ILL
10-23-2011, 09:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العلمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ماعلمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنة، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الشهوة والميل:
هناك سؤال كثيراً ما يطرق بال الناس، لماذا أودع الله فينا الشهوات ؟ ما ذنبي أنا، ركَّب الله في كياني، الميل للمرأة، وركب في كيان المرأة، الميل للرجل، فإذا عبَّر الإنسان عن ميلٍ فطريٍ فيه، أيكون عاصياً ؟ يعني كيف، يحاسبنا ربنا، وقد أودع فينا هذه الشهوات، هذا سؤال، يطرحه كثيرٌ من الشباب، وقد يجيبون عنه، في غيبة الشرع، هذه حاجة فطرية، إن لم نفعل هكذا نتعقَّد.
والشيء المؤسف أن معظم الأطباء النفسيين، قد يوجِّهون الشباب إلى شيءٍ لا يرضي الله عزَّ وجل، ولا يحلُّ لهم في الشرع، لأنهم تعلموا في بلاد الغرب، أن هذه حاجة أساسية في الإنسان، فإذا رواها بطريقةٍ أو بأخرى، فقد توازن، وإن لم يروها، فقد اختل توازنه، هذا كلام أهل الكفر.
نوَّهت في درسٍ سابق، إلى أن الإنسان إذا أثير، ولم يلبِّي هذه الإثارة، يقع الكبت، لكن عظمة الدين، أنه أبعدنا عن كل المثيرات، حينما قال:
﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾
( سورة الإسراء: أية " 32 " )
أبعدنا عن هذه الحالة، غير الطبيعية، أن تعيش في جو من الإثارة، وأن تكبت هذه العواطف، هذه حالة مرضية، ليس فيها توازن، فلذلك، غض البصر، وعدم صحبة الأراذل، وعدم ارتياد الأماكن المشبوهة، كل ما من شأنه أن يقرِّبك من المعصية، فهو معصية، وهذه قاعدة:
(( ما لا يكون الواجب إلا به فهو واجب، وما كان طريقاً إلى المعصية فهو معصية ))
فالبطولة، أن الإنسان يبتعد عن أسباب المعصية، لا عن المعصية، ابتعاده عن المعصية بعد أن دخل في أسبابها، شيءٌ فيه مغامرةٌ، ومقامرة، إذا نجا واحد، فالأكثرون يهلكون، إذا دخلت في أبواب المعصية، ثم واجهت لبَّ المعصية، وجوهر المعصية، قد ينجو، واحد ويهلك الآخرون، لكنك إذا امتنعت، من الولوج في أبواب المعصية، في الأصل، فإن هذا الامتناع، يضعك في حصنٍ حصين.
الجواب الأول:
أن الإنسان خلق، ليسعده الله إلى الأبد، هناك فرقٌ، بين أن يعطي الله المخلوق شيئاً، وبين أن يستحقَّ المخلوق شيئاً، أنت إذا أردت أن تعطي نبتةً صغيرةً ماءً وفيراً، قد تميتها، يا ترى الماء الذي تعطيه لهذه النبتة الصغيرة، يجب أن يتناسب مع كرمك، أم مع طاقة احتمالها، يجب أن يتناسب لا مع كرمك، ولكن مع طاقة احتمالها.
الإنسان هو المخلوق، الأول، والمكرَّم، الذي أعدَّه الله لسعادةٍ لا نهاية لها مادام الإنسان قد أعدَّ، لسعادةٍ لا نهاية لها.
الحيوان سعادته محصورة، محدودة، غير مكلَّف الحيوان، يكفي أن يأكل هذا الحشيش الأخضر، هذه كل سعادته، وانتهى الأمر، تنتهي سعادته بتلبية شهواته، لا يحاسب عن شيء، لكن لا يرقى إلى مستوى الإنسان.
الملك يسبح، عقلٌ كله، ولكن لا ترتقي سعادته، إلى مستوى الإنسان، لأنه ليس هناك شهوات يصارعها، وليس هناك صراعات، وليس هناك خيارات، خُلق ليسبِّح الله عزَّ وجل، ركِّب من عقلٍ فقط، يسعد بتسبيحه، والحيوان يسعد بشهواته، وكلاهما غير مسؤولين، وغير مكلَّفين، ولا يرقيان أبداً لمستوى الإنسان.
فموضوع الشهوات، وموضوع العورات، موضوع متداخل، وخير معالجةٍ للموضوعات، ما ربطنا الجزئيات، بالكليِّات، ما ربطنا النتائج بالمقدمات.
سؤال: أنا ما ذنبي ؟ أودع الله في هذه الشهوة، فلماذا أمرني بغض البصر ؟ لماذا قال لي هذا حرام، وهذا حرام، وهذا حرام ؟ يا رب كنت في الأصل انزع منا هذه الشهوات وانتهى الأمر، هذا منطق ساذج.
الله جلَّ جلاله خلقنا، الإنسان مخلوق وحيد، مكرَّم، المخلوق أول، قال الله عزَّ وجل:
﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ﴾
( سورة الأحقاف: آية " 33 " )
ولكن خلق الإنسان من أجل أن يسعد بالله عزَّ وجل، كل مخلوقٍ يسعدُ بشيءٍ مما سِوى الله، إلا أن الإنسان يسعَدُ، بالله عزَّ وجل، فلكي يحتمل التجليات الإلهية في الآخرة لكي يحتمل هذه السعادة التي لا حُدُودَ لها، أرسله إلى الدُنيا، ليستعد لهذه السعادة، ليُحصِّل موجِبات رحمة الله، أرسله إلى الدُنيأ، ليُقوِّي طاقة احتماله، أرسله إلى الدُنيا، ليؤهِّل نفسه لهذه السعادة، التي ينفرد بها الإنس والجن، من بين سائر المخلوقات، إذن الشهوة في ظاهرها، توريط، لكن في حقيقتها، دفعٌ إلى الله عزَّ وجل،.
التقرب إلى الله عزَّ وجل:
يعني هذا المخلوق، كيف يستطيع هذا المخلوق، أن يتقرَّب إلى الله ؟ لو أنه لا يُحِبُ شيئاً، ولا يكره شيء، لا يُحبُ النساء، ولا يحب المال، ولا يحب العُلو في الأرض ولا يكره الجوع، ولا يكره الخوف، ولا يكره الذل، ما دام بالإنسان في شهوات، إذن في شيء يسعده، وشيء يُزعجه، هذه البنية، بنية مخلوق، يسعد بأشياء، ويتألَّم بأشياء، الآن جاء التكليف، أودع فيه حُب النساء، وأمره أن يغُض الطرف، الإنسان بهذه الطريقة يرقى إلى الله، أودع فيه حُب المال، وجعل الله طُرُقاً عديدة لِكسب المال، لكن طُرُق كسب المال المشروع، طرقٌ قد تكون صعبةً أحياناً، أما الطرق السهلة، الحرام، قد تكون سهلةً ليرقى بترك الحرام، وأكل الحلال، يعني بشكلٍ مُلخَّص، أقول هذا الكلام كثيراً:
أودع الله فينا الشهوات، لنرقى بها مرتين، مرةً صابرين، ومرةً شاكرين، إلى الله عزَّ وجل، يعني يمكن أن أقول: إن الشهوة قوةٌ مُحرِّكة، قوةٌ دافعةٌ نافعة، يوم القيامة حينما يستحقُّ المؤمنون الجنة، يقولون:
﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)﴾
( سورة الزمر )
لو لا أن الله عزَّ وجل، خلقنا في الأرض، وأودع فينا الشهوات، وكلَّفنا وأمرنا أن نفعل، وأن لا نفعل، لولا أن هناك شهوات، حينما خالفناها، ارتقينا إلى الله ولولا أن هناك شهوات حينما رويناها، وفق منهج الله، ارتقينا إلى الله، لما كُنا في الجنة.
لا تستغرِبوا أن يأتي عليكم جميعاً إن شاء الله، وأنتم ترفُلون في حُلل الجنة، إن شاء الله، الجنة رجاءنا، على الحتم ما في، في عشر أشخاص استحقوها يقيناً، هم العشرة المُبشرون بالجنة، وما سِوى هؤلاء، نرجو الله عزَّ وجل، أن نكون من هؤلاء، لكن لا تستغربوا أن تُدرِكوا في لحظةٍ من لحظات الجنة، أنه لولا الشهوات، التي أودعها الله فينا لما كُنا في الجنة، قد يقول المؤمن، وهذا معنى قوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)﴾
( سورة الزمر )
لأنه كيف تتقربُ إلى الله ؟ ما في طريق، إلا أن تُحب شيئاً، أن تتمنى أن تقترب منه، والأمرُ يمنعك عنه، فتقول: إني أخاف الله رب العالمين.
الزواج وغض البصر:
يعني من باب بيان فضل الله علينا، أنت تُصلي في اليوم خمس مرات، بل هل تعلم أنه كلما رأيت في الطريق امرأة، وغضضت عنها بصرك، تُصلي ؟ أراد الله عزَّ وجل أن تكون المناسبات، للاتصال به كثيرةً، فأمرك بغض البصر، ولئلا تكون محروماً، سمح لك بالزواج، فالزواج يمنع عنك الحرمان، وغض البصر، يرقى بك إلى الواحد الدّيان.
فلسفة الأُمور مُريحةٌ جداً، الإنسان إذا أخذ أوامر الشرع، هكذا، في نهاياتها في حيثياتها، دون أن يربطها بكلِّيات العقيدة، بفلسفة الوجود، بحقيقة الكون، بحقيقة الحياة بجوهر الإنسان، يقع في متاهات، تنشأ معه آلاف الأسئلة، ولا يدري لها جواباً، حينما تمشي في الطريق يجب أن تعلم، أن الله هو الذي أودع فيك حب النساء، هوْ هو، وهو الذي أمرك بغض البصر، من أجل أن يكون غضُّ البصرِ، طريقاً إلى الإقبال عليه، دائماً ولاسيما وهذا ما أكدّته لكم كثيراً، قد تتفق الشرائع مع القوانين.
اتفاق الشرائع مع القوانين وافتراقهما:
السرقة محرمة في الشرع، ومحرمة في القانون، فمن ترك السرقة، ممكن تقول: يخاف من السجن، والمسؤولية، ولك أن تقول: يخاف من الله، ما الحقيقة ؟ الله أعلم، لكن الذي يغضُّ بصره عن محارم الله، يقيناً يخاف من الله، لأنه ليس في الأرض كلها تشريعٌ أو قانونٌ، يأمرُ بغض البصر، إذن هنا افترقت الشريعة عن القانون.
الصيام، بإمكانك أن تدخل البيت في أيام الصيف الحارة، وأن تدخل الحمام بعيداً عن نظر أولادك وزوجتك، وأن تشرب الماء النمير البارد، من العداد رأساً، ولا يدري بك أحد، إذن الصيام عبادة الإخلاص، ما دمت تمتنع عن أن تشرب قطرة ماء، إذن أنت تُراقب الله عزَّ وجل.
يعني حكم العِبادات أحياناً، من أجل أن تعلم أنك تحب الله، من أجل أن تعلم أنك تعلم أن الله يُراقبك، من أجل أن ترتفع معنوياتك، من أجل أن تُحس أنك في رضي الله عزَّ وجل، إذن لا تستغرب، أنه يا أخي ما هذه الحياة، كلها صراع، نفسي تميل، وفي الطريق نساءٌ كاسياتٌ عاريات، والله يأمرني أن أغض بصري، وضع غير طبيعي، لا هذا هو الطبيعي، لأنه خلقك للجنة، وثمن الجنة ضبط الشهوات، لأنه خلقكَ لحياةٍ أبدية لا تنتهي وأن ثمن هذه الجنة:
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40)﴾
( سورة النازعات )
فأنا أتمنى دائماً أن أوضح لإخواننا الشباب، كما أنه ليس في الإسلام حرمان ليس فيه تفلُّت، الله قال:
﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾
( سورة الحديد: آية " 27 " )
هم كتبوها على أنفسهم، هم اجتهدوا فأخطئوا، والدليل أنهم أخطئوا: ﴿ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾
( سورة الحديد: آية " 27 " )
لم يتمكنوا، لأنها خلاف الفطرة، الترهُّب، الرهبنة، خلاف فطرة الإنسان لذلك القصص التي تروى، عن الرهبان في انحرافاتهم الجنسية، لا تعدُّ ولا تحصى، لأنهم ألزموا أنفسهم، ما لا ينبغي أن يكون، ما كتبناها علينا، والدليل أنهم: ﴿ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾
( سورة الحديد: آية " 27 " )
فالإسلام دين الفطرة، فكما أن الإسلام، ما كلفك ما لا تطيق، كذلك ما أطلقك إلى حيث تريد، في منهج، يعني تقريباً، طريق، الطريق عريض، لك حرية الحركة في حدود هذا الطريق، لكن بعد الطريق هناك ممنوعات.
فأجمل حياة يعيشها، حياة القيم، حياة المنهج، حياة الدستور، أنظر إلى السيارة أروع ما تكون وهي على الطريق المعبَّد، لأن هذا الطريق صنع لهم، وهي صنعت له، فإذا سارت على الطريق المعبدَّ، تجدها كلها مرتاحة، لا يوجد أصوات أبداً، أما إذا نزلت إلى الطريق الوعر، تحس أن هذه الطريق ليست لهذه السيارة، وهذه المركبة ليست لهذا الطريق.
أردت من هذه المقدمة، أن نربط الجزئيات بالكليات، لا أن نبقى في هذه حرام لماذا حرام ؟ أنت تعيش في مجتمع، هناك أناس ليس لديهم وازع ديني إطلاقاً، أما آتاهم الله منطقاً، عندهم عقل، فإذا ملكت الحجَّة، بالمناسبة: (( ما اتخذ الله ولياً جاهلاً، لو اتخذه لعلمه ))
﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ﴾
( سورة الأنعام: أية " 83 " )
يعني يوجد قوة للمؤمن، قد تكون غير مادَّية، قد يكون مؤمن، يعني من أقل المراتب في المجتمع، قد يكون موظف، صغير جداً، ضارب آلة كاتبة، حاجب قد يكون لكن قوته نابعةٌ من حجته، لما ربنا قال:
﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ﴾
( سورة الأنعام: أية " 83 " )
لكل مؤمنٍ من هذه الآية نصيب، قوةٌ، يجوز حاجب في دائرة، يناقش المدير العام المتفلت، الذي عقيدته فاسدة، هذا الحاجب، أقوى منه في المناقشة، المؤمن، يعلّم لماذا يغضُّ بصره ؟ يعلَّم لماذا يصوم ؟ يعلّم لماذا يصدق ؟ يعلّم لماذا يتكلَّم بالحق ؟ فنحن نريد مؤمن متمكِّن، لا أريد مؤمن يطبِّق الإسلام إلى حين، لو أنَّك عرفت الأمر الشرعي من دون حيثيات، من دون أن تربطه بالكلّيات، من دون عقيدة صحيحة، يمكن _أن تنطبق الأمرّ، لكن مقاومتك هشة، هشة، يعني أدنى ضغط، أو أدنى إغراء، تجد مقاومتك قد انهارت، لذلك كلّ إنسان يربي، كل إنسان يبني إخوانه بناء، إذا بنى النفوس بناء صحيح بناء علمي، بناء منطقي، على أساس من العقيدة الصحيحة، تجد هذا الأخ قوياً، أي قوي في دينه، أينما ذهب مستقيم، الملاحظ لما ينبني إنسان بناء هش، أو يبنى بناء نصِّي غير تعليلي.
يعني أنت عندما تعرف أن هذا الأمر مربوط، بهذه العقيدة الصحيحة، مربوط بهذه الكلِّية، أي أنت مؤمن بخالق الكون، أنت مخلوق للجنّة، والجنّة ثمنها، ضبط الشهوات الشهوات أودعت فيك لترقى بها إلى الله، أودعت فيك، هذا الذي أتمنى أن يكون واضحاً للكل.
قوة الشهوة والوقوف أمامها:
كل إنسان بيتبرم بالشهوات، يقول: يا أخي ليس بيدي، لكن الله أودعها فيك وقوية، هذه الشهوات، أي مثلاً، تصوَّر طن من الحديد ألقيناه من عشر ألاف متر، هذا يتسارع، ماذا يقف في وجهه ؟ طبق ورق ؟ أعوذ بالله، قماش ؟ مستحيل، سقف بيحطمه كذلك الشهوات، قوة اندفاع شديدة، لا يقف أمام الشهوات إلا يقين، إلا إيمان قوي، إلا عقيدة صحيحة، إلا اتصال بالله، حينما تستقيم، وتتصل، تصبح كالجبل قويّ، بتحس أنه يوجد عندك مقاومة كبيرةً جداً، لذلك المؤمن الصادق، لا يضعف لا أمام أقوى المغريات، ولا أمام أقوى الضغوط، لا الضغط يؤثر فيه، ولا الإغراء يؤثر فيه، التِبْر عنده كالتراب والحياة والموت سواء، قال له:
﴿ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)﴾
( سورة طه )
الحقيقة نحن لا نقدر أن نستعيد مجد أمتنا، ولا نرجع كما كنا، قادة للأمم، النّبي الكريم، جاء إلى قومٍ، هم رعاةٌ للغنم، فجعلَّهم قادةً للأمم، من رعاة غنّم لقادة أمم، بعقيدة صحيحة، وبالتزام صحيح، أصعب شيءٍ في مجتمعاتنا إسلامية، أن يظنَّ المسلمون أنَّ الدين صوم وصلاة، الدين منهج، منهج طويل عريض، فيه كل شيء، فيه تفصيلات لكلّ شيء، فهذا المنهج.
مرة قرأت كتاب: الإسلام إما أن تأخذه كلُّه، أو فدعه كلُّه، أنا لا أوافق على هذا العنوان، أوافق على الشق الأول، خذه كلَّه، ولن تقطف ثماره، إلا إذا أخذته كلّه، هذا أصح، خذه كلُه، بأدق تفاصيله.
إذن ملخص هذا:
أن الله أودع فينا الشهوات، لنرقى بها، صابرين بغض البصر، وشاكرين بنعمة الزواج، إلى رب الأرض والسماوات، أودع فينا الشهوات، المال، لنرقى بحب المال صابرين، بإنفاقه، شاكرين بكسبه، أودع فينا حب العلو في الأرض، لنرقى بها، صابرين بترك معاونة الظلام، عرضوا عليك عظيم جداً، لكن فيه معاونة، ولنرقى شاكرين بخدمة الضعيف، وهكذا، كلُّ الشهوات، يمكن أن توظَّف، في الحق.
الآن حتى الذين آتاهم الله أصواتاً عذبة، أليس من الممكن أن يقرؤوا القرآن ؟ وأن تصبح أصواتهم خالدةً إلى آلاف السنوات ؟ مرة أنا سمعت آذان لمؤذن، أعتقد أنه مات قبل خمسين سنة، بمصر، قلت: هذا الصوت بقي مستمراً، الصوت الحسن، يمكن أن يوظَّف في الحق، في تلاوة القرآن، في الآذان، في مدح النبي عليه الصلاة والسلام، كلُّ ما أودعه الله في الإنسان، يمكن أن يوظف في الحق وفي الباطل، في الخير، وفي الشر.
إذن من أجل أن تربط، غضَّ البصر، وحفظ العورة، عدم إبداء العورة، وعدم إطلاق البصر إلى العورة، من أجل أن تربط هذا الحكم الجزئي الصغير، بكليةٍ كبرى في الدين، اعتقد دائماً أن الله جلَّ جلاله، خلقك للجنّة، وهذه الدنيا، دار دفع الثمن، كيف العام الدراسي، الآن الطالب الجامعي، مقاعد الجامعة مريحة ؟ لا والله، مقعد خشبي عرضه اعتقد خمسة وعشرين سانتيمتر، وقائم، إذا كان هكذا أريح، لا في سفنج، ولا في جلد وتدفئة أقل من الوسط، على طول بردانين، وبعض البللور مكسَّر دائماً، في أيام البرد، لا في تدفئة جيدة، ولا في مقعد مريح، ولا في أثناء الدرس بعض من الموالح، أو قليل من العصير مثلاً، ولا في مجلتين ثلاثة تقرأهم، ما في، لا يوجد إلا محاضر أمامك، ما في غير كلام الصراحة.
لكن سنة سنتين، ثلاثة، أربعة، بهذه الجامعة، أصبح طبيب، مثلاً، طبيب صار مهندس، وقت كان لهذه المهن الراقية دخل كبير، فبعد ما أخذ الشهادة، وأصبح له مكانة اجتماعية، وركَّز وضعه بالتعبير التجاري، واشترى بيت، وجاءه دخل كبير، لولا هذه السنوات التي قضاها في الجامعة، إثنا عشر ساعة باليوم، بلا غداء يتم، أكثر الأيام بلا غداء، إثنا عشر ساعة، وكل محاضر له طبع خاص، وظائف، حلقات بحث، ومفاجئات بالامتحانات، ومعركة بين الأستاذ والطلاب، هم يتوقعون قسم، فيفاجئهم بقسم، وسلم صعب، ولا يمكن أن تراجع ورقتك، لولا هذه المتاعب، خلال ست سبع سنوات، لا يقال لك: الدكتور فلان تفضل، يقول لك: إيكو خمسمئة ليرة، هذا غير تخطيط، ما في سوى أجهزة عند الطبيب، تحتاج لإيكو، وتخطيط، وكذا، لولا هذه المتعب ما كنت في هذا المستوى، طبعاً أنا أضرب أمثلة من واقع الحياة.
ولولا أنك جئت إلى الدنيا، ووضعت فيك الشهوات، حب المال، حب النساء حب العلو في الأرض، وجاء الشرع، غضْ بصرك، ولا تصافح، ولا تخلو بأجنبية، وهذه حرام، وهذه حلال، وهنا غض بصرك، والفخذ عورة، وهذه، منهج طويل عريض تفصيلي، وهذا الكسب حرام، وهذه شبهة الربا، وسألت، وجلست بمسجد، وعلى ركبك جلست، وساعة ونصف الدرس، ما كنت ترقى إلى هذا المستوى هذا.
فلذلك هذا الدرس، جزئيته صغيرة، أما كليته كبيرة، أنت حينما تطبِّق منهج الله عزَّ وجل، من أجل أن تكون في عداد السعداء في الآخرة.
عورة المرأة بالنسبة للمرأة
الآن، درسنا هذا اليوم، عورة المرأة بالنسبة إلى المرأة، أي أكثر الناس يظنون أنه لا يوجد عورة بين النسوة، امرأةٌ على امرأة، يعني نحن، وهذا ما أعتقده، اعتقاداً جازماً، هو أنَّ مجتمعنا الحمد لله، المجتمع المسلم مجتمع نظيف.....
..... المجتمع المسلم مجتمع نظيف، المجتمع المؤمن مجتمع أرقى، مجتمع روَّاد المساجد الملتزمين، هذا مجتمع أرقى وأرقى، لذلك الانحرافات الأخلاقية، إذا ذكرناها لا أعتقد أن من بين الحاضرين من هو واقع بها، لأنه شيء بعيد جداً.
شخص داخل جامعة، فتسأله: هل تقرأ وتكتب ؟ تنظر إليه ؟ أنا معي بكلوريا ماذا أقرأ وأكتب ؟ كلام فاضي هذا، ما وصل إلى الجامعة حتى أخذ البكلوريا، فنقول لأحد أخي توجد انحرافات، هذا أغلب الظن، بعيدة جداً عن رواد المساجد، عن مجتمع المؤمنين الصادقين، ولكن، في انحراف بين النساء، سببه التكشُّف، وفي انحراف بين الجنس الواحد اللواط معروف، والسِحاق معروف، فالانحرافات الجنسية، في الجنس الواحد، سببها عدم التقيُّد بأوامر الله عزَّ وجل.
فالدرس اليوم، عورة المرأة بالنسبة إلى المرأة، الناظرة إما أنها قريبة، وإما أنها أجنبية، ما معنى أجنبية، يعني معها جواز سفر ؟ لا ولكنها ليست قريبة، أو فاجرة، أو كافرة، أربع نساء، قريبة، أجنبية، فاجرة، كافرة.
الفاجرة قد يكون هويتها مسلمة، في الأصل، ولكن هذا الانتماء التاريخي، لا قيمة له إطلاقاً، إطلاقاً، انتماء تاريخي، أما هي فاجرة، ليست منضبطة، هذه لها حكم.
والكافرة الكتابية، هذه لها حكم، والقريبة، والأجنبية، الأجنبية، ليست قريبة جارتنا، أما القريبة، أخت أم، عمة، خالة، بنت أخ، بنت أخت.
فالقريبة، والأجنبية، لمَّا جمعنا بين القريبة والأجنبية، معناها القرب النسبي لا قيمة له في هذا الموضوع، القريبة، أو الأجنبية، كلاهما واحد، لا يوجد فرق بين جارتي وبين عمتي، فيما بين المرأة والمرأة، فقط، درسنا اليوم، عورة المرأة بالنسبة إلى المرأة قال:
فلهما لكلا المرأتين، النظر من المرأة إلى المرأة، إلى سرتها فما فوق، وإلى ما تحت ركبتيها.
لأن عورة المرأة بالنسبة إلى المرأة، ما دون سرتها، إلى مادون ركبتها.
فالسرة ليست من العورة، والركبة من العورة، أي أن عورة المرأة بالنسبة إلى المرأة، كعورة الرجل بالنسبة إلى الرجل.
وقد اتفق العلماء على أن الأحاديث التي حددت عورة الرجل مع الرجل، هي نفسها بيانٌ، لعورة المرأة مع المرأة، قال صلى الله علية وسلَّم:
(( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ.....))
( حديث رواه مسلم: رقم " 512 " وأبو داود والترمذي )
طبعاً هذه القريبة، والأجنبية، الحاصل:
أنه لا يجوز، للأُم أن ترى من بنتها، ولا للبنت أن ترى من أُمها، ولا للأُختِ أن ترى من أُختها، ولا للمرأة أن ترى من عمتها، أو خالتها، أو بنت أُختها، أو بنت أخيها أو إحدى النساء، قريباتٍ كنّ أو أجنبيات، شيئاً مما بين السرة والركبة، لا في الحمام ولا في غير الحمام، ولا وقت خلع الثياب، ولا في الاستقبالات، والاحتفالات، ولا في عمل المنزل، ولا في تنظيفه.. هذا الحكم الشرعي.
فإذا كشفت إحداهن، شيئاً من عورتها، وأثمت بهذا الكشف، لا يحلُّ للباقيات النظر إليها أبداً، بل يجب عليهن الإنكار عليها، ويجب عليهن، منعها من إبداء شيءٍ من عورتها، وإن أصرت إحداهن، على كشفها، لا يجوز الجلوس وهي كاشفةٌ عورتها، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الناظر والمنظور إليه.
نحن نتمنى أن يلتزم الفريقان، الناظر والمنظور، فإذا أخلَّ المنظور، على الناظر أن يغُض البصر، عليه أن ينصح، عليه أن يغُضَّ البصر.
مرة ثانية، وثالثة، ورابعة، هذه الأحكام للأسوياء، للإنسان الطبيعي، أما لو أنه خُشيت الفتنة، من نظر امرأةٍ مريضةٍ، أو منحرفةٍ، أو فاسقةٍ، أو فاجرةٍ، إلى امرأةٍ سوى ما بين السرة والركبة، لا يجوز، الوضع الطبيعي، المألوف، المرأة السوية، التي تمثِّل الخط العريض في المجتمع، هذا هو الحكم، أما في عدد قليل، نسب قليلة، منحرفة المزاج منحرف، الاتجاه غير سليم، هذه المرأة لا يجوز لها أن تبدي، حتى لمرأةٍ أُخرى قريبةٍ أو غير قريبةٍ، ما سوى العورة، يعني ما فوق السرة، وما تحت الركبة.
والحكم الذي قلته لكم سابقاً، ما حلَّ للمرأة النظر إليه حلَّ مسُّه ؟ يعني ممكن بنت تنظف بنتها فيما سوى العورة، في الحمام، ممكن الشيء المسموح النظر إليه، مسموح مسَّه بلا شهوة، فإذا خُشيت الشهوة، حُرِم مسه، وحُرِم النظر إليه، مع وجود الشهوة، مع خوف الفتنة، هناك أحكام أُخرى، ويقول عليه الصلاة والسلام، فيما رواه مسلمٌ وأبو داود والترمذي:
((....وَلا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ...))
( صحيح مسلم: رقم " 512 " )
كما أنه لا يجوز أن يتلامس الجسدانِ للذكور، لا يجوز أن يتلامس الجسدان للإناث، الحكم نفسه، لأن فيما بين الذكور انحراف معروف، وفيما بين الإناث انحراف معروف..
يوجد عندنا حكم مهم جداً، هو أن المرأة إذا رأت امرأةً، الآن أنظر، أكثر الأُسر الإسلامية، أين كنتم ؟ في بيت فلان، ماذا صار، الزوج عنده فضول، احكوا لنا شو شفتوا، والله عندهم بنت، ما شاء الله ( حولها )، أُوصفييها لنا ، قال مسلمة قال.
لا يجوز لمرأةٍ أن تصف امرأةً لزوجها، إطلاقاً، طبعاً يوجد معها دليل، يقول عليه الصلاة والسلام، فيما ورد في الصحيحين، البخاري ومسلم:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (( لا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ))
( صحيح البخاري: رقم "4839" )
أنا أقول لكم: لو أن امرأةً وصفت امرأةً لزوجها، لذهب خيال الزوج، إلى صفاتٍ أعلى بكثير، مما وصفت.
الإنسان ينزع نحو الكمال دائماً، لذلك النبيّ عليه الصلاة والسلام، حينما رأى زيد الخيل، وهذا رجل كان من أصحاب المُروءة في الجاهلية، النبيّ أُعجب به، قال له: من أنت ؟ قال له أنا زيد الخيل، قال له: بل أنت زيد الخير، لله درُّك يا زيد، ما وصف لي شيءٌ فرأيته، إلا رأيته دون ما وصف، إلا أنت يا زيد.
هذه قاعدة، يقول لك: قعدنا في مكان يطيِّر العقل، وإذا رأيته فتقول له: والله ليس بهذه الدرجة، لم يطر عقلنا، الوصف دائماً أكبر بكثير من الواقع، لأن هذا من عجز اللغة، اللغة لماذا هي عاجزة ؟ تقول كبير، ما معنى كبير، بالنسبة للمتكلم ؟ يعني إذا واحد دخله كثير محدود، يقول لك: فلان غني، يجوز هذا الغني مع الغني الحقيقي فقير، لكن كلمة غني من واحد فقير، في حجم عنده، نقلها لواحد أغنى، فتصوَّر أنه أغنى منه، وقد طلع أمامه فقير جداً، فمن عجز اللغة أنها لا تُعطي الحجوم حقيقتها.
لذلك حينما تصفُ امرأةً، الأصل محرم، لكن لو أنها وصفت، لا يقف الزوج في تصوِّره، عند حدود الواقع، بل قد يشتط خياله، إلى أبعد من الواقع، هذا الذي حرَّمه الشرع، إذن لا يجوز، قال:
إذا جاز للمرأة، أن تنظر إلى امرأةٍ أُخرى، قريبةٍ أو أجنبية، في تلك الحدود الضيِّقة، التي سمح بها الشرع، إذا جاز لها ذلك، فلا يجوز لها أن تصف، ما رأت لزوجها أو قريبها أو لأجنبيّ، إطلاقاً.
لذلك أكثر الأُسر، يحضروا أعراس، يتكلموا بعد العرس، فلانة، يعني لهم النساء كلمات خاصة بهم، لو أنهنّ تكلمنّ على مسمعٍ الزوج، فهذا حرام، حرامٌ حرمةً قطعيةً، أن تصف امرأةٌ، امرأةً لزوجها، فكأنه ينظر إليها.
يوجد عندنا استثناء واحد، من يعرف هذا الاستثناء ؟ الخاطب، أن الخاطب له حق أن يشوفها، أن يراها مباشرةً، فإذا وصفت له، أقل من الرؤيا، الخاطب من حقه أن يراها، لذلك إذا ذهبت امرأة، لتخطب لابنها، ووصفت له مخطوبته، الأمر مشروع لا شيء عليه، لكن لا يجوز أن تصف له هذه الفتاة أمام أخيه المتزوج، ليس له علاقة، هذه دقة الشرع، تصف الأُم لابنها، مخطوبته، دون أن ينتقل هذا الوصف إلى آخرين، قال: أما الفاجرة، الفاجرة قد تكون بالهوية مسلمة، لكنها فاجرة، فاسقة، قد تكون زانية، قد تكون متفلِّتة من كل الشرائع، تقريباً، قال:
هذه الفاجرة، لا يحل للمرأة أن تبدي أمامها زينتها، لا يحل للمرأة المسلمة، أن تبدي زينتها، للمرأة الفاجرة.
لأن الفاجرة ليس عندها قاعدة، المسلمة إذا رأت مسلمة، مسلمة لها زوج، و زوجها معلمها، وأبوها معلمها، وأمها علمتها، يعني المسلم يغلب عليه الورع، يغلب عليه الانصياع لله عزَّ وجل، فحينما تبدو امرأة أمام امرأة، أغلب الظن، أنها لن تصفها للآخرين لكن هذه المرأة الفاجرة، إذا نظرت إلى زينة امرأة مسلمة، رُبما وصفتها للأجانب، تصور إمرأة ماشية بالطريق وهي محجَّبة، وقد وصفت عضوا عضواً للأجانب، ما قيمة هذا الحجاب ؟ يعرفونها من الداخل هم حسب الوصف، إذن ما قيمة حجاب المرأة ؟ إذا رأتها فاجرةٌ، ووصفتها للأجانب.
الفاجرة، لا يحل للمرأة المسلمة أن تبدي، أمامها زينتها، لأنها تصفها عند الرجال، فلا تضع جلبابها ولا خِمارها عندها، لذلك أنا والله أستمع، إلى أخوات مؤمنات يحضرنّ أعراساً، ويرتدين ثيابهنّ الخارجية تماماً، هذا موقف سليم، لماذا ؟ قد يكون في هذا العرس إمرأة فاجرة، القصد حضرن، ولبين الدعوة، أما تبقى المرأة المسلمة في ثيابها المُحتشمة، في الأعراس، أما هذا التقليد، أن تخلع ثيابها الخارجية، وأن تبدو في أبهى زينة ولا تعلم من هنّ المدعوَّات، فإن كان من بين المدعوات فاجرة، الهوية مسلمة لكن فاجرة هذه الفاجرة من طبيعتها، لأن الشيطان يؤزها أزاً، الشيطان، لأنها مع الشيطان، والشيطان يُغري بكل معصية، أنا الذي أتمناه أنه حتى في الاحتفالات، يعني يكون المدعون، قد انتقاهم الداعي انتقاء جيداً، فإذا الانتقاء عشوائي، يجب أن تبقى المرأة المسلمة، في الحدود التي لا تبدو زينتها أمام الفاجرات، الآن الدليل، قال تعالى:
﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾
( سورة النساء )
أين بيت القصيد، أين الشاهد ؟ أو نسائهن، ورد في رد المحتار في تفسير قوله تعالى أو نسائهن: (( أي الحرائر المسلمات، لأن ليس للمؤمنة أن تتجرد، أي أن تخلع ثيابها بين يدي مشركةٍ أو كتابية، هذه معنى أو نسائهن ))
والشيخ النابلسي ورد هنا، له كتاب اسمه هدية ابن العماد، يقول: ((لا يحل للمسلمة، أن تتكشف، بين يدي يهوديةٍ، أو نصرانيةٍ، أو مشركةٍ أبداً، هذا تفسير قوله تعالى أو نسائهن ))
وقال ابن كثير:
(( أو نسائهن، يعني أن تظهر بزينتها أيضاً للنساء المسلمات، دون نساء أهل الذمة، أي الكتابيات، لئلا تصفهن لرجالهن، وذلك وإن كان محذوراً في جميع النساء، إلا أنه في نساء أهل الذمة أشد))
فيغلب الظن، أن المرأة المسلمة، لا تصف المرأة المسلمة لزوجها، أما الكافرة، والفاجرة، تصِفُها لزوجها، إذن يجوز للمرأةِ المُسلِمة المؤمنة، أن تُظهر زينتها، لمن ؟ لامرأةٍ مسلمةٍ مثلها، أما لغير المُسلمة، لا يجوز، الكافرة، لا يجوز، الفاجرة، لا يجوز
والحديث الشريف:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَال قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ))
( صحيح البخاري: رقم "4839" )
سيدنا عمر ابن الخطاب، كتب إلى أبي عُبيدة ابن الجراح،والشيخ النابلسي ورد هنا، له كتاب اسمه هدية ابن العماد، يقول: ((لا يحل للمسلمة، أن تتكشف، بين يدي يهوديةٍ، أو نصرانيةٍ، أو مشركةٍ أبداً، هذا تفسير قوله تعالى أو نسائهن ))
وقال ابن كثير:
(( أو نسائهن، يعني أن تظهر بزينتها أيضاً للنساء المسلمات، دون نساء أهل الذمة، أي الكتابيات، لئلا تصفهن لرجالهن، وذلك وإن كان محذوراً في جميع النساء، إلا أنه في نساء أهل الذمة أشد ))
فيغلب الظن، أن المرأة المسلمة، لا تصف المرأة المسلمة لزوجها، أما الكافرة، والفاجرة، تصِفُها لزوجها، إذن يجوز للمرأةِ المُسلِمة المؤمنة، أن تُظهر زينتها، لمن ؟ لامرأةٍ مسلمةٍ مثلها، أما لغير المُسلمة، لا يجوز، الكافرة، لا يجوز، الفاجرة، لا يجوز والحديث الشريف:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ))
( صحيح البخاري: رقم "4839" )
سيدنا عمر ابن الخطاب، كتب إلى أبي عُبيدة ابن الجراح، وقد بلغه أن في الشام حمامات عامة، قديماً، هذه القصة قديمة جداً، من عند سيدنا عُمر، قال له:
(( أما بعد، فإنه بلغني، أن نساءً من نساء المُسلمين، يدخُلن الحمامات مع نساء أهل الشرك، فإنه من قبلك، لا يحل لمرأةٌ تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر إلى عورتها إلا أهل ملَّتها ))
هذا كلام سيدنا عمر، لأبي عبيدة ابن الجراح.
وقال الإمام مُجاهد في تفسير قوله تعالى أو نسائهن:
(( نسائهن، المسلمات، ليس المشركات من نسائِهن، وليس للمرأة المسلمة أن تتكشف بين يدي مشركة، ولا يحل لمرأةٍ غير مُسلمةٍ، أن ترى، من المرأة المُسلمة زينتها، أو مكان الزينة ))
وروي عن الجاهدٍ أيضاً قال: (( لا تضع المُسلمة خِمارها عند مشركة، لأن الله تعالى يقول: أو نسائهن فليست المُشركة من نسائهن ))
كم دليل أصبحوا ؟ سبعة أدلة تقريباً، وفي تفسير الخازن: (( أو نسائهن، أي المؤمنات، من أهل دينهن، أراد به أنه يجوز للمرأة أن تنظر، إلى بدن المرأة، إلا ما بين السرة والركبة، ولا يجوز للمرأة المؤمنة، أن تتجرد من ثيابها عند الذمية، أو الكافرة ، لأن الله تعالى قال: أو نسائهن، والذمية، أو الكافرة ليست من نسائنا، ولأنها أجنبية في الدين، فكانت أبعد من الرجل الأجنبي ))
والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله رب العلمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ماعلمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنة، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الشهوة والميل:
هناك سؤال كثيراً ما يطرق بال الناس، لماذا أودع الله فينا الشهوات ؟ ما ذنبي أنا، ركَّب الله في كياني، الميل للمرأة، وركب في كيان المرأة، الميل للرجل، فإذا عبَّر الإنسان عن ميلٍ فطريٍ فيه، أيكون عاصياً ؟ يعني كيف، يحاسبنا ربنا، وقد أودع فينا هذه الشهوات، هذا سؤال، يطرحه كثيرٌ من الشباب، وقد يجيبون عنه، في غيبة الشرع، هذه حاجة فطرية، إن لم نفعل هكذا نتعقَّد.
والشيء المؤسف أن معظم الأطباء النفسيين، قد يوجِّهون الشباب إلى شيءٍ لا يرضي الله عزَّ وجل، ولا يحلُّ لهم في الشرع، لأنهم تعلموا في بلاد الغرب، أن هذه حاجة أساسية في الإنسان، فإذا رواها بطريقةٍ أو بأخرى، فقد توازن، وإن لم يروها، فقد اختل توازنه، هذا كلام أهل الكفر.
نوَّهت في درسٍ سابق، إلى أن الإنسان إذا أثير، ولم يلبِّي هذه الإثارة، يقع الكبت، لكن عظمة الدين، أنه أبعدنا عن كل المثيرات، حينما قال:
﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾
( سورة الإسراء: أية " 32 " )
أبعدنا عن هذه الحالة، غير الطبيعية، أن تعيش في جو من الإثارة، وأن تكبت هذه العواطف، هذه حالة مرضية، ليس فيها توازن، فلذلك، غض البصر، وعدم صحبة الأراذل، وعدم ارتياد الأماكن المشبوهة، كل ما من شأنه أن يقرِّبك من المعصية، فهو معصية، وهذه قاعدة:
(( ما لا يكون الواجب إلا به فهو واجب، وما كان طريقاً إلى المعصية فهو معصية ))
فالبطولة، أن الإنسان يبتعد عن أسباب المعصية، لا عن المعصية، ابتعاده عن المعصية بعد أن دخل في أسبابها، شيءٌ فيه مغامرةٌ، ومقامرة، إذا نجا واحد، فالأكثرون يهلكون، إذا دخلت في أبواب المعصية، ثم واجهت لبَّ المعصية، وجوهر المعصية، قد ينجو، واحد ويهلك الآخرون، لكنك إذا امتنعت، من الولوج في أبواب المعصية، في الأصل، فإن هذا الامتناع، يضعك في حصنٍ حصين.
الجواب الأول:
أن الإنسان خلق، ليسعده الله إلى الأبد، هناك فرقٌ، بين أن يعطي الله المخلوق شيئاً، وبين أن يستحقَّ المخلوق شيئاً، أنت إذا أردت أن تعطي نبتةً صغيرةً ماءً وفيراً، قد تميتها، يا ترى الماء الذي تعطيه لهذه النبتة الصغيرة، يجب أن يتناسب مع كرمك، أم مع طاقة احتمالها، يجب أن يتناسب لا مع كرمك، ولكن مع طاقة احتمالها.
الإنسان هو المخلوق، الأول، والمكرَّم، الذي أعدَّه الله لسعادةٍ لا نهاية لها مادام الإنسان قد أعدَّ، لسعادةٍ لا نهاية لها.
الحيوان سعادته محصورة، محدودة، غير مكلَّف الحيوان، يكفي أن يأكل هذا الحشيش الأخضر، هذه كل سعادته، وانتهى الأمر، تنتهي سعادته بتلبية شهواته، لا يحاسب عن شيء، لكن لا يرقى إلى مستوى الإنسان.
الملك يسبح، عقلٌ كله، ولكن لا ترتقي سعادته، إلى مستوى الإنسان، لأنه ليس هناك شهوات يصارعها، وليس هناك صراعات، وليس هناك خيارات، خُلق ليسبِّح الله عزَّ وجل، ركِّب من عقلٍ فقط، يسعد بتسبيحه، والحيوان يسعد بشهواته، وكلاهما غير مسؤولين، وغير مكلَّفين، ولا يرقيان أبداً لمستوى الإنسان.
فموضوع الشهوات، وموضوع العورات، موضوع متداخل، وخير معالجةٍ للموضوعات، ما ربطنا الجزئيات، بالكليِّات، ما ربطنا النتائج بالمقدمات.
سؤال: أنا ما ذنبي ؟ أودع الله في هذه الشهوة، فلماذا أمرني بغض البصر ؟ لماذا قال لي هذا حرام، وهذا حرام، وهذا حرام ؟ يا رب كنت في الأصل انزع منا هذه الشهوات وانتهى الأمر، هذا منطق ساذج.
الله جلَّ جلاله خلقنا، الإنسان مخلوق وحيد، مكرَّم، المخلوق أول، قال الله عزَّ وجل:
﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ﴾
( سورة الأحقاف: آية " 33 " )
ولكن خلق الإنسان من أجل أن يسعد بالله عزَّ وجل، كل مخلوقٍ يسعدُ بشيءٍ مما سِوى الله، إلا أن الإنسان يسعَدُ، بالله عزَّ وجل، فلكي يحتمل التجليات الإلهية في الآخرة لكي يحتمل هذه السعادة التي لا حُدُودَ لها، أرسله إلى الدُنيا، ليستعد لهذه السعادة، ليُحصِّل موجِبات رحمة الله، أرسله إلى الدُنيأ، ليُقوِّي طاقة احتماله، أرسله إلى الدُنيا، ليؤهِّل نفسه لهذه السعادة، التي ينفرد بها الإنس والجن، من بين سائر المخلوقات، إذن الشهوة في ظاهرها، توريط، لكن في حقيقتها، دفعٌ إلى الله عزَّ وجل،.
التقرب إلى الله عزَّ وجل:
يعني هذا المخلوق، كيف يستطيع هذا المخلوق، أن يتقرَّب إلى الله ؟ لو أنه لا يُحِبُ شيئاً، ولا يكره شيء، لا يُحبُ النساء، ولا يحب المال، ولا يحب العُلو في الأرض ولا يكره الجوع، ولا يكره الخوف، ولا يكره الذل، ما دام بالإنسان في شهوات، إذن في شيء يسعده، وشيء يُزعجه، هذه البنية، بنية مخلوق، يسعد بأشياء، ويتألَّم بأشياء، الآن جاء التكليف، أودع فيه حُب النساء، وأمره أن يغُض الطرف، الإنسان بهذه الطريقة يرقى إلى الله، أودع فيه حُب المال، وجعل الله طُرُقاً عديدة لِكسب المال، لكن طُرُق كسب المال المشروع، طرقٌ قد تكون صعبةً أحياناً، أما الطرق السهلة، الحرام، قد تكون سهلةً ليرقى بترك الحرام، وأكل الحلال، يعني بشكلٍ مُلخَّص، أقول هذا الكلام كثيراً:
أودع الله فينا الشهوات، لنرقى بها مرتين، مرةً صابرين، ومرةً شاكرين، إلى الله عزَّ وجل، يعني يمكن أن أقول: إن الشهوة قوةٌ مُحرِّكة، قوةٌ دافعةٌ نافعة، يوم القيامة حينما يستحقُّ المؤمنون الجنة، يقولون:
﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)﴾
( سورة الزمر )
لو لا أن الله عزَّ وجل، خلقنا في الأرض، وأودع فينا الشهوات، وكلَّفنا وأمرنا أن نفعل، وأن لا نفعل، لولا أن هناك شهوات، حينما خالفناها، ارتقينا إلى الله ولولا أن هناك شهوات حينما رويناها، وفق منهج الله، ارتقينا إلى الله، لما كُنا في الجنة.
لا تستغرِبوا أن يأتي عليكم جميعاً إن شاء الله، وأنتم ترفُلون في حُلل الجنة، إن شاء الله، الجنة رجاءنا، على الحتم ما في، في عشر أشخاص استحقوها يقيناً، هم العشرة المُبشرون بالجنة، وما سِوى هؤلاء، نرجو الله عزَّ وجل، أن نكون من هؤلاء، لكن لا تستغربوا أن تُدرِكوا في لحظةٍ من لحظات الجنة، أنه لولا الشهوات، التي أودعها الله فينا لما كُنا في الجنة، قد يقول المؤمن، وهذا معنى قوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74)﴾
( سورة الزمر )
لأنه كيف تتقربُ إلى الله ؟ ما في طريق، إلا أن تُحب شيئاً، أن تتمنى أن تقترب منه، والأمرُ يمنعك عنه، فتقول: إني أخاف الله رب العالمين.
الزواج وغض البصر:
يعني من باب بيان فضل الله علينا، أنت تُصلي في اليوم خمس مرات، بل هل تعلم أنه كلما رأيت في الطريق امرأة، وغضضت عنها بصرك، تُصلي ؟ أراد الله عزَّ وجل أن تكون المناسبات، للاتصال به كثيرةً، فأمرك بغض البصر، ولئلا تكون محروماً، سمح لك بالزواج، فالزواج يمنع عنك الحرمان، وغض البصر، يرقى بك إلى الواحد الدّيان.
فلسفة الأُمور مُريحةٌ جداً، الإنسان إذا أخذ أوامر الشرع، هكذا، في نهاياتها في حيثياتها، دون أن يربطها بكلِّيات العقيدة، بفلسفة الوجود، بحقيقة الكون، بحقيقة الحياة بجوهر الإنسان، يقع في متاهات، تنشأ معه آلاف الأسئلة، ولا يدري لها جواباً، حينما تمشي في الطريق يجب أن تعلم، أن الله هو الذي أودع فيك حب النساء، هوْ هو، وهو الذي أمرك بغض البصر، من أجل أن يكون غضُّ البصرِ، طريقاً إلى الإقبال عليه، دائماً ولاسيما وهذا ما أكدّته لكم كثيراً، قد تتفق الشرائع مع القوانين.
اتفاق الشرائع مع القوانين وافتراقهما:
السرقة محرمة في الشرع، ومحرمة في القانون، فمن ترك السرقة، ممكن تقول: يخاف من السجن، والمسؤولية، ولك أن تقول: يخاف من الله، ما الحقيقة ؟ الله أعلم، لكن الذي يغضُّ بصره عن محارم الله، يقيناً يخاف من الله، لأنه ليس في الأرض كلها تشريعٌ أو قانونٌ، يأمرُ بغض البصر، إذن هنا افترقت الشريعة عن القانون.
الصيام، بإمكانك أن تدخل البيت في أيام الصيف الحارة، وأن تدخل الحمام بعيداً عن نظر أولادك وزوجتك، وأن تشرب الماء النمير البارد، من العداد رأساً، ولا يدري بك أحد، إذن الصيام عبادة الإخلاص، ما دمت تمتنع عن أن تشرب قطرة ماء، إذن أنت تُراقب الله عزَّ وجل.
يعني حكم العِبادات أحياناً، من أجل أن تعلم أنك تحب الله، من أجل أن تعلم أنك تعلم أن الله يُراقبك، من أجل أن ترتفع معنوياتك، من أجل أن تُحس أنك في رضي الله عزَّ وجل، إذن لا تستغرب، أنه يا أخي ما هذه الحياة، كلها صراع، نفسي تميل، وفي الطريق نساءٌ كاسياتٌ عاريات، والله يأمرني أن أغض بصري، وضع غير طبيعي، لا هذا هو الطبيعي، لأنه خلقك للجنة، وثمن الجنة ضبط الشهوات، لأنه خلقكَ لحياةٍ أبدية لا تنتهي وأن ثمن هذه الجنة:
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40)﴾
( سورة النازعات )
فأنا أتمنى دائماً أن أوضح لإخواننا الشباب، كما أنه ليس في الإسلام حرمان ليس فيه تفلُّت، الله قال:
﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾
( سورة الحديد: آية " 27 " )
هم كتبوها على أنفسهم، هم اجتهدوا فأخطئوا، والدليل أنهم أخطئوا: ﴿ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾
( سورة الحديد: آية " 27 " )
لم يتمكنوا، لأنها خلاف الفطرة، الترهُّب، الرهبنة، خلاف فطرة الإنسان لذلك القصص التي تروى، عن الرهبان في انحرافاتهم الجنسية، لا تعدُّ ولا تحصى، لأنهم ألزموا أنفسهم، ما لا ينبغي أن يكون، ما كتبناها علينا، والدليل أنهم: ﴿ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾
( سورة الحديد: آية " 27 " )
فالإسلام دين الفطرة، فكما أن الإسلام، ما كلفك ما لا تطيق، كذلك ما أطلقك إلى حيث تريد، في منهج، يعني تقريباً، طريق، الطريق عريض، لك حرية الحركة في حدود هذا الطريق، لكن بعد الطريق هناك ممنوعات.
فأجمل حياة يعيشها، حياة القيم، حياة المنهج، حياة الدستور، أنظر إلى السيارة أروع ما تكون وهي على الطريق المعبَّد، لأن هذا الطريق صنع لهم، وهي صنعت له، فإذا سارت على الطريق المعبدَّ، تجدها كلها مرتاحة، لا يوجد أصوات أبداً، أما إذا نزلت إلى الطريق الوعر، تحس أن هذه الطريق ليست لهذه السيارة، وهذه المركبة ليست لهذا الطريق.
أردت من هذه المقدمة، أن نربط الجزئيات بالكليات، لا أن نبقى في هذه حرام لماذا حرام ؟ أنت تعيش في مجتمع، هناك أناس ليس لديهم وازع ديني إطلاقاً، أما آتاهم الله منطقاً، عندهم عقل، فإذا ملكت الحجَّة، بالمناسبة: (( ما اتخذ الله ولياً جاهلاً، لو اتخذه لعلمه ))
﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ﴾
( سورة الأنعام: أية " 83 " )
يعني يوجد قوة للمؤمن، قد تكون غير مادَّية، قد يكون مؤمن، يعني من أقل المراتب في المجتمع، قد يكون موظف، صغير جداً، ضارب آلة كاتبة، حاجب قد يكون لكن قوته نابعةٌ من حجته، لما ربنا قال:
﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ﴾
( سورة الأنعام: أية " 83 " )
لكل مؤمنٍ من هذه الآية نصيب، قوةٌ، يجوز حاجب في دائرة، يناقش المدير العام المتفلت، الذي عقيدته فاسدة، هذا الحاجب، أقوى منه في المناقشة، المؤمن، يعلّم لماذا يغضُّ بصره ؟ يعلَّم لماذا يصوم ؟ يعلّم لماذا يصدق ؟ يعلّم لماذا يتكلَّم بالحق ؟ فنحن نريد مؤمن متمكِّن، لا أريد مؤمن يطبِّق الإسلام إلى حين، لو أنَّك عرفت الأمر الشرعي من دون حيثيات، من دون أن تربطه بالكلّيات، من دون عقيدة صحيحة، يمكن _أن تنطبق الأمرّ، لكن مقاومتك هشة، هشة، يعني أدنى ضغط، أو أدنى إغراء، تجد مقاومتك قد انهارت، لذلك كلّ إنسان يربي، كل إنسان يبني إخوانه بناء، إذا بنى النفوس بناء صحيح بناء علمي، بناء منطقي، على أساس من العقيدة الصحيحة، تجد هذا الأخ قوياً، أي قوي في دينه، أينما ذهب مستقيم، الملاحظ لما ينبني إنسان بناء هش، أو يبنى بناء نصِّي غير تعليلي.
يعني أنت عندما تعرف أن هذا الأمر مربوط، بهذه العقيدة الصحيحة، مربوط بهذه الكلِّية، أي أنت مؤمن بخالق الكون، أنت مخلوق للجنّة، والجنّة ثمنها، ضبط الشهوات الشهوات أودعت فيك لترقى بها إلى الله، أودعت فيك، هذا الذي أتمنى أن يكون واضحاً للكل.
قوة الشهوة والوقوف أمامها:
كل إنسان بيتبرم بالشهوات، يقول: يا أخي ليس بيدي، لكن الله أودعها فيك وقوية، هذه الشهوات، أي مثلاً، تصوَّر طن من الحديد ألقيناه من عشر ألاف متر، هذا يتسارع، ماذا يقف في وجهه ؟ طبق ورق ؟ أعوذ بالله، قماش ؟ مستحيل، سقف بيحطمه كذلك الشهوات، قوة اندفاع شديدة، لا يقف أمام الشهوات إلا يقين، إلا إيمان قوي، إلا عقيدة صحيحة، إلا اتصال بالله، حينما تستقيم، وتتصل، تصبح كالجبل قويّ، بتحس أنه يوجد عندك مقاومة كبيرةً جداً، لذلك المؤمن الصادق، لا يضعف لا أمام أقوى المغريات، ولا أمام أقوى الضغوط، لا الضغط يؤثر فيه، ولا الإغراء يؤثر فيه، التِبْر عنده كالتراب والحياة والموت سواء، قال له:
﴿ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)﴾
( سورة طه )
الحقيقة نحن لا نقدر أن نستعيد مجد أمتنا، ولا نرجع كما كنا، قادة للأمم، النّبي الكريم، جاء إلى قومٍ، هم رعاةٌ للغنم، فجعلَّهم قادةً للأمم، من رعاة غنّم لقادة أمم، بعقيدة صحيحة، وبالتزام صحيح، أصعب شيءٍ في مجتمعاتنا إسلامية، أن يظنَّ المسلمون أنَّ الدين صوم وصلاة، الدين منهج، منهج طويل عريض، فيه كل شيء، فيه تفصيلات لكلّ شيء، فهذا المنهج.
مرة قرأت كتاب: الإسلام إما أن تأخذه كلُّه، أو فدعه كلُّه، أنا لا أوافق على هذا العنوان، أوافق على الشق الأول، خذه كلَّه، ولن تقطف ثماره، إلا إذا أخذته كلّه، هذا أصح، خذه كلُه، بأدق تفاصيله.
إذن ملخص هذا:
أن الله أودع فينا الشهوات، لنرقى بها، صابرين بغض البصر، وشاكرين بنعمة الزواج، إلى رب الأرض والسماوات، أودع فينا الشهوات، المال، لنرقى بحب المال صابرين، بإنفاقه، شاكرين بكسبه، أودع فينا حب العلو في الأرض، لنرقى بها، صابرين بترك معاونة الظلام، عرضوا عليك عظيم جداً، لكن فيه معاونة، ولنرقى شاكرين بخدمة الضعيف، وهكذا، كلُّ الشهوات، يمكن أن توظَّف، في الحق.
الآن حتى الذين آتاهم الله أصواتاً عذبة، أليس من الممكن أن يقرؤوا القرآن ؟ وأن تصبح أصواتهم خالدةً إلى آلاف السنوات ؟ مرة أنا سمعت آذان لمؤذن، أعتقد أنه مات قبل خمسين سنة، بمصر، قلت: هذا الصوت بقي مستمراً، الصوت الحسن، يمكن أن يوظَّف في الحق، في تلاوة القرآن، في الآذان، في مدح النبي عليه الصلاة والسلام، كلُّ ما أودعه الله في الإنسان، يمكن أن يوظف في الحق وفي الباطل، في الخير، وفي الشر.
إذن من أجل أن تربط، غضَّ البصر، وحفظ العورة، عدم إبداء العورة، وعدم إطلاق البصر إلى العورة، من أجل أن تربط هذا الحكم الجزئي الصغير، بكليةٍ كبرى في الدين، اعتقد دائماً أن الله جلَّ جلاله، خلقك للجنّة، وهذه الدنيا، دار دفع الثمن، كيف العام الدراسي، الآن الطالب الجامعي، مقاعد الجامعة مريحة ؟ لا والله، مقعد خشبي عرضه اعتقد خمسة وعشرين سانتيمتر، وقائم، إذا كان هكذا أريح، لا في سفنج، ولا في جلد وتدفئة أقل من الوسط، على طول بردانين، وبعض البللور مكسَّر دائماً، في أيام البرد، لا في تدفئة جيدة، ولا في مقعد مريح، ولا في أثناء الدرس بعض من الموالح، أو قليل من العصير مثلاً، ولا في مجلتين ثلاثة تقرأهم، ما في، لا يوجد إلا محاضر أمامك، ما في غير كلام الصراحة.
لكن سنة سنتين، ثلاثة، أربعة، بهذه الجامعة، أصبح طبيب، مثلاً، طبيب صار مهندس، وقت كان لهذه المهن الراقية دخل كبير، فبعد ما أخذ الشهادة، وأصبح له مكانة اجتماعية، وركَّز وضعه بالتعبير التجاري، واشترى بيت، وجاءه دخل كبير، لولا هذه السنوات التي قضاها في الجامعة، إثنا عشر ساعة باليوم، بلا غداء يتم، أكثر الأيام بلا غداء، إثنا عشر ساعة، وكل محاضر له طبع خاص، وظائف، حلقات بحث، ومفاجئات بالامتحانات، ومعركة بين الأستاذ والطلاب، هم يتوقعون قسم، فيفاجئهم بقسم، وسلم صعب، ولا يمكن أن تراجع ورقتك، لولا هذه المتاعب، خلال ست سبع سنوات، لا يقال لك: الدكتور فلان تفضل، يقول لك: إيكو خمسمئة ليرة، هذا غير تخطيط، ما في سوى أجهزة عند الطبيب، تحتاج لإيكو، وتخطيط، وكذا، لولا هذه المتعب ما كنت في هذا المستوى، طبعاً أنا أضرب أمثلة من واقع الحياة.
ولولا أنك جئت إلى الدنيا، ووضعت فيك الشهوات، حب المال، حب النساء حب العلو في الأرض، وجاء الشرع، غضْ بصرك، ولا تصافح، ولا تخلو بأجنبية، وهذه حرام، وهذه حلال، وهنا غض بصرك، والفخذ عورة، وهذه، منهج طويل عريض تفصيلي، وهذا الكسب حرام، وهذه شبهة الربا، وسألت، وجلست بمسجد، وعلى ركبك جلست، وساعة ونصف الدرس، ما كنت ترقى إلى هذا المستوى هذا.
فلذلك هذا الدرس، جزئيته صغيرة، أما كليته كبيرة، أنت حينما تطبِّق منهج الله عزَّ وجل، من أجل أن تكون في عداد السعداء في الآخرة.
عورة المرأة بالنسبة للمرأة
الآن، درسنا هذا اليوم، عورة المرأة بالنسبة إلى المرأة، أي أكثر الناس يظنون أنه لا يوجد عورة بين النسوة، امرأةٌ على امرأة، يعني نحن، وهذا ما أعتقده، اعتقاداً جازماً، هو أنَّ مجتمعنا الحمد لله، المجتمع المسلم مجتمع نظيف.....
..... المجتمع المسلم مجتمع نظيف، المجتمع المؤمن مجتمع أرقى، مجتمع روَّاد المساجد الملتزمين، هذا مجتمع أرقى وأرقى، لذلك الانحرافات الأخلاقية، إذا ذكرناها لا أعتقد أن من بين الحاضرين من هو واقع بها، لأنه شيء بعيد جداً.
شخص داخل جامعة، فتسأله: هل تقرأ وتكتب ؟ تنظر إليه ؟ أنا معي بكلوريا ماذا أقرأ وأكتب ؟ كلام فاضي هذا، ما وصل إلى الجامعة حتى أخذ البكلوريا، فنقول لأحد أخي توجد انحرافات، هذا أغلب الظن، بعيدة جداً عن رواد المساجد، عن مجتمع المؤمنين الصادقين، ولكن، في انحراف بين النساء، سببه التكشُّف، وفي انحراف بين الجنس الواحد اللواط معروف، والسِحاق معروف، فالانحرافات الجنسية، في الجنس الواحد، سببها عدم التقيُّد بأوامر الله عزَّ وجل.
فالدرس اليوم، عورة المرأة بالنسبة إلى المرأة، الناظرة إما أنها قريبة، وإما أنها أجنبية، ما معنى أجنبية، يعني معها جواز سفر ؟ لا ولكنها ليست قريبة، أو فاجرة، أو كافرة، أربع نساء، قريبة، أجنبية، فاجرة، كافرة.
الفاجرة قد يكون هويتها مسلمة، في الأصل، ولكن هذا الانتماء التاريخي، لا قيمة له إطلاقاً، إطلاقاً، انتماء تاريخي، أما هي فاجرة، ليست منضبطة، هذه لها حكم.
والكافرة الكتابية، هذه لها حكم، والقريبة، والأجنبية، الأجنبية، ليست قريبة جارتنا، أما القريبة، أخت أم، عمة، خالة، بنت أخ، بنت أخت.
فالقريبة، والأجنبية، لمَّا جمعنا بين القريبة والأجنبية، معناها القرب النسبي لا قيمة له في هذا الموضوع، القريبة، أو الأجنبية، كلاهما واحد، لا يوجد فرق بين جارتي وبين عمتي، فيما بين المرأة والمرأة، فقط، درسنا اليوم، عورة المرأة بالنسبة إلى المرأة قال:
فلهما لكلا المرأتين، النظر من المرأة إلى المرأة، إلى سرتها فما فوق، وإلى ما تحت ركبتيها.
لأن عورة المرأة بالنسبة إلى المرأة، ما دون سرتها، إلى مادون ركبتها.
فالسرة ليست من العورة، والركبة من العورة، أي أن عورة المرأة بالنسبة إلى المرأة، كعورة الرجل بالنسبة إلى الرجل.
وقد اتفق العلماء على أن الأحاديث التي حددت عورة الرجل مع الرجل، هي نفسها بيانٌ، لعورة المرأة مع المرأة، قال صلى الله علية وسلَّم:
(( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ.....))
( حديث رواه مسلم: رقم " 512 " وأبو داود والترمذي )
طبعاً هذه القريبة، والأجنبية، الحاصل:
أنه لا يجوز، للأُم أن ترى من بنتها، ولا للبنت أن ترى من أُمها، ولا للأُختِ أن ترى من أُختها، ولا للمرأة أن ترى من عمتها، أو خالتها، أو بنت أُختها، أو بنت أخيها أو إحدى النساء، قريباتٍ كنّ أو أجنبيات، شيئاً مما بين السرة والركبة، لا في الحمام ولا في غير الحمام، ولا وقت خلع الثياب، ولا في الاستقبالات، والاحتفالات، ولا في عمل المنزل، ولا في تنظيفه.. هذا الحكم الشرعي.
فإذا كشفت إحداهن، شيئاً من عورتها، وأثمت بهذا الكشف، لا يحلُّ للباقيات النظر إليها أبداً، بل يجب عليهن الإنكار عليها، ويجب عليهن، منعها من إبداء شيءٍ من عورتها، وإن أصرت إحداهن، على كشفها، لا يجوز الجلوس وهي كاشفةٌ عورتها، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الناظر والمنظور إليه.
نحن نتمنى أن يلتزم الفريقان، الناظر والمنظور، فإذا أخلَّ المنظور، على الناظر أن يغُض البصر، عليه أن ينصح، عليه أن يغُضَّ البصر.
مرة ثانية، وثالثة، ورابعة، هذه الأحكام للأسوياء، للإنسان الطبيعي، أما لو أنه خُشيت الفتنة، من نظر امرأةٍ مريضةٍ، أو منحرفةٍ، أو فاسقةٍ، أو فاجرةٍ، إلى امرأةٍ سوى ما بين السرة والركبة، لا يجوز، الوضع الطبيعي، المألوف، المرأة السوية، التي تمثِّل الخط العريض في المجتمع، هذا هو الحكم، أما في عدد قليل، نسب قليلة، منحرفة المزاج منحرف، الاتجاه غير سليم، هذه المرأة لا يجوز لها أن تبدي، حتى لمرأةٍ أُخرى قريبةٍ أو غير قريبةٍ، ما سوى العورة، يعني ما فوق السرة، وما تحت الركبة.
والحكم الذي قلته لكم سابقاً، ما حلَّ للمرأة النظر إليه حلَّ مسُّه ؟ يعني ممكن بنت تنظف بنتها فيما سوى العورة، في الحمام، ممكن الشيء المسموح النظر إليه، مسموح مسَّه بلا شهوة، فإذا خُشيت الشهوة، حُرِم مسه، وحُرِم النظر إليه، مع وجود الشهوة، مع خوف الفتنة، هناك أحكام أُخرى، ويقول عليه الصلاة والسلام، فيما رواه مسلمٌ وأبو داود والترمذي:
((....وَلا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ...))
( صحيح مسلم: رقم " 512 " )
كما أنه لا يجوز أن يتلامس الجسدانِ للذكور، لا يجوز أن يتلامس الجسدان للإناث، الحكم نفسه، لأن فيما بين الذكور انحراف معروف، وفيما بين الإناث انحراف معروف..
يوجد عندنا حكم مهم جداً، هو أن المرأة إذا رأت امرأةً، الآن أنظر، أكثر الأُسر الإسلامية، أين كنتم ؟ في بيت فلان، ماذا صار، الزوج عنده فضول، احكوا لنا شو شفتوا، والله عندهم بنت، ما شاء الله ( حولها )، أُوصفييها لنا ، قال مسلمة قال.
لا يجوز لمرأةٍ أن تصف امرأةً لزوجها، إطلاقاً، طبعاً يوجد معها دليل، يقول عليه الصلاة والسلام، فيما ورد في الصحيحين، البخاري ومسلم:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (( لا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ))
( صحيح البخاري: رقم "4839" )
أنا أقول لكم: لو أن امرأةً وصفت امرأةً لزوجها، لذهب خيال الزوج، إلى صفاتٍ أعلى بكثير، مما وصفت.
الإنسان ينزع نحو الكمال دائماً، لذلك النبيّ عليه الصلاة والسلام، حينما رأى زيد الخيل، وهذا رجل كان من أصحاب المُروءة في الجاهلية، النبيّ أُعجب به، قال له: من أنت ؟ قال له أنا زيد الخيل، قال له: بل أنت زيد الخير، لله درُّك يا زيد، ما وصف لي شيءٌ فرأيته، إلا رأيته دون ما وصف، إلا أنت يا زيد.
هذه قاعدة، يقول لك: قعدنا في مكان يطيِّر العقل، وإذا رأيته فتقول له: والله ليس بهذه الدرجة، لم يطر عقلنا، الوصف دائماً أكبر بكثير من الواقع، لأن هذا من عجز اللغة، اللغة لماذا هي عاجزة ؟ تقول كبير، ما معنى كبير، بالنسبة للمتكلم ؟ يعني إذا واحد دخله كثير محدود، يقول لك: فلان غني، يجوز هذا الغني مع الغني الحقيقي فقير، لكن كلمة غني من واحد فقير، في حجم عنده، نقلها لواحد أغنى، فتصوَّر أنه أغنى منه، وقد طلع أمامه فقير جداً، فمن عجز اللغة أنها لا تُعطي الحجوم حقيقتها.
لذلك حينما تصفُ امرأةً، الأصل محرم، لكن لو أنها وصفت، لا يقف الزوج في تصوِّره، عند حدود الواقع، بل قد يشتط خياله، إلى أبعد من الواقع، هذا الذي حرَّمه الشرع، إذن لا يجوز، قال:
إذا جاز للمرأة، أن تنظر إلى امرأةٍ أُخرى، قريبةٍ أو أجنبية، في تلك الحدود الضيِّقة، التي سمح بها الشرع، إذا جاز لها ذلك، فلا يجوز لها أن تصف، ما رأت لزوجها أو قريبها أو لأجنبيّ، إطلاقاً.
لذلك أكثر الأُسر، يحضروا أعراس، يتكلموا بعد العرس، فلانة، يعني لهم النساء كلمات خاصة بهم، لو أنهنّ تكلمنّ على مسمعٍ الزوج، فهذا حرام، حرامٌ حرمةً قطعيةً، أن تصف امرأةٌ، امرأةً لزوجها، فكأنه ينظر إليها.
يوجد عندنا استثناء واحد، من يعرف هذا الاستثناء ؟ الخاطب، أن الخاطب له حق أن يشوفها، أن يراها مباشرةً، فإذا وصفت له، أقل من الرؤيا، الخاطب من حقه أن يراها، لذلك إذا ذهبت امرأة، لتخطب لابنها، ووصفت له مخطوبته، الأمر مشروع لا شيء عليه، لكن لا يجوز أن تصف له هذه الفتاة أمام أخيه المتزوج، ليس له علاقة، هذه دقة الشرع، تصف الأُم لابنها، مخطوبته، دون أن ينتقل هذا الوصف إلى آخرين، قال: أما الفاجرة، الفاجرة قد تكون بالهوية مسلمة، لكنها فاجرة، فاسقة، قد تكون زانية، قد تكون متفلِّتة من كل الشرائع، تقريباً، قال:
هذه الفاجرة، لا يحل للمرأة أن تبدي أمامها زينتها، لا يحل للمرأة المسلمة، أن تبدي زينتها، للمرأة الفاجرة.
لأن الفاجرة ليس عندها قاعدة، المسلمة إذا رأت مسلمة، مسلمة لها زوج، و زوجها معلمها، وأبوها معلمها، وأمها علمتها، يعني المسلم يغلب عليه الورع، يغلب عليه الانصياع لله عزَّ وجل، فحينما تبدو امرأة أمام امرأة، أغلب الظن، أنها لن تصفها للآخرين لكن هذه المرأة الفاجرة، إذا نظرت إلى زينة امرأة مسلمة، رُبما وصفتها للأجانب، تصور إمرأة ماشية بالطريق وهي محجَّبة، وقد وصفت عضوا عضواً للأجانب، ما قيمة هذا الحجاب ؟ يعرفونها من الداخل هم حسب الوصف، إذن ما قيمة حجاب المرأة ؟ إذا رأتها فاجرةٌ، ووصفتها للأجانب.
الفاجرة، لا يحل للمرأة المسلمة أن تبدي، أمامها زينتها، لأنها تصفها عند الرجال، فلا تضع جلبابها ولا خِمارها عندها، لذلك أنا والله أستمع، إلى أخوات مؤمنات يحضرنّ أعراساً، ويرتدين ثيابهنّ الخارجية تماماً، هذا موقف سليم، لماذا ؟ قد يكون في هذا العرس إمرأة فاجرة، القصد حضرن، ولبين الدعوة، أما تبقى المرأة المسلمة في ثيابها المُحتشمة، في الأعراس، أما هذا التقليد، أن تخلع ثيابها الخارجية، وأن تبدو في أبهى زينة ولا تعلم من هنّ المدعوَّات، فإن كان من بين المدعوات فاجرة، الهوية مسلمة لكن فاجرة هذه الفاجرة من طبيعتها، لأن الشيطان يؤزها أزاً، الشيطان، لأنها مع الشيطان، والشيطان يُغري بكل معصية، أنا الذي أتمناه أنه حتى في الاحتفالات، يعني يكون المدعون، قد انتقاهم الداعي انتقاء جيداً، فإذا الانتقاء عشوائي، يجب أن تبقى المرأة المسلمة، في الحدود التي لا تبدو زينتها أمام الفاجرات، الآن الدليل، قال تعالى:
﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾
( سورة النساء )
أين بيت القصيد، أين الشاهد ؟ أو نسائهن، ورد في رد المحتار في تفسير قوله تعالى أو نسائهن: (( أي الحرائر المسلمات، لأن ليس للمؤمنة أن تتجرد، أي أن تخلع ثيابها بين يدي مشركةٍ أو كتابية، هذه معنى أو نسائهن ))
والشيخ النابلسي ورد هنا، له كتاب اسمه هدية ابن العماد، يقول: ((لا يحل للمسلمة، أن تتكشف، بين يدي يهوديةٍ، أو نصرانيةٍ، أو مشركةٍ أبداً، هذا تفسير قوله تعالى أو نسائهن ))
وقال ابن كثير:
(( أو نسائهن، يعني أن تظهر بزينتها أيضاً للنساء المسلمات، دون نساء أهل الذمة، أي الكتابيات، لئلا تصفهن لرجالهن، وذلك وإن كان محذوراً في جميع النساء، إلا أنه في نساء أهل الذمة أشد))
فيغلب الظن، أن المرأة المسلمة، لا تصف المرأة المسلمة لزوجها، أما الكافرة، والفاجرة، تصِفُها لزوجها، إذن يجوز للمرأةِ المُسلِمة المؤمنة، أن تُظهر زينتها، لمن ؟ لامرأةٍ مسلمةٍ مثلها، أما لغير المُسلمة، لا يجوز، الكافرة، لا يجوز، الفاجرة، لا يجوز
والحديث الشريف:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَال قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ))
( صحيح البخاري: رقم "4839" )
سيدنا عمر ابن الخطاب، كتب إلى أبي عُبيدة ابن الجراح،والشيخ النابلسي ورد هنا، له كتاب اسمه هدية ابن العماد، يقول: ((لا يحل للمسلمة، أن تتكشف، بين يدي يهوديةٍ، أو نصرانيةٍ، أو مشركةٍ أبداً، هذا تفسير قوله تعالى أو نسائهن ))
وقال ابن كثير:
(( أو نسائهن، يعني أن تظهر بزينتها أيضاً للنساء المسلمات، دون نساء أهل الذمة، أي الكتابيات، لئلا تصفهن لرجالهن، وذلك وإن كان محذوراً في جميع النساء، إلا أنه في نساء أهل الذمة أشد ))
فيغلب الظن، أن المرأة المسلمة، لا تصف المرأة المسلمة لزوجها، أما الكافرة، والفاجرة، تصِفُها لزوجها، إذن يجوز للمرأةِ المُسلِمة المؤمنة، أن تُظهر زينتها، لمن ؟ لامرأةٍ مسلمةٍ مثلها، أما لغير المُسلمة، لا يجوز، الكافرة، لا يجوز، الفاجرة، لا يجوز والحديث الشريف:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ))
( صحيح البخاري: رقم "4839" )
سيدنا عمر ابن الخطاب، كتب إلى أبي عُبيدة ابن الجراح، وقد بلغه أن في الشام حمامات عامة، قديماً، هذه القصة قديمة جداً، من عند سيدنا عُمر، قال له:
(( أما بعد، فإنه بلغني، أن نساءً من نساء المُسلمين، يدخُلن الحمامات مع نساء أهل الشرك، فإنه من قبلك، لا يحل لمرأةٌ تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر إلى عورتها إلا أهل ملَّتها ))
هذا كلام سيدنا عمر، لأبي عبيدة ابن الجراح.
وقال الإمام مُجاهد في تفسير قوله تعالى أو نسائهن:
(( نسائهن، المسلمات، ليس المشركات من نسائِهن، وليس للمرأة المسلمة أن تتكشف بين يدي مشركة، ولا يحل لمرأةٍ غير مُسلمةٍ، أن ترى، من المرأة المُسلمة زينتها، أو مكان الزينة ))
وروي عن الجاهدٍ أيضاً قال: (( لا تضع المُسلمة خِمارها عند مشركة، لأن الله تعالى يقول: أو نسائهن فليست المُشركة من نسائهن ))
كم دليل أصبحوا ؟ سبعة أدلة تقريباً، وفي تفسير الخازن: (( أو نسائهن، أي المؤمنات، من أهل دينهن، أراد به أنه يجوز للمرأة أن تنظر، إلى بدن المرأة، إلا ما بين السرة والركبة، ولا يجوز للمرأة المؤمنة، أن تتجرد من ثيابها عند الذمية، أو الكافرة ، لأن الله تعالى قال: أو نسائهن، والذمية، أو الكافرة ليست من نسائنا، ولأنها أجنبية في الدين، فكانت أبعد من الرجل الأجنبي ))
والحمد لله رب العالمين.