رد: مطـــويــات....أون لايــــــــن
قال صاحب تحفة الأحوذي تعليقاً على الحديث :
( لو لم يكن في طلب الحديث و حفظه و تبليغه فائدة سوى أن يستفيد بركة هذه الدعوة لكفى ذلك فائدة وغُنماً، وجلّ في الدارين حظاً و قسماً)تحفة الأحوذي ، ج7/349.
فهذا سامع للعلم حافظ له، بلَّغه، وربما يكون المبلَّغ أفقه منه.
فالتبليغ النصي إذن نقل لكلام أهل العلم، واليوم ولله الحمد تيسرت طرق النقل، فمن توزيع فتاوى مطبوعة من كلام أهل العلم الراسخين، أو أشرطة الوعظ والإرشاد للثقاة من العلماء وطلبة العلم. إلى أن يكون دور الداعية نقل المحفوظ من كلام الله وكلام رسوله بعد الوعي والحفظ. والحقيقة أن أكثر ما يعيب الداعيات عدم الوعي للمنقول من كلام أهل العلم فيحصل التشويه والبتر وهذا أفسد ما يكون للعلم.
أما التبليغ التفهيمي :-
_____________________________
فنقصد به فهم مقاصد الشريعة، والقدرة على الاستنباط، والاجتهاد والقياس، والحكم على المسائل النازلة.
وهذا لا يكون إلا من أصحاب القدم الراسخة في العلم .
رابعًا: كيف ندعو ؟
الدعوة إلى الله U الأصل فيها المتابعة وهذا يتضح من قوله تعالى:
]قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا
وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ[
"يوسف :108".
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :"قوله: ]
أَدْعُو[ حال من الياء في قوله ]سبيلي[، ويحتمل أن يكون استئنافاً لبيان تلك السبيل " الجزء التاسع ، مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين ص117.
إذن هذه السبيل لها كيفية يجب أن تُعلم، وهي أن يكون الداعي على بصيرة. ويقول رحمه الله في قوله ]عَلَى بَصِيرَةٍ[:"ليس المقصود بالعلم في قوله]عَلَى بَصِيرَةٍ[ العلم بالشرع فقط، بل يشمل العلم بالشرع، والعلم بحال المدعو، والعلم بالسبيل الموصل إلى المقصود وهو الحكمة. فيكونبصيراً بحكم الشرع وبصيراً بحال المدعو، وبصيراً بالطرق الموصلة لتحقيق الدعوة ولهذا قال النبي r لمعاذ : (إنك تأتي قوماً أهل كتاب)" الجزء التاسع ، مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين صـ 119.
لكن يبقى هنا أن ننبه أن هذه المعادلة تحتاج إلى موازنة ولهذا نبه ابن القيم رحمه الله فقال:"ولا يُمَكَّن المفتي ولا الحاكم من الفتوى إلا بنوعين من الفهم
أحدهما : فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علماً. والنوع الثاني : فهم الواجب في الواقع وهو فهم حكمة الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله r في هذا الواقع ثم يطبق أحدهما على الآخر، فمن بذل جهده واستفرغ وسعه في ذلك لم يُعدم أجرين أو أجراً" انتهى.(1)
وبهذا يتضح إنه إذا انفرد العلم عن فهم الواقع، والأشخاص المخاطبين، وأحوالهم، والمؤثرات التي تؤثر عليهم، وتحرك كوامنهم لأصبح العلم مفهوماً مجرداً، ومُثلاً عليا لا تصل للواقع ولا تعالج جروحا
والأخطر من ذلك :
أن نفهم الواقع دون علم
وهذا ما نراه اليوم على الساحة من تميع فمثلا تقوم دعاوى بأننا لا نحتاج اليوم إلى إصلاح العقيدة جهداً، فالناس موحدين والحمد لله، بل نحن نحتاج إلى إصلاح الأخلاق.
وجهلوا أو تجاهلوا أموراً :-
1. أن التوحيد أمرٌ لا يُكلُّ ولا يُملُّ من تعليمه وتدريسه، لأنه قاعدة الشريعة وأصل كل أمر، والخطأ فيه كثير، والجهل فيه واسع، والنبي r يقول : "ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى يعبدوا الأوثان.." رواه الترمذي ، كتاب الفتن
2. أن أصل صلاح الأخلاق وتغييرها النافع إنما يكون بصلاح معتقد العبد وتصوراته ( تصرفاتنا فرع من تصوراتنا).
3. أنه لا قيمة للأخلاق إن فسدت العقيدة .
إذن مع وجود العلم وفقه واقع المخاطبين يسهل على الداعية اختيار الطرق والأساليب التي بها تُطرح المفاهيم الصحيحة .
آخر تعديل همسات مسلمة يوم 03-09-2012 في 12:23 AM.
|