الثلايا
09-25-2011, 10:57 AM
استعجال موت المريض طلبا لراحته
الفتوى رقم ( 19165 )
س : أستفتيكم بإذن الله في موضوع قد عرض لي في برنامج طبي كنت أستمع إليه ، وهو : هل يجوز للمريض الذي لا يرجى أمل في شفائه أن يطلب الموت ، وهل يلبى طلبه تخفيفا من الألم الذي يتعرض له ؟ وقد قال المتحدث : إن مريض السرطان مثلا الذي لا يرجى شفاؤه من الأفضل له أن يموت ، فهل يجوز أن يُلبى طلب المريض ونقتله تخفيفا من ألمه وعذابه المستمر ؟ وقد تكلم المتحدث عن كتاب يسمى : (الحقوق) ، فقال : إن من حق الإنسان أن يحدد متى تنتهي حياته إذا كان في حياته تعذيب وألم له ولغيره ، فما رأي الدين في هذا الأمر ؟ جزاكم الله خيرا .
ج : يحرم على المريض أن يستعجل موته سواء بطريق الانتحار أو بتعاطي أدوية لقتل نفسه ، كما يحرم على الطبيب أو الممرض أو غيره أن يلبيَ طلبه ، ولو كان مرضه لا يرجى برؤه ، ومن أعانه على ذلك فقد اشترك معه في الإثم ؛ لأنه تسبـب في قتل نفس معصومة عمدا بلا حق ، وقد دلت النصوص الصريحة على تحريم قتل النفس بغير حـق ، قـال الله تعالى : (وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ)وقـال تعـالى :
(وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا(29)وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)
وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من قتل نفسه بحديدة فحديدته بيده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا) متفق عليه .
وعن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (من قتل نفسه بشيء عُذب به يوم القيامة ) (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H2.GIF) رواه الجماعة ، وعن جندب بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H1.GIF) كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكينا فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات ، قال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة ) (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H2.GIF) متفق عليه ، وهذا لفظ البخاري .
ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتمنى الإنسان الموت لضر أصابه ، في حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H1.GIF) لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه ، فإن كان لا بد فاعلا فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ) (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H2.GIF) أخرجه البخاري ومسلم ، وهذا لفظ البخـاري ، وأخرج البخاري أيضا بلفظ آخر من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H1.GIF) لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا ، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب ) (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H2.GIF) .
فإذا كان الإنسان منهيا عن مجرد تمني الموت وسؤال الله ذلك ، فإن إقدام الإنسان على قتل نفسه أو المشاركة في ذلك تعد لحـدود الله وانتهاك لحرماته ؛ لأن فعل ذلك ينافي الصبر على أقدار الله ، وفيه اعتراض على قضاء الله وقدره ، وجزع من ذلك الذي اقتضت حكمته أن يبتلي عباده بالخير والشر امتحانا واختبارا لعباده ، قـال تعالى : ( (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B2.GIF)وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ) (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B1.GIF) وقد يبتلي الله بعض عباده بالمرض ، وهو الحكيم فيما يفعل ، العليم بما يصلح عباده ، ويكون في ذلك خـير له وزيادة في حسناته وقوة في إيمانه ، وقـرب من الله سبحانه باستكانته وتضرعه وخضوعه لله سبحانه وتوكله عليه ودعائه له ، فينبغي للإنسان إذا أصيب بأحد الأمراض : أن يحتسب الأجر في ذلك ويصبر على ما أصابه من البلاء ، فـإن من أنواع الصبر ، الصبر على البلاء حتى يفوز برضا الله سبحانه عنه ، وزيادة حسناته ورفـع درجاته في الآخرة ، ويـدل لذلك ما رواه صهيب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H1.GIF) عجبت من أمر المؤمن ، إن أمر المؤمن كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان ذلك له خير ، وإن أصابته ضراء فصبر فكان ذلك له خير ) (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H2.GIF) . أخرجـه الإمام مسلم في (صحيحه) ، والإمام أحمد في (المسند) ، وهذا لفظ الإمام أحمد .
وقولـه تعـالى : ( (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B2.GIF)وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ) (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B1.GIF) وقولـه تعـالى : [/URL]http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B2.GIF (http://www.monms.com/vb)وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B1.GIF (http://www.monms.com/vb) وقوله تعالى : http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B2.GIF (http://www.monms.com/vb)وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B1.GIF (http://www.monms.com/vb) إلى قولـه تعـالى :( أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B1.GIF (http://www.monms.com/vb) وما رواه أنس - رضي الله عنه - قـال : قـال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط ) أخرجـه الإمـام الترمذي في (جامعه) ، وقال : حسن غريب من هذا الوجه .
وما رواه مصعب بن سعد عن أبيه - رضي الله عنهما - قـال :http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H1.GIF (http://www.monms.com/vb) قلت : يا رسول الله : أي الناس أشد بلاء ؟ قـال : الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلابة شدد عليه في البلاء ، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H2.GIF (http://www.monms.com/vb) أخرجه الترمذي وقال : هذا حديث حسن صحيح .
وما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قـال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H1.GIF (http://www.monms.com/vb) ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة [URL="http://www.monms.com/vb"]http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H2.GIF (http://www.monms.com/vb) أخرجه الترمذي .
وعلى ذلك يحرم على الإنسـان المبتلى بأحد الأمراض أن يسعى في قتل نفسه ؛ لأن حياته ليست ملكا له ، وإنما هي ملك لله الذي قدر الأقدار والآجال ؛ ولأن العبد . بموته تنقطع أعماله ، وحياة المؤمن التي يعيشها يرجـى له خير منها ، فلعله أن يتوب إلى الله سبحانه مما مضى من ذنوبه ، ويتزود من الأعمال الصالحات من صلاة وصيام وزكاة وحج وذكر ودعاء لله سبحانه وقراءة قرآن ، فيرتقي بذلك أعلى الدرجات عند الله ، كما أن المريض يكتب لـه أجر ما كان يعمله في زمن صـحته ، كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحيحة .
أما أولئك الذين يرون أن يلبى طلب المريض في قتل نفسه ويعينونه على ذلك من أطباء وغيرهم - فإنهم آثمون بذلك ، ونظرتهم قاصرة ، ويدل ذلك على جهلهم ؛ لأنهم ينظرون إلى حياة الإنسان وبقائه من جهة أن يكون ذا قوة حيوانية ذا سلطة وأشر وبطر ، ولا ينظرون من حياته أن يكون متصلا بربه متزودا بالأعمال الصالحة ، قد رق قلبه لله وخضع واستكان وتضرع بين يديه سبحانه وتعالى ، فكان أحب وأقرب إلى الله ممن تجبر وطغى واستغل قوته الحيوانية فيما يغضب الله . كما أن الله سبحانه قادر على شفائه ومـا يكون اليوم مستحيلا في نظر البشر قد يكون ميسورا علاجه مستقبلا بقدرة الله الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بكر أبو زيد (http://www.alifta.net/Fatawa/MoftyDetails.aspx?Type=Mofty§ion=tafseer&ID=9)
صالح الفوزان (http://www.alifta.net/Fatawa/MoftyDetails.aspx?Type=Mofty§ion=tafseer&ID=7)
عبد الله بن غديان (http://www.alifta.net/Fatawa/MoftyDetails.aspx?Type=Mofty§ion=tafseer&ID=5)
عبد العزيز آل الشيخ (http://www.alifta.net/Fatawa/MoftyDetails.aspx?Type=Mofty§ion=tafseer&ID=8)
عبد العزيز بن عبد الله بن باز (http://www.alifta.net/Fatawa/MoftyDetails.aspx?Type=Mofty§ion=tafseer&ID=2)
المصدر: فتاوى اللجنة الدائمة
http://www.alifta.net/Fatawa/fatawaC...No=1&BookID=12 (http://www.alifta.net/Fatawa/fatawaChapters.aspx?View=Page&PageID=244&PageNo=1&BookID=12)
الفتوى رقم ( 19165 )
س : أستفتيكم بإذن الله في موضوع قد عرض لي في برنامج طبي كنت أستمع إليه ، وهو : هل يجوز للمريض الذي لا يرجى أمل في شفائه أن يطلب الموت ، وهل يلبى طلبه تخفيفا من الألم الذي يتعرض له ؟ وقد قال المتحدث : إن مريض السرطان مثلا الذي لا يرجى شفاؤه من الأفضل له أن يموت ، فهل يجوز أن يُلبى طلب المريض ونقتله تخفيفا من ألمه وعذابه المستمر ؟ وقد تكلم المتحدث عن كتاب يسمى : (الحقوق) ، فقال : إن من حق الإنسان أن يحدد متى تنتهي حياته إذا كان في حياته تعذيب وألم له ولغيره ، فما رأي الدين في هذا الأمر ؟ جزاكم الله خيرا .
ج : يحرم على المريض أن يستعجل موته سواء بطريق الانتحار أو بتعاطي أدوية لقتل نفسه ، كما يحرم على الطبيب أو الممرض أو غيره أن يلبيَ طلبه ، ولو كان مرضه لا يرجى برؤه ، ومن أعانه على ذلك فقد اشترك معه في الإثم ؛ لأنه تسبـب في قتل نفس معصومة عمدا بلا حق ، وقد دلت النصوص الصريحة على تحريم قتل النفس بغير حـق ، قـال الله تعالى : (وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ)وقـال تعـالى :
(وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا(29)وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)
وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من قتل نفسه بحديدة فحديدته بيده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا) متفق عليه .
وعن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (من قتل نفسه بشيء عُذب به يوم القيامة ) (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H2.GIF) رواه الجماعة ، وعن جندب بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H1.GIF) كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكينا فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات ، قال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة ) (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H2.GIF) متفق عليه ، وهذا لفظ البخاري .
ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتمنى الإنسان الموت لضر أصابه ، في حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H1.GIF) لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه ، فإن كان لا بد فاعلا فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ) (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H2.GIF) أخرجه البخاري ومسلم ، وهذا لفظ البخـاري ، وأخرج البخاري أيضا بلفظ آخر من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H1.GIF) لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا ، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب ) (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H2.GIF) .
فإذا كان الإنسان منهيا عن مجرد تمني الموت وسؤال الله ذلك ، فإن إقدام الإنسان على قتل نفسه أو المشاركة في ذلك تعد لحـدود الله وانتهاك لحرماته ؛ لأن فعل ذلك ينافي الصبر على أقدار الله ، وفيه اعتراض على قضاء الله وقدره ، وجزع من ذلك الذي اقتضت حكمته أن يبتلي عباده بالخير والشر امتحانا واختبارا لعباده ، قـال تعالى : ( (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B2.GIF)وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ) (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B1.GIF) وقد يبتلي الله بعض عباده بالمرض ، وهو الحكيم فيما يفعل ، العليم بما يصلح عباده ، ويكون في ذلك خـير له وزيادة في حسناته وقوة في إيمانه ، وقـرب من الله سبحانه باستكانته وتضرعه وخضوعه لله سبحانه وتوكله عليه ودعائه له ، فينبغي للإنسان إذا أصيب بأحد الأمراض : أن يحتسب الأجر في ذلك ويصبر على ما أصابه من البلاء ، فـإن من أنواع الصبر ، الصبر على البلاء حتى يفوز برضا الله سبحانه عنه ، وزيادة حسناته ورفـع درجاته في الآخرة ، ويـدل لذلك ما رواه صهيب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H1.GIF) عجبت من أمر المؤمن ، إن أمر المؤمن كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان ذلك له خير ، وإن أصابته ضراء فصبر فكان ذلك له خير ) (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H2.GIF) . أخرجـه الإمام مسلم في (صحيحه) ، والإمام أحمد في (المسند) ، وهذا لفظ الإمام أحمد .
وقولـه تعـالى : ( (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B2.GIF)وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ) (http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B1.GIF) وقولـه تعـالى : [/URL]http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B2.GIF (http://www.monms.com/vb)وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B1.GIF (http://www.monms.com/vb) وقوله تعالى : http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B2.GIF (http://www.monms.com/vb)وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B1.GIF (http://www.monms.com/vb) إلى قولـه تعـالى :( أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-B1.GIF (http://www.monms.com/vb) وما رواه أنس - رضي الله عنه - قـال : قـال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط ) أخرجـه الإمـام الترمذي في (جامعه) ، وقال : حسن غريب من هذا الوجه .
وما رواه مصعب بن سعد عن أبيه - رضي الله عنهما - قـال :http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H1.GIF (http://www.monms.com/vb) قلت : يا رسول الله : أي الناس أشد بلاء ؟ قـال : الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلابة شدد عليه في البلاء ، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H2.GIF (http://www.monms.com/vb) أخرجه الترمذي وقال : هذا حديث حسن صحيح .
وما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قـال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H1.GIF (http://www.monms.com/vb) ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة [URL="http://www.monms.com/vb"]http://www.alifta.net/_layouts/images/UserControl-Images/MEDIA-H2.GIF (http://www.monms.com/vb) أخرجه الترمذي .
وعلى ذلك يحرم على الإنسـان المبتلى بأحد الأمراض أن يسعى في قتل نفسه ؛ لأن حياته ليست ملكا له ، وإنما هي ملك لله الذي قدر الأقدار والآجال ؛ ولأن العبد . بموته تنقطع أعماله ، وحياة المؤمن التي يعيشها يرجـى له خير منها ، فلعله أن يتوب إلى الله سبحانه مما مضى من ذنوبه ، ويتزود من الأعمال الصالحات من صلاة وصيام وزكاة وحج وذكر ودعاء لله سبحانه وقراءة قرآن ، فيرتقي بذلك أعلى الدرجات عند الله ، كما أن المريض يكتب لـه أجر ما كان يعمله في زمن صـحته ، كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحيحة .
أما أولئك الذين يرون أن يلبى طلب المريض في قتل نفسه ويعينونه على ذلك من أطباء وغيرهم - فإنهم آثمون بذلك ، ونظرتهم قاصرة ، ويدل ذلك على جهلهم ؛ لأنهم ينظرون إلى حياة الإنسان وبقائه من جهة أن يكون ذا قوة حيوانية ذا سلطة وأشر وبطر ، ولا ينظرون من حياته أن يكون متصلا بربه متزودا بالأعمال الصالحة ، قد رق قلبه لله وخضع واستكان وتضرع بين يديه سبحانه وتعالى ، فكان أحب وأقرب إلى الله ممن تجبر وطغى واستغل قوته الحيوانية فيما يغضب الله . كما أن الله سبحانه قادر على شفائه ومـا يكون اليوم مستحيلا في نظر البشر قد يكون ميسورا علاجه مستقبلا بقدرة الله الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بكر أبو زيد (http://www.alifta.net/Fatawa/MoftyDetails.aspx?Type=Mofty§ion=tafseer&ID=9)
صالح الفوزان (http://www.alifta.net/Fatawa/MoftyDetails.aspx?Type=Mofty§ion=tafseer&ID=7)
عبد الله بن غديان (http://www.alifta.net/Fatawa/MoftyDetails.aspx?Type=Mofty§ion=tafseer&ID=5)
عبد العزيز آل الشيخ (http://www.alifta.net/Fatawa/MoftyDetails.aspx?Type=Mofty§ion=tafseer&ID=8)
عبد العزيز بن عبد الله بن باز (http://www.alifta.net/Fatawa/MoftyDetails.aspx?Type=Mofty§ion=tafseer&ID=2)
المصدر: فتاوى اللجنة الدائمة
http://www.alifta.net/Fatawa/fatawaC...No=1&BookID=12 (http://www.alifta.net/Fatawa/fatawaChapters.aspx?View=Page&PageID=244&PageNo=1&BookID=12)