رد: الحيض مسائله وأحكامه
المرأة المبتدأة :
المبتدأة هي المرأة التي ابتدأها دم الحيض لأول مرة طبعاً
متى نحكم بأنها مبتدأة؟
عندنا شرط وهو أن تبلغ أقل سن الحيض، فما كان دون سن الحيض فليس فيه كلام يعني ليس بحيض، فإذا بلغت تسع سنين واستتمَّت ورأت الدم فحينئذ نحكم بأنه دم حيض لكن على التفصيل الذي تقدم معنا، من حد لأقل الحيض حداً يقول تبقى حتى يجاوز أقل الحيض حتى نحكم بكونه حيضاً وأنها آخذة حكم الحائضات، بناءً على مذهب الجمهور الذين هم الحنفية من وجه، والشافعية والحنابلة من وجه، ...
إذا ابتدأها دم الحيض يوماً وليلةً عند الشافعية والحنابلة فإذا مضى معها واستمر معها الدم يوماً وليلة سواءً انقطع بعد اليوم والليلة أو استمر فهي حائض ومحكوم بحيضها، لو صارت جناية فقتلت بعد نزول الدم هذا معها يوماً وليلةً حكمنا بأنه يجب القصاص عليها إن كان القتل عمداً، ولو جرى معها عندهم لأقل من اليوم والليلة وانقطع فإنه لا يحكم بكونها حائضاً فلو قتلت أو فعلت حكم بكونها لم تبلغ وأجريت عليها أحكم الصّبا،...
إذاً هذا الدم مهم جداً أن نحكم بكونه حيضاً أو ليس بحيض، لأنه إذا حكمنا بكونها حائضاً انتقلت من طور الصّبا إلى طور الحلم وأخذت جميع أحكام المرأة البالغة، وأما إذا قلنا إنه ليس بحيض مضى معها لأقل من اليوم والليلة وهو ليس بحيض فإننا لا نحكم ببلوغها، واضح هذا بالنسبة لمذهب التحديد، وعند الحنفية على نفس الأمر لا نحكم بكونها حائضاً إلا إذا استتمت الثلاثة الأيام، وعلى القول الصحيح أنها إذا بلغت تسع سنين واستتمت وجرى معها الدم ولو دفعة واحدة كما يقولون ولو دفعة واحدة خرج معها دم فهو دم حيض لأنه في زمن الإمكان ولا دليل على الإسقاط، في زمن يمكن أن تحيض فيه المرأة وليس عندنا دليل على إسقاط كونه حيضاً فنقول إنها حائض.
طيّب هذه المرأة التي ابتدأها دم الحيض لها صور:
الصغيرة إذا جرى معها دم الحيض لأول مرة إما أن يجري معها وينقطع دون أكثر الحيض، يجري معها خمسة أيام، يجري معها سبعة أيام، يجري معها ثمانية أيام أو عشرة أيام دون أكثر الحيض يعني ما بلغت أكثر الحيض هذه صورة...
الصورة الثانية أن يجاوز أكثر الحيض، ففي الصورة الأولى لو امرأة سألتك وقالت عندي بنت لأول مرة يصيبها دم الحيض، ومكث معها خمسة أيام طبعاً نحن حكمنا ببلوغها على مذهب الحنابلة بمجرد مضي اليوم والليلة، وهي الآن في شهر رمضان في أول يوم من رمضان نزل معها الدم، فعند الحنابلة إذا استتمت اليوم والليلة فهي بالغة بحيضها، وعلى هذا إذا مضى معها ثمانية أيام، هل نعتبرها حائضاً الثمانية الأيام كلها؟
مع أنها لأول مرة جاءها دم الحيض، أم أننا نردها إلى اليقين وهو اليوم والليلة، وننتظر الثلاثة الأشهر الآتية إذا استمر الدم معها بمعنى واحد وهو الثمانية الأيام حكمنا بكونها انتقلت إلى المعتادة، والمعتادة هي المرأة التي عاودها دم الحيض ثلاثة أشهر على مذهب الجمهور ..
وشهرين على مذهب الحنفية بمعنى واحد يعني بعدد واحد دون زيادة أو نقصان، بعض العلماء يقول كما هو في مذهب الحنابلة المتبدأة تمكث يوماً وليلة لأنه عندهم هو اليقين أقل الحيض، بعد اليوم والليلة تحكم بأنها طاهر في الشهر الأول، وتستمر في الصوم تصوم اليوم الثاني والثالث والرابع والخامس إلى التاسع هو انقطع في اليوم العاشر،..
فحينئذ تستمر في صيامها لأنه حكمنا ببلوغها والحيض عندهم اليقين يوم وليلة، فتتحيض اليقين وهو اليوم والليلة بناءً على أن اليوم والليلة هو اليقين وهذا أيضاً موجود في مذهب الشافعية رحمهم الله، فإذا زاد عن اليوم الليلة عندهم هذا مشكوك في أمره أنه حيض فيجب البقاء على الأصل من أنها مكلفة بالصيام، ..
وشككنا هل هو استحاضة أو حيض فنبقى على اليقين وهو اليوم والليلة، فالتسعة الأيام هذه تصوم وتصلي فيها ثم الشهر الثاني نفس الحكم ثم الشهر الثالث إن مكثت عشر أيام فمعنى ذلك أننا تحققنا أن عادتها عشرة أيام فترجع إلى قضاء الأيام التي صامتها، لأنه تبين أن حيضها في التسعة الأيام وأنها كانت حائضاً، مادام أنه جاءها الثلاثة الأشهر بمعنى واحد، فيقول نبقى على اليقين حتى نتأكد من انتقالها إلى العادة في الشهر الثالث فنطالبها بقضاء الأيام التي صامتها، لأنه تبين خطأ الظن والقاعدة "لا عبرة بالظن البين خطأه" يعني لا عبرة بالظن الذي تبين خطأه،..
فنحن ألزمناها باليوم والليلة لأنّ اليقين عندهم أن أقل الحيض يوم وليلة، وما زاد على ذلك شك فانتظرنا حتى وجدنا يقيناً ينقلنا إلى كونه حيضاً فحكمنا بالقضاء ..فهذا مذهب.
المذهب الثاني وهو الأصح والأقوى أن المرأة المبتدأة إذا جرى معها دم الحيض العشرة الأيام فإنها تحكم بكونها حائضاً في العشرة مادام أنه انقطع دون أكثر الحيض، لأنه إذا انقطع دون أكثر الحيض فقد تحققنا من حيث الأصل أنه حيض، لأن ما دون أكثر الحيض واضح ما عندنا حد لأقل الحيض، وعلى هذا نقول ما دام أنه قد جرى في زمن الإمكان وأن المرأة ممكن أن تبقى أحد عشر يوماً عادة لها فإننا نحكم بكونها حائضاً مادام أنه زمن إمكان الحيض، وعليه فتبقى وتحكم بكونها حائضاً هذه المدة، إذا ذكرنا أنه استمر معها عشرة أيام ثم انقطع ثم الشهر الثاني عشرة أيام ثم انقطع ثم الشهر الثالث عشرة أيام ثم انقطع على مذهب الجمهور حكمنا بكونها معتادة بالشهر الثالث، وأصبحت العشرة عادة لها، وعلى هذا لو جاء الشهر الرابع وجرى الدم معها عشرين يوماً نقول لها امكثي عشرة أيام حيضاً والزائد استحاضة.
الخلاصة :
فالخلاصة أن من العلماء في المرأة المبتدأة من يقول أعتبر اليقين وهو أقل الحيض، وأحكم بكون المرأة حائضاً في هذا الأقلي، وما زاد شك والأصل أنها مخاطبة بالعبادة فألزمها بالعبادة في هذا الوقت، وهذا موجود في مذهب الحنابلة والشافعية، ومنهم من يقول إذا انقطع الدم دون أكثر الحيض فإننا نحكم بكونه حيضاً بالغاً ما بلغ، فهي حائض مادام أنه في زمن الإمكان وليس عندنا دليل ينقلنا، ما وجه هذا المذهب؟، ..
يقولون: ليس عندنا دليل على أقل الحيض، فأصبحت المرأة بمجرد إتمامها تسع سنوات إذا رأت دم الحيض في زمن إمكان الحيض وأنتم تقولون إنها حائض وحكمتم بأنها قد دخلت وأخذت حكم الحيض، فعندي يقين أنها حائض، فأحكم بأنها حائض ما لم تجاوز أكثر الحيض، فمادام أنها لم تجاوز أكثر الحيض فإني أعتبر ما دون الأكثر كله حيض لأنه ما جاوز الأكثر، فأنا أحكم بأنه حيض لأنه في زمن الإمكان وهذا القول هو أولى بالصواب لما ذكرناه، ثم نحكم بانتقالها من كونها مبتدأة إلى كونها معتادة إذا تكرر معها شهرين على الصحيح كما هو مذهب الحنفية رحمهم الله وثلاثة أشهر كما هو مذهب الجمهور، والصحيح مذهب الحنفية لأن العادة من العود، والعود يتحقق بالمرتين بمعنى واحد.
إذاً الخلاصة أن المبتدأة تنتقل إلى كونها معتادة أولاً بشرط أن ينقطع الدم دون الخمسة عشر يوماً، وثانياً أن يتكرر بعدد واحد دون زيادة أو نقصان لثلاثة أشهر متتابعة أو شهرين على الصحيح، طيب لو أنها جاءها الشهر الأول خمسة أيام، ثم جاءها الشهر الثاني ستة أيام، ثم جاءها الشهر الثالث خمسة أيام، وجاءها الشهر الرابع ستة أيام فهذه عادة منتقلة، فيثبت أن عادتها خمسة أيام مركبة من تكرار الشهرين شهرٌ بالخمسة وشهرٌ بالستة متعاقبة، كذلك أيضاً قد يحدث التقطع فيكون مثلاً يأتيها التقطع متناسقاً مرتباً، فيأتيها يوماً دم ثم يوماً نقاء، ثم يوماً دم ثم يوماً نقاء، ثم يوماً دم ثم يوماً نقاء إلى عشرة أيام، خمسة أيام دم وخمسة أيام نقاء، ثم الشهر الثاني بنفس الترتيب خمسة أيّام دم وخمسة أيام نقاء، ثم الشهر الثالث بنفس الترتيب حكمنا بأن عادتها على هذا الوجه، لكنها في الأصل خمسة أيام، إذاً العادة تكون مترتبة متناسقة أيام تلوى بعضها وينقطع الدم، وتكون أيّاماً متقطعة يتخللها الطهر فعلى مذهب التلفيق ومذهب التلفيق أنك تعتبر أيام النقاء طهراً وأيام الدم حيضاً ثم تلفق العدد الذي اعتادته، وعلى هذا نحكم بأن المرأة انتقلت من كونها متبدأة إلى كونها معتادة بهذا الأصل.
خلاصة المرأة المبتدأة كالآتي:
أولاً: إن المرأة إذا ابتدأها دم الحيض لأول مرة في سنٍ هو سن حيضٍ حكمنا بكونها حائضاً، وأعطيناها حكم الحائض أنه يحكم ببلوغها إلى آخره.
ثانياً: أنها تمتنع مما تمتنع منه المرأة الحائض ما دام معها دم الحيض، فإن انقطع دون الخمسة العشر يوماً فذلك حيضها فتغتسل بعد رؤية علامة الطهر،..
الحكم الثالث، يصبح إذا انقطع لخمسة أيام ستة أيام تؤمر بالغسل، وهي طاهر بعد ذلك، وحيضها بعدد الأيام التي جاءها.
الأمر الرابع فإن تكرر معها هذا العدد ثلاثة أشهر بالإجماع أو شهرين على الصحيح دون زيادة أو نقصان حكمنا بكونه عادة لها، وإذا حكمنا بكونه عادة لها فإن اختل الدم بعد ذلك أُمرت بالرجوع إلى العادة، إذاً ما الدليل على هذا النوع الثاني؟، ..
طبعاً الدليل على مسائل المبتدأة تقدم معنا، قلنا أول شيء نحكم بأنها حائض لأن الزمان زمان حيض، ومادام زمان الحيض ونزل معها دم من رحمها في زمان إمكان الحيض فهو حيض وليس عندنا دليل ينفي كونه حيضاً، الزمان زمان حيض والوقت وقت الحيض والمرأة تحيض ومتأهّلة للحيض فالغالب أنها حائض، وما عندنا دليل على اعتبار اليوم والليلة فبقينا على هذا الأصل، ..
الأمر الثاني أننا حَيّضناها مدة مادام قد انقطع الدم عنها دون أكثر الحيض لأن الأصل فيها أنها حائض، فإذا حاضت خمسة أيام ما الدليل على أن بقيها على اليوم والليلة ونلغي الأربعة الأيام؟، هذه امرأة حائض في زمان الحيض وإمكان الحيض والنساء يحضن خمسة وستة وسبعة وثمانية إلى أربعة عشر يوماً، فما الدليل على أننا نلغي كونها حائضا؟ً، فوجب البقاء على الأصل من أنها حائض، ..
هذا بالنسبة للمرأة المبتدأة، طبعاً التفصيلات بعضهم يقول أردها إلى عادة أجدادها وأمهاتها وبعضهم يقول أردها إلى عادة نساء بلدها، وبعضهم يقول أردها إلى عادة أترابها يعني من في سنها من النساء، كل هذه التفصيلات تخرجنا عن الأصل، الأصل أنها امرأة حائض وأن الحيض جاءها في وقت زمانه وإمكانه فإننا نحكم بكونها حائضاً حتى نجد دليلاً يخرجنا عن هذا الأصل.
إذا انقطع الدم لأقل يوم وليلة فليس بحيض :
حددوا أقل الحيض كما ذكرنا وعمرها تسع سنوات تامة، فإن نزل معها الدم ولم يستتم أقل الحيض حكموا بكونه دم فساد وعلة، هذه فائدة التحديد عندهم باليوم والليلة، أن ما كان دون اليوم والليلة لا يلتفتون إليه ولا يعتبرونه حيضاً، وكل امرأة جرى معها الدم دون الحد الأقلي وهو اليوم والليلة فليس بحيض، وقلنا إن الصحيح أنه لا حد لأقل الحيض لأنه لم يرد دليل في الكتاب والسنة بهذا التحديد.
إذا جاوز الدم اليوم والليلة ولم يعبر أكثره فهو حيض :
فإذا جاوز اليوم والليلة..ولم يعبر أكثره الذي هو الخمسة عشر يوماً، لأنه إذا عبر أكثر الحيض دخلت الشبهة في هذا الدم لأنه يصبح فيه شبهة أنه كله استحاضة، ويرجعون إلى اليقين وهو اليوم والليلة، ..
فأصبحت عندنا ثلاث صور في المرأة المبتدأة هناك ثلاث صور:
على مذهب التحديد..
الصورة الأولى: أن يأتيها الدم ولا يبلغ الحد الأقلي فليس بحيض،..
الصورة الثانية :أن يجاوز الحد الأقلي الذي هو اليوم والليلة ولا يبلغ أكثر الحيض، سبعة أيام أو ستة أيام أو خمسة أيام يعني معك من اليوم والليلة إلى الخمسة عشر يوماً على مذهب الحنابلة والشافعية، فينقطع لعشرة أيام، لأحد عشر يوماً، لأثنى عشر وهكذا،...
الصورة الثالثة: أن يستمر فوق أكثر الحيض، فالمرأة لأول مرة جاءها دم الحيض فاستمر معها مثلاً ثلاثة أشهر نزيف فهل هي حائض؟،.
قالوا بمجرد مجاوزته لليوم والليلة حيض، ونحن ذكرنا أنه إذا جاوز أقل الحيض عندهم وانقطع لدون الأكثر أنه ماذا؟ حيض طبعاً على تفصيل بعضهم يقول: أردها لليقين اليوم والليلة، وبعضهم يقول: اعتبره حيضاً وقلنا الصحيح أنه حيض،
السؤال الآن:
لو أنه جاوز أكثر الحيض هي لأول مرة يأتيها دم الحيض ما عندها عادة ولا عندها تمييز، جاءها الحيض لأول مرة واستمر معها شهرين أو ثلاثة أشهر، فالسؤال هل نحكم بكـوها حائضاً الخمسة عشر يوماً؟، هذا وجـه لبعض العلماء وعلى التحديد ينظر إلى أقل الحيض. والله أعلم .
آخر تعديل همسات مسلمة يوم 11-10-2011 في 12:53 AM.
|