الثلايا |
11-11-2011 12:09 AM |
هَل تَعرفُ مَن أنتَ يَا أَيُّـهَا الإِنسَـانُ..؟
الحَمدُ للهِ والصَّلاةُ والسَّلاَمُ عَلَى رَسُول الله , وعلى آل بيته وصحابتهِ والتابعينَ وعلينا معهم إلى يوم الدِّين.
وبعد:
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif أخي الإنسان: السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُـه.
https://i1214.photobucket.com/albums/...Elassal821.gif
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif أخي الإنسان: أرجُو قبلَ قراءَة المقالةِ أن تتفرَّغ تماماً لمُدَّة ثلث ساعة , أو تتركه وتعود إليه في وقت أوسع , وأرجو أن تتجرَّدَ من كُلِّ الأوصَافِ التي تتميَّزُ بها على النَّاس ويعرفُونَكَ بها وأن تُواصل قراءة المقال لآخره حتى تستفيدَ وتعرفَ الغَرضَ , ولا تتفاجأْ , لأنَّني سأصَارحُكَ غاضاً نَظَري عن أرصدتكَ وشهاداتك وشُهرتكَ وأولادكَ وأموالكَ ومناصبك ودُروعك التذكارية , ستجدُني مُبالغاً في الصَّراحَة فتحمَّلْني لأنَّكَ مُجرَّد إنسانٍ , وهذا ما يُريحُني في التَّعامُل معكَ , فأنا إنسانٌ وأنتَ إنسانٌ , ولن أُبَالي بأوصافكَ ومهاراتكَ وقُدُراتِكَ و.... و....و.... الخ.
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif أخي الإنسان: لقد تأمَّلتُ في القُرآنِ الكَريم مجمُوعةَ آياتٍ مُفرَّقةً في أوَّله وأوسطه وآخره شكَّلَ مجمُوعُـها صورةً حقيقيَّـةً لكَ , لكنَّ هذه الصُّورةَ تَتَبايَنُ بعدَد بني الإنسَـانِ على وجهِ هذه الأرضِ , وقبل أن أستَبينَ سبَبَ هذا التَّبايُن مع اتِّحاد الأصل , فدَعني وإيَّاكَ نتأمَّلُ وصفَ القُرآنِ لنا.
لقد وجدتُّ القرآنَ بترتيبِـهِ الحَالي الذي ارتضتهُ الأمَّـةُ بالإجماع يصفُني وإيَّاك بوصفٍ جامع بليغ وهو قوله تعالى https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif وَمجَالاتُ وشَواهدُ وأمَاراتُ هذه الضَّعفِ ظاهرةٌ بين أيدينا ومن خَلفنا وعَن أيماننا وعَن شَمائلنا , ضُعفاءُ في أقوالنا وأعمالنا وتطلعاتنا وأمانينا وخُصوماتنا وأجسامنا , فاستحضر
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif أخي الإنسان أنَّـكَ ضعيفٌ بكل ما تعنيه كلمة الضَّعفِ , وهذا الضَّعفُ هو ما جعلكَ أهلاً لحمل صفتينِ مُلازمتين لكَ وهما الظلمُ والجَهل https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif.
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif أخي الإنسان: لقد وصفَكَ القُرآنُ باللؤمِ في عدَّةِ مواضعَ , وبيَّن أنَّك جَحودٌ كنودٌ , وأنَّك فرحٌ فخُور تحبُّ التعالي والمُباهاة والمُكاثرة بالأموال والأولاد , لا تنظُرُ إلاَّ إلى نفسكَ ومصلحَتكَ وزمنكَ الحاليِّ , تنسَى الإحسَانَ عليكَ فلا تذكُرهُ ولا تشكُرهُ , وتنسى ماضيكَ الأسودَ في الفقر , والجهل , والصِّبا , والخُمول , والضَّعة , والعصيان , والعُزوبة , والبُنُوَّة , والتَّبعيَّـة و.... و....و.... الخ , فهل تعرفُ لماذا أنساكَ الغنى , والعلمُ , وبلوغ الرشدِ , والشُّهرة , والجاه , والاستقامة , والزَّواج , والأبوة , والزَّعامة والصدارة كل هذه الأحوال البائسة التي صحبتَها سنوات وسنوات..؟
لأنَّك بكل صراحة جحودٌ كَنودٌ , ولأنَّك تطغَى عند حصول هذه النِّعَم ولكنَّها إذا سُلبت منكَ تكفُر وتيأسُ , ولأنَّ الله يُنعمُ عليكَ فتشكُر غيره , وتُبارزهُ بأنعُمه وخَيره , وفي كل ذلك يقول الله https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif , ويقول https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif , ويقول https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّار https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif , بل إنَّ الإحسانَ عليكَ لا يزيدُك إلا لؤماً وإساءةً , وذلك لتلازم الطغيان في أخلاقك وكلامك وأفعالك وعقيدتك بنعم الله , فكلما زادك الله من فضله تزدادُ طُغياناً , يقول الله تعالى https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif أخي الإنسان: وسِّع صَـدرَكَ , أنتَ خصيمٌ مُبينٌ ولكن بالبَـاطل , لأنَّ انتِصاركَ لنفسكَ وهَواكَ , ومن دَلائل فُجُورك في الخُصومة أنَّ الله أوجدكَ من عدَمٍ إذْ لم تكُن شيئاً مذكُوراً , ثمَّ خلقَكَ من منيٍّ يُمنَـى , وخَلقَك أطواراً , نطفةً فعلقةً فمُضغةً فعظاماً فلحماً فبَشَراً سوياً , ثمَّ رَعاكَ وربَّاكَ حتى إذا استويتَ على ساقكَ خاصمتهُ رافعاً عقيرتَكَ , تعصيه وتُخاصمُ , وتكفرهُ وتُخاصم , وتُعرضُ عنهُ وتُخاصمُ , وتَكْذِبُهُ وتُخَاصم , وفي ذلك يقول الله https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِين https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif ويقول https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif , والله يُريدُ تذكيركَ بماضيكَ فيقول https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif.
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif أخي الإنسان: عجيبٌ أمرُك مع الله تعالى , تستعجلهُ الشرَّ فلا يُجيبُك رحمةً بكَ , وهذا يدل على أنَّك مسكين وضعيف وعَجول و (أخرق) مع كامل احترامي لشخصكَ الكريم , تسأل الله لنفسكَ الهُدى والتقى والعفاف والغنى وفي نفس الوقت تدعو على نفسكَ وتلعنُها وتدعو على أهلك ومالك وولدك , والله يُجيبُك في الأولى ويمنعك في الثانية رحمةً بكَ لأنَّك جاهلٌ وضعيفٌ وعجولٌ ومحدود القدرات العقلية , وفي ذلك يقول الله https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif ويقول https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُم https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif ولكنَّ الله لا يُعجِّلُ لك ما تدعو به على نفسكَ وولدكَ وأهلكَ ومالك فما رأيك في نفسكَ أيها الإنسان.؟
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif أخي الإنسان: هل تذكُر كم مصيبةً مرَّت بكَ في حياتكَ ودينك ومالك وزوجتك وأولادكَ , وخَرجتَ من كل ذلك (كخُروج الشَّعرةِ من العجين) , نعم لقد استلَّكَ اللهُ من كل هذه المصائب , وقد أيقنت بالهَلاك , والفضيحة , والخَسارة , والرُّسُوب , والمرض , والوفاة , و.... و....و.... الخ , ولكنَّك بعد هذا الاستلالِ الربَّانيِّ والإنقاذ الذي لم تكن تتوقعُـهُ تنقلبُ – بكل لؤمٍ - على عقبيكَ , وكأنَّك لم تكن في محنةٍ وخَرجتَ منها , فلا تحمدُ ولا تشكُر ولا تتوبُ , وربما تنذر النذور وتحلف الأيمان و.... و....و.... الخ , فإذا نجَّاك الله تبخَلُ وتنسَى وأنتَ مُعرضٌ , وفي ذلك يقول الله تمثيلاً لا حَصراً https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif ويقول https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِه https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif ولا يلزَمُ من تحقُّق هذه الصفة أن تبني لكَ أصناماً فتعبُدَها , بل يكفيكَ من الأنداد هواك الذي اتخذتهُ إلهاً.
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif أخي الإنسان: أنتَ طمَّـاعٌ جمَّـاعٌ منَّـاعٌ , لا تُشبعُك الأرضُ لو أُعطيتَ ضِعفيْها زوجاتٍ وبنينَ وذهباً وفضَّةً وخيلاً مُسوَّمةً وأنعاماً وحرثاً وحياةً وسُلطاناً , وفي نفس الوقت لا تتحمَّلُ شوكةً تُشاكها فتولولُ وتصرخُ وتشتكي , وفي ذلك يقول الله https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوط https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif.
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif أخي الإنسان: أنتَ لا تعرفُ المسألةَ والدُّعاء والضَّراعةَ إلا عند الشَّدَائد , والعجيبُ هو حلمُ الله عليك حينَ يُجيبُ دعوتكَ وهُو يعلمُ أنَّك لا تدعوهُ إلا اضطراراً , قال الله تعالى https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif.
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif أخي الإنسان: أنتَ تُحبُّ المعصيةَ , وتُريد أن تُمضي ما بقي من أيَّام حياتكَ في الفُجُور والظُّلم , حتى وإن كان النَّاس لا يطَّلعُون منكَ على هذه الإرادة والعزم الباطن لكنَّ الله يعلمُ وكفى به عليماً , تعصي وتعصي ,وتأكل أموال النَّاس , وتستضعفُ المساكينَ , وتنتهكُ الأعراض و.... و....و.... الخ , وقليلاً ما تتُـوبُ , وكثيراً ما تتناسَى وتُسوِّفُ , ونادراً ما تذكُرُ الموتَ , قال الله تعالى https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif.
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif أخي الإنسان: لو اجتمعت عُقول كُلِّ بني الإنسان على مُحاولة استقصاء أحوال الإنسان لما استطاعوا أن يزيدُوها على حالين اثنينِ لا ثالث لهُما , وهُما : أن تُمَسَّ بخَير , أو تُمَسَّ بشَرِّ , والله تعالى بيَّن أنَّكَ في كِلا الحالين لا تأتي إلاَّ الشَّـرَّ , قال الله تعالى https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif , فأنتَ هَلُـوعٌ في أصلِ تكوينِكَ تُحبُّ الخيرَ ولا تَشكُرهُ , وتضجرُ من الشرِّ ولا تصبرُ عليه , وترغبُ الأوَّل وتستدفعُ الثاني ولست مُستعداً لأداء التكاليف في الحالتين , وهذه أبشعُ صور الأنانيَّـة.
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif أخي الإنسان: هاتان الصفتان الأخيرتان جامعتَان لأغلبِ ما سبَقَهُما من الأوصاف التكوينية لشخصيَّتكَ , وأنا أعلمُ أنَّك قد تستنكرُ أثناء قراءة رسالتي إليكَ أنِّي تحاملتُ فوصفتُك بما ليس فيك , أو خلعتُ عليك نُعوتاً أراد الله بها المُشركينَ , ولكن سأصارحُك وأقول: نعم فعلتُ هذا مُتعمِّـداً , لأعلمَ وتعلمَ أنَّ هذه العافيةَ الجُزئيَّةَ التي لاحت لكَ أثناءَ قراءة المقال , ليس لكَ فيها كسبٌ ولا استحقاق , وليس لتربية أبويك وسلامة بيئتك أثرٌ في أصل وجودها في نفسكَ ومُلاحظَة النَّاس لها عند التَّعامُل معك , ولكنَّـها منحةٌ من الله أهداها إليكَ , ولولا فضلهُ ورحمتهُ لأنهيتَ قراءةَ المقال وأنتَ تجدُ كُلَّ هذه الصفاتِ مُنطبقةً عليكَ تماماً , فاستحضر دائماً عند تذكُّر معافاتكَ من بعض هذه القبائح الشخصية قول الله تعالى https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif.
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif أخي الإنسان: إذا أزعجَك وجودُ هذه الصفات أو بعضِها في أناس يُفتَرَضُ بهم الخلوُّ منها فلا تستغرب , وإذا عملت سنواتٍ طويلة لمعالجة تلاميذكَ وأبنائك وجيرانك من بعض هذه الصفات أو كلها فأجرك مكتوبٌ ولكن لا تستغرب , وإذا رأيتَ من يُلقي برامج الاستشارات ويحل مشاكل النَّاس ويُذكِّرُهم بالله والدَّار الآخرة , ويُعاني من بعض هذه الأمراض (الصفات) فلا تستغرب.!.! نعم لا تستغربْ , لأنَّ الله يقول https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif فكل هؤلاء لم يشإ الله تزكيتَهم إلى الآن , وما عليك إلا البلاغُ , فاسعَ لنفسكَ ولهم بالدُّعاء أن تدخلوا في مشيئة هذه التزكيةِ الرَّبَّـانيَّـة مع الأخذ بالأسباب , لأنَّ الدُّعاء قد يؤهل للتزكية بدون اتخاذ الأسباب المعهودة من العائلة والمدارس وغيرها , ولكنَّ اتخاذ كل أسباب العالم لا يُمكن أن يُزكينا بدون التجاء وضراعة إلى الله حتى وإن استنفدنا كل الدورات النفسية والمناهج التربوية والإرشادات الأسرية.
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif أخي الإنسان:من أقبحِ العُيوب أن يَسعى أحدُنا إلى تزكية نفسه في التَّعامل مع النَّاس , فيكون وفياً لهم بالعُهود , وصادقاً معهم في الوعد , وحريصاً على جَبر الخَواطر , وبعيدً عن خَدش المشاعر , ولكن يكونُ مع الله تعالى غادراً ناكثاً للعُهود قليل حياءٍ منهُ إذا خَلا بالمحارم , والله تعالى يقول https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif , ويقول النَّبيُّ https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/sallah.gif في الصَّحيح https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاس https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif , ويقول https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/sallah.gif https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif فَاللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif.
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif أنا مقتنعٌ تماماً بأنَّ مُصطلحَ (الإنسانيَّـة) الذي صارَ مديحاً وتزكيةً هُو في حقيقتهِ سُبَّـةٌ وعارٌ , لأنَّ الإنسانيَّـةَ المُجرَّدة عن الدِّيانة الصحيحةِ تحملُ كل هذه القاذورات الأخلاقيَّـة , ولا يهذِّبُها إلا أن تصطبغ بصبغة الله الماثلة في هداية كتابه وسُنَّـة نبيه https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/sallah.gif للتي هي أقوم.
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif يقولُ ابنُ القيم https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/radia.gif عن النَّفس https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif وفِيهَا مِنْ أخْلَاقِ البَهَائمِ : حِرْصُ الغُرَاب , وشَرَهُ الكَلبِ , وَرُعُونَة الطَّاوُوسِ , وَدَنَاءَةُ الجُعَل , وَعُقُوقُ الضَّبِّ , وَحِقدُ الجَملِ , وَوُثُوبُ الفَهْدِ , وصَوْلةُ الأسَدِ , وفِسْقُ الفَأْرَةِ , وَخُبْثُ الحَيَّةِ , وعَبَثُ القِرْدِ , وجَمْعُ النَّمْلَةِ , ومَكْرُ الثَّعلَبِ , وخِفَّةُ الفَرَاشِ , ونَومُ الضَّبْعِ , غَيرَ أنَّ الرِّياضَةَ والُمجَاهَدَةَ تُذهِبُ ذَلكَ https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif , وهذا يدُلُّ على أنَّ الإنسانيَّـةَ المُجَرَّدة تجمعُ كل هذه القَبَائح ما لمم تتحلَّ بالدِّين الصَّاقل لأدرانِها , الفوائد بتحقيق/ محمد عُزير شمس ( 106 – 107)
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/mid.gif قد يسألُ بعضُنا نفسَـهُ ويقول: لماذا خَلَق الله نُفُوسَنا وهي تشتملُ على كلِّ هذه القاذُورات الأخلاقيَّـة .؟ , والجَواب: أنَّ اللهَ تَعالى اختَار ذلكَ وقَضَـاهُ ليميزَ الخَبيثَ من الطَّيِّـبِ ويعلمَ المُفسدَ من المُصلحِ , ولذلك أقسَم الله تعالى أحدَ عَشرَ قسَماً على خَبَر إلهيٍّ مُقَدَّس وهو قوله تعالى https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gif , وحتَّى يتحقَّقَ هذا الفَلاحُ أمَرَنا اللهُ تعالى أن نعمَلَ في حَياتِنا كُلِّها من أَجْلِ المُجَاهَدة على مُعالجَة هذه الصفات المَقبُوحة , يقول ابنُ عاشور رحمه الله https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/start.gif وَحِكمَةُ إيجَادِ النُّفُوسِ فِي الدُّنْيَا هِيَ تَزْكيَتُهَا وَتَصفِيةُ أكْدَارِهَا لِتَخلُصَ إلَى عَالَمِ الخُلودِ طَاهِرَةً https://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/icons/end.gifالتحرير والتنوير (28/53)
|