكم (المحبة)؟ أرجو أن يتفضل بالدخول ليكون ضيفنا.



نهض (المحبة) وبدأ بالمشي نحو المنزل .. فنهض الإثنان الآخران وتبعاه !.
وهي مندهشة, سألت المرأة كلا من (الثروة) و(النجاح) قائلة: لقد دعوت (المحبة) فقط ، فلماذا تدخلان معه؟



فرد الشيخان: لو كنت دعوت (الثروة) أو (النجاح) لظل الإثنان الباقيان خارجاً، ولكن كونك دعوت (المحبة) فأينما يذهب نذهب معه .. أينما توجد المحبة، يوجد الثراء والنجاح.



القصة الثانية: الوزراء الثلاثة قصه جميله و رائعة


في يوم من الأيام إستدعى الملك وزراءه الثلاثة

وطلب من كل وزير أن يأخذ كيس ويذهب إلى بستان القصر ويملئ هذا الكيس له من مختلف طيبات الثمار والزروع
وطلب منهم أن لا يستعينوا بأحد في هذه المهمة و أن لا يسندوها إلى أحد آخر



إستغرب الوزراء من طلب الملك و أخذ كل واحد منهم كيسه وأنطلق إلى البستان



***
الوزير الأول حرص على أن يرضي الملك فجمع من كل الثمرات من أفضل وأجود المحصول وكان يتخير الطيب والجيد من الثمار حتى ملئ الكيس


أما الوزير الثاني فقد كان مقتنع بأن الملك لا يريد الثمار ولا يحتاجها لنفسه وأنه لن يتفحص الثمار فقام بجمع الثمار بكسل و إهمال فلم يتحرى الطيب من الفاسد حتى ملئ الكيس بالثمار كيف ما اتفق .





أما الوزير الثالث فلم يعتقد أن الملك سوف يهتم بمحتوى الكيس اصلاً فملئ الكيس باالحشائش والأعشاب وأوراق الأشجار .





وفي اليوم التالي أمر الملك أن يؤتى بالوزراء الثلاثة مع الأكياس التي جمعوها


فلما اجتمع الوزراء بالملك أمر الملك الجنود بأن يأخذوا الوزراء الثلاثة ويسجنوهم كل واحد منهم على حدة مع الكيس الذي معه لمدة ثلاثة أشهر في سجن بعيد لا يصل إليهم فيه أحد كان, وأن يمنع عنهم الأكل والشراب





فالوزير الأول بقي يأكل من طيبات الثمار التي جمعها حتى أنقضت الأشهر الثلاثة





أما الوزير الثاني فقد عاش الشهور الثلاثة في ضيق وقلة حيلة معتمدا على ماصلح فقط من الثمار التي جمعها


و أما الوزير الثالث فقد مات جوع قبل أن ينقضي الشهر الأول


***


وهكذا اسأل نفسك من أي نوع أنت ؟


فأنت الآن في بستان الدنيا


ولك حرية أن تجمع من الأعمال الطيبة أو الأعمال الخبيثة ولكن غداً عندما يأمر ملك الملوك أن تسجن في قبرك في ذلك السجن الضيق المظلم لوحدك





ماذا تعتقد سوف ينفعك غير طيبات الأعمال التي جمعتها في حياتك الدنيا ؟


***


خلاصة:


أليوم هو أول يوم من ما تبقى من حياتك


إحرص دائماً على ان تجمع من أعمال صالحة على الأرض للتتنعم بما جنته يداك في الآخرة...

نومـا 12-15-2011 05:58 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
يوم تركتُ الصلاة..
نجيب الزامل

*" السرّ في الصلاة أنها لا تغير العالم. الصلاة تغيرنا نحن.. ونحن نغير العالم."
.. كنتُ شابا صغيرا، وكانت التياراتُ تلاحقنا في كل مكان، في كل كتاب، في كل نقاش، كانت أيام الثانوية أصعب أيام، وهي أيام الشك والحيرة، والضياع والزوغان بين مدارس الفكر الوضعي، وأخذتني المدارس واستلهمت كبار مفكري العالم، فانقطعت مدة طويلة متبتلا بالفكر الألماني، ومع أني أقرأ من صغري بالإنجليزية، إلا أن تراجم الإنجليز لجوته، وتشيلر، وكانت، ونيتشه، وريلكه، أخذت بلبي، ثم تعرفت على شبنهاور فصقل فكر نيتشه في رأسي عن عنفوان القوة، وعدل البأس والجبروت، وكأنه دين يُبَشـّر به، أخذني نيتشه إلى مسوغاته، ومبرراته الصعبة التي كانت بمشقة تسلق جبال بافاريا، وكانت القمة هي ما أسماه مصطلحا "بالإرادة العلـّية"، ثم قذفني إلى شواطئ برتراند الرسل المتصوف المادي الرياضي، وهـُمْتُ بعد ذاك بمدارس الفابية مع برناردشو في شقـِّهِ الجاد، وتبتلتُ مع إنجلز.. وأخذ الفكرُ يجرفني تماما وبعيدا عن الروح المتصلة بالسماء، حيث اليقين كل شيء، حيث الإيمان هو الشمس التي تسطع من بعيد، ولكنها أقرب لك من أي عنصر في الكون، لأنها طاقة الوجود، فضعت كثيرا، وتجبرت بما سفحت من معلومات وكتب وظننت أني في تلك السن الباكرة قد جمعتُ سحرَ العلوم، وكأني خيميائي المعرفة.. ولم أعد أقرأ الكتبَ التي كنت أتوسدها في السابق حتى يغالبني النوم من أمهات الثقافة الدينية في التفسير والفقه الحديث، والأدب العربي.. ونفضتُ عني ما حسبت وقتها أنه عالمٌ عتيقٌ مليءٌ بغبار الغابر من التاريخ المعتم، إلى معارف تُشرق فيها أنوارُ العقل الإنساني متوهجا سواء في التاريخ أو المعاصر.

.. ثم تركتُ الصلاة.

وكان مدرسي, يرحمه الله, في اللغة العربية رجل من غزة متدين، وقويم الفكر، ويؤثرني لميلي إلى الاطلاع، ولظهوري في اللغة، ثم توطدتْ بيننا صداقةٌ غير صفيّة، حتى انتزعتني أفكار الوجودية، والتي كانت أول مزالقي نحو كل الفلسفات، وصار يقف ضد هذا التوجه ويحذرني كثيرا، ويقول لي لستَ في سنٍّ تحكم فيها على العالم، ولا على معارف أمتك ولا أمم الآخرين.. ارجع إلى منبعك وانهل منه، وتقو، ثم رِدْ من كل منهل، وستجد أنك ستتذوقه وتعرف مكوناته، ولكن لن تدخله جوفك لأن ذائقتك المعرفية المتينة من بنيان تشربك المعرفي لدينك وثقافتك ستمنعك من ذاك.. ولكني تماديت، وشعرت أنّ موجة مشرقة أخذتني منه بعيدا تاركا له كل بحار الظلام..

وأنا في طريقي المادي الجديد، بدأت في سن السابعة عشرة أكتب لمجلة "الجمهور" اللبنانية، وكانوا يحسبوني شخصا كبيرا في بلادي ويخاطبوني كما يخاطبون الكبار، وتـُرسل لي تحويلات النقد، ثم صرتُ أكتب في مجلةٍ إنجليزيةٍ تصدر من البحرين، ودار اسمي تحت اسم المفكر المتحرر. وكانت كتاباتي تنضح عما في داخلي من معلومات وكتبٍ سفحتها سنوات لا أرفع رأسي من متن كتابٍ إلا إلى آخر، فأغوتني علوم الفلك والإنسان، والحفريات التاريخية، والطب، والجغرافيا.. وكنت أقرأ لعلماء أتأكد من كونهم غير روحانيين.. حتى لا يشوشوا علي بأفكار لا تثبت بالاستدلال المادي.. وانفتحت أمامي المجلاتُ والصحف، وصرت أكتب وأنا في الثانوية بغزارةٍ لمجلات وجرائد في لبنان, الكويت، إيران، البحرين، وأمريكا.. وانفتنتُ بنفسي.. وأرى أستاذي، وأكاد أطل عليه بمكابرةٍ من علٍ.

"لماذا لم تعد تصلي؟" سألني أستاذي بحدة عميقة، فأجبته: "وهل تغير الصلاةُ العالم؟" فأجابني إجابة طيرت عقلي، وخلخلت أركانَ نفسي التي ظننت أنها مكينة.. "نعم الصلاة لا تغير العالم، ولكنها تغيرنا فنغير نحن العالم".. ولكني صارعت أثر الجملة المريعة.. ومضيت في غيِّي.

مرت سنوات، عدت للمنزل.. وكان بيتنا لا مهادنة فيه بالنسبة للصلاة وفي المسجد، كان أبي يجعل من خروجه للمسجد طقسا ضوئيا، ووالدتي توقظنا للصلاة قبل أن يصدح الأذان.. جرْجرتُ نفسي وعدتُ للصلاة، ولكن مكابرتي كانت في الداخل. ..

..ويوماً مرضتُ.. وقال لي الطبيب:" آسف يا نجيب، ستموت لا محالة بعد تسعة أشهر"..

كنت في مدينة تاكوما الساحلية بأمريكا، ورحتُ وحيدا إلى تلة خضراء، ورأيت المحيط الجبّارَ شاسعا أمامي.. ولا شيء إلا أنا والسماء والماء.. والموت، والحياة. وسألت نفسي هل أغيرُ شيئا؟". ورحت متأملا، والدموع تنفر فتغطي شساعة المحيط بسرابيةٍ مهيبةٍ مبهمة.. وفجأة، قفزت تلك العبارة إلى رأسي: " الصلاة تغيرنا، ونحن نغير العالم".. وبسرعة ذهبت إلى حيث أقيم وأبرقت لأستاذي تلك الجملة بلا مقدمات ولا خواتيم.. وردّ علي. " لقد استردك الله.. عش مطمئنا."

أعظم صلاة أخذت بمجامعي كانت على ساحل الأطلسي في تاكوما الأمريكية.. وعرفت أن الله حق.. وعرفت ما معنى الحق.. وأن معناه النهائي في السماء لا في الأرض..

ولم أمُتْ.. حتى الآن.

نومـا 12-15-2011 06:02 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
أحقية الرغيف


دوما أحب السفر رغم تعبه وعنائه
إني رأيتُ وقوفَ الماء يفسدهُ..... إِنْ سَاحَ طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ
هذه المرة كانت مختلفة جدا

بعد أن مشوا بالسيارة ما يقرب من الساعة والنصف توقف السائق قرب مطعم سياحي من اجل الغداء

فجلس صاحبنا مع السائق على إحدى الطاولات القريبة من الباب الخارجي
مرت دقائق قليلة , فجاء النادل معه أرغفة خبز وقليل من خضراوات ما قبل الطعام
مرت دقائق أخرى فدخلت مجموعة سياحية قادمة من إيران
اغلب مكونها هم من الشباب
فجاء بعضهم وجلسوا على الطاولة الملاصقة للطاولة التي يجلس عليها صاحبنا.
كان عددهم كبيرا

نظر قليلا وفكر ..... سبحان مغير الأحوال
كانوا يحلمون هم وآباءهم بالدخول إلى هذه الأرض والجلوس بكل أمان وطمأنينة وكأنها أرضهم ! وألان تحقق حلمهم.

أراد أن يكلم احدهم (ربما بداعي الفضول), ذاك القريب منه . فكلمه ببضع كلمات عربية فألتفت ذلك الشاب مشيرا إلى أن لم يفهم . فألتفت من كان معه إلى صاحبنا الذي يحاول أن يكلمهم
فتلكم مجددا ولكن هذه المرة باللغة الانكليزية قائلا : من منكم يتكلم بالانكليزية ؟ , فرد احدهم فورا بأنه يتكلم قليلا ... فرح صاحبنا لأنه وجد من يفهمه

بدأ فورا بأسئلته
- من أين انتم ؟؟
- نحن من إيران من العاصمة طهران
- جميعكم من طهران ؟
- نعم نحن جميعا من طهران
- كيف أتيتم والى أين تذهبون ؟
- أتينا مع شركة السياحة الواقفة خارجة (وأشار بيده إلى الباصات ) وكنا في كربلاء والنجف ونحن ذاهبون إلى سامراء.
هذه المرة سأل الشاب الإيراني: وأنت من أين ؟
فرد عليه : أنا من هذا البلد ومن هذه الأرض

فألتفت الشاب الإيراني إلى أصدقائه وبدأو بالكلام سوية مع النظر إلى صاحبنا وكأنه أصبح موضوعهم

ثم اخذ هذا الشاب الإيراني رغيف خبز من الطاولة الخاصة بهم وطوى الرغيف ثم قسمه نصفين !!!!
مع هدوء ومراقبة أصدقائه
ثم مد يده التي بها احد النصفين الى صاحبنا مشيرا له بأن خذه , وأبقى النصف الثاني في يده !! .

فهم صاحبنا سريعا هذه الحركة والمغزى العميق منها
لم تكن هذه الحركات أو اختيار رغيف الخبز عشوائيا
بل كان محاولة لإثبات شيء عميق ومحاولة فهم الشخص المقابل

ما الذي يجب فعله الآن ؟ هل يرفض اخذ نصف الرغيف هذا أو يأخذه؟ هل يترك له كل الرغيف أو انه يرضى بالنصف ؟؟

مد يده وأخذ النصف الأول ..... ثم بسرعة مد يده إلى النصف الثاني وأخذه أيضا !!!!!!!
بدت الدهشة على وجه الشاب الإيراني وهو مركز في وجه صاحبنا, وبدأ أصدقائه الهمس فيما بينهم
ثم قال صاحبنا : إن ما في أرضنا هو ملك لنا وحدنا ولن نرضى أن نعطيكم نصفه أو جزءا منه. وانتم تدخلون وتأكلون فيها لأن فينا من ارتضى أن يدخلكم.

هنا ارتسمت دهشة كبيرة وكأن الكلام لم يكن متوقعا .... غادر صاحبنا سريعا.
ولكنه لا يعرف إذا كان ذلك الشاب الإيراني سيترجم الكلام إلى أصدقائه أو انه سيحدث احد به في المستقبل.

نومـا 12-15-2011 06:04 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
"1"
المَن والزوجان
وقفت بجانب زوجها فى أحلك الظروف...المؤازرة...الإنفاق عليه من مالها الخاص...التشجيع...مرت عدة سنوات ...تحسنت أوضاعه ...ذهب الفقر...وجاء المال الوفير...كانت جملته المعتادة ....عند عودته الى المنزل.... "وراء كل عظيم امرأة ".......كلما حقق نجاحا ...سرعان ما يتحقق نجاح آخر.....فى قمة النجاح...بدأت اتباع سياسة المَن ...والتذكير بأيام الفقر ......والذكريات الأليمة....لولاها ما تحسنت أوضاعه ...ولبقىَّ فى زُمرة الفقراء والمحتاجين....تمادت فى أسلوبها الإستفزازى.....أظهر لها رفضه لتلك المعاملة... تألم...غضب..اشتد غضبه... لم يعد قادرا على التحمل... تدخل أبواها ...أقاربها
...الجيران ...الأصدقاء...أجمعوا على أن ...الخطأ فى جانبها...لم تتراجع عن أسلوبها المستهجَن ممن حولها ... من أقرب الناس لها....حاول معها بكل الأساليب الطيبة ...كلما مرت الأيام ازداد استعلاؤها عليه...لم يجدا حلا الا الإنفصال .




"2"
قزم وعملاق
قزم...يشكو الى العملاق... قسوة الناس فى التعامل معه...سخرية... تهكم...غمز..لمز....يعانى من... العُزلة...الإقصاء...الغُربة...طمأنه العملاق...بأنه أيضا... يعانى مما يعانيه...تماما بتمام...ولكن الفرق بينهما....أن الناس يُظهرون ضعف القزم فى وجهه... استعلاءً عليه... أما مع العملاق فانهم يُظهرون ضعفهم فى وجهه ...خوفا منه.





"3"
الكرة والأطلال
امرأة فلسطينية تستغيث....أين أنتم ياعرب ؟...هدموا البيوت...حطموا دُمى الأطفال....أحلامهم ...آمالهم........أغيثونا ياعرب ...الجندى الإسرائيلى... لايكترث بصراخها...يعبث بالمذياع الملقى على الأرض ...قريبا من حطام البيت ...الذى بات من الأطلال.....نبأ عاجل ...دولة عربية ...ُ ربما تقطع علاقاتها... بدولة عربية أخرى ...بسبب ...مباراة كرة قدم أُقيمت بينهما .






"4"
العميل وابنه
العميل أبلغ الأعداء...عن موعد قدوم المقاوم الى منزله..... لم يحضر المقاوم... فى الموعد المحدد...لأنه استشعر الخطر... أطلقوا صوب منزله صاروخين...كان المنزل خاليا من سكانه .......أصاب أحد الصاروخين شخصا ...كان يمر قدرا...فارق الحياة فى الحال...تبين لهم ...أنه ابن العميل الوحيد .






"5"
العميل وابوه
بعد أن علموا أنه عميل... يخبر الأعداء بكل صغيرة وكبيرة... عن تحركات المقاومين...تسبب فى اغتيال خمسة منهم ....قرروا اعدامه ...فى ميدان عام...شرعوا فى التنفيذ......حضر أبوه.....أقسم عليهم ألا ينفذوا فيه حكم الإعدام....وألا ينفذه أحد غيره.

نومـا 12-15-2011 06:07 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
القصة الأولى
حفنةُ حِيَلٍ
خرج ليلاً بعد أن سئم من انتظار الفجر ، لم يسعفه تصبره الذي تعلمه في الخدمة العسكرية ، خرج مرتدياً ظلام تلك الليلة ، بعد أن طاردته خيالات متوجفٍ مرتقبٍ لأمرٍ واقعٍ لا محالة . لم تنشأ هذه الخيالات من فراغ ؛ إذ هي نتاج معاناتٍ مريرةٍ طالت مع هذه المرأة التي كانت تلتقيه كل يومين أو ثلاثة أيام ، لم يكن أمر لقائه إياها مشكلةً بقدر هوية تلك المرأة ، إنها امرأة كانت تسكن بالقرب من بيته القديم ،في تلك القرية التي لم يعد يسكنها إلا شعوب من أشباح ، تتعاقب على أبوابها وممراتها الضيقة حراسةً ووحشة، توفيت هذه المرأة منذ ثلاث عشرة سنة ، وها هي تتمثل أمامه بين وقتٍ وآخر ، اعتادها واعتاد ما تسقيه من جرعات رعب ، رغم انفطار قلبه فزعاً للقائها ، وفي تلك الليلة كان موعد مجيئها ، ومع كونه متعب أشد التعب إلا أنه لم يستطع النوم فقرر لقاءها ؛ ليتسنى له بعد ذلك التمتع بسويعات نوم يصفو بها ذهنه ويبزغ هو والشمس على نهارٍ آخر . كانت إذا لقيته في كل مرةٍ توشوش له في نهاية حديثها بكلمات ، لا يكاد يبينها أو يتذكرها بعد ذهابها ، فيُعْمِلُ عقله ويستنفر ذاكرته طوال اليوم ليتذكر كلماته التي ربما تحمل له بشرى ، وربما تحمل له مالا يسر ، وهذا ما جعله يستأنس بها رغم فزعه الذي ينفطر له قلبه ، لا يمكن لي أن أستمر على هذا الحال . يجب أن تأتي ، فإني اشتقت للرعب الذي يعقبه لذة نومٍ وأمنٍ .

لم تكد نفسه تمسك لسان حالها حتى ظهر من بعيد كالطيف ، يتهادى يجرجر وراءه مئات السفن تحمل جيوش الرعب والفزع . سوف أتمالك نفسي ، فالجندي بالمعركة إن لم يكن رابط الجأش فإنه سيجتاحه الفزع ويهرع إلى مهلكه ، اثبت ، لا يمكنني فإني لا زلت أتذكر جنازتها ، وأتذكرهم وهم يدرجونها القبر عندما كنت أسترق النظر إليهم من وراء النخيل المتشابك ، وصلت المرأة لكنها على غير هيأتها المعهودة ؛ إذ كانت ملابسها سوداء ، وتضع على رأسها ما يشبه الهودج " الباصور" ، وهذه المرة جاءت في ثوبٍ أبيض ، يشع من نور اليقين وتحمل في يدها سلةً مغطاة ، لا يُعرف هل بها شيء أم فارغة وهل تغدو خماصاً أم تروح بطاناً . هل فعلت يا بني ما أمرتك به المرة الماضية ؟ أم أنك لم تستطع تذكر كلامي .. إنها من عالم الأرواح ولا شك في أنها تعرف كل شيء عني ، ولكني لن أقطع لها بإجابة واضحة ، سأجيب بإجابة تحملها على أكثر من وجه . آه .. تذكرت .. أنت تعلمين أني لا أضيع ما تقولين .. ولا أعصي لغيرك أمراً فكيف أنت ؟ .. لم يتذكر ما أوصته به ، ولكنه خشي ردة فعلها . قالت : إذن سأمضي الآن واللقاء القادم أحضر ما قمتَ بإعداده لي ، كانت المفاجأة بردها ، كيف العمل ؟ لم أتوقع كهذا الرد . وما الذي طلبته مني .

ليتني لم أستعمل الحيلة ، فالحيلة في ترك الحيلة ، عاد لينام ، لكنه فارق الراحة والأمل في النوم هذه الليلة ، ما الذي طلبته مني ؟ لقد عملت كل الأشياء التي طلبتها مني في الماضي ، فمرةً طلبت بعض الثمار من بستانها ، وأحضرتها لها ، وأخرى طلبت ملابس كانت قد ارتدتها في رحلة حجها ، وأحضرتها لها ، وطلبت مني مرةً أخرى أن أقف ساعتين على سطح منزلها الذي كانت تسكنه ، ووقفت رغم البرد الذي ينخر العظام .
سأغادر هذه البلدة إلى حيث يحلو لي المقام دونما قلق وجزع وفزع ، ودونما خيالات ليلية ، ولقاءاتٍ يشوبها الكثير .لا ، ليس هذا الحل ، فكما يقال:" القبر الذي تخافه نم عليه " ، وعليك المواجهة ، فهي السبيل لخلاصك .
أعْمَلَ عقلَه في التذكر والتصور والتخيل ، اجتر كل الكلمات التي قيلت له ، اعتصر جذاذات كبده ، ولم يحظ بسؤله ، آآآآآآآآآآآه ، " حفنة " هذه إحدى الكلمات التي قالتها لي . وصلت لرأس الخيط ، قالت حفنة ، ولكن حفنة ماذا ؟ ، لا شك أن الحفنة تستخدم لشيء غير مترابط ، دقيق تراب ملح ، لا شك أنها لم تطلب حفنة من قوس قزح . . ظهرت الشمس وأرسلت أولى حزمها إلى عينيه وغرق بعد ذلك في نومٍ منشود .

مر ما يقارب العشرة أيام لم تبرز له ، وفي ليلةٍ أقبلت جيوش الفزع في سفنٍ تجرها تلك المرأة وقالت له : هل أتيت بما طلبته منك ؟ فعاد إلى الحيلة ، وقال : أعددت حفنةً وأظنها ستعجبك ، ولكن لم أحضرها معي الآن ، يقول هذا وهو يفكر في أية حفنة سيحضرها ، أطرقت بعينيها وقالت بصوت متهدج ، تتقطع الكلمة إلى قصاصات صوتية لا تكاد تجمعها لتكون منها كلمة مترابطة ، قالت : سوف أذهب ولا أعرف هل يكون بوسعي أن ألقاك بعدها أم لا .. وداعاً .. ولتعلم أني اخترتك عن غيرهم لما بك من شفافية .

كانت تلك الكلمات آخر ما سمعه منها ، مرت على تلك الليلة سنوات عديدة وهو في كل ليلة يمر بالأماكن التي كانت تلقاه بها ، وكأنه يتلمس الديار ويقف على أطلال المحبوب . تملكه اليأس بلقائها مرة أخرى ، ولا يتحسر على شيء كتحسره على الحفنة التي لم يعرف نوعها ، وذات بدرٍ خالجه الشعور بلقائها ، وتنادت خلجاته وعلت صرخات بنات أفكاره ما بين مرحبة ومتوجسة ومتشوقة ، جاءت المرأة ولكن دون سفنٍ تجرها ولا جيش رعب ، جاءت وعليها مسحة من حزنٍ تقادمت سنينه ، عاد للحيلة مجددا .. تعالي معي للبيت لتأخذي الحفنة ، عاجلته باستعطافٍ : إني على عجلة فلم يبق لي الكثير من الوقت سأعود لأني قد نقلت لغير هذا الفضاء ، وجئت فقط لأراك ، وأطلب منك أن ترسل لي الحفنة لأنك قد تأخرت علي بها كثيراً ولم تأتني بما طلبت منك ، بل أتيتني بما ليس لي حاجةً به . أستودعـ .... ، اختفت المرأة وكانت ستقول : أستودعك الله ، عاد لبيته وهو ويجر أذيال الحيلة وراءه . ذهب بعد تردد إلى الحاج مسعود وحكى له قصته والمرأة ، فقال له ، يا لك من رجل ، أضعت الكثير عليك وعلى غيرك ، هي في كل طلباتها لم تطلب غير دعاءٍ منك بعد أن قصرأبناؤها وأقاربها معها ، وقالت : " حفنة " وتعني بها شكل اليد عند أخذ شيءٍ ما وهذا شكل اليد عند الدعاء ، فاحتفظ بالثمار والملابس واستعد للوقوف ساعتين على سطح دارك ، ولكن بعد ترك الحيلة .

علي الطاهر عبد السلام 5/8/2007

القصة الثانية
( مشروع روائي )

... والمثابرة واللباقة في الكلام ، والنجابة ، هذه جملة من صفات حمزة ، وهو عن هذا أشبه بمشروع روائي مقدمٍ ذائع الصيت . أحضره الأستاذ باسم أستاذ اللغة العربية إلى إدارة المدرسة التي يجتاحها الظلام ، ولا تكاد تسمع فيها صراخ من يقع تحت طائلة العقاب ، ذلك لطبقات الستائر التي ربما لا تستبدل كل سنة بل يضاف عليها ، قليل من الطلاب من يدخل الإدارة ، لأنها تمثل المرحلة الأخير من علاج الشغب أو الكي الذي تعالج به المشاكل ، دخل حمزة الأدارة وإلى جنبه الاستاذ باسم ، بدت ملامح التعجب والتساؤل في عيني المدير ،تحدثه نفسه وعيناه تضيقان من أطرافهما : الطالب من أفضل طلاب المدرسة ، وأبوه على درجة من التقى ، ويعرف أصول التربية الاسلامية الحقة ، وقد ربى أبناءه عليها ، وأنا أعرفه جيداً فهو من القلة الذين أحتك بهم خارج نطاق العمل ، ربما هي مشكلة عارضة ، تكلم يا أستاذ باسم ما المشكلة ، عفواً استاذنا الفاضل .. ما من مشكلة ولكني عجزت في التعامل مع هذا الطالب ، وما يشفع له عندي إلا تفوقه في كل المواد ، قاطعه مدير المدرسة : إذن ما المشكلة ؟ . المشكلة أنني أطلب من الطلاب الكتابة في أحد المواضيع وأحددها بنفسي ، وأترك لهم أحياناً تحديد الموضوع ، والطالب هذا أفضل الطلاب في الكتابة والإنشاء ، إلا أنه يقحم الجمل في مواضيع الإنشاء ، وهذا نموذج لموضوعٍ عن " الربيع : ، يحمل حمزة الورقة التي كتب بها الموضوع وقد رسم على ظهرها صورة الجمل ، أمره المدير بقراءة نصه فبدأ حمزة بالقراءة : " إن ما يبهج الإنسان ويمده بالسعادة ويضفي عليه مسحة الفرح ويأتلق بعينيه ، هو فصل الربيع ، ولم يغفل عنه هذا الفصل أي كائن ، فنرى الزهر فتشرق دنيا الفرحة بعينينا ، والفراشاة والأطيار تحوم من حولنا ، ويقول البحتري عن الربيع :
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً ** من الحسن حتى كاد أن يتكلما
فليس ثمة أبهى من فصل الربيع الذي تكتسي الأرض بحلوله رداءها الأخضر ، فتقتات به الحيوانات كالجمل سفينة الصحراء ، الذي رافق الانسان في مسيرته ، والجمال نوعان من حيث السنام ، أحدها ذو سنامٍ واحدٍ والآخر ذو سنامين ، وهو يتحمل العطش لأيام عديدة ، ويخزن الطعام على هيئة دهون في سنامه " يقاطعه المدير قائلاً : حسناً يا حمزة ، عد إلى فصلك ،
عاد حمزة ، والطلاب ينظرون إليه وبعضهم يقول ما أشد جلده وتحمله العقوبة ، والبعض الآخر يقول : إنه متخدر بسبب الضرب وسينفجر بكاءا بعد حين ، لم يخرج الاستاذ باسم من الادارة ، قال له المدير ، ليست بالمشكلة عليك أن تقيد المواضيع وأن لا تأت بموضوع يستطيع من خلاله أن يتكلم عن الجمل . حاضر يا أستاذنا الفاضل ..
الأسبوع المقبل سوف لن يتمكن مني ، المسألة أصبحت شخصية بيني وبين هذا الطالب .
في حصة الإنشاء : موضوعنا اليوم هو " الطاقة النووية " عليكم أن تكتبوا في هذا الموضوع كل ما تجود به خلجاتكم ، بدأ الطلاب في الكتابة ، وبعد دقائق استرق الاستاذ النظر إلى ورقة حمزة ، كتب حمزة :" . . . وكما أن للطاقة النووية ميزات وفوائد جمة فإن له ضرراً كبيراً على البيئة ، إذ تؤثر الغازات والاشعاعات المتسربة على الانسان والحيوان والنبات ، فالانسان يتغذي على الحيوان والحيوان يتغذى على النبات كالجمل ، ويتغذى الجمل على النباتات الجافة والخضراء ، ويستطيع تناول النباتات الشوكية كالعقول ، وللجمال ... " هرع الاستاذ باسم إلى المدير واتفقا على تحويله إلى مكتب الشؤون الاجتماعية ، وتم ذلك في غضون ثلاثة أيام ، وأقيمت له الجلسات من قبل الأخصائيين الاجتماعيين ، وحاورته الاخصائية التي يحال لها يومياً الاحداث من قسم الإصلاح ، وغيرهم من مدمني المخدرات الذين تنقطع علاقتهم بالمخدر بعد جلسات معها ، حاورت الاخصائية هدى الطالب حمزة ،قال لها: ... و يا سيدتي الفاضلة ليس لدي مشكلة إلا أنني أحب الجمل فقد ذكره الله في القرآن الكريم ، ويا سيدتي تتصف الإبل بميزات كثيرة عن باقي الحيوانات ، فمن صفاتها الشكلية تتميز بوجود السنام والعنق الطويل وارتفاع قوائمها وخفها المستدير وهي تتوجه بشكل مجموعات أو فرادى نحو الشمس مباشرة وتبدل مسارها مع اتجاه الشمس كي تعرض أقل مساحة ممكنة من جسمها إلى أشعة الشمس المباشرة .... " استغربت هدى من الطالب وبدأت رحلتها الصحراوية معه والتي تجرعت فيها من الإبل ما تجرعت حتى استطاعت بحذاقتها أن تقتلع منه أذن الناقة وذيلها ، فرح الاستاذ باسم بهذا الانتصار العظيم فقد نسي حمزة الإبل في كتاباته ، بعد مرور أسابيع عاد حمزة إلى ما هو سابق إبله ، وراح يشتم ويتلمس ما خلفته الأبل مما يدل على مسيرها ، وصار حديث الساعة بالمدرسة ، فاستنفر الاستاذ باسم وغاض المدير وقررا إعادته إلى هدى الأخصائية التي أحالته إلى مركز متقدم في العلاج النفسي ، وضع حمزة بالمركز أياما ، حاول الطبيب النفسي "حازم " بشتى الوسائل ، من ترغيب وترهيب وأدوية وعقاقير حتى وصل إلى تنويمه مغناطيسياً والايحاء له بدنيا أخرى غير ما اعتاد ،لم يترك الطبيب حازم جهداً ولا حيلة إلا استعملها مع حمزة ، وصل الأمر إلى التهديد بحقنة تمسح الذاكرة نهائياً وتقتل خلاياها ، فكان آخر الدواء الكي ، وشفي حمزة نهائياً وانصرف للكتابة كما يريد الاستاذ باسم ، وأعيد إلى المدرسة ، وفرح به الاستاذ كثيراً ، فهذا ما سعى له ، وأثنى عليه المدير ثناءا لم يحظ به غيره ، أيها الطلاب عليكم أن تحذوا حذو هذا الطالب المتفوق ، بورك فيك يا حمزة ، أنت الآن رمز في هذه المدرسة ، بعد أن عدلت عن كتابتك السابقة .. لا تكترث .. التائب من الذنب كمن لا ذنب له .. فرح الطلاب وأقاموا له احتفالية بسيطة ، كان حمزة قد أكمل روايته الأولى وأهدى للأستاذ باسم وللمدير نسختين ، وأرسل للأخصائية هدى وللطبيب حازم نسختين من روايته التي عنونها بعنوان : " الجمل عابر الصحارى " كبر حمزة وامتلك قطيعاً من الإبل ، وأنشأ دار نشر ، أسماها " دار الجمل للنشر "
ولا زال يقحمه في كتاباته بقوله : و بالاضافة لضخامة هيكلها منحها الله الصبر وقوة التحمل والقدرة على التكيف مع جميع الظروف البيئية القاسية .


القصة الثالثة
كمرات ذكية

سرق النظر يميناً وشمالاً وأردف خطواته المترددة بخطوات قلقة متسارعةٍ وكأنها تقوده إلى مناص أو تنأى به عن خطر ما . غير أن تلك الخطوات كانت لاقتناص فرصةٍ لم يكن ليهدرها . فقد تمرس وتدرب على اقتناص الفرص الصغيرة ليصنع بها ما لا يستطع أن يصنعه بتفكيره وتخطيطه ، سأله ضابط التحقيق بعد أن لمح في عينيه شيئاً من الارتياح له : هل كان لك سابق عهدٍ بالسرقة ؟ ، أجابه : يا حضرة الضابط إني كثيراً ما أسرق ، ولكن أنجو في كل مرةٍ لأني أدعو الله قبل أن أذهب للسرقة ، غير أني في كل مرة أقصد أحد الأغنياء الذين أعرفهم جيداً ، أما في هذه المرة فإني قصدت غير ذلك ، لقد كان فقيراً ، لهذا تم القبض عليَّ ، ولماذا تسرق ؟ أليس لديك عمل ؟ أجابه : إني محتاج فقير . ثم إني لا أستفيد من المال بنفسي ، إن ثمة أرواح تحتاج لهذا المال ، حسناً حسناً ليس هذا من الأهمية بمكان ، الاجراءات سوف تأخذ طريقها وغداً صباحاً سوف تحال أوراقك إلى النيابة ، فكن مستعداً ولا تحاول تغيير أقوالك .
مرت مدة سجنه وكأنها قرن من الزمن ، خرج سعيد وهو يحمل على عاتقه أربعين عاماً تتابعت ولم يحقق فيها أدنى حلم ، رجع إلى مأواه وما هي إلا ليلة واحدة حتى عاد إلى سابق عهده ، متجولاً بين الأزقة تارةً وتارةً بين الأماكن التي يرتادها من يقع تحت طائلة يده ، غير أنه بعد خروجه من عالم القضبان لم يعد يفرق بين غني وغني ، وفي تلك الليلة كان هدفه جالساً وتبدو عليه مسحة من عدم التركيز فتحمس أكثر وبثت فيه هذه المسحة جنود الأمل , مد يده إلى المحفظة التي تطل بعينيها من أحد جنبات الجاكيت ، وأنفاسه ساكنة سكون قلبه ، وما إن أحكمت أصابعه الرقيقة طرف المحفظة حتى أحكمت يده الأغلال ، فقد كان الشرطي هو الهدف الذي حدده سعيد إذ كان يراقبه من ساعة خروجه من السجن وهيأ له المناخ المناسب والوضع المغري ، تم القبض على سعيد واقتاده لا إلى مركز الشرطة ، بل إلى بيته ، أعد له العشاء وطلب من الصراحة التامة ، في جلسة أشبه بالأخوية .

حملق سعيد ملياً في وجه الشرطي ، وكأنه يحاول حل لغز استعصى على الحاذق ، تحدثا ملياً وافترقا بعد ساعات ، افترقا والشرطي لم يقنعه كلام سعيد عن عائلته وظروفه ، وسعيد لم يقنعه تودد الشرطي له ، وظل يحيطه بأطواق الحذر والتوخي وما إلى ذلك من خبرات عملية عقلية يعرفها من هم على شاكلة سعيد ، فكر ملياً .. عليَّ أن أضع خطةً للمرحلة التالية ، لا لا إنه يترصدني في كل مكان ، ولا يمكنني الاستمرار في هذه المنطقة ، لأنه توعدني إن شك في سلوكي أو ضبطني أنه سيحولني إلى النيابة العامة ، وهذا أمر مخيف مرعب ، لا أستطيع حتى تصور حدوثه ، سوف أنتقل لمكانٍ آخر بعيداً عن هذه المنطقة .

أوقف سعيد نشاطه أياماً ليعود لمزاولته في مكان آخر بعيداًً عن عين مترصده الذي أصبح كابوساً يزوره كلما زار عينيه النوم .
اختفى عن الساحة زمناً ولم يعد الشرطي يراه ، آه .... الأمر مريب ، إما أن يكون قد تاب وعدل عن سلوكه أو أنه يخطط لأمر ما ،، وكيف لي أن أعرف وهو غائب عن الأنظار ؟ . امممم !! سوف أبعث رجالي ليتحسسوه في كل مكان . رجعت عيونه بالخبر اليقين . يا حضرة الضابط ، لقد وجدناه في حي الدولار ، يتناوب هو وشاب يصغره بما يقارب العشرين سنة على عدة أماكن .

آه .. إنها شبكة ، اخطبوط ، ... الصيد وفير .. اصطياد الشبكات أسهل عملاً وأكثر مردودا ورتبةً من اصطياد الأفراد ، سوف أضع خطة محكمة لإيقاع بهذه الشبكة .
في الصباح ... آآآآآه .. الخطة جاهزة ومحكمة ، يا جنود ، هلموا .. أنت يا خالد جهز الكمرا الرقمية ، وأنت عجيلي جهز كمرا الفيديو ، وأنتما عليكما بمراقبتهما من خروجها إلى ساعة الصفر .
لم يخرج سعيد ذلك اليوم لوعكة صحية فتأجل تنفيذ المهمة عدة أيام ، وفي ليلة غير ذات قمر توجه سعيد إلى حي الدولار الذي يبعد عن مقر سكنه ثلث ساعة على الأرجل ،.... أششششش .. تقدم يا عجيلي أكثر وشغل الكمرا أما أنت ياخالد فعليك أن تأتي من الناحية المقابلة لتأخذ لقطات لعملية الضبط . وليذهب كلٌ من فتحي وأبو غرارة لملاحقة الطرف الثاني والقبض عليه ولكن بعد الأشارة .
لم يكن سعيد في غفلة فقد لاحظ تحركاتٍ غير اعتيادية ، استناداً إلى حدسه وحذره اللا محدود . وقع نظره على شيء والفرصة سانحة ، توجه إليه رأساً ، لم يستطع مقاومة ما يرى .... انتبه يا سعيد ، عليك الحذر .. لا تثر أي حركة مريبة .... آآآآآآآآه إنه طعم . فخ . كدت أقع فيه .... أرجع يده التي لامست تلك المحفظة والتقطتها العدسة ، وهذا يكفي لأدانته في التحقيق ، سرق النظر يميناً وشمالاً وأردف خطواته المترددة بخطوات قلقة متسارعةٍ قادته إلى خارج المبنى ...
الشرطي : أمسكه يا عجيلي.... هيا تقدم تقدم يا خالد ، اركض وراءه .. لا تدعه يفلت ، فر سعيد بأسرع ما يستطيع ، وكان القدر أسرع إليه فقد صدمته سيارة مسرعة . سقط على الأرض ، لم تمر دقائق حتى فارق الحياة ، وتابع رجال الشرطة اللحاق بصديقه الآخر ، أمسكوا به على عتبة البيت الذي يقطن فيه هو وسعيد ، دخل الضابط ورجال الشرطة فوجدوا أمراً لم يكونوا متوقعيه .. وجدوا أربعة شبان يبدو عليهم الإدمان ، سألهم الضابط ، ما تصنعون هنا .. نحن يا حضرة الضابط من مدمني المخدرات ،ونأتي كل يوم إلى هنا ، ولكنا انقطعنا عن المخدر لمدة الأربعة أشهر ، وذلك بمساعدة سعيد ، بعد أن نبذنا أهلنا ومجتمعنا ، ولم نرد أن نضيع في متاهات أكثر مما ضعنا ، ولم يكن معنا المال ، فسعيد هو الممول لعملية علاجنا ، فله الفضل علينا في توقفنا عن المخدر .... الضابط ولكنه يسرق . يا حضرة الضابط .. نعم إنه يسرق ، ونحن لا نبرر عمله ولا نشجعه ، لكنه يسرق من تجار المخدرات ليعالج أخطاءهم ،

يا حضرة الضابط . السرقة حرام لا غبار على ذلك والخطأ لا يعالج بالخطأ , ولكنه يسرق المال القليل ليرد لنا أعمارنا ، وغيره يسرق المال الكثير ويسرق أعمارنا ، فأين أنت يا حضرة الضابط وأين كمراتك الذكية .

نومـا 12-15-2011 06:12 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
هارب من القدر

( 1 )
دخل الليل بسكونه العميق ،
ونام الناس وسبتـوا ..
... فى ذلك الليل البهيمى ،
كانت المرأة فى أشد حالات الطلق ..
ولم يكن بجوارها أحدُ من النساء
وتحت ضغط الحاجة ...
آلام الطلق ،
ندرة من حولها ،
وهذا الظلام الدامس ،
لم تجد المرأة أمامها إلا أن تنادى على أجيرها " سمعان ".
صرخت بأعلى صوتها مستغيثة به
يا سمعااااااااااااااان .
قال سمعان : لبيك سيدتى .
قالت : أريد قبسًا من نار ،
وخرج سمعان مسرعًا لتلبية طلبها .
فلم يكن الأمر يحتاج إلى أدنى تأخير .
وفوجئ سمعان برجل لم يره قبل ذلك .
وقال له : إلى أين أنت ذاهب ؟
قال سمعان : أُحضرُ نارًا لسيدتى لأنها تعانى من آلام الطلق .
قال الرجل الغريب : هون عليك يا سمعان !
قال سمعان : أو تعرف إسمى ؟
قال الغريب : لقد ولدت المرأة بنتا صغيرة .
قال سمعان : كيف عرفت ؟!
أكمل الغريب كلماته وكأنه لا يسمع لما يقوله سمعان قائلا :
أما إن هذه البنت الوليدة تكون امرأة من أجمل النساء ،
و ستزني بمائة رجل ،
ثم يتزوجها أجير أمها ،
ويكون موتها بسبب عنكبوت ،
قال سمعان : تتزوجنى أنا ؟!
قال الغريب : أجل ، بعد أن تزنى بمائة رجل .
قال سمعان : إن مثل هذه لا تستحق الحياة .. ولأدخلن فإن وجدتها بنتًا كما تقول لترين ما أصنع .
ورجع سمعان الأجير إلى سيدته فوجدها قد وضعت ،
فنظر فلما علم أنها جارية صغيرة .
أسرع وأخذ سكينًا فبعج بها بطن الجارية الوليدة
فشقه ،
وسال الدم غزيرًا ،
فخرج مسرعًا من البيت ،
ونظر باحثًا عن الرجل الغريب فلم يجده ..
لقد اختفى ..
اختفى من أمامه إلى الأبد .
ثم ذهب سمعان هاربا .
تاركًا خلفه بنتًا صغيرة ..
بعد أن ظن أن الجارية الوليدة قد ماتت.

(2)
لم تدرِ الأمُ لماذا فعل سمعان الأجير ما فعل بابنتها ..
وهى التى عهدته رجلا طيب القلب رقيق النفس
مطيعًا لسيدته ..
وما ذنب هذه الجارية التى لم يتجاوز عمرها سوى لحظات قليلة ؟
ورغم آلام الوضع والميلاد فقد نشطت الأم لمعالجة ابنتها ..
وخاطت بطنها بنفسها .
وأراد سمعان أمرًا
وأراد الله العلى القدير أمرًا آخر .
فقد برئت البنتُ ..
وشُفيت بإذن الله .
وشبت ..
وترعرعت ..
ونشأت كأحسن النساء
بل إنها عُرفت بعد ذلك بالفاتنة .
وكان مضرب المثال فى الجمال والفتنة
وفتح ذلك لها بابًا شديدًا من الفتنة ،
لم تستطع أن تغلقه
ورويدًا رويدًا ..
تركت نفسها للطامعين ..

(3)
أما " سمعان " فقد ذهب بعيدًا ..
وبعيدًا جدًا ،
فى أماكن لا يعرفه فيها أحد .
وركب البحار والسفن أجيرًا ،
وخادمًا عند كبار التجار ،
فتعلم منهم الكثير
وفطن إلى ما يعملون !
إن الأمر صار معروفا لديه تمامًا.
فما يقوم التاجر من هؤلاء إلا أن يشترى بضاعة من بلد تكثر بها هذه السلعة ،
فيشتريها بأسعار زهيدة .
ثم يأخذها التاجر ويذهب إلى بلد أخرى يندر فيها وجود هذه السلعة ،
فيبيعها بأعلى الأسعار .
وبين فرق الأسعار هنا وهناك ،
يُكَوِنُ التاجرُ ثروته .
فألهمه الله أن يدخر مبلغًا ،
من الأموال التى تخرج له من عمله كأجير .
ومع الأيام ..
وبمرور الوقت ..
صار لدى "سمعان" مبلغًا لا بأس به ،
لأن يبدأ به ،
فاشترى تجارة بسيطة
ثم أخذها ونقلها من بلد إلى أخرى ..
وكان سمعان يرى ذلك بعينيه كثيرًا ،
لكنه حين فعل ذلك وجربه بنفسه
فوجئ بالأموال الطائلة التى يجنيها من هذا العمل ،
فاغتنى وكثر ماله .
وأراد الله به أمرًا ،
فنجحت تجارته ،
وتوالت الأيام وهو يزداد نجاحًا إلى نجاحه ،
وصار معروفًا فى معظم البلاد الذى يتردد عليها كتاجر من أعظم التجار.
يتمنى التجار أن يتعاملون معه ، يبيعونه أنواعًا من البضاعة ،
ويشترون منه أنواعًا أخرى.
وعُرف بأمانته وصدقه .
وفى أثناء ذلك كان سمعان يرى من عجائب خلق الله ما يرى .
لكنه أبدا لم يرى أعجب من حديث الرجل الغريب له ،
وكان يحن إلى بلده ومسقط رأسه ..
ويمنعه الماضى أن يرجع ..
وجذبه الحنين إلى بلده ..
وهذا أمر غرسه الله تعالى فى كل إنسان ،
أن يحن إلى البلد الذى نشأ فيه ..
ودار هذا الحوار فى نفسه :
إلى متى أيها الرجل تعيش هاربا بعيدًا عن أوطانك
لقد مر ما يزيد عن عشرين عاما على الرحيل ؟
وهنا هداه تفكيره إلى أن يرجع متخفيًا فى صورة تاجر كبير ..

(4)
رجع سمعان إلى بلده التى هرب منها ،
فبدا كتاجر كبير ، فبنى بيتًا مهيبًا ،
و هابه الناس فلم يفكر أحدٌ أن هذا الثرى هو نفسه سمعان الفقير البائس .
ولم يرد هو أن يكشف عن هويته ..
إنه هروب من نوع آخر
هروب إلى القمة .
وبعد هذه الرحلة الطويلة
ومع هذه الأموال الطائلة أراد سمعان أن يتزوج .
فقال لعجوز أريد أن أتزوج بأجمل امرأة بهذه البلدة .
فقالت ليس ههنا أحسن من " حسناء " .
فقال سمعان : أخطبيها على .
فذهبت العجوز إليها فكلمتها ،
ورغبتها فيه حتى رضيت "حسناء" .
وفى حفل بهيج تجمع الناس فيه للطعام والشراب .
وفى ليلة لا تُنسى عند أهل البلدة ،
تم زفاف هذه الفاتنة الحسناء "حسناء" ،
إلى ذلك التاجر الكبير والثرى المحسود " سمعان "
فدخل بها ،
فأعجبته إعجابًا شديدًا ، وأحبها كما لم يحب رجل امرأة .
وتعلقت حسناء هى الأخرى به تعلقًا شديدًا .
وشعر كل منهما أن الحياة قد وهبته مطلبه .

(5)
وبينما كانت " حسناء " تتسامر مع زوجها يومًا
قالت له : يا سمعان !
من أين أتيت وأين كنت تعيش قبل ذلك ؟
وفى حديث صادق قال لها سمعان :
يا حسناء . لو أنى تزوجت بامرأة أخرى ما أخبرتها أبدا بالحقيقة .
لأن ذلك يعرضنى للمتاعب .
فقالت له بعد أن انجذبت لحديثه : ولم ؟
فأخبرها خبره ، وما كان من أمره في الجارية ،
وأنه أصلا من أبناء هذه البلدة ،
ولكنى ما قلت لهم ذلك حتى لا يعرفنى أحد ،
وأريد منك أن تكتمى سرى .
فقالت حسناء : يا لها من حكاية عجيبة حقًا .
أتدرى أين ذهبت البنت الصغيرة التى طعنتها ؟
قال : أين ؟!
قالت : إنها أمامك يا سمعان بشحمها ولحمها وكيانها !
إنها أنا
حسناء ..
زوجتك .
وأرته مكان السكين
فتحقق من ذلك ...
دارت رأس الرجل
وشعر أن الحياة واسعة لأبعد حد ،
لكنها فى نفس الوقت ضيقة كسم الخياط .
قال سمعان : لكن
قالت حسناء : لكن ماذا ؟
قال سمعان : وتصدقينى القول .
قالت : أصدقك .
قال سمعان : لئن كنت إياها فلا بد من أمرين :
الأمر الأول : أنك قد زنيت بمائة رجل قبل زواجنا .
فقالت بعد صمت وإطراق : لقد كان شيء من ذلك ،
ولكن لا أدري ما عددهم .
فقال سمعان : هم مائة
و الأمر الثاني : أنك تموتين بسبب عنكبوت
فضحكت .. حتى ملأت البيت بضحكها على كلامه
ثم قالت : أنا أموت بسبب عنكبوت !!
قال : نعم !
لقد تحقق كل شئ ،
ولسوف يتحقق ذلك .

(6)
كان الفرق واضحا بين الزوجين ..
أما الزوجة فكانت لا تبالى ،
وأما سمعان فقد خاف على زوجته ،
بعد أن أحبها وتعلق بها ، بل لم يتصور الحياة بدونها ،
فاتخذ لها قصرا منيعًا شاهقًا ،
بناه فى منطقة استشار فيها أهل العلم والمعرفة ،
وأكدوا له جميعًا أن هذه المنطقة لا يسكنها العناكب .
وصمموا البيت بحيث لا يدخل إليه حشرات ولا هوام ..
وصار الناس يتحدثون عن هذا البيت الفريد ، وهذا البرج المشيد ،
فيتعجبون ..
ويتمنى كل منهم أن يكون هذا البرج المشيد له.
ودارت الأيام والسنون ،
والرجل خائف على زوجته .. ولسان حاله يقول ..
ودع هُريرةَ إن الركبَ مرتحلُ
وهل تُطيقُ وداعًا أيها الرجلُ
بل لو أن الأعشى ميمون بن قيس - ذلك الشاعر العربى - رآى سمعان لظن أنه ما قال هذا البيت من الشعر إلا له .
أما حسناء ..
فكانت بطبيعتها لا تبالى ،
ولا تُعير هذا الأمر انتباهًا .
وفى أحد الأيام ..
وبينما هم يجلسون فى البيت الحصين ،
فإذا بعنكبوت تراه في سقف فأراها إياها ،
فقالت : أهذه التي تخاف منها علىَّ ؟!
والله لا يقتلها إلا أنا ،
فأنزلوها من السقف ، فعمدت حسناء إليها ،
فوطئتها بإبهام رجلها ،
فقتلتها .
وهى تقول : أهذه التى أموت بسببها .
وملأت الدنيا ضحكًا وبهجة .
وما علمت حسناء أن من العناكب أنواعًا سامة وأخرى غير سامة.
وما علمت حسناء أن هذا العنكبوت كان نوعًا سامًا مميتًا .
حيث قد طار شئٌ من سمها فوقع بين ظفرها ولحمها ،
واسودت رجلها ،
وكان في ذلك أجلها
فماتت بإذن الله ..
وقد علمت العرب هذه الحادثة وتحاكوها بينهم وصارت مثلا يُضرب بينهم .
وأراد الله أن يخاطبهم بما يعرفون فقال تعالى :
" أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا " [ النساء 78 ]

نومـا 12-15-2011 06:13 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
استراحة

نومـا 12-15-2011 06:14 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
الغزال في المصيدة

نزلت " سنية " من الترام تحمل صغيرها على صدرها .. وكانت شمس يوليو حامية والحر يلفح الوجوه .. وصعدت في الشارع الطويل المؤدى إلى المستشفى وهى تحس بالتعب الشديد وبوخز الإبر في عظامها ولحمها .. فقد أرهقها مرض ابنها ومزق أعصابها .. عالجته بكل الوصفات المعروفة دون نتيجة .. وأخيرا ذهبت به إلى " المستوصف " القريب من بيتها فأخبرها الطبيب بأنه مريض بالحمى ويجب نقله إلى المستشفى فورا ، وإلا ضاع بين يديها .. سمعـت هذا وطار قلبها شعاعا .. وحملته إلى المستشفى وهى تحبس عبراتها ..

ولأنه وحيـد وقطعة من كبدها وجاءت به بعد موت اثنين من ابنائها .. فقد تجمعت كالقوقعة واحتضنته وحرصت على أن يبقى لها .. ولا يموت كما مات من قبله .. وأن تزود عنه عاديات الأيام .. وكل الأعاصير التى تهب فجأة فى وجه الفقير .. وأن تكافح لتمرضه بكل ذات نفسها وكل ذرة فى جسمها ..

وكانت الشمس تتوسط كبد السماء ، ولم تجد " سنية " مكانا للظل فى الشارع ، وكان هناك صف من العربات التى تجرها الخيل واقفة فى بداية الشارع ، تنتظر النازلين من الترام ، لتهون عليهم مشقة الطريق إلى المستشفى ، أو إلى أى مكان آخــر فى هـذا الجـــو الشـديد الحـرارة ، ولكن " سنية " لم تكن ممن يركبن العربات ، فسارت وحدها فى الطريق الصاعد ، ولمحت عن بعد نسوة يتقدمنها فى ملاءات سوداء .. نساء يلبسن نفس زيها .. وفى مثل فقرها وبأيديهن الصرر ، ووراءهن أطفال يتدحرجون فى الشارع الساكن ..

وعندما مالت فى الطريق الرملى إلى اليسار ، سألت عن المستشفى بعد أن اختفى أثر النسوة .. فقد خشيت أن تتوه بعد أن تكشفت أمامها رمال الصحراء .. وتعددت البنايات الكبيرة ..

وعرفت المستشفى من عربات الطعام والفاكهة الواقفة بجانب السور والتى يحط عليها الذباب بكثرة .. ورأت سيارة من سيارات نقل الموتى قريبة من الباب الواسع .. ونساء فى سواد يولولون .. فانقبض قلبها لمنظر السيارة وحال النسوة ..

وكان الباب مفتوحا على مصراعيه لأنه يوم زيارة عامة .. فدخلت " سنية " مع الداخلين ..

ودلوها على غرفة الاستقبال .. وكشف الطبيب على الصبى .. وحملوه عنها إلى عنبر فيه غيره من الأطفال المرضى .. وكانوا فى حالة تعيسة .. وجوه شاحبة وعيون تبدو واسعة بعد أن هزل اللحم وبرزت العظام .. وقذارة فى الفراش وفى الأرض .. وأصاب " سنية " الذعر ولكن ماذا تفعل .. أرقدوا ابنها على حشية عليها مــلاءة قذرة تغير لونها من فرط ما سكب عليها وكان الذباب يتكاثر فى العنبر والجو خانقــا ..

وبقيت " سنية " جالسة على الأسفلت بجانب ابنها ملتصقة بالسرير ودافنة رأسها فى الملاءة القذرة التى تغطى الحشية .. كان الصبى جامد النظرات ، ساكن الجوارح .. ولكن على وجهه الرضا لأنه يحس بوجود أمه عن قرب ..

ووقفت ممرضة على رأس " سنية " وقالت لها :
ـ تعال يا ست ..
ـ إلى أين ..؟
ـ ستأخذين حقنة ..

ومشت وراء الممرضة فى الطرقات الطويلة .. وفى بناية فى حديقة المستشفى حقنها طبيب بحقنة ضد التيفود .. وخرجت من البناية لتعود إلى ابنها .. ورأت بابا مفتوحا فى غرفة قليلة الضوء .. غرفة ساكنة باردة فى هذا الحر .. فدخلت من الباب تنظر .. رأت جسم صبى ملقى فى حوض كأحواض السمك وعليه قطع الثلج .. وتقدمت لتنظر وقد أقشعر بدنها .. وأدركت أن الصبى ميت وهذه هى الثلاجة .. وحاولت أن تصرخ ولكن خانها صوتها .. وخرجت مهرولة إلى عنبر ابنها .. وهناك احتضنته .. ودفنت رأسها فى صدره ..

واستغرقت " سنية " فى وضعها ونسيت نفسها ثم استفاقت على صوت التمرجى يقول لها بغلظة :
ـ ميعاد الزيارة انتهى .. اتفضلى .. روحى ..
وسألته :
ـ أروح .. واترك الولد ..؟
ـ نعم .. هذا مستشفى .. وليس بيتا ..

وأحست بحرقة ، أحست بمن يخنقها ، تتركه لهم ليضعوه فى حوض وعليه الثلج كالذبيحة .. أبدا .. أبدا ولو قطعوها إلى قطعتين .. تتركه هكذا وهو بين الموت والحياة .. أبدا ..

أخرجوها من العنبر بالقوة .. ومن باب المستشفى .. ولكنها ظلت لاصقة بالسور ..

***

وعندما خيم الظلام على الصحراء وشمل السكون المنطقة .. اقتربت من الباب ودفعت خمسة قروش للبواب ودخلت متسللة كاللصة .. كانت تعرف مكانه رغم تعدد العنابر وكثرة الطرقات ..

ودخلت العنبر وهرولت إلى سرير ابنها وهى تدير عينيها فى الضوء الباهت بذعر ورجفة .. لم يكن هناك ممرض ولا ممرضة .. وكانت تسمع بكاء الأطفال فى العنبر فيرتجف قلبها .. واحتضنت ابنها وأحست بالحرارة الشديدة فى جسمه .. وكان الصبى يهذى وجسمه الصغير يرتعش وألصقت قلبها بقلبه .. وخيل اليها أنها لاتسمع ضربات القلب الصغير .. وألصقت خذها بخده وأخذت تبكى .. ابنها يموت ..

وخرجت من العنبر مهرولة تبحث عن طبيب لينقذ ابنها .. وظهر رجل فى رداء مصفر فى نهاية الطرقة .. فلما رآها أسرع نحوها وأمسك بها وقال بخشونة :
ـ كيف دخلت المستشفى فى مثل هذه الساعة ..؟
ـ ابنى يموت ..
ـ وما الذى جاء بك فى الليل .. وكيف دخلت ..؟
ـ من الباب .. ابنى يموت ..
ـ من الباب .. مستحيل .. تعالى .. نسأل البواب .. وليلته سوداء إن كان قد أدخلك ..

وأمسك بها من يدها بعنف وجرها إلى البواب .. وأنكر هذا أنه رأى حتى ظلها ..

وقال التمرجى وهو يحد النظر إلى وجهها :
ـ إذن فقد تسلقت السور لتسرقى .. ولا بد من تسليمك للبوليس ..
ـ سرقت ..!؟
ـ أجـل .. والعنبر ملآن بأشياء الحـكومة .. والمخزن مفتوح ..
وكل ليلة تسرق أغطية وبطاطين وآلات طهى .. ولا نعرف السارق .. وأخيرا وقعت ..
وأخذت تتوسل ..

ورأى لأول مرة جمالها الباهر وصباها .. وعينيها والثوب الأسـود والمنديل الأزرق يغطى الرأس ويزيد وجهها نضارة وتألقا ..
وبكت ..
ـ اعمل معروف .. أنا مسكينة والولد بيموت .. أليس عندك أولاد ..
ـ عندى ولكنى لا أتسلق السور فى الليل ..
ـ البواب .. كذاب .. حلفه .. لقد دخلت من الباب ..
ـ طيب .. تعـالى .. وفى الصباح سنسلمك للمعاون وهو يتصرف ..

وسحبها إلى غرفة فى حديقة المستشفى ..
ـ نامى هنا إلى الصباح ..
وأغلق عليها الباب ..

ظلـت متيقظة فى الظلام تنظر إلى السقف .. وهى ترتعش من الخـوف .. كانت قـد فوجئت بهـذا الاتهام الذى شل حركتها وإرادتها تماما .. ورقدت خائفة .. وبعد ساعة أحست به يدخل عليها ويرقد بجوارها ..

وقاومت بكل شبابها وأنشبت أظافرها فى لحمه .. ولكنه لم يتراجع واغتصبها وهو يسيل عرقا من فرط مقاومتها العنيفة ..

وفى الصباح لم يسلمها للمعاون وتركها تذهب إلى العنبر الذى فيه ولدها ..
ومضت أيام وهى فى داخل المستشفى بجانب ابنها ..

وجعلوها تغسـل بلاط العنـبر وطـرقات المستشـفى وتحـمل التراب والنفايات .. جعلوها تفعل كل هذه الأشياء لكى تبقى بجانب ابنها .. ومادام ليس معها نقود .. فقد كانت تدفع عرقها ..

كان كل همها أن يعيش الصبى .. ومادامت بجانبه ترعاه سيعيش ..

***
وظلت عشرين يوما فى المستشفى ..
وكانت تذهب إلى البيت خطفا ثم تعود جريا إلى المستشفى .. ونسيت زوجها الفران .. كان عمله كله فى الليل ، فإذا جاء فى الصباح عرف أنها فى المستشفى ونام .. كان يحب الولد وكان مطمئنا عليه مادامت أمه بجانبه ..

ظلت تكنس وتمسح البلاط وترضخ لكل ما تطلبه منها الممرضات وهى فى كل يوم خائفة أن يقدمها ذلك الرجل للبوليس كسارقة .. ومن السهل على مثله أن يلفق لها تهمة كبيرة .. كانت تخاف منه وكان هو يخاف منها أن تحدث الناس بفعلته .. تحكى القصة لطبيبة أو لممرضة وهذه تأخذها إلى مدير المستشفى ثم يصل الأمر إلى النيابة فى الحال ، كان يخاف منها أكثر مما تخاف منه .. وفى كل يوم كان يحب أن تبقى فى المستشفى وأن يراها بعينيه لأنها لو خرجت ستتحدث .. ولو تحدثت بما جرى لها سيحرضها الناس على إبلاغ البوليس ..

كان وجودها تحت سمعه وبصره يطمئنه .. كما أنها كانت تطمئن عنــدمـا تراه فى طـرقات المستشـفى ســاكنا جامــدا .. فتــدرك أنه نسى أمرها ..

وفى ظل هذا الخوف الرهيب المتبادل قضيا معا عشرين يوما يطوقهما سور المستشفى الكبير وهما فى عداء باطنى خفى قاتل ..
كان يكرهها وكانت تكرهه ..

كانت تكرهه لأنه سبب لها كل هذا الرعب .. وكان يكرهها لأنها قد تكون السبب فى فصله من عمله وتشريده فى الطرقات ..

***
فى الظهر .. مـر الطبيب وكشف على الطفل .. وسمح له بالخروج ..

وخرجت به " سنية " من باب المستشفى فى مثل الساعة التى دخلت فيها منذ ثلاثة أسابيع .. وكانت الشمس حامية والحرارة أشد ضراوة .. ومشت فى نفس الطريق الذى جاءت منه من قبل ..

كانت فى هـذه المـرة تنزل ولم تكن تصعد ، وكان المشى أكثر سهولة .. ولكنها كانت تشعر بالانقباض .. كان الصبى قد شفى تماما واسترد كامل صحته .. ولكن عافيته لم تشعرها قط بالفرحة .. كان هذا الصبى هو السبب فيما حل بها من بلاء ، لو كان معها نقود لمرضته فى البيت ونجت من هذا الوغد .. مرضته فى البيت بعيدا عن العيون .. ودون أن تخبر أحدا بنوع مرضه .. ولكنه مرض بحمى معدية .. ولا بد أن يشيع الخبر ويتسرب من أى شخص .. وكتمانه من المستحيل .. وسينقلونه إلى المستشفى رغم أنفها ..

إن ما حدث كان مقدرا لها والمحنة التى مرت بها لن تغفر لها خطيئتها قط .. كان يجب أن تستقتل ولو مزقها إربا وقطع أنفاسها ..

وقبل أن تخرج من الشارع الرئيسى مرت بجانبها سيارة صغيرة وأطل رأس رجل فى قميص مفتوح وأوقف السيارة وقال برقة :
ـ تعالى أوصلك .. يا سنية ..

وجفلت .. كيف عرف اسمها .. ثم تذكرت هذا الوجه .. أنها رأته فى المستشفى .. وكان دائما بشوشا طلق المحيا كما هو الآن .. فى أى عنبر رأته وفى أى مكان ..؟ لم تكن تدرى ..
وردت " سنية " بضعف :
ـ كتر خيرك .. قربنا من الترام ..
ـ اركبى من أجل الصغير .. الشمس حامية ..
ونظر إليها مرة أخرى نظرة كلها حنان ..
فقالت لنفسها :
ـ وماذا يضير .. وما الذى بقى لى بعد الذى جرى ..؟

وركبت فى المقعد الخلفى صامتة والغلام فى حجرها ..
وقال الطبيب وهو يسير بالسيارة متمهلا :
ـ ابنك .. استرد عافيته ..
فهمست :
ـ ليته .. مات ..
ولم يسمعها ..

وقال وهو ينظر إلى الطريق دون أن يدير رأسه إلى الخلف :
ـ لقد حقنتك حقنة التيفود .. بعد أن وضعنا الصبى فى العنبر .. وكنت لا تريدين أن تشمرى عن ذراعك .. أتذكرين ما حدث ..؟
وضحك .. وابتسمت ..
ـ أنا جاهلة .. يا بيه .. وهذه أول حقنة فى حياتى وكيف أشمر عن ذراعى أمام رجل ..؟

وتذكرت كل شىء لقد حقنها حقا .. وكان رقيقا مهذبا وإنسانا ولكنها كانت فى دوامة ، ومر هذا سريعا .. مرت هذه اللمحة الإنسانية سريعا وبقى الأثر المدمر .. الذى محا كل عاطفة أخرى تأتى من إنسان ..

لقد جرجروها ومزقوها بغلظتهم لأنها فقيرة .. واستغل الرجل النذل جمالها ليلطخه بالوحل .. النذل أرهبها ليوقعها فى الشرك .. نصب لها المصيدة الجبان .. النذل ..
وسمعت الطبيب الشاب يسألها :
ـ ساكنة فى أى جهة ..؟
وخجلت أن تقول فى الدراسة قريبا من المقابر ..
وقالت :
ـ قريبا من الحسين ..
ونظر إلى عينيها وكان يود أن يقول لها :
ـ أنت جميلة يا " سنية " ولم أر مثل جمالك قط فى أنثى .. وأنا سعيد بركوبك معى .. سعيد سعادة ليس لها من حدود ..

وقالت بعد أن اقتربت العربة من شريط الترام :
ـ سأنزل ..
ـ لا .. سأوصلك إلى بيتك ..
وصمتت وكانت الدموع فى عينيها وهى تحدق فيه ..
وهمست :
ـ أخيرا .. يجىء إنسان ..

وسألته وهى نازلة .. تضع طرف طرحتها على جسم الصبى ..
ـ ألا تريد شيئا .. يا دكتور ..؟
ـ أبدا .. شكرا ..
ـ أنظف لك البيت .. وأغسل ملابسك ..
ـ شكرا .. تسلم يدك ..

وظلت واقفة في مكانها شاردة حتى بعد أن تحركت العربة واختفت عن نظرها ..

نومـا 12-15-2011 06:16 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 

الرجل الصامت

أحمد إبراهيم ولم يكن هذا اسمه المدون فى شهادة الميلاد .. ولكنه كان اسمه الذى اشتهر به وأصبح لايسمع سواه ولا ينادى بغيره .. حتى نسى على توالى الأيام اسمه الحقيقى ..

وعندما التقيت به لأول مرة استرعى انتباهى بهندامه الغريب وملامح وجهه الفريدة ، كان رأسه كبيرا .. وجبهته عريضة .. وأهدابه غزيرة كثة وعيناه ضيقتين تلتمعان بحدة .. وأنفه قصيرا .. وشعر رأسه أسود خشنا كفروة الخروف ..

وكان يعمل طاهيا فى بيت ضابط النقطة وفى بيتى ، وفى بيوت كثيرة فى الحى .. وما كنا جميعا ندرى كيف تتاح له كل هذه المقدرة ..

ولكنه فى الواقع لم يكن طاهيا بالمعنى الدقيق لصاحب هذه الصفة .. بل كان لايعرف إلا صنفا واحدا من الطعام يطهوه فى كل البيوت .. وكنت أجد الكفاية فى أن يجىء إلى شقتى يومين فى الأسبوع يطهو فيهما وينظف البيت ..

وأحسب ضابط النقطة كان يفعل مثلى .. ويترك ما بقى من الخدمات للعساكر ..

ولا أدرى كيف وقع عليه الضابط .. أما أنا فقد وقعت عليه فى عصر يوم وأنا راجع من الجامعة ونازل من الترام فى دوران فم الخليج ..

وكان معى كراسة المحاضرات فى يد .. وفى يدى الثانية بطيخة اشتريتها بقرشين من الميدان .. فأشفق على منظرى وحمل عنى البطيخة إلى البيت ، ومن وقتها لازمنى ..

وكان يرتدى بدلة عسكرى كاملة .. السترة سترة ضابط والبنطلون بنطلون رجل من رجال السوارى .. ضيق محبوك .. والسترة واسعة مهلهلة .. مفككة الأزرار منفوخة الجيوب ..

فكان منظره مضحكا لكل من يشاهده ، ولكن ما من شخص كان يجرؤ على الضحك عليه ، لأنه كان مرهوبا من الحى كله لمجرد التصاقه بالنقطة ولأنه يخدم الضابط ..

ولم يكن الضابط الشاب مكروها ، بل كان محبوبا طيب المعشر .. ولم يكن من طباعه أن يحتجز أحدا من الناس فى النقطة إلا فى حالات الضرورة التى يتطلبـها الموقف .. بل كان يتصرف بالحسنى والمرونة والكياسة فى غالبية الحالات العارضة ..

وظل هذا الطبـع الخـير يلازمه فى أثنـاء المظاهرات التى كانت كثيرة فى هذه الحقبة من حياتنا .. والتى كانـت تأتى حشوده من الجيزة ، مركز تجمع الطلبة ، وتعبر كوبرى عباس .. إلى كوبرى الملك الصالح .. وعنـد دوران فم الخليج ، كان الضابط يفرقها بالكلمة الطيبة والجلد على مغالبة الموقف .. قبل أن تصـل إلى مدرسة الطب فى شارع القصر العينى .. وكان دائما يبعد الكونستبلات الإنجليز عن الاحتكاك بالطلبة وإثارتهم .. ويتصرف بلباقة .. وبجانبه يقف إبراهيم فى بدلته العسكرية ، طويلا صامتا ، كأنه الجنرال الذى يكتفى بإصدار الأوامر مرة واحدة .. ثم يطبق بعدها فمه إلى نهاية الجولة .. وما أظن إلا أن حدة الطلبة كانت تتكسر على طلعته وزيه الغريب .. وتخبو مرة واحدة .. وفى غمضة عين تصبح النار المشتعلة رمادا وهشيما ..

وكان إبراهيم يستريح من عناء كل الأعمال بعد الغروب ، ويتبختر مزهوا فى المنطقة بين كوبرى الملك الصالح ودوران فم الخليج .. ويفرض أتاوته على المعدية .. وعلى الباعة الجائلين ..

وإذا أرخى الظلام رواقه ، أصبح شاطىء الترعة الذى يخيم عليه الشجر الضخم الملتف رهيب الوحشة فى الليل .. شديد الظلام مرعبا .. حتى لاترى موضع قدميك بعد ثلاثة أقدام .. لأن هذه المنطقة لاتضاء بالمصابيح اطلاقا ، كما لاتوجد حوانيت فى الواجهة المقابلة تخفف من وطأة الظلام .. بل كانت هذه الرقعة الكثيفة الأشجار خالية تماما من الدكاكين .. وحتى المنازل المتناثرة هنا وهناك كانت صامتة رمادية شهباء خرساء .. تضفى ظلا كئيبا موحشا على الشارع كله ..

ويحدث أن يصدم الترام ، أو تدهس سيارة عابر سبيل وتلقيه تحت الشجر ، أو يطعن شخص غريمه فى هذه الظلمة الرهيبة ..

وعندما يبلغ الحادث للنقطة يكون ابراهيم فى خطف البرق قد نفض جيوب المصاب .. قبل أن يأتى المحقق أو تصل عربة الاسعاف ..

وكان يلتذ من هذه العملية حتى وإن لم يجد فى الجيوب غير بضعة قروش قليلة .. ويعد هذا العمل مغامراته الكبرى .. ويترقب الحوادث ويشتمها من بعيد بلذة عارمة ..

وكان يحكى لى كل ما يجرى ويعترف بعملية السطو الليلية هذه وهو هادىء الملامح تماما .. كأنه يقوم بعمل مشروع ..

ولما أبديت له سخطى ونفورى من فعله .. قال فى سخرية :
ـ إذا لم أسرقهم أنا سيسرقهم غيرى .. قبل أن يصلوا إلى المستشفى .. أو إلى المشرحة فى زينهم .. هل تتصور أنه يمكن أن توجد أمانة فى هذا الجو ..؟
ـ لماذا لا ..؟
ـ ان هذا مستحيل تماما .. الحياة غير الذى تقرؤه فى الكتب يا عبد الحميد أفندى .. عندما تنام عين الإنسان يتحرك الشيطان .. ويتحرك بكل ضراوة .. وسم هذه خسة .. ولكنى أفعلها .. وسأظل أفعلها ..

وقد عجبت لهذه الأفكار السوداء فى رأس إبراهيم .. وقدرت أن طفولته كانت قاسية ومرة .. حتى جعلته هكذا ..

ورغم هذه النزوة التى كان يندفع إليها فى الليل ، وهو مسلوب الإرادة تماما .. فإنه كان فى منتهى الأمانة فى كل ما يتسوقه لى من أشياء .. ولا يزيد مليما واحدا ، بل كان يتحمل المشقة ويذهب إلى حي السيدة .. ليشترى لى الأجود والأرخص ويوفر بضعة قروش فى كل مرة ..

ومن البيوت التى كان يخدمها .. شقة فى الدور الرابع فى نفس العمارة التى كنت أقيم فيها .. وكانت تسكنها سيدة ومعها بناتها الثلاث وكن جميعا يلبسن السواد فى الليل والنهار .. ووجوههن شاحبة حزينة ..

وكانت هذه الأسرة ضحية لرجل اشتعلت فى رأسه الوطنية ـ منذ الصبا ــ وأخذ يكافح الاستعمار الإنجليزى بكل الوسائل .. وحدث أن وقعت حادثة اغتيال لبعض كبار الإنجليز فى مدينة القاهرة فاتهم فيها .. وأعدم .. ونسى الناس الأرملة وبناتها نسوهن تماما .. وعشن بعد عائلهم فى فقر وحزن ..

وعرفت من إبراهيم أنهن يعشن من دخل ضئيل ولولا هذا لمتن من الجوع .. وكنت كلما شاهدتهن أشعر بشىء ثقيل يحط على قلبى ويكاد يسحقه .. ويضاعف من ألمى أننى كطالب فقير لا أستطيع أن أفعل لهن شيئا..

وكنت أتساءل كيف نسيهم الناس ونسيتهم الأحزاب .. ثم أدركت السبب .. كان الخوف من بطش الإنجليز وإرهابهم يبعد الناس عنهم .. لقد أمات الإرهاب كل مروءة وشهامة فى طباع البشر .. وقتل الخوف كل خير فى الإنسان ..

وإلى جانب هذه الأسرة التاعسة التى نسيها الناس .. يعيش فى القاهرة نفسها المهرجون والخونة والمتجرون فى الوطنية .. يعيشون فى القصور ويكنزون الأموال ..

وكان إبراهيم الذى لا يعبأ بالطعام ، ولا بالشراب ، ينام كيفما اتفق فى مدخل العمارة .. أو على البسطة التى أمام شقة الأرملة وبناتها .. يفرش حصيرا ويتمدد .. وكثيرا ما كانت تنتابه حالة اكتئاب حادة تجعلنى فى حيرة من أمره .. وفى أثناء هذه الحالة يكون طعامه رديئا .. وطباعه متغيرة ..

وكان يتقاضى منى جنيها واحدا فى الشهر نظير خدمته .. ولا يطلبه إلا إذا أعطيته له .. فلم يكن فى حاجة لنقود لطعامه ، أو ملابسه لأنه يأكل فى البيوت التى يشتغل فيها ويرتدى الملابس القديمة .. ويوما طلب منى هذا الجنيه وهو يبدى أسفه ، وعلى وجهه الخجل ، فأعطيته له ولم أسأله عن السبب .. فتناوله وخرج فى الحال ..

وقد جعلنى هذا أراقبه من النافذة .. ورأيته بعد ساعة يدور فى الميدان ، وبجواره طبيب الحى ممسكا بحقيبته ..
ثم وجدته يصعد به إلى شقة الأرملة ..

وحدث ما جعله يدخل قفص النقطة .. وهو الذى كان يتفرج على المحجوزين فيه ويسخر منهم .. ذلك أنه شاهد شابا خليعا يلاحق كبرى بنات الأرملة .. تحت الشجر .. ويمسكها من معصمها فى غبش الظلمة .. فصرخت الفتاة وكان إبراهيم يعس كعادته فى هذه الجهة .. فجرى على صوتها وأمسك بتلابيب الشاب .. وكان مع هذا نصل حاد أراد أن يطعن به إبراهيم .. فانتزعه منه إبراهيم ، وهو فى ثورة غضبه على الفتاة ، وطعنه بقوة وسقط الشاب ..

وتجمع الناس فى الظلمة .. وقد روعهم المشهد الدامى .. ولكن إبراهيم تقدم وحده دون أن يمسك به إنسان .. ودخل النقطة ..

وروت الأرملة كل شىء عنه بعد ذلك .. وكيف أنه كان يعطيهم كل ما كان معه من نقود ، ويحرم نفسه من كل الأشياء ..

وأدركت أنا ، بعد اعترافها هذا ، أنه كان يعطيهم حتى النقود التى كان يجمعها من جيوب المصابين فى الحوادث ..

نومـا 12-15-2011 06:17 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
قصة هل أيقنت أن الله هو الرزاق
زاد التقى

أخذ ذلك الرضيع يصيح في الشارع ....
ويتعالى ذلك الصوت بالصراخ ...فلا مغيث ولا مجيب ....
ثم ما هي إلا لحظات فتسمع الأم الحنون ذلك النداء ...
هرعت مسرعة ملبية النداء ...أخذت تشمه ,,تقلبه ..فهو صغير...
ترددت في أخذه فهو ليس إبنها ...ولكنه زاد في الصراخ ...
حنت عليه ...وحملته إلى منزلها حيث تسكن ...
بدأت تقلبه ...تداعبه ...وما يزيد إلا صراخاً ...فهو جائع
جلست وأخذ يرضع و استقرت نفسه حينها وهدأت روعته ..
فهو الآن بين يدي أم حنون تهتم به وترعاه وترضعه
مع صغارها الكبار...
هذا ما حدث للقط الصغير وللقطة الأم ...
قامت أمي برمي القط الصغير خارج المنزل ...
و و الله ذهبت القطة الأم لإحضاره في الحال
وكأنها تقول مسكين لعلي أرضعه مع صغاري ...
أدهشني المنظر وأخذت أتأملُ ساعة ..
فسبحانه الخالق الرازق ...
وقلتُ " سبحان من بيده ملكوت كل شي وهو يجير ولا يجار عليه "
" وما من دآبه إلا على الله رزقها "

أختي الكريمة أخي الكريم :
لو تأملنا في هذه الحادثة آلا تزداد يقيناً بقدرته سبحانه
فمن أوحى لها بأخذه ؟؟؟
ومن أوحى لها بإرضاعه ؟؟؟
ومن أوحى لها برعايته وكأنه صغير لها ؟؟
أنه الله جل جلاله

نومـا 12-15-2011 06:20 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
العـاصـفـة!!

أسرع مما توقعت.. بدأ العد التنازلي لموعد زواجي...!
كلما قرب الموعد.. كبرت المسئولية.. وتضاعف الجهد..
الهواجس والأفكار... لا تفارقني..!!
كان ترتيبي .. أن ما بقى الآن شهر او يزيد..
سأنتهي من كل شيء...
الأمر بسيط ولا يحتاج إلى وقتٍ طويل..
اكتشفت متأخراً..
إنني أضعت اسبوعاً كاملاً في المفروشات!!
وآخر في تجهيز .. المطبخ..
الآن هناك متسع.. بقي اسبوع.. تنفست الصعداء...
الأحلام الورديه تطاردني.. والفرحه تلاحقني..
تركت خيالي يسري.. ولاينام..

بدأت التردد بكثرة على منزلي..
استمتع بالجلسة.. وبهدوء المكان أقرب الشاي.. أمد قدمي..
استرخاء تام.. وحلمٌ مبكر.. أتصفح الجرائد وأقرأ المجلات..
كل موضوع له علاقة بالزواج والأبناء دخل ضمن أهتماماتي..
عنوان جذاب.. اقرأ قبل أن تتزوج..
قلت بهدوء..
كلُ يخاطبني هذا الأسبوع..
ابتداء من الأطفال.. حتى الصحف والمجلات!!!
استرسلت في القراءة.. نصائح كثيرة.. ومتتالية..
الفحص الطبي قبل الزواج.. أعدت القراءة مرة آخرى..
فوائده.. وأخيراً ضرورته..
لازمتني الفكرة خلال اليومين.. سيطرت على ذهني.. ورأيت أن أفعل..!!

الخطوة الأولى أجراء فحص أولي.. ثم بدأت إعطاء التحاليل للمختبر..
مراجعة الطبيب بعد ثلاثة أيام..
رحلت مع أحلامي..
وعندما جاء الموعد تثاقلت..
ما الفائدة من الفحص؟؟!.. الجميع تزوجوا بدون ذلك..
وعندما تذكرت أنني قد دفعت لهم كامل المبلغ..
نهضت.. ورغم ذلك وصلت متأخراً..
انتظرت مدة تزيد على نصف ساعة..
وعندما حان دخولي على الطبيب.. مشيت بخطوات بطيئة..
أخرج أوراق التحاليل.. وبدأ يقرأ ..
قلب الأوراق مرة أخرى .. استرق النظر إلى أكثر من مرة!!
وعندما سألته.. هل هناك شيء؟؟
وضع الأوراق على طاولته.. بدون مقدمات..
يوجد اشتباه بسرطان الدم..
لم أصدق ما سمعت!!!!
هول الصدمة جعلني لا أنطق..
وأنا أنظر إليه..تحدثت العيون وسألت كيف؟؟!
لا تخَف مجرد اشتباه.. دعني أفحصك مرة أخرى..
لم أستطع أن أتحرك من مكاني.. شعر أنه أخطأ في مواجهتي..
مد يده.. وساعدني.. ألقيت بنفسي..
بدأت أتنفس بقوة لأتأكد من أنني على قيد الحياة..
فتح عيني.. وأطال النظر.. سمع دقات قلبي..
الأمر هين وبسيط.. نعيد التحاليل..!!
أتيت بآمالٍ وأحلام.. وخرجت بهمومٍ وأحزان...
كل ذلك في لحظات..!!!!

هممت على حالي.. أوقفت سيارتي جانباً..
أغمضت عينيَّ..
في ماذا.. وأنا أنتظر الموت أفكر..
فكرت وفكرت.. نفسي.. أهلي.. وأخيراً..هي...
هل أخبرها..؟ ماذا أقول..؟
لو أكدت التحاليل وجود المرض.. أسكت أم أخبرها..
لا وقت..أيام فقط..زواج أم..لا..
لم أعرف النوم تلك الليلة..
في الصباح تركت عملي واتجهت إلى المختبر..
والدم يؤخذ مني.. قلت له..خذ أكثر.. حتى نتأكد..
ولعله أخذ ما يرضيني.. وأكثر..
لم يبق في عروقي دم..بقي همٌّ وغم..
لم أتوقف عن التفكير.. لعل الأمر خطأ..
ولكن شيء في داخلي يقول.. إن الأمر حقيقة..

تركت منزلي..
إبريق الشاي منذ مساء البارحة تركته على أمل العودة..
كطائر أغلق عليه قفصٌ من حديد..!!
يطير..ويطير.. يبحث عن مخرج....!!!
يصطدم بكل جهة يتجه إليها ولا يبالي..!!!
ولكن بدون نتيجة.....

كل من قابلني..
وجهك متغير.. هذا وجه من يريد الزواج!!!..
كل هذا فرحٌ بالزواج..؟
بدأت تخاف من الآن..؟
حديثهم في وادٍ .. وأنا في وادٍ آخر..

ثلاثة أيام.. انتظارٌ طويل.. طويل..
قطعاً لحالة الشك.. ذهبت إلى عيادة أخرى..
وفي نفس اليوم.. اتصلت بالعيادة الأولى..
لم يأت شيء..لا..بعد غدٍ..
ما أطول غدٍ وبعد غدٍ.. أنتظر الموت..أو أمل الحياة..

ألغيتُ زياراتي مواعيدي..
حتى شراء ما بقي من الكماليات لمنزلي تركته..

لا أريد أن أرى أحداً.. أنظر إلى الدنيا نظرة مودع..
أخبىء وجهي عن أمي..
أستقبل الأيام وأرى دمعتها.. عندما أُنعى إليها...!!
أما أبي.. فحزنٌ يقطع الكبد..
يمازحني في أمر الزواج..وأقول بصمت.. غداً..

في اليوم الثالث.. هدأتُ
فكرت أن كان الأمر حقيقة..لن أتزوج..
ولكن حب الحياة ينازعني..
الكثير..عاشوا بأمراض مثل هذا وأكثر..
الأعمار بيد الله.. إذاً أخبرها..
في الساعة الرابعة والنصف..وقفت أمام العيادة مهموماً..
لعل الطبيب يحضر مبكراً..وجاء الطبيب..ولم يأت التقرير..
انتظرت ساعتين.. أطول عندي من سنتين..
وعندما أخبرني الطبيب بوصول النتيجة..
وقفت بسرعة..فتح التقرير...!!
بدأت أرتجف..كأنني في شتــاء بارد...!!
أما قلبي...نبضات سريعة..وضرباتٌ قوية..!!!
ركبتي..لا أعرف لماذا لم تستطيعا حملي.. !!
ورغم العرق الشديد..والنفسُ المتلاحق..

بشرني..الحمدلله ..
ولم أدعه يكمل..رميت بنفسي عليــه..!!
تراجعت..اقرأ مرةً أخرى..تأكد من كامل الأوراق..
خرجتُ لا تسعني الفرحة..أسلم على من أرى..
ذهبت مسرعاً إلى منزلي..

لا يزال الشتاء في داخلي..والعرق على جبيني..
استرخيت..ولكن لم أستطع البقاء..
ركبت سيارتي..
سلمت على والدتي..
لاحظت أنني مجهد..والفرحة تعلوني..وأي فرحة..؟
ما بك..؟!

مظروف في يدي يحكي كل شيء..!!

عقب أخي.. بعتاب.. ولا تُخبرنا بذلك..؟!!

ابن آدم ضعيف..ولكنه جبارٌ مستكبر..
يُسقطه رغم غروره وكبريائه..
فيروسٌ صغير.. جرثومة لا تُرى..
يخاف الموت..ولا يعمل له..
يفرح بالصحة..والعافية..ولا يستفيد منهما..!!!
تمـر الأحداث.. وتنزل النوازل..
وهو في أمرٍ آخر..
أما أنت..
فقد بعثت من جديد..
ولكن...
فهن المنـايـا أي وادٍ حللته
........ عليها الـقــدوم أو عليك سَتقـدِمُ
هناك متسعٌ الآن..
أعد حساباتك...

نومـا 12-15-2011 06:23 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
خرجت إمرأه من منزلها فرأت ثلاثة شيوخ لهم لحى بيضاء طويلة وكانوا جالسين في فناء منزلها
لم تعرفهم وقالت لا أظنني اعرفكم ولكن لابد أنكم جوعى. ارجوكم تفضلوا بالدخول لتأكلوا.
سألوها: هل رب البيت موجود؟
فأجابت :لا، إنه بالخارج.
فردوا: إذن لا يمكننا الدخول.
وفي المساء وعندما عاد زوجها أخبرته بما حدث
قال لها :إذهبي اليهم واطلبي منهم أن يدخلوا
فخرجت المرأة و طلبت إليهم أن يدخلوا.
فردوا نحن لا ندخل المنزل مجتمعين.
سألتهم ولماذا؟
فأوضح لها أحدهم قائلا
هذا اسمه الثروة وهو يومئ نحو احد اصدقائه،
وهذا النجاح وهو يومئ نحو الآخر
وأناالمحبة
وأكمل قائلا: والآن ادخلي وتناقشي مع زوجك من منا تريدان أن يدخل منزلكم.
دخلت المرأة واخبرت زوجها ما قيل.
فغمرت السعادة زوجها وقال: ياله من شئ حسن، وطالما كان الأمر على هذا النحو فلندعوا الثروة دعيه يدخل و يملأ منزلنا بالثراء!
فخالفته زوجته قائلة: عزيزي، لم لا ندعو النجاح
كل ذلك كان على مسمع من زوجة ابنهم وهي في احد زوايا المنزل فأسرعت باقتراحها قائلة: اليس من الأجدر ان ندعوا المحب فمنزلنا حينها سيمتلئ بالحب فقال الزوج: دعونا نأخذ بنصيحة زوجة ابننا
إخرجي وادعي المحبة ليحل ضيفا علينا خرجت المرأة وسألت الشيوخ الثلاثة: أيكم المحبة ارجو ان يتفضل بالدخول ليكون ضيفنا.
نهض المحبة وبدأ بالمشي نحو المنزل. فنهض الإثنان الآخران وتبعاه، وهي مندهشة
سألت المرأة كلا من الثروة و النجاح قائلة لقد دعوت المحبة فقط ، فلماذا تدخلان معه؟
فرد الشيخان لو كنت دعوت الثروة أو النجاح لظل الإثنان الباقيان خارجا،
ولكن كونك دعوت المحبة فأينما يذهب نذهب معه.
أينما توجد المحبة، يوجد الثراء والنجاح.

نومـا 12-15-2011 06:24 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
مـصـحـف أسـامـة
كتبه ابن الشهيد

أفقتُ من قيلولتي ذاتَ يومٍ قبلَ أذان العصرِ ، فلم أجدْ أسامة ..
سألتُ عنه فأجابتني أمهُ وعلى وجهها ابتسامةٌ مشرقةٌ :
ـ لقد ذهبَ إلى المسجدِ ..
ـ ولكنّ الوقتَ ما زالَ مبكراً .
_ لقد اصبحَ ينافسكَ ، بل إنه يسبقكَ ..!
_ هذا يسعدني والله ..

وأضافتْ وعلى شفتيها ابتسامةٌ عذبةٌ :
ـ لقدْ لاحظتُ إنه حريصٌ على اصطحابِ مصحفه الصغيرِ ، والقراءة فيه كثيراً ، وأحسبهُ يحتضنهُ في حنو الآن وهو في رحاب المسجد. .
ابتسمتُ وأنا أشعرُ أن الدنيا لا تسع فرحتي بولدي المؤمن الصغير .
ووثبتُ إلى الوضوءِ ، فلا أقل من أنْ ألحق به ..

**
بعدَ أسبوعين تقريباً ..
اقتربتْ أمُ أسامةَ مني وقالتْ بهمسٍ :
ـ أبا أسامة .. ألم تلاحظْ ما اعترى تصرفات أسامة هذه الأيام ؟
ـ ماذا تعنين ؟
ـ لستُ أدري يقيناً ، لكني أتساءلُ : ما سر تشبثه بمصحفه كل هذا التشبث ، لقد طلبته البارحةَ منه فجاءني بمصحفِ أخته .. ولم يناولني مصحفه ..
بل لاحظتُ أنه يحرصُ على أن يخفيه ، وهذا اليوم لاحظتُ أنه لم يحمله معه ، وأخذ مصحفاً آخر ..
إنه لم يعتدْ هذه التصرفات من قبل ، لست أدري ما حدث له ؟؟

كنتُ أصغي إلى أم أسامة ملياً ، فهي أكثر ملاحظة مني ...
وأحسستُ بالقلق ، وغرقتُ في تفكيرٍ عميقٍ ، قطعهُ صوتُ أسامة وهو يدخل مسلماً .
رددت السلامَ وأنا أظهرُ له البشرَ ، وتفرستُ في وجهه ، وأنا أتذكر كلمات أمه ، فأثار انتباهي شيءٌ من الاحمرار في عينيه ..
لعله اشتبك مع أحد أولاد الجيران الأشقياء ..
ولكن ليس من عادته أن يتشاجرَ مع أحد .. ولا يدع مجالا لأحد أن يعتدي عليه ..بل هو سمح سهل يتجاوز ويعفو حتى عمن ظلمه ..

كثيرا ما سمعته يقول عن من ظلمه:
الله يسامحه .. أنا أريد أجري من الله ..أنا أغفر له حتى الله يغفر لي .
ولهذا ازداد قلقي وسألت اللهَ ألا يخيب أملي في ولدي ..
دعوته ليجلسَ بقربي ، وقبلته وأخذت أداعبهُ ..

**
صرتُ أراقبه في المسجد .. في البيت .. في الطريق ..
بل وأخذتُ أسأل عنه في المدرسة .. كل شيء على ما يُرام .. لا شيء أنكره عليه ..
عدت من المسجد ذات يوم فسألتني أمه بلهفة :
ـ هيييه .. ماذا وراءك ، طمئني ؟!
ـ لا شيء .. لقد قرأ القرآنَ كعادته بعد الصلاة مع أترابه ، وأثنى إمام
المسجد على قراءته المجودة المرتلة .. ولمحتُ شفتيه عن بعد تتمتمان
.. وأدركت أنه يستغفر الله .. كدأبه كلما سمع ثناءً عليه أو مدحاً له ..

وسألتُ عنه في المدرسة فوجدتُ الكل يثني عليه ، بل أكثر مدرسيه يقولون : ليت طلاب المدرسة في أخلاق أسامة ..إذن لكنا بخير ..
تنهدت أمه بحرقة وهي تقول :
ـ والهفى عليك يا ولدي .. ترى ماذا تخفي ؟
_ هل لا زلتِ تلاحظين عليه تلك الملاحظات ؟
_ نعم .. له مع مصحفهِ قصة ولابد .. اصبحَ يحذر مني أن أمدَ يدي إلى جيبه لأخذ المصحف .. وما كانت هذه عادته ..
_ سبحان الله ...
وعزمتُ على كشف هذا السر ..

**
في أثناء ذهابِ أسامة إلى المدرسةِ ، قررتُ أن أفتشَ حجرته .. لأني كنتُ أعلمُ أنه لا يحملُ مصحفَه الصغيرَ إلى المدرسة ..
بسهولةٍ وصلتُ إلى المصحفِ ، فقد كان يضعه في درجِ مكتبه قربَ سرير نومه .. كان من عادته أن ينظرَ في المصحف قبل أن ينامَ ..
سألته عن ذلك يوماً فقال : حتى يكون آخر ما رأيت بعيني كلام الله ..
ثم يقول وعيناه تلمعان : ويمكن أشوف رؤيا مفرحة ..

أخذتُ أقلبُ أوراق المصحفَ بين يدي .. فهالني ما رأيتُ ..!!
ـ يا إلهي .. ما هذا ؟؟!
لقد وجدتُ بعضَ صفحاته قد ثُقِبَ أو كادَ ، وصار الورق في حال يُرثى له ..!!
وأحسستُ بنيران الغضب تشتعلُ بين جنبيّ ..وفار دمي بشكل غير عادي ..

أسامة يفعل هذا ؟؟! أسامة النقي الذي أصحو في جوف الليل
البهيم على صوت بكائه فأذهب لأجده صاكاً بيديه وجهه وهو ينتحب فاسأله عما به ، فيجيب :
ـ لا شيء ، لا شيء يا أبي .. تذكرتُ النار فخشيتُ أن تمسني !
فأقبّل رأسه الصغير ، وأضمه إلى صدري ، وأدعو له ، ثم أطمئنه ،
و أعود إلى فراشي ، وأنا اسأل الله أن يذيق قلبي حلاوة التقوى والخشية التي ذاقها ولدي ..

أيعقل أن أسامة لا يحفظ حرمةَ كتاب الله ، وهو خير تالٍ له ؟!
سبحانك يا مقلب القلوب ..اللهم رحمتك نرجو ..
اللهم لا تخيب ظني بولدي .. اللهم لطفك ..

**
حملتُ المصحفَ معي ، ووضعته في جيبي ..
وعندما عاد أسامة من مدرسته واجهته بمصحفه الصغير ..وكنت أحاول أن أتماسك فلا يظهر غضبي ..
تراجع إلى الوراء خطوة ، وقد أحمر وجهه ، ومباشرة دمعت عيناه ، وتلعثم.. ومما زاد في غليان غضبي أنه لم يجب.. فصحتُ مهدداً :
ـ أسامة .. هل لي أن أعرف ما هذا الذي أراه في مصحفك ؟!
ومن بين شهقاته وعبراته جاء صوته المتهدج :
ـ إنها دموعي يا أبي ..دموعي يا أبي ..!
وأجهش بالبكاء .. فوثبت إليه أحتضنه بقوة ودموعي تسبقني ..

نومـا 12-15-2011 06:25 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
من عجائب آخر الزمان !!
موسى محمد هجاد الزهراني

يحيى شاب عاقل ! طيب القلب ؛ حسن الخلقة و الخلق ؛ رجل يتفجر رجولة وحيوية ؛ يعرفه كل من يعرفه بذلك ! هاديء الطباع ؛ لا صخَّاب في الأسواق ولا جعظري جواظ ؛ وليس بالأكول ؛ ولا الجموع المنوع ... لكنه جاء يوماً في حالة كئيبة ؛ تعلو مُحياه سحابة مظلمة ؛ وألفاظه تخرج من فمه متناثرة غير مرتبة فقلت له :
- مالك ! أصابك سهمٌ أم بُليتَ بنظرةٍ ؟ فما هذه إلاَ سجية من رُمي ؟!
- قال : مالي ؟ وقعتُ في أزمة في هذا الزمن الكذوب !
- قلت : لعلك راجعت إدارة الأحوال المدنية لإضافة مولودك الصغير ؛ وطلبوا منك شاهدي عدل واثنين يزكونهما ؛ وتصديقاً من عمدة البلد وتقسم لهم بالله العظيم على كتابه الكريم أن هذا المولود لك لا لأحدٍ غيرك ولدته أمه في المستشفى الفلاني في الساعة الفلانية بشهادة الشهود ! عجبي .. وأن تلك الشهادة التي تكرم بها المستشفى لإثبات واقعة الولادة ، صادقة ، حقيقية غير مزورة ؛ فلم يصدقوك ! لأنهم يحسبون أن الأطفال نأتي بهم من الشوارع لنتبنَّاهم لأننا نتمتع بفائض اقتصادي هائل لا ندري أين وكيف ولمن نصرفه !.
أو لعلك طلبت تجديد بطاقتك الشخصية فطلبوا منك الانتظار قرابة ستة أشهر حتى يبعثوها إلى أصل الملف في مدينتك التي استخرجتها منها في سالف الأزمان ؟ ؛ فأصبحت اليوم تمشي بين الناس بلا هوية ولا بطاقة أحوال أي أنك (بدون ) كما في أختنا الكويت .
- قال : لا .. لم أذهب إلى إدارة الأحوال فالحديث عنها ذو شجون ؛ وهناك أحوال وأهوال ! ولديهم جهاز مظلوم حقاً اسمه ( كمبيوتر ) يتقاضى راتباً شهرياً ولا يعمل !.
- قلت : إذن .. لعلك ابتُليت بشخص في شركة الاتصالات يبعث لك كل شهر فاتورة على عنوانك لهاتفٍ لا تعرف متى استخرجته ؛ ولا تذكر له رقماً ؛ ولم تلمس أزرارَه يداك الناعمتان ولم تُدخله بيتك .. والغريب في الأمر أن صورةً من بطاقتك الشخصية وجدتَها تُزين ذلك الملف ؛ وتوقيعكم الكريم في أسفل استمارة الطلب .
أو لعلك .. تتلقى كل شهر رسوماً لهاتفك الجوال الذي قضى نحبه منذ زمن بعيد؛ تُسمى رسوم الخدمة والتي لا تتوقف إلاَّ إذا توقفت عجلة الحياة وورث الله الأرض ومن عليها !.
- قال : لا ...
- قلت : اصدقني القول إذن :- هل راجعت إحدى مكاتب الاستقدام الأمينة ؛ وأتيت بخادمة ؛ فاكتشفت أنها مريضة وأثبتَّ ذلك بتقرير طبي من أكبر المستشفيات الحكومية المعترف بها عالمياً .. فأردت إرجاع الخادمة ؛ فلم يقبلها منك المكتب واتهمك بتزوير التقرير ؟ ورماها في الشارع ؛ فتكرمت دورية الشرطة بإيصال الخادمة إلى مكتب مكافحة التسول لسجنها هناك على ذمة التحقيق ؛ وتقدمت أنت بشكوى إلى مكتب العمل والعمال فلم ينصفوك ؛ وإلى (...........) مكتب الأحوال الشخصية فأحالوا أوراقك إلى المحكمة لتمكث هناك أحقاباً تحت رحمة المواعيد البعيدة الأمد حتى تنقضي الثلاثة الأشهر المقررة لتجربة الخادمات؛ فتعود إلى البيت بلا خُفيّ حُنين ؛ فتخسر الخادمة ومبلغاً قدره (5600) ريال ؛ ثم تقوم بترحيلها على كيسك الخاص ... فلجأت أخيراً إلى تملق المتنفذين في الشرطة وبدورهم أقنعوا فخامة مدير مكتب الاستقدام الموقر الذي تعاملت معه وراجعته شهراً ونصفاً دون فائدة بوجوب العودة إلى إنسانيته وآدميته والتنازل عن دعوى تزوير التقرير ؛ وتسفير الخادمة على حسابه الخاص لمرضها كما ينص عليه عقدهم المحترم الذي كل بنوده تصب في مصلحتهم فقط أما المواطن ففي ستين داهية ! ( والله يعوض عليك ) كفافاً لا لك ولا عليك ...
- قال : يا أخي .. لم يقع لي هذا .. و لا شيء منه ..
- قلت : عرفتُ الآن ..
هل نجح ابنك من الثانوية بتقدير ( ممتاز) ومعدل 95,75% فوقف مثلما وقف حمار الشيخ في العقبة ؛ فلم يُقبل في جامعة ولا كلية ولا مطعم ولا بقالة ! لأنه لا يحمل بيده ورقة أخرى تسند تلك الشهادة .. بها توقيع يكاد يخرق الورقة من غلظته ؛ لا يراه أحد إلاَّ قال :... أصبحنا وأصبح الملك لله ! ، حتى تمنيت أن ابنك لم ينجح ولم يحصل على هذا التقدير ؟!...
- قال : أنت اليوم في حالة مضحكة .. لم يحدث هذا ولا ....
- قاطعته : قلت : إذن ... المسألة أنك تخرجت أنت من الجامعة ؛ جامعة (الإ..............) على قدر اسمها ! بتقدير( جيد ) لأنك أخفقت بسبب وفاة والدك في أول فصل جامعي ولم يعذروك فلزمك العار حتى تخرجت بهذا التقدير.. فعطشت في طريق عودتك إلى منزلك ؛ وجفَّ ريقك ؛ ولم تكن تحمل معك محفظتك وبها نقودك ؛ ومررت على بقالة وقدمت شهادتك للبائع .. تزخرفها كتابة بخط جميل يقول ( بكالوريوس ) فلم تسقك شربة ماء ...
فأردت أن تتقدم لنيل درجة الماجستير؛ فأصبحت أضحوكة في أروقة الجامعة...
ثم أردت أن تحفظ ماء وجهك ؛ وتقدمت لوزارة المعارف لتكون معلماً محترماً .. فظنوك من مواليد عام 800هـ ! وأتيت بمخطوطة في يدك تحتاج إلى من يفك رموزها .. ويحققها ويقابلها بأصلها .. ليعلم ما هي ! . فخرجت وأنت مهموم مغموم .. فخطر على بالك أن ترفعها لتعطى رتبة على الكتف شعارها نجمة أو اثنتان وظننتَ أنها لا تزال تحتفظ بقيمتها التي كنت تذكرها قبل عقد من الزمان.. فقبلوها منك .. على شرط أن تلبس بدلة عسكرية نظيفة من كل شيء إلاَّ من حزام يشد وسطك لا غنى عنه ! ..
- قال : أمرك غريب .. مشكلتي .. إسمع بارك الله فيك سأقصها عليك ..!!!

نومـا 12-15-2011 06:27 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
الورقة المطوية

وقفت في الصف مع الرجال .. أمام شباك التذاكر .. وكان الزحام شديدا في نهاية الصيف والطابور يتلوى لطوله ويبرز خارج المحطة ..
وكان آخر قطار " ديزل " يتجه إلى القاهرة .. ومع أن معظم الواقفين في الطابور لم يكن عندهم أدنى أمل في الحصول على مقعد ولكنهم وقفوا .. وصبروا ليجربوا حظهم .
وكان عامل التذاكر في محطة " سيدى جابر " بليدا ولئيما وحلا له تعذيب الواقفين أمامه في الطابور .. إذ كان يعمل في بطء شديد ، ويحادث موظفا في الداخل بين الحين والحين ويدير رأسه إلى الوراء دون سبب ظاهر ثم يعود في تكاسل إلى عمله ..
وكان كل الذين يرون هذا المشهد المغيظ ، لايبدو منهم التذمر أو الاعتراض .. فقد الفوا مثل هذه الأشياء .. واعتادوا عليها .. وكانوا على يقين .. بعد التجربة المرة .. إن الشكوى والتذمر لا جدوى من ورائهما ..ولا يغيران الحال .. فلاذوا بالصمت .
وصمتت السيدة مثلهم ولكنها كانت تشعر بالغيظ .. وصبرت حتى جاء دورها وأصبحت أمام الموظف على الشباك .. وفتحت حقيبتها لتخرج ثمن التذكرة .. وارتعشت يدها وتمتمت ثم أخضلت عيناها بالدمع ..
وظهر عليها الاضطراب بوضوح .. وأخذت تتلفت زائغة البصر .. ثم خرجت من الصف وهى لاتستطيع حبس عبراتها .. وأدرك الرجل الذى كان وراءها في الصف حالها وما جرى لها .. وكان قد سمعها وهى تقول :
ـ تذكرة لمصر ..
ثم انشل لسانها ..
فأخرج ورقة بخمسة جنيهات من جيبه وقطع تذكرتين بدلا من تذكرة واحدة .. وتناول الباقى من الموظف ثم خرج من الصف ..
وظل يبحث عن السيدة حتى وجدها خارج المحطة .. فتقدم اليها وقال بلطف وهو يمد يده بالتذكرة ..
ـ أدركت ما حدث .. فاسمحى لى بأن أقدم هذه التذكرة .. وعندما تعودين إلى بيتك .. ردى ثمنها في أى وقت ..
فنظرت إلى الرجل مشدوهة .. لم تكن تقدر .. أو تنتظر مثل هذا من إنسان .. وتصورت أن الرجل يحتال عليها .. أو يفعل شيئا ليتقاضى ثمنه مضاعفا .. وظلت مترددة واجمة ولكن لما توضحته ونظرت إلى عينيه توسمت فيهما الطيبة المطلقة ..
فتناولت منه التذكرة .. وهمست ..
ـ متشكرة ..
وبعد أن دخلت من باب المحطة .. تذكرت أنها لم تسأل الرجل عن عنوانه لترد له نقوده ..
فمشت إليه في استحياء .
ـ ولكن .. حضرتك .. لم تعطنى عنوانك ..
ـ في القطار .. اننا جنب بعض ..
جنب بعض .. وعاودتها الهواجس انه يستغل الموقف إذن .. واضطربت وعلا وجهها السهوم .. لقد كانت تتصور فيه الطيبة فإذا به كغيره من الرجال استغل موقفها ببراعة .. ترد له التذكرة ؟ ولكن أين تذهب في هذه المدينة الكبيرة وهى وحيدة مفلسة ؟ فبعد أن نشلت ليس في جيبها أى نقود على الاطلاق .. وليس لها قريب أو غريب في الإسكندرية تعتمد عليه ..
وظلت حائرة مضطربة .. ثم شعرت بالقطار يدخل المحطة فأنقذها من حيرتها وركبت وهى تترك الأمر للمقادير ..
***
وبحثت عن الرجل وراءها وقدامها وهى تدخل في جوف العربة فلم تجده .. وكان الزحام شديدا .. خلق كثير .. يتدافع بالمناكب .. في داخل العربة .. وتحركت ببطء وهى تقدر العثور عليه بعد أن تجلس على المقعد .. فهو بجوارها كما قال لها ..
ولكنها وجدت رقم كرسيها بجوار سيدة فجلست متعجبة .. ولما تحرك القطار تطلعت فأبصرت بالرجل هناك في أقصى العربة .. يجلس بجوار الباب ..
وظلت عيناها معلقتين به .. وهى تنتظر منه أن يتحرك من مكانه ويأتى إليها وعلى الأخص وهو يعرف رقم مقعدها .. ولكنه لم ينهض حتى بعد أن جاوز القطار محطة " دمنهور " ..
وفي محطة " طنطا " حمل اليها لفة طعام ونظرت إليه .. وابتسمت .. وتناولت اللفة صامتة .. فقد خشيت إن رفضتها أن تثير فضول الركاب .. وخصوصا السيدة التى بجوارها فهى فضولية إلى أقصى مدى ..
ولذلك تناولت منه الطعام وهى تشعر من حولها بأنها قريبة له أو حتى زوجته .. فهو في سن زوجها .. وأخذت تأكل .. ضامة شفتيها ما أمكن .. وعزمت على جارتها أكثر من مرة ..
وبعد أن فرغت من الطعام وأحست بأنها تقترب من محطة القاهرة .. فكرت في الذى تفعله لتصل إلى بيتها في الدقى في هذا الليل ومعها حقيبة ثقيلة ..
وخرجت من القطار .. تحمل حقيبتها بيدها .. وفي الصالة الخارجية لمحطة القاهرة كان الرجل بجانبها يعينها .. ودفع إلى يدها ورقة بخمسين قرشا ..
وقال ..
ـ هذا للتاكسى ..
فقالت له بثبات هذه المرة ..
ـ أبدا .. لابد من اسمك وعنوانك أولا ..
فابتسم في لطف .. وأخرج من جيبه ورقة وقلما .. وانتحى جانبا ليكتب ثم طوى الورقة .. وقال لها ..
ـ في هذه الورقة اسمى وعنوانى ورقم تليفونى أيضا ..
وأركبها تاكسى .. واختار لها سائقه ..
ولما دخلت البيت .. كان زوجها لايزال في الخارج .. وكانت الشغالة في انتظارها وسرت لقدومها ..
ولما أخرجت " ثريا " ملابسها من حقيبتها واستراحت قليلا أخرجت من حقيبة يدها الورقة التى أعطاها لها الرجل " وكانت عدة طيات ففردتها ونظرت فيها .. فوجدتها بيضاء .. ليس فيها حرف واحد ".
وابتسمت وصورة الرجل الغريب تتضخم أمامها وتعظم حتى ملأت جوانب البيت كله ..
ولما جاء زوجها من الخارج وجدها في الفراش .. فاقترب منها في شوق ليحتضنها ولكنها دفعته عنها نافرة واعتذرت بأنها تعبة ..
ولأول مرة في حياتها تشعر بكراهية شديدة له واحتقار من غير حدود .. كانت تقارن بين صفاته الخلقية وصفات الرجل الآخر ..
فقد لمست لأول مرة في حياتها النبل والشجاعة في إنسان ..

نومـا 12-15-2011 06:28 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
قصة الصياد

أبحر الزورق فى الخليج .. ومنذ اندلعت نيران الحرب "وشعبان" لايبـعد فى الليـل . كان يصطاد قريبـا من الساحل متحاشيا الموج ما أمكن ، وكانت الظلمة شـديدة ولكن الريح كانت رخـاء .. فأرسل الزورق على سننه .
وأخذ يرمى الشبكة وهو جالس فى المؤخـرة .. وكان يمنى النفس بصيد كثير قبل أن ينتصف الليل .. فلم يكن منذ نشب القتـال يتأخر عن زوجته وابنائه الصـغار . كانت صورهم لا تبعد عن ذهنه أبدا وهو فى قلب البحر .. انهم امتداد له وحياة ..
خلف مدينة السويس وراءه غارقة فى الظلام ولا يبدو من بيوتها البيضاء ومآذنها وأعمدة مصابيحها .. إلا ظلال فى العتمة الشاحبة .
وبدا شاطئا القناة من بعيد فى سواد الأبنوس .. وغابت الأشجار التى على الشط الغربى من بور توفيق فى الظلمة وانطمست معالمها ..
وأخذ شعبان يحرك الزورق بلين .. ولجة الماء دكناء ساكنة وغيـاهب الليـل تتساقط فى كل ساعة تنقضى وتصبح كريش الغراب .

وفجأة أحس أن الشبكة أمسكت بشىء .. فقد اهتزت فى يده بعنف .. وخشى أن يمزق الصيد الشبكة لضـخامته وقوته .. فأرخى الحبـل حيث جرته السمكة واتجه إلى الشرق .. تسـحب فى لين وراء السمكة الكبيرة .. التى أحس بها تنتفض فى عنـف وخشى أن تكون من صنف القرش فيذهب كل تعبه هباء وتصبح الليلة لا نفع منها ولا جدوى فيها .. تصبح ليلة من ليالى النحس .

واشتد الجذب فأرخى الحبل .. أرخى وهو يحس برجفان قلبه وظـل يطامن حتى وجـد نفسه يقترب من شط القناة الشرقى ويسير بحذائه فى هوادة ولين ، حابسا ما أمكن صوت المجاديف .
كان يعرف أن المعركة فى هذا الساحل وأن القتال يدور على اشده هناك .. وأخـذ يسمع بوضوح صوت القنـابل التى تلقيها الطائرات وصوت المدافع .
كان شعبان يعيش فى قلب المعركة بكل حسه ووجدانه .. لم تكن بعيدة عنه أبدا فقد بدأت يوم الإثنين .. واليوم هو الأربعاء ثالث أيام المعركة ، والقتال يدور فى عنف وكان يتبعها بحواسه وإذا سمع نبأ سيئا ثار وعض على نواجذه ولم تمنعه الحرب عن السعى وراء معاشه ولكنه كان يخرج فى الليل مسلحا ببندقية سريعة الطلقات يتقى بها الشر أينما كان ..

وفى اللحظة التى أحس فيها بغريزته كصياد أن الشبكة صادت شيئا ضخما لم يحدث له فى حياته .. انتابته نشوة عارمة .. وكان لايود أن يفلت منه هذا الصيد أبدا .. فلما جذبته شرقا طاوعها واتجه بالزورق إلى الشاطىء الشرقى .. كان لايريد أن يضيع منه الصيد بعد هذه المشقة .
وأخذ يسحب الشبكة بيد الصياد الماهر .. وقد خيم السكون فجأة وخيل إليه أن الحرب قد توقفت .
خيم سكون ذهل له .. وخيل إليه فى قلب الظلام أن المدينة ستتلألأ فى هذه الليلة كما كانت قبل الأيام الثلاثة .. ستتلألأ كما كانت من قبل وتزهو وترقص قناديلها كلما مايلتها الريح ..
***
وعندما اقتربت الشبكة من القارب ورأى بعينيه السمكة الكبيرة التى اصطادها شعر بفرحة .. إنها ليلة من ليالى الخير .
وأخذ وهو نشوان يخـرج السمكة من الشبكة ويضـعها فى بطن القارب .. إنها ضخمة بشكل مهول ، ومن أكبر الأسماك التى اصطادها فى حياته كصياد .
***

وفجأة سمع أزيزا عنيفا وحلقت طائرة فوق رأسه .. فاضطرب أولا ولكنه تماسك وحدق فى الظلام فبصر بأجسام طويلة تسقط من الطائرة فى مجرى القناة .
ودوت المدافع المضادة وتكهرب الجو .. واستمر القصف مدة .. ثم سكن ..
وظل الصياد يتحرك فى المياه الهادئة وهو قريب من الساحل ، وسمع فجأة اشتباكا على الأرض قريبا منه وطلقات رصاص .
فلما اقترب بالقارب من الموقع والظلام يخيم على البحر واليـابسة .. بصر بجندى مصرى من جنود السواحل مشتبك مع دورية اسرائيلية فى قتال رهيب .. ومع أنهم أكثر منه عددا ولكنه ظل صامدا وقتل منهم واحدا وجرح آخر .. وكان منبطحا وراء كثيب من الرمل .. والرصاص يتطاير حوله .
ودفع الصياد الزورق إلى الشاطىء ونزل منه سريعا واقترب من الموقع زاحفا ببندقيته حتى كمن بجانب الجندى المصرى وأخذ يشد أزره على القتال والصمود وكان الجندى قد جرح جرحا بليغا فى هذه اللحظة ولكنه ظل مع ذلك يطلق النار ثم سكتت بندقيته .
وظل الصياد يقاتل وحده حتى سكتت كل بنادق العدو .. وخيم السكون وظل فى مكمنه قابعا بجوار رفيقه مدة ثم رأى أن يغير المكان .. فنهض وتلفت حواليه ليتخير الموقع الذى سينتقل إليه .. وهنا سمع انفجارا رهيبا فى البحر وطار زورقه وتمزقت شباكه ولم يحزن كثيرا .
وتقدم حتى اقترب من جندى السواحل الجريح .. كان لايزال ينـزف دمه .. وغسل جراحه وحمله على ظهره وسار به فى الليل محاذرا متوقعـا فى كل خطوة أن يقـع فى أيدى الأعـداء الذين انتشروا فى الصحراء ، وكان الرصاص يتطاير حواليه وخلفه .
سكن الليل بعد القذف واللهب المنبعث من الأرض والسماء .. سكن الليل .. سكون الموت .. وكلما سار الصياد بالجنـدى خطوات طلب منه هذا أن يضعه على الأرض ويمضى لسبيله وإلا سيقع الإثنان فى أيدى الاعداء .. ولكن الصياد كان يرفض بإصرار ويتصبب عرقا .. وهو يسير باذلا من الجهد فوق كل طاقات البشر .
كان ينظر إلى الشاطىء الغربى والليل قارب على منتصفه والظلام يخيم ولا مغيث ..
قد تمر عليهما دوريات الأعداء وتمزقهما بالرصاص ..
وظل يسير وهو يحمل الجريح والريح تصفر فى الصحراء ..
كان شعبان يحس بثقل الجسم على عاتقه وبتعبه الشديد وانقطاع انفاسه ولكنه كان لايريد أن يضع الجريح على الأرض أو أن يستريح خشـــية أن يعـطل ذلك إسـعافه وإنقــاذ حياته .. ولأول مرة يعرف قيمة النفس البشرية والحرص على بقائها وبذل كل سبيل لإحيائها .
لكم خرج فى الليل يصطاد الحيتان ، ولكم قاسى فى الليالى الحالكة ، ولكم خاطر بحياته ليأتى بطعام أولاده .. ولكم شعر بالفرحة بعد الجهد والعرق ..
ولكنه لم يحس بمثل السعادة التى يحس بها الآن .. وهو يحمل جنديا جريحا .. قاتل ببسالة ..
ولم يكن وهو يحمله يفكر فى تعبه قدر تفكيره فى انقاذ روحه .
ولأول مرة فى حياته يحس بأنه وحدة واحدة فى عالم كبير .. وأنه جزء من كل .. وأن التعاون عضد الحياة ..
***

وطال السير فى الليل والظلام .. وبلغ المرحلة التى أحس بعدها الصياد بأنه لا يستطيع أن يتقدم خطوة أخرى .. وأنه آن له أن يلقى بالحمل على الرمال ..
ويتخفف هو من ملابسه .. وقد يجد شيئا يستعين به على أن يعبر القناة إلى بور توفيق ، أما أن يربط حياته بهذا المخلوق الميت .. فذلك فناء وسيموتان معا .. أى سلسلة ربطتـه به ، لابد من فكها ..
وتمهل جدا .. وفى ظل كومة من الرمال وسد الجريح بعناية كما يوسد الموتى تماما ، وجعل وجهه للقبلة وقرأ الفاتحة فى صوت خافت .. ثم القى عليه نظرة أخيرة وانطلق فى الرمال .
وكان الظلام يلف كل شىء فى شملته .. والريح تسفى الرمال ومياه قناة السويس ساكنة على شماله .. وغياهب الظلام تزداد كثافة ..
وسمع طلقات النار مرة أخرى
ولكنه كان مطمئنا بأنه سينجو وسيعود إلى بيته كما خرج منه .. ولكن كيف يعود .. ويترك رجلا من وطنه ينزف دما .. ولا تزال فيه الروح .. كيف يتركه هناك وحده .. أحس بأن قدميه تغوصان فى الرمال ومسح عرقه ..
ورجع الى الجريح فحمله مرة أخرى وسار به قرب الشاطىء .
***
وفى وضح الفجر .. رآه صياد آخر عن بعد ولوح له شعبان بيده فحول الصياد الزورق إليهما والتقطهما .. وظل شعبان يحكى ما جرى له للصياد الآخر ويحكى ..

نومـا 12-15-2011 06:29 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
الجبـــــــــــــار

فى ليلة مظلمة من ليالى الشتاء ، فكر بعض اللصوص الأذكياء فى مغامرة كبرى ليس لها ضريب فى التاريخ ، فكروا فى سرقة نجفة لاتقدر بثمن موضوعة فى مكان آمن .
وهى تحفة كبيرة تتلألأ بالثريات والقناديل ، ومدلاة بعقود من الكريستال، ومزدانة بحبات من الزمرد والياقوت والعقيق والمرجان .
وتتدلى شامخة فى زهو كل نادر فى الوجود ، تتدلى من قبة مسجد كبير من مساجد السلاطين .
وعندما تضاء هذه التحفة بعد الغروب ويغمر المسجد الضياء ، ويهب نسيم الليل ، تتراقص ثرياتها ، وتتماوج قناديلها ، ويمتزج النور الأزرق ، بالأصفر والأحمر ، ولون العناب .
ويسجد المصلون فى النور ، وهم يسبحون لله العلى القدير الذى خلق الإنسان .. فصنع بيده مثل هذا الجمال الفتان .
وفى ساحة المسجد سمع صوت الشيخ رفعت يتردد فى جنباته من المذياع ..
ورتل الشيخ عبد الباسط .. وشعيشع .. والمنشاوى القرآن فى صلاة الجمعة .
كما أنشد الشيخ طه الفشنى التواشيح .
وتحت هذه النجفة جلس الطلبة يراجعون دروسهم .. وقرأ المصلون القرآن واستراح أهل الحى يستنشقون الهواء النقى المصفى فى ليالى الصيف الجميلة .
وكان المسجد على رحابة صحنه ، واتساع أرجائه قليل الرواد والمصلين فى الليل والنهار .. لأنه يرتفع عن الطريق بدرجات عالية .. ولأنه يقع فى منطقة تكثر فيها المساجد ، كما أنه يغلق أبوابه بعد صلاة العشاء بنصف ساعة .
وبعدها يخيم السكون التام ، والهدوء المطلق على الحى بأجمعه .
وفى الشتاء القارس يتحرك تيار الهواء بعنف تحت جدرانه العالية ، ويصبح كحد السيف يقطع الرقاب .
ويقوم على خدمة المسجد ، وهو فى الوقت عينه حارسه فى الليل .. عجوز مشلول كان يرقد بعد صلاة العشاء فى قاعة منعزلة تقع فى الزاوية الغربية من المسجد .. وبابها على الباب الكبير ليسمع المشلول وهو راقد ويرى ..
وقد ظل هذا العجوز المشلول يخدم فى هذا المسجد قرابة خمسين سنة .. خدمه فى صباه وشبابه .. ويافع رجولته .. فلما انشل فى شيخوخته أشفق عليه انسان طيب ممن بيدهم الأمر .. وأشر على أوراقه بأن يبقى خادما للمسجد ما دام حيا .
وعاش العجوز يتنفس من هواء المسجد .. فأصبح قطعة منه .
وكان يعرف كل شبر فى المسجد .. وكل حجر ، وكل عامود ، وكل سجادة وتحفة ..
وقبل شلله كان يتحرك فى نشاط وقوة .. ويدور على زوايا المسجد ومحرابه .. ثم يغلق الباب .
وبعد أن انشل عينوا له صبيا يأتيه بالطعام والشراب ، ويتحامل عليه إلى دورة المياه .
ويبقى الصبى معه إلى ما بعد صلاة العشاء ، ثم يغلق الباب ويترك العجوز وحده إلى الصباح .
دخل اللصوص الثلاثة المسجد فى أوقات الصلاة .. وشاهدوا بأعينهم كل ما هو فى حاجة إلى معرفته .. عرفوا فى أى شىء تتعلق النجفة .. ومكان السلم الطويل .. ومتى يغلق الباب الضخم ومتى يفتح .. وفى أى ساعة من ساعات الليل يبقى العجوز وحده .. ومتى يدخل حجرته لينام وهو آمن .. عرفوا كل شىء .. ورسموا الخطة الجهنمية بإحكام لاثغرة فيه .
وكان من تدبيرهم الشيطانى أن يرفعوا النجفة المخطوفة ! بخطاف يوضع فى السقف ، ويضعوا فى مكانها فى نفس الليلة نجفة أخرى عادية يشترونها بجنيهات لاتزيد على المائة ..
واشتروها فعلا وأعدوها للمغامرة .
وكان لابد من وجود الكهربائى الفنى الذى يخلع هذه النجفة النادرة دون خدش ، ودون أن تسقط مرة واحدة .. ثم يضع فى مكانها النجفة الزائفة .
ووجدوا المشقة فى الحصول على هذا الشخص ، فإن مجرد ذكر المكان ولو على سبيل التعمية والتضليل .. كان يرعش العامل ويرعبه .
وأخيرا وبعد يأسهم ممن أغروه بالمال .. عثروا على من هددوه بالقتل إن لم يرضخ لمشيئتهم ..
وأخذوه فعاين كل شىء فى الداخل على الطبيعة ..
وبلغ منهم السرور مبلغه ، لما قال لهم أن العملية ستتم فى يسر ، وفى وقت أقل مما قدروه بحسابهم .
وفى الليلة الظلماء .. تحرك أربعة فى سيارة ومعهم نجفة كبيرة وعدد وحبال وبكر ..
وتحت جدار المسجد صعد اثنان منهم وصليا العشاء مع المصلين .
وبقى اثنان مع النجفة الزائفة فى العربة .. حتى تأتيهما الإشارة .
وبعد أن خرج المصلون من المسجد .. وأغلق الباب وخيم الظلام .. تحرك من فى العربة .. وصعدا السلالم .. وفتح لهما رفاقهما الباب ثم أغلقوه ..
وعلى ضوء مصباح واحد .. رفع السلم وصعد العامل الفنى .. وأخذ يدور ببصره فى سقف المسجد ، وقد رأى كل الثريات تدور مع عينيه .. والسلم الواقف عليه يروح ويجىء ويتطوح ..
وأحس بالعرق الغزير وبرعشة .. وبمثل الكلابة تدور على عنقه فسقط ما فى يده .. وصرخ .. وأخذ يهبط السلم كما صعد وهو يرتعش .. فمه يرغى ويزبد بمثل الحمم .
ولكمه أحد الأذكياء ليجعله يفيق من غشيته ، ودفعه أمامه ليصعد السلم مرة أخرى ..
فصعد العامل مستسلما صاغرا ، واللص وراءه وفى يده العدد ..
وأحس خادم المسجد المشلول بهم وهو فى قاعته الصغيرة .. وسمع الصرخة .. ففتح عينيه وحدق .. وشاهد السلم ومن يصعد فوقه .. فأصابه الفزع من هول المنظر .. إن ما يجرى أمامه لم يخطر بباله ولابال أحد من البشر . وكان الاثنان اللذان فوق السلم قد صعدا إلى قمته .. وهناك دارت بهما الأرض ، وشعرا بالسلم يتطوح كالمرجيحة ، وهما جزء من أخشابه .. فلم يقويا على الحركة وتخشبا فيه .
وأخذ المشلول ينظر إلى من على السلم ، ومن تحته فى فزع ، وهو عاجز عن الحركة ، وغاب عنه أنه لايستطيع أن يفعل شيئا .. وكلما رأى حركاتهم ، وأيديهم ترتفع إلى أعلى ، خيل إليه أن أحدهم قد اقترب من النجفة وتجاسر على لمسها وفكها ، فاحتدم غيظه وانفجر غضبه .. وألفى نفسه من هول المنظر الذى أمامه يقف على قدميه ويتحرك ..
وروع اللصوص الأذكياء بالعجوز المشلول ينهض على قدميه ويصيح فيهم بصوت يرعد :
ـ لم يبق إلا المسجد .. يا أوغاد ..
وتضخم جسم المشلول فى نظرهم ، وأصبح ماردا جبارا فى طول السقف ، وعرض عشرة من الرجال ..
وصاح أحدهم عندما رآه هكذا ..
ـ المشلول .. الجبار ..
وسقط الذى فوق أعلى درجات السلم مفزوعا بين الموت والحياة ..
وحملوه سريعا وخرجوا فى الظلام ..
وفى صلاة الفجر صعد الذى كان مشلولا إلى المئذنة وإذن ..
وما عرف إنسان قصته فقد طواها الزمان ..

نومـا 12-15-2011 06:30 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
( قصة شبيه يوسف )

بعض الشباب يتعرض إلى آلام وفتن ومحن فيحاول أن يبرر لنفسه وقوعه في الخطأ أن هذا من جراء ما أصابه من فتنة وأن الأمر كان أكبر من أن يقاومه وأن الابتلاء الذي تعرض عليه كان خطيرا فلذلك يستسلم بسرعة ويظن أن الأمر يمكن أن يتم التجاوز عنه بكل سهولة ولكن الذي له علاقة بالله الشاب العفيف المُخلِص المُخلَص تأبى نفسه الذلة والخضوع والانقياد إلى مثل هذه الأعمال التي لا ترضي الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم بل يحافظ على شرفه وعفافه إلى أن يلقى الله سبحانه وتعالى ليتمتع هناك مع الحور العين وقد رضي الله سبحانه وتعالى عنه ..

هذه قصة أحد الشباب كان يعمل عسكرياً في بلاد مصر وكانت فيه صفات الجمال كان وسيماً ودائماً ما كان يطلب منه سيده ( الضابط المسئول عليه ) أن يذهب إلى زوجته ليلبّي حاجاته فيقول له : اذهب إلى البيت أنظر إلى ماذا تحتاج إليه زوجتي فلبَّ مطالبها وحاجاتها .. فيذهب هذا الشاب الوسيم الجميل العسكري إلى بيت زوجة هذا الضابط ويشتري لها ما تريد ..

واستمرت الأيام والشهور والأعوام على هذه الحالة ............ إلى أن جاء يوم من الأيام دخل هذا الشاب كعادته ليكتب المطالب التي تريد زوجة هذا الضابط لكنها في هذه المرة أظهرت فتنتها وأبانت عن حقيقتها فراودته عن نفسه فلما رأى الشاب العفيف المؤمن الطاهر ذلك أبت نفسه ذلك ولم يرضخ لأمرها .. فلما رآها أنها أغلقت الباب وأحكمته كما جرى في قصة يوسف لم يرضخ كذلك .. حينئذ هددته بالسلاح فأخذت السلاح ووضعته على رأسه.. حينئذ لم يكن عند الشاب من أمل إلا في الله سبحانه وتعالى وما كان من تفكر ولا تأمل إلا بما عند الله سبحانه وتعالى .. المسدس على رأسه والمرأة تفتنه وهو شاب ضعيف مسكين ربما يكون حقيراً عندها والباب مغلق ولا يدري أحد ، وقد تكون هذه مقربة لها لكي تحدث زوجها عن ما كانت مع هذا الشاب فيرفعه درجة أو يعطيه من الراتب زيادة لكنه لم يستجب لذلك .. في هذه اللحظة أيقن الشاب تماماً أن الله سبحانه وتعالى لا يرضى عن ذلك وأنه إذا كان مع الله سيكون الله معه وما هي إلا لحظات وتنتهي هذه الفتنة ويجب ألا يقول لنفسه اقبل ذلك لأن ذلك حرام ولا يقبله الله وإذا كان الله لا يقبل ذلك فلابد أن يساعده الله ويعينه ويقف معه .. أحسّ بأن الله مطلع عليه وأحس بأن هذه اللحظات يعلم الله سبحانه وتعالى ما تخفيه نفسه فلجأ حقيقة إلى الله فقال : يا رب يا رب ( أخذ ينادي بهذا النداء ) : يا رب يا رب

" فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "

فسقط المسدس من يد تلك المرأة زوجة الضابط وانهارت فأحست كأن أمامها رجل مجنون وهو ينادي ويستغيث الله سبحانه وتعالى فهربت مباشرة إلى الباب وفتحته وجعلت هذا الشاب يخرج من هذا البيت .. هكذا حمى الله سبحانه وتعالى هذا الشاب وخرج طاهراً نقياً صافياً مخلَصاً مخلِصاً وهكذا تكون العبر والدروس لكل شاب مسلم يريد العفاف أن يكون مع الله سبحانه وتعالى ولا يعرض نفسه أبداً للفتنة وأنه لو عُرّض بأي سبب ما فإنه لا بد أن يكون شديد التعلق بالله جل جلاله .. لم يجد أي أذى ولم يجد أي مصيبة أصابته بعد تلك الحادثة التي ربما يقول الإنسان قد يصيبه أمر أو قد يتعرض لبلاء دنيوي .. كلا .. إن العذاب الدنيوي ولو صبّ عليه صباً سيهون في جانب محبة الله سبحانه وتعالى رضا الله عن العبد .. والله في عون العبد ما كان العبد مع ربه سبحانه وتعالى ..

" إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون "

نومـا 12-15-2011 06:33 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
اتمنى تكونوا استمتعتوا
اتمنى تدعولي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
وابغى تفاعل

وبتوفيق للجميع

ونـ بـيـسـ 12-15-2011 08:47 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
الله يعطيك العافية .. ومشكووورة .. وقصص جميلة جدا ..

ABU.3SKOOR 12-15-2011 08:55 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
قصص رووعة
تسلمي

نومـا 12-15-2011 09:08 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ABU.3SKOOR (المشاركة 589578)
قصص رووعة
تسلمي

شكرراااااااا لمرورك

لولوباتو 12-15-2011 09:19 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
موضوع رائع قصص مسلية لم أنتهي من قرائتها

و لكنها رائعة جداً

hawary 12-15-2011 09:26 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
سلمت يداكي علي الجهد الرائع والله قصص جميله ومفيده
وجهد رائع *انا قرات الصفحه الاولي وب اذن الله لي عوده
جزاكي الله خيرا علي الموضوع الرائع
وفقك الله وجعله الله في ميزان حسناتك

نومـا 12-15-2011 09:42 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hawary (المشاركة 589594)
سلمت يداكي علي الجهد الرائع والله قصص جميله ومفيده
وجهد رائع *انا قرات الصفحه الاولي وب اذن الله لي عوده
جزاكي الله خيرا علي الموضوع الرائع
وفقك الله وجعله الله في ميزان حسناتك

شكررررررررررااااااااااااااا لك فرحتني ردك

نومـا 12-15-2011 09:43 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لولوباتو (المشاركة 589590)
موضوع رائع قصص مسلية لم أنتهي من قرائتها

و لكنها رائعة جداً

شكررررررررررا على المرور تسلم ردك حلو

MR.@hmed 12-15-2011 09:50 AM

رد: فصص قصيرة .... جميلة طريفة ..... وغير مملة
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اختي جزاك الله خير على القصص الجميلة لكن
هناك موضوع يجب التنبه اليه
وهو قصة المرأة الحكيمة وعمر رضي الله عنه
فان القصة ضعيفة ولا تصح كما حققه علماء المسلمين
وانقل كلاما نفيسا للشيخ ناصر الدين الالباني رحمه الله

قلت : إنني لا أريد الدخول في نزاع جديد في المسألة ، وانما الذي أريد بيانه في هذه الكلمة ، هو بيان ضعف مستند الأستاذ وهبي في تصحيح قصة المرأة تقليداً منه للحافظ ابن كثير ..................
...........وإذا تبين هذا التحقيق للقاريء الكريم ، وتذكر أن خطبة عمر هذه وردت عنه من خمسة طرق ، ليس فيها قصة المرأة ، عرف حينئذ أنها ضعيفة منكرة لا تصح .

ومما يؤيد ذلك ما أخرجه البيهقي من طريق بكر بن عبد الله المزني قال : قال عمر بن الخطاب " لقد خرجت وأنا أريد أن أنهي عن كثرة مهور النساء حتى قرأت هذه الآية : ( وءاتيتم إحداهن قنطارا ) ".

وقال البيهقي :
" هذا مرسل جيد " .
قلت : وهو أصح ، من مرسل ابن إسحاق ، لأن رجاله كلهم ثقات ، وهو بظاهره يبطل قصة المرأة ، لأنه يدل على أن تراجع عمر -رضي الله عنه- عما هم به من النهي إنما كان بقراءته الآية قبيل خروجه إلى الناس ، بينما القصة تقول : إن تراجعه إنما كان بعد خروجه وتذكير المرأة إياه بالآية .

وعلى كل حال ، فهذان المرسلان لا يصحان لإرسالهما وللتعارض الذي بينهما ، ومخالفتهما لسائر طرق الحديث عن عمر ، التي أطبقت على أن عمر نهى عن التغالي في المهور ، ولم تذكر أنه رجع عن ذلك .


وليس في نهي عمر عن ذلك ما ينافي السنة حتى يتراجع عنه ، بل فيها ما يشهد ، فقد صح عن أبي هريرة قال :

" جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : إني تزوجت امرأة من الأنصار ، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : " هل نظرت إليها فإن في عيون الأنصار شيئاً ؟ " ، قال : قد نظرت إليها ، قال : " على كم تزوجتها ؟ " قال أربع أواق ، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- : " على أربع أواق ؟! كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل " رواه مسلم .

وإذا تبين أن نهي عمر رضي الله عنه عن التغالي في المهور موافق للسنة ، وحينئذ يمكن أن نقول : إن في القصة نكارة أخرى تدل على بطلانها ، وذلك أن نهيه ليس فيه ما يخالف الآية ، حتى يتسنى للمرأة أن تعترض عليه ، ويسلم هو لها ذلك ، لأن له -رضي الله عنه- أن يجيبها على اعتراضها -لو صح- بمثل قوله : لا منافاة بين نهيي وبين الآية من وجهين.


الأول : أن نهيي موافق للسنة ، وليس هو من باب التحريم بل التنزيه .


الآخر : أن الآية وردت في المرأة التي يريد الزوج أن يطلقها ، وكان قدر لها مهراً ، فلا يجوز له أن يأخذ منه شيئاً دون رضاها ، مهما كان كثيراً ، فقد قال تعالى : ( وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وءاتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا ) فالآية وردت في وجوب المحافظة على صداق المرأة وعدم الاعتداء عليه ، والحديث وما في معناه ونهي عمر جاء لتطيف المهر وعدم التغالي فيه ، وذلك لا ينافي بوجه من الوجوه عدم الاعتداء على المهر بحكم أنه صار حقاً لها بمحض اختيار الرجل ، فإذا خالف هو ، ووافق على المهر الغالي فهو المسؤول عن ذلك دون غيره .


وبعد : فهذا وجه انشرح له صدري لبيان نكارة القصة من حيث متنها ، فإن وافق ذلك الحق ، فالفضل لله ، والحمد له على توفيقه ، وإن كان خطأ ، ففيما قدمنا من الأدلة على بيان ضعفها من جهة إسنادها كفاية ، والله سبحانه وتعالى هو الهادي .


محمد ناصر الدين الألباني

دمشق
6 / 7 / 1381 هـ


تقبلي مروري


الساعة الآن 08:02 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لموقع مونمس / " يمنع منعاً باتا المواضيع السيئة المخالفة للشريعة الإسلامية" التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما رأي الكاتب نفسه


Search Engine Friendly URLs by vBSEO 3.6.0