تأملات في سورة ق

[ناشر الخير]

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحيه طيبه ..

باسم منزل الكتاب .. و محيي الأموات و ناشر العباد يوم الحساب ..

الحمدلله الذي أنزل على عبده الكتاب و لم يجعل له عوجا ..

و الصلاة و السلام على أشرف الأبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم ..




قال تعالى: " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها "

و من ربوع هذه الآية الكريمة ..
و الحروف المنزلة البليغة ..
نقف ها هنا وقفات ..
قصيرات صغيرات ..
مجرد ومضات من حروف قليلات ..
سائلة الله أن يجعلهم في ميزان الحسنات ..



قال تعالى : " كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14) "

عبرة لنا وردت ..
عن أقوام أيامنا سبقت ..
و العذاب بعد التكذيب لقت ..
فهلا قلوب المؤمنين وعت ؟؟..!!


قال تعالى : " أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15) " ..

.. نحن كائنات ..

من ماء مهين خلقنا ..
أطفال على الأرض ظهرنا ..
و ها نحن اليوم شبابا قد صرنا ..
و غدا شيبانا سنحيا ..
ثم إلى تحت التراب بنا سيمضى ..
سبحان من خلقنا ..
و في هذه الدنيا سيرنا ..
أسيعجز حاشاه أن يعيد خلقنا ..!!
ثم في المحشر يجمعنا ..
و إلى الحساب يدعونا ..
فعجبا لمن علم و لم يعمل ..
أو كذب و هو حي و القدرة استنكر ..



أسررت يا عبد أم أعلنت ..
أخفيت أو حتى تماديت ..
تذكر و اعتبر فهذه الآية إلي و إليك ..

قال تعالى : " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) " ..



قال تعالى : " إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17)
مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) " ..

لكل حرف ملك معد ..
يكتب ما تقول و يعد ..
و الخير ينحت و الشر ..
و كل كلمة على يمينك اوشمالك هي وزن لك أوعليك وزر ..
فاوزن حديثك فكل صغير و كبير في كتاب مستقر ..






قال تعالى : " وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19)
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20)
وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21)
لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)
وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) " ..

كذبت و عصيت ..
و في الضلال تماديت ..
.. و اليـــــوم ..


قد جائت السكرات ..
قد جائت السكرات ..
قد جائت السكرات ..
قد جائت السكرات ..

فانتهى كل لذيذ ..
و كل معنى في الحياة كان جميل ..


حـــــــــل الرحيـــــــل ..
حـــــــــل الرحيـــــــل ..
حـــــــــل الرحيـــــــل ..
حـــــــــل الرحيـــــــل ..


ولن يبقى إلا ما جمعت من خير قليل ..
و قرآن ما قرأت منه إلا اليسير ..
و ستسأل من ربك و من نبيك و مادينك فإلى أين حينما ستسير ..!!
حين ياتيك منكر و نكير ..!!

....

ثم سينفخ في الصور ..
النفخة الثانية بعد نفخة النشور ..

إنه الواقع القادم ..
يا من غفلت .. و بدنياك التهيت ..
سكرات الموت تناسيت ..


ستأتي نفسك يسوقها يومئذٍ ملك ..
و يشهد عليها آخر ..سيحد البصر ..
لترى ما غاب عنك في الدنيا بين البشر ..


فعد إلى الله و تب و اخضع بلا تفكير في الأمر ..
أعمل ليوم تحمل فيه على الأعناق ما من مفر ..
و اسأل الله حسن الختام و النجاة من النار و في هذه الدنيا اصطبر ..

قال تعالى : " أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24)
مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25)
الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) "

و جاء أمر الرحمن ..
أن ألقيا في جهنم كل كفار ..
كل مفتاح للشر للخير مغلاق ..
مشرك بالله الواحد القهار ..
ألقياه في العذاب الشديد ..
وماله من دون الله من ولي و لانصير ..




قال تعالى : " قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (27) "

.. يومهـــا ..
سيتبرأ قرينك لا محالة ..
قائلا : أنت من تركت العبادة ..
مضت أيامك سويعات عابرة..
ليس فيها دعوات صادقة ..
و لا أذكار واردة ..
اختيارك هذا ما لي عليك كلمة خاسرة ..

قال تعالى : ") قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠) "

لا يفيد اليوم الكلام ..
و لا الدعاء و لا الرجاء ..
لا للجدال فاليوم يوم الوفاء..

...

جهنم و النار و الحريق ..
و الماء المغلي مع الصديد ..
ليست أسطورة زمان ..
و لا حكاية أجداد ..
إنها حق .. بل وعد ووعيد ..
لكل معتد أثيم ..
و مشرك و لكل كفار عنيد ..
ستقول يوما هل من مزيد ..
فاتقوا النار التي وقودها الناس و الحجارة ..
أعدت للكافرين ..





قال تعالى : " وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31)
هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32)
مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33)
ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34)

لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) " ..

وبعد آيات العذاب ..

و الوعيد و الحكم في الكفار..
يثلج الباري صدور الأبرار ..
و تشرق آيات الجنان عبقا للمؤنين و المؤمنات ..
من هنا و من أزلفت الجنة للمتقين ..
من بداية آيات تحرك الحنين ..
و أشواق للجنان و للقيا الحبيب ..
و نعيم فيها ليس يرحل و لا ينفذ أو يضيع ..
هناك في الاعالي حيث ..
روح ريحان .. و سلام عذب رنان ..
جنة قريبة من الأنظار .. أمر رب راض غير غضبان ..
إنه وعد المنان .. وعد بالرياحين لمن كان على الإيمان ..
زفوا إليها فبشراهم اليوم جنان ..

فيا ليتنا نكون ..
ممن على الآرائك يتكئون ..
و يضحكون و لا يبكون ..

ليتنا نكون ..
ممن رفع عنهم الستار ..
و نُعِّموا برؤية النور سبحانه من أحب الجمال ..

و الحديث عن أشواق الجنان يطول ..
مداد القلم فيه ليس يفنى أو يزول ..

اللهم اجعلنا من المتقين الأبرار ، وأسكنا معهم في دار القرار ، ولا تجعلنا من المخالفين الفجار ، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، يا من لم يزل ينعم ويجود ، برحمتك أدخلنا دار فيها نعيم لا يزول ..

إلى هنا يقف المداد ..
وصلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم ..
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..