ILL
08-16-2011, 09:05 PM
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" [آل عمران:102].
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" [النساء:1].
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فهذا البحث سأجعله ان شاء الله تبارك وتعالى مطالب
المطلب الأول
تعريف السفر والمراد بالقصر والرخص والعزائم
المطلب الثاني
حكم القصر
المطلب الثالث
أدلة القائلين بأن القصر رخصة
أدلة القائلين بأن القصر عزيمة
المطلب الرابع
الأجوبة على أدلة القائلين بأن القصر رخصة
الترجيح بالدليل
المطلب الأخير
الأدلة والاستدلالات التي يتمسك بها القائلون بأن القصر في السفر رخصة لا عزيمة
المطلب الأول
تعريف السفر : السفربفتح السين والفاء في اللغة قطع المسافة وجمعه أسفار _مختار الصحاح
وسُمِّي السفر سفرا لأنه يُسفر عن وجوه المسافرين وأخلاقهم فيظهر ما كان خافيا منها. ( لسان العرب 4/368)،( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/ 242) فتجد المرء تعرفه السنين الطوال ولم يُظْهِر لك من خُلقه إلا الحسنَ، وما إن تسافر معه بضعة أيام فتراه ليلا ونهارا وعند أكله وشربه ونومه ومعاملته إلا ويُظهر لك أمورا ما كنت تعرفها عنه وقد لا تسرك معرفتها، ولما شهد شاهدان عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقال لهما: إني لا أعرفكما. ولا يضركما أن لا أعرفكما، ائتيا بمن يعرفكما. فأتيا برجل. فقال عمر: كيف تعرفهما؟ قال: بالصلاح والأمانة. قال: هل كنت جارا لهما؟ قال: لا. قال: هل صحبتهما في السفر الذي يسفر عن أخلاق الرجال؟ قال: لا. قال: فأنت لا تعرفهما ائتيا بمن يعرفكما.
رواه العقيلي في (تاريخه)، والخطيب في( كفايته)، والبيهيقي في( سننه)، وضعفه العقيلي، وقال: ما في الكتاب حديث في إسناده مجهول أحسن منه.
وصححه أبو علي ابن السكن. (خلاصة البدر المنير)( 2/437) و(التلخيص الحبي)ر( 4/197).
قال صدقة بن محمد -رحمه الله تعالى-: "يقال: إن السفر ميزان القوم".
رواه الخطيب في( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)(1730)
المراد بالقصر
قصر الصلاة الرباعية نقص من عدد الركعات ولا يجوز القصر الا في الصلاة الرباعية فيقصرها ويصليها اثنتين في السفر أما صلاة الصبح والمغرب فلا تقصر والدليل على ذلك ما أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في (صحيحيهما )بسنديهما الى عائشة رضي الله عنها قالت :"فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتين ركعتين فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم واطمئن زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان وتركت صلاة الفجر لطول قراءتها وتركت صلاة المغرب لأنها وتر النهار"
المراد بالرخص والعزائم
العزيمة :
اذا نظرنا في معاجم اللغة نجد أن العزيمة عقد القلب على إمضاء الأمر .
قال الليث :" العزم ما عقد عليه قلبك من أمر أنك فاعله ومنه قوله تعالى (فاذا عزمت فتوكل على الله ) أل عمران 159
وقوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ) البقرة 235
ومنه قوله تعالى (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل )الأحقاف 35
والعزيمة من عزم أي أراد , وهي الإرادة
ومنه قوله (ولم نجد له عزما ) طه 115
فالعزم بالفتح والضم وسكون الزاء المعجمة هو جزم الإرادة أي الميل بعد التردد الحاصل من الدواعي المختلفة المنبعثة من الأراء العقلية والشهوات والنغزات النفسية فإن لم يترجح أحد الطرفين حصل التحير وإن ترجح حصل العزم وهو من الكيفيات النفسية كذا في( شرح المواقف في خاتمة القدرة) .
وفي( العارفية حاشية شرح الوقاية) : النية والعزم متحدان معنى .
وفي حديث الزكاة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" في كل سائمة إبل في أربعين بنت لبون ولا يفرق إبل عن حسابها من أعطاها مؤتجرا قال بن العلاء مؤتجرا بها فله أجرها ومن منعها فإنا أخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا ليس لآل محمد منها شئ" رواه أبوداود في (سننه ) وحسنه الشيخ الألباني في( الارواء)
في الاصطلاح : هي الحكم الثابت بدليل شرعي , خال عن معارضة راجحة .
وقيل من لم يوطن نفسه على المعصية وإنما مر ذلك بفكره من غير استقرار يسمى هذا هما , ويفرق بينه أي بين الهم والعزم بأن في العزم يوطن نفسه على المعصية ولذا يأثم بالعزم على المعصية وإن لم يفعلها بخلاف من هم بمعصية ولم يفعلها فهذا لا يأثم قال القاضي عياض وإلى هذا ذهب عامة السلف وأهل العلم من الفقهاء والمحدثين .
مثال مثلا صوم رمضان هو فرض لازم على كل مكلف بالغ قادر على الصيام وذلك ثابت بدليل شرعي وهو قوله تعالى ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) البقرة 185
الرخص:
الرخص جمع رخصة في( لسان العرب)الرخص : الشئ الناعم اللين , وثوب رخيص أي ناعم
والرخص : ضد الغلا
ورخص له في الأمر : إذا أذن له فيه بعد النهي عنه والاسم الرخصة .
والرخصة : ترخيص الله تعالى للعبد في أشياء خففها عنه , والرخصة في الأمر : خلاف التشديد.
في الاصطلاح : تخفيف الحكم الأصلي لدليل شرعي دون إبطال العمل به .
فلا تخفيف إلا إذا دل دليل من الشرع على جواز ذلك .
مثال ذلك مثلا فطر المسافر ومسحه على الخفين لمدة ثلاث أيام وليالهن خلافا للمقيم فانه يمسح يوم وليلة فهذا كله من ترخيص الشرع .
وفي حديث ابن عمرعن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ان الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه " رواه البيهقي في الكبرى (4_140)
وهذه الرخص الفعلية والتركية ينبغي على المسافر المحافظة عليها لقوله صلى الله عليه
وسلم ( عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الذي رَخَّصَ لَكُمْ ) رواه مسلم (1115) من حديث
جابر رضي الله عنه
وعَنِ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم-: ( إن اللَّهَ يُحِبُ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كما يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ ) رواه أحمد (5866) قال المنذري رحمه الله تعالى: بإسناد صحيح . الترغيب والترهيب 2/87 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه ) رواه ابن حبان ( 354) والبيهقي في الكبرى (4/140) فإتيان الرخص الشرعية عبادة يغفل عنها كثير من الناس فيشقون على أنفسهم بتركها ظانين أن الأفضل تركها بينما الأفضل والأكمل والأكثر أجرا هو اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم سفرا وحضرا عزيمة ورخصة .
زيادة توضيح :
الرخص بالضم وسكون الخاء المعجمة في اللغة اليسر والسهولة . وعند الأصوليين مقابل للعزيمة .وقد اختلفت عباراتهم في تفسيرهما بناءا على أن بعضهم جعلوا الأحكام منحصرة فيهما , وبعضهم لم يجعلها كذلك . فبعض من لم يحصرها عليهما قال : العزيمة ما لزم العباد بإيجاب الله تعالى كالعبادات الخمس ونحوها , والرخصة ما وسع للمكلف فعله لعذر فيه مع قيام السبب المحرم , فاختص العزيمة بالواجبات وخرج الندب والكراهة عنها من غير دخول في الرخصة . وعليه يدل ما قال القاضي الإمام من أن العزيمة ما لزمنا من حقوق الله تعالى من العبادات والحل والحرمة أصلا بأنه إلهنا ونحن عبيده , فابتلانا بما شاء . والرخصة اطلاق بعد الحظر لعذر تيسيرا . وبعبارة أخرى الرخصة صرف الأمر أي تغييره من عسر إلى يسر بواسطة عذر في المكلف . وبعضمن اعتبر الحصر فيهما قال : الرخصة ما شرع من الأحكام لعذر مع قيام المحرم لولا العذر . والعزيمة بخلافها هكذا في أصول الشافعية على ما قيل .
المطلب الثاني
حكم القصر
اختلف العلماء في حكمه على قولين :
القول الأول :
أن القصر في الصلاة في السفر يعتبر رخصة وليس بعزيمة وهذا القول مروي عن عثمان بن عفان وبه قال عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة في المشهور , فهذا القول قول الجمهور .
القول الثاني :
أن القصر في الصلاة عزيمة فرض لازم فمن أتم الصلاة فقد أثم وقال بعضهم أن من أتم الصلاة يحكم ببطلانها كلها وهذا القول مروي عن طائفة من السلف والخلف وممن قال به عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله وابن عباس وبه قال الحسن وعمر بن عبد العزيز وقتادة وقال به حماد بن أبي سليمان و الثوري وهو مذهب الحنفية ونصره الإمام ابن حزم واختاره شيخ الاسلام بن تيمية .
ثمرة الخلاف :
يترتب على هذا الخلاف أنه إذا قلنا أن القصر رخصة يجوز للمسافر أن يتم الصلاة ولا حرج عليه في ذلك .
وأما إذا قلنا بأن القصر عزيمة فإنه لو صلى المسافر الظهر ركعتين أثم .
.....يتبع بفضل الله
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" [آل عمران:102].
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" [النساء:1].
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فهذا البحث سأجعله ان شاء الله تبارك وتعالى مطالب
المطلب الأول
تعريف السفر والمراد بالقصر والرخص والعزائم
المطلب الثاني
حكم القصر
المطلب الثالث
أدلة القائلين بأن القصر رخصة
أدلة القائلين بأن القصر عزيمة
المطلب الرابع
الأجوبة على أدلة القائلين بأن القصر رخصة
الترجيح بالدليل
المطلب الأخير
الأدلة والاستدلالات التي يتمسك بها القائلون بأن القصر في السفر رخصة لا عزيمة
المطلب الأول
تعريف السفر : السفربفتح السين والفاء في اللغة قطع المسافة وجمعه أسفار _مختار الصحاح
وسُمِّي السفر سفرا لأنه يُسفر عن وجوه المسافرين وأخلاقهم فيظهر ما كان خافيا منها. ( لسان العرب 4/368)،( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/ 242) فتجد المرء تعرفه السنين الطوال ولم يُظْهِر لك من خُلقه إلا الحسنَ، وما إن تسافر معه بضعة أيام فتراه ليلا ونهارا وعند أكله وشربه ونومه ومعاملته إلا ويُظهر لك أمورا ما كنت تعرفها عنه وقد لا تسرك معرفتها، ولما شهد شاهدان عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقال لهما: إني لا أعرفكما. ولا يضركما أن لا أعرفكما، ائتيا بمن يعرفكما. فأتيا برجل. فقال عمر: كيف تعرفهما؟ قال: بالصلاح والأمانة. قال: هل كنت جارا لهما؟ قال: لا. قال: هل صحبتهما في السفر الذي يسفر عن أخلاق الرجال؟ قال: لا. قال: فأنت لا تعرفهما ائتيا بمن يعرفكما.
رواه العقيلي في (تاريخه)، والخطيب في( كفايته)، والبيهيقي في( سننه)، وضعفه العقيلي، وقال: ما في الكتاب حديث في إسناده مجهول أحسن منه.
وصححه أبو علي ابن السكن. (خلاصة البدر المنير)( 2/437) و(التلخيص الحبي)ر( 4/197).
قال صدقة بن محمد -رحمه الله تعالى-: "يقال: إن السفر ميزان القوم".
رواه الخطيب في( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)(1730)
المراد بالقصر
قصر الصلاة الرباعية نقص من عدد الركعات ولا يجوز القصر الا في الصلاة الرباعية فيقصرها ويصليها اثنتين في السفر أما صلاة الصبح والمغرب فلا تقصر والدليل على ذلك ما أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في (صحيحيهما )بسنديهما الى عائشة رضي الله عنها قالت :"فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتين ركعتين فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم واطمئن زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان وتركت صلاة الفجر لطول قراءتها وتركت صلاة المغرب لأنها وتر النهار"
المراد بالرخص والعزائم
العزيمة :
اذا نظرنا في معاجم اللغة نجد أن العزيمة عقد القلب على إمضاء الأمر .
قال الليث :" العزم ما عقد عليه قلبك من أمر أنك فاعله ومنه قوله تعالى (فاذا عزمت فتوكل على الله ) أل عمران 159
وقوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ) البقرة 235
ومنه قوله تعالى (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل )الأحقاف 35
والعزيمة من عزم أي أراد , وهي الإرادة
ومنه قوله (ولم نجد له عزما ) طه 115
فالعزم بالفتح والضم وسكون الزاء المعجمة هو جزم الإرادة أي الميل بعد التردد الحاصل من الدواعي المختلفة المنبعثة من الأراء العقلية والشهوات والنغزات النفسية فإن لم يترجح أحد الطرفين حصل التحير وإن ترجح حصل العزم وهو من الكيفيات النفسية كذا في( شرح المواقف في خاتمة القدرة) .
وفي( العارفية حاشية شرح الوقاية) : النية والعزم متحدان معنى .
وفي حديث الزكاة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" في كل سائمة إبل في أربعين بنت لبون ولا يفرق إبل عن حسابها من أعطاها مؤتجرا قال بن العلاء مؤتجرا بها فله أجرها ومن منعها فإنا أخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا ليس لآل محمد منها شئ" رواه أبوداود في (سننه ) وحسنه الشيخ الألباني في( الارواء)
في الاصطلاح : هي الحكم الثابت بدليل شرعي , خال عن معارضة راجحة .
وقيل من لم يوطن نفسه على المعصية وإنما مر ذلك بفكره من غير استقرار يسمى هذا هما , ويفرق بينه أي بين الهم والعزم بأن في العزم يوطن نفسه على المعصية ولذا يأثم بالعزم على المعصية وإن لم يفعلها بخلاف من هم بمعصية ولم يفعلها فهذا لا يأثم قال القاضي عياض وإلى هذا ذهب عامة السلف وأهل العلم من الفقهاء والمحدثين .
مثال مثلا صوم رمضان هو فرض لازم على كل مكلف بالغ قادر على الصيام وذلك ثابت بدليل شرعي وهو قوله تعالى ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) البقرة 185
الرخص:
الرخص جمع رخصة في( لسان العرب)الرخص : الشئ الناعم اللين , وثوب رخيص أي ناعم
والرخص : ضد الغلا
ورخص له في الأمر : إذا أذن له فيه بعد النهي عنه والاسم الرخصة .
والرخصة : ترخيص الله تعالى للعبد في أشياء خففها عنه , والرخصة في الأمر : خلاف التشديد.
في الاصطلاح : تخفيف الحكم الأصلي لدليل شرعي دون إبطال العمل به .
فلا تخفيف إلا إذا دل دليل من الشرع على جواز ذلك .
مثال ذلك مثلا فطر المسافر ومسحه على الخفين لمدة ثلاث أيام وليالهن خلافا للمقيم فانه يمسح يوم وليلة فهذا كله من ترخيص الشرع .
وفي حديث ابن عمرعن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" ان الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه " رواه البيهقي في الكبرى (4_140)
وهذه الرخص الفعلية والتركية ينبغي على المسافر المحافظة عليها لقوله صلى الله عليه
وسلم ( عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الذي رَخَّصَ لَكُمْ ) رواه مسلم (1115) من حديث
جابر رضي الله عنه
وعَنِ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم-: ( إن اللَّهَ يُحِبُ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كما يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ ) رواه أحمد (5866) قال المنذري رحمه الله تعالى: بإسناد صحيح . الترغيب والترهيب 2/87 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه ) رواه ابن حبان ( 354) والبيهقي في الكبرى (4/140) فإتيان الرخص الشرعية عبادة يغفل عنها كثير من الناس فيشقون على أنفسهم بتركها ظانين أن الأفضل تركها بينما الأفضل والأكمل والأكثر أجرا هو اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم سفرا وحضرا عزيمة ورخصة .
زيادة توضيح :
الرخص بالضم وسكون الخاء المعجمة في اللغة اليسر والسهولة . وعند الأصوليين مقابل للعزيمة .وقد اختلفت عباراتهم في تفسيرهما بناءا على أن بعضهم جعلوا الأحكام منحصرة فيهما , وبعضهم لم يجعلها كذلك . فبعض من لم يحصرها عليهما قال : العزيمة ما لزم العباد بإيجاب الله تعالى كالعبادات الخمس ونحوها , والرخصة ما وسع للمكلف فعله لعذر فيه مع قيام السبب المحرم , فاختص العزيمة بالواجبات وخرج الندب والكراهة عنها من غير دخول في الرخصة . وعليه يدل ما قال القاضي الإمام من أن العزيمة ما لزمنا من حقوق الله تعالى من العبادات والحل والحرمة أصلا بأنه إلهنا ونحن عبيده , فابتلانا بما شاء . والرخصة اطلاق بعد الحظر لعذر تيسيرا . وبعبارة أخرى الرخصة صرف الأمر أي تغييره من عسر إلى يسر بواسطة عذر في المكلف . وبعضمن اعتبر الحصر فيهما قال : الرخصة ما شرع من الأحكام لعذر مع قيام المحرم لولا العذر . والعزيمة بخلافها هكذا في أصول الشافعية على ما قيل .
المطلب الثاني
حكم القصر
اختلف العلماء في حكمه على قولين :
القول الأول :
أن القصر في الصلاة في السفر يعتبر رخصة وليس بعزيمة وهذا القول مروي عن عثمان بن عفان وبه قال عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة في المشهور , فهذا القول قول الجمهور .
القول الثاني :
أن القصر في الصلاة عزيمة فرض لازم فمن أتم الصلاة فقد أثم وقال بعضهم أن من أتم الصلاة يحكم ببطلانها كلها وهذا القول مروي عن طائفة من السلف والخلف وممن قال به عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله وابن عباس وبه قال الحسن وعمر بن عبد العزيز وقتادة وقال به حماد بن أبي سليمان و الثوري وهو مذهب الحنفية ونصره الإمام ابن حزم واختاره شيخ الاسلام بن تيمية .
ثمرة الخلاف :
يترتب على هذا الخلاف أنه إذا قلنا أن القصر رخصة يجوز للمسافر أن يتم الصلاة ولا حرج عليه في ذلك .
وأما إذا قلنا بأن القصر عزيمة فإنه لو صلى المسافر الظهر ركعتين أثم .
.....يتبع بفضل الله