آفـــــــآاق
11-08-2011, 05:47 PM
http://www.mybeautysecret.net/girls/images/imgcache/2010/12/28.gif
http://www.mybeautysecret.net/girls/images/imgcache/2010/12/29.gif
ليتني كنت أعلم
جلست ( انفال ) في عيادة الطبيب ، تنتظر نتيجة الفحص ، وكانت تستعجل الوقت لأنها مدعوة إلى حفلة ! لم تكن تفكر في طبيعة النتيجة بقدر ما كانت تخشى من تسرب الوقت وفوات موعد الحلاقة ، فهي لم تكن تجد في التحليل الذي تنتظر نتائجه سوى إجراء احتياطي جاء نتيجة رغبة الأهل واهتمامهم بأمرها ، وإلا فهي لا تحس بأي عارض مخيف ، ولا تستشعر من المرض ما يريب ، عدا بعض الآلام الطفيفة في المفاصل ، وأخيراً استدعيت إلى غرفة الطبيب ، فدخلت عليه وهي مستعجلة إنهاء الأمر ، والاسراع في الخروج ، وفوجئت عندما دخلت بسحابة من كآبة ترين على وجه الطبيب ، الشيء الذي دعاها أن تقول عندما سألها :
هل أنت صاحبة التحليل ؟
كلا إنها ابنتي.
فقد أرادت أن تعرف الحقيقة ، ولعله سوف يتحفظ معها لو عرف أنها صحابة التحليل ، ووقفت أمامه تنتظر ، فأشار
إلى كرسي هناك ، وطلب منها أن تجلس فجلست ، وقد بدأ الوجل يتسرب إلى نفسها ، وتطلعت إليه في لهفة ، ولكن ليس من أجل الخروج في هذه المرة بل من أجل فهم الحقيقة.
قال :
لماذا لم ترسلوا رجلاً بدلاً عنك لأخذ النتيجة يا أنسة ؟
قالت :
لأني كنت مارة من هنا ولهذا لم نجد ما يستدعي إرسال سواي ثم أنني أتمكن أن أسمع الحقيقة مهما كانت.
فسكت الطبيب وهو ينظر إليها في جد مشوب بالأسف ثم قال :
إن هذا يؤكد أنك فتاة مثقفة فاهمة لطبيعة الحياة.
قال هذا ثم سكت ، فسرت في جسمها رعدة من الخوف وتساءلت :
كيف ؟ وماذا تعني يا دكتور ؟ قال إن نتائج التحليل تشير إلى وجود مرض في الدم.
قال هذا ثم سكت وأطرق في أسى ، فلم تجد أنفال
حاجة لأن تستزيده أو تستوضحه أكثر ، فرددت في فزع قائلة ( سرطان ) ؟
ولم يرفع الطبيب رأسه وبقي ساكتاً في ألم من أجل هذه الأخت المصابة ، وكان هذا السكوت بمثابة حكم بالاعدام عليها فغمغمت تقول في شبه حشرجة :
آه لقد انتهيت إذن ...
وهنا عرف الطبيب أنها كانت تكذب عليه .. نعم عرف ذلك ولكن بعد فوات الأوان فرفع إليها وجهه ونظر نحوها نظرة حنو وقال :
أنني آسف ، لماذا كذبت عليّ يا بنتاه ؟ ولكن وعلى كل حال فإن الموت والحياة بيد الله وكم من مريض عاش وصحيح مات ؟
وكانت ( أنفال ) تشعر أن روحها أخذت تغور إلى الأعماق وأن يداً فولاذية امتدت لتشد على قلبها فتعصره في قساوة ولكنها استجمعت فلول قوتها وهي تقول :
أرجو المعذرة يا دكتور وشكراً.
فرد عليها الطبيب مشجعاً :
كوني قوية ومتفائلة ، فإن الطب لا يزال
في تقدم ولعل المرض الذي لا يوجد دواء له اليوم سوف يوجد دواؤه غداً ولهذا فإن الأمل لا يزال موجوداً وسوف أبحث عن أحدث الأفكار الطبية لعلني أجد الدواء المطلوب ولهذا فأنا أرجو أن تتركي لي رقم تليفونك يا بنتاه.
وبطريقة روتينية ذكرت له رقم الهاتف فهي لم تكن تعي ما تقول أو ما يقول فقد كانت تعيش آثار الصدمة في عنف ومرارة ثم أعادت عليه كلمة الشكر وخرجت.
وفي البيت ... كتمت الحقيقة فلم تكن تعرف أو تقوى أن تتحدث عنها ثم إنها وجدتهم في شغل عن ذلك بالاستعداد للذهاب إلى الحفلة ... وسألتها أمها قائلة :
ألم تمري على الدكتور يا أنفال ؟ ثم لماذا لم تذهبي إلى الحلاقة ؟
كان السؤال عابراً غير منتظر للجواب ولهذا فقد ردت عليها باقتضاب قائلة :
لأنني سوف لن أذهب إلى الحفلة ، قالت هذا وصعدت إلى غرفتها وأغلقت الباب من الداخل ثم استلقت على السرير وهي بكامل ملابسها وأصوات أهلها تصلها وكأنها تأتي من وراء بعد ساحق وكان
صوت الريح يطرق أذنها فتجد فيه عزفاً جنائزياً حزيناً وكأنه العويل الذي ينعى إليها شبابها وحياتها الفتية ...
حتى غرفتها الحبيبة إليها أصبحت تجد أنها غريبة فيها ما دامت راحلة عنها بعد قليل والبيت ؟ أنها أصبحت ضيفة في هذا البيت وسوف تتركه مجبرة لكي يحل آخرون مكانها فيه يذكرونها فترة ثم ينسونها بعد حين ، وحاولت أن تبكي فلم تسعفها الدموع فهي تريد أن تفكر ولا تريد أن تبكي وتلفتت حولها في ألم ... وجدت الستائر التي بذلت الكثير من الجهد حتى حصلت عليها والتي فتشت عن أحلى وأحدث تصميم لخياطتها ، هذه الستائر سوف تبقى لتذهب هي إلى غير رجعة فماذا يهمها الآن لو كانت من خام او كتان ؟ أنها ذاهبة عنها ومخلّفتها لسواها ، ليتها ما بذلت الجهود من أجلها ، ليتها وفرت ذلك الوقت والمال لشيء يفيدها في محنتها هذه ، وهنا بدأت تفتش في ذاكرتها عن شيء لعله يفيد ماذا ؟ أن لديها كل شيء الشباب . والجمال والثقافة والمال والأثاث والرياش. ولكن هل يفيدها شيء من ذلك أو يدفع عنها خطر الموت ؟ إنها كانت تتمنى لو تصبح موظفة تتقاضى راتباً شهرياً محترماً وها هي الآن موظفة تتقاضى راتباً ولكن هل سوف يستنقذها راتبها من الموت ؟ وهنا خطرت لها فكرة سارعت إلى التليفون وكان البيت قد أصبح خالياً إلا منها فقد ذهب الجميع إلى الاحتفال فاتصلت بطبيبها وتساءلت في لهفة قائلة :
لو ذهبتُ إلى الخارج هل سوف أجد علاجاً شافياً هناك ؟
قال :
ليس هناك من جديد أنها أتعاب وخسارة بدون فائدة...
فأغلقت السكة وجلست على المقعد بجوار الهاتف متهالكة ... حتى راتبها لا يغير من الواقع شيئاً ... ثم نهضت تتجول في أرجاء البيت وكأنها تريد أن تودع هذه المعالم الحبيبة اليها وألقت نظرة على الحديقة وقالت ليتها تعلم ، ليت هذه الأشجار تعلم أنني راحلة. ليت هذه الأحجار تفهم أنني راحلة ليت هذه الجدران تعرف أنني راحلة وأنني سوف لن أبدو متنقلة بين جوانبها بعد الآن ، ليت هذه الأبواب تفهم بأنني راحلة وأن يدي التي كانت أول فاتح لها سوف لن تفتحها بعد اليوم ، ليت هذه الروض يتمكن أن يستوعب معنى أنني راحلة ، وهذه الأزهار التي غرستها يداي في التربة مستهينة بجميع ما كلفني ذلك من وغزرات شوك مدمية أو صلابة صخور متحجرة هذه الزهور التي طالما سقيتها من عرق جبيني إذا انقطع عنها الماء ورويتها من دموع عيني متى ما لاحت عليها علامات الذبول. أما الآن فليتها تعلم بأنني راحلة ، هذه الأشجار المثمرة التي استلمتها صغيرة ضعيفة فأمددتها بما وسعني من عناصر الحياة
.. يـــــــــــتـــــــــبـــــــــع
http://www.mybeautysecret.net/girls/images/imgcache/2010/12/29.gif
ليتني كنت أعلم
جلست ( انفال ) في عيادة الطبيب ، تنتظر نتيجة الفحص ، وكانت تستعجل الوقت لأنها مدعوة إلى حفلة ! لم تكن تفكر في طبيعة النتيجة بقدر ما كانت تخشى من تسرب الوقت وفوات موعد الحلاقة ، فهي لم تكن تجد في التحليل الذي تنتظر نتائجه سوى إجراء احتياطي جاء نتيجة رغبة الأهل واهتمامهم بأمرها ، وإلا فهي لا تحس بأي عارض مخيف ، ولا تستشعر من المرض ما يريب ، عدا بعض الآلام الطفيفة في المفاصل ، وأخيراً استدعيت إلى غرفة الطبيب ، فدخلت عليه وهي مستعجلة إنهاء الأمر ، والاسراع في الخروج ، وفوجئت عندما دخلت بسحابة من كآبة ترين على وجه الطبيب ، الشيء الذي دعاها أن تقول عندما سألها :
هل أنت صاحبة التحليل ؟
كلا إنها ابنتي.
فقد أرادت أن تعرف الحقيقة ، ولعله سوف يتحفظ معها لو عرف أنها صحابة التحليل ، ووقفت أمامه تنتظر ، فأشار
إلى كرسي هناك ، وطلب منها أن تجلس فجلست ، وقد بدأ الوجل يتسرب إلى نفسها ، وتطلعت إليه في لهفة ، ولكن ليس من أجل الخروج في هذه المرة بل من أجل فهم الحقيقة.
قال :
لماذا لم ترسلوا رجلاً بدلاً عنك لأخذ النتيجة يا أنسة ؟
قالت :
لأني كنت مارة من هنا ولهذا لم نجد ما يستدعي إرسال سواي ثم أنني أتمكن أن أسمع الحقيقة مهما كانت.
فسكت الطبيب وهو ينظر إليها في جد مشوب بالأسف ثم قال :
إن هذا يؤكد أنك فتاة مثقفة فاهمة لطبيعة الحياة.
قال هذا ثم سكت ، فسرت في جسمها رعدة من الخوف وتساءلت :
كيف ؟ وماذا تعني يا دكتور ؟ قال إن نتائج التحليل تشير إلى وجود مرض في الدم.
قال هذا ثم سكت وأطرق في أسى ، فلم تجد أنفال
حاجة لأن تستزيده أو تستوضحه أكثر ، فرددت في فزع قائلة ( سرطان ) ؟
ولم يرفع الطبيب رأسه وبقي ساكتاً في ألم من أجل هذه الأخت المصابة ، وكان هذا السكوت بمثابة حكم بالاعدام عليها فغمغمت تقول في شبه حشرجة :
آه لقد انتهيت إذن ...
وهنا عرف الطبيب أنها كانت تكذب عليه .. نعم عرف ذلك ولكن بعد فوات الأوان فرفع إليها وجهه ونظر نحوها نظرة حنو وقال :
أنني آسف ، لماذا كذبت عليّ يا بنتاه ؟ ولكن وعلى كل حال فإن الموت والحياة بيد الله وكم من مريض عاش وصحيح مات ؟
وكانت ( أنفال ) تشعر أن روحها أخذت تغور إلى الأعماق وأن يداً فولاذية امتدت لتشد على قلبها فتعصره في قساوة ولكنها استجمعت فلول قوتها وهي تقول :
أرجو المعذرة يا دكتور وشكراً.
فرد عليها الطبيب مشجعاً :
كوني قوية ومتفائلة ، فإن الطب لا يزال
في تقدم ولعل المرض الذي لا يوجد دواء له اليوم سوف يوجد دواؤه غداً ولهذا فإن الأمل لا يزال موجوداً وسوف أبحث عن أحدث الأفكار الطبية لعلني أجد الدواء المطلوب ولهذا فأنا أرجو أن تتركي لي رقم تليفونك يا بنتاه.
وبطريقة روتينية ذكرت له رقم الهاتف فهي لم تكن تعي ما تقول أو ما يقول فقد كانت تعيش آثار الصدمة في عنف ومرارة ثم أعادت عليه كلمة الشكر وخرجت.
وفي البيت ... كتمت الحقيقة فلم تكن تعرف أو تقوى أن تتحدث عنها ثم إنها وجدتهم في شغل عن ذلك بالاستعداد للذهاب إلى الحفلة ... وسألتها أمها قائلة :
ألم تمري على الدكتور يا أنفال ؟ ثم لماذا لم تذهبي إلى الحلاقة ؟
كان السؤال عابراً غير منتظر للجواب ولهذا فقد ردت عليها باقتضاب قائلة :
لأنني سوف لن أذهب إلى الحفلة ، قالت هذا وصعدت إلى غرفتها وأغلقت الباب من الداخل ثم استلقت على السرير وهي بكامل ملابسها وأصوات أهلها تصلها وكأنها تأتي من وراء بعد ساحق وكان
صوت الريح يطرق أذنها فتجد فيه عزفاً جنائزياً حزيناً وكأنه العويل الذي ينعى إليها شبابها وحياتها الفتية ...
حتى غرفتها الحبيبة إليها أصبحت تجد أنها غريبة فيها ما دامت راحلة عنها بعد قليل والبيت ؟ أنها أصبحت ضيفة في هذا البيت وسوف تتركه مجبرة لكي يحل آخرون مكانها فيه يذكرونها فترة ثم ينسونها بعد حين ، وحاولت أن تبكي فلم تسعفها الدموع فهي تريد أن تفكر ولا تريد أن تبكي وتلفتت حولها في ألم ... وجدت الستائر التي بذلت الكثير من الجهد حتى حصلت عليها والتي فتشت عن أحلى وأحدث تصميم لخياطتها ، هذه الستائر سوف تبقى لتذهب هي إلى غير رجعة فماذا يهمها الآن لو كانت من خام او كتان ؟ أنها ذاهبة عنها ومخلّفتها لسواها ، ليتها ما بذلت الجهود من أجلها ، ليتها وفرت ذلك الوقت والمال لشيء يفيدها في محنتها هذه ، وهنا بدأت تفتش في ذاكرتها عن شيء لعله يفيد ماذا ؟ أن لديها كل شيء الشباب . والجمال والثقافة والمال والأثاث والرياش. ولكن هل يفيدها شيء من ذلك أو يدفع عنها خطر الموت ؟ إنها كانت تتمنى لو تصبح موظفة تتقاضى راتباً شهرياً محترماً وها هي الآن موظفة تتقاضى راتباً ولكن هل سوف يستنقذها راتبها من الموت ؟ وهنا خطرت لها فكرة سارعت إلى التليفون وكان البيت قد أصبح خالياً إلا منها فقد ذهب الجميع إلى الاحتفال فاتصلت بطبيبها وتساءلت في لهفة قائلة :
لو ذهبتُ إلى الخارج هل سوف أجد علاجاً شافياً هناك ؟
قال :
ليس هناك من جديد أنها أتعاب وخسارة بدون فائدة...
فأغلقت السكة وجلست على المقعد بجوار الهاتف متهالكة ... حتى راتبها لا يغير من الواقع شيئاً ... ثم نهضت تتجول في أرجاء البيت وكأنها تريد أن تودع هذه المعالم الحبيبة اليها وألقت نظرة على الحديقة وقالت ليتها تعلم ، ليت هذه الأشجار تعلم أنني راحلة. ليت هذه الأحجار تفهم أنني راحلة ليت هذه الجدران تعرف أنني راحلة وأنني سوف لن أبدو متنقلة بين جوانبها بعد الآن ، ليت هذه الأبواب تفهم بأنني راحلة وأن يدي التي كانت أول فاتح لها سوف لن تفتحها بعد اليوم ، ليت هذه الروض يتمكن أن يستوعب معنى أنني راحلة ، وهذه الأزهار التي غرستها يداي في التربة مستهينة بجميع ما كلفني ذلك من وغزرات شوك مدمية أو صلابة صخور متحجرة هذه الزهور التي طالما سقيتها من عرق جبيني إذا انقطع عنها الماء ورويتها من دموع عيني متى ما لاحت عليها علامات الذبول. أما الآن فليتها تعلم بأنني راحلة ، هذه الأشجار المثمرة التي استلمتها صغيرة ضعيفة فأمددتها بما وسعني من عناصر الحياة
.. يـــــــــــتـــــــــبـــــــــع