مشاهدة النسخة كاملة : الامل الضائع ( مشترك بالمسابقة / قصة مقتبسة فكرتها )
بَـوح قلميـﮯ
07-30-2012, 11:06 PM
http://im18.gulfup.com/2012-07-29/1343512073311.jpg (http://www.monms.com/vb)
http://im18.gulfup.com/2012-07-29/1343512073337.jpg (http://www.monms.com/vb)
اليوم بلغ الثامنة عشر ... لم يعرف أحد , و لا أحد مهتم
حتى هو ليس مهتماً أيضاً
عدل من وقفته و التفت من حوله ِ ... عمارات مدمرة و بيوت مهدمة شوارع مصطبغة بالدماء
أي حيـــــــــاة هذه ؟!
أي مستقبل هذا ؟!
..........
ما زال فراس ملقى جثة هامدة على جانب الطريق , لم يدفن فهم ينتظرون أن يتوقف القصف و لو لساعة
حتى يدفنوه , هكذا أمسى حالهم
بَـوح قلميـﮯ
07-30-2012, 11:07 PM
http://im18.gulfup.com/2012-07-29/1343512073442.jpg (http://www.monms.com/vb)
ياسر ... ياسر أرجوك بني ابتعد عن النافذة .
كان هذا صوت والد ياسر أستاذ الأدب الانكليزي الحائز على شهادة الدكتوراه في ترجمة النصوص الأدبية الحديثة
و لكنه ألان أحيل للتقاعد بسبب إصابته بمرض الزهايمر في مراحله المبكرة
ياسر : لا تقلق يا بروفسور فزجاجنا ضد الرصاص و القنابل و ضد أشعة الشمس
هههه
كان ياسر ينادي والده بـ (بروفسور ) لأنه لا يزال يراه كذلك رغم إحالته للتقاعد بسبب مرضه
الأب : كفاك سخرية أنا أخشى عليك مما تراه
ياسر : أنا بانتظار تفتح الأزهار ...... فهو من المشاهد التي تستحق الانتظار بقرب النافذة
لم يكن ياسر ساخراً إلى هذه الدرجة و لكن نتيجة ما مر به و ما فقد أصبحت إجاباته كلها ساخرة لعله بهذا يخفي بعض وجعه
ياسر : ها قد تفتحت الأزهار يا بروفسور ... أنا ذاهب لأقطف لك باقة ياسمين
قالها و هو يرتدي سترته و يلف وشاحه الرمادي
الأب : توقف القصف الحمد لله . لا تتأخر
ياسر: هههه حسب المعجبات المتجمعات بانتظاري
خرج و اقفل الباب و وضع المفتاح في جيبه ... حتى لا يخرج والده بأثره , فيضيع طريق العودة
أسرع ياسر نحو جثة فارس ابن جارهم , جثته كانت باردة نظر إليه ياسر ,
تذكر أيام صباه عندما كانوا يتسابقون إلى البحيرة . كان فراس هو الأسرع و لا ينتظر احد أبدا
ياسر : عذراً يا صاحبي لقد تركتك تنتظر طويلاً ... اختنق ياسر بعبرته لكن صوت والد فراس
جعله يبتلع ألمه .
احتضن الوالد ابنه و أجهش بالبكاء ... جاء رجل و قال ليس هناك وقت علينا الإسراع بدفنه
بالفعل بدءوا بمراسيم الدفن ... غسلوه و كفنوه و دفنوه !
خلال ساعة . فلم يكن هناك وقت للعواطف كان سباق مع الزمن
تذكر ياسر عندما كانوا يسبحون في البحيرة كان فراس يخسر دائماً في تحدي البقاء تحت الماء لأطول فترة
لكنه ألان كسب التحدي و سيبقى تحت التراب إلى يوم يبعثون
قاطعهم رجل بأن شاحنة المساعدات قد وصلت , أسرع الجميع نحو الشارع العام الكل كان يترقب الصناديق الصغيرة
الكل كان مستعجل و خائف فالوقت يمضي و القصف يشارف على البدء
استطاع ياسر أن يحصل على صندوق مساعدات بشق الأنفس
انطلق إلى البيت مسرعاً . رأي طفلاً يبكي حاول أن يتجاهله لكنه لم يستطع رجع و سأله
ياسر: مابك ؟ لماذا تبكي ؟
الطفل : لم احصل على شيء , كيف سأعود لامي و أخوتي
ياسر: لا تبكي , كن رجلاً
فتح الصندوق اخذ منه بعض الخبز و أعطى الصندوق للطفل
فرح الطفل كثيراً و كأنه حصل على صندوق العاب
ياسر: خذ هذا و انطلق سريعاً إلى البيت و لا تنظر إلى الوراء و إياك أن تبكي مرة أخرى
الطفل : حسناً قالها و قد شع بريق الفرح من عينيه
أسرع ياسر إلى البيت وقف لبرهة أغمض عينيه محاولا أن ينسى ما مر به و رسم ابتسامة مزيفة على محياه و فتح الباب , أسرع إليه والده لماذا تأخرت ؟
ياسر(و هو يعلق سترته ) : توقفت لمشاهدة فلم يعرض لأول مرة في السينما , صحيح قطفت لك باقة ورد لكن المعجبات أخذوها مني عنوة هههههههه
الأب : سيأتي يوماً تعيش حياتك كأي شاب , تمسك بالدعاء و الأمل يا بني
كان ياسر ينظر إلى الساعة المعلقة على الجدار ... كل الأشياء تعطلت إلا تلك الساعة لا زالت تعمل
كانت هوايته اليومية متابعة عقارب الساعة و عد حبات دواء والده
كان هذا يوماً من أيام ياسر ... يقتات على الذكريات التي يطلق لها العنان عندما ينام والده
و مر يوم عيد ميلاده كسائر الأيام
بَـوح قلميـﮯ
07-30-2012, 11:08 PM
http://im18.gulfup.com/2012-07-29/1343512073243.jpg (http://www.monms.com/vb)
أجمل ما في الذكريات أنها تتساقط فوق الجراح كزخات المطر الخفيفة
قد تسبب بعض الألم لكنها لكنه تشعره بالسعادة
تراءت له وجوه أحباءه .والدته أخاه الكبير ( مازن ) الذي فقد في هذه الحرب
أغلق ياسر عينيه محاولاً أن يتمسك برؤياه
فغالبه النوم ... استيقظ فجأة على دوي انفجار قريب
جلس نظر إلى الساعة , والده النائم , علبة الدواء
كان صوت آذان الفجر في الجامع القريب خافت جداً
لكنه يمنح الطمأنينة في النفس
أوقد شمعة . توضأ أيقظ والده ، و فجأة سمع أصوات لغط و كلام في الخارج
نظر من النافذة لكن الظلام كان دامساً
خرج مسرعاً كان الرجال مجتمعون بقرب الجامع .... يتناقشون بهستريا
يجب أن نذهب لقد وصلوا إلى حدود العاصمة .. سيتوقفون عن القصف و يبدأ الاجتياح
نحن نخاف على أعراضنا
من هؤلاء الكلاب . ما بين معارض و موافق بقي ياسر واجماً عصفت الأفكار برأسه
استدار ياسر و أسرع إلى المنزل كانت خطواته واسعة و ثابتة و جبينه مقطب
لن أغادر لن اترك هذا المكان لن تنتصر علي هذه الحرب , لن تنتزعني من جذوري
مدرستي ، طفولتي ، قبر والدتي
لن اترك المكان و ما أن وصل إلى بيته , اخرج المفتاح فتح الباب
رأي ما جعله يغير كل قراراته ..........
كان والد ياسر يجلس القرفصاء في زاوية الغرفة
عيناه خاليتان من أي بريق .... لم يرى ياسر سوى تلك النظرة القاسية في عيني والده
كانت إحدى حالات المرض ... كان مرعوباً خائفاً كطفل صغير تائه لم يعرف وجه ولده
اقترب منه ياسر لكنه ارتعد منه حاول أي يهدئ من روعه لكن عبثاً كان يحاول
نظر ياسر من حوله ... نظرة غارقة في التيه
نهض و اخرج حقيبة وضع فيها ما سقطت عليه يداه ، و قرر أن يترك المكان لينجو هو ووالده من ما يقد يحصل
بعد اجتياح المدينة
و ما أن بزغت الشمس حتى أغلق ياسر الباب و لكنه هذه المرة لم يقفل الباب
كل من في المدينة قرر المغادرة الرجال متوترون و النساء و الأطفال أبصارها شاخصة إلى المصير الذي ينتظرهم الجميع يسيرون و يجدون في السير حتى وان كان سيرهم نحو مجهول !
كان الحصول على واسطة نقل في هذه الظروف من الأمور الشبه مستحيلة , فالسير على الأقدام هو الوسيلة الوحيدة المتاحة , سار ياسر ووالده ضمن الركب نحو الضواحي القريبة علهم يجدون شيئاً من الأمان و أثناء ذلك كان القصف يشتد شيئاً فشيئاً اغلب البنايات تم قصفها مسبقاً فكانت التجمعات البشرية الهاربة هي ما يقع في مرمى القنابل
و بالفعل كان الهجوم علي قوافل الناس الهاربة .... تملك الذعر في الناس و تصاعدت سحب الدخان
و انتشرت رائحة الدماء الجميع كانوا يسيرون دون أن يلتفتوا إلى الوراء , و في وقت قصير انتشرت الجثث في الطريق صغار و كبار و رجالاً و نساء .
تسأل ياسر في نفسه : هل نحن فارون من الموت إلى الموت ؟!
كانت بشاعة المنظر تقشعر لها الأبدان
و فجأة لاح من بعيد جرار زراعي أسرع إليه الجميع ليقلهم إلى اقرب مكان آمن
بَـوح قلميـﮯ
07-30-2012, 11:09 PM
http://im18.gulfup.com/2012-07-29/1343512073564.jpg (http://www.monms.com/vb)
كانت قرية صغيرة مختفية بين التلال تحكمها سلطة العشيرة الأقوى, كانوا ينظرون للاجئين و كأنهم كائنات من كوكب آخر على الرغم من أنهم وفروا لهم ألمأوى و الغذاء
أحس ياسر بغربة شديدة عندما رمقته إحدى عجائز القرية بنظرة قاسية قائلة ستجلبون لنا الموت
ناول والده حبة الدواء قائلاً : ألا تذكرك هذه القرية بالريف الفرنسي ؟
الأب و هو يتناول دواءه : تتحدث و كأنك سافرت إليه
ياسر : ههههههــ و ما أدراك لعلي أصبح سفيراً لبلادي في فرنسا , إن بقيت بلادي على الخارطة
الوالد : ستبقى و ستعيش حياتك و تحقق أحلامك يا ولدي
ياسر : أتدري ماهو أجمل مافي الأحلام يا بروفسور ؟
أنها تبقى أحلام
جاء رجل من القرية يقول له وفرنا مكان لمبيت النساء و الأطفال أما الرجال فسنوفر لهم الأغطية
التفت ياسر إلى أباه
وقال : ستمضي ليلتك تراقب النجوم يا بروفسور هههه لا بأس بذلك لعلنا نكتشف نجماً جديداً
الأب ضاحكاً: دائماً هناك أمل يا بني , تمسك بحبل الرجاء
ياسر : يبدو انه لا يوجد أمامي إلا هذا الخيار
أعد ياسر فراش والده و استلقى الأب و سرعان ما أسلم عينيه إلى النوم من شدة التعب
بقي ياسر مستيقظاً طول الوقت كان يحس بإرهاق و تعب شديدين
تسلل إلى مسامعه صوت ٌ عذب فقام من مكانه مستعيناً بمصباح يدوي
و اتجه نحو الصوت الذي كان يأتي من مكان يبعد خطوات عنهم
كان هناك شاب في مقتبل العمر يتلو القرآن عن ظهر قلب بخشوع و حزن في نفس الوقت , جلس ياسر على مقربة
منه أطبق عينيه استمع إليه بكل جوارحه , تذكر أيام ليالي رمضان عندما كان يذهب بصحبة
أخيه الأكبر( مازن ) إلى حلقات القرآن في المسجد حيث تحتشد الأصوات المرتلة
و كان صوت أخاه ( مازن ) هو الأجمل
ختم الشاب تلاوته , و عندما هم بالنهوض انتبه إلى ياسر الغارق بالذكريات
فوضع يده على كتفه قائلاً : استيقظ يا أخي الجو بارد و لم تبقى سوى ساعة عن آذان الفجر
فتح ياسر عيناه و نظر إليه
كان وجه الشاب بشوش طلق عيناه السوداوين و بشرته السمراء تكسبه لمحة جمال
و ملابسه البسيطة تدل على انه من أهل القرية
ياسر : لم أكن نائماً كنتُ استمع لتلاوتك فقط
الشاب : ههـ حسناً أنا ( فؤاد ) من سكان القرية و مد يده لياسر ليصافحه
نظر إليه ياسر نظرة استغراب , و صافحه
ياسر : تشرفت بلقائك
فؤاد : أهلا و سهلاً إذا احتــــــ قاطعه ياسر وهو يسحب يده يغادر
: علي الذهاب
فؤاد مستغرباً : حسناً إلى اللقاء
رجع ياسر متسائلاً ياله من شخص غريب و كأن العالم في واد و هو في وادٍ آخر
استلقى ياسر بجانب والده و قد أنهكه النعاس و التعب و استسلم للنوم
.............................
الله أكبـــــــــــــر
الله أكبـــــــــــر
كان صوت الآذان يخلب الألباب
حيث الأجواء الصافية و أنفاس الكائنات النقية
استيقظ ياسر و هو يعرف صاحب هذا الصوت
أنه فؤاد
ياله من ........
نهض الجميع لأداء فريضة الفجر
في الصباح جاء ( فؤاد ) و معه الفطور وزعه على الموجودين
كان ياسر يغط في نوم عميق , و عندما أحس بحرارة الشمس تلفح وجهه استيقظ وجد الوقت قد تأخر
ألتفت من حوله فلم يجد والده , و بعد يحث وجده عند النهر مع فؤاد !!!
كانا مستغرقان بالحديث و شرب الشاي
التفت فؤاد إلى ياسر مبتسما تعال لتشرب معنا الشاي
ياسر : شكراً , بروفسور تعال لتناول دواءك
الأب : حسناً و هو يناول قدح الشاي الفارغ لفؤاد , اشكر لطفك يا بني
فؤاد : عفواً إذا احتجت لأي شيء أنا موجود
ياسر : هيا بنا يا بروفسور و هو يرمق فؤاد بنظرة تعجب
كان ياسر و فؤاد عل طرفي نقيض
الأول عاش مرارة الحرب و فقد الأحبة فأصبح إنسانا ساخراً متشائماً على الرغم من صغر سنه
الثاني . عاش حياة بسيطة دافئة بعيدة عن الصخب فأصبح إنسانا متفائلاً مرحاً يحب الاختلاط بالآخرين
فهل سيصبح هذا الاثنان أصدقاء ؟
كانت الأخبار الواردة تفيد بأن العاصمة أصبحت مدينة للأشباح خالية من أي حياة إلا مظاهر القتل و الدمار و أصبحت ما يشبه القاعدة العسكرية و بدأ العدوان يزحف شيئاً فشيئاً إلى المدن والقرى الأخرى لنشر القتل و الفساد
فالحرب لا تأتي بالسلام
......................
بدأت حبات الدواء بالتناقص , و بدأ القلق يغزو فكر ياسر من أين يأتي بالدواء و هو شبه محاصر في هذه القرية
العدوان من جهة و الجماعات المسلحة من جهة و ليس لديه وسيلة تساعده على الوصول إلى اقرب مدينة على أمل أن هناك مدينة لم تطلها أيد الدمار .......و....... و
جالت الأفكار في رأسه و دارت , وضع رأسه بين ركبتيه و استسلم لليأس و قبل أن تنزل دمعة من عينه
أحس بيد على كتفه رفع رأسه فوجده ( فؤاد ) مبتسماً
و بدون أي مقدمات سأله بعصبية : كيف لك أن تبقى هكذا
فؤاد: ماذا تقصد ؟
ياسر: اقصد هذه الابتسامة التي تقتلني
فؤاد : وهل املك غير الابتسامة لأبادرك بها ؟ أنت لا تحتاج لا إلى طعام و لا إلى مأوى
أنت بحاجة إلى الأمل يا صديقي
ياسر : هههه وأين يعيش الأمل في وسط هذا الدمار ؟ يبدو انك تعيش في عالم وردي
فؤاد : ابحث عنه و ستجده , نسيت أن أقول لك رمضان كريم
غداً هو اليوم الأول إن شاء الرحمن
..........
في هذه الإثناء عقدت بينهما رابطة الصداقة بدون أن يشعرا و لأول مرة يضحك ياسر من قلبه و بدون سخرية
و في باله سؤال : كيف ستكون خاتمة هذه الصداقة
بَـوح قلميـﮯ
07-30-2012, 11:09 PM
http://im18.gulfup.com/2012-07-29/1343512073648.jpg (http://www.monms.com/vb)
أيام رمضان في ضل الحرب و التهجير ذات طعم مختلف
فالجوع و العطش هو آخر ما يفكر به الصائم , ولعل ترقب أخبار الأهل و الأحبة هو أهم من انتظار وقت الإفطار
مرت الأيام على ياسر و أبيه في هذه القرية النائية بصعوبة
استطاع فؤاد أن يوفر لهم كوخا ليسكنوا فيه , كان ياسر يرى في صديقه ( فؤاد ) فسحة الأمل التي لولاها لضاق عليه العيش
و في أحد الأيام جاء فؤاد إلى ياسر و لكنه هذه المرة لم يكن مبتسماً , غمر ياسر إحساس غريب و تسأل في ذاته هل ستأخذينه أيضا مني ؟
فؤاد: كيف حالك اليوم ؟
ياسر : بخير و الحمد لله , كيف حالك أنت؟
فؤاد : الحمد لله , جئت لأودعك , لقد مللت التفرج أريد المشاركة
ياسر : تودعني ! تشارك ! بمــــــاذا ؟
فؤاد : لقد انضممتُ إلى الجماعات المسلحة لمقاومة العدوان , فالســــاكت عن الحق
قاطعه ياسر : و ماذا تعرف عن القتال و السلاح ؟
و تقاتل من اجل ماذا ؟
فؤاد : سأتعلم كل شيء و أدافع عن ما بقي من بلدي
ياسر : أنتَ ما بقي من بلدك فهل تضحي بما بقى ؟
فؤاد : النقاش معك عقيم يا صديقي , سأذكرك بخير دائماً أعتني بنفسك و بوالدك
تعانقا و مضى كل شخص لسبيله
..........................
و مرة أخرى تأخذ الحرب عزيزاً من ياسر و يخسر معركته معها
فما هي معركته التالية ؟
............
لم تبقى من حبات الدواء سوى حبة واحدة , و باءت كل محاولات البحث عن الدواء او بديله بالفشل
و بعد تفكير عميق قرر ياسر أن يذهب إلى المدينة المجاورة لإحضار الدواء
كان وقت السحر و هو ينظر إلى وجه والده المتعب و خطوط التجاعيد التي ازدادت في الآونة الأخيرة
و يستمع إلى صوت مسبحته التي لا تفارق يده و كأنه يعد الثواني بانتظار شيء ما
سأله ياسر : كيف حالك اليوم ؟
الأب : الحمد لله لم يبقى من رمضان إلا يومين
ياسر : نعم
الأب : تبدو مهموماً ما بك ؟
ياسر: لا شيء لم يبقى على الآذان سوى لحظات فلنستعد
و لأول مرة يصلي ياسر إلى جانب أباه و كأنها صلاته الأخيرة
و كأنها صلاة مودع و مفارق , نظر إلى والده تضاربت ذكريات الماضي و صور الواقع المرير, ثار في داخله ذلك التساؤل أين انضوى ذلك العملاق؟
كيف أنمحى صوته المدوي في قاعات الجامعة
و نقاشاته المنتصرة دائماً
لأكون أنا مسئولاً عنه ؟
الأب : ما بك اليوم يا ولدي ؟
ياسر : لا شيء , لدي اليوم عملُ سأقوم به و سأعود قبل موعد الإفطار
الأب : أي عمل ؟
ياسر: لا تقلق سأحاول العودة مبكراً
الأب : أعتني بنفسك
ياسر: أطمأن يا أبتي ستراني بقربك عندما تستيقظ قالها ياسر وهو يغطي والده الذي استلقى في فراشه
و بدا عليه الاستغراب فهو غير معتاد على كلمة ( أبتي ) من ياسر
!!!
خرج ياسر و اقفل الباب و وضع المفتاح في سلسلة في عنقه و غادر
بَـوح قلميـﮯ
07-30-2012, 11:11 PM
http://im18.gulfup.com/2012-07-29/1343512073625.jpg (http://www.monms.com/vb)
كانت الشمس على وشك الشروق عندما وصل ياسر إلى أطراف القرية
المدينة تبعد 150كم عن القرية و على حدودها توجد ثكنة لقوات العدو و بسبب موقع المدينة و أهميتها الإستراتيجية للعدو فلم يقم بقصفها بالطائرات و إنما اجتاحها لتكون تحت سيطرته
لم تكن هناك وسائل نقل متوفرة , سار ياسر على الطريق مسافة طويلة حتى أنهكه التعب
و فجأة لمح شاحنة من بعيد تحمل رمز اليونيسيف
أنها شاحنة مساعدات فكان عليه أن يغتنم الفرصة
وقف في معترضاً طريق الشاحنة فتوقفت
نظر السائق إليه باستغراب
و بعد حوار و رجاء اقنع ياسر السائق أن يقله إلى مسافة قريبة من المدينة
و بالفعل ترجل ياسر من الشاحنة قبل الثكنة العسكرية , و سار على قدميه لم تكن هناك أسوار تحيط المدينة و لكن كانت هناك دوريات مستمرة و بعد جهد جهيد استطاع الدخول
كانت الأوضاع هادئة نسبياً الناس تسير بحذر و تنظر للآخرين بريبة كان بعض الجنود يتسكعون
هنا و هناك
بعد البحث استطاع أن يصل إلى صيدلية و لكنها كانت مغلقة , جلس ياسر ينتظر و قد بان على ملامحه التعب الشديد و بعد مرور ساعتان جاء تمكن من الحصول على آخر عبوة من الدواء
رجع مسرعاً , كانت صورة والده لا تفارق مخيلته
حاول الخروج من المدينة بدون أي معرقلات , تسلل من نفس الطريق
و بالفعل استطاع الخروج و وصل إلى الطريق الرئيسية , و فجأة مرت دورية للعدو ركض ياسر مسرعاً باتجاه الأشجار على جانب الطريق , و فجأة دوى صوت انفجار لعبوة زرعت على الطريق المؤدي للمدينة
تناثرت أشلاء الجنود مع الشظايا و انتشرت و لكن ما لم يكن بالحسبان أن هناك مصفحة أخرى للعدو كانت تقترب و سرعان ما انتشر الجنود على جانبي الطريق بحثاً عن الفاعلين أحس ياسر باقتراب الخطر
فقرر الهروب و بنما كان يشق طريقه بين الأشجار لمحه أحد الجنود فأطلق عليه النار , الرصاصة الأولى لم تصبه
أما الثانية فأصابته في ساقه اليمنى فسقط مكباً على وجهه , الثالثة أصابته في خاصرته حاول النهوض ولكن قواه لم تساعده على القيام , فزحف إلى الأمام محاولاً الابتعاد , جاءه الجندي و رفسه في بطنه فتقيأ دماً و قبل أن يلتقط أنفاسه ضربه بأخمص البندقية على جبهته فسال الدم على عينيه , و قبل أن يوجه له ضربة أخرى , استخرج ياسر سكيناً من جيبه و غزها في قدم الجندي و ما هي إلا لحظات حتى سُمع إطلاق النار
.......................................
في الجانب آلاخر كانت الاشتباكات بين العدو و الجماعات المسلحة في أشدها , حيث كانت العبوة المزروعة في الطريق هي جزء من الخطة الموضوعة من قبل الشباب المسلحين
تزايد إطلاق النار بكثافة لتأتي لحظة هدوء معلنة انتهاء المواجهة
.............
الأول : من هذا الشاب ؟
الثاني : لا أعرف , لكن من ملابسه يبدو انه من المدينة
الأول : هل لا زال على قيد الحياة ؟
الثاني وهو يتحسس نبضه : نعم لكن نبضه بطيء
الأول : كيف تمكن وهو في هذه الحالة أن يقتل الجندي !!!
كانت أصواتهم تبدو كهمهمة مبهمة و وجوههم غير واضحة مختفية خلف الكوفيات
و رائحة البارود تفوح من ملابسهم
ماذا حدث ؟ من هؤلاء ؟
تساءل ياسر في نفسه , و وبدون تفكير مد يده إلى جيبه ليتحسس عبوة الدواء , و ما أن أطمأن عليها
حتى تنفس الصعداء
الأول : ماذا تفعل يا هذا ؟ من أنت؟
الثاني : يا رجل انهُ لا يقوى على الحراك ألا تراه لقد نزف كثيراً
فقد ياسر وعيه من جديد
كانت جراح ياسر بليغة و قواه الخائرة زادت وضعه سوءاً
يبدوا أنها معركته الأخيرة و لكنها لم تحسم بعد , فلابد أن يصل الدواء إلى والده المحبوس في ذلك الكوخ في القرية
كان لزاماً عليه أن يتمسك بالأمل هذه المرة
................
: من هذا ؟ ولماذا جئتم به إلى هنا ؟
الأول : وجدناه بقرب احد الجنود
: لعله عميل , كيف تحضروه إلى هنا
الأول : أسأله هو من أصر على أن نحضره إلى هنا , فهو مجهول الهوية و ليس لدينا ما نداويه به
الثاني : إلا ترى حاله و ملابسه لا يبدو لي انه عميل
: هل فتشتموه ؟
فتشو ملابسه فلم يجدو فيها غير عبوة الدواء و بعض النقود , وحول عنقه كانت هناك سلسة فيها مفتاح علاه الدم والصدأ .
اتسعت حدقتا عينيه , ليس هناك غيره هذا الدواء كان يعطيه لوالده , و هذا مفتاح الكوخ الذي أعطيته له
ما الذي جاء به إلى هنا ؟!
أيعقل أن يكون هذا هو يـــ ....
استفاق ياسر , لكـن هذه المرة شعر بدنو أجله و بأن روحه تستل من جسده الواهن شيئاً فشيئاً
كان الأمل بأن يصل الدواء إلى والده هو ما يبقيه متمسكاً بأنفاسه المتثاقلة
أحس بأن هناك شخص يحتضنه بقطرات دافئة تتساقط على وجهه الذاوي
هل يعقل أن يكون هذا والدي ؟! أخي مازن ؟!
أم إنني في العالم الآخر
هل خسرت معركتي الأخيرة معها ؟
هل ضاع الأمل من جديد , وهل كان الأمل موجود أصلاً ؟
فتعالى صوتُ من بعيد معلناً أن الغد هو أول أيام العيد
...................
فتح فؤاد الباب , نظر إليه الأب نظرة خالية من كل أدراك و كأن الزمن توقف منذ البارحة
كان منزوياً في ركن الكوخ و هو يطبق بقبضته على مسبحته
الأب : من أنت ؟
فؤاد و هو يلملم شتات أفكاره المبعثرة : أنا ياسر أحضرت لك الدواء
بَـوح قلميـﮯ
07-30-2012, 11:11 PM
http://im18.gulfup.com/2012-07-29/1343512073936.jpg (http://www.monms.com/vb)
كل الحروب التي عاشها الانسان لم تخلف سوى الدمار
لن تعرف فيها المنتصر
لن تجلب لنا السلام
لكن حروبنا التي نخوضها مع انفسنا قد نخسر فيها بعض المعارك
لكنها في النهاية تحدد اي أنسان أنت
..........
شذى الحور
07-31-2012, 04:39 AM
وعليـــــــــــــــــــكم السلام ورحمة الله وبركـــــــــــــاته ,,,
بصراحــــــــــة وبدون مجـــــــامله << القصــــــــــــة روووووووووووعـة ..
رائـــــــــــــع جـــــداً / قلــــــــــــم مبدع ما شاء الله .. تمنياتي لك/ي
بالتوفيــــــــــــق ..
لكن النهاية احــــــــــــزنتني .. احزنني موت ياســـــــر ,, هكذا هي الحروب
شكرا .. اسعدني ما كتبت/ي ربي يحرسك ويحميـــــــك ..
http://im20.gulfup.com/2012-08-01/1343787794291.gif (http://www.monms.com/vb)
ما شاء الله كيني + مجرد انسان + شذى الحور = لجنة تحكيم هع هع
احم..احم....^ ^....http://im28.gulfup.com/2012-08-02/134391922852.gif (http://www.monms.com/vb) http://im28.gulfup.com/2012-08-02/134391922852.gif (http://www.monms.com/vb)
واسمح او اسمحي لي.....
ابدعت..ابدعت بالفعل...مع احتراماتي للمتسابقين..لكن هذه الافضل من بين ماقرأت...الكاتب ذكي..هذا شيء ملموس..استطاع فهم الفكرة التي اعطتها انفاس والعنوان وووصل للمطلوب في النهاية...الكلمات,الاسلوب جميل..ع الرغم من اني لم انغمس كثيرا في القصة ربما كما قال الاخ احمد يجب ان تقرأ بعد الافطار...خخخ..النكهة الساخرة التي اضفتها لياسر كانت شيء جمييل..واوافق الاخ احمد ايضا في ان الكاتب استعجل في وضع النهاية..في البداية كانت الاحداث تسير ببطأ ثم.......^ ^...ربما هذا له مسوغات واعذار كثيرة..اتفهم ذلك...ولكن انت مبدع ايها الكاتب..كأنني اعرف اسلوبك!! ع كل حال نحن هنا لنقيم بعدل بغض النظر عمن تكون ...^ ^..تحيااتي لك...اتمنى ان اقرأ المزيد من كتاباتك...
مجرد انسان
07-31-2012, 08:57 AM
حجز...
A H M E A D
08-01-2012, 04:20 PM
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
سلمت الانامل
..........
1- البداية كانت متقنة لكن أحسست ان الكاتبـ/ة استعجل في انهاء القصة
2- هناك بعض الاخطاء النحوية , و كلمات مكررة كان بالامكان اعادة صياغتها بطريقة مختلفة
3- توجد بعض الثغرات التي تحتاج الى سرد أكثر
4 - خالية من العنصر النسوي ( و هي النقطة الاهم ههههــــــ )
هكذا قصص يفضل قراءتها بعد الافطار هههههـ
اتمنى لكم التوفيق
.............. دمتم
خخخ..والله مشكلة هذي قريت الموضوع وعجبني بعدين اطلع وانسى احط التقييم!!...ومن اتذكر ادور ع الموضوع ماالقاه...^ ^..>>كلام فاضي...^ ^
المهم تحيااتي..الحمد لله اني لقيته قبل ماامل......^ ^
vBulletin® v3.8.11, Copyright ©2000-2024