رسالة من المنفى...
محمود درويش...
تحية ... وقبلة...
وليس عندي ما أقول بعد
من أين أبتدي ؟ وأين أنتهي ؟
ودورة الزمان بدون حد .
وكل مافي غربتي
زوادة , فيها رغيف يالبس , ووجد
ودفتر يحمل عني بعض ماحملت
من أين أبتدي ؟
وكل ما قيل وما يقال بعد غد
لاينتهي بضمة ... أو لمسة من يد
لايرجع الغريب للديار
لاينزل الأمطار
لاينبت الريش على
جناح طائر ضائع ... منهد .
من أين أبتدي ؟
تحية ... وقبلة ... وبعد ...
* * *
)...........)
الليل - يا أماه - ذئب جائع سفاح
يطارد الغريب أينما مضى ..
ويفتح الآفاق للأشباح
وغابة الصفصاف لم تزل تعانق الرياح
ماذا جنينا يا أماه ؟
حتى نموت مرتين
فمرة نموت في الحياة
ومرة نموت عند الموت !
هل تعلمين ما الذي يملأني بكاء ؟
هبي مرضت ليلة ... وهد جسمي الداء !
هل يذكر المساء
مهاجرا أتى هنا .. ولم يعد إلى الوطن ؟
هل يذكر المساء
مهاجرا مات بلا كفن ؟
يا غابة الصفصاف ! هل ستذكرين
أن الذي رموه تحت ظلك الحزين
- كأي شئ ميت - إنسان
وتحفظين جثتي من سطوة الغربان ؟
أماه يا أماه
لمن كتبت هذه الأوراق
أي بريد ذاهب يحملها ؟
سدت طرق البر والبحار والآفاق ...
وأنت يا أماه
ووالدي , وأخوتي , والأهل , والرفاق ...
لعلكم أحياء
لعلكم أموات
لعلكم مثلي بلا عنوان
ما قيمة الإنسان ؟
بلا وطن
بلا علم
ودونما عنوان
ما قيمة الإنسان ؟
