عرض مشاركة واحدة
قديم 01-16-2014, 10:31 AM   رقم المشاركة : 22
Amazing Misa
عضو متألق






 

الحالة
Amazing Misa غير متواجد حالياً

 
Amazing Misa عضوية لديها صيت بسيطAmazing Misa عضوية لديها صيت بسيطAmazing Misa عضوية لديها صيت بسيط

شكراً: 421
تم شكره 628 مرة في 385 مشاركة

 
افتراضي رد: رواية خادمي كان صديقي




لونُ الغروب الذي يتكونُ في السماء بصورة خلابة يحكي لنا قصة وداع الشمس وكأنّ تلكَ الألوان الممزوجة هي بمثابة مؤثرات تُحركُ إحساساً في دواخلنا.
هذا ما كانَ يشعرُ به ذلك الفتى بصورةِ قوية في قلبه , إحساس بالوداع
لكنّه لن يدوم فكما هي الشمسُ تودعنا بغروبنا فسنلتقي بها في الشروق
هذا ما كانَ يدورُ في داخله وهو يشاهدهما على بعدِ مسافة منها موقناً
بأنه يتوجب عليه مفارقتهما, انسابت قطرات العرقِ الغزيرة على وجهه الصغير فاطمئن قلبه لرؤية يدِ رولند الصغير التي تمسكُ بيدها بإحكام , شدّ قبضة يده ودفعَ كتله من الهواء إلى رئتيه وعيناه لم تفارق ذلك الفتى الذي يبعدُ عنه بمسافة ثمّ صرخَ بأعلى صوته موجههاً كلماته له .

ـ اعتنِ بـ ميدوري جيداً , إياك أن يصيبها أي أذى لو فعلت ذلك فسوفَ أقتلك ..
أدنى رأسه وشدّ قبضة يده أكثر وتحدثّ بصوتِ كانَ يظهرُ فيها نغمة الحزن .
ـ أنا متأكد أننا سنتقابلُ , نعم سوفَ أجدكما .
أرادَ أن ينظرُ إليهما مرةً أخرى ولكنّه تجنبُ النظر لهما و ألم الرحيل يكادُ يغلف قلبه ويضيقُ عليه ليبتسمَ بخفةِ قائلاً بصوتِ هادئ.
ـ رولند أعدك , عندما أعود سأغير من نفسي وبعدها سأمتلك الشجاعة لأعتذر منك عما بدر مني.

ـــــــ

توقفت السيارة أمامَ قصرِ ماليان فرفعَ ذلك الفتى رأسه وشدَّ من غطاء رأسه ليخفي ملامحه فتلكَ الذكرى لا زالت تلازمه .. شعرَ بالارتباك ينسابُ إلى داخله فهو لا يزالُ متردداً
هل حقا من الجيد ظهوره الآن ! َ سخرَ من نفسه ورسمَ ابتسامةَ على شفتيه .
ـ يجبُ عليّ أن أريه إلى أي مدى أنا تغيرت .
ـ إيفان , إيفان , أيها الفتى هل تسمعني !؟ .
هذا ما كانَ يردده ألفريدو منذُ عدّةِ ثواني وهو يلوحُ بيده باتجاه الشاب الصغير الذي بدى له أنّه فكره قد طارَ به بعيداً .
رمشَ بعينه مستوعباً فقد كانت حدقةُ عينه تتابع تلكَ اليد التي تلوحُ أمامه, ضحكَ ألفريدو عندما رأى ملامح إيفان المرتبكة.
ـ لقد وصلنا, ألا تريدُ التأكد من وجود الشاب الذي تبحث عنه .
هذا ما قاله ألفريدو بابتسامة جميلة ليمتلا قلبُ إيفان بالحماسة فربما يكونُ رولند هنا بل هو يشعرُ بأنّه قريبٌ منه .
نزلا من السيارة وتوقفا أمام بوابة القصر الضخمة , لمحَ ألفريدو كبيرَ خدمِ القصر يتجولُ في باحة القصر فرفعَ يده ملوحاً له .
ـ العم شيمون .
التفت شيمون عندما سمعَ اسمه فرأى ذلك الشاب يقفُ أمامَ بوابه القصر تبسمَ قلبه قبلَ شفتيه فها هو ألفريدو الشاب الذي يتمنى أن يتعلم سيده منه ولو القليل , اقتربَ منهم بسرعة ثمَ انحنى باحترام .
ـ مرحباً بابن السيد هايدن في قصر ماليان .
رفعَ ألفريدو يده لشعره وقالَ بارتباك مع صوتهِ الضاحك .
ـ أيها العم ألم أخبرك من قبل لا داعي لهذه الرسميات .
ابتسمَ شيمون بطيبة ورفعَ رأسه ليرى كبيرِ خدمِ قصر ألفريدو فبدأ بالتحية .
ـ أهلاً بكِ بيْن سعدت لرؤيتك .
ابتسمَ بيْن وردَ التحية .
ـ وأنا كذلك .
تلفت ألفريدو يمنةَ ويسرةِ فقد كانَ يحملُ في يديه لوح من الشكولاتة المغلفة أرادَ تقدميها لابن عمه فهو يعلمُ أنه في هذا الوقت يكونُ في باحة قصره .
ـ ألم يعد ميلان بعد !؟ غريب ليسَ من عادته .
ارتبكَ شيمون وظهرَ ذلك جلياً على وجهه فلوحَ بيديه قائلاً بتوتر لـ ألفريدو .
ـ سوفَ يأتي قريباً بإمكانكَ الانتظار و ..... .
صمتَ عندما لا حظ أخيراً الشاب الذي يقفُ على بعد مسافة قليلة من ألفريدو استغربَ من رؤيتهِ فملابسه الغريبة تدلُّ على أنه ليسَ من طبقة الأغنياء .
لا حظ ألفريدو ذلك فابتسمَ قائلاً وهو يمسكُ بيد إيفان الذي ظلّ صامتا على غيرِ عادته وكأنما هو خجل .
ـ هذا الفتى يدعى إيفان , ولقد جئنا اليوم لنبحث عن شاب يدعى .. رو.. رولي ..
توقفَ ألفريدو ووضعَ يده على ذقنه بطريقة طفولية في محاولةِ منه ليتذكر أغمضَ عينيه وبدأ محاولاً التذكر .
ـ ماذا كان اسمه .. رول ! .
ـ رولند .
هذا ما قاله إيفان بصوتِ ثابت وهو ينظرُ للشخصِ المدعو شيمون .
استغربَ شيمون وقالَ بعفوية .
ـ أتقصد رولند خادم السيد ميلان ؟! .
شعرَ ألفريدو بالفرح الشديد والتفت نحوَ إيفان ليقولَ له بحماسة .
ـ ألم أخبرك إنه هنا .
أما إيفان فقد شعرَ بانقباضِ قلبه عندما سمعَ كلامَ شيمون, بالرغم من أنّه انغمر بالسعادة عندما سمعَ اسم رولند وأنه موجودٌ هنا إلا أنه لا يزالُ يشعرُ بشيءِ
يضيق قلبه من كلمة خادم التي نطق بها المدعو شيمون .
ـ ماذا ؟! ألم يكن هو ! .
عادَ إلى واقعه عندما سمعَ ذلك السؤال من ألفريدو والذي كانت فيه لمحةٌ من القلق .
ـ أخبرني أليسَ اسمه رولند ؟! .
ابتسمَ إيفان وقررَ أن ينسى ذلك فقالَ بصوتِ مملوءِ بالفرحة الغامرة التي تعبر عن مدى اشتياقه.
ـ بلى , أودُ رؤيته .
نطقَ ألفريدو بحماسة وهو يضع يده على رأسِ إيفان بلطف .
ـ أينَ هو أيها العم ؟! .
عادَ التوتر لشيمون ليقولَ بصوتِ قلق .
ـ سوفَ يأتي بعد قليل بصحبة السيد ميلان , تفضلوا بالدخول حتى يعودان .
ابتسمَ ألفريدو وتقدمَ بتجاه القصر وقالَ بطفوليه وهو ينظرُ للوحِ الشكولاتة الذي اشتراه قبل مجيئه.
ـ سوفَ أكلها كلها إذا تأخر ميلان ولن أعطيه أي واحدةِ منها .
نتهدَ شيمون بيأس وهو يسمعُ كلامَ ألفريدو فهو حقاً قلق من تأخر سيده فهو لن ينسى صوته الغاضب عندما اتصل به ويعلمُ يقيناً أن شيئاً سيئاً سوفَ يحدث .

ــــــ

أخذَ ينتظر عند البوابة الزجاجية للشركة وهو في أشدّ الغضب , كانَ بإمكانه أن يبقى في الداخل وينتظره إلى أين يأتي .. لكنّ شرارة الحقد والغضب قد بدأ تتوقد بداخله ..
مما جعله يتكلم بقهر وحقد بالغيين .
ـ الحقير لم ينتظرني حتى أنهي عملي .. بل عاد إلى القصر ليستريح !!! ... تباً له...
قال جملته الأخير وهو يضرب الأرض بقدمه بسخط بينما بدأت الأفكار السوداء تتدفقُ إلى مخيلته ليجد عقاباً مناسباً يكسرِ بها عزةً نفسه ...
وصلَ إلى مسامعه صوتُ توقفَ سيارته فرفعَ رأسه سريعاً ليرى أنّ خادمه الخاص قد جاء أخيراً .
لم ينتظر أن ينزلْ بل حتى أن يرى تعابير وجهه .. بل اندفع نحوَ بابِ مقود السيارة بسرعة مشحونةً بغضبِ بالغ ..فتحَ البابَ بعصبية مما أفزع رولند الذي كانَ جالساً يستعدُ لإغلاقِ تشغيل السيارة ... التفت لينظرَ إليه فشعرَ بهالاتِ الغضب تنبعثُ من جسدِ سيده ... بقيّ ثابتاً فهو لم يقم بعملِ شيء خاطئ ... كل ما في الأمر أن شيمون أخبره أن يأتي إليه بعد أن قامَ هوَ بالاتصال .
سحبه من ياقة ملابسه وأخرجه من السيارة بعنف ... تألم رولند لذلك وقالَ بنبرةِ متسائلة عن سبب غضبه .
ـ مالذي دهاك ؟! .
صكَ ميلان على أسنانه بغيض وقالَ له وهو ينظرُ لعينيه بحدّة .
ـ أيها الحقير هل تجرأت على سؤالي ؟! .. .
صمت ميلان لثواني قليلة وصرخَ في وجهه .
ـ لماذا رجعت إلى القصر ولم تنتظرني ؟! من واجبك كخادمِ أن تنتظرَ سيدك لا أن ينتظرَ السيدُ خادمه .
تعجب رولند من حروفه وكلماته التي نطقها فلم يكن هناكَ داعي لكلِ هذا الغضب مما جعله يقولُ له بثبات وهو يتحملُ صراخه .
ـ أولاً لم تقم بإخباري بذلك من قبل ..! ثانياً هل تريدُ مني أن انتظرَ خمسَ ساعات هنا حتى تنهيّ عملك ؟! .
عضَ ميلان على شفتيه بسخط ولكنّه قالَ له بعناد وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة تحديّ .
ـ نعم تنتظرني .. تبقى في السيارة إلى ان انتهي من عملي سواءٌ كنت في الشركة أو في الجامعة .
أبعدَ يده عن ياقة بذلته وتمالكَ نفسه فخلفه مبنى شركته , ولا يجب على أحد أن يراه بحالته الهائجة تلك .. تحدث وهو يرمق رولند و يصكُ على أسنانه بغيض .
ـ أنتَ الآن خادمي الخاص ... فليسَ هناكَ ما تفعله سوى خدمتي .
شعرَ رولند بأنّ ميلان يريدُ أن يقلل من كرامته بتلكَ الطريقة التي تحدثَ بها فقرر الصمت , لاحظَ ميلان ذلك فقالَ بغرور وهو يبتعد عنه ليفتحَ باب السيارة في الخلف .
ـ إياكَ أن يحدث هذا مرةً أخرى وضعَ في ذهنك دائماً الخادم من ينتظر سيده لا السيد ينتظر الخادم .
أومأ رولند برأسه وعادَ إلى مكانه في مقعد السائق كانَ بإمكانه أن يجاريه في الحديث ولكن كونه خادم فعليه دوماً أن يطيع سيده كما قال , حركَ مقودَ السيارة وانطلق عائداً للقصر أملاً في أن يمرّ هذا اليوم على خير فمن بداية اليوم والشخصً الذي خلفه لا يكف عن الصراخ عليه والغضب .

ــــــ

أمّا في رياض الأطفال فقد كان الطفلان يستمتعان بوقتهما وهما يشاهدان مجموعة الاطفال الذينَ يمرحون أمامهم , لم تكن لديهم الشجاعة في أن يشاركوهم بما أنهما انضمّا حديثاً فقد كانا يجلسان سويةً يراقبان بأعينهما الجميلة نشاط الجميع وتحركاتهم .بينما العاملين فيها قد انبهروا من جمالِ هذين الطفلين , لتهمسَ إحداهم لصديقتها .
ـ لا أصدق أنهما لا يمتلكان أبوين.
ابتسمت صديقتها بعفوية وهي تنظرُ إليهما بحنية وتراقب أعينهما التي تنتظرُ للجميع لتقول بابتسامة.
ـ أجل .. فقد ترجاني ذلك الشاب بأن ينضما إلى هنا .
تقدمت نحوهما وجلست بالقرب منهما لتقولَ لهما بحماسة .
ـ ألا تريدان اللعب مع بقية الأطفال ؟! .
أومأ برأسيهما بعفوية فضحكت لذلك , نادت أحد الأطفال وطلبت منه بأن يشارك باللعب معهما .
وعندما رأتهما يركضان نحو ذلك الطفل وقفت على قدميها وقالت بابتسامة لطيفة .
ـ أتمنى أن تقضوا يوماً جميلاً .

ــــــ
في قصر ماليان .
وصلت السيارة فأوقفها رولند أمام بوابة القصر كما أمره ميلان وحتى يستطيع أن يذهب بها إلى مربأ السيارات .
دخلَ من أمامِ البوابة ولا زالت ملامحه لم تمحى منها أثارُ الغضب , لمحَ كبير خدمه يتكلمُ مع أحدهم عندَ جلسة القصرالتي تحتوي على كراسي تحيطُ بها الوردُ المزروعة بعناية ومظلة كبيرة من فوقها مربعة ملونة بنقوشِ جميلة , استغرب من ذلك وتقدمَ أكثر ليرى مع من يتحدث فلمح ابن عمه ألفريدو مما جعله يعبسُ بطفوليه مع أنّه سعيد لرؤيته .
تقدمَ باتجاههم وكتف بذراعيه ليقولَ بصوتِ عالِ ليسمعه .
ـ ها قد جاء المزعج .. لماذا جئت ! .
ابتسمَ ألفريدو عندما سمعَ ذلك الصوت وقال بلهجة سعيدة طفولية .
ـ مرحباً بك ميلان , أنتَ مشتاقٌ لي أليسَ كذلك ! .
ضحكَ بسخرية من جملته الأخيرة وقالَ له بكبريائه المعتاد .
ـ ولماذا أشتاقُ لك! .
أراد الجلوسَ في المقعد الذي بالقربِ من ابن عمه إلا أنّه لاحظ ذلك الغريب الذي يجلسُ بعيداً قليلاً عنهم مما جعلَ حاجبيه ينعقدان .
لاحظ ألفريدو علامات التعجب على وجهه ميلان وهو يحدقُ بـ إيفان الذي فضلّ تغطية رأسه بتلكَ العباءة المهترئة فتذكرَ ما يريده وقف ثمّ بدأ يتلفت من حوله .
ـ أينَ هو ذلك المدعو رولند ؟ .
زاد الاستغراب أكثر في نفسِ ميلان مما جعله يقول بنبرةِ جامدة .
ـ ما لذي تريده بذلك الأحمق ! .
شدّ إيفان قبضة يده عندما سمعَ كلمته الأخيرة وطريقة قوله التي نطقَ بها .
تكلمَ الفريدو بابتسامة محاولاً أن يشرحَ لابن عمه ما يريده .
ـ في الحقيقة هذا الفتى جاء إليّ باحثاً عن الشخص الذي كان يعمل عند السيد ليبريت واتضح أنّه هنا .
تغيرت نظراتِه وحتى هيئته وطريقة كلامه ليقولَ وهو يرمقُ لك الشاب .
ـ إذاً وما لذي يريده منه ؟! .
شعرَ إيفان بالتوتر خاصة وأنه يعلم بمعاملته الجافة مع الخدم بصفة عامة بسببِ تلكَ الحادثة ليقولَ بابتسامة ضاحكة محاولاً بها إخفاءِ ارتباكه .
ـ إنه فقط صديقه ويريدُ رؤيته .

صوتُ خطواتِ لشخصِ قادم جعلت إيفان يشعرُ بالتوتر فهو إلى الآن لم يقمْ برفعِ رأسه ليرى صاحبَ هذا القصر, التفت ألفريدو ليرى شاباً وسيماً يرتدي زي الخدم يتقدمُ باتجاههم .
توقفَ رولند خلفَ سيده وانحنى باحترام ليقولَ له .
ـ ها قد انتهيت هل تطلبُ منيّ شيئاً آخر .
خفقَ قلبُ إيفان عندما سمعَ ذلك الصوت ,, إنه نفسُ الصوت ونفس النبرة التي كان يتحدثُ بها , أرادً أن يرفعَ رأسه لينظرَ إليه لكنّ شيئاً ينقبضُ بداخله جعله غيرَ قادرِ على ذلك , بينما التفت ميلان باحتقار ليقول له .
ـ ألقِ التحية على ابن عمي أم تريدني أن أعلمك الأدب حتى مع الأخرين .
تقدمَ رولند خطوتين وانحنى مرةَ أخرى ليلقي التحية على الشاب الذي على من يمينه .
ـ مرحباً بابن عمِ السيد .
غضب ميلان لجملته فقد كانت رأى أنّ تحيته غيرُ محترمة وكأنما أراد بذلك أن يستفزّه فقال بصوتِ غاضب وهو يشدّ قبضته .
ـ إنه ابن السيد هايدن ألفريدو .
لم تتغيرَ ملامح رولند مما جعله يكرر ما قاله ببرودِ تام .
ـ أعتذر على وقاحتي مرحباً بك ألفريدو هايدن .
أما عند إيفان فهو لم يصدق بعد تلكَ المحادثة التي تجري في حاضره , ولم يستطع بعد أن يرفعَ رأسه لينظرُ لرولند فقد كانَ يشعرُ بالألم في قلبه وهو يتذكر الماضي , مما جعله يتحدثُ مع نفسه بقهر وهو يرى تلك المشاهد التي تمرّ في مخيلته والتي كانَ فيها رولند الصغير يعاني مما جعله يدخلُ في صراع مع نفسه .
ـ هذا مستحيل ! لن يعملَ أبداً كخادمِ في قصر , إنه حتى لن يسمح لنفسه بذلك .
شدّ قبضه يديه على بنطاله وهو يصارعُ نفسه ويريدُ أن يتقبلّ بداخله أنَ ما يحدث أمامه هو مجرد كذبة .
شعرَ ألفريدو بأن التوتر بدأ يسودُ الأجواء خاصةَ عندَ قدومِ ذلك الشاب المدعو رولند ومعاملة ميلان له .
ـ إنه خادمي , أهذا من تبحث عنه ! .
هذا ما قاله ميلان باحتقار لذلك الشاب الصغير الذي لم يرى وجهه حتى الآن فعندما سمعَ من إيفان أنّه صديقه أزعجه ذلك .
ابتسمَ ألفريدو ليبعد التوتر قليلاً وتقدمَ نحو رولند بطيبة ليقولَ محاولاً أن يفسر له فهوَ أيضاَ أخذَ ينظرُ لذلك الشاب الغريب .
ـ امممم , رولند أليسَ كذلك ؟! . إنّه يدعى إيفان لقد قالَ أنه يبحث عنك .
اتسعت عينا الشاب عندما سمعَ ذلك الاسم وشعرَ بالفرحة تدفقُ إلى داخله أرادَ رؤية وجهه فقد مرّ زمنٌ على فراقهما به ولم يصدق أنّه في هذه اللحظة قد يلتقي به .
اهتزت يدُ إيفان وعضَ على شفتيه لم يحتمل ذلك فرفعَ رأسه وظهرت ملامح وجهه التي تملكها الغيض والحقد
حلت الصدمة الكبيرة على وجهه رولند عندما رفعَ ذلك الشاب رأسه فقد رأى كمية الغضب المرسومة على وجهه والعينانِ الغاضبتان اللتين تحدقان به .
لم يكن الأمر فقط عند رولند فها هو ألفريدو قد حلت على وجهه علامات الاستغراب وهو يرى ذلك الوجه الذي صنعه إيفان والذي كانَ مختلفاً عن شخصيته المرحة التي قابلها به , بينما ميلان كانَ صامتاً فالأمر برمته لم يرق له .
وقفَ على قدميه وتقدمَ بتجاهه رولند مسرعاً مدّ يده وسحبه من ياقة ملابسه بقوة ليصرخ في وجهه بغضب بالغ .
ـ أنت !! أخبرني أنّ هذا كذب أخبرني .
ابتسمَ ميلان بسخرية وهو يسمعُ جملة ذلك الغريب وطريقة حديثه نحو خادمه .
ـ أخبرني حالاً , تحدث وقل لي أنّ هذا كذب وأنك لا تعمل هنا .
هذا ما كانَ يصرخُ به إيفان بانفعال ,


تألمُ قلبٌ رولند لرؤيته صديقه يتحدثُ معه بتلكَ الطريقة فلم تتغيرَ ملامحه بل بقيّ هادئاً حتى وهو يراه يصرخُ في وجهه بانفعال فهو يعلمُ يقيناً بمشاعره التي يشعر بها .
أمسكَ بيده التي تقبضُ على ملابسه وقالَ له بهدوء .
ـ اهدأ يا إيفان .. .
لم يستمعَ لكلامه رغمَ أنّه شعرَ بالفرحة عندما سمعه ينطق اسمه بل صرخَ فيه .
ـ أخبرني أنها كذبة والآن ,, ألم يكن الماضي كافياً لك !! .
سمعَ شيمون وبينَ تلكَ الجلبة فتقدما ليشاهدا ما حدث , تفاجأ شيمون وهو يرى ذلك الغريب يصرخُ في وجهه رولند
بينما بيْن تملكه العجب وهو يرى الطريقة التي تحدث بها إيفان .
لم يعلم ألفريدو ما الذي يفعله فقد كانَ يشعرُ بالتوتر ولا يرى أنّه من الصحيح أن يتدخل بينهما , أما ميلان فقد جلسَ باسترخاء وأخذَ يفتحَ لوحَ الشكولاتة الذي اشتراه ابن عمه ثمّ بدأ يقضمها باستمتاع وكأنما يرى مشهداً أمامه .
ـ إنّ هذه هيّ الحقيقة أنا أعمل الآن خادماً لسيدِ هذا القصر .
صكَ على أسنانه بغيض عندما سمعَ همسه له وأخذَ ينظرُ لعينيه التي لم يرى فيها ملامح التألم لحاله فقالَ وهو يبعدُ يده عنه بعصبية ويذهبُ من أمامه
نحوَ بوابة القصر .
ـ لم يكن هناكَ داعي لقدومي حقاً, يالكَ من مثيرْ للشفقة .
تراجعَ رولند بضعَ خطوات بسببِ دفعِ إيفان العنيف له وقد كانت وقعُ جملته الأخيرة بالغة على قلبه .. فلا زالَ إيفان كما هوَ عندما افترقَ عنه لم يشعرُ بألم بالغ كالذي حدثَ أمامه كانَ يتمنى في الحقيقة أن يضمّه ويعبرَ عن مدى اشتياقه له ,, يريدُ أن يسأله عن أحواله وكيفَ مضى الوقت لوحده عندما افترقا يريدُ أن يحيه بابتسامة جميلة وكلماتِ عطرة ولكن كلّ هذا قد مرّ سريعاً فها هو إيفان يغادرُ القصر مبتعداً عن ناظريه .
بينما شعرَ ألفريدو بحالةِ من القلق الكبيرة خاصة عندما رأى تقلب حالِ إيفان فقد كانَ متحمساً ومتشوقاً لرؤيته والآن ها قد ذهبَ غاضب منه مما جعله يتبعه ليحاولَ تهدئته وهو ينادي باسمه .
أما ميلان فقد بدأ يضحكَ باستهزاء بداخله لحالِ خادمه فقد كانَ يعلمُ تماماً أنه حزين , أنهى لوحَ الشكولاتة التي في يده ونفضَ يديه ليقولَ له وهو يقف .
ـ انسى أمره واتبعني فأنا لم أسامحك بعد على تأخرك في أخذي من الشركة .
أومأ رولند له طواعية وأخذَ يتبعه بصمت بينما عيناه قد لمعت فيها الحزن الشديد .
أما عند إيفان فقد خرجَ من القصر مسرعاً وجلسَ على الأرض بالقربِ من القصر لم يكن جلوسه هناكَ طواعية منه بل لأن قدميه لم تستطع أن تحمله بعيداً عن هذا المكان فها هي الصدمة قد حلت عليه هو الآخر ليقول لنفسه بقهر .
ـ تباً .. لقد أردت لقائه في غيرِ هذا الموقف ... .
شعرَ بالندم لم يرد حقاً أن يقسو عليه أو حتى أن يعاتبه مما جعله يقول وقد انسدلت خصلات شعره على جبينه .
ـ لماذا فعلتُ ذلك .. ! كانَ عليّ أن أقابله بابتسامة .. لم يكن علي .. .
مرتْ في مخيلته مقولته التي قالها قبل أن يتفارقا .

أعدك . عندما أعود سأغير من نفسي .

ـ تباً لي .
هذا ما قاله بصراخ وهو يضربُ الأرض بيديه بقوة وكأنما أراد أن يعاقبَ نفسه على فعلته .
ـ لقد وعدته بذلك ,, وأردت أريه كم أنا تغيرت لكنّي أفسدت الأمر .....
لقد تغيرَ شكله كثيراً لم أكن أعلم أنّه هوَ إلا بلونِ عينيه وطريقة حديثه المعتادة معهم ...
قال ذلك بحزن بالغ وهو يتذكرُ المواقف التي كانَ يعاملُ فيها رولند في الماضي لقد كانَ هذا أسوء لقاء , فمنذُ أن غادر من المدينة التي كان فيها وهو يخطط للقائه بحماسة وفرحة بالغة .
وجدَ إيفان أخيراً ورآه على حالته الحزينة فقد كانَ قلقاً عليه , جلسَ بقربه وهمس له بلطف .
ـ أيها الفتى ما لذي جرى لك ألم تكن متحمساً وفرحاً بمجردَ أنك علمت أين هوَ .
أخذَ إيفان نفساً عميقاً عندما سمعَ صوتَ ألفريدو علّه يهدأ من أفكاره المتضاربة .. ابتسمَ بحزن وقال بصوتِ يتضحُ فيه نبرة الندم .
ـ لقد أفسدت الأمر .. لن يعودَ الزمن للوراء لأصلح الأمر .
أمّا ألفريدو فقد علمَ بشعورِ ذلك الشاب من كلامته ونبره العميقة التي تتجلى فيها كل معاني الإخاء لذلك الشاب مما جعله يقفُ ويركضُ لداخل القصر فلعلّه يصلح الأمر قليلاً .. رأى ذلك الشاب يمشي خلف ميلان فأسرعَ في خطواته ومدّ ذراعيه ليمسكَ بها ثمّ قال له برجاء حتى قبلَ أن يلتفت إليه .
ـ أرجوك .. قابله مرةً أخرى .
صدُمَ ميلان لقولٍ ابن عمه ولمْ يعجبه ما قاله بينما بقيّ توقفَ رولند في مكانه صامتاً يفكرُ في ما قاله له .

فهل سيذهبُ رولند كما طلبَ منه إيفان أمّ أنه سيفضلُ عدم الذهاب ! وما ذا ستكونُ ردة ميلان !
بل ما لذي دفعَ ألفريدو ليطلب ذلك من رولند .



انتهى الفصل السابع .
~
ـ ما رأيكم بموقف إيفان ولقائه أخيراً مع رولند !؟
ـ ما سببُ مشاعر إيفان المتضاربة ؟!
ـ ولماذا أرادَ أن يري رولند ويعده بأن يغيرَ من نفسه .
ـ وكيف ستكونُ ردة ميدوري عندما تعلمُ بقدومِ إيفان ! .
~





رد مع اقتباس