المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مخطوطة ابن أسحاق<<اقوى قصة رعب وتشويق


طيف عابر
10-25-2012, 02:06 PM
نبدا بسم الله

ظل الشاب مغمض العينين وهو يرتجف ومن جسده تخرج اهتزازات خفيفة دلالة على الخوف , أما من خلفه فقد تحرك ذلك الكائن الغريب وهو يتجه ناحية الشاب
كان الكائن متوسط الطول لا يرتدي شيئاً تقريباً , ولكن الغريب أن جلدة قد كان مغطى بالكامل بالشعيرات الطويلة .. وفي أعلى رأسه وبين الشعيرات كانت هناك قرون صغيرة تخرج منه
أما الشاب فكان يرتدي ملابس غريبة بعض الشيء لا تمت لهذا العصر ...
ملامح ذلك الشاب غريبة تعطيك انطباعاً من أول مرة أنها ليست ملامح عربية , ربما كانت بوجهه لمحة من الوسامة لا تخفى على أحد
مشهد غريب جداً فالشاب يقف في غرفة خالية تماماً وهناك شمعه صغيرة بجانبه على أرض الغرفة .. أما الشاب نفسه فقد كان مغمض العينين وقد أعطى ظهره للكائن , فهو لم ينسى التحذير الذي سمعه قبل أن يحضر الكائن .. يجب علية أن يغمض عينية ولا ينظر خلفه أبداً في فترة حضور الكائن
كان الحوار يجري بينهم بلغة غريبة تشبه العربية ... أعتقد أنها الفارسية
- << ماذا تريد أيها الطفل ؟ >>
انطلقت تلك العبارة من الكائن الذي يقف خلف الشاب .. انطلقت بنبرات خافتة جعلت القشعريرة تسري في جسد الشاب الذي رد بنبرات مرتعشة :
- << أريد القوة , القوة المطلقة والأمان باقي حياتي >>
أقترب الكائن من الشاب أكثر حتى أصبح على مسافة سنتيمترات من الشاب .. ثم اقترب برأسه من أذن الشاب وقال :
- << إذا أردت القوة سنعطيك بعضها ... ولكن إذا السيطرة فيجب عليك التضحية بأشياء كثيرة جداً .. >>
قال الشاب وهو يرتجف :
- << أوافق >>
فقال الكائن :
- << إذن أدر وجهك لي ولا تفتح عينيك .. ونفذ كل ما أقوله لك ... >>

...............................................

التفت ( يوسف ) إلى صديقة قائلاً
- << ما رأيك في سور الأزبكية >>
- << ممل لدرجة رهيبة .. ماذا أستفيد من بعض الأكشاك تبيع كتباً قديمة لا تساوي شيئاً >>
- << لكن انظر إلى تلك الجنة كل ما تحتاجه من الكتب القديمة ذات الورق الأصفر العتيق والغلاف السميك الذي يشعرك بأنك تمسك التاريخ نفسه بين يديك >>
لقد كانت تلك هي الزيارة الأولى ليوسف لسور الأزبكية فقد كان يسمع عنة قديماً , وقد رسم له في مخيلته أنة سور طويل والباعة يفترشون الكتب على الأرض ، لكنه صدم من تلك الطريقة الغريبة في رص الأكشاك الخشبية بجانب بعضها البعض , التي تشعره أنة ذاهب إلى السوق ليشتري خضار أو فاكهه ... ولكنة استمتع اشد استمتاع من كل تلك الكتب التي كان يحلم باقتنائها , فهو تربى على مجلات مثل ( ميكي ) و ( سمير ) , وعندما زاد عمره قرأ روايات رومانسية وبوليسية وبعض روايات الرعب . ولكنة شعر بأنة يجب أن يقرأ كتباً كبيرة الحجم وثقيلة الوزن .. فربما أعطته تلك الكتب العلم الوفير الذي يحلم به
- << أتفضل يا باشا عايز كتاب إية وأنا اجيبهولك >>
بالطبع تلك الجملة كانت من أحد باعة الأكشاك ليوسف , ولكن يوسف لأنة لم يكن معتاداً على تلك الطريقة من الباعة فقد أعتبر تلك العبارة مودة زائدة .. وبالفعل اتجه لصاحب الكشك
- << تحت أمرك >>
- << أريد كتاباً قديماً >>
- << ما أسمة ....؟ >>
- << لا أعرف ..!! >>
- << ماذا ؟؟؟ >>
- << أريد أي كتاب قديم ويتحدث عن شيء مهم >>
وبالطبع لم يتمالك البائع نفسه من الضحك .. حتى احمر وجهه ( يوسف ) خجلاً
- << عندما تعرف ما تريد فأنا تحت أمرك >>
فذهب ( يوسف ) إلى كشك أخر ينظر داخلة , ليرى خليط غريب من كتب دينية وكتب فضائح وكتب سياسية وكتب جنسية و مجلات أجنبية وعربية . ولكنة أحس بخيبة الأمل فقد كان يعرف أنة لا يعرف ماذا يريد من البداية ..! وأنة لن يرى ما يريده , بل هو ينظر هو وصديقة إلى الكتب بانبهار ويبحث عن الكتب القديمة التي في داخل نفسه يعرف أنة لن يشتريها
- << لقد تعبت من المشي هيا بنا نستريح على ذلك المقعد الحديدي >>
كانت تلك العبارة من صديق ( يوسف )
فأجابه ( يوسف )
- << كشك أو أثنين ونعود للمترو مرة أخرى >>
وهنا رأى ( يوسف ) رجل عجوز يجلس داخل كشك _ أمام المقعد الحديدي _ على الأرض فشدة المنظر ودخل إلى الكشك ...
- << سلام عليكم يا حاج >>
نظر العجوز ببطء إلى ( يوسف ) لتظهر أن عين الرجل اليسرى بيضاء تماماً ووجهه مليء بالتجاعيد
- << وعليكم السلام يا بني >>
- << هل تبيع كتب قديمة يا حاج >>
ضحك العجوز بطيبة وقال
- << يا بني أنا لا أمتلك غير الكتب القديمة .. أبحث في الكتب التي على الرفوف واختار منها ما تريد >>
فرح ( يوسف ) بهذا العرض الذي سيجعله يرى أسماء الكتب بدون أن يدفع مليماً واحداً , هذا غير أن هذا أول عرض يتلقاه بأن يبحث بنفسه , وبالفعل بدأ البحث ورأى الكثير من الأسماء
( حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح )
( مذبحه القلعة برؤية جديدة )
( نظم الملك )
( العرائس )
( تهافت التهافت )
( انهيار دولة البطالسة )
ولكن جاء ( يوسف ) إلى مجموعة كتب مربوطة بحبل غليظ .. يدل أثر الحبل على غلاف الكتاب أنة مربوط منذ مدة , ففض الحبل وبدأ في قراءة أسماء تلك الكتب باستغراب ....!!
( الهياكل السبع )
( الدر والترياق )
( الأجناس لأصف بن برخيا )
( المنظومة السباعية )
( شمس المعارف الكبرى )
( الأربعون الإدريسية )
( المفتاح الكبير لسليمان )
( الدر المنظم في السر الأعظم )
( النور المبين في تحضير القرين )
لا يعلم ( يوسف ) لما اقشعر جلدة من أسماء تلك الكتب ..!! ربما من ملمسها ..! لا يعرف لكنة رأى كتاب قد شد انتباهه , في الواقع لم يكن كتاب بالمعنى الحرفي بل هو سبع ورقات من الحجم الكبير .. وهناك خيط يجمعهم من جانبهم الأيمن كي لا ينفك الورق , ولكن ما شدة أكثر هو ملمس الورق .. فقد كان ورقاً خشناً وسميك وقد كتب في أول ورقة من الأعلى بخط يدوي
( عن رواية الرحالة أحمد بن إسحاق البغدادي )
فنظر ( يوسف ) لصاحبة وقال
- << ما رأيك بهذا الورق ؟؟ >>
- << بالتأكيد هذا الورق يتحدث عن هراء من شاكلة ابن فلان قابل ابن علان يوم كذا كذا , وقد أمر الوالي بذبحهم بعد خيانتهم له .. صدقني لن تحب هذا الهراء , ستجد مثله كثيراً في كتب تاريخ الثانوية العامة التي درسناها !!! >>
- << ولكن يبدوا من ملمس الورق أنه قديم .. ربما كان نادراً كذلك , وبالتالي سعره سيكون مرتفعاً ولن اشتريه بالتأكيد , دعني أسال عن سعره من باب الفضول لا أكثر >>
- << بكم ذلك الكتاب يا حاج ...؟ >>
ولوح ( يوسف ) بالورقات ناحية العجوز ليراها , ولكن العجوز رد بسرعة
- << عشرة جنيهات >>
- << ماذا !!! >>
- << عشرة جنيهات يا بني .... أي كتاب عندك بعشرة جنيهات >>
هنا نظر ( يوسف ) لصاحبة باندهاش ثم قال له
- << سأشتري هذا الورق >>
كاد صاحبه يموت من الغيظ , لأن ( يوسف قد تراجع في كلامه .. وكاد يعترض إلا أن أخرسه ( يوسف ) بأن أخرج من جيبه عشرة جنيهات ليعطيها للرجل , فقربها من يد الرجل بدون كلام .. ولكن الرجل لم يحرك ساكناً وكأنة لا يراه .... فنادى ( يوسف ) على الرجل
- << يا حاج امسك الفلوس >>
وهنا رفع العجوز يده المعروقة ملوحاً بهاً في الهواء باحثاً عن النقود قائلاً
- << سامحني يا بني ... لأنني لا أرى جيداً بعيني الوحيدة فأنت تعرف حكم السن >>
أدرك هنا لما لم ينتبه العجوز للورق الذي يحمله .. فربما كانت قيمته أكثر من عشره جنيهات ولكن ضعف نظر العجوز جعله لم يلاحظ ماذا قد أخذ .. وقد عقد صفقة رابحة للغاية .....

* * *

ظل ( يوسف ) جالساً أمام شاشة الكومبيوتر كعادته , لا يفعل شيئاً سوى الدخول لمحادثات الدردشة أو متابعه بعض المنتديات الفكاهية وكتابه الردود بها حتى شروق الشمس ... فلم يكن يفعل شيئاً في أجازة نصف السنة التي قاربت على الانتهاء بعد بضعة أيام سوى الجلوس على الانترنت .. أو التسكع مع أصدقاءه ليلاً في المقاهي حتى الصباح , يشربون كميات من القهوة والشاي بلا داع ... ويثرثرون في كل أمور الحياة التافهة ... ولكن قبل الفجر بما يقرب من الساعة , دخل شخص يطلب الحديث مع ( يوسف ) على إيميله الخاص به .....!! فوجده صاحبة الذي كان يرافقه منذ أيام لسور الأزبكية
- << كيف حالك >>
- << الحمد لله >>
- << لم أرك منذ زمن ؟ >>
<< زمن ....!! لقد كنت معك أول أمس في سور الأزبكية , يوم اشتريت الورق الغريب .... ما رأيك به ؟ >>
- << لم أقرأه بعد ... ولكنني سأقرأ ذلك الورق قريباً >>
وسار نمط الحديث ككل مرة , ممل وعادي مع صديقة قرابة النصف ساعة .. حتى انتهت المحادثة بينهم ، ولكن ( يوسف ) أحس أنه لكي يرضي ضميره على العشرة جنيهات التي دفعها في الورق , فيجب عليه قرأته .. وفعلاً قام ليحضر الورق ثم وضعة أمامه ...
سبع ورقات من الحجم الكبير , والكثير من الكلام ممسوح بل وفي بعض المواضع قد تداخلت بعض العبارات البسيطة على بعضها .. , ولكن بشيء من العسر يمكن تبين كنه الكلمات ..
(( عن رواية الرحالة أحمد بن اسحاق البغدادي رحمة الله واسكنه فسيح جناته
بسم الله الرحمن الرحيم الغفور الحليم خالق الجبال وقاهر الجبابرة مالك السموات والأرض رافع السموات بغير أعمده * وفقنا الله يوم النفخ في الصور ويوم العرض علية وأدخلنا جنته وحفظنا من ناره * كتب سيدي وشيخي العلامة بن اسحاق في كتابه كنز الرحلة بعنوان مدينه الموتى في فصل رحلته إلى مصر * أنة سار من إحدى قرى الصعيد حتى أهلكه التعب فرأى على مرمى البصر سور طويل يتوسطه باب عظيم فاقترب منه فرأى على السور نقش كلمات كأروع ما يكون تقول * يا معشر الإنس والجن لا تقربوا هذه البلدة فإن أهالها نيام حتى تقوم الساعة فإذا دخلتم اليوم فليرحمكم الله وإذا لم تدخلوا لا تذكروا مكانها حتى لا يراها غيركم ولكم يوم الحساب جزاء على أفعالكم وسيسألكم الله جل وعلى كيف حفظتم سر هذه البلدة * فلم يتمالك بن إسحاق نفسه فربط ناقته عند السور ودخل من الباب الحديدي وسار وحيداً * فكانت البلدة كأحد أحياء القاهرة ولكن العجب كان أنها بلا بشر فالحوانيت مفتوحة وجاهزة لعرض بضاعتها ولكن لا بشر سوى بن إسحاق * فسار بن إسحاق حتى خرج عليه من أحد الحوانيت رجل أسود اللحية عظيم الشحم أبيض البشرة يقبض بيده اليمنى على عصا كبيرة * اقترب الرجل من بن إسحاق ودعاه لأن يرتاح في بيته وقال بأنة لحاد البلدة وأنة يكنى بمحمد السالمي * وحدثه اللحاد أن مرض غريب أجتاح البلدة فمات كل من فيها * فدخل بن إسحاق بيت الرجل * وسأله عن ما حدث للبلدة فقص الرجل على شيخنا قصه عجيبة * منذ سنين طويلة كانت البلدة مزدهرة ومليئة بالتجار من كل البلاد وكل الأجناس حتى جاء فتى من بلاد الفرس يدعى الحي بن القصاب وكان يفعل العجائب فكان يجري على الماء ويطير فوق الأرض ويقول كلمات فيتحول الماء إلى عسل * وإذا لمس جداراً أو بيتاً حوله تصاعد صوتاً قوياً ثم يتحول البيت إلى ذرات وفتات * ثم أعلن الفتى عن أنه في مقدوره أن يحول الفقراء إلى أغنياء وأنة يحتاج إلى أربعة من البشر ليثبت كلامه * فتقدم إليه احمد بن يزيد صانع السجاد و يوسف العطار و احمد بن إبراهيم بن محمد و شاب فقير يدعى إسماعيل الحلاج
وأجتمع بهم الفتى الفارسي في بيته الذي اشتراه عند وصولة البلدة * وقضوا الليل عنده وفي الفجر خرج من البيت الأربعة فقراء ولم يخرج الساحر ولم نجد له أثر * ورأينا في أيدي كل منهم مفتاح ضخم لخزائن كبيرة تحت دار كل منهم تحتوي على ذهب وأشياء بديعة الصنع براقة المنظر * فاتت سبع ليال وحضر أهل البلدة ليروا أحمد بن يزيد وقد سال من حلقة سائل أبيض وأخذ يقول كلمات غريبة وكأنة يخاطب ....( جزء غير واضح من الورق ) .... فوقع أرضاً وقد أصيب بالحمى وأخذ يشكوا أنة رأى في منامة وكأنة يحمل من أربعة رجال طوال البنية سود الوجوه صلع الرؤوس حمر الأعين أنزلوه على صخرة * وتقدم منة رجل ....( جزء غير واضح من الورق ) .... فذبحة الرجل بعد أن قرأ علية الكلمات * وأخذ أهل البلدة يداوونه من الحمى * وعند اقتراب الفجر سمع جميع أهل البلدة صفير طويل وكأنة صفير الرياح * وبعد انقطاع الصفير خرج من فم وأنف وعين أحمد بن يزيد دماء كثيرة حتى توفاه الله عند الشروق * بعد سبعة أيام أصاب أحمد بن ابراهيم بن محمد ما أصاب أحمد بن يزيد * وروى لنا نفس الحلم الذي رواة لنا احمد بن يزيد وعند الفجر سمعنا كلنا الصفير وخرجت الدماء منة ومات * ...( جزء غير واضح من الورق ) فسمعنا الصفير وعرفنا أن يوسف العطار سيموت * ومات يوسف العطار بعد أن خرج الدم من جسده * طلع الصبح علينا ورأينا إسماعيل الحلاج وهو يغادر البلدة ويخرج وحيداً إلى الفلاة فسألناه ولكنه لم يجيبنا غفر الله له * بعد سبعة ليال أصيب أهل البلدة بمرض غريب فكان الواحد منهم يصرع في الأرض ويخرج الدم من جسده ثم يموت ولا نفهم السبب * ومات أهل البلدة جميعاً ولم يبقى غيري فعينتني الحكومة المصرية حارساً للبلدة أهتم بها إلى أن تأتي لتوزع أملاك البلدة * طلب اللحاد من بن إسحاق أن ينام لأن الليل قد حل * ففرش اللحاد حشية لابن إسحاق ونام جواره على الأرض وعند شروق الشمس استيقظ بن إسحاق فلم يجد اللحاد بجواره بل وجد قصاصة من ورقتان كتب عليهم * بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيئاً في الأرض ولا في السماء * أجتمع الساحر بالأربعة فقراء ثم جعلهم يحفظون هذه الكلمات
سمامها طولام فقدشبينا يوهانيط سمسمائيل يصيفيدش أحرق كل من عصى أمرك بحق إصطفار و بيوم عمياخ وبحياة هليع بحق إصطفار وبيوم عمياخ وبحياة هليع يا من تسمعون في وادي القرنيم بحق سيدكم وبحق مقبلكم فكوا قيد بن ذاعات فكوا قيد بن ذاعات فكوا قيد بن ذاعات فيدعاهاط موسماعل بق حتى إذا أحضرتم أحرقكم المولى بحق وصيل مشموهوه شرطيائيل موهوقمي نوخيشما بهدار مخلبي * وبعد أن حفظ الأربعة الكلمات جلس الأربعة وفي وسطهم شمعه صغيرة إذا ارتفع لهبها إلى سقف الدار كان خادم الجن قد حضر * و جلس الحي بن القصاب بعيدا عنهم * ثم بدأ الأربعة ينطقون الكلمات بصوت واحد حتى انتهوا منها * وفجأة أرتفع صوت الحي بن القصاب وهو يقول * أريقاً أريقاً فليقاً فليقاً حليقاً حليقاً أتوني مستكين مستكين مستكين احضروا أينما تكونوا احضروا فإنكم محاطون به من كل جانب سمسائيل الهوام يحاقوف المخلبي سمسائيل الهوام يحاقوف المخلبي ارجعوا يا جنود المارد ارجعوا يا جنود المارد فكوم يا حليق فكوم يا حليق نخدام بهاميم بحق سمسائيل أن تأتيني احضروا يا جنود المارد لتكونوا الجيش الأعظم الوحى الوحى العجل العجل الساعة الساعة احضروا بحق مخلبي * فأرتفع لهيب الشمعة إلى سقف الدار وحضر المارد لينفذ طلبات الساحر حتى انبلج عليهم الفجر ولم يعلم أحد ما حدث بعد ذلك حتى مات الثلاثة فقراء وهرب الرابع إلى دمياط ولا يعرف أحداً ماذا حدث له حتى ظهر ..... ( جزء غير واضح من المخطوطة ) ..... فأطلب منك يا أخي قبل أن تكمل رحلتك أن تذهب إلى مقابر البلدة التي ستجدها في أخر صف الحوانيت شرقي البلدة لتقرأ الفاتحة لأموات البلدة وتدعوا لهم بالمغفرة وأن يرحمهم الله * فبعد أن انتهى شيخنا بن إسحاق من قراءة الورقة حاجياته ونزل من بيت اللحاد وأتجه إلى شرقي البلدة * ورأى صف الحوانيت فمشى بجواره حتى وصل لأخره فوجد مقابر كثيرة تملأ الصفوف فوقف أمامها للدعاء لأصحابها * فلمح بعينية حجراً على أحد القبور مكتوب علية المتوفى إلى رحمة الله محمد السالمي اللحاد أدخلة الله فسيح جناته * فأندهش بن إسحاق كيف كان يكلمه محمد السالمي وهو من الأموات * فجرى بن إسحاق إلى أن وصل إلى ناقته التي ربطها في سور البلدة وركبها وسار بها وعندما نظر خلفه لم يجد أثراً للبلدة ولا لسورها الطويل * فحمد الله على سلامته وأكمل طريقة إلى أن وصل إلى القاهرة ))[/


.................................................. .................................................. .............


انتهى ( يوسف ) من قراءة الورقة وقد شعر برجفة غريبة تسري في جسد , لم يعرف أهي نسمات هواء الفجر أم هو الرعب مما قرأه في تلك الوريقات ...؟ كان أول ما فعلة هو أن دخل إلى الحمام ليتوضأ حيث أنة قد سمع أذان الفجر وهي يأتي له من المسجد القريب ....... توضأ ليستعد للصلاة وأيضاً لكي يهدأ مما قرأه .. فقد كان تأثير ما قرأه علية رهيباً , لقد شغل كل تفكير ، فدخل ليصلي الفجر حتى انتهى منه وقد شعر براحة نفسية أزالت بعض الرعب الذي دخل في قلبه بعد قراءة تلك الوريقات
بالرغم من الرعب الذي داخل نفسه إلا أنه قد انجذب لتلك الكلمات التي قرأها , حتى أنة شعر معها أنه يعاصر الأحداث .. وأنة هو أحمد بن إسحاق ..... ولكن من هو أحمد بن إسحاق هذا ؟
هو لم يسمع به من قبل , ولكن الاسم له رنين جميل يجعلك تحترمه في التو واللحظة ... فالاسم يذكرك بالعلماء الأجلاء الذين كنا نقرأ أسمائهم بشيء من العسر في المراجع التاريخية .. فيكفي أن ترى الاسم ليعطيك رهبة من صاحبه , وتتخيله شخصاً طويلاً عريضاً مهاباً له كيان كبير ...
أخذ ( يوسف ) يفكر كثيراً وهو يجلس على فراشة في الشخصيات التي قرأ عنها منذ قليل ، إن الأحداث التي تم سردها غريبة جداً ولم يسمع بمثلها من قبل غريبة على ذلك العصر !! عصر لم يعرفوا فيه أسماء مثل ( سوسو ) و ( ميمي ) بل أسماء أخرى ..
فيكفي أن ترى اسماً كاسم ( الحي بن القصاب ) أو ( بن إسحاق ) لتقف مهابة لتلك الأسماء , فلا أعتقد أنهم كانوا سيقبلون أسماء هذه الأيام ... فربما كان اسم ( مصيلحي ) بالنسبة لهم ركيكاً .. أو يكونوا قد استخدموه للتدليل ، ثم هذا الشخص الذي يدعى ( محمد السالمي ) يظهر في النهاية أنة شخص ميت ... ؟ لو كانت تلك الوريقات هي محاولة لتأليف قصة رعب فقد نجح مؤلفها وربما كان ليصير كاتب رعب شهير في عالمنا لو كان يعيش الآن ... أما لو كانت تلك الكلمات حقيقية فتلك مصيبة أشد .... فهذا يعني أنة يمتلك نصاً حقيقياً لمخطوطة وأن ما جاء بها حقيقي 100 % ...!! وربما أشتهر وصار عالماً كبيراً يظهر في البرامج التليفزيونية , وربما يظهر في برنامج ليقول بهدوء ورصانة " روتانا سينما مش هاتقدر تغمض عنيك " .... ما هذا الذي يقوله ..؟ يبدوا أنة بدأ يخرف بما لا يعلم ...!! لقد غلبة النعاس ونام وقد قرر أنة لابد له أن يبحث تلك المسألة الهامة غداً ...... أي مسألة ؟.. مسألة روتانا سينما بالطبع .


* * *


مشهد غريب للغاية الذي نراه الآن ...!! حيث من المعروف أن لون الرمال دائماً يميل إلى اللون الأصفر أو إلى البني الداكن ... ولكن أن يكون لون الرمال أحمر قانياً هذا هو الغريب ؟ فقد كانت الرمال على امتداد البصر وكأنها بلا نهاية , حتى دوى فجأة في المكان صوت مفزع ..... كأنك تسمع ألف شخص يعذب أو كأنك تسمع صوت حيوان يسلخ وهو حي ...
وهنا بدأ الهواء يتخلخل بطريقة غريبة .. حتى بدأت الرؤية تصعب على من يشاهد المنظر , وتصاعد دخان كثير في الهواء حتى ارتفع من الدخان لسان طويل من اللهب الذي يميل إلى اللون الأبيض ... لهب أبيض ؟؟؟
وفجأة دوت فرقعة تصم الآذان في مكان الخلخلة , ليظهر جيشان عظيمان متباعدين عن بعضهما البعض ...!! ولكن كل منهم يعدوا بسرعة ليقابل كل منهم الأخر من جهة .....
كان الجيش الأول يتكون من رجال طوال شعر الرأس يصل طول شعر الواحد منهم إلى ما تحت خصريه ، عيونهم مشقوقة بالطول يتخللها لون أخضر قاتم وملابسهم تلتصق بأجسادهم , وكأن من ينظر لها يتبادر إلى ذهنه أنها جلودهم وليست ملابسهم .....!!
أما الجيش الأخر فكانوا سود البشرة صلع الرؤوس , عيونهم كبيرة جداً , حتى أنك عندما ترى الواحد منهم تعتقد أن عينية تأخذ نصف وجهه ..!!
ولكن المشكلة ليست بالعينين المشكلة أن العينين من داخلها لون اسود قاتم فلا ترى الحدقة أو القرنية فكلها سوداء فكيف يرون ..!!!
لا يلبسون أية ملابس بل هم عراه تماما , ولكن أجسادهم مليئة بالشعر الغزير ... يطلقون من أفواههم ذلك الصوت الذي شبهناه منذ قليل بصوت حيوان يسلخ جلدة وهو حي ... الآن الجيشان يقتربان من بعضهما بسرعة كبيرة ، ترى ماذا سيحدث .......؟
ولكن ما دخل هذا في قصتنا الآن .....؟
ربما نعرف بعد قليل
.................................................. .......

صوت أذان الظهر يتردد من المسجد القريب , ويتخلل اذن ( يوسف ) ليجعل النوم يطير من رأسه رويداً رويداً , ليستيقظ ولكنة يحاول العودة للنوم فلا يقدر , يتقلب على الجانب الأخر ليحاول الرجوع مرة ثانية للنوم اللذيذ .. ولكن كل محاولاته باءت بالفشل .. فالنوم هو ضيف يأتي وقتما يشاء ويرحل وقتما يشاء ....
بدأ ( يوسف ) يفتح عينية وهو مازال نائماً على ظهره يحاول أن يتقبل حقيقة أنة يوم أخر ليعيشه ... ينزل من على الفراش ليذهب إلى الحمام كما هي عادته اليومية .. حيث أنة يظل في الحمام قرابة النصف ساعة ليخرج شخصاً أخر وقد أصبح منتعشاً ومبتسماً للحياة ... لا يعرف أحد ماذا يحدث في الحمام .. ولا يهتم أحد بأن يعرف إن كان يحضر القنبلة الذرية حتى داخل الحمام .... الذي يعرفه أهلة أنة لن ينهي حمامة قبل أن يتوضأ .... يخرج ( يوسف ) ليصلي صلاة الظهر في غرفة نومه , ويبدأ رحلة البحث في ثلاجة المنزل عن أي شيء يؤكل , حتى تقع يديه على أي شيء تتخيله ليضعه في فمه , فهو لا يدقق على نوعية الطعام ولكنها عادة منذ صغره , أن يضع أي شيء في فمه بعد استيقاظه مباشره
ذهب بخطوات بطيئة ناحية جهاز ( الكومبيوتر ) الذي يضعه في صالون منزلة ليفتحه , ثم يبدأ في ممارسة حياته الرتيبة المملة .... وكأنه قد فقد الذاكرة ثم استعادها مرة أخرى اتسعت عيناه وقد تذكر فجاءه أخر شيء فعلة البارحة قبل أن يخلد إلى النوم ...
لقد كان يقرأ في تلك الوريقات ... لقد تذكر كل شيء الآن ... وهنا قام إلى غرفته ليحضر الورق وعاد إلى الكومبيوتر وفعل أول شيء خطر إلى ذهنه ...
لقد قال في باله " لما لا أبحث على شبكة الانترنت عن أي معلومات تخص تلك الحكاية التي قرأها أمس " .... ففتح أحد مواقع البحث الشهيرة , وجال بخاطرة ماذا يكتب في مربع البحث ...؟
كتب في المربع ( ابن إسحاق ) وبدأ البحث .. ليرى أن جميع المواقع التي ظهرت في البحث كانت تخص ( ابن إسحاق ) الذي كتب كتاب ( سيرة ابن إسحاق ) الذي يتحدث عن حياة ( النبي ) صلى الله علية وسلم ..... فما كان منه إلا أن أعاد البحث , ولكن كتب في خانة البحث هذه المرة ( أحمد بن إسحاق البغدادي ) .. وظهرت النتائج له ...
أول ثلاثة مواقع في البحث كانت تتحدث عن أسماء رجال كانت تدخل في أسماءهم اسم ( إسحاق ) أو ( البغدادي ) ، أما الموقع الرابع فعند دخوله وجده منتدى مغمور , كتب فيه موضوع عنوانه :
[SIZE=5]( أساطير العرب ومقارنتها مع الواقع )
أما الموضوع نفسه فقد تحدث عن أساطير من حياة العرب في البادية , وعلاقتهم بالجن .. ولكن في احد أجزاءه كتب الأتي :
(( وننتقل الآن إلى أسطورة لم تنل الشهرة ولا الصيت الذي نالته باقي أساطير العرب ، فنحن نتكلم عن شخصية تدعى " أحمد بن إسحاق البغدادي " والذي قيل عنة أنة رحالة يجوب البلاد شرقها وغربها لا يكل ولا يمل ، ولكن كتب في مراجع متفرقة أنة كان له حكايات كثيرة تتعلق بالسحر والسحرة , وأشهرها حكايته مع تلك المدينة التي كتب عنها في كتابه ( كنز الرحلة ) وسماها ( مدينه الموتى ) , وحكى عنها أنها مدينة خالية , لا بشر فيها ولا حياه وأنة وجدها في طريقة من قرية مصريه قديمة إلى القاهرة في مصر , فظهرت فجأة وأنها اختفت بطريقة غريبة ، حتى كان من الوالي إلا أن أحرق كتابة ( كنز الرحلة ) وكتابة ( غواص اللؤلؤ ) , ويقال أنة اختفى بعدها , ولم تصلنا من أخباره شيئاً إلا حكاية تلك المدينة التي قابلها في طريقة ، والحقيقة أن هناك أساطير كثيرة نسجت حول هذا الرجل منها الحقيقي ومنها المريب والذي يصعب التفرقة بينهم .
وفي منتدى أخر كتب موضوع بعنوان :-
( الرحالة أحمد بن إسحاق البغدادي )
ولد في ممباسا وعاش الكثير من عمرة في بغداد ولذلك لقب بالبغدادي , درس الفلك والطب ولكن لم يكن له نبوغ خاص في الأخيرة , حيث أنصبت جل شهرته على الفلك ، وقد ألف هذا الرحالة كتابان أحدهما هو ( غواص اللؤلؤ ) وكان يختص بالفلك والكواكب , والأخر ( كنز الرحلة ) وكان يختص برحلاته العجيبة في البلاد التي زارها ، ولم يصلنا من كتابية سوى شذرات بسيطة .. وبعض المخطوطات التي فقد أكثرها وذلك بسبب حرق كتبه واتهامه بالاشتغال بالسحر , ثم اختفاءه في نهاية حياته والذي أثار جدلاً حول شخصيته . ) كان عقل ( يوسف ) في تلك اللحظة يعمل بسرعة كبيرة , غير مصدق المعلومات التي أمامه .. حتى خرج من الصفحة التي كان يتصفحها إلى صفحة أخرى كتب بها عنوان عريض :-
" مخطوطة الشيخ أحمد بن إسحاق البغدادي "
_ ( دار الجدل حول حكاية تروى وتنسب إلى الرحالة العربي الشيخ ( أحمد بن إسحاق ) , أنة في إحدى رحلاته داخل مصر .. قد دخل مدينة كل من بها أموات .. ورأى فيها العجب ... حتى أنة قال بأنة رأى شخص ميت يتحدث معه وجهاً لوجه ..
فقد كان بن إسحاق مولع بالغرائب والعجائب , حيث كانت له العديد من الرحلات العجيبة التي شاهد فيها الكثير من الأشياء التي تصدم العقل , حتى أن الناس اعتقدوا بكفرة وحرقوا كل نسخ كتبة واتهموه بالاشتغال بالسحر ، وقد قيل بأن هناك نص من إحدى رحلاته نقلة عنة أحد تلاميذه والذي يدعى ( عبد الرحمن بن إبراهيم بن إسماعيل ) .. حيث تحدث في بضعة ورقات عن رحلته إلى مصر وأنة دخل إلى بلدة هاجمها وباء فقتل كل من بها ولم يبقى شخص حي في البلدة .... وأن هذا الوباء جاء عن طريق السحر , وأن بن إسحاق قد علم الطريقة التي تم جلب الوباء بها حيث أعطاه إياه ميت من البلدة قابلة ، والمشكلة هنا هي ضياع هذه المخطوطة نهائياً ولم تصلنا منها إلا روايات من الأشخاص الذين رأوها منذ القدم ، ويقول فريق من العلماء بأن هذه المخطوطة ليست موجودة وأنها حكاية أسطورية تداولها الأشخاص عبر التاريخ حتى اعتقد الكثيرين صحتها .... أما الفريق الثاني من العلماء فيقول بوجودها ولكن لم يحددوا مكانها أو معالمها , ولكنهم يستندون في أدلتهم إلى إيراد كلام يتحدث عن المخطوطة في أكثر من كتاب وأكثر من مجلد ، وبرغم الجدال القائم على هذا الرجل إلا أننا نقول بأنة كان أحد الرحالة الذين كتبوا المقارنات بين طرق المعيشة في البلدان ومحاولة مقارنتها بواقعنا العربي . )وهنا انتصب الشعر في مؤخرة رأس ( يوسف ) ... لو كان المكتوب عن ذلك الورق الذي يمتلكه حقيقي فذلك يعني أنة الوحيد الذي يمتلك نص تلك المخطوطة
مخطوطة بن إسحاق
.................................................. .................................................. .

خذ ( يوسف ) يتحسس الأوراق وهو ينظر لها بتمعن والأفكار تتصارع في رأسه بلا انتظام .....
- << لو كانت تلك المعلومات صحيحة فأنا أمتلك نص المخطوطة الأصلية >>
وهنا وضع ( يوسف ) يده يتحسس الورق من جديد ويمرر يده عليه .... لقد شعر منذ الوهلة الأولى بأن ملمس ذلك الورق غير مريح منذ أن اشتراه ، كان طول الورق يتجاوز طول الورق المستخدم في الطباعة أو الكتابة .... هذا غير أن الحروف بعضها ممسوح وبعضها ممتزج بعضة البعض .. مما ينبيء أن الحبر المكتوب به الكلمات قد تأثر وطار بعضة وأمتزج بعضة ليؤدى لاختفاء وعدم وضوح بعض الكلمات والعبارات من داخل الورق .... ثم ماذا عن ذلك الخيط الذي يربط تلك الوريقات من الجانب ...؟؟ تلك الطريقة التي لا تمت للطباعة الحديثة بصلة من قريب أو بعيد .
لقد ارتفعت ضحكة ( يوسف ) وهو يسخر من نفسه ....!! كيف لم يلاحظ ذلك ؟ إن الكتابة على تلك الوريقات كتابة يدوية , وذلك للاختلاف الطبيعي بين الكلمات وكبر بعضها وصغر بعضها ...... رائحة الورق ...... ملمسه الخشن السميك .....!!
وكأنة لا يريد تصديق النتيجة التي توصل لها عقلة ويحاول أن يتملص منها بأي حجة يجدها كي يبعدها عنه ... ولكنه لا يجد مفر من أن يعيد تلك النتيجة لعقلة مرة أخرى ..... هو للأسف لا يمتلك نص المخطوطة الأصلية المفقودة ...... ولكنة يمتلك المخطوطة الأصلية ذاتها .....!!!
.................................................. .................................................. ...





يتبع

طيف عابر
10-25-2012, 02:20 PM
– السجين



يبدوا أن المشاهد الغريبة سنراها كثيراً في هذه القصة ...! ولكن دعني أصف لكم المشهد ....
نحن الآن في منطقة جبلية وعرة , ولو أردنا أن نكشف المنطقة أكثر ... فسنقول بأن هناك شلال من المياه ولا تسألني كيف أتى هذا الشلال ؟ فأنا أصف لك فقط ... المنطقة يغلفها الظلام إلا من ضوء القمر الذي يبعث على الرعب أكثر منه يبعث على الرومانسية ، ولكن حتى الآن لا يوجد شيء غريب بالمشهد يستحق وصفة ....!! ولكن انتظر .... هل ترى ما أراه ؟ بجانب الشلال في داخل الصخور هناك فتحة تشبه فتحة كهف من التي نراها في السينما , وأعلى الفتحة منقوش على الصخور كلمات بلغة غريبة لا أعرفها , ولكن يبدوا أن بها مربعات وخطوط منفصلة عن بعضها ؟؟؟
رباه ...ما هذا الذي أراه ..!! لو كان شخص حي بهذا المكان ورأى ذلك لمات رعباً ....
إن هناك طنيناً يزداد ببطء يكاد يفجر رأسك من الألم ، الطنين يزداد أكثر وأكثر .... وفجأة ، حدثت فرقعه صغيرة على فتحة الكهف التي رأيناها منذ لحظة .... وظهر لحظتها ثلاثة رجال أمام فتحة الكهف ... رجال ...!! لا ليسوا رجال ... فعلى قدر علمي لا يوجد رجال طوال القامة بهذه الطريقة ، ولون جلودهم أحمر ..... هذا ما تراه من ظهورهم فقط فأنا لا أرى وجوههم الآن ..... ولكن يبدوا أن أحدهم هو القائد لأن الاثنين الآخرين يتبعونه في خشوع وهو يدخل إلى الكهف .. ولكن هناك شيء غريب ؟؟ بمجرد دخول الثلاثة رجال من فتحه الكهف تألقت الكلمات المنقوشة أعلى الكهف ...!!
لا أعرف هل أنا دقيق الملاحظة أم أن ضوء القمر لا يريني الموجودات جيداً ؟ أعتقد أنني رأيت لهؤلاء الثلاثة ذيول تخرج من تحت ملابسهم .......!!



* * *


الآن نحن داخل الكهف .... دعني أصف لك ما أرى بالتفصيل وبلا مناقشة ...
الكهف تضيئه من الداخل أضواء حمراء و بيضاء لا تعرف أين هو مصدرها ؟ لكنها إضاءة قوية جداً .... وفي أخر الكهف هناك .... أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
في أخر الكهف هناك شيء ما يجلس على الأرض مكبل بالسلاسل من كلا يديه , والسلاسل نفسها منقوش عليها نقش غريب , ربما كان مشابهها للنقش الذي بخارج الكهف ...
له خلقه مريعة تجبرك على عدم النظر إلية , حتى لا يدب الرعب إلى قلبك ..... فوصف شكله هو مهمة عسيرة ..... ولكنك ترى ضخامة جسده وطوله الذي يفوق بالتأكيد طول البشريين ، جلدة بالكامل يميل إلى اللون الأحمر ...
أما عن وجهه فهو وجهه طولي ... لا ليس طولي كالذي نعرفه , بل هو طولي بالكامل أي أن وجهه طويل جدا يصل إلى الأربعين سنتيمتر .... و الوجه نفسه مضغوط من الجانبين لدرجة غريبة ، له عينان مشقوقتان بالطول لا تتبين لونهما , ربما لأنك لن تطيق النظر فيهما ....
أما عن فمه فهو أغرب شيء بوجهه .... ففتحه فمه تصل إلى أذنيه من الجانبين .... فلو ابتسم يصل جانب فمه أذناه الذين يشبهون أذن الحصان ولكنهم أصغر قليلاً ..... ما هذا الذي على رأسه ؟ هناك شعر على رأسه ولكنه ليس طويلاً ... المشكلة ليست في الشعر ... بل أنة هناك في رأسه قرنان صغيران طول الواحد يقارب الثلاثة سنتيمترات...!!
وهذا الشيء مربوط بالسلاسل إلى جدار الكهف من كلا يديه في وضع النسر المحلق , ولكن ليديه حرية للحركة بعض الشيء وهذا هو ما يجعله يهز السلاسل و يحاول الخروج وقد بان على وجهه الغضب من تقييده بهذا الشكل
وأمامه كان هناك ما يشبه القصعة أو طبق للطعام , ولكنة مقلوب والطعام الذي لا نعرف ما كنهه مبعثر في جوانب الكهف .... كان في حالة هياج رهيبة يزأر ويعوي وكأنة ذئب ، ويحرك يديه في جميع الاتجاهات محاولاً فك القيود ....ولكن لا فائدة
وهنا دوت الفرقعة التي كنا سمعناها عندما كنا نتأمل المشهد من خارج الكهف قبل أن ندخل لداخلة لنصف المشهد من الداخل ...
وبعد انتهاء صوت الفرقعة دخل الكهف من فتحته الثلاثة رجال الذين لم نكن نرى ملامحهم من الخارج ... ولكن الإضاءة جيدة هنا , فيمكنني أن أحدد ملامحهم جيداً ... رباه ...!! إن هذا الشيء المكبل بالقيود لهو ملك جمال بالنسبة للقادمين ... ولكن أكثرهم رعباً هو الذي يخطو ويقودهم والاثنين الآخرين يتبعونه بهدوء .... إن هذا الرجل المطاع له خلقه مرعبة بكل المقاييس .... فهو أسوأ من المكبل بالسلاسل في الشكل مع اختلاف أن وجهه كان اسود لامعاً وبه قرون أيضاً في أعلى رأسه ...... وكان يمتلك ذيلاً يقف منصباً وكأن صاحبة متحفز لشيء ما ....
كان المشهد رهيباً بحق ، فبمجرد دخول الثلاثة رجال هدأ المكبل بالقيود , وظل ساكناً ينظر بعينية للقادم ...
أما الرجل المطاع والذي يقود الاثنين الذين يتبعانه فقد وقف في هدوء يرمق المكبل بالسلاسل بعينين ناريتين .... ظل الاثنين يرمقان بعضيهما لفترة طالت .. وكانت بداية الكلام للرجل الذي دخل الكهف منذ قليل
- << مرحباً أيها المارد ... ما رأيك في لقبك الجديد يا ( ابن ذاعات ) ، المارد .... سيكون هذا لقبك منذ الآن بعد أن خالفت الأعراف والقوانين ... >>
- << أنا لست مارداً ، لماذا تقيدونني بلا ذنب وتطلقون علي لقب مارد >>
- << بعد أن تمردت على قوانين قبائل الجن المسلمين ، وبحثت عن مجد شخصي لك بين البشر ، وتحكمت في الجيوش التي تحت يدك لتجعلها في خدمتك لأغراضك الشخصية ... لقد كتبت نهايتك بنفسك يا صاحبي >>
بان الغضب على المقيد بالسلاسل وهو يقول
- << أنا ( المخلبي بن ذاعات ) أبرع قائد من قواد ممالك الجن ، انتصرت لكم في الكثير من المعارك ضد الممالك الأخرى ، وصارت قبائل الجن تخشانا بفضلي .... وبعد هذا تحكمون علي بالسجن >>
ارتفع صوت الرجل الواقف بغضب وهو يقول
- << اسمعني ..... لقد كنت تتحكم في جيوش جراره من أفراد الجن لخدمة مصالح عشائرنا .... ولكنك استخدمتهم في أذية البشر وفي التحكم في مصائرهم ..... لقد أخرقت أحد أعرافنا كجن مسلمين لا نتصل بالبشر ولا نضرهم .... وأنت تعرف عقاب من يخالف ذلك ويحاول الأضرار بالبشر .... الموت >>
قالها وجلد وجهه يتكرمش ويذبل وعينية تبرز للخارج
- << لقد خدمت قبائلنا في حروب كثيرة , وانتصرت في جميعها بلا استثناء .... فهل هذا يكون مصيري >>
بدأ الشخص يتحرك ناحية المكبل بالسلاسل وهو يقول
<< تحير المجلس في أمرك .... بعد أن كنت خادمنا المطيع الذي نبجله ، أصبحت سفاحاً وخطراً مقيماً على البشر .... وكان يجب قتلك ككل المتمردين .... ولكنني اقترحت عليهم وفاء لخدماتك لنا , ولأنك كنت من أعظم قوادنا الحربيين .... أن تقيد في السلاسل إلى أن تموت .... وحكمنا على أفراد الجن التي ساعدتك في إيذاء البشر من داخل جيشك بالنفي في بقاع الأرض , والتشتت والتفرقة فلن يقدر أحدهم على معرفة مكانك ليحررك >>
وهنا قد وصل الرجل إلى المكبل بالسلاسل فانحنى قائلاً
<< لا تفكر بالهروب يا ( مخلبي ) .... فسأترك معك حارسان من أقوى أفراد عشائرنا ليقدما لك الطعام والشراب , ولحراستك أيضاً من أن تهرب ..... هذا غير أن جيوشك الخائنة التي ساعدتك في المذابح البشرية التي ارتكبتها لا تعرف مكانك , ولن تعرفه لأنهم مشتتين في الجبال والمحيطات بلا هدف >>
ثار المكبل بالقيود وهو يحاول التملص من السلاسل بلا فائدة وهو يطلق عواء من بين شفتيه _ إن كان يمتلك شفتين _ يصم الأذن .... ولكن كل محاولاته كانت فاشلة .....
ولكن لحظة ؟
ما دخل ذلك المشهد بقصتنا الآن ......!
يبدوا أنني بدأت أخرف في الأيام الأخيرة ....
فلنعد لقصتنا مرة أخرى ....
.....................................
يتبع

طيف عابر
10-25-2012, 02:27 PM
– كشك عم ( صبحي )
استقل ( يوسف ) المترو ليتجه أثناء عودته من الجامعة إلى سور الأزبكية , حيث أنة قد قرر أن يزور صاحب الكشك العجوز ليسأله عن مصدر المخطوطة .... فنزل إلى المحطة المنشودة ولكنة فشل في اختيار السلم الصحيح الذي سيقوده إلى سور الأزبكية ...!! حتى أنة تاه مرتين حتى وجد السلم أخيراً , فصعد حتى رأى المشهد الذي أحترمه ( يوسف ) كثيراً , مشهد الأكشاك المتراصة جنباً إلى جنب والمليئة بأصناف الكتب من شتى المجالات .... ذهب صديقنا في اتجاه الأكشاك وهو يبحث بعينية عن الكشك الذي أشترى منه المخطوطة
هل هو هذا ؟ لا ليس هو فالثاني كان أصغر من ذلك ... ولا هذا ولا هذا ...... وفجأة توقف ( يوسف ) عند مجموعة أكشاك متراصة , وقد بدأ يتذكر أشكالها ويتذكر أن الكشك المقصود في تلك النقطة بالذات ...... أخذ يتمشى حتى رأى المقعد الحديدي الطويل الذي كان أمام الكشك الصغير , والذي كان يريد صديقة أن يستريح علية في المرة السابقة

* * *

- << لقد تعبت من المشي هيا بنا نستريح على ذلك المقعد الحديدي >>
كانت تلك العبارة من صديق ( يوسف )
فأجابه ( يوسف )
- << كشك أو أثنين ونعود للمترو مرة أخرى >>
وهنا رأى ( يوسف ) رجل عجوز يجلس داخل كشك _ أمام المقعد الحديدي _ على الأرض فشدة المنظر ودخل إلى الكشك ...

* * *

تذكر ( يوسف ) ذلك المقعد فنظر أمامه ولكنه لم يجد الكشك بل وجد مكان خالي وبه شجرة تملأها الأغصان الخضراء ...!!
كاد أن يجن ..... فجرى ناحية الكشك المجاور لتلك البقعة الخالية ودخله ليجد فتى في سن المراهقة يمسك مجلة ويتصفحها
- << تحت أمرك يا باشا >>
- << إذا سمحت أين الكشك المجاور لكم ؟ >>
- << ماذا تقصد ؟ >>
- << في تلك البقعة الخالية التي بها شجرة كان هناك كشك صغير يجلس به رجل عجوز >>
نظر الفتى لعين ( يوسف ) حتى يتأكد أنه لا يمزح , ثم ضحك بسخرية وقال
- << لا يوجد كشك في مكان الشجرة .... لأنة ببساطة تلك الشجرة مزروعة من خمسة عشر عاماً ..... فلا يمكن أن نبني كشكاً عليها إلا بعد أن نخلعها من جذورها >>
- << مستحيل ...!! لقد هناك كشك صغير يجلس به عجوز ويبيع كتباً قديمة >>
هنا دخل الكشك رجلاً يلبس جلباباً , ويبدوا أنة في أواخر الثلاثينات ، فنظر إلى ( يوسف ) والفتى ثم ألقى السلام ..... فقال له الفتى
- << شوفت يابا ....! الأستاذ يسأل عن كشك يجلس فيه رجل عجوز .... والكشك مكان الشجرة التي بجانبنا ..!! >>
نظر الرجل إلى ( يوسف ) نظرة شك , يتأمله من أسفل إلى أعلى , ثم قال
- << أحكي لي يا بني ماذا تريد ؟ >>
- << لقد اشتريت منذ ثلاثة أيام مخط ... أقصد كتاباً من الكشك الذي بجانبك .... والذي أرى مكانة الآن شجرة مزروعة .....! هل أنا جننت لهذه الدرجة >>
- << ربما أخطأت المكان وتشابهت الأكشاك عندك >>
- << لقد كنت أحدد مكان الكشك عن طريق الكرسي الحديدي الذي أمامه فكيف أخطئ >>
- << صف لي صاحب الكشك ؟ >>
- << عينية اليسرى ممسوحة وكأن عليها سحابة .... عجوز بدرجة كبيرة ووجهه ملئ بالتجاعيد .... عينية الوحيدة التي يرى بها ضعيفة كما قال لي >>
يبدوا أن الرجل قد أضيقت عيناه وهو ينظر لـ ( يوسف ) بتمعن , حتى قال له ببطء
- << أعتقد أنك بذلك تصف عم ( صبحي ) , ولكن المشكلة أنك لن تجده في سور الأزبكية الآن .... >>
<< ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ >>
<< لن تجده في سور الأزبكية الآن لأنة في مقبرته ..... لقد توفي عم ( صبحي ) منذ ما يقارب السبعة عشر عاماً .... وكان يمتلك كشكاً بجانب هذا الكشك فعلاً ..... ولكن يبدوا أن أحدهم قد وصف لك المكان والشخص .... ماذا يحدث لك يا بني لماذا أنت مندهش هكذا ؟ .... اجلس يا بني فالإعياء يبدوا عليك بشدة , هل أنت من طرف أحد أقربائه أم ماذا ؟ >>


* * *


فلمح بعينية حجراً على أحد القبور مكتوب علية المتوفى إلى رحمة الله محمد السالمي اللحاد أدخلة الله فسيح جناته * فأندهش بن إسحاق كيف كان يكلمه محمد السالمي وهو من الأموات *

* * *

أنة في إحدى رحلاته داخل مصر .. قد دخل مدينة كل من بها أموات .. ورأى فيها العجب ... حتى أنة قال بأنة رأى شخص ميت يتحدث معه وجهاً لوجه ..

* * *
بالتأكيد لن نقدر على وصف شعور ( يوسف ) من داخلة , فقد كان في حالة من التشتت الفكري , لا يعرف ماذا يفعل .... هناك شجرة مكان الكشك ؟ ربما أخطأ المكان .. ولكن هذا الرجل عرف الوصف وقال أنة شخص ميت ... ميت ....!!! رباه ... لقد جننت
- << لا لست أحد أقرباءه .... ولكن يبدوا أنني أخطأت في وصف المكان ... أو وصف الرجل ....أو ربما كليهما , شكراً لكما >>
- << ولكنك قلت أنك اشتريت من صاحب الكشك شيئاً ؟ >>
- << لقد كنت أقصد رجل أخر بالتأكيد ....!! >>
غادر ( يوسف ) الكشك وهو يحس بالخواء العقلي , عقلة يأبى أن يفكر في شيء , كيف يفكر عقلة وهو لا يفهم شيئاً مما حدث ...... الكرسي الحديدي .... أوصاف الرجل ...... الشجرة الموجودة مكان الكشك ........ كل تلك تؤدي لنتيجة غريبة .... إما أن ( يوسف ) قد توهم كل شيء ... وإما أن الرجل الذي قابلة منذ قليل كاذب ....!
الاحتمال الأول يمكنه التأكد من خطأه , لأن صديقة كان معه ... ويمكنه أن يتأكد عندما يعود لمنزلة من وجود المخطوطة معه , الاحتمال الثاني يبدوا خاطئاً أيضاً .... لأن هناك شجرة لا يمكن أن توجد هنا قبل سنين عديدة ..... ويمكن أيضاً التأكد من صحة كلام الرجل ببعض الأسئلة البسيطة لأصحاب باقي الأكشاك بالسور ....!
تباً لهذا العقل , دائماً يحاول إثبات فروض أخرى غير الحقيقة التي توصل لها منذ زمن .... عقلة يحاول إثبات أي شيء أخر غير الحقيقة التي بدأت تتشكل في ذهنه .... يبدوا أن الحقائق التي تقابله قد ازدادت هذه الأيام .....
إنه منذ يومان قد حصل على مخطوطة نادرة .... وقد حصل عليها من .....
شخص ميت منذ سبعه عشر عاماً
يبدوا أنه قد أقترب كثيراً من مستشفى العباسية ...


* * *





كان أول ما فعلة ( يوسف ) عند وصولة لمنزلة أن يطمئن على وجود المخطوطة ... فهو برغم كل هذا قد شك لحظة في أنة يهلوس وأنة لم يشتري شيئاً ... ولكنة وجدها ..... لم وجدها , لقد كان يتمنى ألا يجدها .... فإذا لم يكن قد وجدها كان يمكنه أن يفسر الموضوع تفسيراً سهلا .... هو مجنون ويتخيل أشياء ليست لها وجود ...
ولكن المشكلة أنة متأكد من أنة لا يهلوس ...! إذن فبكل بساطة علية أن يتقبل فكرة أنة يمتلك مخطوطة من الهواء , لا يعرف كيف ولا من من اشتراها ....
فيلم رعب ... هذا فيلم رعب من تلك الأفلام التي تذخر بها السينما الأمريكية .... حينما يعرف البطل أن كل من حوله أموات ... حينها يهب كالمجنون يقتل كل أبطال الفيلم وينقذ حبيبته .... حبيبته .!!
طالما أنة يمثل دور البطل في هذا الفيلم إذن من ستكون الحبيبة التي سينقذها ....؟
- << حبيبة >>
كانت تلك من والدته وهي تنادي علية من غرفة الصالون .... اندهش للحظات , حتى أتاه صوت أمة وهي تكمل عبارتها
- << حبيبة زميلتك في الكلية عايزاك في التليفون >>
أه .... هذه هي البطلة التي علية أن ينقذها إذن ..... لم يمنع نفسه من الابتسام وهو يتجه إلى الصالون ....
- << الو >>
- << ازيك يا ( يوسف ) ؟؟ >>
- << الحمد لله .... عاملة إيه ؟ >>
- << الحمد لله .... لماذا لم تأتي إلى الكلية اليوم ؟ >>
- << كنت في كلية الآداب .... أنهي بعض الأشياء >>
ثم نظر ( يوسف ) خلفه ليطمئن إلى أن والدته قد رحلت , وعندما تأكد من عدم وجود أحد قال بصوت هامس
- << وحشتيني >>
ردت علية ( حبيبة ) بصوت هامس
- << وأنت كمان وحشتني .... ماذا كنت تفعل في كلية آداب ؟؟ >>
- << موضوع يطول شرحه .... سأشرح لك كل شيء عندما نتقابل غداً ... هل ستأتين ...؟ >>
- << سأحاول .... أبي يعرف جدول المحاضرات جيداً ... وغداً لا توجد محاضرات ... >>
- << حاولي بأي طريقة ..... كأن تقولي أنك ذاهبة لشراء مذكرات أو كتاب جديد لدكتور ... أي شيء >>
- << سأحاول ولكن لا أعدك .... لو نجحت سأرن لك من موبايلي قبل خروجي من المنزل بساعتين .... ( يوسف ) سأضطر لإغلاق الخط الآن قبل أن يصل بابا في أي لحظة >>
- << سأنتظرك غداً عند مكاننا ..... لا اله إلا الله >>
<< إن شاء الله ..... محمد رسول الله >>
أغلق ( يوسف ) السماعة , وجلس على أحد المقاعد التي بجانبه وهو يفكر , ذهنه صافي الآن ... لا توجد مشاكل من شاكلة مخطوطة بن إسحاق ولا الأشخاص الأموات الذين يعودون للحياة .... لقد نظفته هذه المكالمة من الداخل .... فهو يعشق ( حبيبة ) زميلته في الجامعة منذ أن رآها أول مرة ..... لقد جذبة أسمها عندما نطقته إحدى صديقاتها وهي تنادي عليها , فنظر لصاحبة الاسم ليرى إحدى ملكات الجمال .... كانت ترتدي الحجاب , ولكنة زادها جمالاً ... تخيل أنك تقف أمام شيء يتوهج بالنور الأبيض الصافي ... هذا هو وجه ( حبيبة ) ....
تخيل أنك تسمع صوت العصافير الرقيقة وهي تغني _ إن كانت تغني _ على الأشجار ... هذا هو صوت ( حبيبة ) .... عندما رآها أول مرة لم يمنع عينية من النظر لها ..... لم يمنع عينيه إلا عندما نظرت هي مصادفة لتلتقي عينه بعينيها .... التقت عيناهما لحظات حتى أدار ( يوسف ) وجهه خجلاً منها ....
ومن تلك اللحظة لم يكن ( يوسف ) يترك لحظة إلا ولو حاول اختلاس النظر لعينيها .... وهي كانت تلاحظ ذلك مندهشة .... فهي تعرف أن الشباب لا يخجلون من شيء .... ولو أراد أن يتعرف عليها لذهب إليها وتعرفا في لحظتها .... لكن أن يحاول أن ينظر فقط إلى عينيها , فهذا ما جعلها هي الأخرى تنظر له بين الحين والأخرى , حتى إذا التقت عيناهما ابتسما ابتسامه خفيفة وأدار كل منهم وجهه للناحية الأخرى ...
ظل الحال هكذا يومين حتى , لاحظ أحد أصدقاء ( يوسف ) إعجابه بها , فتعرف إلى صديقتها حتى يعرف ( يوسف ) بهم , وتم التعارف وأنتقل الموضوع ببطء من مرحلة الصداقة التي استمرت لشهر إلى مرحلة الحب ... في الحقيقة لم يكن ( يوسف ) يعرف كيف يعرف أنة يحب بحق ...؟
لكنة أراح نفسه من عناء التفكير واعتبر نفسه يحبها بحق ... وقد سمع الكثير من أصدقاءه وأقرباءه عن الحب الأول ..وكيف أنة يفشل دائماً بلا سبب , أما لو نجحت قصة أو قصتين من قصص الحب الأول فهذا هو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة , بل ويذكر له أصدقاءه الأمثلة الكثيرة عن فلان الذي أحب فلانة ولكنة لم يتزوجها وتزوج علانة وأنجب ولداً وهو يعيش سعيداً الآن ....
كاد يموت من الغيظ وهو يسمع تلك الرواية من كل الناس باختلاف طرق روايتها , وكأنهم يقولون حكم ونبوءات وكأن السعادة في نظرهم أن تتزوج أي فتاه وتنجب ولداً وتأتي كل يوم المنزل وأنت تحمل كيلو ( موز ) وكيلو ( جوافة ) لتأكلوهم هانئين .... هذه هي السعادة في نظرهم .... سعادة خيالية لأن من داخلها ملل وتعود .... جيل ملول ينتج جيل ملول ...
فجأة توقع له الناس أن حكاية حبة الأولى ستفشل مائه في المائه ... لأنها قاعدة معروفة ..... يبدوا أنهم لم يسمعوا عن ما يسمى القدر , ومشيئة الله عز وجل , أو عن النصيب .....
وبرغم كل الحكايات التي ملئوا بها أذنه ... استمر حبه لـ ( حبيبة ) لثلاث سنوات ... إذن ما المشكلة ..... إن الأغبياء ليسـ ....
ما هذا الذي يسمعه ...؟
إنه آذان المغرب يتردد من المسجد القريب ..
قام ليتوضأ حتى يلحق صلاه المغرب بالمسجد ...... أتم وضوءه ثم خرج من المنزل وهو يدعوا متجهاً للمسجد ....
......................................

يتبع

طيف عابر
10-25-2012, 02:30 PM
قرابة قديمة



عاد ( أحمد ) صديق ( يوسف ) لمنزلة وهو يفكر بشدة في كلمات ( يوسف ) التي قالها عن تلك المخطوطة التي وجدها , وهل يمكن أن تكون حقيقية وتكون معدة لاستدعاء أحد خدام الجن الذي سيهب الثروة لمن يستدعيه ؟
دخل ( أحمد ) الشقة وألقى السلام على والدة ووالدته الذين كانوا يجلسون على الأريكة يتابعون أحد المسلسلات التي تعرض في التليفزيون ... ثم دخل إلى غرفته ليبدل ملابسة ..
ولكنة توقف للحظة وقد حضرت في رأسه شخصية ما ...
خاله ( عماد ) .. يا لها من ذكريات
لقد فكر في خاله ( عماد ) الذي انقطعت صله عائلته به منذ فترة طويلة
هنا جلس ( أحمد ) على فراشة وطفق يتذكر منذ أن كان صغير السن وخاله يجلس معه يحدثه عن أمور الجن والعفاريت والسحر والظواهر الغريبة .. كان خاله يعيش معهم منذ ما يقرب من عشر سنوات في غرفة في نفس الشقة ...
ولكن حدثت أمور كثيرة جعلت العائلة تغضب علية .. فخاله كان يمتلك في غرفته مكتبة كبيرة جداً تحتوي على كتب كثيرة تتكلم عن اللغات السامية واللغات المنقرضة والحضارات القديمة .. ولكن الجزء الأكبر من تلك المكتبة كان يتركز على كتب السحر , وتاريخ استخدام السحر .. لم تكن الكتب مكتوبة جميعها باللغة العربية ولكن كان هناك الكثير من الكتب التي كتبت باللغة الانجليزية والفرنسية ولغات أخرى لم يفهمها ( أحمد )
لقد كان يسمع والدة يتكلم مع والدته عن أن خاله يمتلك قدرة رهيبة على قراءة لغات عديدة وأنة هو الذي ثقف نفسه ذاتياً منذ صغره ..
ولكن مع مرور الأيام بدأ يسمع التذمر من العائلة وهي تذكر خاله بكل سوء بسبب تجارب وأبحاث غريبة لم يفهم معناها عندما كان صغيراً ...
وفي ليلة ما عندما كان صغيراً سمع الجميع أصوات غريبة تصدر من غرفة خاله ... وعندما خرج الجميع من غرفهم ليفاجأوا جميعاً بأن أثاث الشقة يتحرك كله للأعلى وهناك ما يشبه الأنوار تخرج من غرفة خاله ..
كان صغيراً لا يتذكر التفاصيل بالكامل لكنة يتذكر الصراخ والعويل ووالدته تجري هي وجدته في كل مكان ثم لا يتذكر شيئاً غير أن خاله رحل في اليوم التالي وبعد يومان جاء مرة أخرى ليجمع حاجياته وكتبة وملابسة ثم رحل لا يعلم أين
ومرت سنين طويلة يكاد لا يعلم عن خاله شيئاً إلا أنة كل مجموعة شهور يتلقى منه اتصالاً يسأل فيه عن أحوال العائلة وعن أحواله ... فيما بعد علم أنة يسكن الآن في شقة بالهرم وهو لم يتزوج بعد على ما يبدوا ...
حتى وجهه هو لا يتذكره جيداً , ولكنة كان يتضايق دائماً عندما كان يسأل عن خاله فتكون الإجابة دائماً في شكل أمر بعدم فتح موضوع خاله مرة أخرى ...
ربما أخر ثلاث سنوات زاد الاتصال بعض الشيء بخاله من قبل أمة حيث كان الاتصال يتراوح بين كل أربعة أشهر إلى ستة أشهر .. وكان ذلك بعد أن ترك خاله رقم تليفون منزله إلى أمة ..
لما لا يستعين به في مسألة المخطوطة ..؟؟
* * *
انتهى ( أحمد ) من الغداء وأستغل الفترة التي يدخل فيها والدة لغرفة نومه وتذهب أمة للمطبخ في أن يذهب بجانب التليفون ويمسك بدفتر الأسماء الذي يسجل فيه الاسم والرقم
جميل الرقم هو ( ........... ) , سجل ( أحمد ) الرقم على ذاكرة هاتفه المحمول ثم دخل إلى غرفته سريعاً ...
في داخل الغرفة أعاد ( أحمد ) طلب الرقم مرة أخرى من على هاتفه المحمول وأنتظر حتى سمع الجرس ..
- << السلام عليكم >>
- << وعليكم السلام , من معي >>
- << هل هذا منزل السيد / عماد محمد عبد الحميد ؟ >>
- << نعم هو منزلة , تحت أمرك ..!! >>
- << ألا تتذكرني يا خالي .. أنا ( أحمد ) إبن اختك الوحيدة .. >>
- << أحمد ...!!! لا يمكن .. كيف حالك أيها الولد الشقي ولماذا لم تسأل علي كل تلك المدة , خيبك الله .. >>
- << هل تتذكر قديماً يا خالي عندما كنا نجلس لنتسامر وتحكي لي القصص والأساطير .. يا لها من أيام >>
- << أنت الذي لا تسأل على خالك أيها الشيطان الصغير .. أحكي لي كيف هي أحوالك >>
- << ما رأيك أن ألتقي بك يا خالي لأنني أريد رؤيتك بشدة >>
- << على الرحب والسعة هل تعلم عنوان شقتي ؟ >>
- << لا >>
- << إذن دعني أصفها لك ... >>
حفظ ( أحمد ) الوصف جيداً ثم قال لعمة أنة سيزوره في اليوم التالي ..



* * *

نحن الآن في منزل ( يوسف ) الذي يجلس على جهاز الكومبيوتر يفعل شيئاً ما .. أعتقد أنة يستخدم الماسح الضوئي ليدخل إلى جهاز الكومبيوتر نسخة من المخطوطة .. كان منشغلاً فيما يفعله حتى رن جرس هاتفه المحمول فنظر على شاشته ليرى اسم ( أحمد ) صديقة هو المتصل .. فرد علية :
- << السلام عليكم ورحمة الله وبركاته >>
- << ما أخبارك يا ( يوسف ) ...؟ >>
- << الحمد لله .. خيراً ..!!! >>
- << هناك شيء خطر بتفكيري سيساعدنا كثيراً في موضوع مخطوطتك التي تبحث عن أصلها >>
- << انجدني >>
- << لي قريب له خبرة كبيرة في اللغات القديمة وله قراءات كثيرة في السحر و التاريخ الأوربي القديم وتاريخ الحضارات القديمة .. ما رأيك أن نقوم بزيارته ونعرض علية المخطوطة ليقول رأيه فيها فربما كان ذو فائدة لنا ...؟ >>
- << ومتى ظهر لك هذا القريب العبقري أيها التافه ؟؟ >>
- << هو خالي وقد انقطعت صلته بعائلتي منذ سنوات طويلة >>
- << لماذا ؟ >>
- << هذا موضوع يطول شرحه .. ما رأيك أن نذهب لمقابلته غداً بعد انتهاء كليتنا ؟ >>
- << موافق >>
- << إذن متى نتقابل ؟ >>
- << امممممممممممممممممم .. ما رأيك في الساعة الثانية أمام مدرج ( ...... ) بكلية حقوق حتى أكون أنهيت محاضراتي وجميع مواعيدي ..؟ >>
- << جميل اتفقنا , ولكن قبل أن أذهب إليك سأتصل بك لأتأكد أنك أنهيت محاضراتك >>
انتهت المكالمة على هذا الاتفاق ثم انتبه بعد ذلك لما كان يفعله حتى ينتهي سريعاً من إدخال المخطوطة على جهاز الكومبيوتر الشخصي ...
جالت برأسه بعض الأفكار عن ميعاده غداً مع ( أحمد ) .. ما هذا ..!!! لقد أعطى ميعاد أيضاً لـ( حبيبة ) .. ماذا سيفعل
وهنا انشغل تفكيره بأشياء أخرى بعيداً عن المخطوطة

طيف عابر
10-25-2012, 02:32 PM
- الكابوس الغريب ؟



النوم شيء مريح , وخصوصاً إن كان الشخص النائم مرهق منذ الصباح الباكر , لقد نام كالقتيل .... من هو ؟ ( يوسف ) طبعاً ... فنحن لا نتكلم في تلك القصة عن شخص أخر... إن ( يوسف ) من الأشخاص الذين إذا ناموا كانوا كالحجر ... لا يتقلب ولا يتحرك , بل تكاد تشك أنة لا يتنفس ..... فكان غريباً الآن أن نرى ما نراه عليه وهو نائم ....!!!
( يوسف ) الآن نائم على جانبه الأيسر , وهو يبدوا كالحجر في تصلبه .... ولكنه فجأة أرتعش رعشة خفيفة ...! ثم تلتها رعشة ثانية , ثم ثالثة , لو اقتربنا الآن من عينية , وفتحناهما سنرى حدقتا عينية تتقلبان في محجريهما بسرعة كبيرة نسبياً , وهذا ما يدل على أنة الآن داخل حلم .....
إذن هيا نقترب أكثر لنرى الحلم الذي يراوده الآن ...؟
( يوسف ) يقف أمام عرش كبير مطعم بالذهب , وحول هذا الكرسي المطعم بالذهب يرى ناراً تشتعل في مكان وتخمد في أخر ... ثم تخمد في المكان الذي اشتعلت فيه وتشتعل في مكان أخر , فنظر حوله ليجد أنه يقف أمام العرش والماء يحيط بهم من جميع الجهات .... وظلام الليل حالك لا يبدده إلا النار .. التي تأجج حول هذا الكرسي المذهب .... ثم سمع فجأة صوت يتردد من حوله قائلاً بصوت كالفحيح
((هليع يا من تسمعون في وادي القرنيم بحق سيدكم وبحق مقبلكم فكوا قيد بن ذاعات فكوا قيد بن ذاعات فكوا قيد بن ذاعات فيدعاهاط موسماعل بق حتى إذا أحضرتم أحرقكم المولى بحق وصيل مشموهوه شرطيائيل موهوقمي نوخيشما بهدار مخلبي * ))
ظل الصوت يردد تلك الكلمات حتى انتهى منها .... وهنا سمع ( يوسف ) صوت احتكاك جسد معدني ... كأنك أتيت بسلاسل حديدية ورميتها على الأرض ..... ولكن الصوت عالي هذه المرة بلا شك ...
المشكلة أن ( يوسف ) قد عرف أنة يحلم منذ بداية الحلم .... وحاول الاستيقاظ أكثر من مرة , ولكنة مقيد في مكانة , حتى أنة وهو يعايش الحلم صار عقلة يفكر , أين سمع تلك الكلمات ؟؟.... أين سمعتها من قبل ؟ يبدوا لي أنني سمعتها أو قالها شخص لي
كان يفكر والحلم يسير في نطاقه الطبيعي , وكأنة يشاهد فيلماً سينمائياً وله ارادتة الخاصة حيث يمكنه الخروج من دار السينما في أي لحظة ....ولكنة حاول الخروج من الحلم ولكن لا جدوى ....
وهنا رأى في الحلم أربعة رجال يمشون باتجاه الكرسي المذهب , وهم مكبلين أيديهم وأرجلهم بالسلاسل ..... ويمشون وكأنهم في حالة من التنويم المغناطيسي ....! ظل يتابعهم ببصرة حتى شاهدهم وهم يقفون أما الكرسي , ثم يعطونه وجوههم ..... كان الأربعة أشخاص مختلفين في أشكالهم ولكن تجمع وجوههم شيء واحد ..... مسحة من الحزن , نعم مسحة من الحزن تغلف وجوههم كأنهم ارتكبوا إثماً أو أذنبوا ذنباً
كان يقول في نفسه " يا ترى متى ينتهي هذا الكابوس المرعب " عندما شم رائحة شياط تغمر أنفة ..... يا ترى هذا الشياط قادم من مطبخهم وقد دخلت رائحته الحلم ..؟ أم أن أنفة يمكنها أن تشم تأثيرات الحلم ....؟ في الحقيقة لم يفكر كثيراً .... لأنة رأى من أين تأتي رائحة الشياط ....
لقد رأى الأربعة المكبلين بالسلاسل وهم يعرقون بغزارة .... ثم يصعد دخان من أجسادهم .... لماذا يصعد الدخان من أجسادهم ...؟ لأن وجوههم تسيح بالطبع ..... كان مشهد مثير للاشمئزاز أكثر من كونه مرعباً .... وجوههم تسيح وتتحول لسائل لزج يتساقط على الأرض ببطء
وهنا أحس خالد بالحر .... إن الحر هذه الأيام في الأحلام لا يطاق , يجب أن يهتموا بتركيب مبرد هواء أو مروحة في الأحلام .... ولكن الحر تحول لنار , نار شديدة يحس بها تحرق جلدة .... لا لا , إنه يسيح , يسيح فهو يشعر بذلك .... إنه يفقد القدرة على التنفس .... يسيح .. ويفقد القدرة على التنفس ويحاول جاهداً أن يأخذ شهيق فلا يجد ...كأن رئتيه مملوءة بالهواء ولا تريد المزيد .... لا إنه يموت .... لقد قرأ قديماً أن الإنسان إذا مات داخل الحلم يموت في الواقع .... إنه يشعر بذلك الآن ... إن يموت , نفسه يختنق , لا يقد على سحبة , جسده يسيح , هناك حراً لا يطاق ..... لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

* * *

اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااا
ماذا يحدث ......؟ لقد أستيقظ ( يوسف ) أخيراً من ذلك الكابوس .... ظل لحظات ينظر بعين لا تريان إلى سقف غرفته وهو يقنع عقلة أنة بخير وأن الحلم انتهى منذ مدة , وأنة حي يرزق , كان عقله يرتعد بشدة من هذا الحلم كلما تذكر أي إحساس من الذي راوده في الحلم ....
يا ترى هل سمع أحد من المنزل صراخه بعد أن استيقظ من الحلم ...؟ بالطبع لا .... في الأفلام عندما يصرخ البطل يرى الجميع يهرعون وهم يدخلون من الباب ويهدئونه ... أما هو الآن يبدوا أنة لو مات مذبوحاً فلن يشعر به أحد ....
وعندما بدأ يهدأ بدأت شفتاه تلقائياً تردد بعض آيات القران الكريم وبعض الأدعية بصوت خافض ....
وهنا أكتشف أن هناك بلل بسيط في سريرة ..... كاد أن يبتسم وهو يقول في نفسه هل عادت أيام الطفولة مرة أخرى ... ولكنة فهم من أين يأتي هذا البلل ... إن جسده بالكامل مليء بالعرق وكأنه يعمل في فرن ....!!!
عرق غزير , ودرجه حرارة جسده مرتفعه كأنة مصاب بالحمى , هو لا يفهم من أين أتى هذا العرق ولا هذه السخونة ، لكنة يعرف أنة رأى نفسه في هذا المشهد من قبل
في الحلم بالتأكيد .....!!! , هناك تفسير جاهز بالطبع لهذا العرق وتلك السخونة ... لشدة حرارة الجو بالطبع , ولانفعاله الشديد في الحلم ... نعم هذا تفسير مريح , ولكنة تذكر أن الجزء الثاني من تفسيره _ الانفعال الشديد في الحلم _ تفسير صحيح ... أما الجزء الأول من تفسيره _ شدة الحرارة _ ليس صحيحاً تماماً
ببساطة لأنة في شهر ( يناير ) أو بتفسير أخر .... هو في فصل الشتاء ... وبالتحديد في أشد أوقاته برداً إن أردت رأيي .....!!!
مد ( يوسف ) يده اليمنى يتحسس مكتبة الصغير الذي يلتصق بسريرة ليبحث عن ( موبايلة ) حتى يرى كم الساعة الآن .... الثانية بعد منتصف الليل ..... إذن علية أن ينام الآن حتى يستيقظ مبكراً للذهاب للكلية .....
أخذ يردد بعض الأدعية مرة أخرى حتى هدأ قلبه قليلاً , وقال في نفسه " عندما أصحوا من النوم يمكنني تذكر الحلم مرة أخرى ويمكنني التفكير فيه كما يحلو لي أما الآن فالحل اللذيذ هو النوم " .....
غط ( يوسف ) مرة أخرى في النوم لدرجة أنك تسمع صوت شخيره وقد بدأ يصدر .... يبدوا أن ( يوسف ) يتمتع بضمير سفاح لكي يمكنه النوم بعد هذا الكابوس
...............................
يتبع

طيف عابر
10-25-2012, 02:33 PM
تيت تيت دن تيت تيت دن تيت دن تيت تيت دن تيت تيت دن دن دن تيت دن دن دن تيت ..... يبدوا أنني لا أعزف على البيانو .... ولا العبارة السابقة جزء من تعويذة
ولكنة صوت موبايل ( يوسف ) عندما يضبطه على المنبه لكي يستيقظ .... وإن أردت الحقيقة فإن صوته مزعج فهو يزعج ( يوسف ) من النوم دائماً .....
مد هذا الأخير يده يتحسس المكتب وهو مغمض العينين باحثا بيده عن الموبايل ليغلقه كي يكمل نومه ... ولكنه تذكر أنة دائماً يترك الموبايل بعيداً عن متناول يده وهو نائم على سريرة .... وذلك مقلب يفعله في نفسه كل صباح , حيث أنة عندما يزعجه المنبه وهو نائم فإنه يغلقه ليكمل نومه ..... ويتأخر في الغالب عن مدرسته .... فتعلم ( يوسف ) أن يضع المنبه أو الموبايل بعيداً عن متناول يده وهو نائم لكي لا يغلقه ويتأخر ....
تيت تيت دن تيت تيت دن تيت دن تيت تيت دن تيت تيت دن دن دن تيت دن دن دن تيت دن دن دن تيت تيت تيت
ظل الموبايل يطلق تلك النغمة المزعجة و( يوسف ) يتأفف .... فأطلق سبة بذيئة وبدأ يفتح عينية ..... ويفكر وصوت الموبايل المزعج يتردد
لما يذهب اليوم للكلية .... لم لا ينام قرير العينين , فلا توجد محاضرات اليوم .... إذن لينام ....
وفجأة تذكر موعده مع ( حبيبة ) ثم موعدة مع ( أحمد ) فنهض كالمجنون وهو يزيح الأغطية عنة , و يتجه ناحية الموبايل ليغلقه ..... ثم دخل إلى دورة المياه لأداء الطقوس اليومية المعتادة التي تنتهي دائماً بخروجه إلى الصالة , ثم أداء صلاه الصبح بغرفته ...
كان من بالمنزل قد استيقظوا جميعاً من نومهم .... ستسألني من هم الذين بالمنزل ؟ سؤال غريب يا أخي بالطبع والدته و أخته .....
وأين والدة .....؟ إنه في إحدى الدول الأوربية يعمل هناك منذ عشر سنوات , ويعود كل عامان ليظل شهرين في مصر ثم يرحل ..... لذلك كانت أحوال ( يوسف ) المادية متيسرة , أما أمه فقد كانت تعمل في إحدى الأشغال الحكومية تلك التي لا تفهم ما هو دورهم في الحياة ... على شاكلة الهيئة العامة للتعبئة والإنشاءات التنفيذية , إن تلك المؤسسات الحكومية منتشرة في مصر كثيراً .... والعاملون بها كثيرين أيضاً ...باختصار كانت والدة ( يوسف ) تعمل في إحدى تلك المصالح لشغل وقتها , لكي لا تموت من الملل وهي تجلس في بيتها طوال النهار ......
أما أخته فكانت طالبة في المرحلة الثانوية , ويبدوا أنها من الطلاب الذين اتخذوا من التفوق منهجاً لهم .... كما يطلق عليها أصدقاءها ( الدحيحة ) , وهي لفظة عامية تعني أن هذا الشخص يهلك نفسه في المذاكرة ...
نأتي مرة أخرى لـ ( يوسف ) وهو يصلي صلاه الصبح , إنه يجبر نفسه على التركيز في الصلاة ..... ربما شرد ذهنه لحظة أو غفل ولكنة يرجع مرة أخرى ..... ولكنة في وسط صلاته تذكر الحلم الذي حلم به الليلة السابقة ..... استعاذ بالله من همزات الشياطين , حيث أنة تعلم أن تلك من همزات الشيطان في الصلاة .....
بعد انتهاء الصلاة نظر إلى الساعة ليجدها السابعة إلا الربع تقريباً ..... سيجلس ينتظر ( حبيبة ) أن ترن على موبايلة حتى يعلم أنها ستكون موجودة في الكلية بعد ساعتان .... ستأتي الرنة في خلال نصف ساعة , لأن هذا هو موعدها دائماً ... بعدها إذا لم يجد الرنة فذلك سيعني أنها لن تأتي اليوم , وسيكون علية أن ينتظر حتى ميعاد ( أحمد ) الذي أتفق معه علية أمس
وهنا تذكر مرة أخرى الحلم المزعج الذي راوده أمس ..... يا له من حلم ...! ( يوسف ) من النوع الذي لا يتذكر أحلامه ... هو يقول دائماً أنة لا يحلم , ولكن هذا خطأ شائع , فبمجرد نومك تبدأ أحلامك , ولكن بعض الأشخاص لا يتذكرون أحلامهم فيعتقدون أنهم لا يحلمون .... و( يوسف ) من هذه الفئة ..... أي الذين لا يتذكرون أحلامهم , وإذا تذكروها كانت أحلاماً من شاكلة القطط التي تطير مبتسمة .... أو يحلم بأنة يضرب شخص يكرهه ....... أو أحلام المنبه ( أي التي يدخل فيها مؤثر خارجي كطرقات باب إلى الشخص النائم فيبني له العقل حلماً ) .... ولكنة لم يحلم بهذا النوع من الأحلام قط , أو إذا أردنا الدقة هو لم يحلم بهذا النوع من الكوابيس من قبل .... كابوس ثلاثي الأبعاد , بل كابوس مليء بالأحاسيس السمعية والبصرية والجسدية ...... لقد رأى عرش أو كرسي كبير مطعم بالذهب في الحلم ....! فهل يعني هذا أنة سيمسك حكم البلاد .... ضحك للفكرة في نفسه ..
ثم ماذا عن سماعه للكلمات وهي تردد ... ؟ , تلك الكلمات هي ببساطة إحدى كلمات المخطوطة .....ولكن المشكلة أنة لم يحفظها ..... فكيف يأتي بها عقله داخل الحلم ويدمجها بهذا المشهد , هو كان سيقبل الفكرة لو كان يحفظ الكلمات جيداً .... ولكنه لم يقرأها إلا مره واحدة , بل لم يتبينها حتى ولم يدقق لها ولا لمعناها , فكيف يحفظها ...
أما هؤلاء الأربعة الذين ظهروا فربما يكون عقلة قد ربط بينهم وبين الأربعة فقراء في المخطوطة ..... نعم هذا هو الشيء الوحيد المقنع في هذا الموضوع ... لقد قرأ المخطوطة ثم تأثر بالأربعة فقراء , وتكفل عقلة بتخيل أشكالهم وإدماجهم في الحلم ...... ولكن لماذا تخيل أجسادهم وهي تسيح ..؟ لا يمكن أن يكون عقلة فعل ذلك من تلقاء نفسه ..... لأن عقلة لو كان تأثر بالأربعة فقراء الذين قرأ عنهم في المخطوطة , فذلك يعني أن عقلة سيجعله يتخيل أن ثلاثة فقط أجسادهم ستسيح .... لأن الرابع قد هرب حسب نص المخطوطة ..... هناك ثغرة في ذلك الحلم لا يفهمها ..... هو يعرف أن هناك الكثير من الجهلاء الذين ينسبون أي شيء إلى العقل , ويبحثون لها عن اسماً كبيراً غير مفهوم ..... ولكنهم جهلاء ليس لجهلهم التعليمي , ربما يكونوا على درجة عالية من الثقافة , ولكنهم على درجة كبيرة من الجهل , لأنهم عندما تعترضهم ظاهرة غريبة يطلقون عليها اسماً قوياً يرعب من يسمعه ..... وإما أن يطلقوا عليها خرافة .... وهم بذلك يشبهون الجهلاء الأميين .... فهؤلاء من ناحية ينسبون أي شيء غير مفهوم إلى العفاريت وأمنا الغولة , وهؤلاء من الناحية الأخرى ينسبون كل شيء غير مفهوم إلى العلم أو يطلقون عليها خرافة , والفريقين في الغالب خطأ .... بالطبع تلك أراء ( يوسف ) وليست آراءنا ... ولنعود الآن إلى ( يوسف ) كي لا يقاضوني ....
كان ما يحير ( يوسف ) فعلاً مسألة العرق الغزير والسخونة الشديدة التي اعترت جسده عند استيقاظه من الحلم ..... هو كان في الحلم يحترق ويسيح مثلهم .... ولكن كيف يخرج هذا الإحساس إلى الواقع الفعلي ....!! ثم لماذا يسيح هو أيضاً مثلهم ؟ إن الموضوع به حلقة مفقودة يعجز عقلة عن الوصول إليها أو استنتاجاتها ......
ربما لو سئل شـ.......
" عيون القلب ...... سهرانة مابتنامش , لا أنا صاحية ولا نايمة مابااقدرش ........ يبات الليل ... يبات سهران على رمشي ..... وأنا رمشي ما داق النوم وهو عيونة تشبع نوم "
فزع ( يوسف ) من تردد تلك الأغنية وهو يفكر في الكابوس , وبعد لحظة تذكر أن تلك النغمة المخصصة لـ ( حبيبة ) , فإذا اتصلت به سمع تلك الأغنية ......
يالا الرومانسية .... إذن فستكون ( حبيبة ) في الكلية بعد ساعتان من الآن كما اتفقا أمس .... جيد , ليذهب ( يوسف ) إلى ارتداء ملابسة , ولكن كما تعود ( يوسف ) أن يفعل كل يوم ذهب ليفعل ..... يفعل ماذا ؟ ذهب ليبحث عن أي شيء في الثلاجة يؤكل فليس عنده وقت للإفطار ..... وجد قطعه شيكولاتة يبدوا أن أخته قد نسيتها في الثلاجة , ستنتحر بالتأكيد عندما تعلم باختفائها .....
.........................................
يتبع

طيف عابر
10-25-2012, 02:35 PM
– الجامعة مرة أخرى
كلية الآداب .... يبدوا لمن لم يلتحقوا بالجامعة بعد أن كلية الآداب هي محراب للعلم , مليء بالوجوه العابسة الجادة .... ولكن في كلية الآداب جامعه ( ...... ) ترى شيئاً أخر .... ربما تبدوا المباني من طراز قديم بعض الشيء ولكنك تجد الانفتاح والتحرر , وربما بعض التشدد كذلك .... في النهاية ستجد خليطاً من الفلاحين و العمال و القطاع الخاص إذا أردت رأيي .... وستجد أيضاً كل طائفة معينة يكونون مجموعة صغيرة حيث تجمعهم بعض الصفات المشتركة ....
كان ترى خمسه من الشباب والفتيات تجمعهم بعض الصفات مثل الانفتاح والتحرر والمرح , لتجدهم يكونون مجموعة خاصة تسمي نفسها ( شله ) وهو لفظ شائع بين طلبه الكليات ..... وربما تجد مجموعة من الطلبة المتفوقين وقد اجتمعوا في مجموعة يأكلون ويخرجون ويذاكرون مع بعضهم البعض ....
وربما وجدت مجموعة من الشباب المنحرفة _ ولا خطأ في اللفظ هنا _ الذين لا هم لهم في الحياة سوى التخريب و جعل الحياة لا تطاق بالنسبة للعالم .... وتلك المجموعة الأخيرة لها هواية مشتركة بينهم ... وهي الرسوب المتكرر , والكثير الكثير من المجموعات التي ربما كان بعضها مختلطاً أو فتيان فقط أو فتيات فقط ......
وتراهم يجلسون دائما في تجمعات على المقاعد أو المدرجات أو أي شيء تتخيله ....
وكانت ومازلت كليات الآداب تشتهر بتلك التجمعات التي تراها الآن على الجانين في الممرات التي تصل مباني الكلية ببعضها , أو بين الحشائش في الأجزاء البسيطة الخضراء المزروعة على جانبي الممرات ....
هل تتذكرون أصدقاء ( يوسف ) ... ( محمود إسماعيل ) و ( مصطفى أسامة ) الطالبان بكلية الآداب قسم تاريخ ؟ جيد أنكم مازلتم تذكرون شيئاً مما رويت ....
هما الآن يجلسان في إحدى قاعات المحاضرات بمبنى الكلية , وكان إحدى الأساتذة الكبار يلقي محاضره ما عن شيء يبدوا هام له , لأنة كان مندمج في الشرح .... أما بالنسبة للطلاب فكانت على وجوههم نظرة ناعسة .... وبعضهم قد نام منذ زمن بعيد لا يدري من الدنيا شيئاً .... كان بعض الطلاب يستفيدون من الوقت الذي يشرح فيه الدكتور بأشياء أخرى , قراءة الجريدة مثلاً , أو التحدث بصوت هامس جداً عن أهم حوادث البلاد الأخيرة ....
وربما تجد طالب هنا أو هناك يدون في كشكول محاضراته شيئاً ما قاله الدكتور أو ملاحظة هامة عن المادة , ولكنهم غالباً ما يملون من كثرة الكتابة فيتركوها لأصحابها ويذهبون لممارسة أعمال أخرى كالتي حكينا عنها في السطور السابقة .....
ولكن يبدوا أن ( محمود ) و ( مصطفى ) لم يملا بعد .... فما زالا يتابعان الدكتور بشغف , ويدونون وراءه الملاحظات وأهم ما يقوله .... حتى جاءت اللحظة التي أحس فيها الطلاب بأن الدكتور سينهي محاضرته , فتبدأ وجوه الطلاب العابسة في الابتسام , والوجوه الناعسة في الإفاقة من نعاسها .... ويعلوا الصوت في قاعة المحاضرات بين الطلاب وقد أحسوا بالفرحة الغامرة لانتهاء المحاضرة ..
وقف الدكتور من على مكتبة وألقى السلام , ثم اتجه إلى الباب هارباً من المذبحة الطلابية التي ستحدث حالاً أثناء اندفاع الطلاب على باب القاعة الصغير , الذي لا يسع أكثر من أثنين من الطلاب على الأكثر ... ولكننا نرى ( محمود ) و ( مصطفى ) وهما يندفعان بين الطلاب بخفة ليصلوا إلى الدكتور قبل أن يختفي من أمام أعينهم .... لقد خرج بالفعل من القاعة , ولكنهم مازالوا يهرولون للحاق به حتى وصلوا إلية ......
- << د . يسري .... د . يسري >>
- << أيوة ....؟ >>
- << الحقيقة أننا نملك بضعه أسئلة نرجوا الإجابة عليها إذا سمح وقتك الآن >>
- << بالطبع وقتي يسمح , ولكن هيا بنا إلى مكتبي قبل أن تفرمنا أقدام الطلاب أثناء خروجهم من البوابة >>
بالفعل ذهب الدكتور والطالبان يتبعانه , حتى وصلا إلى قسم التاريخ ومكاتب أساتذته ..... فدخل الدكتور إحدى المكاتب التي يشترك بها حوالي ثلاثة أساتذة أخرين في القسم , وجلس على إحداها ثم دعا الطالبان للجلوس على مقعدين أمام المكتب .....
- << هل هناك شيء في محاضره اليوم تريدان مناقشته بشيء من التوسع ؟ >>
فرد ( مصطفى )
- << لا يا دكتور ..... المحاضرة اليوم كانت جميلة لا تحتاج لتوضيح ... ولكننا نريد أن نسألك سؤالاً تاريخياً لا يتعلق بمنهجنا >>
- << ما هو ؟ >>
- << لقد قرأنا أثناء تصفحنا شبكة الانترنت على إحدى المنتديات عن شخصية رحاله ... اسمه ... ( أحمد بن إسحاق البغدادي ) >>
يبدوا أن الاسم لم يكن له أي تأثير على الدكتور حين سمعه .... فأكمل ( مصطفى ) قائلاً
<< قرأنا أن هذا الشخص قد أتى لمصر ومر بمدينة غريبة رأى فيها أشياء غريبة تحدث , كأنه رأى شخص مات منذ سنين يحدثه ويحكي له عن أسرار عن تلك البلدة ..... وأن بن إسحاق قد ألف كتابين أحدهما يسمى ( كنز الرحلة ) على ما أعتقد , ولكن الناس قد أحرقوا كتبه ..... ولم ينج منها غير حكاية واحدة من كتابة ( كنز الرحلة ) .... حكاية قد دونها أحد تلاميذه و الذي نقلها من الكتاب قبل حرقة .... ولكن المخطوطة التي دونت بها الحكاية لم يراها العلماء حتى الآن .....
الحقيقة أننا نريد بشدة أن نعلم هل تلك القصة حقيقية أم لا , وهل هناك مخطوطة في الحقيقة أم لا >>
- << هذه المعلومات لم أسمع بها من قبل ...!! ولكن , مرا علي غداً في هذا المكتب الساعة الواحدة ظهراً , لأعطيكم الجواب على أسئلتكم >>
- << الحقيقة أننا عاجزين عن شكرك ونأسف لسؤالنا هذا الذي سيأخذ من وقتك الثمين الكثير >>
ضحك الدكتور قليلاً ثم قال
- << لا تتأسف يا بني .... فربما أنا الذي أشكركما على أنكما ستضيفان لي معرفة أخرى على ما أعرفه .... فأنا متشوق للبحث عن معلومات تاريخية عن هذا الرجل >>
شكراه مره أخرى ثم انصرفا من مكتبة .....
وهما يسيران في خارج القسم قال ( محمود )
- << ولكن لما وقع اختيارك على ( د . يسري ) بالذات , ولم تختار أي من أساتذة القسم الآخرين لسؤالهم ....؟ >>
- << أولاً : لأن تخصص ( د . يسري ) هو التاريخ الإسلامي .... ثانياً : لأنه الأكبر سناً وأكثر خبرة في قسم التاريخ في مجال التاريخ الإسلامي .... والحكاية التي رواها لنا ( يوسف ) تصنف تحت مسمى التاريخ الإسلامي لو كانت لها أسس أو جذور واقعية .... >>
- << جميل ..... لقد قمنا بما هو مطلوب منا ... والآن هل نبلغ ( يوسف ) أم ننتظر إلى أن نعرف رأي الدكتور في موضوع المخطوطة ....؟ >>
- << من رأيي أن ننتظر حتى نعرف غداً رأي الدكتور , ثم نذهب لـ ( يوسف ) أو نتصل به لنخبره بالنتيجة , وليخبرنا هو أيضاً بنتيجة بحثه في سور الأزبكية عن الرجل الذي باعة المخطوطة ... >>
- << أنا أشعر بالجوع الشديد .... ماذا عنك ؟ >>
- << أنا أيضاً , إذن هيا بنا إلى الكافيتريا لنأكل شيئاً >>


* * *

كانت علامات الذهول ترتسم بوضوح على وجه ( حبيبة ) وهي تستمع إلى ( يوسف ) , وهو يروي لها قصته مع المخطوطة منذ أن اشتراها إلى أن علم أن بأن العجوز الذي باع له المخطوطة قد مات منذ سنين طويلة ..... كانت ( حبيبة ) تصدق ( يوسف ) في كل كلمة يقولها .... هي لا تعرف لما تصدقه دائماً .....!! لكنها تحبه حقاً وتشعر بالأمان معه دائماً , ربما منذ التقت عيناهما أول مرة قبل أن تعرفه , وهي تشعر براحه وهي بجانبه .... تشعر بدفء وجودة بجانبه .... ربما لحظات أحست بأنهم قد تسرعوا بالارتباط ببعضهم البعض , لكنه إذا بعد عنها أحست كأنها طفلة صغيرة قد تركتها ماما وحيدة .... ربما أرادت أن تبكي وتضرب الأرض بقدميها كالأطفال عندما يغيب عنها .... لكنها تتمالك نفسها ....
بالرغم من أنه لا يوجد شيء يميز ( يوسف ) في مظهرة أو في طباعه , إلا أنها تشعر بقوة رهيبة عندما يكون بجانبها , ضعيفة في البعد عنة قوية في القرب منه .......
كانت قديماً تسخر من زميلاتها عندما يحكون لها عن حبهم وعن سهر الليل , والهيام وعد النجوم ... ولكنها كانت تضحك بحكمة ورزانة وتقول
<< أنكن تخلقن هذه الأحاسيس والمشاعر لأنفسكم ..... فالحب الأول هو خرافة ..... انتظرن حتى يأتي لكم العريس المناسب ثم يأتي الحب بعد الزواج .... >>
هي الآن تضحك من نفسها على كلامها القديم , لأنها قد غيرت رأيها تماماً بعد أن أحبت ( يوسف ) ...... ولكن ما الذي جذبها في ( يوسف ) .....؟
هي لا تعرف ... ولكنها تعتقد أنها أحبته لأنه لم يكن يميل لاستعراض مهاراته كلما رأته .... فكل الفتيان التي كانت تتعرف إليهم كانوا يميلون لتغيير طبعاهم أمامها , حتى تعجب بهم .... ويبدأ هذا في إلقاء النكات , وهذا في الرومانسية , وهذا في سرد حكاياته مع الأشرار .....
إلا ( يوسف ) , فقد كان على طبيعته معها ولا يتكلف شيئاً .... ولا يظهر عكس ما يبطن .... ولكن إعجابه بها كان يفضحه من نظرات عينية .....
تلك العينان التي تشعان ذكاء رهيب ... ربما تعتقد أن عينية عيني ذئب .... فيهما خبث الدنيا ..... ولكنها تعرف أن لون عينية وتكوين حاجبيه هو ما يعطون عنه هذا الانطباع الأول , ولكنها بعد ذلك أحست أن تلك العينين هي ما تعطيانها الأمان والدفء .....
إن ( حبيبة ) تعرف جيداً بعد ( يوسف ) عن الشجار أو العنف ..
ولكنها تتذكر يوم أن كانا يسيران باتجاه المترو بجانب بعضهما , ثم تعرض لهما شابان بالكلام البذيء .... لقد كانت تحث ( يوسف ) على السير وأن لا يستمع لهما .... وكانت تتوقع أن يبتعد ( يوسف ) ويكملان مسيرتهما .... ولكن الشابان أكملا تحرشهما بالسباب .... فرأت ( يوسف ) وهو يلتفت ببطء لهما , وحدقتا عينية تضيق ببطء , وحاجباه يقتربان من بعضهما ..... ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة غريبة تكاد تقسم أنها ابتسامة ذئب _ لو كان الذئب يبتسم _ يرى فريستان سيأكلهم بعد قليل .....
وفجأة رأت ( يوسف ) تحول من شيء وديع إلى إعصار ....!! هي لم تدري ما حدث من سرعته , ولكنها رأت بعد دقيقه واحدة الشابان , أحدهما مغمى علية على الأرض , والأخر يمسكه ( يوسف ) ويكيل له لكمات سريعة إلى أنفه التي تحطمت تماماً , والشاب قد انهار وهو يحاول التنفس من فمه والاعتذار ......
والشيء المضحك أنها رأت ( يوسف ) بكامل ملابسة ولم يصبه شيء , أما الاثنان الآخران فقد تقطعت ملابسها وسالت الدماء من أجزاء جسديهما , وقد كسر أنف أولهم , وكسرت يد الشاب الثاني الذي أغمى علية .....
إن الناس قد خلصت الشاب الأخير من ( يوسف ) بأعجوبة حتى أنهم رفعوه من الأرض لكي يبعدوه عنة ..... بعد ذلك أكمل معها السير وكأن شيء لم يحدث , في نفسها قد ارتعدت منه قليلاً .... هل هذا الشاب الهادئ يخفي تحت جلدة وحش همجي ؟
في داخلها كانت فرحة الدنيا تملأها .... هي كانت تريد حبيباً عادياً .... ولكنها وجدت حبيبها يمكن له أن يقتل عشرة إذا أقتضى الأمر لكي يدافع عنها .....
بالطبع قد حكت تلك القصة لكل صديقاتها وزملائها بافتخار وكأنها هي التي ضربت الشابين لا ( يوسف ) ..... إنها تشعر بالغبطة والسرور لأن الجميع يعرف أن هذا الوحش يحبها هي .... لم تكن بالطبع تحبه لأنة يجيد ضرب الناس , ولكنها ازدادت فرحاً لأنها عرفت كم يمكن أن يضحي من أجلها ..... وارتعدت فرائسها قليلاً وهي تتخيل إن هي أغضبته في يوم من الأيام بعد زواجهما ..... ربما لن يكتفي بكسر ضلع واحد لها .... ربما فعل لها مثلما فعل للشابين الذين تعرضوا لها ...!!!
نعود مرة أخرى للحكاية التي كان يرويها ( يوسف ) لـ ( حبيبة ) , والتي بمجرد الانتهاء منها نظر لها ليرى تأثير القصة عليها ؟
- << هل تريد رأيي ؟ >>
- << بالتأكيد >>
- << وهل تعدني أنك ستعمل به >>
- << أعدك أنني سأعمل به ..... إن اقتنعت به >>
- << إذن تخلص من تلك المخطوطة , ولتنهي ذلك الموضوع , فلن تستفيد منه شيئاً >>
نظر ( يوسف ) إلى الأرض وهو يفكر جدياً في التخلص من المخطوطة .... أو على أقل تقدير أن يعطيها لشخص أخر يمكنه أن يتحمل مسؤوليتها .....
ربما آن الأوان أن يتخلص منها .....
............................................
يتبع

طيف عابر
10-25-2012, 02:37 PM
- رجل المخطوطة


بمجرد انتهاء ( يوسف ) من مقابلته مع ( حبيبة ) كانت الساعة قد قاربت على الثانية فتوجه بسرعة ليقف أمام المدرج الذي اتفق مع ( أحمد ) لمقابلته عنده , وبعد دقائق تلقى اتصالاً من ( أحمد ) ليتأكد من وجودة في الميعاد أمام المدرج ... ثم قابله وغادر الاثنان الجامعة
في الطريق إلى شارع الهرم بدأ ( أحمد ) بالتحدث مع ( يوسف ) عن خاله
- << لكن أنت لم تشرح لي ماذا حدث من خالك كي تقاطعه عائلتك ..؟؟ >>
- << في الواقع لا أتذكر جيداً , لكني أتذكر أني كنت طفلاً صغيراً وكان خالي ( عماد ) يعيش معنا في نفس الشقة حتى أنة كانت له غرفة خاصة به , كان مرح وكثير الدعابة وكان يلعب معي كثيراً ويحكي لي أشياء عن أساطير لا أتذكرها لكنها مرعبة حتى أن والدتي كانت تنهره على أنة يحكي لي أشياء لا تناسب سني الصغير .. وأتذكر أيضاً غرفته التي كانت تحتل حوائطها مكتبه جداريه مليئة بكتب كثيرة جداًُ كنت أشاهد مظهرها وأنبهر بها , وكثيراً ما كنت أسمع من جدتي أو أبي أن خالي هذا يمتلك عقلية عبقرية وأنة قد ثقف نفسه ذاتياً ودرس الكثير والكثير من كتب التاريخ والأساطير و ... والسحر , وأعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي لمشكلته مع العائلة >>
كانت حواس ( يوسف ) منتبه لكلمات ( أحمد ) جيداً فأكمل هذا الأخير قائلاً :
- << كنت أسمع كلمات عن أنة يجري تجارب أو يجري اختبارات من كتبة لا أتذكر , لكني عندما أتكلم مع أحد من العائلة عن الليلة التي حدثت فيها تلك الحادثة كان يتلاشى الكلام في تلك النقطة >>
- << أي حادثة ...!! >>
- << عندما كنت صغيراً وفي ليلة من الليالي سمع الجميع جلبه في الشقة فخرجنا من غرفنا لنجد أن أثاث الشقة يتحرك للأعلى ويهتز كأن أحدهم يحركه , وكانت غرفة خالي مقفولة ولكن تخرج من ثقب المفتاح ومن أسفل عتبة الباب نور غريب مشع .. هذا كل ما رأيته ولا أتذكر الباقي .. ومن هذا اليوم غادر خالي الشقة وأنفصل عن العائلة >>
- << إذن فنحن ذاهبون لدجال .... >>
- << أعصابي .. لا تنسى أنك تتكلم عن خالي أيها الحلنبور , ثانياً : قلت لك أنة دارس للتاريخ واللغات القديمة فلا أعتقد أنة يعمل بمجال السحر ...>>
- << هل تعتقد أنة أصبح نصاب ؟؟ >>
- << اخرس ولا تتكلم بكلمة كي لا أضطر إلى قتلك كي أستريح من لسانك >>

* * *
وقف ( يوسف ) و ( أحمد ) أمام العمارة التي وصفها له خاله في التليفون بأحد الشوارع المتفرعة من شارع الهرم
كانت العمارة بسيطة المظهر تتكون من خمسة طوابق وفي كل طابق تطل منة شرفة كبيرة تحتل دور كامل .. صعد الشابان حتى وصل إلى الشقة التي تحتل الطابق الثالث ثم ضغط ( أحمد ) على جرس الباب لينفتح الباب ويظهر خلفه رجل في الثلاثين من عمرة يرتدي قميص قد شمر أكمامة وسروال من الجينز , كان يمتلك جسداً رياضياً وذو وسامة واضحة
بمجرد أن ظهر الرجل على من خلف الباب نظر إلى الشابان ثم توقفت عينية عند ( أحمد ) وظل يتمعن فيه للحظات ثم ارتسمت على وجهه ابتسامة بادله إياه ( أحمد )
تقدم الرجل ليأخذ ( أحمد ) ويضمه لصدره وهو يقول :
- << كبرت وصرت ترتدي نظارة أيها المنحوس >>
- << وأنت ازددت قوة ووسامة بعد كل تلك السنوات , هل اكتشفت إكسير الحياة >>
دخل الشابان للشقة بعد أن دعاهما الرجل الذي يدعى ( عماد )
وأنبهر الشابان بالشقة من الداخل , فبالرغم من أن العمارة من الخارج بسيطة المظهر إلا أن الشقة من الداخل كانت قمة في الإبداع .. أثاث موزع بيد لا تخرج إلا عن يد مهندس ديكور , ولوحات موزعة بطرق تدل على ذوق عالي
تتكون الشقة من صالة فسيحة موزع بها بعض التحف واللوحات مع شكل مدفئة كديكور يعطي الصالة مظهراً شديد الأناقة ..
كان الاستقبال شديد الحفاوة ودار الحوار بين ( أحمد ) و ( عماد ) عن العائلة وأخبارها وأخبار فلان وأخبار علان وتيت تيت تيت
وبعد دقائق ذهب ( عماد ) للمطبخ فنظر ( يوسف ) إلى ( أحمد ) وقال له :
- << ألم لك أنة أصبح نصاب , ما كل تلك الأناقة هل خالك يمتلك مول تجاري >>
- << لا يا سليط اللسان , خالي ورث من جدي نقود كثيراً جداً >>
خرج ( عماد ) من المطبخ وهو يحمل صفحة عليها كوبين من العصير وقطعتان ( جاتو ) على طبقين فضيين , فأخذهما منه شاكرين ثم بدأ جزء من الحوار يدور حول حياه ( عماد ) بعد أن ترك المنزل :
- << بعد تلك الليلة ذهبت لأبحث عن شقة لأقيم بها .. بالطبع كان ميراثي هو عوني في تلك الأيام , ظللت أبحث عن شقة حتى وجدت تلك الشقة فقمت بتأجيرها ووضعت باقي النقود التي ورثتها في شكل وديعة بنكية تدير علي أرباحاً جيدة كل مجموعة أشهر تكفيني لعيشة رغده .. ولكن لكي أضمن حياتي ومستقبلي قمت بافتتاح مكتباً للمحاماة فزاد دخلي والحمد لله وظللت كما أنا أدرس أي نوع يستهويني من العلوم واللغات .. وأنت ما أخبارك ؟ >>
فرد أحمد قائلاً :
- << أنا الآن أدرس بكلية تجارة .. نسيت أن أعرفك بصديقي ( يوسف ) طالب بكلية الحقوق >>
- << أهلاً يا ( يوسف ) >>
- << أهلاُ بك أنت >>
- << أنا أعلم يا خالي أن لك اهتمامات كبيرة بتاريخ الأمم الغابرة وأساطيرها .. والحقيقة أننا وقعنا في مشكلة غريبة بعض الشيء >>
- << ما هي ؟؟؟؟ >>
أخرج ( يوسف ) من جيب معطفه مجموعة وريقات مطوية بعناية ثم فردها لتظهر بوضوح لعين ( أحمد ) أن الورق هو ورق مطبوع عادي .. يبدوا أن ( يوسف ) قد طبعه عن طريق الكومبيوتر ...
أعطى ( يوسف ) الأوراق لـ( عماد ) الذي أخذها ثم بدأ القراءة بها بهدوء
ظل ( يوسف ) محدقاً بوجه ( عماد ) وهو يقرأ الأوراق والذي لم تتبدل ملامحه عند القراءة نهائياً حتى أن ( يوسف ) قد أندهش من قدرته على اخفاء أي تعبيرات خلف ملامح وجهه الجامدة أثناء القراءة
لقد كان ( عماد ) والحق يقال يقرأ بسرعة شديدة حتى انتهى من قراءة الأوراق بسرعة شديدة ثم نظر إلى ( أحمد ) و ( يوسف ) وقال بابتسامة خفيفة :
- << ممممممممممممممم .. هذه هي مخطوطة مدينة الموتى للشيخ بن إسحاق .. كيف وصلت إليك تلك المخطوطة .... ؟ >>
- << !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! !!!! >>


.................................................. ...............

يتبع

طيف عابر
10-25-2012, 02:39 PM
قال ( يوسف ) وهو لم يتخلص بعد من ملامح الدهشة :
- << هل تعرف تلك المخطوطة ؟؟؟ >>
ابتسم ( عماد ) وقال :
- << قرأت عنها في بعض كتبي منذ سنوات .. إن الذي أقبض علية بين أصابعي الآن هي صورة مسح ضوئي لمخطوطة قديمة فمن أين حصلت على تلك الصورة ... ؟ >>
نظر ( يوسف ) و ( أحمد ) لبعضيهما البعض ثم بدأ ( يوسف ) يروي قصة عثوره على المخطوطة في سور الأزبكية والمعلومات التي جمعها من على شبكة الانترنت ثم لقاءه باصدقاءة , بالطبع حذف موضوع الرجل الميت الذي باعه المخطوطة
عندما انتهى ( يوسف ) من الكلام أشار ( عماد ) لهما أن يتبعاه لإحدى الغرف في شقته , وأثناء اتجاههم قال ( أحمد ) :
- << هل تدرس السحر يا خالي >>
توقف ( عماد ) للحظة وارتسم على شفتيه شبح ابتسامة ثم أكمل السير وهو يقول :
- << أنا أعلم أن ذكرى تلك الليلة مازالت في عقلك وأنك تريد أن تعرف ماذا كنت أفعل تلك الليلة .. ولكني لكي أريح قلبك سأطلعك على المجالات التي حاولت الدراسة بها >>
كان ( عماد ) قد فتح في تلك اللحظة إحدى الغرف وأضاء نورها فتبعة ( يوسف ) و ( أحمد ) إلى الداخل ليفاجأوا بشكل الغرفة من الداخل ..
الأرضية مفروشة بسجادة فاخرة من التي تغوص بها قدمك حتى الركبة لا أعلم هل هي من نوع السجادة العجمي الذي أسمع عنة أم أنه نوع أخر , في أخر الغرفة مكتب أنيق أمامه مقعدان والمكتب نفسه مليء بزخارف كثيرة , والجالس خلف المكتب يمكنه أن يعدل وضع المقعد ليتجه ناحية اليسار قليلاً لكي يكون مواجهاً للكومبيوتر الذي يحتل الركن الأيسر من المكتب
هناك لوحة كبيرة نسبياً معلقة خلف الجالس على المكتب تمثل جماجم بشرية ذات قرون مختلطة بالدماء في خلفية من الظلال تضيف الكثير من القتامة على اللوحة
هناك أيضاً ( انترية ) ومقعدان يحتلان جزء من الغرفة يتناسق لونيهما مع لون المكتب مع لون السجادة في أناقة شديدة
أما الجدران فقد كانت مهيبة المظهر .. فعلى كل جدار هناك مكتبة ضخمة تحتل الجدار بكاملة .. وفي أحد الجدران يخرج من وسط الكتب جهاز تليفزيون وأسفله مشغل سي دي فيديو
كمية كتب رهيبة تتراص في تنظيم شديد حيث أن هناك ورقة مطبوعة على مجموعة من الأرفف تبين نوعية الكتب التي تحتلها تلك الأرفف
بدأ ( يوسف ) يحرك عينية ليقرأ العبارات التي كتبت على كل ورقة :
( فيزياء _ مباحث الوجود _ تاريخ إسلامي _ مقارنة أديان _ تاريخ هلينستي _ رياضيات _ سحر _ علم نفس _ كيمياء _ فقه _ سيرة _ مصريات.... إلخ إلخ ) هذا هي بعض العبارات التي كتبت بالعربية لأن هناك عبارات كتت بالانجليزية والفرنسية ولغات أخرى لم يفهم ( يوسف ) كيف يقرأها
كان مظهر الغرفة يجبر عينيك على أن تتفحصها شبراً شبراً بلا أي ملل
هنا توجه عماد إلى بعض الأرفف العربية والأجنبية وظل يبحث بإصبعه عن شيء ما بين الكتب وهو يقول :
- << عندما كنت طفلاً كنت أمتلك القدرة على القراءة مبكراً جداً وعند وصولي لسن الثالثة عشر استهوني كل شيء غريب وكل حكاية أو أسطورة مرعبة فكنت أشتري بمصروفي _ بعد تجميعه كل شهر _ كتب تتحدث عن أشياء الغريبة وكانت تلك الكتب دائماً ما كنت أشتريها من على الرصيف لقلة ثمنها .. واصطدمت في ذلك الوقت بكتاب عن السحر وتحضير الجن , وبدأت في محاولة تحليل العبارات والكلمات الغير مفهومة التي يتم بها استدعاء الأرواح في ذلك الكتاب فخطر في عقلي في ذلك الوقت أنة ربما كانت هناك كتب بلغات أخرى توصلني إلى تحليل تلك العبارات , وقررت أن أتعلم الإنجليزية لكي تزيد قدرتي على قراءة كتب باللغة الإنجليزية ..
وعندما طلبت من والدي رحمة الله أن يلحقني بأحد مراكز تعلم اللغة الإنجليزية وافق على الفور وشجعني على ذلك , وأظهرت أنا تفوق غير عادي حيث أنني كنت أتردد على بعض المكتبات العامة التي تحتوي على كتب بالإنجليزية وفي يدي القاموس لكي أثقل موهبتي فيها .. وفي سن الرابعة عشر كنت أقرأ وأتحدث بطريقة جيدة اللغة الإنجليزية , فأحسست أنني أريد المزيد فالتحقت بقسم تعليم اللغة الفرنسية التي أحببتها وأتقنت القراءة بها في مدة لا تزيد عن عام ونصف ..
وهنا زاد هوسي باللغات والقراءة في الكتب باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية فقررت زيادة حصيلتي فدرست اللغة الألمانية والإيطالية وكنت عضواً دائماً في أكثر من ملحق ثقافي بأكثر من سفارة وبالطبع بسبب انشغالي التام بدراسة اللغات والقراءة بها لم أحظى بمجموع كبير في الثانوية العامة فالتحقت بكلية الحقوق انتساب موجه وكان هذا بالنسبة لي قمة المتعة لأنة حقق لي إمكانية عدم الحضور الدائم والتفرغ لعلومي الأخرى ...
ومن هنا بدأت بالتردد على جميع مكتبات الجامعات المصرية والقراءة في كل المجالات التي لا تتخيلها من كيمياء إلى فيزياء إلى مقارنة أديان وكنت أفرغ جميع المعلومات التي أحتاجها في هيئة أبحاث على ورق أحتفظ بها لحين احتياجي إليها
وفي السنة الثالثة من كلية الحقوق كنت أتقن التحدث والقراءة بالإنجليزية والفرنسية والفارسية والألمانية والإيطالية و العبرية , وأجيد القراءة بالأوردية والروسية واللاتينية والسريانية وتحليل جيد للرموز الهيروغليفية والقبطية ..
ساعدني على ذلك أن والدي رحمة الله لم يبخل علي قط بالمال لكي أدرس ما أشاء بالرغم من اعتقاده أنني أدرس اللغة الإنجليزية والفرنسية فقط , المهم كنت أبحث في كل وقت عن جوهرة بين الرمال .. شيء يجعلني متميزاً عن الجميع .. شيء يتحداني كي أبحث عنة ..
وهنا تذكرت السبب الذي جعلني أبدأ بدراسة كل تلك اللغات والعلوم الأخرى .. تذكرت كتاب السحر الذي لم أقدر على فك رموزه عندما كنت صغيراً فقررت أن أركز جل مجهودي على دراسة كل ما يتعلق بالسحر والجان والأرواح وبدأت بتتبع كل ما كتب عن الخوارق في كل اللغات وفي جميع المكتبات العامة والخاصة ..
فوجدت نفسي في خلال عامان بدأت بالوصول لحقائق غريبة حول تلك الأشياء الغريبة .. وبدأت في تحليل كل ما وقع تحت يدي لأميز جيداً بين ما هو أسطوري وما هو حقيقي , وبدأت بالتجارب إلى أن جاء هذا اليوم الذي حدثت فيه تلك الحادثة بمنزلكم يا ( أحمد ) وفضلت الابتعاد عنكم لكي لا أضركم بأبحاثي وللمعاملة التي تعرضت لها من العائلة بسبب ما حدث >>
كانت أخر عبارة قالها ( عماد ) وهو يمسك بين يديه مجموعة من الكتب ثلاثة كتب باللغة العربية وكتاب بالفرنسية
وضعهم كلهم على مكتبة ثم دعا ( يوسف ) و ( أحمد ) للجلوس على المقعدين أمام المكتب وجلس هو خلفه ثم قال :
- << بالنسبة لموضوع المخطوطة هذا فهو موضوع شائك جداً وأنا لا أعلم عنة إلا القليل جداً وذلك لأنه لم يكتب عنة إلا القليل جداً جداً .. فهناك رجل فرنسي يدعى ( ميشيل أماديوس ) وهو أحد علماء الآثار الفرنسيين الذين تواجدوا في مصر في الفترة من ( 1822 – 1835 ) حيث أنة كان على رأس إحدى البعثات التي استقطبها ( محمد علي باشا ) إلى مصر عندما أراد أن يحسن كفاءة الموظفين المصريين , وكان ( ميشيل ) مرافقاً للبعثة التي حضرت إلى مصر بناء على أوامر من الحكومة الفرنسية لدراسة بعض الأشياء التي طلبت منه في فرنسا بدون علم ( محمد علي ) , وقد عادت البعثة ولكن ( ميشيل أماديوس ) قرر البقاء فترة أطول فظل عشرة أعوام يعيش في مصر بعد رحيل أفراد بعثته ..
ثم بعد عودته كتب تقرير عن الأشياء التي درسها بأوامر الحكومة الفرنسية ثم كتب كتابة الذي وصف فيه حياته في مصر وكيفية تنقله بين البلدان في صعيد مصر لدراسة المعابد الفرعونية .. كنت أنا أقرأ هذا الكتاب لإحتواءة على تحليل قيم لبعض العادات القديمة في جنوب مصر مع وصف رائع لكثير من المعابد المصرية .. ولكن .... >>
فتح ( عماد ) الكتاب المكتوب بالفرنسية وظل يقلب صفحاته قرابة الثلاث دقائق حتى وقف عند صفحة بعينيها وبدأ يجري بعينية على كلماتها ويترجمها بسهولة :
- << يقول ( ميشيل ) في تلك الصفحة أنة كان له أصدقاء من الجنوب يجلس معهم ليلاً ليتسامرا ويتحدثا في بعض الأمور , وفي إحدى الليالي قال صديق له ويدعى ( حسن ) أنة يحتفظ بشيء قيم جداً أمنة إياها رجل مصري كي يحفظها في منزلة .. وعندما استفسر ( ميشيل ) عن تلك الأمانة فقال له ( حسن ) أنها مجموعة خيشية مدبوغة عليها قصة لأحد الرجال .. فأحضر ( حسن ) تلك المجموعة وقرأها على ( ميشيل ) الذي يحكي ويقول (( لا أتذكر جيداً الكلمات التي كتبت على تلك المجموعة الخيشية ولكني أتذكر أنها تخص رجل يدعى ( أحمد بن إسحاق ) وأنة يبدوا أنة قد ذهب من الصعيد إلى القاهرة ولكنه قابل قرية مصرية في رحلته لم يجد فيها من أحياء وقابل روح رجل مات منذ سنوات أخبرته بأسرار استدعاء الأرواح لتحكم العالم وأعطته أوراق كتب عليها نص طريقة ونص الاستدعاء , وقد حاولت أن أقنع حسن بأن يعطيني تلك المجموعة ولكنة أبى حتى أن أنقل نصها لأدرسه وقد قال لي أنها أمانة من رجل أعطاها له لن يقدر على خيانتها )) ... هذا هو ما كتبة ( ميشيل ) في تلك القطعة من صفحة 238 من كتابة >>
ثم نظر ( عماد ) إلى ( يوسف ) وقال :
- << لا أخفي عليك أنني قد قرأت تلك الكلمات وقد علمت أن هناك جزء صحيح في كلمات الرجل وهناك جزء قد جاء من ثقافته وخصوصاً في موضوع الأرواح والسيطرة على العالم لأن تلك المعتقدات من الاستحالة أن توجد في العقل الإسلامي في ذلك الوقت ولكنني أردت التأكد فعلمت أن هناك عالم عربي لم يهتم به التاريخ كثيراً لضياع كتبة بالكامل تقريباً وهذا العالم يدعى ( أحمد بن إسحاق البغدادي ) .. وانتهى بحثي عند هذا الحد وقد قاربت على نسيان هذا الموضوع نهائياً , حتى صادفني كتاب للكاتب ( أحمد مجدي عبد اللطيف ) يدعى ( الأساطير بين العقل العربي والغربي ) طبع في عام 1993 وهو كتاب جميل وشيق يتحدث عن أساطير العرب القديمة كالغول و الجن والأساطير الغربية كالأساطير اليونانية وتأثير تلك الأساطير على معتقدات الشعوب وعقولها في العصر الحديث , وفي إحدى فصول الكتاب خصص ثلاثة صفحات يتكلم فيهم عن الرحالة ( أحمد بن إسحاق البغدادي ) وحياته وحكايته مع مدينة الموتى التي قابلها في رحلته إلى القاهرة من صعيد مصر وكيف أنة أبلغ الحكومة المصرية ولكن الحكومة المصرية نفت كل شيء عن وجود قرية في المنطقة التي حددها ( بن إسحاق ) لهم .. وكانت نهاية بن إسحاق هي اختفاءه وحرق كتبة .. وقد قال الكاتب في الكتاب عن تلك الأسطورة أن هناك حلقة مفقودة في تلك الأسطورة لم يقدر على تحديدها لأن العقل العربي قديماً لم يقدر على اختلاق أساطير تقوم على وجود أموات يتحدثون أو يقومون بعمل أي شيء في الحياة المادية , ولكن وجود شخصية بن إسحاق حقيقية وكتابة حقيقي الذي تحدث عنة عن المدينة الغريبة , لكن هل تناقل الناس تلك الحكاية وحرفوا بها لتصلنا بهذا الشكل ؟؟ .. وعند قراءتي لذك الكتاب قررت أن أبحث بجدية أكثر عن تلك الحكاية وكنت محظوظاً حيث أن مؤلف الكتاب كان قد كتب المراجع التي أخذ منها هذه الأساطير فرجعت إلى المراجع العربية وكانت ستة مراجع فوجدت ضالتي في مرجعين منهم .. >>
أعطى ( عماد ) الكتاب الذي يتحدث عنة إلى ( أحمد ) ليتصفحوه .. ثم أمسك بالكتابين الأخرين وقال :
- << وجدت المرجع الأول هو كتاب ( صف الرواة وأحاديثهم ) لعبد الله بن جندب بن نافع .. وقد حققه الباحث العربي ( د . كرم محمد القحطاني ) , ووجدت في هذا الكتاب الذي يتعدى الـ 500 صفحة ذكر في أحد الأبواب أخبار ( بن إسحاق ) مأخوذة من مجموعة من الرواة والذي يقول المؤلف أن ( بن إسحاق ) كان له الكثير من التلاميذ وخاصاً في فترة إقامته بمصر حيث كانت له حلقة علم بالجامع الأزهر وله تلاميذه .. ولكن بعد أن أنتشر كتابة بين تلاميذه من خلال تلميذة المقرب ( عبد الرحمن بن ابراهيم ) الناسخ المشهور لكتابي ( بن إسحاق ) تم اتهامه بالزندقة وهي تهمة رهيبة إن أردت رأيي فهي تدل على أكثر من صفة تصل إلى وصف الشخص بادعاء الإسلام ولكنه كافر من داخلة ويحاول أن يفسد في الأرض ... وبدأ الأمر بإحراق كتبة ثم اختفى بن إسحاق تماماً وظل تلميذة ( عبد الرحمن بن إبراهيم ) الذي قيل أنة سجل مقتطفات هامة من كتب شيخه ( بن إسحاق ) لم يبقى منها سوى مجموعات قليلة لم يتم وصول أخبار لنا عنها إلا من خلال رجل من الصعيد قال بأنة رأى مخطوطة تحكي عن مدينة كل من بها أموات منذ سنوات طويلة وأن المخطوطة مع رجل من أهل الجنوب يحفظها في منزلة كأمانه يتوارثها هو وأهله حتى يأتي الرجل الذي أئتمنه عليها , أما ( عبد الرحمن بن إبراهيم ) فقد اختفى تماماً بلا أثر وقيل أنهم وجدوا جثته بعد سنوات وقيل أنة لم يعثر له على قبر حتى الآن ..!!!
وذكر أيضاً عبد الله في كتابة بعد الروايات التي رويت عن المخطوطة التي يخبئها الرجل الجنوبي فمنها رواية تقول أن ( بن إسحاق ) قد دخل مدينة للجن وقابل أحد أفرادهم , ورواية أخرى تقول أن ( بن إسحاق ) دخل القرية المصرية التي تدعى ( أولاد العشاب ) والتي اختفت منذ سنوات في القرن السابع عشر ومات أهلها إثر وباء ..
وهناك راوي قال بأن هناك رجل حكى له أن هناك ساحر فارسي قد حضر لمصر واختار أربعة مصريين ليقدمهم ليقوم بعهد مع الجن ليجعلهم أغنياء .. وعند دخول ( بن إسحاق ) للمدينة قابله أحد الرجال الذين ماتوا وأهداه الطريقة التي يستدعي بها الجن ليجعله هو أيضاً من الأغنياء >>
أعتقد أن ( يوسف ) و ( أحمد ) قد سال لعابهم خارج أفواههم من الكلمات التي يتلفظ بها ( عماد ) الذي سكت قليلاً ليبتلع ريقه ثم أخذ بعدها كتاب من أمامه وقال :
- << وأخيراً هذا الكتاب الذي يعتبر بحث لنيل درجة الدكتوراه عن الأساطير ولكن هذا الكتاب ذكر فيه الباحث شيء شديد الغرابة ..>>
- << ما هو ..!!! >>
- << لقد افترض صاحب هذا البحث وجود تلك المدينة فعلاً واستعان ببعض الخرائط في مجموعة من الحقب التاريخية قبل القرن الثامن عشر بمصر .. وقد قارن بين تلك الخرائط وبين الخرائط الحديثة وبدأ بتوقع مكان القرية القديم التي وجدت برغم صعوبة تحديد أماكن القرى المصرية قبل القرن الثامن عشر وخصوصاً لأن تلك الفترة كانت مليئة بالثورات كثورة محمد أبو الدهب والصراعات الداخلية بين الولاء والسلطان العثماني .. كما ترى يا ( يوسف ) أن هذا الباحث قد أخذ تلك الأسطورة على محمل الجد وبحث وقرر أنة هناك مدينة بالفعل في هذا المكان وهناك احتمال حقيقي لفناء تلك المدينة أو القرية بسبب انتشار سريع لوباء ( يعتقد الباحث أنة الكوليرا ) وتم إهمال القرية من الحكومة المصرية خوفاً من الوباء حتى زاراها ( بن إسحاق ) وحكى عنها في كتابة ثم نقلها ( عبد الرحمن بن إبراهيم ) في أوراقة بكنية مدينة الموتى حتى انقطعت أخباره وانقطعت معه أخبار المخطوطة التي كتبها

............................................
يتبع

طيف عابر
10-25-2012, 02:41 PM
- << إذن هذه المخطوطة حقيقة ؟ >>
قالها ( أحمد ) وهو ينظر إلى خالة مستفسراً فرد ( عماد ) قائلاً :
- << نعم ولكن ربما كان نصاً مزوراً .. سأحكم عليها عندما أرى المخطوطة الحقيقية .. >>
- << أنتظر هل تعتقد من قراءتك لها أنها مزيفة ؟ >>
فكر ( عماد ) ملياً وهو مطرق الرأس ثم نظر إلى عيني ( يوسف ) وقال :
<< بل أعتقد أنها حقيقية مائة بالمائة >>
أخذ ( عماد ) الورق مرة أخرى من ( يوسف ) ثم فضة وبدأ بالكلام :
- << هناك شيء يحيرني في تلك الكلمات .. فهي تحتوي على بعض أسماء ملوك الجان بالنطق السرياني كما أن .. >>
- << ما هي تلك اللغة السريانية ؟ >>
- << هي لغة قديمة تعرف باللغة السامية نسبة لسام بن نوح ..وتعتبر تلك اللغة من أهم اللغات التي يجب تعلمها من جانب أي باحث .. فهناك مخطوطات كثيرة وصلت إلينا وهي مكتوبة باللغة السريانية , فعندك مثلاُ النبي دانيال الذي كتب بهذه اللغة الكثير من نبؤاته بها والذي تعلمها أثناء وجودة كأسير في بابل , وكانت تلك هي اللغة الدارجة في أورشليم في زمن ( عيسى ) علية السلام وظلت موجودة بعدة لأكثر من سبعة قرون ..
ويبلغ عدد حروفها اثنين وعشرين حرفاً كلها ساكنة ليس بها حروف علة كلغتنا العربية .. >>
ثم أكمل ( عماد ) حديثة قائلاً :
<< تلك الأسماء هي نطق لأسماء بعض ملوك الجان بعضها سرياني والأخر نطق عربي ولا أعلم سبب الاختلاف .. هناك كلمات أعتقد أنني لا أفهمها ولكني أفهم أن لإجتماع حروفها شيء يثير الرهبة في نفسي فهو ليس اجتماع عشوائي للحروف ...!!!
الكلمات العربية تشير لأكثر من شيء لا يمكنني تحديدها .. يمكنك أن تتركني مع ذلك الورق لأستعين ببعض المراجع ربما توصلت لشيء هام ... ولنظل على اتصال ببعضنا البعض >>
هنا قال ( أحمد ) لخالة وهو يبتسم :
- << إذن فأنت تخبرنا بكياسة أن الزيارة قد انتهت >>
هب ( عماد ) من على مقعدة غاضباً وهو يلوح في وجهه ( أحمد ) أن ما يقوله ليس صحيحاً وأن تلك الكلمات لا يجب أن تقال , فضحك ( أحمد ) وهو يخبر خاله أنة يضحك معه لا أكثر
- << أستاذ / عماد .. قلت أنك قرأت كثيراً عن السحر فهل هو موجود في رأيك ..؟؟ >>
نظر ( عماد ) إلى ( يوسف ) ثم قال :
- << السحر موجود فعلا ولن أتي أنا لأقول لك أنة خرافة .. فلو كان كذلك لما كان له هذا التاريخ الطويل منذ ألاف السنوات .. وبالرغم من تعدد البلاد التي مورست فيها السحر إلا أن هناك مباديء واحدة تجمعها كلها ... >>
- << كيف ؟ >>
- << تشكل الثقافات مفهوم الشخص الذي يعيش داخل بيئتة فإذا أتيت بإعرابي وجعلته يصف لك كائن أسطوري من مخيلته لوصف لك وحش كبير غير محدد الملامح يمكنة أن يأكل لحم البشر .. وإذا أتيت برجل أوربي لوصف لك وحش ضخم كبير ذو أنياب يأكل أيضاً لحم البشر التائهين .. إذن هناك أشياء مشتركة في الثقافات وموحدة مع اختلاف وصفها بين حضارة وأخرى فترى حضارة تطلق على الساحر أنة يقوم بعمل عقد مع الشيطان وترى الثقافة العربية تقول أن الساحر يقوم بعمل عهد مع الجن وثقافة أخرى تقول لك أن الوسيط يستعين بالأرواح لخدمته ..!!!! ألا تلاحظ تشابة الفكر في كل ما سبق إذن هناك نواه تراها مع كل الثقافات ولكن تختلف من بيئة لأخرى >>
- << وكيف كان السحر قديماً ؟؟ >>
- << لا أعرف لما عندما يذكر أحدهم كلمة السحر يبادر إلى ذهنك مشهد امرأة شمطاء تطير في الهواء على مكنسة وترتدي قبعة مضحكة .. قديماُ كانت محاكم التفتيش تستعين بكتاب ( مطرقة الساحرات ) كي يحكاموا أي ساحر ويقضوا علية .. >>
- << تفتيش ؟؟ مطرقة ..!!!>>
- << كتاب ( مطرقة الساحرات ) أو ( ماليوس ميلفيكاروم ) كتب باللاتينية وقد كتب على يد اثنان من رهبان الدومنيكان فتم نشرة في القرون الوسطى من قبل الكنيسة الكاثوليكية وهو يتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية :
الجزء الأول وهو يعالج ويوضح التعامل مع حدوث السحر من خلال الثلاثية المعروفة ( الساحر والشيطان ومشيئة الرب )
الجزء الثاني وهو يوضح بالتفصيل كيف يقوم الساحر بكتابة السحر وعملة وشروطه وكيفية إبطاله ومواجهته
الجزء الثالث وهو في رأيي أشنع جزء ممكن حيث يتم فيه الحث من قبل الكنيسة للمسيحي المؤمن بكيفية تقديم كل من يشتبه به في ممارسة السحر إلى محاكم التفتيش بدون أي دليل مادي وهذا الجزء الأخير الذي كان سبب رهيب من أسباب حرق ألاف الضحايا الأبرياء لمجرد الاشتباه فقط بلا وجود دليل ...
أما عن محاكم التفتيش ففي العصور الوسطى تم انشاءها في أوائل القرن الثالث عشر رسمياً عن طريق البابا ( جرينوار ) ومهمتها محاربته الهرطقة أي من يخرج عن التقاليد المسيحية بأي شكل من الأشكال .. وقد أعدمت تلك المحاكم الكثيرين من الفلاسفة والكتاب والعلماء بتهمة الهرطقه .. وكانت لهم أساليب لا أعتقد أنك ستسر بسماعها فيكفي أن أقول لك أنهم بعد أن يتهموا أي شخص بالهرطقة يجب أن يعترف بذنبه بلا مناقشة ويتوب وإذا عارض فإنهم يربطونه إلى عمود ثم يشعلون النار في جسده .. وحتى عندما يعلن توبته فإنهم يشكون بها ويبدؤا في تعذيبة بطرق وحشية ليس قلع العيون وكسر العظام بأكبرها حتى يثقون أنه قد تم تطهيره .. وفي الغالب يحرق في النهاية .. أما بالنسبة للساحرات فإنهم تسببوا في قتل مئات الألاف من النساء البريئات لمجرد بلاغات غير مقرنة بدلائل على أنهم يمارسون السحر , فكما قلنا أن الكنيسة الكاثوليكية كانت تحث المواطن المسيحي على الابلاغ عن أي شخص يشتبه في ممارسته للسحر أو لأي شيء مشابه له ... وبدأت المذابح على يد محاكم التفتيش بسبب تلك البلاغات >>
نظر ( أحمد ) لخاله بإنبهار وهو يقول :
- << يبدوا أنك تمتلك الكثير من المعلومات .. ولكن مازلت أريد معرفة ما هي التجارب التي كنت تقوم بها ذلك اليوم في شقتنا ..؟ ولما لا تريد الإفصاح عنها حتى الآن ؟ >>
أراح ( عماد ) ظهره قليلاًُ للخلف ثم قال بابتسامة صفراء :
- << يبدوا أنني سأضطر أن أخبرك جزءاً من الحقيقة ..>>
قام ( عماد ) من مقعدة وبدأ يسير في الغرفة وهو يقول مفكراً :
- << هل يمكنك رؤية الجن والشياطين ؟ لا بالطبع لماذا إذن ؟ .. هل هذا لطبيعة في جسد الجني أو الشيطان نفسه أم طبيعة في عينيك أنت ..!! ذلك الموضوع اصطدمت به أكثر من مرة قديماً في قراءاتي حيث ترى في السحر الأوربي أن الجن أو الشيطان يتمثل في صورة شخص كي تراه أنت وكي يحدثك وأنك لن تراه على صورته الطبيعية .. ونفس الأمر في التراث العربي أن الجن لا يمكنك رؤيته أبداً إلا إذا تمثل لك في صورة حيوان أو صورة شخص عندها يمكنك التعامل معه بل وقتلة لأنة يكتسب الصفات البشرية بمجرد تمثله في شكل بشر ولكن ظللت أفكر أن الجن يفعل شيئاً لكي يمكنني رؤيته ولكن لما أنا لا أفعل شيئاُ كي أراه على طبيعته هو ... >>
- << !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! >>>
- << ما هو العضو المسئول عن الرؤية في الجسد ؟؟ العين بالتأكيد .. إذن فالعين هي مجرد اله لنقل الصور إلى داخل مركز الإبصار في المخ من خلال العصب البصري .. إذن العين هي ناقله للإشارات فقط ويتم ترجمة تلك الإشارات في المخ على هيئة صور بصرية .. ظللت أفكر ماذا لو كانت العين تلتقط الإشارات العادية وتظهرها في هيئة صور في المخ عند ترجمتها في مركز الإبصار في المخ .. فربما كان المخ لا يترجم بعض الإشارات التي لن يقدر على ترجمتها , فسرعة طلقة الرصاصة المخ يترجمها على أنها لهب يضيء لجزء من الثانية ويختفي .. بالرغم من أن الرصاصة تمر من أمام مركز الإبصار ( العين ) ثم تقوم هي بنقل المشهد إلى إشارات فيترجمها المخ على هيئة وميض وفي بعض الحالات لا يمكن ترجمة الإشارات نهائياً ولا يصبح لها مردود فعلي في المخ فيتم إهمالها
كان تفكيري يجعلني دائماً أتسائل هل الحيوانات ترى الموجودات مثل البشر أم يختلف منظور الحيوان عن منظور الطائر عن منظور الحشرة عن منظور البشر ؟؟؟
بالفعل هناك اختلاف ولكن هل هذا يرجع إلى اختلاف هذا الشيء وعدم ثباته ..؟ أم إلى اختلاف قدرتنا نحن ؟؟ لماذا الذين يصابون بطول نظر أو قصر نظر أو عدم التمييز بين الألوان يرون الأشياء بطريقة غير التي يراها الشخص العادي ؟؟ إذن فهناك حقيقة واحدة للأشياء ولكن كل منا يراها بمنظور مختلف فلذلك كانت لنا عدم القدرة على رؤية الجن والعفاريت .. ولكن هم يقدرون على رؤيتنا .. وقد كانت تلك حكمة الله سبحانه وتعالى في كتابة العزيز في قوله :
((إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ )) [الأعراف: 27]
إذن فقد انتفت تلك القدرة في الإنس ولكن الجن يمكنه رؤيتنا .. ماذا لو أمكنني أن أرى الجن ..!!!>>
- << ترى الجن ؟ >>
- << نعم , لما لا فإنك ترى في مجمع الكتب التي تكلمت عن السحر طرق كثيرة لاكتسابك قدرة على رؤية الجن سواء رؤية لحظية أو لأيام أو لسنوات .. كنت مجنوناُ في صغري فبدأت بعمل مقارنات بين كل تلك الطرق وحصرها واستبعاد الطرق الخيالية منها وفي النهاية تطبيق الطرق التي يعتقد أنها صحيحة لمحاولة جعل المخ يترجم الإشارات التي تصله ولا يترجمها .. >>
- << إذا هل نجحت ورأيت الجن ...!!! >>
قالها ( يوسف ) بلهفة شديدة فرد ( عماد ) وهو يعود لمقعدة :
- << لك أن تخمن ..... >>
- << إذن قد رأيتهم >>
- << ربما أراهم .. ربما أشعر بهم .. ربما أراهم في أوقات ثوراتهم , ربما أرى أجزاء منهم .. يمكنك التخمين يا ( يوسف ) .. ربما ستعرف قريبا يا بني >>
- << ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ >>
ظل ( يوسف ) ينظر لعيني ( عماد ) طويلاً حتى قال ( أحمد ) :
- << إذن متى تنتهي من بحثك وراء تلك المخطوطة ؟ >>
- << لا أعلم ربما يومان أو ثلاثة ولكنني لن أبحث وراءها كثيراً فأنا أبحث عن الكلمات ومعانيها وما الغرض منها ... >>
قام ( أحمد ) و ( يوسف ) من مجلسيهما وهما يعتذران لـ ( عماد ) لأنهما تأخرا عن ميعاد هام بالرغم من أن ( عماد ) ظل يحلف بالطلاق على أنهم سيتناولون الغداء معه ولكنهم أصروا على الرفض ....وعندما كان يوصلهم إلى باب الشقة توقف وجعل ( أحمد ) يقف هو أيضاً بينما ظل ( يوسف ) متجهاً لباب الشقة بدون أن يلاحظ تلك الوقفة ..
قرب ( عماد ) فمه من أذن ( أحمد ) وهمس قائلاً :
- << صديقك هذا يتبعه ثلاثة من الجن أينما ذهب .. أنا لا أرى أشكالهم لسبب لا أعلمه ولكنهم ثلاثة ويسيرون كظله , حاول أن تكون حذراً ..>>
نظر ( أحمد ) لخالة وقد اتسعت حدقتا عينية في فزع ..!!!!!!!!!!
.................................................. ...................

يتبع

طيف عابر
10-25-2012, 02:44 PM
- لقاء مع الشيخ



بعد أن انتهى لقاء ( يوسف ) و ( أحمد ) مع ( عماد ) أنفصل الاثنان عن بعضيهما على وعد باللقاء والمتابعة في هذا الموضوع ..
وعند اقتراب ( يوسف ) من منزلة سمع أذان العشاء فعاد للمسجد القريب من المنزل لكي يصلي العشاء ثم يعود لمنزلة ..
كانت صلاه العشاء قد انتهت في ذلك المسجد القريب من منزل ( يوسف ) , ونحن الآن نرى ( يوسف ) يتجه بعد الصلاة إلى ( الإمام ) ويجلس بجانبه ..... فنظر له ( الإمام ) ملياً وهو مبتسم , ثم قال :
- << السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .... أعتقد أنك ( يوسف ) ؟ أليس كذلك ؟ >>
ابتسم ( يوسف ) لتبسط الشيخ وقال
- << بلى يا شيخ ... كيف حالك ؟؟ >>
- << الحمد لله يا بني .... وكيف حال دراستك وحال الحياة معك , تبدوا مهموماً أو كأن الإعياء قد استبد بك >>
كان إمام المسجد شاباً في أوائل الثلاثينات , حسن الوجه والصوت , يطلق لحيته , طويل القامة ......
وكان ( يوسف ) يرتاح بالاستماع إلى دروسه , وإلى خطبة الجمعة , كان شيخاً شاباً ..... مرحاً إلى أقصى الحدود ... فخالد يشعر وهو يتكلم معه بالهدوء النفسي والاطمئنان ...
لذلك لم يجد ( يوسف ) من يسأله عن أي سؤال يخطر بباله إلا هذا الشيخ ......
- << الحقيقة يا شيخ ( محمد ) لقد أردت أن أسألك سؤال حول مسألة الجن وتسخيرهم ....؟ >>
- << أه ... قضية الجن ..... تفضل يا بني اسأل >>
- << أولاً : هل يمكن تسخير الجن ؟ لأني سمعت الكثيرين يقولون أن الجن موجود فعلاً ولكن لا يسخر .......!!
ثانياً : هل الجن يمكن أن يؤذي الإنسان بالفعل ؟
ثالثاً : هل يمكن لكلمات بسيطة أن تؤثر في الجن أو تسخره ؟ >>
ابتسم الشيخ بهدوء وقال
- << إنك تتحدث الآن في قضية شائكة بالنسبة لكثير من العلماء .. لأنها من الغيبيات , والتي يتجنب الكثيرين الخوض فيها حتى لا يجدفوا .. ولكن قبل أن أحدثك عندي سؤال .. هل أتيت من منزلك أم كنت في موعد في الخارج وأتيت إلى صلاه العشاء قبل أن تمر على المنزل ..؟ >>
نظر ( يوسف ) باندهاش وقال
- << لقد كنت في الخارج بالفعل ولكني لم أذهب للمنزل بعد بل جئت إلى المسجد لألحق صلاة العشاء ...؟ >>
- << جميل جداً .... إذن نكمل الكلام في منزلي ... حتى يمكنني الاستعانة ببعض المراجع .... ولأنني أدعوك على العشاء معي ولا تحاول الرفض لأنك لن تجد مني مخرجاً >>
ابتسم ( يوسف ) بإحراج وهو يقول
- << اعذرني يا شيخ .. سآتي لك في يوم أخر ولكني أشكرك على دعوة العشاء >>
- << اسمع .. ستأتي معي إلى المنزل لنتعشى سوياً .. وستأكل من يدي , لأني لست متزوجاً .. ولا تخف سيعجبك الطعام ولكني أحذرك من الإسهال >>
ضحك ( يوسف ) ثم بدأ في إبداء الأعذار ولكن الشيخ كان مصراً وهو يضحك, وظل يقنعه حتى وافق ...
فذهبا معاً إلى منزل الشيخ .....


* * *

كانت شقة الشيخ تقع على بعد شارعين من المسجد , وكانت فخمة بطريقة تظهر بأنه متيسر الحال ..... فعندما دخل ( يوسف ) إليها تنحنح قبل الدخول , فقال له الشيخ أنه يعيش وحيداً منذ سنين فليدخل ولا يخف ....
كما قلت كانت شقة فاخرة وكانت طريقه اختيار الأثاث تظهر جانباً من البساطة والذوق ..
كانت هناك بعض النباتات المنتشرة بطريقة تريح العين .. إن من أثث هذه الشقة يجب أن يكون ..
- << مهندس ديكور .. هذا هو تخصصي الأساسي >>
كانت تلك العبارة من الشيخ وكأنه قرأ أفكار ( يوسف ) ...
أعد الشيخ عشاءاً يتكون من المكرونة وبعض صدور الدجاج , وبطاطس محمرة , لم يفت بالطبع على ( يوسف ) أن يميز خبرة الشيخ في إعداد الطعام بالرغم من كونه سهلاً للجميع إعداده ... لكنة كان متقناً في الطبخ والتقديم كما يبدوا ... وبعد أن انتهوا من الطعام وغسلوا أيديهم .. وأعد الشيخ كوبين من الشاي الساخن , بدأ الشيخ في الكلام .....
- << موضوع الجن هذا يا بني كما قلت لك من المواضيع الشائكة التي يتجنب الكثيرين التدخل فيها لأنها من الغيبيات , لكننا نمتلك عنهم معلومات كثيرة في ديننا الحنيف , مثل القرآن والسنة النبوية المطهرة والتابعين والخلف الصالح ... فمن ما سبق نقدر على تكوين خلفية عن عالم الجن لا بأس بها ...
ولكن احذر من شيئين ...أولاً : أن تنسب كل فعل إلى الجن والعفاريت ... ثانياً : أن تنفي كل الأفعال عن الجن >>
- << لم أفهم النقطة الأخيرة ؟ >>
- << أقصد أنه عندما يحدث لك أي مرض أو أي شيء غريب أن تنسب ذلك للجن والعفاريت , وتهرع للدجالين والسحرة , أما النوع الثاني من الأشخاص من ينكر وجودهم أصلاً أو ينكر أنهم يقدرون على الإتيان بأفعال في عالم البشر ... اجعل نفسك دائماً في موقف وسط فلا تنفي كل شيء , ولا تنسب كل شيء >>
- << فهمتك يا شيخ ... ولكن ماذا عن الثلاث أسئلة >>
- << أعتقد أن السؤال الأول : هل يمكن تسخير الجان ؟ وإجابته هي شيء بسيط جداً ... أنك إذا ذهبت الآن إلى مدير إحدى الشركات , وظللت تتودد له بالهدايا والكلام الجميل , ثم بعد أيام من هذا التودد والتذلل طلبت منه أحد الأشخاص الذين يعملون في شركته لمساعدتك في بعض أمور متعلقة بمهنتك ... سيعطيك مدير الشركة أحد عماله لكي يساعدك في أعمالك لأنك مجدته وأظهرت قدر من العظمة له ... والآن إذا قصر هذا العامل الذي أعطاه لك المدير في عملة معك ماذا ستفعل ...؟ هل ستعاقبه ؟ أم ستذهب للمدير لتشكوه منه ليعاقبه ..؟ بالطبع العامل لا يخاف منك فهو قادر أن يتركك في أي لحظة ... لكنة خائف من عقاب مديرة الأصلي ... أليس كذلك ...
إن لكل طائفة من الجن سيد ... ولكل مجموعه طوائف عشيرة تجمعها , وهكذا وهكذا .... فإذا أراد الساحر أن يجعل له خداماً من الجن , فإنه يظل يتودد إلى كبار الجن الكافر والفاسق بالكلام الذي يبجله ويعظمه عن ذات الله عز وجل ... وبتقديم القرابين التي يذكر عليها اسم ملك الجن أثناء ذبحها .. والتي توقعك في دائرة الكفر , فيظل التودد هكذا إلى أن يرسل لك هذا الملك أو قائد العشيرة أحد خدامة الذين يعرفون طلباتك ويرسلها لملكة في ثوان ... ويتم عمل معاهدة بينك وبينهم ... وهذه المعاهدة إذا خالف فيها الإنسي أي من شروطها فإن العقاب في الغالب يكون سريعاً جداً ... فمثلاً أن يطلب منك أن تذكر اسم الملك كل ثلاثة أيام الف مرة في الليلة ... وفي مقابل ذلك يجعل لك خادم من الجن يساعدك في شئونك ... وبهذا تكون أنت سخرت خادم أو خادمان يمكن أن يخدماك ...
هذا غير أنه قديماً ما كان المسافرين يستعينون بالملوك الجان لحراسه قوافلهم أثناء رحلاتهم , وكانوا يقسمون على ملوك الجان بحمايتهم
بالطبع ما ذكرتها لك هي طريقة واحدة من طرق كثيرة جداً في تسخير الجان واستدعاءه , إذا أردت ذكرت لك ما أعرفه منها ...؟ >>
- << أشكرك فقد اقتنعت بإمكانية التسخير , وفهمت العلاقة بين الساحر والجن ...
ويا ترى ما هي إجابة السؤال الثاني .... الذي يقول : هل يمكن أن يؤذي الجن الإنسان ؟ >>
ضحك الشيخ وقال
<< أه أنت تتكلم في نقطة هامة جداً جداً ... فالجن يمكن أن يؤذي الإنسان بالفعل عن طريق أكثر من طريقه ... مثل اللبس والمس والتأثير من بعد , والكثير جداً , ولكن الموضوع ليس مفتوحاً كما يعتقد البعض , فعندما مثلاً يصاب أحد الأشخاص بالصرع أو أي مرض نفسي فإنه ينسبه إلى الجن بلا شك , وهذا لا ينفي أن الجن يمكن أن يصيبك بالصرع ولكنة أيضاً لا يعني أن أي حاله من الصرع مثلا هي من فعل الجن ...
فالجن عالم كبير , وله قوانينه التي تحكمه وتمنعه من الاقتراب من البشر ... وأتكلم هنا عن الجن لا الشياطين ... فالجني يعيش حياته ولا يحتاج للإنسان في شيء ... وهو ممنوع من الفساد بين البشر ... هذا غير أنه يجب أن يمتلك الجني مقدرة كبيرة للتأثير في عالم البشر ... ولكن ... للجن قدرات كبيرة جداً لن نفهمها الآن بالطبع ... ولكنها قدرات تحدث تأثيراً في عالم البشر وتأثير كبير إن أردت رأيي ... وسأحكي لك عن قصة ذكرت عن العلامة ( بن القيم الجوزي ) رحمة الله في كتابة المشهور ( العرائس ) :
(- اتفق لبعض طلبه العلم أنه سافر وساح في ارض الله , فبينما هو في برية واسعة بين جبال , إذا اشتدت علية الظهيرة ... فأخذه من العطاش ما أخذه , فصار يلتفت يميناً وشمالاً أن يرى خضرة أو طير فلم يجد شيئاً من ذلك , وإذا هو برجل قد أقبل وسلم علية , وقال له لعلك ظمآن , قال بلى . فأجلسه تحت وهده من الجبل وغاب قليلاً , ثم أتى إليه بخبز ساخن كأنما خرج من تنور , وقثاه خضراء رطبة , وماء بارد , فأكل وشرب حتى ردت روحه , وذهب ما به من ألم العطش والجوع والتعب وحمد الله تعالى , ثم قاما معاً حتى ظهرت لهما مدينة من بعيد , فقال له الرجل قد صار لي عليك حق وذمام ( أي عهد ) , وأنا رجل من الجان ولي إليك حاجة , فقال له يا أخي ما حاجتك , فقال إذا أتيت إلى مكان كذا من هذه المدينة فإنك تجد فيه دجاجاً بينهن ديك أبيض , فاسأل عن صاحبة واشتره منه واذبحه , فهذه حاجتي , فقلت ذاك مما لك علينا من الحق , وأنا أيضاً يا أخي أسألك حاجة , فقال ما هي , قلت له إذا كان الشيطان لا تعمل فيه العزائم , وألح الآدمي فما دواؤه , فقال يأخذ له وتر من جلد اليحمور ( وهو الحمار الوحشي ) فيشد به إبهام المصاب شداً وثيقاً , ويأخذ من دهن السذاب البري ويقطر في أنفه الأيمن أربعا والأيسر ثلاثا , فإن السالك يموت بوقته ولا يعود بعد ذلك , ثم قال : فلما دخلت المدينة أتيت إلى ذلك المكان , فوجدت الديك لامرأة عجوز , فسألتها بيعه فأبت , فرغبتها بالدراهم , فاشتريته أضعاف قيمته , فلما اشتريته إذا بالجني تمثل لي من بعيد , وقال لي بالإشارة اذبحه فذبحته , خرج عند ذلك رجال ونساء يضربونني ويقولون أنك ساحر , فقلت لست بساحر , قالوا انك ذبحت الديك وقد أصيبت شابه عندنا بجني , وهي بنت رجل عظيم ذي شوكه في البلد , ومتى علم بهذا الأمر قتلك , فقلت لهم ائتوني بقطعه جلد اليحمور , فأتوني بها فصنعتها خواتم , وطلبت منهم دهن السذاب البري فأتوني به , فدخلت عليها ولبستها الخواتم فعند ذلك صاح الجني وقال علمتك على نفسي , ثم قطرت في أنفها اليمنى أربعا وفي الشمال ثلاثا , فخر ميتاً من ساعته , وعفا الله عن تلك الشابة ولم يعاودها بعد ذلك الألم )
مما رأيت من الحكاية السابقة هو قدرة الجني على أذية الشخص ... بل وقدرة الرجل على قتل الجني ... ولكن طبعاً قتل الجن ليس كقتل نمله أو صرصور ... بل هو قتل نفس , والموضوع ليس سهلاً , ولن يمر قتل نفر من الجن على عشيرته هكذا مر الكرام فلابد من الانتقام إذا كان من أسياد العشيرة ...
المهم إن الجن له قدرة في التأثير في حياه البشر ... بل وله قدرات أخرى كأن يتشكل في أشكال البشر أو الحيوان أو بعض الجمادات ..
وهو يكتسب بعض خواص الأشياء الذي يتشكل في حيزها مثل لو تشكل في شكل بشر لأمكن قتلة مثل البشر وهكذا ....
- << أنني أفاجأ بكم غريب من المعلومات عن الجن ولكن هل هناك فرق بين الجن والشيطان >>
- << الحقيقة أن الكثيرين يجمعون بين الجن والشيطان والمارد والعفريت والقرين في سلة واحدة ... ولكن الموضوع يحتاج لتفسير ... فلفظة جن تندرج تحتها أنواع من الجن التي لها مسميات في عالمنا , فعندك مثلاً في تعريف لفظة ( الغول ) :
قال ( المنذري ) : الغول بضم الغين المعجمه هو شيطان يأكل الناس , وقيل هو من يتلون من الجن .
وقال ( الجزري ) : الغول أحد الغيلان وهي جنس من الجن والشياطين كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس فتتغول تغولاً، أي تتلون تلوناً في صور شتى، وتغولهم، أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم .
وفي تعريف لفظة المارد :
( مارد ) .. مرد : أي تمرد ... وتطلق على من تمرد من الجن وخرج عنهم , ويدعى مارداً ... وهو يمتلك القوة ليتدخل في عالم البشر
وفي تعريف لفظه ( الجاثوم ) :
يقول ابن منظور في لسان العرب عن الأَصمعي: والجُثامُ والجاثُومُ: الكابُوس يَجْثِمُ على الإنسان ، وهو الدَّيَثانيُّ. التهذيب: ويقال للذي يقَع على الإنسان وهو نائم جاثُوم وجُثَم وجُثَمة ورازِمٌ ورَكَّاب وجَثَّامة
والجاثوم هو صنف من الجن يتسلط على الإنسان عند النوم ويتحكم في مراكز الحركة في المخ , فيشعر الإنسان بحاله من الشلل ولا يستطيع أن يتكلم أو يصرخ أو يتحرك
أما الشيطان فهو الموكل بضلال البشر أجمعين , وهو من نفس خلقه الجن , لكنة لعيش حياته في الوسوسة والضلال ....
وقد قال ( السيوطي ) في كتابه الرهيب ( لقط المرجان ) :
قال ( بن عبد البر ) : أسماء الجان عندهم على مراتب , فإذا ذكر الجن خالصاً قالوا: ( جني ) ، وإذا أردوا مما يسكن مع الناس قالوا: ( عامر ) ، والجمع ( عمار ) ، وإذا كان مما عرض للصبيان قالوا : ( أرواح ) وإذا خبث وتعرض قالوا : ( شيطان ) وإذا زاد أمره على ذلك وقوى أمره قالوا: ( عفريت )
والجن كالبشر يعيشون ويأكلون وينامون ويتناكحون ويتناسلون , فمنهم المسلم ومنهم النصراني ومنهم اليهودي ومنهم الكافر والعاصي والغافل , ومنهم الغبي والذكي أو الضعيف أو القوي ... وكل ما تتخيله , فهم عالم يعيش كعالمنا له قوانينه التي تحكمه وأعرافه التي تسيطر علية .
ثم هناك الجن المسلم والنصراني واليهودي الذين لا يضرون أحداً سواء من البشر أم من الجن ... وهناك أيضاً المسلم والنصراني واليهودي الفاسدين في الأرض فيضرون البشر والجن ولا يتركون شيئاً , وهم في عالمهم كالمجرمين في عالمنا , مطاردين ومنبوذين ....
وتختلف بالطبع قوة كل نوع من الجن عن النوع الأخر
فعندك مثلاً نوع من الجن يسمى الجن الطيار , وهو الذي يملك جناحان يطير بهم في السماء كالطير , ولكنة أسرع بالطبع من الطير بمراحل كثيرة , فهذا النوع له قدرات لا توجد لنوع أخر ... وهناك مثلا المارد الذي يمتلك قوة كبيرة للتأثير في الجن وفي البشر معاً ... وهناك الشياطين التي تسخر قواها للشر والفساد , ويزيدون قوة كلما زاد الفساد ...

* * *
( مارد ) .. مرد : أي تمرد ... وتطلق على من تمرد من الجن وخرج عنهم , ويدعى مارداً ... وهو يمتلك القوة ليتدخل في عالم البشر * * *
- << مرحباً أيها المارد ... ما رأيك في لقبك الجديد يا ( إبن ذاعات ) ، المارد .... سيكون هذا لقبك منذ الآن بعد أن خالفت الأعراف والقوانين ... >> * * *

كان ( يوسف ) مبهوراً بطريقة شرح الشيخ , وبقدرته على استرجاع المعلومات بسهولة و سردها بطريقة مباشرة , فكان ( يوسف ) يجاهد لمحاولة الاحتفاظ بأكبر قدر من تلك المعلومات في رأسه ...
كان الشيخ انتهى من الكلام لينتظر سؤال ( يوسف ) القادم فقال صديقنا
- << لم أكن أتخيل أن عالم الجن بهذا التعقيد , فأنا كنت أعتقده عالم همجي يضرون بالبشر فقط ولا يفعلون شيئاً غير هذا >>
ابتسم الشيخ وهو يقول
- << يهمل الكثيرين حقيقة يعرفها العلماء جيداً , وهي أن الجن مكلفون بالعبادة كبني أدم , ويحاسبون ويدخلون الجنة أو النار مثلنا , فما يجعلهم يتركون دنياهم وحالهم ولا يفعلوا شيئاً سوى التدخل في عالمنا ... بل الذين يتدخلون في عالمنا هم العصاة المجرمين المنبوذين في عالم الجن , مثل الشياطين مثلاً , أو المردة الكفرة ......
والآن ما هو سؤالك القادم إذن ؟؟؟؟؟ >>
- << أعتقد أني كنت أريد معرفة هل يمكن أن توجد كلمات تؤثر في الجن أو تسخره ؟ >>
- << سؤالك هذا إجابته ستكون متفرعة ولها علاقة كبيرة بعلم الموجات الصوتية وبعض العلوم الأخرى , ولكني سأبسط لك الإجابة كي تفهمها من أول مرة ...
قضية تسخير الجن عن طريق كلمات ذكرتها لك منذ قليل ...
فالكلمات التي يرددها الساحر _ والتي تسمى عزائم _ في أغلب الأحيان تكون شرك بالله عز و وجل وتعظيم لشأن أحد ملوك الجن الكفرة , ولكن هناك طريقة أخرى وهي أن يقسم الساحر على أحد أفراد الجن أن يخدمه بحق ( اسم مارد من مردة الجن ) حيث أن نفر الجن العادي يخاف من هذا المارد أن يسبب له الضرر , وفي بعض الأحيان تكون الكلمات هي طلب من بعض أفراد الجن الحضور لينفذ شيئاً معيناً مقابل كلام معين ... وفي الغالب تكون تلك الكلمات باللغة السيريانية , أو اللاتينية , أو العبرية القديمة , أو أي لغة قديمة , وفي بعض الأحيان يعلم الجن شفرة من الكلمات للساحر حتى يستدعيه بها في أي وقت ....
الشق الثاني من الكلمات التي تؤثر في الجن يكون قراءه أيان من القرآن ... وتلك الآيات التي تتوعد بالعذاب للمضللين وهكذا ... لأن الجن يتأثر بها لأنه يعرف أنة بتدخله في عالم الجن يفعل معصية سيحاسب عليها يوم القيامة ....
ولا تنسى أن الله لم يجعل لعالم الجن القدرة على التأثير في عالم البشر من فراغ ... فالله له الحكمة في ذلك بالتأكيد , فربما كان ابتلاء واختبار من الله سبحانه وتعالى للجان ليحاسبهم علية يوم القيامة .
- << سبحان الله ... ولكن ماذا يمكن للجن أن يفعله في عالم البشر ؟ >>
- << لا نعرف جذراً حدود قدرتهم , ولكن يمكننا مما روي لنا أن نحدد بعض الأشياء , مثلاً : يمكنه أن يؤثر بطريقة غير مفهومة لنا على مراكز عقلك ... حيث يجعلك تشعر بأحاسيس وترى أشياء ليس لها وجود في الواقع ... وربما تحكم في بعض مراكز الكلام والأعصاب في المخ ... ويمكنه أيضاً أن يتشكل في أشكال البشر , أو أشكال الحيوانات , أو أشكال بعض الجمادات , فيمكنه التأثير في دنيا البشر بتلك الطريقة ...
وبالطبع هناك طرق أخرى كثيرة لا يمكن معرفتها أو تحديدها .


* * *

- << أعتقد أنك بذلك تصف عم ( صبحي ) , ولكن المشكلة أنك لن تجده في سور الأزبكية الآن .... >>
- << ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ >>
- << لن تجده في سور الأزبكية الآن لأنة في مقبرته ..... لقد توفي عم ( صبحي ) منذ ما يقارب السبعة عشر عاماً ....
* * *


عاد ( يوسف ) إلى منزلة بعد أن استأذن من الشيخ في أن يذهب , لقد فهم الكثير جداً عن عالم الجن ...
كانت تلك المعلومات التي رواها له الشيخ تتراص أمامه مرة أخرى , كمية من المعلومات التي بالطبع نسى منها القليل , لكنه يتذكر الكثير أيضاً ....
فتح باب شقته ليرى أخته تجلس في الصالة تشاهد التلفاز
- << لماذا كل هذا التأخير ؟ لماذا لم تتصل لتخبرنا أين كنت ؟ >>
كانت تلك من ( رحاب ) وهي لم تحرك عينيها من أمام التلفاز ...
- << انشلغت كثيرا مع أصدقائي في أمور هامه >>
هنا نظرت له ( رحاب ) وهي تقول
- << ادخل لتبدل ملابسك , وانتظرني دقائق لأعد لك العشاء >>
- << شكراً , لقد أكلت منذ قليل مع صديقي ... أحتاج أن أنام بشدة فلا توقظيني غداً ... >>
- << أليس هناك محاضرات غداً...؟ >>
- << توجد واحدة ولكني لن أحضرها ... فأنا لا أحتاجها >>
دخل ( يوسف ) لغرفة نومه وقد ثقل جفنية , وأحس بخمول لذيذ يجتاح جسده ... ذلك الخدر اللذيذ الذي يصيبك بعد يوم شاق , استبدل ملابسة ثم دخل إلى الفراش وهو يقرأ بعض الأذكار كعادته , وأغلق جفنية مستسلماً للنوم براحه وهدوء بال ....


* * *


ما تلك الرياح التي يشعر بها ( يوسف ) , إن الطقس بارد بالفعل لكنه يذكر أنة قد عاد لمنزلة ....!! إنه يشعر بهواء يدخل بين ضلوعه ويجعله يرتعش من البرد .... ولكنه لا يرى شيئاً , شيئاً فشيئاً بدأ يرى صورة تتكون أمامه ....؟ إنه يرى نفسه يقف في منطقة تحيط بها المرتفعات الرملية من كل الجهات , والظلام يغطي كل شيء .... لقد فهم ( يوسف ) ما يراه الآن ... إنه الآن داخل حلم ...!!
كان ( يوسف ) يعرف أنه يحلم ... فيبدوا أن عقلة كان يعمل جيداً وهو داخل الحلم , ولكنه كان مسلوب الإرادة , فالحلم يسير كما هو ولن يقف على ما يبدوا ....
إنه يرى مجموعه من الجمال تسير ببطء في وسط تلك الرمال , جمال ..!!!
وما الذي أتى بالجمال الآن ....؟
وبجانب الجمال كان يسير ثلاثة أشخاص . وعند أول جمل كان هناك شخص يقوده , وعند أخر جمل كان هناك شخص أيضاً يراقب بقية الجمال حتى لا تحيد عن طريقها ...
لم يكن يتبين في الظلام وجوه الرجال أو ملابسهم ... ولكنه تبين أن بعض الجمال تحمل أشياء مربوطة على ظهرها , والبعض الأخر يحمل شيئاً مربعاً كبيراً يشبه الهودج الذي كان يراه في أفلام عنترة بن شداد ..... كأن ما يراه الآن هي قافلة تسير في الصحراء ...؟
وفجأة توقفت القافلة بين الرمال , وتقدم رجل من الذي كانوا يسيرون بجانب القافلة .... ثم وقف بجانب جبل من الجبال الرملية ونظر إلى السماء ورفع يديه بجانب جسده , ثم قال بصوت عالي :
- أقسم عليكم يا أهل الجبال أن لا تؤذونا ولا تقتربوا منا هذه الليلة ... أعوذ بسيد هذه الوديان من غدر أهل الجان , أعوذ بسيدكم أن يحمينا في مبيت قافلتنا هذه الليلة في واديكم , أعوذ بكم يا أهل وادي الجن , أعوذ بالملك الأحمر , وأعوذ بسمسائيل , وأعوذ بالمخلبي بن ذاعات , وأعوذ بسيد وادي العداه وسيد وادي القرنيم
كان ( يوسف ) يقف من بعيد في الحلم وهو يراقب هذا المشهد , وبمجرد أن سمع الكلمات وفهم أن الرجل يستعيذ بغير الله تأفف وأستغفر الله ....
ثم أعاد الرجل مرة أخرى تلك الجمل بصوت مرتفع عدة مرات , إلى أن جاء صوت من مكان ما من الصحراء جمد ( يوسف ) من الرعب
كان صوتاً رفيعاً جداً , ويتكلم بصوت كأنه الفحيح , وكان الصوت ممطوطاً .... قال الصوت عبارة واحدة , ولكنها كانت مسموعة ....
<< أعذناك , أنت في أمان >>
كان الصوت في الحقيقة يجعل فرائسك ترتعش ... حتى أن ( يوسف ) بدأ يرتعش وقد فهم أن الموضوع له علاقة بالتحدث مع الجان ....
أما الرجل الذي كان يقف في الصحراء يتكلم , فقد عاد لينيخ الجمال مع باقي الأشخاص , ثم بدأ الرجال في بناء خيمتان كبيرتان ... ولكن الغريب أن الرجال وهم يعدون الخيام قد توقفوا فجأة ...! ثم نظروا جميعاً إلى المكان الذي يقف فيه ( يوسف ) ... لقد ركزوا أنظارهم ناحية ( يوسف ) وكأنهم يروه جيداً .....؟ أما المصيبة أن ( يوسف ) قد رأى وجوههم في ضوء القمر .... لم يتبين أشكالهم جيداً , لكنه تبين منهم شيئاً واحداً .....
لقد كانوا ينظرون إلية ويبتسمون ......!!!
.................................................. .....
يتبع

طيف عابر
10-25-2012, 02:47 PM
- ذكريات غريبة

الساعة الآن قد قاربت على الواحدة والنصف ليلاً وعماد مازال يجلس أمام مكتبة ومن جانبة ارتفعت أصوات موسيقى من جهاز الكومبيوتر المجاور له .. كان يفكر بعمق في الأحداث التي حدثت له صباحاً عندما قابل ( أحمد ) إبن اختة وصديقة ( يوسف ) , يالها من مقابلة ويالها من مفاجأه ..
لقد كان يتوق لمشاهدة أحد أفراد العائلة منذ زمن طويل منذ أن حدثت تلك الحادثة في الليل .. ويا لها من حادثة تقشعر لها الأبدان , لقد ظل يندم عليها إلى الآن
أغمض عينية قليلاً وهو يرى نفسة في صغرة عندما كان يريد أن يقتحم عالم الجن والغيبيات بأي طريقة , عندما كان يبحث كالملهوف في داخل الكتب عن حوادث رؤية الجن أو العفاريت ثم يسجل كل هذا في أبحاث ليبدأ تحليلها .. وتفنيدها منذ الأحداث التي ذكرت في كتب السحر الأوربية إلى الأحداث التي ذكرت في كتب العرب
كان يملك ذاكرة تختزن كل ماتمر علية عيناه عن تلك الموضوعات بسهولة فكان يكفية أن يقرأ أي كتاب ليحتفظ في عقلة بمقتطفات كثيرة من الكتاب كأنها منسوخة , مازال يتذكر الكتب العربية التي انبهر بتفكير علماءها الذين عرضوا أشياء غريبة ربما كانت بعيدة جداً عن العقلية العربية في تلك الحقبة , فهو يتذكر مثلاً رأي ( القاضي عبد الجبار ) في مسألة تشكل الجن في صور مختلفة كالحيوانات والحشرات حيث نفى أن يكون التحول بصورة بدائية كالتي يتخيلها العامة من تحلل ذرات الجسد وتشكلها في أي شكل , فرأية أن الذرات الخاصة بالجسد إذا تم انفصالها فإنها لا تعود مرة أخرى ولقد عرض رأي شائق عن تلك المسألة ..
وفي كتب السحر الأوربية كان يرى أن الساحر يرى الشيطان في صورة حيوانات كي تأتي له لتخبره بما هو مطلوب منه
أما الكتب التي كتبت باللغة الأوردية في أوديه الهند فقد حوت على أساطير عن رؤية الكائنات الغريبة وذلك يكون بالتقشف والزهد لشهور طويلة جداً حتى تصل إلى حالة معينة من الصفاء تجعلك تسطتيع رؤيتهم ؟؟
والكتب العبرانية قد تكلمت عن تلك المسألة بطريقة غريبة بعض الشيء في موضوعات الطلاسم التي يجب أن تتم في مواعيد فلكية محددة لكي تأتي بخادم الجن والذي لم يكن له وصف محدد في تلك الكتب
إذن فالعبرة هنا أنك فعلت شيئاً لتستطيع أنت رؤيتهم لا أنهم يظهرون لك بإرادتهم ..!!!
كانت تلك هي نقطة انطلاقة وبحثة في تلك المسألة حيث تعرض لطرق غريبة في كتب سحر باللاتينية حصل عليها بطرق غير مشروعة , طرق تتحدث عن بعض الأعمال التي تفعلها كأن تقتل إمراءة وتلطخ بدمها الأرض ثم ترسم على الأرض رسومات معينة وتضع على الأرض بضعة قطرات من دمك واشياء أخرى معقدة جداً كي يحدث اتصال بين عالمك وعالم الشياطين ..
هناك أشياء كثيرة مشتركة في تلك المسألة بين جميع الأمم .. وهناك أيضاً اختلافات قبلية أو دينية أو لغوية فالأختلافات القبلية كأن يقول لك الرجل أنك تقدر على رؤية روح الأجداد مثلاً , والاختلافات الدينية والتي وجدت في عصور محاكم التفتيش هي التي طغت على بعض كتب السحر الأوربية من ذكر أن الذي يتعامل مع الشيطان ويبيعة روحة فأنة لن ينال خلاصة .. وأختلافات لغوية أي تلك الكلمات التي يقحمها أي شعب على كلمات السحر الأصلية كأن يقول بعضهم في وسط الكلمات كلمات من الانجيل أو من القرآن محاولين اضفاء صبغة الدين عليها .. أو أسماء رجال أو شخصيات ينتمون لذلك الشعب او تلك الأمة , وربما حوت تلك الكلمات على تمجيد لبعض الأجداد..
بالطبع تلك الاختلافات قد ميزها ( عماد ) بعد خبرتة لسنوات طويلة من القراءة .. وقد توصل لطرق مجردة بلا أي إضافات بلا فائدة .. وحتى تلك الطرق قد استبعد منها الطرق الغريبة التي شعر أنها مجرد كلمات لها بعض المعاني العادية بعد ترجمتها من لغتها الأم سواء كانت فرنسية أو انجليزية قديمة أو لاتينية أو حتى عربية
وفي نفس التوقيت تقريباً بدأ يدرس تشريح المخ ووظائفة دراسة جيدة حتى يفهم ما يقوم به وبدأ في تلك الليلة بإختيار طريقة من تلك الطرق
طريقة كتبت بأيد عربية في أحد كتب السحر العربية ..
نفذها بدقة شديدة ..
وأنفتحت بعدها أبوب من العذاب لم يقدر على إغلاقها حتى الآن ...
لقد شعر بوخز خفيف في تلك الليلة في رأسة ثم بدأت الرؤية تدخل في جانب من التشوش بلا معنى ..
وفجأة .. صداع رهيب برأسه يكاد يفجر رأسة و بدأ يرى ألوان غريبة تنتهي دائماً باللون الرمادي ..!! ثم أحس أن الألم يزداد في رأسة وأن هناك ألوان تتغير أمام عينية بسرعة غريبة .. ثم هناك تلك الأشياء التي تتحرك بسرعة رهيبة ..! أشياء على السقف , أشياء على الأرض , على مكتبة . على سريره
أصوات كثيرة همسات , صرخات .. أضواء بيضاء تغمر الموجودات ثم الأثاث يهتز ويبدأ بالأرتفاع والهبوط بسرعة ...
لحظات في ذلك العذاب لا يمكن تحملها ولكنه فجأة شعر بارتخاء في عضلات جسده ثم سقط على الأرض
سقط بالفعل على الأرض ولكنه مازال يرى
الألم الذي عذب رأسة بدأ يهدأ تدريجياً والألوان كفت عن وبدأ كأن هناك تشوش بسط في الرؤية ثم أختفى هذا التشوش ليرى الأهوال أمامة ...
من قال أن الساحر يعيش في نعيم ...!!! لقد دفعة فضولة للدخول في عالم لن يمكنة تحملة بالتأكيد .. فاليرحمه الله

* * *

كانت تلك الذكريات تتراص في عقلة وهو مازال يجلس على المقعد مغلق العينين .. حتى توقفت ذكرياتة عند وقوعة على الأرض في ذلك اليوم وبدأ برؤية الرعب الحقيقي .. عندها فتح عينية وابتسم بسخرية وهو ينظر حولة لتلك الكائنات التي تملاً الغرفة على السقف والأرض وفي كل مكان ..
اعتدل في مجلسة وهو يمسك بالورق الذي تركة ( يوسف ) ويعيد قراءته للمرة العاشرة ثم يقف عند الصفحة التي أحتوت على كلمات الاستدعاء وتراصت الأفكار في عقلة
كلمات لاستدعاء خادم من الجن يجعلهم أغنياء .. ضحك بسخرية وهو يقول في نفسة من هذا الطفل الذي يخدع بعبارة كتلك .. لا يوجد شيء اسمة خادم من الجن بمجرد أن تستدعية يأتي لك بنقود فحتى إذا كان من الممكن ذلك فإنة يحتاج إلى طرق معقدة وليست إلى قراءة كلمات فقط .. هناك شيء غريب في تلك الكلمات ففيها لهجة للمخاطبة تحتوي على كلمات مثل ( جنود ) و ( عودة ) و ( الجيش الأعظم ) وأشياء غريبة ليس لها علاقة بالمال بالطبع ولا بخدام الجن ..
إنها دعوة لشيء ما لا يعلم ما هو ولكنة بالطبع ليس شيئاً حقيراً في عالم الجن .. هناك دعوة لجنود لكي يصطفوا !!!!
وعن فك قيد من يدعى بن ذاعات ؟؟؟؟ ما هي تلك الاشارات الغريبة ..!!!
المشكلة أن الكلمات تفعل شيئاً في الحقيقة لكنه يعلم أيضاً أنها لا تستدعي خداماً من الجن لجعل الأشخاص أغنياء ..
ثم هناك نقطة غريبة , لماذا يجب أن ينطق الأربعة الكلمات ثم ينطق شخص خامس كلمات أخرى بها لهجة الاستدعاء الحقيقية والتي تحتوي على كلمات مثل ( الوحى _ العجل _ الساعة ) تلك الكلمات هي دعوى معروفة في كتب السحر العربية وهي حقيقية , ولكن لماذا قد كتب في المخطوطة بأن الساحر الفارسي الذي يدعى ( الحي بن القصاب ) يقول تلك الكلمات فجأة .. هل لم يكن الأربعة يعلمون أنه سيقولها ..؟
بالتأكيد ذلك هو ما حدث .. الساحر علم الأربعة كلمات لينطقوها ثم بدأ هو بترديد كلمات أخرى ..يا ترى لماذا فعل ذلك ؟
هناك شيء يعتقد انة مألوف في موضوع أن ينطق شخص ما كلمات ثم وبعد أن ينتهي منها ينطق الساحر كلمات ..
تلك الطريقة تشبة التضحية .. فالساحر من الممكن أن يجعل الضحية تنطق الكلمات ثم ينطق هو كلمات أخرى
والآن هناك كلمات بعضها أسماء لملوك من الجن يعرف أسماءهم وبعضها لا يعلم معناها ؟
لكنه يتذكر جيداً أن هناك ما يسمى علم الحرف يتكلم على أن هناك حروف إذا اجتمعت ونطقت بطريقة معينة فإنها تعطي تردداً صوتياً معيناً يسمعة أنفار من الجن مهماً كانت المسافة بعيدة عن الشخص الذي نطق الكلمة وعن الجني نفسة .. هل تلك الكلمات حروف مجمعة تعطي ترددات وموجات صوتية معينة ...؟
من هو بن ذاعات هذا ؟ قرب ( عماد ) رأسة قليلاً من الورق ليتأكد من الاسم وينطق حروفة بصوت عالي ليتأكد من صحتة
- << بن .. بن ذاعات >>
هنا سمع أصوات كثيرة تصرخ فنظر أمامة ليجد أن هناك أشياء تقف تنظر له وتطلق أصوات غريبة من حلقها ...؟
أحس بخدر رهيب في أطرافة فجأة ومال رأسة للأمام ليدخل في حالة إغماء .. بالفعل دخل في تلك الحالة ولكن عقلة كان واعياً لأنة بدأ برؤية أشياء كثيرة وكأن هناك فيلم سينمائي يعرض أمامة
كائن مقيد بسلاسل وهو يصرخ وأمامة يقف شيئان لم يتبين ملامحهم يحملون حراب مدببة ويوجهونها ناحيته بتحفز
تبدلت الصورة فجأة ليظهر أمامة مقابر وسط منطقة صحراوية وقد غطت معظمها الرمال .. ما هذا الذي يراه ..؟؟
على كل مقبرة هناك شيء يقف .. لا ليس شيئاً بل هم رجال ونساء وأطفال يقفون ويبكون بلا سبب ..؟
فجأة يرى الآن كائن بشع المظهر أسمر البشرة يجلس في خشوع ..؟ ما الذي يفعلة ..!!!
إنة يركع ثم يسجد ؟؟ إنة يصلي كما يصلي المسلمون بالظبط
مرة أخرى يتبدل المشهد ليرى ثلاثة رجال يغلفهم لون أحمر يخفي ملاحهم ويخفي ملامح أجسادهم .. لكن هناك سلويت عام خارجي لهم يوحي بالضخامة ..!! لحظة ..
إنه يتذكر أنة رأى تلك الأجساد من قبل , نعم .. هؤلاء الثلاثة هم الذين كانوا يتبعون ( يوسف ) عندما قابلة اليوم
هو في الغالب يمكنة رؤية أنواع كثيرة من الجن وفي أوقات مختلفة على حسب عوامل كثيرة كسرعة الجني وحسب قدرتة وحسب أوقات ليلية أو صباحية .. لكن هؤلاء الثلاثة لا يعلم ماذا بهم .. فهو يعلم أنهم من الجن لكنة لم يرى مثلهم من قبل وخصوصاً أنه يراهم كسلويت لكن كأشكال فهو لم يميزهم ؟
كانوا الثلاثة يقفون وفجأة بدأ أولهم في الاهتزاز بسرعة .. كان يرتعش بسرعة رهيبة حتى بدأت تتشكل له ملامح رجل ؟
ثم بدأ الاهتزاز مرة أخرى لتتشكل ملامحة ملامح رجل عجوز .. ثم بدأ الرجل الثاني والثالث في الاهتزاز مثل الأول وبدأت ملامحهم وأشكالهم تتغير بسرعة وتتبدل من امرأة إلى طفل إلى شاب إلى عجوز بسرعة
وهنا
بدأت الصورة بدأت تختفي تدريجياً حتى رأى ( عماد ) سواد تام
هنا بدأ يفيق رويداً رويداً وينظر حولة برعب ثم ينظر إلى الأوراق التي تركها ( يوسف ) وهو يقول :
- << هناك لغز رهيب وراء تلك الكلمات لابد أن أفهمة .. >>
.................................................. ....................................

يتبع

طيف عابر
10-25-2012, 02:50 PM
بعض المفاجآت

هذا هو اليوم الذي سيخبر فيه ( د . يسري ) صاحبا ( يوسف ) عن حقيقة المخطوطة , وقد ذهب ( مصطفى ) و ( محمود ) إلى مكتب الدكتور قبل أن تدق الساعة الواحدة بربع ساعة , وقد ظلا يفكران في تلك المقابلة ... وهل سيتمكن أستاذهم من الوصول لمعلومات عن تلك المخطوطة أم لا ...
ولكنهما بمجرد الاقتراب من مكتبة وجداه جالساً وهو يشرب كوباً من الشاي ويطالع كتاباً صغيراً .... فتنحنحا وهما على باب المكتب ...
- << أهلا أهلا ... تفضلا , لما تنتظران خارجاً >>
فدخل ( مصطفى ) و ( محمود ) بهدوء , وجلسا أمام مكتبه وهما ينتظرانه أن يبدأ هو بالكلام
- << الحقيقة أن موضوعكم قد استغرق مني مدة في البحث عن شيء يمت للقصة في الكثير من الكتب والمراجع , ولكني لم أجد ذكراً للقصة إلا في كتابين , أحدهما قال عن القصة أنها من سبيل التدليس وأنها ملفقة للرحالة ( بن إسحاق ) , وأن كتابة كنز الرحلة لم يحتوي على شيء بخصوص ما يسمى بـ ( مدينة الموتى ) والتي قيل أن أحد تلاميذه قد تكلم عنها في مجموعه صفحات نقلاً عن كتاب ( كنز الرحلة ) ... أما الكتاب الثاني فيقول بأن الرحالة ( بن إسحاق ) قام برحلة في مصر , لكن لم يكن هناك ذكر للمدينة التي قيل أنها وجدت بمصر , وأنها من الأساطير التي لم تنل الشهرة حتى ... فمما جمعت ومما قرأت يمكنني أن أقول لكما أن الرحالة ( بن إسحاق ) كان موجوداً بالفعل , لكنه لم يزر تلك المدينة , وبالنسبة لتلميذه فربما يكون موجوداً ولكنه لم يكتب أي ورق يتحدث عن المدينة ....
فكل تلك الحكايات هي من خيال الشعوب التي تضخم الأشياء عن حدها الطبيعي >>
كانت الصدمة واضحة من كلام الأستاذ على وجهه الطالبين , فهما برغم كل شيء كانا يأملان أن يكون هناك شيء من الحقيقة في الموضوع , لكن أن تكون الحقيقة أليمة بتلك الطريقة فهذا شيء مؤسف
- << شكراً لك يا دكتور , لقد أفدتنا جداً .... ونأسف لإزعاجك >>


* * *


أكدب عليك إن قلت بحبك لسه أكدب عليك .... وأكدب عليك لو قلت نسيتك همسه أكدب عليك ... أمال أنا إيه , قلي أنت أنا إيه.... اختار لي بر وأنا أرسى علية
كانت تلك نغمة هاتف ( يوسف ) , التي إذا اتصل به أي شخص يظهر التليفون تلك الأغنية .... فيوسف كان عاشقاً للأغاني القديمة منذ صغره
- << ألو >>
كان هذا صوت ( يوسف ) الناعس عندما استيقظ على صوت الموبايل
- << أزيك يا عم ( يوسف ) >>
- << انت مين ؟؟؟؟ >>
- << أنا ( مصطفى ) >>
- << مصطفى مين ؟؟؟ >>
- << أعصابي ...... استيقظ من النوم يا ( يوسف ) .... أنا ( مصطفى ) صديقك ... استيقظ أبوس يدك سينتهي الرصيد ... >>
- << أه تذكرتك ... ما أخبارك وأخبار عمو ( عادل ) >>
- << عمو ( عادل ) مين .....!!! يبدوا أنك لم تتذكرني ... استمع لي , لقد سألنا أحد أساتذة قسم التاريخ بالقسم عندنا عن موضوع ( بن إسحاق ) والمخطوطة .... >>
وكأن الذاكرة قد لطمت ( يوسف ) على عقلة ليستعيد وعيه دفعة واحدة
- << تذكرت تذكرت ... أسف يا ( مصطفى ) , طمئني ماذا قال ؟؟؟ >>
- << قال أن الحكاية التي رويت عن ( بن إسحاق ) كلها ملفقة وكاذبة .... وبالتالي لا توجد مخطوطة من الأساس >>
- << ما هذا الكلام يا مصطفى ..... كيف يكون كل شيء بلا أساس فجأة هكذا .... >>
- << هذا هو ما حدث والله ..... ولكنك لم تروي هل وجدت دليل ما في سور الأزبكية أم ماذا ..... >>
تجمد (يوسف ) لثوان عندما ذكره ( مصطفى ) بموضوع سور الأزبكية , ماذا سيقول له .....؟؟
- << ما رأيك نتقابل الليلة جميعاً .... ونتكلم عن الموضوع باستفاضة أكثر >>
- << أنا موافق .... ولكن ماذا عن الآخرين ؟؟؟؟ >>
- << سأقنعهم بنفسي , وخصوصاً أن اليوم ستسافر أمي وأختي إلى البلد في زيارة لخالتي المريضة , فستكون الشقة خالية >>
- << إذن سأخبر ( محمود ) و( حامد ) ... وأنت أخبر باقي الشلة ..... >>
- << بعد صلاه العشاء سأنتظركم الليلة .... وأنا سأخبر الباقي بالميعاد >>
تيت تيت تيت تيت
ابتسم ( يوسف ) من داخلة .... يبدوا أن رصيد ( مصطفى ) قد انتهى , و ( مصطفى ) لن يسامحه , في الغالب سينتقم ... وسيكون انتقامه عنيفاً ....

* * *

بعد الطقوس المعتادة التي اعتاد أن يفعلها ( يوسف ) كل صباح , تأكد من ذهاب أمه إلى عملها ... ومن ذهاب أخته إلى المدرسة , ثم اتجه إلى التليفون ليطلب رقم يعرفه جيداً , رقم ( حبيبة ) ... فلقد اتفق معها أن لا يذهبوا للكلية هذا اليوم ويجلسوا ليثرثروا مع بعضهما البعض إلى أن يأتي والدها من عملة أو يموت فيرتاح الجميع ....
كان وهو يمسك التليفون قد نسي كل شيء يتعلق بمخطوطة أو جان أو عفاريت , لم يبقى في عقلة إلا صوت ( حبيبة ) الرقيق الذي يحمله حملاً إلى عوالم أخرى , ووجهها الذي يرتسم دائماً أمامه بابتسامتها الرقيقة , التي دائماً ما تحمل بعض الخجل
كل تلك الخواطر كانت ترتسم أمامه وهو يطلب الرقم بهدوء .... صوت الجرس الجميل ..... صوت ( حبيبة ) المليء بالنعاس والذي أضفى على صوتها الرقيق سحراً أخر
- << ألو >>
- << صباح الخير >>
ضحكت ( حبيبة ) ضحكة خفيفة وهي تقول
- << ما الذي أيقظك باكراً هكذا >>
- << قلت في نفسي كيف أفوت لحظة واحدة لا أستمع فيها لصوتك ... فتبعت القول بالفعل >>
ضحكت علية , ثم بدأ صوتها يضيع منه أثر النوم وهي تقول
- << أصدقك أصدقك , لكن قل لي ما الذي أيقظك هكذا ؟؟ فأنت من أعداء الاستيقاظ المبكر منذ سنين >>
- << مكالمة من صديقي ( مصطفى ) >>
- << خير >>
- << سيأتي هو وباقي أصدقاءنا اليوم إلى الشقة عندي .... لنجلس قليلاً نتسامر >>
فردت عليه بشك
- << أصدقاءك يأتون اليوم ....!! وأنت قلت لي أمس أن أختك ووالدتك ستكون في البلد ....!! ماذا ستفعلون اليوم يا ( يوسف ) >>
قهقه ( خالد ) ضاحكاً وقال
- << لا تخافي سنجلس نتسامر فقط >>
- << أرجوك يا ( يوسف ) أن تقول لي الحقيقة ..... هل ستفعلون أشياء كالتي يفعلها الشباب ..؟؟؟ >>
- << شباب ... وهل نحن عجائز ... لا تخافي سنجلس جميعاً لنناقش موضوع المخطوطة وماذا سأفعل بها >>
- << ألم تكن قد أنهيته أمس ؟؟ >>
- << لا يمكنني التخلص بهذه السهولة من المخطوطة ... يجب أن أتأنى قبل كل شيء >>
- << على سيرة المخطوطة , لقد حلمت أول أمس حلماً لم أحكيه لك , لأني لا أريد إزعاجك >>
- << حلم ... حلم ماذا ؟؟ >>
- << لم يكن حلم .... بل كان كابوساً , لقد رأيت نفسي وأنا أقف على جزيرة في وسط الماء , وهناك مقعد تحيط به النيران , ويقف أمامه أربعه رجال مكبلين بالسلاسل , وفجأة ذاب جلد الأربعة رجال , ثم رأيت نفسي أذوب أنا الأخرى مثلهم .... وعندما استيقظت وجدت جسدي ساخن كأنه خرج من الموقد منذ قليل .... ( يوسف ) هل أنت معي ....!!! لماذا لا أسمع سوى صوت أنفاسك ... هل ضايقك كلامي يا حبيبي >>


* * *

نكذب إن قلنا أن ( يوسف ) اندهش ... ربما قد تعود على الاندهاش هذه الأيام فلم تهز المفاجأة فيه شعرة , وربما كانت المفاجأة من القوة بحيث جعلته لا يندهش ... ولكنه كان متأكد من أنة لم يروي هذا الكابوس لأي شخص .... إذن فقد رأت ( حبيبة ) نسخة من الحلم ....!!
- << اسمعيني يا ( حبيبة ) ... هل استيقظتي بعد هذا الكابوس >>
- << نعم ... استيقظت وظللت مدة جالسة لأن النوم قد رحل من عيني >>
- << هل كانت الساعة حوالي الثانية ...؟؟ >>
ردت ( حبيبة ) باندهاش
- << كانت الثانية وخمس دقائق .... ولكن من قال لك الساعة في ذلك التوقيت ...؟؟؟ >>
- << هل كان الكرسي في الحلم مطعم في جوانبه بالذهب >>
- << ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ >>
- << هل سمعتي صوتاً قوياً يردد كلمات كثيرة لا تفهمين معناها ....؟ >>
- << من قال لك كل تلك التفاصيل ؟؟ بالفعل كان الكرسي مطعم بالذهب .... وكان هناك صوت يردد كلمات بلغة لم أفهمها .... من فضلك فسر لي كيف عرفت >>
- << عرفت كل هذا ببساطة ... لأني حلمت بذلك الكابوس في نفس التوقيت تقريباً , وبنفس التفاصيل >>
كان الاثنان مندهشان بكل ما تحمل الكلمة من معنى , ولكن كان ( يوسف ) أقل دهشة من ( حبيبه ) .... فهو قد تأكد الآن أن الأمر خارج عن نطاق المألوف ....
- << ( حبيبة ) ... إن الأمر يتعلق بمخطوطة بن إسحاق >>
فردت حبيبة وأثار الدهشة مازالت في صوتها
- << ربما لأنك رويت لي قصة المخطوطة , فتخيلت ذلك الحلم من عقلي الباطن >>
- << لكني لم أقل لك على نص الكلمات .... اسمعيني , الكلمات التي سمعتيها في الحلم هي الكلمات الموجودة في نص المخطوطة الأصلية ... ولا يمكن أن يكون عقلك الباطن قد جعلك تتخيلينها بدون أن تسمعيها مسبقاً ... ثم كيف نحلم نحن الاثنان في نفس التوقيت بنفس الحلم , مع فارق أنني في نهاية الحلم قد ذاب جسدي أنا , وأنتي في نهاية حلمك قد ذاب جسدك أنت >>
- << أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .... أنا خائفة يا ( يوسف ) >>
- << لا تخافي ... ولكن هل حلمتي ليلة البارحة بكابوس أخر ؟؟؟ >>
- << لا أعتقد أني أذكر أي حلم حلمته الليلة السابقة ... ولكن لماذا تسأل >>
- << لأني حلمت بكابوس أخر ... ولكن له طابع غريب >>
كان ( يوسف ) يتذكر الكابوس جيداً , لكنه لم يفهمه جيداً , ولم يهتم بتحليله أو حتى التفكير فيه مرة أخرى , ولكن يبدوا أنه عندما تذكرة , تذكر شيئاً معيناً فيه ......
- << دقيقة يا ( حبيبة ) وأعود لكي مرة أخرى >>
كان قد تذكر أنه في حلمة قد رأى الرجل وهو يردد بعض الأسماء الغريبة ... ولكنه كان متأكد من أنه قد سمع إحدى تلك الأسماء التي كان الرجل يعوذ بها .... فجاء في باله على الفور المخطوطة ....
ذهب ( يوسف ) إلى درج مكتبه ليفتح أول درج ويخرج المخطوطة , ونزل بعينية يبحث في أسماء الأربعة أو أي اسم أخر فلم يجد شيئاً مألوفاً ....
ولكن عندما وقعت عينية على التعويذة تذكر ما هو الاسم الذي سمعه قبل ذلك

* * *


وبحياة هليع يا من تسمعون في وادي القرنيم بحق سيدكم وبحق مقبلكم فكوا قيد بن ذاعات فكوا قيد بن ذاعات فكوا قيد بن ذاعات



* * *


احضروا فإنكم محاطون به من كل جانب سمسائيل الهوام يحاقوف المخلبي سمسائيل الهوام يحاقوف المخلبي ارتصوا يا جنود المارد ارتصوا يا جنود المارد فكوم يا حليق فكوم يا حليق نخدام بهاميم بحق سمسائيل


* * *
أعوذ بكم يا أهل وادي الجن , أعوذ بالملك الأحمر , وأعوذ بسمسائيل , وأعوذ بالمخلبي بن ذاعات , وأعوذ بسيد وادي العداه وسيد وادي القرنيم


* * *


كان قد ميز ( يوسف ) بين الكلمات التي سمعها في حلمة , والكلمات الموجودة في المخطوطة , فهذا الحلم كان تذكرة سهل جداً , لأنه يجعله كأنه شاهد فيلم سينما من ساعات قليلة ... فيمكنه أن يستعيد أحداثه بشيء من الجهد
الكلمات التي قالها الرجل في حلمة
سمسائيل
المخلبي بن ذاعات
وادي القرنيم
والكلمات المشابهة لها في المخطوطة
بن ذاعات
المخلبي
سمسائيل
واد القرنيم
إذن هذه هي الكلمات المشابهة بين الحلم والمخطوطة ....!!! ولكن في المخطوطة مكتوب ( بن ذاعات ) في نص , و ( المخلبي ) في نص أخر .... أما الحلم فإن الرجل ذكر أن هذا اسم شخص وأن اسمه ( المخلبي بن ذاعات ) .....!
لو كان عقلة هو من ركب له هذا الحلم , عن طريق تخزين معلومات من المخطوطة ... فلا يمكن له أن يركب اسماً كاسم ( المخلبي بن ذاعات ) ... لأنه هو نفسه لم يلاحظ أو يفهم أن المخلبي بن ذاعات هذا اسم ...!!
كانت تلك الخواطر تدور في عقلة وهو يتجه سريعاً ليمسك سماعه التليفون ويقول
- << أسف على التأخير .... كنت أبحث عن المخطوطة ... >>
- << لا عليك , ولكن لما تبحث عنها ... وما هو الحلم الذي رأيته ليلة البارحة >>
- << في الحقيقة أنا أبحث عن المخطوطة لأفسر الحلم الذي رأيته البارحة >>
- << ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ >>
- << لأن الحلم الذي رأيته كان في مكان يشبه الصحراء , وهناك قافلة تسير ويحرسها بعض الأشخاص , وفجأة رفع أحد حراس القافلة يده وظل يعوذ بأسماء ملوك الجن من شرهم .. >>
- << ملوك الجن ....!! أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ... ولكن ما معنى يعوذ >>
- << أنت تعوذتي الآن عندما قلتي ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) ... فنحن نعوذ بالله , أي نستعين بالله من شر الشيطان الرجيم كي يعيننا علية ... أما هذا الرجل فكان يستعين بملوك الجن لحماية قافلته , والاستعاذة بغير الله هي كفر بالطبع >>
- << أعوذ بالله ..... ولكن ما دور المخطوطة في تفسير ذلك الحلم ؟ >>
- << الرجل الذي تعوذ في الحلم بأسماء لملوك الجان , قال أسماء معينة , هذه الأسماء وجدت أنها موجودة في المخطوطة لكن ليست مباشرة كما قال الرجل , ببساطة أكثر الحلم ذكر أسماء موجودة في المخطوطة لكنها متفرقة في عدة أماكن في النصوص >>
- << وما معنى هذا ... ؟؟ >>
- << لا أعلم .. لكنها رسالة ما , رسالة لم أفهم مضمونها حتى الآن .....!! >>
- << وماذا ستفعل ؟؟ >>
- << لا أعرف لكنني بدأت أخاف ... أشعر بأنني أنقاد لشيء ما >>
- << ( يوسف ) بالله عليك اترك هذا الموضوع وتخلص من المخطوطة , فقد بدأت أشعر بانقباض شديد منها >>
- << الليلة سأنهي كل شيء صدقيني >>
كان ( يوسف ) يمني نفسه بأن ينسى كل شيء عن المخطوطة وهو يتحدث مع ( حبيبة ) , كان يأمل أن تأخذه كلماتها إلى عالم رومانسي أخر لا وجود فيه لوديان الجان , ولا بن إسحاق ولا القوافل الليلية التي تستعين في حمايتها بحراس من الجن .... لكن انقلب الحديث مرة أخرى ليعود لمخطوطة بن إسحاق مرة أخرى .....
- << ماذا تقصد بكلمه الليلة ستنهي كل شيء ...؟؟ >>
- << أقصد أنني سأجتمع أنا وأصدقائي الليلة ... ( إسلام ) و ( محمود ) و ( مصطفى ) و ( أحمد ) و ( حامد ) , وسننهي موضوع المخطوطة الليلة , حتى ولو كانت النهاية بحرقها .... >>
- << ( يوسف ) .... حاذر على حياتك , فأنا أريدك حي >>
- << لا تخافي , ولكن بعد كل تلك الأشياء التي رأيتها , إذا كنت تخططين للزواج مني .... فلا تفكري في الأطفال >>
ارتفعت ضحكة ( حبيبة ) في أذن ( يوسف ) لتجعله يبتسم .... لقد بددت ضحكتها جو التوتر الذي ساد المحادثة منذ قليل ....
- << ( يوسف ) , سأضطر الآن لغلق السماعة .... أسمع أحدهم يفتح باب الشقة , ربما كان أخي ..... سلام مؤقت >>
وهنا أغلقت ( حبيبة ) السماعة , وعلى الجانب الأخر ( يوسف ) يلعن ويسب الشخص الذي يقطع حديثهم ....
..................................................
يتبع

طيف عابر
10-25-2012, 02:52 PM
هيا لنجتمع


- << السلام عليكم >>
- << وعليكم السلام .... >>
- << ( حامد ) موجود ...؟ >>
- << نعم , نقول له من يريده ؟ >>
- << ( يوسف ) >>
- << لحظة واحدة >>
بالتأكيد لا تحتاج إلى الكثير من الذكاء كي تعرف أن تلك محادثه تليفونية , ولا عبقرية لكي تعرف أيضاً أن الطرف الأول هو ( يوسف ) , وأنه يطلب صديقة ( حامد ) في منزلة ...
- << الو >>
- << ( حامد ) ... كيف حالك يا شقي >>
- << أبو ( يوسف ) ... هل مازلت حياً , كيفك وكيف أحوالك؟؟ >>
- << الحمد لله , ما أخر أخبار الصياعة ... وأخبار الشقاوة >>
قهقه ( حامد ) _ المهييس _ بصوت عال وقال
- << تم تدعيم الصياعة منذ يومين , ولكن ما أخبار الجماعة ؟؟؟ >>
- لا نحتاج هنا للتوضيح أن بعض الشباب عندما يتكلمون عن البنت التي يحبها أحدهم يطلقون عليها لفظة ( مدام ) أو ( جماعه ) , وربما كان ذلك للدلالة على نية الزواج منها , وذلك عكس الشباب الذين يطلقون على البنت لفظة ( مزة ) أو ( البت بتاعتي ) والتي تدل على أن الشاب يتسلى لا أكثر .... وهنا يقصد ( حامد ) بكلمه الجماعة ( حبيبة )
- << كويسين الحمد لله , أريدك في خدمه صغيرة ..... >>
- << تحت أمرك ... هل تريد سيجارة بانجو أم حشيش بالحنة ....؟ >>
- << خيبك الله .... أنا أتكلم بجديه , أريدك الليلة أنت وباقي الشلة , نتسامر ونجلس سوياً >>
- << لكني مشغول الليلة , سألعب في الدور قبل النهائي في دوره البلاي ستيشن >>
- << أعصابي ....!!! اترك دوره البلاي ستيشن الليلة لأجلي فقط >>
- << سأحاول ولكني لا أعدك , فتصفيات الليلة ستؤهل للدور النهائي بين منتخب شباب ( شبرا مصر ) ومنتخب شباب ( شبرا الخيمة ) ..... ويجب أن لا أتخلى عن فريقي >>
- << ولأي فريق فيهما تنتمي ؟؟؟؟ >>
- << منتخب شباب ( أبو أتاتا ) نياهاهاهاهاهاهاهاها >>
- << ( حامد ) , ستأتي الليلة بلا مناقشة , ولا تتعب أعصابي بهزارك السخيف هذا .... موعدنا عندي في الشقة بعد صلاه العشاء >>
- << تقبل الله >>
- << منا ومنكم يا خفيف >>
- << أقابلك الليلة إذن بعد صلاه العشاء في العوامة يا سي السيد >>
- << سلام يا ( حامد ) , فإن أعصابي لن تتحمل خفة دمك أكثر من ذلك >> * * *

نص رسالة أرسلها ( يوسف ) إلى صديقة ( إسلام ) على هاتفه المحمول :
- اسلام أريدك أنت و أحمد عبد الحميد الليلة في الشقة عندي بعد صلاه العشاء . سنتقابل جميعا بما فينا حامد ومصطفى ومحمود . لا تنسى التأكيد على محمود . انتظركم * * *


الساعة ( السابعة ) ليلاً في منزل ( يوسف )
22 / 1

الله أكبر . الله أكبر . الله أكبر . الله أكبر
أشهد أن لا اله إلا الله ...... أشهد أن لا اله إلا الله
أشهد أن محمد رسول الله ...... أشهد أن محمد رسول الله
حي على الصلاة ...... حي على الصلاة
حي على الفلاح ....... حي على الفلاح
الله أكبر . الله أكبر
لا اله إلا الله
كان هذا آذان العشاء من المسجد المجاور لـ ( يوسف ) , ولكنه لم يسمع سوى أخره ... لأنه كان يغط في النوم من قبل صلاه المغرب عندما شعر بالإجهاد , وحتى يكون متيقظ أثناء وجود أصدقاءه ليلاً ....
فقام من نومه وهو ينظر لموبايلة ليرى كم الساعة ... رباه لقد ضاعت منه صلاه المغرب ....!!
قام جرياً إلى الحمام ليبدأ في التوضأ ليلحق الصلاة في المسجد ....
ثم خرج من منزله وهو يهرول ليلحق بالمسجد ....

* * *
نحن الان نجلس في المسجد الذي يصلي فية ( يوسف ) دائماً .. لقد انتهت صلاه العشاء وبدأ المصلين في المغادرة ولكن ( يوسف ) ذهب إلى الامام :
- << السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة >>
- << وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتة .. ( يوسف ) .. ما أخبارك يا صديقي >>
كانت تلك العبارة من الشيخ ( محمد ) الذي ابتسم بمجرد رؤية ( يوسف )
- << هناك موضوع أريد أن أخبرك به يا شيخ .. لا أعرف لكني أشعر أنني يجب أن أخبرك أنت بكل شيء عن الموضوع لسبب لا أعلمة >>
- << تفضل يا ( يوسف ) ماذا هناك ؟؟؟ >>
أخذ الأثنين أحد أركان المسجد ثم بدأ ( يوسف ) في شرح كل شيء عن المخطوطة بتفاصيلها التي قابلته منذ أن وجدها إلى أن بحث عنها وأخبر أصدقاءه بها وحتى حادثة سور الأزبكية التي لم يجد الكشك بها , ثم ذهابة لـ ( عماد ) ..
في هذه المرة روى ( يوسف ) كل جوانب القصة بلا أي حذف .. كان الشيخ ينظر له مذهولاً لا يعلم كيف ينطق أو ماذا يقول ... * * *


الساعة ( السادسة والنصف ) في منزل ( إسلام )
22 / 1
( إسلام ) يجلس أمام شاشة الكومبيوتر , بجواره يجلس ( أحمد ) وهما يتحدثان
- << هل تعتقد أن ( يوسف ) قد توصل لشيء بخصوص موضوع المخطوطة ..؟؟ >>
كانت تلك العبارة من ( إسلام )
- << لا أعرف ولكن الموضوع نفسه شائك , وخصوصاً بعد أن قابلت اليوم ( مصطفى ) وأخبرني أن أحد أساتذة قسم التاريخ قد قال ببطلان تلك القصة >>
لم يكن ( أحمد ) يريد أن يخبر ( إسلام ) عن موضوع لقاء خاله هذا قبل أن يخبره هو ( يوسف ) فربما كان ( يوسف ) لا يريد أن يعلم أحد بهذا الموضوع
- << ومع ذلك نحن لم نعرف بعد ما توصل له ( يوسف ) عندما ذهب لسور الأزبكية , فربما وصل إلى طرف خيط بخصوص المخطوطة >>
- << ربما توصل لشيء .... ولكنني مقبوض من تلك المخطوطة بدرجة لا تتخيلها >>
- << ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ >>
وهنا أعتدل ( أحمد ) في جلسته وبدأ يتكلم
- << هل تعرف .... إن تلك المخطوطة لها تأثير كبير على نفسي , فبالرغم من أني لم أكن أصدقها منذ أن حكى لنا ( يوسف ) كيف اشتراها , لكن يبدوا أن عقلي قد تأثر بها جداً >>
- << ماذا تقصد ؟ >>
- << لقد حلمت أول أمس بكابوس رهيب ..... أنني أقف على يابسة في المياه ... وأمامي أربعه رجال مكبلين من أيديهم وأرجلهم , بالسلاسل .... ووجوههم تذوب بفعل السخونة التي لم أعلم مصدرها ... وفي نهاية الكابوس ذاب جسدي من السخونة مثلهم ... >>
كان ( إسلام ) منشغلاً بشيء ما على الكومبيوتر , ولكنه بمجرد سماع الكابوس الذي رواه ( أحمد ) توقفت عيناه في محجريهما ... ثم نظر ببطء إلى ( أحمد ) ...!!!
إن الكابوس الذي يصفه ( أحمد ) قد شاهده هو نفسه أول أمس أثناء نومه ........!!!! * * *


لقد رأى الأربعة المكبلين بالسلاسل وهم يعرقون بغزارة .... ثم يصعد دخان من أجسادهم .... لماذا يصعد الدخان من أجسادهم ...؟ لأن وجوههم تسيح بالطبع ..... كان مشهد مثير للاشمئزاز أكثر من كونه مرعباً .... وجوههم تسيح وتتحول لسائل لزج يتساقط على الأرض ببطء
* * *


الساعة ( الثامنة إلا الربع ) أمام باب شقة ( يوسف )
22 / 1 الآن ( يوسف ) يفتح باب الشقة ليدلف إليها بهدوء .... ولكن مهلاً ... نسيت أن أصف لك الشقة من الداخل ...
هي شقة .... كأي شقه .... تتكون من صالة واسعة وثلاث غرف و صالون , بالطبع لن أذكر لك عدد أمتار الشقة ولا على ماذا تطل , فنحن لسنا بصدد بيعها على كل حال ...
نسيت أن أقول لك أن المنزل الذي يسكن به ( يوسف ) يتكون من خمسة طوابق ... وشقته تحتل الطابق الثالث , نسيت أيضاً أن أقول أن ذلك المنزل بالكامل يسمى ( منزل عائلي ) ..... أي أن جميع طوابقه تسكنه عائلة واحدة , وهذا هو ما كان
فعائلة والد ( يوسف ) يحتلون الدور الأول والثاني والرابع , أما الدور الخامس فقد بناه والد ( يوسف ) ليجعله شقه ليتزوج فيها ابنة ......
وكان الدور الخامس يتكون من شقة تم تجهيزها بأشياء بسيطة , كان ( يوسف ) يذاكر فيها من وقت لأخر .... وربما جلس بها هو وأصدقاءه يثرثرون في أي شيء ,وفي بعض الأحيان كان ينقل إليها جهاز الكومبيوتر ليجلس هو وأصدقاءه أمامه , ولا تسألني ماذا كانوا يفعلون .....
الآن قد وصفت لك منزل ( يوسف ) وشقته , بقى أن أصف لك ( يوسف ) نفسه .... فقد أجلت وصفه لسبب لا أعلمه أنا شخصياً ... ولكني سأصفه لك الآن ...
( يوسف ) .... طوله يتراوح بين الـ 180 و الـ 185 ... و ربما كان أطول , لا أعلم فأنا لا أخذ المقاسات ولست ترزي إن أردت رأيي .... جسده يميل للنحافة
أبيض البشرة .... لا يوجد شيء يميزه .... فليس له شارب ولا لحية , وعيناه غير مميزة في شيء سوى شيء بسيط ... أن حواجبه تأخذ شكلا يجعل للعين مظهراً يذكرك بالذئاب _ لو كانت للذئاب حواجب _ عندما تنظر لفريستها قبل الاصطياد ... حتى أن البعض عندما يراه لأول مرة يعتقد أنه ينظر لعيني حيوان مفترس ...
أما فمه فكان عادياً لا شيء يميزه ربما قلنا انه يمتلك أنفاً صغيراً نسبياً ....
نرجع مرة أخرى لصديقنا وهو يفتح باب الشقة ليدلف لداخلها ثم يضيء الأنوار التي أغلقها قبل أن يذهب للمسجد ...
بدأ ( يوسف ) في التحضير لجلسة أصدقاءه , فجهز ستة أكواب فارغة ووضعهم على صينية في المطبخ , وبجانبهم وضع البراد جاهزاً ليرفعه على النار .... براد واحد لا يكفي ... لذا أخرج براداً أخر من أحد أرفف المطبخ
بضعه دفقات من معطر للجو انتهت صلاحيته منذ شهران ...
أضاء أنوار غرفة الصالون .... إذن كل شيء جاهز للشباب عندما يأتون ...
* * *


<< الليلة سأنهي كل شيء صدقيني >>

.................................................. ....................................

يتبع

طيف عابر
10-25-2012, 02:53 PM
اكتشاف بسيط

عاد ( عماد ) من مكتبة مجهداً فدخل شقته ولكنة لم يجلس ليستريح بل توجه مباشراً إلى مكتبة ليكمل ما كان يبحثة أمس ليلاً .. فقد ظل طوال الليل يفرض الاحتمالات ويبحث في الكتب عن شيء يشبة تلك الطريقة التي كتبت بها الكلمات التي في المخطوطة ..
لقد تحول المكتب إلى حظيرة خنازير من كثرة الفوضى , كتب وأوراق مبعثرة في كل مكان وأقلام هنا وهناك ولكن في جزء صغير كان الورق الذي تركة له ( يوسف ) كما هو كي لا يضيع في وسط تلك الفوضى الرهيبة
جلس على المقعد المقابل للمكتب ثم أحضر ورقه بيضاء وقلماً وبدأ يفعل عادته القديمة , حيث يفكر بعقلة وكلما توصل لفكرة صحيحة يدونها على الورقة أو يدون كلمة تدل على تلك الفكرة وبدأ عقلة يفكر بقوة مرة أخرى :
هناك خيوط كثيرة متشابكة لا تقودة إلى شيء .. فهناك مخطوطة تحتوي على كلمات كتب بعضها بالسريانية وبعضها بالعربية وبعضها تجميع لحروف لا يفهم معناها
الكلمات العربية تدعو لفك قيد شخص يدعى ( بن ذاعات ) , ثم هناك دعوة لرجوع جنود المارد لتكوين الجيش الأعظم ..!!!
من المستحيل أن تكون تلك الكلمات مخصصة لاستدعاء خادم من الجن فاللهجة توحي بإستدعاء شيء غريب .. ولا أعتقد أن هذا الشيء إذا تم استدعاءه سيهتم بالمال
أما الكلمات السريانية فقد حوت على أسماء من ملوك الجن في العالم القديم هو يعرف اسم أو أثنين من أسماء هؤلاء الملوك لأنه قد قرأ أسمائهم في بعض كتب السحر .. ولكن هناك أسماء لم يسمع بها ..
هناك لهجة يعرفها جيداً تسمى القسم وهي لهجة تؤدي للكفر بالطبع , فقبل بعض الأسماء ذكرت كلمة ( بحق ) .. فتحولت اللهجة إلى بحق كذا وكذا .. وهي لهجة يخاطب بها الساحر أنفار الجن العاديين ليفعلوا شيئاً معيناً لأن الساحر عندما يقول بحق الملك كذا فإن خادم الجن يخاف من بطش هذا الملك به
فيفعل ما هو مأمور به إلا في حالات معينة ...
الغريب هنا أن هناك ما يدعى وادي القرنيم وهو لم يسمع بهذا الاسم أيضاً .. هناك وديان للجن وعشائرهم لكن أسمائهم مختفية عن الأغلبية وبعضها غير صحيح
رفع ( عماد ) عينية من على الورقة لاحساسة بألم بسيط في الرأس من كثرة التركيز في الورقة .. عينيه بدأت تتألم هي أيضاً
فقام من المكتب وذهب لغرفة نومه ليخلع العدسات اللاصقة التي يرتديها ثم يرتدي زوج أخر .. قليلون هم من يعرفون أن نظرة ضعيف جداً جداً وانة أجرى عملية من قبل بسبب ضعف نظرة وأجرى تعديل نظر بالليزك ولكنة يرتدي العدسات أيضاً ..
ولكن لا أحد يعرف أن ضعف النظر السريع هذا قد أصابه بعد تلك الليلة التي استطاع ان يرى فيها الجن ...
ربما هناك عيوب كثيرة لرؤية الجن ..
* * *
عاد مرة أخرى لمكتبة ولكنه توقف قبل أن يجلس على المقعد وبدأ يتذكر الكتاب الذي اشتراه من أربع سنوات وكان يتكلم عن الحروف وخواصها ... أين مكانه .. أين مكانة ؟؟
نعم ها هو , أخرج ( عماد ) الكتاب من على أحد الأرفف ثم أخذه معه إلى المكتب وفتحة وبدأ في النظر السريع لصفحاته حتى يجد ضالتة ...
كتاب أصفر اللون هو يتكلم عن الحروف وخدامها وأن لكل حرف خدام ينفذون أوامره الذي إذا أجتمعت بعض الحروف ونطقت فإن الخدام ينفذون أمراً معيناً بلا نقاش .. كما كان هناك طرق قديمة لحبس البشر والعفاريت على السواء بتلك الحروف ..
الحروف تكتب على جبينهم مثلاً فيفعل خدامها المأمور به
كأن أكتب مثلاً تلك الحروف على أيدي بشري فتمنعها من التحرك ...!!!
كذلك فإن التعاويذ بعضها هو مخاطبة للجان والعفاريت وبعضها هو حروف مجمعها تأمر خدام الحروف بفعل شيء معين
بالطبع الأشياء التي ذكرها الكتاب عن قدرات تلك الحروف ضئيلة جداً
لحظة ...
رفع ( عماد ) عينية وقد بدأت الأفكار تلتحم في رأسه في تسلسل
هناك حلقات مفقودة ولكن يمكن توقعها بشيء من العسر
الكتاب يتكلم عن حروف يمكن أن تسجن بشر أو جان ...
الكلمات العربية في المخطوطة كانت تدعو لفك قيد ( بن ذاعات ) ...!!! ياللهول
هل ما يفكر فية حقيقي ؟
هناك نوعين من التعاويذ كما ذكر الكتاب .. النوع الأول وهو الطلب أو القسم على الجني أو الخادم ليفعل شيء ما
وهو يعرف هذا النوع جيداً .. النوع الثاني وهو الحروف التي تتجمع لتأمر خدام الحروف بشيء معين .. ربما كان فعل معين مثل ... مثل حبس شخص
هناك شخص محبوس .. ولكن تلك الكلمات بالتأكيد لم تكن لحبسة .. بل هي لتحريره على ما يبدوا ...
ياللهول .. لقد فهم الآن .. لقد فهم
عندما نطق وقال ( بن ذاعات ) في المرة السابقة ورأى بعدها عمار المكان من الجن ينظرون له يتعجب ثم دخوله في غيبوية ونقل لعقلة الكثير من المشاهد الغريبة
كان هناك مشهد يمثل كائن مقيد بسلاسل وهو يصرخ وأمامة يقف شيئان لم يتبين ملامحهم يحملون حراب مدببة ويوجهونها ناحيته بتحفز
هذا الشيء هذا الشيء .. هذا الشيء هو :
- << بن ذاعاااااااااااااااااات >>
لقد نطق ( عماد ) تلك الكلمة بإنتصار وبدون وعي .. يبدوا أن ( عماد ) مصاب بنوع نادر من التخلف العقلي .. فعند نطق إسمة هذه المرة سمع أصوات صفير شديدة ثم غاب عن الوعي مرة أخرى
.........................................

يتبع

طيف عابر
10-25-2012, 02:56 PM
الليلة سأنهي كل شيء



الساعة العاشرة والنصف بمنزل ( حامد ) :
22 / 1 نحن الآن في غرفة نوم ( حامد ) ... ونرى الآن والدة وأخوات ( حامد ) وهم يجلسون حول الفراش , يا ترى من يجلس على الفراش ؟؟؟
إنه ( حامد ) ....!! يجلس على الفراش وقد وضعت قدمه اليمنى في الجبس ...؟ ويمسك تليفونه المحمول ويبدوا أنه يطلب رقماً
- << مستحيل ذلك الذي يحدث ...!! جميع موبايلات الشلة مغلقة ...؟ وحتى هاتف منزل ( يوسف ) مرفوع مؤقتاً من الخدمة ؟؟؟؟ >>
كانت تلك العبارة من ( حامد ) وعلامات الغضب بادية على وجهه .... فردت علية أخته قائله
- << اهدأ , ربما سقطت الشبكة في المنطقة التي يجلس بها ( يوسف ) , ثم لما تشغل بالك حتى الآن ... بالتأكيد هم يعرفون أنك في ظروف خاصة طالما لم تذهب لمنزل ( يوسف ) الليلة >>
- << لكني كنت أريد الاعتذار عن عدم ذهابي اليوم بسبب كسر قدمي أثناء نزولي على السلم ... والغريب أنه لم يطلبني أحد على تليفوني ليستفسروا عن غيابي ....!!!!! >>
* * *


الساعة الحادية عشر بمنزل ( يوسف ) ( الدور الخامس )
22 / 1
كان الأصدقاء الخمسة يرتقون درجات السلم بهدوء لكي لا يثيروا جلبة في باقي المنزل ... وكان ( يوسف ) هو من يتقدمهم ... حتى وصلوا إلى الدور الخامس , فأخرج ( يوسف ) من جيبه سلسلة المفاتيح ثم انتقى مفتاح شقة الطابق الخامس , ودسه في ثقب الباب ليفتحه ...
يا لها من رائحة عطن تهب عليك عند فتح باب الشقة ... رائحة تكونت من عدم الاهتمام بتنظيفها إلا كل بضعه شهور , هذا غير أن ( يوسف ) لم يكن يصعد إليها إلا لماماً .. فبعد أن انتهى من دراسته الثانوية لم يعد يذاكر بها كما مضى , فقد ولت أيام سهر الليل في المذاكرة وأكواب الشاي الساخن والكولا الباردة والتركيز الرهيب ... لقد أصبحت معدلات تركيزه في المذاكرة تساوي صفراً , ولذلك قل صعوده إلى تلك الشقة , وبالتالي قل اهتمام والدته بها ... ولكني دعني أصف لك الشقة حتى أوفي ما علي في حقها ...
تلك الشقة تأخذ الطابق الخامس كله , عند دخولك من باب الشقة تعصف أنفك رائحة عطن ناتجة عن عدم تهوية المكان .. عندما تدخل ستجد على يمينك أول غرفة في الشقة والتي تستعمل غالباً للنوم .. وعلى يسارك ستجد صالة واسعة ..
الشقة مفروشة بالموكيت الخشن , أما الحوائط فهي مدهونة بطبقة من الزيت .. وفي وسط الصالة تجد منضدة بيضاء مربعه الجوانب كان ( يوسف ) يستخدمها في المذاكرة قديماً هو وزملائه , وحول المنضدة تجد أربعه مقاعد من نفس لون المنضدة ... وما هو لون المنضدة ؟؟ أبيض بالطبع ...
على أحد حوائط الصالة وبالتحديد بالقرب من مكان المنضدة في أعلى الحائط تجد ساعة حمراء اللون , ساعة قديمة جداً يتذكر ( يوسف ) أنها جاءت هديه من أحد أصدقاء والدة .. ساعة حمراء اللون دائرية الشكل من النوع الذي يصدر ذلك الصوت الممل الرتيب للساعات القديمة
تك تك تك تك تك تك تك تك تك تك تك تك تك تك تك
الشيء البغيض في تلك الساعة أن صوتها أعلى من المعتاد , فتجعلك تتضايق من صوتها المنتظم
بجانب الصالة سترى ممر ( طرقة ) واسع يفضي في نهايته إلى الحمام والذي يجاوره المطبخ ...
تك .... زر الإضاءة يضغط عليه لتبدأ مصابيح الكهرباء المعلقة في السقف في الإضاءة .... أربع مصابيح من النيون يحاولون الإضاءة مطلقين صوت ( زززززززززز ) ثم تبدأ الإضاءة بهدوء حتى تضاء الصالة بالكامل بضوء ابيض جميل ....
- << سبحان الله لم تتغير الشقة منذ أن كنا نقضي بها الليل أثناء الثانوية العامة >>
كانت تلك العبارة من ( أحمد ) وهو يتأمل الشقة بعينيه .. فرد علية ( يوسف ) وهو ممسك منديلاً ورقياً ويحاول أن يزيل الأتربة من على المقاعد :
- << لم يهتم بها أحد بعد انتهاء الثانوية , وأختي تخاف من المذاكرة فيها بمفردها , فتم هجر الشقة مؤقتاً ... هل معك منديل ؟؟؟ >>
- << تفضل >>
أخذ ( يوسف ) و ( أحمد ) و ( مصطفى ) يحاولون إزالة الأتربة من على المنضدة والمقاعد المحيطة بها .. ثم دخل ( يوسف ) لغرفة النوم ومنها دخل غرفة أخرى ثم غرفة أخرى ليحضر مقعد إضافي
كان مقعد من المقاعد التي ترص في الصالون ... كان قديماً لكنه صالح للاستعمال
- << هيا ماذا تنتظرون ؟؟؟ اجلسوا على المقاعد التي تحيط بالمنضدة ... أخ .... نسيت الشمعة , أعطوني دقائق وأتيكم بها >>
قال ( يوسف ) تلك العبارة ثم نزل جرياً إلى الشقة ليحضر شمعه وعلبة ثقاب ...

* * *
نعود مرة أخرى إلى ( عماد ) والذي نطق الاسم ودخل في غيبوبة كالتي دخل بها أخر مرة .. ولكن يبدوا أن تلك الغيبوبة تختلف قليلاً عن الأولى , فهو يشعر أن عقلة متيقظ بطريقة طبيعية كأنه لم يدخل في الغيبوبة .. إنة يفكر أيضاً ..
بدأت تتشكل أمامة صورة مهزوزة لشاب يقف وهو معطي ظهرة لشيء غريب لا يدي ما هو لكنة يشبة الغوريلا من كثرة الشعر الذي يغطية ..
الكلمات تتردد باللغة الفارسية التي يفهمها جيداً .. إنة أحد أنواع العهود من الجن ..
لقد كان الكائن يطلب أشياء من الشاب باللغة الفارسية ..؟ , وكان الشاب يوافق وهو يرتعش وفي النهاية قال هذا الشيء عبارة ثم اختفى ..
ما هذا ..!! لقد قال ( عندما تحضر القرابين سنتقابل ثانياً يا ( بن القصاب ) )
أعصابي .. هذا هو الحي بن القصاب الساحر الفارسي الذي أتى للقرية المصرية .. قرابين .. ؟
لقد كان هؤلاء الأربعة قرابين إذاً .. لقد فهم لقد فهم
الموضوع بدأت معالمة ... انتظر لحظة ما هذا ؟
هو الآن يرى أنة يقف أمام عرش مطعم بالذهب على جزيزة في وسط الماء والنار في كل مكان تشتعل وتخمد بإنتظام
ثم رأى أربعة رجال يسيرون وهم ينظرون إلى الأرض بحزن ثم يقفون أمام العرش .. هناك تشويش بسيط في الحلم لكنة يعتقد أنة رأى تلك الوجوة من قبل ...
نعم .. نعم , هذا ( أحمد ) بن أخته أحد الأربعة .. يقف وهو حزين بينهم ..
فجأة , ظهر ( يوسف ) من خلف الكرسي المطعم بالذهب وهو يسير ببطء وخلفة يسير ثلاثة لا يتبين ملامحهم .. إنهم الذين رأهم مع ( يوسف ) يتبعونة أينما كان ..؟
تقدم ( يوسف ) ووقف أمام الأربعة .. الحلم يتشوش وكأنة رؤية على صفحة من الماء إنة .. إنة يختفي ببطء
لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااااااا
أكتملت الصورة
أكتملت الصورة
لقد علم ماذا يحدث .. عرف من هم القرابين ...
عاد ( عماد ) إلى وعية ببطء ولكنة قام من على مكتبة وهو يردد مراراً وتكراراً :
- << يجب أن أمنع القرابين من أن تذبح .. يجب أن أمنع القرابين من أن تذبح >>
توجهه إلى التليفون ليطلب منزل أختة فقط لترد علية فقال لهات بصوت عال :
- << ألو .. أنا ( عماد ) .. أخبريني بسرعة أين ( أحمد ) ؟؟؟ .. ماذا ذهب لمنزل صديقة ( يوسف ) ليقابل باقي أصدقاءة .. ياللمصيبة >>


* * *



شقة ( يوسف ) الساعة الحادية عشر والربع
22 / 1 والآن المشهد كالأتي :
( مصطفى ) و ( حامد ) و ( أحمد ) و ( محمود ) يجلسون على المقاعد الأربع البلاستيكية والتي تلتف حول المنضدة ... وفي وسط المنضدة ثبت ( يوسف ) شمعه كبيرة نوعاً ما وضوءها يتراقص يميناً ويساراً ... وكل الجالسين حول المنضدة يحمل في يده قصاصة الورق التي كتب فيها ( يوسف ) الكلمات ...
أما ( يوسف ) نفسه فقد جلس على مقعد بعيداً عن مكان المنضدة بخطوة أو أثنين وقد أمسك بين يديه الورق المنقول فيه نص المخطوطة الأصلية ...
هنا تكلم ( يوسف ) وعلامات القلق بدأت تظهر على وجهه :
- << شباب ... لقد بدأت فرائصي ترتعد بحق ... وبدأت أميل إلى أن نوقف ذلك الموضوع ... ما رأيكم >>
فرد عليه ( حامد ) مغتاظاً
- << بعد كل الترتيب التي قمنا بها وتريد إنهاء الموضوع ...!!! لنقل الكلمتين وننزل لشقتك فلن يحدث شيء >>
وهنا قال ( محمود ) :
- << بالفعل أحس بانقباض شديد جداً ... لكن أعتقد أن ذلك من تأثير خوفنا من المخطوطة ومن تأثير الجو النفسي مثل الشمعة والشقة المهجورة , لكني أعتقد أن الموضوع بالكامل خرافة فلن يضيرنا أن نقول الكلمتين ونرحل فلا خوف من الموضوع >>
يبدوا أن كلام ( حامد ) و ( محمود ) قد أثار روح التحدي في نفس ( يوسف ) .. فهو لا يريد أن يظهر بمظهر الجبان الذي يخاف من لا شيء
- << إذن هيا فلترددوا الكلمات بنفس التوقيت بصوت واحد .. >>
كانت تلك العبارة من ( يوسف ) , فأضاف ( حامد ) :
- << حاضر سنبدأ القرأة ولن ننسى أن علامة حضور عفركوش هو ارتفاع لهب الشمعة لسقف الشقة >>
- << اخرس وأبدأ القراءة >>
مرت لحظات صمت بسيطة نظر فيها الأصدقاء الأربعة لبعضهم البعض ... ثم بدأ الجميع القراءة بصوت عال
((سمامها طولام فقدشبينا يوهانيط سمسمائيل يصيفيدش أحرق كل من عصى أمرك بحق إصطفار و بيوم عمياخ وبحياة هليع بحق إصطفار وبيوم عمياخ وبحياة هليع .....
*

هل تتذكرون الكهف الذي رأيناه في الفصل الثالث ( السجين ) , في لحظة قرأه الأربعة أصدقاء للكلمات وعند هذه النقطة من الكلمات نرى المشهد الأتي ....!!!
كانت هناك كلمات على فتحه الكهف من الخارج ... تلك الكلمات تذوب الآن ... تذوب وكأن هناك مادة حارقة تذيبها ..؟؟؟
أما الكهف نفسه فقد بدأ يهتز من الخارج كان هناك زلزال في تلك المنطقة .. لا لقد أخطأت ... إن الصخور التي تحيط بالكهف هي التي تهتز فقط وتتزلزل من مكانها ..؟؟؟


*
يا من تسمعون في وادي القرنيم بحق سيدكم وبحق مقبلكم فكوا قيد بن ذاعات فكوا قيد بن ذاعات فكوا قيد بن ذاعات ....
*
عندما وصل الأصدقاء لتلك الكلمات ظهر شيء غريب ... شيء لن نراه بأعيننا نحن البشر .. لكن ماذا لو أننا نرى بمنظور أخر ... منظور شخص يرى عالم الجن وعالم البشر ...
الهواء يتخلخل حول الأربعة الجالسين على المنضدة .. وعند خروج الكلمات من حلوقهم فإن الهواء يتخلخل حولهم أكثر ... أصوات صفير وكلمات تقال بسرعة رهيبة , كلمات لم تخرج من حلوق بشرية .... عفاريت من الجن تتحرك في سرعة حول الأربعة ....
كل شخص من الجالسين على المنضدة يقف بجانبه نفر من الجن ماعدا شخص واحد لا يقف بجانبه أي شيء
أشكال الواقفين بجانب كل شخص مخيفة ... عيونهم واسعة جداً لدرجة أنها تأخذ نصف وجوههم ... وقرونهم كبيرة جداً ... يقفون ولا يفعلون غير شيء واحد ..
يرتعشون ويهزون رؤوسهم لأعلى وأسفل بلا انقطاع ..!!
* ( مازال الأصدقاء يكملون القراءة )
فيدعاهاط موسماعل بق حتى إذا أحضرتم أحرقكم المولى بحق وصيل مشموهوه شرطيائيل

*

نحن الآن في أحد الأودية الصحراوية التي يسكنها الجن ....
(( فيدعاهاط موسماعل بق حتى إذا أحضرتم أحرقكم المولى بحق وصيل مشموهوه شرطيائيل ))
كان ذلك النداء السابق يتردد في الأودية وكأن له ذبذبة خاصة به ...!! بعد انتهاء النداء بدأ كأن هناك بخار يتكاثف فوق رمال الأودية .. بخار اسود اللون .. ثم بدأ البخار يتجسد ببطء ليكون ألاف من أفراد الجن يملئون الأودية وهم يفعلون شيئاً واحداً
يرتعشون ويهزون رؤوسهم لأعلى وأسفل بلا انقطاع ..!!
*
( مازال الأصدقاء يكملون القراءة )
موهوقمي نوخيشما بهدار مخلبي

*
هنا ارتفع صوت كأنه حيوان يعذب ...!! أو إذا أردنا الدقة لقلنا أنه حيوان جريح يزأر ...... *
انتهي الأربعة من القراءة ليرتفع فجأة من خلفهم صوت ( يوسف ) وهو يردد من الورقة التي في يده ...


أريقاً أريقاً فليقاً فليقاً حليقاً حليقاً أتوني مستكين مستكين مستكين .... احضروا أينما تكونوا احضروا فإنكم محاطون به من كل جانب ...

*

مازالت صخور الكهف تهتز مرة أخرى , ولكن دعونا نلقي نظرة على الكهف من الداخل وماذا يحدث به الآن :
هل تتذكرون السجين ... لو تذكرنا السجين جيداً لتذكرنا أن يديه مكبلة بالسلاسل والسلاسل منقوش عليها نقوش غريبة المنظر ....
الآن هذه النقوش تشتعل بها النار ... وتتغير ملامحها وتذوب نهائياً ...؟
السجين يقف والسلاسل التي تكبل يديه تتكسر بسهولة وكأنها الحبال .....
السجين يبتسم بهدوء للحارسان الذين يحرسانه وينظرون له الآن برعب شديد ... يبدوا أن هذا السجين سيفتك بالحارسان بكل هدوء وبلا ضجة ....


*
( مازال ( يوسف ) يكمل القراءة وسط دهشة أصدقاءه )


سمسائيل الهوام يحاقوف المخلبي سمسائيل الهوام يحاقوف المخلبي ارجعوا يا جنود المارد ارجعوا يا جنود المارد

*


حول الكهف وقف آلاف من أفراد الجن يحيطون بالكهف ويصدرون من حلوقهم _ إن كان لهم حلوق _ أصوات غريبة وكأنها نداء على شخص ما


*
( مازال ( يوسف ) يكمل القراءة )



فكوم يا حليق فكوم يا حليق نخدام بهاميم بحق سمسائيل أن تأتيني احضروا يا جنود المارد لتكونوا الجيش الأعظم الوحى الوحى العجل العجل الساعة الساعة احضروا بحق مخلبي


وهنا انقطع التيار الكهربي عن الشقة ... ثم انطفأت الشمعة .....

* * *

- << أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ... أين أنت يا ( يوسف ) >>
- << أنا جالس مكاني يا ( أحمد ) لا تخف >>
دارت هذه المحادثة وسط الظلام الذي ساد الشقة بعد انقطاع التيار الكهربي ... ثم بدأ الجميع يستعيذون بالله من الشيطان الرجيم
- << أشعر بخوف شديد يا جماعه , فلتضيء الشمعة يا ( يوسف ) >>
فرد ( يوسف ) قائلاً
- << يبدوا أنك نسيت أن علبة الثقاب بجانب الشمعة أمامك ... هيا أضيء الشمعة >>
أخذ ( مصطفى ) يتحسس المنضدة حتى وجد علبة الثقاب , فأخذ منها عوداً وبدأ في إشعاله .... ثم قربة من الشمعة لتضيء المكان ..... أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. إن الظلام أجمل بكثير , ما هذا الهول ؟؟؟؟؟؟؟؟


* * *
ملحوظة :
من الآن سأروي كل ما حدث في اللحظات القادمة ولكن سأرويها من منظور كل شخص من الجالسين على المنضدة ... وفي النهاية سأروي من منظور ( يوسف ) نفسه ...


* * *

( أحمد ) يجلس على المنضدة والظلام يغلفه من كل جانب , كان ( أحمد ) يكره الظلام الدامس حتى أنه دائماً ما كان يغلق عينية بمجرد أن ينقطع التيار الكهربي .. فهو يخاف إذا فتح عينية أن يرى أشياء تتحرك في الظلام ... ولذا فقد أغلق عينية عند انقطاع التيار الكهربي ...
ثم سمع ( يوسف ) يخبر ( مصطفى ) بأن يضيء الشمعة فنظر باتجاه المنطقة التي يجلس فيها ( مصطفى ) منتظراً إياها أن يشعل الشمعة ... لقد أشتعل عود الثقاب وأضاء الشمعة .....!!!!
أين أصدقاءه ....؟؟؟ المقاعد كلها خالية ولا أثر لأصدقاءه .. أين ذهبوا ؟؟
كانت صدمة على عقل ( أحمد ) لا يمكنه استيعابها , فهو يرى على ضوء الشمعة الذي منحة الكثير من الرؤية في ذلك الظلام أن المقاعد خاوية ولا أثر لأحد ...
بدأ جسده يرتعش من الخوف ماذا يحدث بالضبط , هل هذا مقلب مدبر له ... ولكن كيف وهو كان قد سمع أصواتهم قبل اشتعال الشمعة فكيف اختفوا في لحظة واحدة ؟؟
هنا سمع نقراً يصدر من حوائط الشقة نقراً خفيفاً تكاد تميزة على أنه خرفشة وليس نقراً ... ثم زاد النقر أكثر فأكثر ...
هل تذكرون عندما كنا نصف الشقة وقلنا أنه بجانب الصالة هناك ممر في أخره دورة المياه يجاورها مطبخ ... ( أحمد ) الآن يسمع صوت باب دورة المياه يفتح ببطء شديد كأن الهواء هو ما يحركه , كان صريره عالياً جداً وهو يفتح ببطء .. حتى توقف صوت الصرير
ربما لا نبالغ لو قلنا أن قلب ( أحمد ) قد توقف عندما رأى المشهد التالي :
من الطرقة الموصلة لدورة المياه خرج ثلاثة أشخاص وهم يتجهون ناحية المنضدة التي يجلس عليها ( أحمد ) , ثم وبكل هدوء جلس هؤلاء الثلاثة على المقاعد المواجهة لأحمد ووجوههم تغلفها الظلام ...!!!
ولكن
بمجرد جلوس الثلاثة على المقاعد أمام ( أحمد ) وقع ضوء الشمعة على وجوههم فظهرت أشكالهم أمام ( أحمد )
لم يملك إلا أن يطلق صرخة رهيبة من هول المشهد الذي يراه .... أغمض عينية وجسده يرتعش وظل يطلق الصرخات والدموع تنهمر من عينية ... انه يتمنى الموت الآن .. يتمنى الموت لكي لا يرى تلك الوجوه البشعة وهي تنظر له وتبتسم
هدأت صرخاته قليلاً بعد راح صوته وتحول إلى نحيب وبكاء خافت , لا نلومه عندما شعر ببلل في سرواله من الخوف ... وبعد دقيقة من النحيب وهو مغمض العينين ينتظر الموت بدأ يفتح عينية ببطء ليرى أن الثلاثة مازالوا موجودين في أماكنهم وينظرون له بهدوء
لم يمتلك إلا أن ينظر لهم بنصف عين , ظل يحاول النظر لهم من بين دموعه حتى تكلم أحدهم .. كان الصوت يخرج منه بنبرات بطيئة وصوت يشبه الحشرجة
- << شكرا لكم لمساعدتنا على الرجوع مرة أخرى .. لن ننسى لكم هذا الجميل ... سنتذكره دائماً بعد رحيلكم >>
توقف ( أحمد ) عن البكاء ووجهه ينطق بالدهشة وهو يقول بصوت خرج بصعوبة
- << رحيلنا ؟؟؟ >>
- << نعم رحيلكم ... ولكن لن ترحلوا بلا فائدة فستصيرون أنتم القربان البشري الذي سيقدم لسيدنا الأعظم .... >>
ثم سكت قليلاً وأضاف
- << المخلبي بن ذاعات سيد جيوش الجن >>
كانت المرئيات في عيني ( أحمد ) بدأت بالاهتزاز وبدأ يفقد الرؤية شيئاً فشيئاً ولكنة قال بصوت خرجت كلماته متقطعة
- << من أنتم ؟؟ ... >>
- << نحن حراس المخلبي بن ذاعات وخدامه الذين تفرقوا في الوديان , وقد حان وقت رجوعنا ... أرجوا ألا أكون فظاً لكني أنصحك أن تنطق الشهادتين وتغمض عينيك .....
نطق ( أحمد ) الشهادتين وهو يبكي ثم أغمض عينية ...
رحم الله موتانا ....



* * *

( محمود ) الآن يستمع ل( يوسف ) وهو يخبر ( مصطفى ) أن يمسك عود الثقاب ويشعل الشمعة , فانتظر حتى سمع عود الثقاب يحتك بالعلبة ثم تضاء الشمعة ...
انه يرى الآن ( يوسف ) جالساً وهو يتلفت حوله برعب .. أما ( أحمد ) فقد كان مغمض العيني وهو يرتجف ببطء ..
أما كرسي ( حامد ) فقد كان خالياً
ولكن عندما نظر ( محمود ) إلى ( مصطفى ) وجدة في مشهد غريب .!!!
لقد كان ( مصطفى ) يرتعش بجنون وهو يحرك شفتيه بسرعة رهيبة وكأنه يحادث أكثر من شخص , أما عن حدقتا عينية فقد كان في مكانهما بياض تام يغلفهما ...؟؟؟
أطلق ( محمود ) شهقة وهو ينظر لمصطفى برعب بينما قال ( يوسف ) بسرعة موجهاً كلامه لأحمد :
- << ماذا يحدث لمصطفى يا ( محمود ) .. أمسكه جيداً كي لا يقع من على الكرسي >>
بالفعل كان ( مصطفى ) سيقع من على الكرسي بسبب أن ارتعاش جسده قد زاد وبدأ الكرسي يهتز بشدة ..
نهض الثلاثة أصدقاء بسرعة وهم يتجهون ناحية ( مصطفى ) وهم يحدثونه ويهزون جسده لكي يفيق بينما من حلقة بدأت تخرج كلمات سريعة غير مفهومة وجسده يهتز أكثر ... وفجأة هدأ جسد ( مصطفى ) ورجعت حدقتا عينية للظهور مرة أخرى , ولكنه نظر هذه المرة لمن حوله وعلى وجهه ارتسمت نظرة حزن ثم قال والدموع بدأت تذرف من عينية
- << ياللهول ماذا فعلنا ... أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله >>
ثم أنتفض جسده فجأة ولمعت عينية وكأنة يعاني وخرجت من حنجرتة صوت حشرجة ثم سكنت حركته تماماً ...
- << لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا >>
أنطلقت تلك الكلمة من ( محمود ) وهو يهز ( مصطفى ) يميناً ويساراً ويحاول أن يكلمه ... بلا فائدة ...
- << لا تمت لا تمت أنتظر يا صاحبي انتظر ماذا رأيت قل لي ماذا رأيت >>
خرجت تلك الكلمات من ( محمود ) بغضب ممزوج بحزن وهو يهز صديقة بلا فائدة , حتى اضطر ( يوسف ) لإبعاده عن جسد ( مصطفى ) حتى يفحصه ( أحمد ) ..
كان ( أحمد ) يحاول فحصة بوسائل بدائية كأن يضع إصبعية تحت فتحتي أنفة , أو يحاول قياس نبضة بأكثر من طريقة ولكن المشكلة أن مظهر ( مصطفى ) كان يوحي بالموت منذ أن أنتفض ....
بدلاً من ملامح الحزن الذي من المتوقع أن تظهر على وجه ( محمود ) ظهرت ملامح الغضب الشديد ... لقد كان أكثر أصدقاءه معاشرة لمصطفى منذ صغرهم ودخلوهم نفس الكلية ونفس القسم , بل كانت لهم نفس الأحلام المشتركة ... - << من أنتم أيها الأغبياء ... اظهروا لي , يا من قتلتم ( مصطفى ) ... لماذا تفعلون ذلك >>
كانت العبارة السابقة تنطلق من حلق ( محمود ) وهو ينظر حوله وعيناه تلتمع من الغضب
أما ( يوسف ) فقد كان عملياً جداً فقد جرى ناحية باب الشقة ليفتحه .. ولكنة فوجئ أن الباب لا يستجيب له ؟؟؟؟؟
يحاول أن يدير مقبض الباب ولكن لا فائدة من ذلك ....
في تلك اللحظة كان ( محمود ) قد بدأ يخرف بالكلام ويكلم أشخاصاً غير موجودين ويتحداهم , ولكن حدثت مفاجأة غير متوقعة ..!!!
أضاءت أنوار الشقة كلها دفعة واحدة لتعمي عيونهم للحظات , ولكن تلك ليست المفاجأة فالمفاجأة كانت أعنف
على الحائط الذي يقف بجانبه ( محمود ) كتبت كلمات بخط كبير مهزوز بالدم تقول :
(( أنت يا من تتحداني لا تتلفظ بما لا تعلم * فبحق الله كنت سأدعك لتعيش لكنك مغرور وستموت لتلك الكلمات التي قلتها ))
قرأ ( محمود ) و ( يوسف ) و ( أحمد ) الكلمات التي على الجدار بعد عودة الأنوار مرة أخرى للشقة ..وبمجرد أن انتهوا من القراءة انطفأت الأضواء مرة أخرى ولكن تلك المرة انطفأت الشمعة مع انطفاء الأضواء فساد الظلام الشقة ...
ومن وسط الظلام ارتفعت صرخة رهيبة تشق الظلام .. صرخة من يتعذب قبل أن يموت ..



* * *

قال ( يوسف ) لمصطفى :
- << يبدوا أنك نسيت أن علبة الثقاب بجانب الشمعة أمامك ... هيا أضيء الشمعة >>
سمع ( مصطفى ) تلك العبارة فبدأ بيده يتحسس المنضدة إلى أن وجد الثقاب .. كانت يده تهتز من الخوف ولكنة حاول التماسك .. أين علبة الثقاب اللعينة .!!
لقد أمسكها أخيراً ليخرج أكثر من عود ليضيئهم مرة واحدة فقد كان يرى أمة تفعل ذلك لتضمن أن تشتعل شعلة كبيرة من اجتماع أعواد الثقاب ..
لقد قرب الثقاب المشتعل من فتيل الشمعة لحظات بسيطة حتى أضاءت الشمعة .. الضوء الجميل الذي يبعث نسبة من الاطمئنان على ذلك الجو الكئيب .. كان ( مصطفى ) قبل انقطاع التيار الكهربي يجلس على المنضدة وعلى يمينه يجلس ( أحمد ) وعلى يساره يجلس ( حامد ) وأمامه ( محمود ) , أما ( يوسف ) فقد كان يجلس بعيداً ..
أما عندما أضاءت الشمعة المكان مرة أخرى كان الترتيب واحد ولكن هناك شيء لا يريحه في المشهد ؟؟؟
بمجرد أن نظر أمامه بعد إضاءة الشمعة وجد ( محمود ) وقد اتسعت عينية برعب أما ( يوسف ) فقد أصدر شهقة من حلقة ... كانت العيون تنظر على يسار ( مصطفى ) مما جعله ينظر باتجاه ( حامد ) فهو الذي كان يجلس على يساره ...
لا يوجد ما يريب .. ( حامد ) يجلس كما هو , ربما تغير شكله بعض الشيء ..؟؟؟ أعتقد أن شعرة قد استطال فجأة وقد خرج من جانبي رأسه قرنان صغيران .. أما يديه فقد كانت سوداء تماما تكاد تلمع من السواد .. وكذلك وجهه كان أسود تماماً .. سواد يشبه الأبنوس .. ربما أمكننا أن نقول أن عينية قد اسودتا تماماً فلا وجود للقرنية .... هذا ما ظهر على ضوء الشمعة ... ويبدوا أنة كان كافياً ليصرخ ( مصطفى ) ويقع هو ومقعدة على الأرض ..
ساد الهرج وجرى الجميع بعيداً عن المنضدة .. ولكن المشكلة أنهم بمجرد ابتعادهم عن المنضدة يدخلون في دائرة الظلام فلا يرون شيئاً فيضطرون مرة أخرى للاقتراب من الضوء الذي ترسله الشمعة التي فوق المنضدة التي يجلس عليها هذا المسخ هادئاً ..
- << أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ... أين ( حامد ) .؟؟؟ >>
انطلقت تلك العبارة من فم ( مصطفى ) وعينية لا تفارق المسخ الجالس وهو يحاول الابتعاد قدر الامكان عن هذا المسخ ...
تلك العيون السوداء لذلك المسخ ثابتة لا تتحرك .. ولكن بمجرد نهاية جملة ( مصطفى ) تحرك وجه هذا الشيء لينظر لمصطفى ويقول بصوت ( حامد ) الأصلي :
- << ( حامد ) يجلس الآن في بيته أمناً فلا تخف علية >>
- << من أنت ؟؟؟؟ >>
هل المسوخ تبتسم ؟؟؟ ربما كانت التشققات التي ظهرت في وجه المسخ تلك هي ابتسامة وهو يقول :
- << أنا ( الغوال ) >>
كان جسد ( مصطفى ) يرتعش وهو يستمع لهذا الشيء ويحاوره , ولكنة أندهش من نطق هذا المسخ لكلمة ( غوال ) فقال له :
- << ماذا تعني ؟؟ >>
- << أنا الغوال من عشيرة الغيلان كلفني سيدي بأن أتشكل لكم في شكل ( حامد ) وأجعلكم تنطقون كلمات رجوع الملك الأعظم المخلبي لتحرروه من قيده .. ولتحرروا جيشه وتجمعوه من الأودية والفلاة .. وقد أتممت مهمتي وحان وقت رجوعي لقبيلتي .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته >>
انطفأت الشمعة بعد انتهاء كلمات الغوال وساد الظلام ..
ولكن ( مصطفى ) شعر بشيء ثقيل يطبق علية , كأن هناك من يكتم أنفاسه ... يحاول أن يأخذ شهيقاً ولكنة لا يستطيع .. الحياة تنسحب منة ببطء ..


* * *

- << لا نعرف جذراً حدود قدرتهم , ولكن يمكننا مما روي لنا أن نحدد بعض الأشياء , مثلاً : يمكنه أن يؤثر بطريقة غير مفهومة لنا على مراكز عقلك ... حيث يجعلك تشعر بأحاسيس وترى أشياء ليس لها وجود في الواقع ... وربما تحكم في بعض مراكز الكلام والأعصاب في المخ ... ويمكنه أيضاً أن يتشكل في أشكال البشر , أو أشكال الحيوانات , أو أشكال بعض الجمادات , فيمكنه التأثير في دنيا البشر بتلك الطريقة ...
وبالطبع هناك طرق أخرى كثيرة لا يمكن معرفتها أو تحديدها .


* * *


( يوسف ) يخبر ( مصطفى ) بأن يمسك الثقاب لكي يشعل الشمعة ... صوت احتكاك عود الثقاب وهو يشتعل ثم الشمعة وقد توهج نورها ... أين أصدقاءه ..!!!!!
المقاعد خاوية ولا أثر لهم , أخذ ينظر ( يوسف ) يميناً ويساراً برعب وهو يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم حتى سمع خطوات أقدام ثابتة تأتي من الطرقة ..؟؟؟؟
نادى بأعلى صوته
- << من أنت ؟؟ >>
لم يتلق رداً بل أخذت الخطوات تقترب حتى دخل صاحبها في مجال ضوء الشمعة ...
كان ( يوسف ) يرى الآن رجل وقور طويل القامة وسيم الملامح أبيض الوجه .. يمتلك خصلات ناعمة من الشعر انسدل بعضها على جبينه ليعطيه مزيد من الوسامة ... يرتدي قميص وسروال .. وعلى شفتيه ارتسمت ابتسامة مطمئنة .. لن يمكننا بالطبع وصف دهشة ( يوسف ) وهو ينظر إلى هذا الرجل بذهول .. !!!!
أما الرجل فقد أخذ أحد المقاعد الخالية ووضعها أمام مقعد ( يوسف ) ثم جلس عليها ووجهه في وجه ( يوسف )
- << كيف هي أحوالك يا ( يوسف ) ..؟؟ >>
- << ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ >>
ضحك الرجل ضحكة خفيفة من نظرة الاندهاش المرتسمة على وجهه ( يوسف ) فقال له :
- << لك عندي يا ( يوسف ) معزة خاصة منذ قديم الزمن .. لذلك فأنا أدين لك بالتفسير , اسأل وأنا أجيب >>
ظل ( يوسف ) ينظر لحظات طويلة لا يقدر على الكلام حتى انفكت عقدة لسانه وقال كأنما أنتبه فجأة لما يحدث
- << من أنت >>
أعتدل الرجل في مجلسة ثم ارتسمت على وجهه ابتسامة وهو يقول :
- << أنا .... أنا المخلبي .... المخلبي بن ذاعات هل عرفتني يا صديقي ... >>
* * *

16 – مرحباً بصديقي القديم

كان مشهداً أقل ما نقول علية لو كنا نراه أنة مشهداً في إحدى مستشفيات المجانين .. ( يوسف ) يجلس وعلى وجهه علامات الذهول وينظر للرجل الذي يجلس أمامه لا يعرف ماذا يفعل ...
كان الرجل مازال ينظر إلى ( يوسف ) مبتسماً وكأنة يطمئنه بتلك الابتسامة الودود .. فلما طالت النظرات بين الطرفين قال الرجل الجالس :
- << يبدوا أنك مندهش من مظهري يا ( يوسف ) ... لا تندهش فقد اخترت أن أظهر لك بمظهر رجل وسيم كي لا تفزع من شكلي الحقيقي .. فأنا لا أريد إفزاعك يا صديقي فكما قلت أن لك معزة خاصة عندي .. >>
- << ماذا يحدث ..!!! أنا لا أفهم شيء ؟؟؟ >>
- << أعذرني يا صديقي فلو كنت في نفس مكانك لفعلت مثلما فعلت أنت ... لذلك سأفسر لك الحكاية منذ البداية , قم معي >>
بعد أن انتهى ( المخلبي ) من جملته وقف فارداً قامته ومنتظراً ( يوسف ) أن ينهض مثله ..
كان ( يوسف ) كالمنوم مغناطيسياً لا يملك معظم إرادته فلم يفعل شيئاً سوى أن ينهض وهو مذهول ناظراً إلى ( المخلبي ) الذي تأبط ذراعه وكأنة صديق قديم .. ثم بدأ يمشي هو و ( يوسف ) ليخرجوا من دائرة الضوء
وهنا اختفت الشقة ولم يعد يراها ( يوسف ) وظهر أمام عين ( يوسف ) مشهداً غريباً
حرب طاحنة تدور بين جيشين عظيمين ويبدواً أن أحد الجيشين كان منظماً من حيث تقسيمة .. كان أشكال الجنود في الجيشين تثير الرعب في القلب لا يمكن وصف أشكالهم ..
قال ( المخلبي ) وهو مازال يتأبط ذراع ( يوسف ) :
- << أنا المخلبي بن ذاعات , منذ مئات السنين كنت قائداًَ قوياً لجيوش ممالك الجن .. وكانت الانتصارات تتوالى على يدي ومن خلال إخلاص جيشي لي فقد كانوا يحبونني ويحترمونني بشدة .. وبدون أن يعلم باقي القواد كنت أتدخل في عالمكم وكان البشر يستعينون بي في حياتهم لينالوا عطفي وإحساني ... >>
تغير المشهد هنا ليظهر أربعة من الشباب يرتدون ملابس بالية قديمة لا تمت لعصرنا بصلة يجلسون ملتفين حول شمعة ويقولون كلمات بصوت غير مسموع ... وبعيداً عنهم بعض الشيء جلس شاب أكحل العينين نحيل الجسد أسمر البشرة .. وكانت نظراته تمتلئ بالخبث والمكر ..
كان هؤلاء الشباب يرددون كلام بلغة غريبة ولكنة أول مرة يسمع فيها تلك المقاطع ..!!!
فقال ( المخلبي ) :
- << هؤلاء هم من قرأت عنهم في الورق الذي امتلكته ... هذا الذي يجلس بعيداً عنهم هو فتى يدعى ( الحي بن القصاب ) وقد أراد أن يمتلك خدام من الجن يسخرهم ويفعل بهم ما يشاء .. فأعطاه أحد خدامي كلمات وأعطاه طلبات لو حققها لأهديت له خداماً من الجن تكون تحت إمرته ...لقد طلبت منة أن يقدم لي أربعة قرابين بشرية يقرءون كلمات تعني بأنهم سيضحون بنفسهم بأرواحهم من أجلي أنا ... فاخذ هذا الساحر هؤلاء الأربعة وأقنعهم أنهم سيصيرون أغنياء بعد أن يقرءوا تلك الكلمات ... وبالفعل قرءوا الكلمات وتم الاتفاق وأهديت ( الحي بن القصاب ) 100 من أنفار الجن ليخدموه حتى يموت .... أما الأربعة الباقيين فقد بدأت في قتلهم واحداً واحداً ماعدا أخر شخص ... >>
هنا تغير المشهد الذي يراه ( يوسف ) ليصير في بيت غريب الشكل ويجلس فيه أحد هؤلاء الشباب الأربعة وهو مغمض العينين ويتكلم مع شخص مرعب الهيئة ...
أكمل ( المخلبي ) قائلاً :
<< كان الأخير هو ( إسماعيل بن عبد الله ) وكنيته ( إسماعيل الحلاج ) .. هذا الشاب فهم ماذا يحدث فبدأ بترديد أسمي كثيرا وقد حفظة من الكلمات التي علمها له الساحر , أخذ يردد أسمي ليلاً حتى بعثت له أحد خدامي ليحدثه ويفهم ماذا يريد منه .. فقال أنة يريد الأمان وأن يعيش بسلام ..فبلغة خادمي أنة معد كقربان لي أنا .. فقال أنة يريد أن يقدم لي قربان أعظم ....
فعقد معي اتفاقا .... أن أتركة يعيش بأمان وأعطية خداماً من عندي .. مقابل أن يقدم لي قربان كبير .. سيقدم لي أهل قريته كلهم قرباناً .. >>
عند تلك الكلمة شهق ( يوسف ) واتسعت عيناه وقد بدأ يشعر بالأهوال التي حدثت في ذلك الزمان , فأكمل ( المخلبي ) :
- << خرج ( إسماعيل ) لبلدته وقال أنة رأى رؤية أن القرية بها مرض غريب كالذي مات به الثلاثة السابقين ..وأن النجاة من ذلك المرض تكون بأن يقول الرجل كلمات معينة تنجيه بعمرة ... فقالت معظم القرية الكلمات التي علمتها لإسماعيل ... ثم هرب ( إسماعيل ) وترك القرية لي فمن قال منهم الكلمات أخذته كقربان وقتلته , ومن لم يقل هرب من القرية من هول ما رأى >>
- << هل ( إسماعيل ) هذا سفاح أم ماذا >>
كانت تلك العبارة من ( يوسف ) وهو مشمئز من ما يرويه له ( المخلبي ) عن ( إسماعيل ) , فتغيرت الصور أمام ( يوسف ) ليرى ( إسماعيل ) وهو يتمشى في الصحراء ويحمل على ظهره أشياء غريبة ..!!!
نظر ( المخلبي ) ليوسف بغضب وهو يقول :
- << تحدث بإحترام يا فتى , يبدوا أن والديك لم يربوك جيداً .. كيف تتكلم عن جدك الأكبر بهذه الطريقة .. >>

* * *
- << جدي أنا ؟؟؟؟؟ >>
ضحك ( المخلبي ) طويلاً حتى قال :
- << جدك ( إسماعيل ) عقد معي اتفاق وهو أن أمنحة الخدام والقوة وهو يمنحني القرابين البشرية .. ولكن هناك بند في الاتفاق نسيت أن أذكره لك ...
حفيد ( إسماعيل ) الخامس علية بأن يتجدد الاتفاق معه مرة أخرى , أي يعطيني قرباناً بشرياً وأعطية أنا القوة ... وأنت الحفيد الخامس لإسماعيل يا بني >>
شهق ( يوسف ) هذه المرة وهو يرتجف من تلك الكلمات ... ماذا يحدث بالضبط ... عفاريت واتفاقات مع الجن وأجداد سحرة ... رباه ماذا يحدث لي ..؟؟؟؟
ظهر أما ( يوسف ) فجأة مشهد غريب
منزل مزخرف ومليء بالوسائد الملونة وتنتشر في سقفه قناديل عديدة الألوان تضيء بلون خلاب ... وعلى الأرض يجلس رجل عجوز وهو يصلي ويسجد لله ...
قال ( المخلبي ) :
- << ولكن في أخر سنوات من حياه جدك أحس بأنة أخطأ باتفاقه معي فأخذ يصلي ويحج ويعتمر ويتضرع إلى الله تائباً .. ولم يكتفي بذلك بل فعل ما هو أشد ...
لقد زادت قوة جدك بخدامة الذين أعطيتهم له ... فبلغ خدامة أن يأخذوه إلى داخل عالم الجن المسلم ... وهناك أفشى الاتفاق الذي كان بيني وبينة وأفشى أنني من قتلت القرية كلها وأعطيته خداماً ليخدموه .. وكنت أنا أحد أكبر قواد جيوش عشائر الجن وتحت إمرتي جحافل من جنود الجن يطيعونني طاعة عمياء ..
فتم الحكم علي من مجموع القبائل بالسجن بقية حياتي , والحكم على الجنود الذين ساعدوني في أعمالي بالتفرقة في الجبال والوديان وعدم معرفة المكان الذي سجنت فيه ..
تباً لهم .. لقد أرسلوا القائد ( يصفيدش ) خصيصاً ليقوم بهذه المهمة ويقوم بإصطيادي وتفرقة جنودي ..>>
ثم ابتسم بخبث وقال :
- << ولكن أنت لا تعرف ... لي ثلاثة حراس شخصيين من أخلص رجالي عملوا على معرفة الكلمات التي سجنت بها والتي طالما كانت منقوشة على قيودي لا أستطيع التحرك .. وعرفوا كيفية فكها وتحريري ... وكانت المفاجأة أنني أحتاج لبشر يردد تلك الكلمات لأنه لو رددها أحد أتباعي من أنفار الجن فسيعلم قواد الجن مكانة ويحرقونه .. أما لو رددها بشر فلن يعرف قواد الممالك بتردديها
فتشكل أحد حراسي الثلاثة على هيئة لحاد البلدة التي دمرتها وظهر ( لأحمد بن إسحاق ) وأعطاه الورق المكتوب به كلمات فك قيدي واجتماع رجالي .. ولكن ( بن إسحاق ) لم يردد الكلمات ولم يفهم وحرق العلماء كتابة الذي دون به الكلمات ... فتشكل حارسي الثاني على هيئة تلميذ ( بن إسحاق ) والمدعو ( عبد الرحمن بن إبراهيم ) وكتب الكلمات والحكاية مرة أخرى كي يقرأها شخص .. كتب حكاية الساحر والأربعة والبلدة ولكنة غير الكلمات التي قالها الساحر والأربعة وجعلها الكلمات التي تفك قيدي وتحرر جيوشي مرة أخرى ...
وبعد سنون طويلة وبعد ولادتك قرر حراسي أنك الحفيد الخامس لإسماعيل وأنك يجب أن تردد تلك الكلمات بأي ثمن حتى تعيديني مرة أخرى ... فظلوا يتتبعونك سنوات طويلة يمشون وراءك كظلك ويقومون بالتشكل لك في أيام كثيرة ... ولكنك كنت تتجاهلهم ..
حتى تشكل لك حارسي الثالث في صورة رجل عجوز وأوهمك بوجود كشك لبيع الكتب وجعل الورق أمامك حتى تأخذه وقد كان .. أما أحد أصدقائي من قواد الجن فقد أرسل لي بهدية لكي يساعد في عودتي .. فقد أرسل أحد أتباعه وهو الغوال ليتشكل لكم في شكل صديقك ( حامد ) ليستفزكم لتقراءوا الكلمات وتعيدونني يا صديقي مرة أخرى من سجني >>
هل نقول أن ( يوسف ) قد جن ... ربما لا نبالغ لو قلنا أنة قد فقد إدراكه أو إحساسه بالزمن .. لم يملك إلا أن قال بصوت خفيض كأنة يحدث نفسه :
- << لقد رأيت حلماً شاهده كل أصدقائي .. ما تفسيرة ؟ >>
- << أة أنت تتحدث عن حلم القربان , كل من يعد كقربان يشاهد هذا الحلم .. ومن يشاهد هذا الحلم يعلم أنه سيكون قرباناً عاجلاً أم أجلاً >>
- << إذن أنا قربان ... ؟ >>
- << أنت من تحضر القرابين ولكنك شاهدت الحلم لغرض في نفسي أنا >>
هنا قال ( يوسف ) وعيناه زأغتان :
- << أصدقائي .. ماذا فعلت بأصدقائي ؟ >>
- << هل هذا سؤال يا بني ... قتلتهم بالطبع فهم القربان البشري لرجوعي وقد قدمتهم لي كما اتفقنا أنا وجدك منذ مئات السنين >>
بدأت الدموع تذرف من عيني ( يوسف ) وهو ينظر للأرض ويستعيد أحداث تلك القصة مرة أخرى ..


* * *
- << بكم ذلك الكتاب يا حاج ...؟ >>
ولوح ( يوسف ) بالورقات ناحية العجوز ليراها , ولكن العجوز رد بسرعة
- << عشرة جنيهات >>
* * *





(( عن رواية الرحالة أحمد بن اسحاق البغدادي رحمة الله واسكنه فسيح جناته
* * *
ضحك الجميع بما فيهم ( يوسف ) ..... ثم بدأ يتكلم في جدية
- << لقد عثرت على مخطوطة نادرة جداً >>
- << ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ >>
- << يعني إيه مخطوطة .!! >>
* * *

<< لن تجده في سور الأزبكية الآن لأنة في مقبرته ..... لقد توفي عم ( صبحي ) منذ ما يقارب السبعة عشر عاماً .... وكان يمتلك كشكاً بجانب هذا الكشك فعلاً ..... ولكن يبدوا أن أحدهم قد وصف لك المكان والشخص .... ماذا يحدث لك يا بني لماذا أنت مندهش هكذا ؟


* * *
- << الحقيقة يا شيخ ( محمد ) لقد أردت أن أسألك سؤال حول مسألة الجن وتسخيرهم ....؟ >>
- << أه ... قضية الجن ..... تفضل يا بني اسأل >>
* * *


أعوذ بكم يا أهل وادي الجن , أعوذ بالملك الأحمر , وأعوذ بسمسائيل , وأعوذ بالمخلبي بن ذاعات , وأعوذ بسيد وادي العداه وسيد وادي القرنيم
* * *



- << ماذا تقصد ؟ >>
- << لقد حلمت أول أمس بكابوس رهيب ..... أنني أقف على يابسة في المياه ... وأمامي أربعه رجال مكبلين من أيديهم وأرجلهم , بالسلاسل .... ووجوههم تذوب بفعل السخونة التي لم أعلم مصدرها ... وفي نهاية الكابوس ذاب جسدي من السخونة مثلهم ... >>




* * *
هل رأيت نظرة الخروف وهو يرى السكين التي سيذبح بها ..؟؟ ربما ستجده ينظر لها بهدوء وبتسليم فلن يقدر على فعل شيء بالتأكيد ... هذه هي النظرة التي نظر بها ( يوسف ) للمخلبي أمامه وهو يقول :
- << إذن فقد قدمت لك أعز أصدقائي كقربان لك وقمت بإعادتك من سجنك مرة أخرى ماذا تريد مني الآن .. هل ستعطيني الجن الذي سيخدمني أم ستقتلني ؟؟ >>
لأول مرة لم يبتسم ( المخلبي ) منذ بداية لقاءهم ... لقد ارتسمت على ملامحه الغضب وهو ينظر ليوسف للحظات مرت على ( يوسف ) كأنها ساعات ثم قال :
- << عقدت اتفاقاً مع جدك ولكن جدك نقض اتفاقنا وخانني وجعلني اسجن كل تلك السنوات .. هل تعتقد أنني لن أنتقم منك يا بني .. للأسف سأقتلك انتقاماً من جدك ولكنة لن يكون قتلاً عادياً ....
بل سأعذبك حتى تتمنى الموت فلا تجده .. ستموت بأشنع طريقة تتخيلها يا بني .. صدقني أنا أشفق عليك وأرتجف مما سأفعله بك .. ولكني واثق أنك ستجد عذراً لي .. >>
هل تعرفون ... يبدوا أن هؤلاء الجن صادقين في قدرتهم على تعذيب ( يوسف ) قبل قتلة بحق ...
إن الموت لهو رحمة من الله أدركها ( يوسف ) وهو بين أيدي المخلبي ... وبعد لحظات العذاب والتي مرت كالسنوات على ( يوسف ) ... كان الله به رحيماً ورحمة من باقي العذاب على يد المخلبي ..
الحمد لله ... لقد أرتاح ( يوسف ) الآن .. رحمة الله .
( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلي ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ). .
* * *


13 - انتهاء العودة

الظلام يحيط بالشقة من جميع جوانبها ..بالطبع نحن لا نرى خلف الظلام ولكن صدقني لن تريد رؤية تلك الأشياء التي يحيط بها الظلام .. انتظر ..؟
هناك صوت خطوات ثقيلة تتحرك باتجاه المنضدة التي كان الأصدقاء يجلسون عليها
يد ما تمسك بعلبه الثقاب الموضوعة على المنضدة ثم يشتعل عود ثقاب ويتجه ليشعل الشمعة التي على المنضدة .. الشمعة تشتعل الآن ليظهر على ضوئها الكثير والكثير من الأشياء المرعبة ...
ولكن صدقني أنا إن أكثر تلك الأشياء رعباً هو الشخص الذي أشعل عود الثقاب ليضيء الشمعة .. لقد كانت له خلقه مريعة .. ماذا ؟؟؟ إنه ( المخلبي ) بنفسه
نفس الوجه المستطيل ولون الجلد الغريب
ولكن هذه المرة هناك شيء مميز بوجهه ... لقد سقط الضوء على وجهه ليظهر وجهه وهو يبتسم
وحوله تناثرت جثث الأصدقاء ...
..............................................

طيف عابر
10-25-2012, 03:01 PM
مخطوطة ابن اسحاق
للكاتب
حسن الجندي

انتهى الجزء الاول
اتمنى تستمتعو بقراءة القصة


في امان الله
.

ŤŘÃĭŇ
10-25-2012, 07:19 PM
وااااو سقووووووووووي


ماشاء الله تبارك الله

مشكووور على القصه

تخوووووف مرررررررره يا الوحش

شكرا

ÑĨĉó TäsнĭĠĨ
10-25-2012, 09:42 PM
السلآم عليكم ..~
قصه غريبه عجيبه ..~
اصابتني بالقشعريره..~
تسلم يدآك على الطرح ..~
جزاك الله كل خير ................~