هناك العديد من حكايات الجن المتداولة بين العامة في العديد من الثقافات، ولكل ثقافة أسماء لمخلوقات تزعم العامة أنها من الجن أو المتشيطنة. وهناك شخصيات أسطورية عامة كالغول والسعلاة والجاثوم وغيرها، وهناك أسماء ذات خصوصية تكون حصرية على منطقة أو مدينة أو دولة معينة، ومن أهم هذه المخلوقات في منطقة الخليج العربي "الجني دْعيدِع"
يسمَّى في البحرين دعيدع (يكتب أحياناً ادعيدع) ودعيدع المقبرة، وضو دعيدع، ويسمى في الكويت ادعيدع وضو ادعيدع، ومن أسمائه في شرق الجزيرة العربية دعيدع أبو الخلاقين، ودعيدع أبو الشماطيط، وذلك نسبة للثياب البالية أو المتمزقة التي يرتديها، والتي تسمى عند العامة في الخليج «شماطيط». وقد ارتبط دعيدع بالعديد من القصص وله العديد من الصور فقد زعم البعض أن له جسم قرد وآذاناً طويلة، ووجهاً يشبه القط وله أنياب لامعة.
وزعم آخرون أنه جان يظهر على شكل رجل في المقابر أو النخيل وهو كثيراً ما يطلع للفلاحين عند حلول الليل وربما تشكل لهم بعدة صور وقلد بعض الأصوات لكي يغوى أو يخدع الناس، وفي رواية أخرى أنه يجلس فوق النخيل ويرمي البسر على البيوت القريبة للنخيل، وهناك نوع من الرطب يسمى بالاسم نفسه؛ أي دعيدع وهو الرطب المعروف باسم أصابع البنات، ولا أعلم ما العلاقة بين هذا الرطب ودعيدع.
وهناك عدد من الأهازيج أو الأقوال التي ارتبطت بدعيدع، وهي تقال بحسب مناسبات معينة، فمثلاً عندما يقوم دعيدع بإلقاء الرطب على منازل الآخرين تصيح به سكانها «دعيدع دعدع أمه سبع ليالي تخمه»، أما دعيدع المقبرة فله مقولته الخاصة، فيقال عندما يراد إخافة إحدى النساء «يا دعيدع المقبرة تعال دعدع المره».
ضو دعيدع
زعم بعض العامة في الخليج العربي أن دعيدع مجرد نور أو هو مخلوق مضيء كالنور؛ إذ يقال إن لدعيدع نوراً مثل نور القمر يخرج ليلاً في الصحراء ويضيء الطريق إلى الإنسان ويوهمه بأنه في طريقه الصحيح إلى أن يضل الشخص طريقه ويتيه. وهذا الوصف قريب من وصف دعيدع في البحرين والكويت؛ إذ اشتهرت الأسماء دعيدع وضو دعيدع، وهي نار تخرج في المقبرة خاصة، ومنه جاء الاسم دعيدع المقبرة،
وقد وصف الشملان دعيدع في كتابه «الألعاب الشعبية في الكويت» (الشملان 1978، ج1: ص 146): «إدْعِيدِع، هذه خرافة من الخرافات. وذلك أنهم يتوهمون أنه في الظلام عندما يسير أحدهم يشاهد ناراً أو جسراً فإذا اقترب من الجمر بعُد عنه أو انتقل إلى محل آخر وهكذا يخاف من يشاهدها. وإنها من الجن. ومعروفة عندنا (ضو ادعيدع؛ أي نار ادعيدع). وكانوا يخوفون الأولاد بها حتى لا يخرجوا ليلاً».
دعيدع في اللغة
يبدو أن دعيدع ليس اسم جني حقيقي بكثر ما هو وصف لظاهرة معينة، ويلاحظ عندما تحلل كلمة دعيدع لغةً نجد أنها جاءت من ألفاظ بمعنى «ما بين النخيل» أو ألفاظ بمعنى مناداة أو طريقة مشي معينة وهي ألفاظ مرتبطة ببعض صفات دعيدع، جاء في معجم تاج العروس مادة «دعع»: «الدُّعَاعُ. كغُرَابٍ: النَّخْلُ المُتّفَرِّقُ ... الدُّعَاعَ بما بَيْن النَّخْلَتَيْنِ. وقال أَبُو عُبَيدة: ما بَيْنَ النَّخْلَة إِلى النَّخْلة: دُعَاعٌ ... والدَّعَاعُ، كسَحَابٍ: عِيَالُ الرَّجُلِ الصِّغارُ ... ودُعْ دُعْ، بالضَّمِّ: أَمْرٌ بالنَّعِيقِ بالغَنَمِ، يُقَالُ ذلِكَ للرّاعِي، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ، يُقَالُ: دَعْدَعَ بِهَا دَعْدَعَةً. ودَاعِ دَاعِ مَبْنِيّاً عَلَى الكَسْرِ: زَجْرٌ لَهَا، وقِيلَ: لصِغَارِهَا خاصَّةً، أَو دُعَاءٌ لَهَا،وقَدْ دَعْدَعَ ... وقالَ أَبو عَمْروٍ: الدَّعْدَاعُ والدَّحْدَاحُ: القَصِيرُ من الرِّجَالِ ... والدَّعْدَاعُ: عَدْوٌ في بُطْءٍ والْتِوَاءٍ، وقَدْ دَعْدَعَ الرَّجُلُ دَعْدَعَةً وَدَعْدَاعاً: عَدَا عَدْواً فيه بُطْءٌ والْتِوَاءٌ، وسَعْىٌ دَعْدَاعٌ، مِثْلُه. وقِيلَ: الدَّعْدَعَةُ: قِصْرُ الخَطْوِ في المَشْي مع عَجَلٍ ... ودَعْدَعَ بالعَاثِر: قالَهَا لَهُ، وهي الدَّعْدَعَةُ. وقال أبو سَعِيدٍ: مَعناهُ: دَعِ العِثَارَ ... وقالَ غَيْرُه: دَعْدَعاً مَعْنَاهُ أَنْ تَقُولَ لَهُ: رَفَعَكَ اللهُ