يجوز المسح على الخُفَّين.
قول الله تعالى: { فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ
وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ } [المائدة: 6]
أنَّه على قراءة الجرِّ في قوله تعالى: وَأَرْجُلكُمْ، تكون (أَرجلِكم)
معطوفةً على قوله: وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ، فتدخُل في ضمنِ الممسوح حين تكون
مستورةً بالخفِّ ونحوه، كما بيَّنتْه السُّنَّة) .
عنِ المُغيرة بنِ شُعبةَ رضي الله عنه قال: كنتُ مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ
في سَفرٍ، فأهويتُ لِأنزعَ خُفَّيْهِ، فقال: ((دَعْهما؛ فإنِّي أدخلتُهما طاهرتينِ، فمَسَح عليهما ))
عن عبد الله بن عُمرَ، عن سعد بن أبي وقَّاص عن
((النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ أنَّه مَسَح على الخُفَّين))،
وأنَّ عبد الله بن عُمرَ سأل عُمرَ عن ذلك فقال: نعَمْ، إذا حدَّثك شيئًا سعدٌ،
عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ، فلا تسألْ عنه غيرَه )رواه البخاري (4) .
عن جعفر بن عَمرِو بن أُميَّة الضَّمريِّ، أنَّ أباه، أخبره أنَّه
((رأى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ يَمسحُ على الخُفَّينِ)) رواه البخاري (5) .
عن همَّام بن الحارث، قال: رأيتُ جريرَ بن عبد الله بال،
ثمَّ توضَّأ ومسَح على خُفَّيْهِ، ثم قام فصلَّى، فسُئِل، فقال:
(رأيتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ صَنَع مِثل هذا) قال إبراهيم:
(فكان يُعجبهم؛ لأنَّ جريرًا كان مِن آخِر مَن أسلَمَ ) رواه البخاري ومسلم (6)
عن حُذَيفةَ رضي الله عنه، قال:
((كنتُ مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ فانتهى إلى سُباطة قوم، فبال قائمًا))
فتنحَّيْتُ فقال: ((ادْنُه)) فدنوتُ، حتَّى قمتُ عند عَقبَيهِ
((فتوضَّأ فمَسح على خُفَّيْهِ) رواه البخاري ومسلم واللفظ له ) .
نقل الإجماع على ذلك: ابن المبارك، وابن المنذر،
وابن عبد البَرِّ , والبَغَويُّ , وابن قُدامة , والنوويُّ
( المبحـــث الثـــــانــي )
المطلب الأوَّل:حُكم المسح على الجَوارب
يجوز المسح على الجَوربين في الجملة ،
وهو مذهب الشَّافعيَّة ، والحنابلة ، والظَّاهريَّة ،
وبه قال أبو يوسف، ومحمَّد بن الحسن ، ورُوي رجوع أبي حنيفة إليه في مرَضه ،
وبه قال بعض السَّلف ، واختاره ابن باز ، وابن عثيمين .
( يجوز المسح على الجوربين ، وهما : ما ينسج لستر القدمين من قطن أو صوف او غيرهما ،
كالخفين في اصح قولي العلماء، لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح
على الجوربين والنعلين ،وثبت ذلك عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم
ولأنهما في معنى الخفين في حصول الإرتفاق بهما ، ( مجموع فتاوى ابن باز ) ( القول الراجح أنه يجوز المسح على الجورب المخرّق
والجورب الخفيف الذي ترى من ورائه البشرة ، لأنه ليس المقصود من جواز المسح
على الجورب ونحوه أن يكون ساترا ) ( مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين )
عمَلُ الصَّحابة رضي الله عنهم، وحكَى فيه إجماعَهم: ابنُ حزم ، وابن قُدامة .
المطلب الثَّاني:المسح على الجوارب إذا لم تكُن صفيقةً
اختلف أهل العلم في جواز المسح على الجوارب، إذا لم تكُن صفيقةً ،
القول الأوَّل: يجوز المسح على الجَوربينِ مطلقًا، ولو لم يكونا صَفيقينِ،
وهذا مذهب الظَّاهريَّة ، وبه قال بعض السَّلف ، واختاره ابن عثيمين ؛
وذلك لأنَّ المقصود من جواز المسح على الخفِّ، والجوربِ، ونحوهما،
الرُّخصةُ للمُكلَّف ، والتسهيل عليه ، بحيث لا يلزمه خلْعُ الجورب،
أو الخفِّ عند الوضوء، وهذه العلَّة يستوي فيها الخفُّ، أو الجورب
المخرَّق والسَّليم، والخفيف والثَّقيل
القول الثَّاني:لا يجوز المسح على الجوارب إذا لم تكن صفيقةً،
وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفيَّة، والشَّافعيَّة ، والحنابلة ،
قال الشيخ ابن باز رحمه الله
( من شرط المسح على الجوارب : أن يكون صفيقاً ساترا ،
فإن كان شفافاً لم يجز المسح عليه ، لأن القدم _ والحال ما ذُكر ـ في حكم المكشوفة ) أوَّلًا: أنَّه إذا لم يكن صفيقًا، فإنَّه لا يمكن متابعة المشي عليه؛ ولذا لم يجُزِ المسح عليه.
ثانيًا: أنَّ الرَّقيق ليس بساتر، فإذا كان شفَّافًا، فالقدَم في حُكم المكشوفة