ILL
10-10-2011, 10:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطاهرين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله – صلى الله عليه و آله و سلم-.
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون"آل عمران:102.
"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا" النساء:1.
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم.ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما" الأحزاب:70-71.
و بعد:
فلا يخفى على ذوي الفهم و التدقيق و الغوص في العلوم و التحقيق,أن تحصيل الفقه الإسلامي من مهمات الأمور،لحض الحبيب المصطفى صلى الله عليه و آله و سلم أيما حض،كما جاء عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنه كما في المسند و غيره و هو صحيح مرفوعا:" من يرد الله به خيرا يفقه في الدين"(1) ، و فضل الفقه معروف قدره،وكتبت في شرفه المؤلفات ما بين صغير و كبير و متوسط.
لكن الذي يهمني الآن هو الكلام على المنهجية الصحيحة-إن شاء الله-لتحصيل "فقه أهل المدينة"
و لتحصيل الفقه طريقتان:
الطريقة الأولى: التحصيل عن طريق دراسة كتب شروح الحديث, "كفتح الباري شرح صحيح البخاري"...إلخ.
هذه الطريقة لن تعدم فائدة،لكن فائدتها قاصرة،لأن الطالب سيتشتت ذهنه فقد يجد في الحديث الواحد خمسة أحكام من أبواب شتى،ولن يستطيع ترتيب المسائل في ذهنه كما هي في كتب الفقه خاصة.وقد كان "علماء الصحوة" (2) في بداياتهم ينصحون بها ثم بعد مرور عشرات السنين تبين لهم قصورها و قلة مردودها.
قد يقول قائل:هذه الطريقة التي ذكرت أنها قاصرة،هي طريقة السلف من القرون المفضلة،كالأيمة الأربعة...
أقول: هؤلاء العلماء كانت أدوات الفهم عندهم سليقة مع قوة الحافظة،لأن العجمة لم تكن قد استحكمت بعد،ولهذا لما رأى العلماء بداية غزو اللغات الأخرى لغةَ العرب فزِعوا إلى تدوين المؤلفات في اللغة و الأدب و النحو و علم الاشتقاق...إلخ.
لذلك من جاء بعدهم لم يتخذ نفس طريقتهم،فدونت الكتب الفقهية البحثة على الأبواب المعروفة الآن،و انتشرت كتب المذاهب الفقهية الأربعة و أصبح لها تابعون أسسوا مدارسها.
قلت: و لذلك تجد كثيرا من الإخوة الذين أرادوا اتخاذ هذه الطريقة وسيلة للتفقه في الدين،قلما يستمرون،فتجد أحدهم يبدأ بشرح عمدة "الأحكام" ثم لا يكمله فينتقل إلى "سبل السلام" ثم إلى "نيل الأوطار"... و هكذا ينتقل بين الكتب وهو لم يؤسس لفقهه،و لا ينتبه لاختلاف مذاهب الشُرّاح و أصولهم و قواعدهم،فيحصل له تخبط يُعِيقه عن الاستمرار،وهذا معروف و مشاهد.
الطريقة الثانية: التحصيل عن طريق دراسة الكتب التي تعنى بالفقه خاصة، مرتبة على الأبواب جامعةً لمسائله.
وهذه طريقة العلماء بعد تدوين المذاهب الأربعة،و إذا ألقيت نظرة صغيرة إلى أصحاب الكتب التي استفادت منها الأمة لوجدت أنهم كانوا على هذه الطريقة،أنظر إلى الطحاوي الحنفي و البيهقي الشافعي و ابن عبد البر المالكي و ابن قدامة الحنبلي و هل تعرف النسفي و الزيلعي و العيني؟ الأحناف،و عبد الله بن وهب و ابن قاسم وابن مهدي و مصعب الزهري و ابن العربي و القرطبي؟ المالكية،و ابن الجوزي وابن تيمية و ابن القيم و ابن رجب؟ الحنابلة،و السبكي و النووي و الذهبي و ابن كثير؟ الشافعية.
هؤلاء علماؤنا رضينا علمهم و درسنا على كتبهم،فلم لا نرضى طريقتهم في الطلب؟.
فأفضل طريقة الآن هي دراسة الفقه عن طريق أحد هذه المذاهب المتبعة:"الحنفي و المالكي و الشافعي و الحنبلي "، لأن كثيرا من الطلبة يهرب من تقليد الإمام مالك-رضي الله عنه- مثلا، فيسقط في تقليد الشوكاني أو الصنعاني...أو حتى الألباني و ابن عثيمين و ابن باز – رحمهم الله جميعا -.
ما المقصود بالمذهب في اصطلاح العلماء؟
يقول العلامة الشنقيطي-رحمه الله-: (الصوارم و الأسنة) (3)
مذهب مالك إذا قيل المراد * منه الذي لمالك فيه اجتهاد
و غيره مما عليه النـص لا * يعد مذهبا له مــؤصلا
فعزو مذهب لذي اجتهاد * بعد وجود النص ذو فساد
بل كل ما ثبت بالدليـل * ينسب للإله و الرسـول
المذهب في اللغة: مصدر ميمي يطلق على الطريقة و مكان الذهاب و زمانه.
و في الاصطلاح:قال الإمام القرافي:"مذهب مالك ما اختص به من الأحكام الشرعية الفروعية الاجتهادية، و ما اختص به من أسباب الأحكام، و الشروط، و الموانع، و الحجاج المثبتة لها."إهـ (4)
و قال العلامة أحمد الدردير:"مذهب مالك مثلا:عبارة عما ذهب إليه من الأحكام الاجتهادية التي بذل وسعه في تحصيلها.إهـ .(5)
سبب اختيار المذهب المالكي:
اخترت المذهب المالكي،لأسباب منها:
أولا: مذهب الإمام مالك-رضي الله عنه- مذهب أهل المدينة و هو أصح مذاهب الأمصار في الأصول و الفروع كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية-رحمه الله-،وله رسالة ضمن الفتاوي هي:"صحة أصول مالك و أهل المدينة" انتصر فيها للمذهب المالكي و بيّن صحة أصوله و فروعه. (6)
ثانيا: المذهب المالكي،مذهب أهل الحديث في زمانه, و مالك أمير المؤمنين في الحديث كما وصفه بذلك يحيى بن معين -رحمه الله - فهو مذهب أصل اعتماده على الأحاديث و الآثار و سند مالك السلسلة الذهبية.
رابعا: عراقة المذهب المالكي،فهو ضارب بجذوره في التاريخ الإسلامي و حكم(7) مدة تزيد على الإثنى عشر قرنا،فلا شك في وجود ثراء في كتبه في القضاء و السياسة الشرعية و الجهاد....إلخ.
أصول المذهب المالكي:
يقول ابن تيمية-رحمه الله-:"من تدبر أصول الإسلام، وقواعد الشريعة وجد أصول مالك و أهل المدينة أصح الأصول و القواعد."إهـ (8)
"و أدق إحصاء لأصول المذهب المالكي هو ما ذكره القرافي،فقد ذكر أن أصول المذهب هي:
القرآن، و السنة و الإجماع و الإجماع، و إجماع أهل المدينة ،و القياس، و قول الصحابي، و المصلحة المرسلة، و العرف و العادات، و سد الذرائع، و الاستصحاب، و الاستحسان."إهـ (9)
مراحل تحصيل المذهب المالكي:
وسأجمع بين طريقة المغاربة و المصريين فهي مفيدة جدا لتأسيس الفقه.
المرحلة الأولى:
1- يبدأ الطالب " بمتن الأخضري" و ليقتن معه شرحه المسمى "هداية المتعبد السالك" للعلامة صالح عبد السميع الآبي،(في المذهب المالكي عالمان: الأُبي التونسي-بضم الهمز-متقدم،صاحب"إكما إكمال المعلم بفوائد صحيح مسلم" و هو طبوع متداول و الآبي-بالألف الممدودة-متأخر من علماء الأزهر) بتحقيق الأستاذ أحمد مصطفى قاسم الطهطاوي -حفظه الله - ، طبعة دار الفضيلة.
و عليه شرح بالدليل يسمى:" حل المسائل في شرح مختصر الأخضري بالدلائل" للحاج سعد بن عمر بن سعيد جليا توري، و هو مطبوع بدار الرشاد الحديثة/الدار البيضاء.
وبعد ضبط المتن جيدا و فهمه مع الشرح،ينتقل إلى:
2-"متن العشماوية" لعبد الرحمن العشماوي المصري، و عليه بشرح العلامة الآبي المسمى" الدرر السنية في شرح العشماوية" و إن وجد تحقيق الطهطاوي فحسن.فإن ضبط المتن مع الشرح جيدا، انتقل لشرح العلامة المحقق شيخ مشايخنا عبد العزيز بن الصديق الغماري -رحمه الله -المسمى" إتحاف ذوي الهمم العالية بشرح العشماوية" وهو شرح بالدليل. طبعة دار البشائر.
فإن ضبطه و ضبط أدلته جيدا،انتقل للمرحلة الثانية.
هذا في الفقه أما في أصول الفقه،فعليه ألا يبدأ في الأصول حتى يقرأ بعض فروع الفقه، كي يستطيع تطبيق الأصول على الفروع. و إليك التفصيل:
بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، تبدأ بقراءة شرح أبيات مقدمة في الأصول....من "المرشد المعين" من مختصر "الدر الثمين" و التي مطلعها:
الحكم في الشرع خطاب ربنا * المقتضي فِعْلَ المُكلَّف افْطُنا
ثم تثني بشرح"منظومة ابن أبي كف الموريتاني" للعلامة محمد يحيى الولاتي الشنقيطي الحوضي -رحمه الله -، و هي منظومة في ذكر أصول مذهب الإمام مالك بطريقة سهلة و ميسرة، و عليك بطبعة دار ابن حزم فهي أفضل الطبعات.
فتضبطهما جيدا و تختبر نفسك عن طريق طرح السؤال ثم الإجابة عليه،فإن كانت صحيحة فقد ضبطتهما و إلا فلا تنتقل منهما حتى تحكمهما.
المرحلة الثانية:
1ـ تدرس " المرشد المعين" للعلامة ابن عاشر الأندلسي-رحمه الله-بشرح العلامة محمد ميارة -تلميذه- و اقتصر فقط على "مختصر الدر الثمين"لأن "الدر الثمين" غير مناسب في هذه المرحلة،لأن المتن الصغير لا يصلح له إلا الشرح الصغير.(يمكن الاستعانة بـ"الدر الثمين" لكن بتحقيق المستشار علي الهاشمي(10)،فقد نصحني به شيخي الحسن الكتاني - فرج الله عنه -، و إن أردت تثبيت المسائل فاقرأ شرح "المرشد المعين" للأستاذ أحمد الطهطاوي، طبعة دار الفضيلة.وهو لا يذكر إلا مشهور المذهب.
ويمكنك الاستعانة بـ" العرف الناشر لأدلة و فقه ابن عاشر" للشيخ المختار مؤمن الجزائري الشنقيطي،و هو شرح مع الدليل، لكنه لا يتابع على بعض ترجيحاته في المذهب. والكتاب مطبوع بدار ابن حزم.
2- ثم تثني "بمختصر عمدة السالك على مذهب مالك" و هو مشهور بـ:"المقدمة العزية للنخبة الأزهرية" لأبي الحسن الشاذلي -رحمه الله - بشرح العلامة الآبي الأزهري -رحمه الله -.
وهذا المتن فيه بعض مسائل النكاح و الأضحية و البيوع....وذلك لتتأهب للدخول في "الرسالة"لابن أبي زيد القيرواني.
بالنسبة لأصول الفقه في هذه المرحلة:
1- تدرس "متن الورقات" للجويني بشرح العلامة محمد بن محمد الحطاب،بتحقيق أحمد الطهطاوي.طبعة دار الفضيلة.
ملاحظة: بعد هذه المرحلة لا بد لك من أخذ قسط من علم المنطق،لأن أغلب كتب الأصول مبنية على قواعد منطقية.فعليك بكتاب العلامة عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني – رحمه الله - "ضوابط المعرفة و أصول الاستدلال و المناظرة" - فهو سهل ميسر- الطبعة الثامنة دار القلم.
المرحلة الثالثة:
1- تدرس شرح "الرسالة" للقيرواني و عليك بشرح العلامة الآبي، المسمى"الثمر الداني بشرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني"،بتحقيق الطهطاوي، طبعة دار الفضيلة.
وقد زادها ذلك التحقيق بهاء . و" الرسالة" عليها شروح كثيرة تعد و لا تحصى،و الهدف ليس هو استقصاء الشروح بل الهدف هو فك أقفال المتون فقط.
وعليك بشرح الحافظ أحمد بن الصديق الغماري عليها المسمى"مسالك الدلالة" و هو بالدليل.طبعة دار الكتب العلمية.
و استعن بـ:"الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني" للعلامة أحمد بن غنيم النفراوي إذا استشكل عليك شيء في" الثمر الداني".
و "الفواكه الدواني" تكفيك عن بقية الشروح الموسعة.
بعد هذه المرحلة تكون قد مررت على الفقه كاملا و عرفت أبوابه و الحمد لله .
بالنسبة للأصول:
فبعد أن تكون حصلت شيئا من "علم المنطق"،و عرفت لغة القوم،فتدرس في هذه المرحلة:
كتاب العلامة المحقق المالكي المدقق الشيخ حسن المشاط المكي -رحمه الله -،
المسمى" الجواهر الثمينة بذكر أدلة عالم المدينة" بتحقيق تلميذه فضيلة الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان -حفظه الله –(عضو هيئة كبار العلماء)، طبعة دار المدينة،و هو شامل لكل أبواب الأصول على مذهب المالكية.
و بعد دراسته و ضبطه جيدا. تكون قد مررت على جل أبواب الأصول.
المرحلة الرابعة:
1-"مختصر الدردير"للعلامة المحقق أحمد الدردير، مع الشرح المعروف بـ"الشرح الصغير" مع حاشية الصاوي عليه.
و لا تشغل نفسك بالحاشية لأنك ستشتت ذهنك،لكن راجع الحاشية إذا أغلق عليك فهم الشرح.
2-"متن مختصر خليل" مع الشرح الكبير للدردير - رحمه الله -، و عليك معه "بحاشية الدسوقي" كي تراجعها إذا أشكل عليك شيء في الشرح.
و كان العمدة في التدريس عندنا بالقرويين و غيرها من المعاهد العلمية.
3- "شرح خليل" للعلامة أحمد الشنقيطي بالدليل، المسمى:"مواهب الجليل في أدلة خليل".
وقد كان العلامة الأصولي المالكي محمد الأمين الشنقيطي- رحمه الله- يود شرح" متن خليل" بالأدلة،لكن - قدر الله و ما شاء فعل- قبض قبل البدء فيه. رحمه الله رحمة واسعة.
و للمختصر شروح كثيرة لكن تذكّر،القاعدة ُ" فك الأقفال"فقط،كي لا تضيع بين المختصرات دون الانتقال إلى المطولات.
و إذا أردت مطالعة شروح متن "سيدي خليل" الأخرى،فعليك بالمعتمدة منها و قد بينت ذلك في جزء صغير بعنوان" الكتب الفقهية المعتمدة في المذهب المالكي(المخطوطة و المطبوعة).
بالنسبة للأصول:
فعليك بكتاب"نثر الورود على مراقي السعود" للعلامة الأمين الشنقيطي- رحمه الله-تكميل حبيب الله الشنقيطي. طبعة دار ابن حزم.
ثم إن أردت التوسع فعليك "بتنقيح الفصول" للقرافي بشرح العلامة حلولو اليزليتني
-رحمه الله -.
بعد المرور بهذه المراحل الأربع، و ضبط مؤلفاتها،يمكنك الانتقال لمطالعة أمّهات المذهب المالكي و دواوينه و الشروح الحديثية لهم.(ربما أخصص كتب أهل الحديث من المالكية في موضوع آخر إن شاء الله).
ثم الانتقال إلى أصول الفقه المقارن"كمفتاح الوصول" للشريف التلمساني-رحمه الله-
و عليه تحقيق الأستاذ محمد علي فركوس الجزائري - حفظه الله -.
لا أنسى هنا كتب القواعد الفقهية:
1-"إيصال السالك إلى قواعد مذهب مالك" للونشريسي, بتحقيق علامة ليبيا صادق الغرياني المالكي.
قد تجد صعوبة في فهم ما سطره الإمام الونشريسي رحمه الله، لأن كتابه كفهرس لقواعد المذهب،لذلك فعليك بكتاب مهم جدا في القواعد الفقهية و هو:" تطبيقات قواعد الفقه عند المالكية من خلال إيضاح المسالك للونشريسي وشرح المنهج المنتخب للمنجور" طبعة دار ابن حزم.
و هذا الكتاب مفيد حدا و مقرب لقواعد المذهب بالأمثلة.
2ـ "قواعد الإمام المقري".طبعة دار الكتب العلمية.
3ـ" أنوار البروق في أنواء الفروق" لأحمد بن إدريس القرافي، و معه " إدرار الشروق على أنواء الفروق" للعلامة قاسم بن عبد الله بن محمد بن الشاط.
على الطالب الاستعانة بـ:" الفقه المالكي و أدلته" للعلامة الحبيب بن طاهر و هو في ست مجلدات.
و كذلك بـ"مدونة الفقه المالكي و أدلته" للعلامة صادق الغرياني الليبي،و هو كامل شامل إلا أن الأول أفضل من حيث التقعيد و الترجيح و الثاني من حيث تطرقه لمسائل معاصرة، و في كل خير.
فرع:جرد المطولات.
و على طالب العلم المالكي ألا يهمل النظر في مطولات المذهب الفقية و المعمقة ، "كالذخيرة" للقرافي و "المقدمات الممهدات" و "البيان و التحصيل" كلاهما لابن رشد الجد، و والجواهر الثمينة لابن شاس، والنوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني، والمعونة للقاضي عبد الوهاب، والمدوَّنة لسحنون، وغير ذلك.
و بالنسبة لكتب الفتاوي و النوازل فعليك بأنفعها و هي: المعيار المعرب للونشريسي، وفتح العلي المالك للشيخ عليش، وفتاوى ابن رشد، وفتاوى الشاطبي، ونوازل البرزلي وغيرها.
أما كتب الأقضية و الأحكام: ومنها تحفة الحكام لابن عاصم وشروحها، وتبصرة الحكام لابن فرحون؛ وهو من أجمع الكتب المؤلفة في هذا الفن وأنفعها.
كتب أدلة الأحكام: وننصح بالكتب التالية:
• أحكام القرآن: للقاضي أبي بكر بن العربي الإشبيلي.
• الجامع لأحكام القرآن: للقرطبي؛ وهو أجمعها وأنفعها على الإطلاق.
• التمهيد لابن عبد البر، أو الاستذكار له، وكلاهما شرح لموطأ مالك.
• شرحي الزرقاني والباجي على الموطأ.
كتب تراجم أعلام المذهب: إذ يقبح بالفقيه أن يجهل تراجم علماء مذهبه، وأجمعها كتاب «الديباج المذهب» لابن فرحون، مع ذيله: «نيل الابتهاج» لأحمد بابا التنبكتي، وقد يغني عنهما كتاب «شجرة النور الزكية» للشيخ محمد محمد مخلوف رحمه الله.
فإذا أحاط الطالب علما بما ذكرناه، فقد صار في الذروة العليا من فقهاء المذهب إن شاء الله تعالى.
تنبيه مهم:هذا البرنامج المفصل لتحصيل المذهب المالكي و الارتقاء في سلمه، و لا يصلح للتمكن فيه الاقتصار على مؤلف أو مؤلفين، أما من أراد تقليد المذهب فقط دون دراسته فأقترح عليه كتاب" مدونة الفقه المالكي و أدلته" للصادق الغرياني فهي كافية. و الله أعلم و نسبة العلم إليه أسلم.
هذا، فما كان من صواب فمن الله وحده و ما كان من خطأ فمني و من الشيطان.
و أسأل الله تعالى أن يكثر هذا القليل و يتم التقصير و يعظم الثواب.
"والإنسان وإن زعم في الأمر أنه أدركه وقتله علماً لا يأتي عليه الزمان إلا وقد عقل فيه ما لم يكن عقل، وأدرك من علمه ما لم يكن أدرك قبل ذلك كل يشاهد ذلك لنفسه عياناً." (11)
و الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطاهرين
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1):رواه أحمد في "المسند" برقم(2790) و الترمذي برقم(2569) و قال:هذا حديث حسن صحيح
(2):راجع في ذلك كلام الشيخ محمد حسين يعقوب في كتابه:" منطلقات طالب العلم" طبعة دار التقوى.
(3):أنظر (ص:151-152).ط دار الكتب العلمية.
(4)::"الإحكام في تمييز الفتاوي عن الأحكام"(ص:195).طبعة مكتبة المطبوعات الإسلامية بحلب،باعتناء العلام أبي غدة –رحمه الله-.
(5)::"حاشية الدسوقي على الشرح الكبير"(ص:191).
(6):و قد أخرجها الأستاذ أحمد الطهطاوي و حققها و علق عليها و هي أفضل الطبعات.طبعت بدار الفضيلة.
(7):المقصود أن علماء المالكية على مرّ القرون و هم حكام قضاة، يقضون بين الناس،و كان جل ملوك أهل المغرب على مذهب مالك،فلاشك أن علماء المذهب لهم كلام في السياسة الشرعية و غيرها مما يتعلق بها.
(8):"مجموع الفتازي"(20/328).
(9):"الإمام مالك"لأبي زهرة(ص:218).
(10):و هو مطبوع بدار البحوث للدراسات الإسلامية و إحياء التراث/دولة الإمارات العربية المتحدة/حكومة دبي. و هو في مجلدين.
(11):"الإعتصام"( 520/1).
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطاهرين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله – صلى الله عليه و آله و سلم-.
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون"آل عمران:102.
"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا" النساء:1.
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم.ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما" الأحزاب:70-71.
و بعد:
فلا يخفى على ذوي الفهم و التدقيق و الغوص في العلوم و التحقيق,أن تحصيل الفقه الإسلامي من مهمات الأمور،لحض الحبيب المصطفى صلى الله عليه و آله و سلم أيما حض،كما جاء عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنه كما في المسند و غيره و هو صحيح مرفوعا:" من يرد الله به خيرا يفقه في الدين"(1) ، و فضل الفقه معروف قدره،وكتبت في شرفه المؤلفات ما بين صغير و كبير و متوسط.
لكن الذي يهمني الآن هو الكلام على المنهجية الصحيحة-إن شاء الله-لتحصيل "فقه أهل المدينة"
و لتحصيل الفقه طريقتان:
الطريقة الأولى: التحصيل عن طريق دراسة كتب شروح الحديث, "كفتح الباري شرح صحيح البخاري"...إلخ.
هذه الطريقة لن تعدم فائدة،لكن فائدتها قاصرة،لأن الطالب سيتشتت ذهنه فقد يجد في الحديث الواحد خمسة أحكام من أبواب شتى،ولن يستطيع ترتيب المسائل في ذهنه كما هي في كتب الفقه خاصة.وقد كان "علماء الصحوة" (2) في بداياتهم ينصحون بها ثم بعد مرور عشرات السنين تبين لهم قصورها و قلة مردودها.
قد يقول قائل:هذه الطريقة التي ذكرت أنها قاصرة،هي طريقة السلف من القرون المفضلة،كالأيمة الأربعة...
أقول: هؤلاء العلماء كانت أدوات الفهم عندهم سليقة مع قوة الحافظة،لأن العجمة لم تكن قد استحكمت بعد،ولهذا لما رأى العلماء بداية غزو اللغات الأخرى لغةَ العرب فزِعوا إلى تدوين المؤلفات في اللغة و الأدب و النحو و علم الاشتقاق...إلخ.
لذلك من جاء بعدهم لم يتخذ نفس طريقتهم،فدونت الكتب الفقهية البحثة على الأبواب المعروفة الآن،و انتشرت كتب المذاهب الفقهية الأربعة و أصبح لها تابعون أسسوا مدارسها.
قلت: و لذلك تجد كثيرا من الإخوة الذين أرادوا اتخاذ هذه الطريقة وسيلة للتفقه في الدين،قلما يستمرون،فتجد أحدهم يبدأ بشرح عمدة "الأحكام" ثم لا يكمله فينتقل إلى "سبل السلام" ثم إلى "نيل الأوطار"... و هكذا ينتقل بين الكتب وهو لم يؤسس لفقهه،و لا ينتبه لاختلاف مذاهب الشُرّاح و أصولهم و قواعدهم،فيحصل له تخبط يُعِيقه عن الاستمرار،وهذا معروف و مشاهد.
الطريقة الثانية: التحصيل عن طريق دراسة الكتب التي تعنى بالفقه خاصة، مرتبة على الأبواب جامعةً لمسائله.
وهذه طريقة العلماء بعد تدوين المذاهب الأربعة،و إذا ألقيت نظرة صغيرة إلى أصحاب الكتب التي استفادت منها الأمة لوجدت أنهم كانوا على هذه الطريقة،أنظر إلى الطحاوي الحنفي و البيهقي الشافعي و ابن عبد البر المالكي و ابن قدامة الحنبلي و هل تعرف النسفي و الزيلعي و العيني؟ الأحناف،و عبد الله بن وهب و ابن قاسم وابن مهدي و مصعب الزهري و ابن العربي و القرطبي؟ المالكية،و ابن الجوزي وابن تيمية و ابن القيم و ابن رجب؟ الحنابلة،و السبكي و النووي و الذهبي و ابن كثير؟ الشافعية.
هؤلاء علماؤنا رضينا علمهم و درسنا على كتبهم،فلم لا نرضى طريقتهم في الطلب؟.
فأفضل طريقة الآن هي دراسة الفقه عن طريق أحد هذه المذاهب المتبعة:"الحنفي و المالكي و الشافعي و الحنبلي "، لأن كثيرا من الطلبة يهرب من تقليد الإمام مالك-رضي الله عنه- مثلا، فيسقط في تقليد الشوكاني أو الصنعاني...أو حتى الألباني و ابن عثيمين و ابن باز – رحمهم الله جميعا -.
ما المقصود بالمذهب في اصطلاح العلماء؟
يقول العلامة الشنقيطي-رحمه الله-: (الصوارم و الأسنة) (3)
مذهب مالك إذا قيل المراد * منه الذي لمالك فيه اجتهاد
و غيره مما عليه النـص لا * يعد مذهبا له مــؤصلا
فعزو مذهب لذي اجتهاد * بعد وجود النص ذو فساد
بل كل ما ثبت بالدليـل * ينسب للإله و الرسـول
المذهب في اللغة: مصدر ميمي يطلق على الطريقة و مكان الذهاب و زمانه.
و في الاصطلاح:قال الإمام القرافي:"مذهب مالك ما اختص به من الأحكام الشرعية الفروعية الاجتهادية، و ما اختص به من أسباب الأحكام، و الشروط، و الموانع، و الحجاج المثبتة لها."إهـ (4)
و قال العلامة أحمد الدردير:"مذهب مالك مثلا:عبارة عما ذهب إليه من الأحكام الاجتهادية التي بذل وسعه في تحصيلها.إهـ .(5)
سبب اختيار المذهب المالكي:
اخترت المذهب المالكي،لأسباب منها:
أولا: مذهب الإمام مالك-رضي الله عنه- مذهب أهل المدينة و هو أصح مذاهب الأمصار في الأصول و الفروع كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية-رحمه الله-،وله رسالة ضمن الفتاوي هي:"صحة أصول مالك و أهل المدينة" انتصر فيها للمذهب المالكي و بيّن صحة أصوله و فروعه. (6)
ثانيا: المذهب المالكي،مذهب أهل الحديث في زمانه, و مالك أمير المؤمنين في الحديث كما وصفه بذلك يحيى بن معين -رحمه الله - فهو مذهب أصل اعتماده على الأحاديث و الآثار و سند مالك السلسلة الذهبية.
رابعا: عراقة المذهب المالكي،فهو ضارب بجذوره في التاريخ الإسلامي و حكم(7) مدة تزيد على الإثنى عشر قرنا،فلا شك في وجود ثراء في كتبه في القضاء و السياسة الشرعية و الجهاد....إلخ.
أصول المذهب المالكي:
يقول ابن تيمية-رحمه الله-:"من تدبر أصول الإسلام، وقواعد الشريعة وجد أصول مالك و أهل المدينة أصح الأصول و القواعد."إهـ (8)
"و أدق إحصاء لأصول المذهب المالكي هو ما ذكره القرافي،فقد ذكر أن أصول المذهب هي:
القرآن، و السنة و الإجماع و الإجماع، و إجماع أهل المدينة ،و القياس، و قول الصحابي، و المصلحة المرسلة، و العرف و العادات، و سد الذرائع، و الاستصحاب، و الاستحسان."إهـ (9)
مراحل تحصيل المذهب المالكي:
وسأجمع بين طريقة المغاربة و المصريين فهي مفيدة جدا لتأسيس الفقه.
المرحلة الأولى:
1- يبدأ الطالب " بمتن الأخضري" و ليقتن معه شرحه المسمى "هداية المتعبد السالك" للعلامة صالح عبد السميع الآبي،(في المذهب المالكي عالمان: الأُبي التونسي-بضم الهمز-متقدم،صاحب"إكما إكمال المعلم بفوائد صحيح مسلم" و هو طبوع متداول و الآبي-بالألف الممدودة-متأخر من علماء الأزهر) بتحقيق الأستاذ أحمد مصطفى قاسم الطهطاوي -حفظه الله - ، طبعة دار الفضيلة.
و عليه شرح بالدليل يسمى:" حل المسائل في شرح مختصر الأخضري بالدلائل" للحاج سعد بن عمر بن سعيد جليا توري، و هو مطبوع بدار الرشاد الحديثة/الدار البيضاء.
وبعد ضبط المتن جيدا و فهمه مع الشرح،ينتقل إلى:
2-"متن العشماوية" لعبد الرحمن العشماوي المصري، و عليه بشرح العلامة الآبي المسمى" الدرر السنية في شرح العشماوية" و إن وجد تحقيق الطهطاوي فحسن.فإن ضبط المتن مع الشرح جيدا، انتقل لشرح العلامة المحقق شيخ مشايخنا عبد العزيز بن الصديق الغماري -رحمه الله -المسمى" إتحاف ذوي الهمم العالية بشرح العشماوية" وهو شرح بالدليل. طبعة دار البشائر.
فإن ضبطه و ضبط أدلته جيدا،انتقل للمرحلة الثانية.
هذا في الفقه أما في أصول الفقه،فعليه ألا يبدأ في الأصول حتى يقرأ بعض فروع الفقه، كي يستطيع تطبيق الأصول على الفروع. و إليك التفصيل:
بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، تبدأ بقراءة شرح أبيات مقدمة في الأصول....من "المرشد المعين" من مختصر "الدر الثمين" و التي مطلعها:
الحكم في الشرع خطاب ربنا * المقتضي فِعْلَ المُكلَّف افْطُنا
ثم تثني بشرح"منظومة ابن أبي كف الموريتاني" للعلامة محمد يحيى الولاتي الشنقيطي الحوضي -رحمه الله -، و هي منظومة في ذكر أصول مذهب الإمام مالك بطريقة سهلة و ميسرة، و عليك بطبعة دار ابن حزم فهي أفضل الطبعات.
فتضبطهما جيدا و تختبر نفسك عن طريق طرح السؤال ثم الإجابة عليه،فإن كانت صحيحة فقد ضبطتهما و إلا فلا تنتقل منهما حتى تحكمهما.
المرحلة الثانية:
1ـ تدرس " المرشد المعين" للعلامة ابن عاشر الأندلسي-رحمه الله-بشرح العلامة محمد ميارة -تلميذه- و اقتصر فقط على "مختصر الدر الثمين"لأن "الدر الثمين" غير مناسب في هذه المرحلة،لأن المتن الصغير لا يصلح له إلا الشرح الصغير.(يمكن الاستعانة بـ"الدر الثمين" لكن بتحقيق المستشار علي الهاشمي(10)،فقد نصحني به شيخي الحسن الكتاني - فرج الله عنه -، و إن أردت تثبيت المسائل فاقرأ شرح "المرشد المعين" للأستاذ أحمد الطهطاوي، طبعة دار الفضيلة.وهو لا يذكر إلا مشهور المذهب.
ويمكنك الاستعانة بـ" العرف الناشر لأدلة و فقه ابن عاشر" للشيخ المختار مؤمن الجزائري الشنقيطي،و هو شرح مع الدليل، لكنه لا يتابع على بعض ترجيحاته في المذهب. والكتاب مطبوع بدار ابن حزم.
2- ثم تثني "بمختصر عمدة السالك على مذهب مالك" و هو مشهور بـ:"المقدمة العزية للنخبة الأزهرية" لأبي الحسن الشاذلي -رحمه الله - بشرح العلامة الآبي الأزهري -رحمه الله -.
وهذا المتن فيه بعض مسائل النكاح و الأضحية و البيوع....وذلك لتتأهب للدخول في "الرسالة"لابن أبي زيد القيرواني.
بالنسبة لأصول الفقه في هذه المرحلة:
1- تدرس "متن الورقات" للجويني بشرح العلامة محمد بن محمد الحطاب،بتحقيق أحمد الطهطاوي.طبعة دار الفضيلة.
ملاحظة: بعد هذه المرحلة لا بد لك من أخذ قسط من علم المنطق،لأن أغلب كتب الأصول مبنية على قواعد منطقية.فعليك بكتاب العلامة عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني – رحمه الله - "ضوابط المعرفة و أصول الاستدلال و المناظرة" - فهو سهل ميسر- الطبعة الثامنة دار القلم.
المرحلة الثالثة:
1- تدرس شرح "الرسالة" للقيرواني و عليك بشرح العلامة الآبي، المسمى"الثمر الداني بشرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني"،بتحقيق الطهطاوي، طبعة دار الفضيلة.
وقد زادها ذلك التحقيق بهاء . و" الرسالة" عليها شروح كثيرة تعد و لا تحصى،و الهدف ليس هو استقصاء الشروح بل الهدف هو فك أقفال المتون فقط.
وعليك بشرح الحافظ أحمد بن الصديق الغماري عليها المسمى"مسالك الدلالة" و هو بالدليل.طبعة دار الكتب العلمية.
و استعن بـ:"الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني" للعلامة أحمد بن غنيم النفراوي إذا استشكل عليك شيء في" الثمر الداني".
و "الفواكه الدواني" تكفيك عن بقية الشروح الموسعة.
بعد هذه المرحلة تكون قد مررت على الفقه كاملا و عرفت أبوابه و الحمد لله .
بالنسبة للأصول:
فبعد أن تكون حصلت شيئا من "علم المنطق"،و عرفت لغة القوم،فتدرس في هذه المرحلة:
كتاب العلامة المحقق المالكي المدقق الشيخ حسن المشاط المكي -رحمه الله -،
المسمى" الجواهر الثمينة بذكر أدلة عالم المدينة" بتحقيق تلميذه فضيلة الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان -حفظه الله –(عضو هيئة كبار العلماء)، طبعة دار المدينة،و هو شامل لكل أبواب الأصول على مذهب المالكية.
و بعد دراسته و ضبطه جيدا. تكون قد مررت على جل أبواب الأصول.
المرحلة الرابعة:
1-"مختصر الدردير"للعلامة المحقق أحمد الدردير، مع الشرح المعروف بـ"الشرح الصغير" مع حاشية الصاوي عليه.
و لا تشغل نفسك بالحاشية لأنك ستشتت ذهنك،لكن راجع الحاشية إذا أغلق عليك فهم الشرح.
2-"متن مختصر خليل" مع الشرح الكبير للدردير - رحمه الله -، و عليك معه "بحاشية الدسوقي" كي تراجعها إذا أشكل عليك شيء في الشرح.
و كان العمدة في التدريس عندنا بالقرويين و غيرها من المعاهد العلمية.
3- "شرح خليل" للعلامة أحمد الشنقيطي بالدليل، المسمى:"مواهب الجليل في أدلة خليل".
وقد كان العلامة الأصولي المالكي محمد الأمين الشنقيطي- رحمه الله- يود شرح" متن خليل" بالأدلة،لكن - قدر الله و ما شاء فعل- قبض قبل البدء فيه. رحمه الله رحمة واسعة.
و للمختصر شروح كثيرة لكن تذكّر،القاعدة ُ" فك الأقفال"فقط،كي لا تضيع بين المختصرات دون الانتقال إلى المطولات.
و إذا أردت مطالعة شروح متن "سيدي خليل" الأخرى،فعليك بالمعتمدة منها و قد بينت ذلك في جزء صغير بعنوان" الكتب الفقهية المعتمدة في المذهب المالكي(المخطوطة و المطبوعة).
بالنسبة للأصول:
فعليك بكتاب"نثر الورود على مراقي السعود" للعلامة الأمين الشنقيطي- رحمه الله-تكميل حبيب الله الشنقيطي. طبعة دار ابن حزم.
ثم إن أردت التوسع فعليك "بتنقيح الفصول" للقرافي بشرح العلامة حلولو اليزليتني
-رحمه الله -.
بعد المرور بهذه المراحل الأربع، و ضبط مؤلفاتها،يمكنك الانتقال لمطالعة أمّهات المذهب المالكي و دواوينه و الشروح الحديثية لهم.(ربما أخصص كتب أهل الحديث من المالكية في موضوع آخر إن شاء الله).
ثم الانتقال إلى أصول الفقه المقارن"كمفتاح الوصول" للشريف التلمساني-رحمه الله-
و عليه تحقيق الأستاذ محمد علي فركوس الجزائري - حفظه الله -.
لا أنسى هنا كتب القواعد الفقهية:
1-"إيصال السالك إلى قواعد مذهب مالك" للونشريسي, بتحقيق علامة ليبيا صادق الغرياني المالكي.
قد تجد صعوبة في فهم ما سطره الإمام الونشريسي رحمه الله، لأن كتابه كفهرس لقواعد المذهب،لذلك فعليك بكتاب مهم جدا في القواعد الفقهية و هو:" تطبيقات قواعد الفقه عند المالكية من خلال إيضاح المسالك للونشريسي وشرح المنهج المنتخب للمنجور" طبعة دار ابن حزم.
و هذا الكتاب مفيد حدا و مقرب لقواعد المذهب بالأمثلة.
2ـ "قواعد الإمام المقري".طبعة دار الكتب العلمية.
3ـ" أنوار البروق في أنواء الفروق" لأحمد بن إدريس القرافي، و معه " إدرار الشروق على أنواء الفروق" للعلامة قاسم بن عبد الله بن محمد بن الشاط.
على الطالب الاستعانة بـ:" الفقه المالكي و أدلته" للعلامة الحبيب بن طاهر و هو في ست مجلدات.
و كذلك بـ"مدونة الفقه المالكي و أدلته" للعلامة صادق الغرياني الليبي،و هو كامل شامل إلا أن الأول أفضل من حيث التقعيد و الترجيح و الثاني من حيث تطرقه لمسائل معاصرة، و في كل خير.
فرع:جرد المطولات.
و على طالب العلم المالكي ألا يهمل النظر في مطولات المذهب الفقية و المعمقة ، "كالذخيرة" للقرافي و "المقدمات الممهدات" و "البيان و التحصيل" كلاهما لابن رشد الجد، و والجواهر الثمينة لابن شاس، والنوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني، والمعونة للقاضي عبد الوهاب، والمدوَّنة لسحنون، وغير ذلك.
و بالنسبة لكتب الفتاوي و النوازل فعليك بأنفعها و هي: المعيار المعرب للونشريسي، وفتح العلي المالك للشيخ عليش، وفتاوى ابن رشد، وفتاوى الشاطبي، ونوازل البرزلي وغيرها.
أما كتب الأقضية و الأحكام: ومنها تحفة الحكام لابن عاصم وشروحها، وتبصرة الحكام لابن فرحون؛ وهو من أجمع الكتب المؤلفة في هذا الفن وأنفعها.
كتب أدلة الأحكام: وننصح بالكتب التالية:
• أحكام القرآن: للقاضي أبي بكر بن العربي الإشبيلي.
• الجامع لأحكام القرآن: للقرطبي؛ وهو أجمعها وأنفعها على الإطلاق.
• التمهيد لابن عبد البر، أو الاستذكار له، وكلاهما شرح لموطأ مالك.
• شرحي الزرقاني والباجي على الموطأ.
كتب تراجم أعلام المذهب: إذ يقبح بالفقيه أن يجهل تراجم علماء مذهبه، وأجمعها كتاب «الديباج المذهب» لابن فرحون، مع ذيله: «نيل الابتهاج» لأحمد بابا التنبكتي، وقد يغني عنهما كتاب «شجرة النور الزكية» للشيخ محمد محمد مخلوف رحمه الله.
فإذا أحاط الطالب علما بما ذكرناه، فقد صار في الذروة العليا من فقهاء المذهب إن شاء الله تعالى.
تنبيه مهم:هذا البرنامج المفصل لتحصيل المذهب المالكي و الارتقاء في سلمه، و لا يصلح للتمكن فيه الاقتصار على مؤلف أو مؤلفين، أما من أراد تقليد المذهب فقط دون دراسته فأقترح عليه كتاب" مدونة الفقه المالكي و أدلته" للصادق الغرياني فهي كافية. و الله أعلم و نسبة العلم إليه أسلم.
هذا، فما كان من صواب فمن الله وحده و ما كان من خطأ فمني و من الشيطان.
و أسأل الله تعالى أن يكثر هذا القليل و يتم التقصير و يعظم الثواب.
"والإنسان وإن زعم في الأمر أنه أدركه وقتله علماً لا يأتي عليه الزمان إلا وقد عقل فيه ما لم يكن عقل، وأدرك من علمه ما لم يكن أدرك قبل ذلك كل يشاهد ذلك لنفسه عياناً." (11)
و الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطاهرين
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1):رواه أحمد في "المسند" برقم(2790) و الترمذي برقم(2569) و قال:هذا حديث حسن صحيح
(2):راجع في ذلك كلام الشيخ محمد حسين يعقوب في كتابه:" منطلقات طالب العلم" طبعة دار التقوى.
(3):أنظر (ص:151-152).ط دار الكتب العلمية.
(4)::"الإحكام في تمييز الفتاوي عن الأحكام"(ص:195).طبعة مكتبة المطبوعات الإسلامية بحلب،باعتناء العلام أبي غدة –رحمه الله-.
(5)::"حاشية الدسوقي على الشرح الكبير"(ص:191).
(6):و قد أخرجها الأستاذ أحمد الطهطاوي و حققها و علق عليها و هي أفضل الطبعات.طبعت بدار الفضيلة.
(7):المقصود أن علماء المالكية على مرّ القرون و هم حكام قضاة، يقضون بين الناس،و كان جل ملوك أهل المغرب على مذهب مالك،فلاشك أن علماء المذهب لهم كلام في السياسة الشرعية و غيرها مما يتعلق بها.
(8):"مجموع الفتازي"(20/328).
(9):"الإمام مالك"لأبي زهرة(ص:218).
(10):و هو مطبوع بدار البحوث للدراسات الإسلامية و إحياء التراث/دولة الإمارات العربية المتحدة/حكومة دبي. و هو في مجلدين.
(11):"الإعتصام"( 520/1).